قالت السيدة دون تحفظ:
صديقي صار أقرب إلي من زوجي، صديقي يسمع مشاكلي بالعمل ويحاول مساعدتي، أنا أيضا اسمع مشاكله حتى الخاصة منها وأحاول نصحه ومساعدته...
في البدء تقبلت الجملة باريحية، فلدي أيضا أصدقاء من الذكور علاقتي بهم جدا قوية حتى تحولت إلى علاقة عائلية، فصرت أعرف زوجاتهم وأبناءهم، وصاروا يعرفون أمي وإخوتي.
لكن الأمر أثار حفيظتي يوما، حين فكرت به من وجهة نظر أخرى، كيف يكون لي رفيق درب و رفيق حياة وأبحث عن صديق أبث له شكواي ؟
ما الفائدة من الارتباط إن لم يكن في الشخص حبيب وصديق ورفيق و... ؟
في مجتمعاتنا هناك عرف يقتضي أن يحتفظ كلا الطرفين بمسافة أمان خصوصا الزوجة. فمن الحكمة حسب العرف أن لا تخبر الزوجة بعلها بأمور أهلها أو مشاكلهم أو خلافاتهم، ولا تخبره بما ساءها منهم أو بما ضرها من أحدهم، أو تخبره إلا النزر القليل من المعلومات عن ظهرها وسندها، فكلما قل ما يعرفه عنهم كلما كان ذلك في صالحها...
قد يسأل سائل لماذا ؟
وهو سؤال مشروع.
لانه الزوج(ولا أعمم ) للأسف في أغلب مجتمعات هذا العالم العربي، يتعامل مع الزوجة بناء على طبيعة علاقتها بأهلها، فكلما كان للزوجة عزوة وسند وظهر كلما احترمها وحرص على تصرفاته معها. وكلما كانت دون ظهر أو سند تعرضت للتحقير وتجرعت الذل والمهانة والعنف والتعنيف ولو لفظيا في أحسن الظروف. وقد يكون قليل أصل ويعيرها بما أسرت به له من أمور خاصة. لذلك كلما كانت الزوجة كتومة وأخفت أمورها العائلة عن الزوج كلما كانت مرتاحة في علاقتها معه ...
ولسنا نحتاج دراسة ميدانية تؤكد ما توصلنا إليه يكفي أن نقارن نسب العنف بالمجتمعات المحافظة القبلية، التي تدرك فيها الزوجة أهمية الفصل بين علاقتها بأهلها وعلاقتها بزوجها، وبين المجتمعات"المدنية " حيث تميل الزوجة إلى كشف كل شيء وفضح أبسط خلاف لها مع أختها حتى لو كان نقاشا تافها حول لون توب أو وقت أذان المغرب بين مدينتي الرباط وسلا... رغم أننا نؤكد أن هذا ليس هو السبب الوحيد أو الرئيسي للعنف الزوجي، لكنه يظل عاملا مساعدا، أو يكون رادعا في الحالة الأولى.
من جهة أخرى وفيما يخص مشاكل العمل، في العادة يميل الرجل إلى التقليل من شأن عمل زوجته، خاصة إن كانت تعادله رتبة، أما إن كانت أعلى منه درجة في أسلاك الوظيفة فتلك مصيبة، إذ يصير هدفه الأسمى هو ضرب ثقتها بنفسها وبث الشك فيها حول أهليتها لشغل ذاك المنصب...
لذلك تبحث الزوجة عن بديل-ذكر- يسمعها ويعيد بناء الثقة ليصلح ما افسده -الذكر - الذي يفترض أن يدعمها للترقي.
بالطبع لا نعمم، لكن الاستثناءات قليلة جدا خصوصا فيما يخص عمل المرأة وتعامل الزوج معه.
لهذا أصبح الصديق، أو الزميل يشغل مكانة مهمة ويقوم بدور يفترض أن يقوم به الزوج لو أننا مجتمعات سوية تقوم على الاحترام المتبادل، ولو أن أسس التربية تؤهلنا لندرك أن العلاقة الزوجية يفترض أن تكون سكنا لكلا الزوجين، وأن يحفظ كليهما كرامة الآخر و يحفظ سره، ويصير كل منها سندا وظهرا وسترا وغطى...
لذلك يحتاج الزواج إلى نضج، واقتناع واختيار صحيح، و يحتاج الزواج إلى أن يقوم على اسس صحيحة وليس على تحقيق اهداف مادية أو مجتمعية او لهدف الإنجاب حصرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق