الأحد، 17 يناير 2021

فادي مصطفى

 .  ما عادَ سرّاً


ومزارع الرّيحان لمّا أقفرت

سألَ الزّمانُ بأيّ أرضٍ صاروا


أضحت قبور المسلمين مكانهُ

ومزارعُ الرّيحان منه قِفارُ


والآن ثورات العروبةِ أجحفت 

يعلو على ظهر الحصان حمارُ


كلٌّ يرى في نفسهِ ومكانهِ

مَلِكٌ ولا يرضى إليهِ يُشارُ


من شاطئِ الصحراءِ حتّى شامنا

والذّلُّ يكبرُ والخنا والعارُ


من سدِّ مأربَ في جنوبِ قِفارنا

للقدس تأكلُ من لحانا النّارُ


والغربُ يكفرُ بالشّهادةِ والهدى

لكنّهم ركبوا الرّياحَ وطاروا


لو نحنُ من إيماننا حقّاً لهُ

ما كان فرّقَ بيننا الكفّارُ


لكنّما الشيطانُ يملأُ فكرنا

وتنال منّا عنهُمُ الأخبارُ


بيضُ السّيوف تكسّرت أطرافها

والسّودُ منها نصلها بتّارُ


ودّع طلوعَ النّورِ ياعتمَ الدّجى

ماعاد تظهرُ فوقنا الأقمارُ


ماعاد ربُّ العرشِ ينظرُ حالنا

إنَّ المكارمَ في الورى تذكارُ


إن كانَ فينا للصّلاةِ من اهتدى

رشقوا عليه سهامهم إذ جاروا


من كان يقضي حاجةً لفقيرةٍ

ظنّوا بسوءٍ فاكتفى الأخيارُ


فبأيِّ وجهٍ نستجيرُ بربّنا

وبأيِّ عذرٍ تؤخذُ الأنظارُ


يا خجلتي ممّا رَوَت أسلافنا

عن همسةٍ كانوا عليها ثاروا


والآنَ نسبحُ بالقذارةِ والعرى

إنَّ الخطيئةَ في الثّرى أسرارُ


ماعادَ سرّاً شربُ خمرٍ مسكرٍ

وكأنَّ سكرَ الشّاربين فِخارُ


قتلُ الفضيلةِ صارَ من أشغالنا

جدرانُ مكّةَ حولها تنهارُ


قرآننا .. أوّاهُ ياقرآننا

ماعادَ يجلسُ حولكَ السّمّارُ


نسيَ الجميع رسولهم وكتابهم

للهِ ماعادت بصدقٍ دارُ


إلّا القليلَ تمسّكوا وتدثّروا

وبأيِّ شأنٍ ينظرونَ احتاروا


قد كان في بلدي أمانٌ وانتهى 

من ذنبنا هذا هو المسمارُ


إذ دُقَّ في أعناقنا وظهورنا

فتكسّرت بعروضنا الأشعارُ


وتقلّدت بعض الشّبابِ بنسوةٍ

فلعلَّ بعضَ الضّائعينَ عشارُ


حربٌ وجوعٌ والخرافُ تكاثرت

بين الذّكورِ وقلّتِ الأبرارُ


فلكلِّ أرضً في الزّمانِ رجالها

لتذودَ عنها إن عليها غاروا


هذا قضاءُ الله في أحوالنا 

ياليتَ ليلَ الخائفينَ نهارُ



بقلم فادي مصطفى

Barbara _ Jaques Prevert

 لاجِئ فِي أَحْرَاشِ غَازِي عَنْتَاب * 


 // ديوان رجل الثلج //

الطبعة الإلكترونية الأولى (2020 )



 البحري المصطفى/ المغرب


حِينَ تَنْتَهِي اٌلْحَرْبُ 

سأَعُودُ إلَى الْبَيْتِ 

كَي أنْفُضَ اٌلْغُبَارَ 

عَن اٌلشَّبَابِيكِ اٌلْمُكَسَّرَةِ ، 

عَن مَزْهَرِيَّةِ اٌلدَّارِ 

عَن كَرَارِيسِيَ اٌلْقَدِيمَةِ ، 

وَعَنْ 

ذَاكِرَة اٌلنَّهْرِ . . . 

حِين تَنْتَهِي اٌلْحَرْبُ 

أُرَتِّبُ مَوَاعِيدِي : 

ألْتَقِي بِي أَوَّلًا 

عَلَى 

مَدْخَلِ اٌلْبَابِ 

نَتَبَادَلُ اٌلتَّحَايَا 

ثُمَّ 

نُعَرِّجُ عَلَى تِينَةِ اٌلحَقْلِ اٌلوَحِيدَةِ .

نَأْخُذُ صُورَةً شَمْسِيَّةً ،

وَنَمْضِي 

فِيي اتِّجَاهِ الْمَقْبَرَةِ اٌلوَطَنِيَّةِ ؛

نَقْرَأ 

أَسْمَاءَ اٌلشُّهَدَاءِ 

وَاحِدًا 

وَاحِدًا .

نُعَلِّقُ أَحْلَامَنَا 

عَلَى شَاهِدَاتِ اٌلْقُبُورِ .

وَنَمْضِي 

فِي اٌتِّجَاهِ اٌلْبَحْرِ ،

نَعُدُّ خُطَانَا ،

وَخُطَى اٌلْمُحَارِبِينَ اٌلْمُتْعَبِينْ .

(اَلْحَرْبُ مَهْزَلَةٌ ) ** يَا صَدِيقِي 

لَمْ

تَتْرُكْ لِلْيَمَامِ 

مُتَّسَعًا مِنَ اٌلْوَقْتِ ،

كَي يُنَضِّدَ رِيشَهُ

وَلَم 

تَتْرُكْ

مَكَانًا لِلْعَاشِقَيْنِ اٌلصَّغِيرَيْنِ 

كَي يَبْنِيَا حَدِيقَةَ الْبَيْت 

(اَلْحَرْبُ مَهْزَلَةٌ ) 

يَا صَدِيقِي 

تَعَال مَعِي نبحث 

بَيْن اٌلشَّظَايَا 

عَن 

دُمْيَةٍ 

عَنْ لَوْحَةِ اٌلْبَحْرِ فِي جِدَارِ بَيْتِنَا اٌلْقَدِيم ،

وَعَن سَاعَةِ الحَائِطِ اٌلخَشَبِيَّةِ .

نبحث بَيْن اٌلشَّظَايَا 

عَن سَنَوْنَوَةٍ 

لَم تُحَلِّقْ كَثِيرًا 

فِي سَمَاءِ اٌلْمَدِينَةِ .

وَعَنْ حَبْلِ اٌلْغَسِيلِ اٌلْأَخِيرِ ،

وَعَنِ 

اٌبْتِسَامَةِ جَارَتِنَا اٌلْأَخِيرَةِ .

(اَلْحَرْبُ مَهْزَلَةٌ) يَا صَدِيقِي 

فَاٌجْلِسْ مَعِي 

قَلِيلًا 

عَلَى أنْقَاضِ حُلْمِي 

كَي أُلَمْلِمَ أَشْلَاء قلبي 

كَي أُحِبَّكَ 

قَلِيلًا .


* مدينة تركية تبعد 96 كم شمال حلب السورية


** ( Quelle connerie la guerre ) _

 Barbara _ Jaques Prevert

حسن قرافي

 حَزين ٌ وأجْفَان ُ الْفُؤاد ِ هَواطِل ٌ

ونَبْضِي شَريد ٌ فِي غَيَاهِب ِ غُربَتِي


أواعِد ُ فِي الأحْلام ِ طَيف َ سَعَادة ٍ

وأحْيَا شَقِيّا كَالسّجِين ِ بِحُرقَتِي


إذا ما أتتني ذكرياتُ هزائمي

سردتُ على القرطاس كل وصيتي


وذائقتي غِبَّ الرحيل تفجّرَتْ

عيونا وأنهارا تُطَهِّر خيبتي


خليلَيّ أُلْهمتُ الوفاءَ وإنني

عصيٌّ على النسيان حبلُ مودتي


أُمِيدُ فدا الأشجان نخب قصيدةٍ

على شرف الأحزان أسكُب عَبْرتي


صحبتُ دموع العاشقين وبَثّـهُم

وصرتُ نقيـبَ المُلْهَمين بخيبتي



حسن قرافي  ٢٠١٦

محمد احمد إسماعيل

 قراءة في قصيدة (ستِّي).. للشاعرة رشا الفوال 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أسرني النص بديناميكية استهلاله وعفويته، يتماس معي ومعك ومعه لارتباطه القيمي بحيوات عشناها وتعيش فينا حنينًا ورؤيةً وعِبرةً وعبرةً وابتسامة، فأنا أراها ستِّي (هند).. وأنت تراها ستَّك (...)، لا يهم الاسم؛ الحضور هو المهم، نصٌ تخطفك مشهديته الطاغية وبساطته البليغة وعمقه الصافي بلا افتعال ولا تشنج، صوفية اللغة تتماهى وتتشابك مع إيقاع العديد، والحضور الناصع ينفي ضبابية الغياب. 

في البدء سِتِي تقول:

"الناس بلا مقامات

كالزرع من غير جدر"

بتحليل نفسي (وهي متخصصة فيه) وتحليل تاريخي وإنساني تبدأ الشاعرة (رشا الفوال) قصيدتها الاستدعائية ب "في البدء ستي تقول"؛ وهذه الجملة البسيطة المركبة تحيلنا إلى تلاث إحالة دالة على منطلق النص وبنيته الحكائية البنائية، الإحالة الأولى "في البدء" وكأن ما يأتي بالنسبة لها هو بدء الكون والكينونة والتاريخ والخلق وبداية علاقتها بالحياة ولا يعنيها ما كان قبل ذلك من تواريخ، لأنها بالضرورة لم تعشها ولم تؤثر فيها، والثانية "ستي" ستي هنا هي حوائي المتجددة التي تبدأ بها حياتي وخصوصيتها ب (ياء المتكلم) وحميميتها وكأنها حبل سُريٌّ وعناق ممتد أبدي بين الشاعرة والجدة (ستها)، والثالثة (تقول) الفعل المضارع الآني الذي يعني الحضور والحيوية، فهي حاضرة بشدة رغم رحيلها الفسيولوجي العضوي وهي صاحبة النص وموحيته بل وحاكيته أيضا، فهي لم تقل "قالت" الماضوية التي تشي بالرحيل منذ البداية، وهو استهلال واعي حتى لو كان منطلقه لا وعي الشاعرة لأنه حضور نفسي وروحي عميق، وما يؤكد ذلك دلالة المنطوق المقوَّس استحضارا لحكمة الجدة "الناس بلا مقامات، كالزرع من غير جدر" وكأن هذه المقولة هي الضاغطة المحدِّدة لروح النص ولتأكيد جملة الاستهلال؛ فهي نتاج هذا الجدر الضارب بعمقه في الأرض ليمنحها كينونتها ومقامها بين الناس، وهي زرعه الأخضر الذي يستقبل الحياة.

يا صاحبة الكرامات

يا زارعة صبارك ومحوَّطاه بالسِدر

ومقسمة المنابات نظرات رضا ع الكُل

الخوف عسير جدًا من يوم ما سبتينا

وسابتنا ريحة الفل

 

ولعلها من شدة الشوق أو شدة الالتصاق تعجل إليها بالنداء (يا) وهي القريبة التي تعيش في جوَّانيتها تختلط الروح بالروح والجسد بالجسد والقلب واحد، والنداء هنا للمخاطب الحاضر وكأنها أمامها تماما وتكلمها هي (يا ستي)، ويتصاعد تجلي (الست ــ الجدة) حتى تصبح (صاحبة الكرامات)، والكرامات هنا بصيغة الجمع؛ كرامة الولاية وكرامة التبني وكرامة الحضور وكرامة القول وكرامة الاستدعاء الرشيد، كما سنرى، وهذا تأكيد للحضور النفسي والوجداني لها في النص. 

ثم تبدأ بهذا التهليل الموَّالي (من صيغة الموَّال في الإنشاد) لتعطي الجد هذا الملمح الملحمي المغاير للحيوات الأخرى، فهي مش أي (ست ــ جدة) لأ (دي ستي أنا وأنا عارفاها)، هكذا تقول الشاعرة أو يخيل لنا أنها تقول، "يا زارعة صبارك ومحوَّطاه بالسِّدر" الصبار هنا زرعتها الأساسية، والسدر/ شجر النبق العالي هو مجرد سياج حامٍ، فالحياة ملحمية ومأساتها أكبر من ملهاتها، ومكابدتها تليق بأبطالها.. "لقد خلقنا الإنسان في كَبَد" (4 سورة البلد).. خلق الإنسان للكد والتعب، وهي الحارسة الأمينة على زرعها، بل وتحيل مر الصبار إلى حلو الرضا ونكد العيش إلى محبات نظرات حانية.. "ومقسمة المنابات نظرات رضا ع الكل".. "ع الكل" الراعية العادلة لكتاكيت القلب.

ثم تقفز هي/ الذات/ الشاعرة إلى هذا التحول التراجيدي من خلال موالها هي لا موال الجدة "الخوف عسير جدًا من يوم ما سبتينا"، المخاطَب/ الحاضر غائب إذن، رحل، ورحل معه السياج الحامي والراعي العادل، واستفرد بنا الخوف (العسير جدًا) ودخلتنا رائحته بعد أن "سابتنا ريحة الفل" التي كانت تمنحها لهم. 

  

في العتمة سِتِي تقيد من ضلعها الأنوار

وبمنطق الآمنين..

مزامير داوود ع الصبح تفتش لنا الأسرار

وتقول كلامها الزين:

"نُص اللي حبونا ما كانوش صحيح صادقين

كُل اللي حبونا اتداروا في الأزمات"

الجدة التي كانت تشعل من ضلوعها أنوارًا وقت العتمة اختفت، رحلت، وتركتنا في عتمة أبدية، أين التي كانت "بمنطق الآمنين" تشقشق الصباح بعذوبة صوتها وكأنها (مزامير داوود) وهي تنادي علينا وتقرأ أسرارنا من كتاب وجوهنا أو من دفء فراشنا وبرودته؛ فتمنح كل واحد علاجه (النفسي) ليستقبل يومه/ حياته، وتغرد بكلامها الزين/ المليح/ الحسن الذي يقطر حكمة الأيام وتجربتها لكي يتحصنوا بها بعد غيابها.. "نُص اللي حبونا ما كانوش صحيح صادقين.. كُل اللي حبونا اتداروا في الأزمات" يا لفداحة الحقيقة؛ نصف من أظهروا لنا الحب غير صادقين، نعم يا جدتي.. سنكتفي بالنصف الصادق، لكن أن يتدارى عنا كل الذين أحبونا (النصف أو الكل) وقت الأزمات، تلك هي الكارثة، أو تلك هي طبيعة الناس فعلا، وكأنها تقول لهم "كونوا أنفسكم، وكونوا لأنفسكم، لن ينفعكم أحد"، يعني واجهوا مصيركم المحتوم.

يا صاحبة الكرامات

يا شايلة رمل وطوب

وف توبك الحكايات هيا اللي باقية لي

مين التفت للفرح وانا بنت ستاشر؟

مين اللي رش الملح ورقاني ودواني؟

مين اللي يوم عوضي بخَّر.. وعداني؟

مين اللي هشّ الوهم يوم الخبيز والدبح؟

مين اللي شاف فنجان بعيون حبيب ما تخيب؟

"جيب الدفا فاضي

ما شايلش غير أنات"

يتحول صوت الشاعرة هنا من الحكي لها باعتبارها (حاضرة) إلى الحكي عنها وقد تأكد (الغياب)، ولكن السيرة تبقى مددًا موصولًا، (يا) هنا خطاب للغائب لا الحاضر (لغويا)، تستدعي صورا من حياتها معها وتصر على أنها صاحبة الكرامات، "يا شايلة رمل وطوب" هي التي بنت وربت بمشقة الفواعلية وعرق الكادحين، ويتأكد (الحكي عن) بصيغة الفعل الماضي (التفت.. رش.. رقى.. داوى.. بخَّر.. عدَّى.. هشَّ.. شاف) كلها أفعال ماضوية تنسب للجدة؛ فهي التي فرحت بالطفلة التي أصبحت صبية ثم شابة ورشت الملح ورقت وعالجت الروح وزفتها يوم عرسها وبخرتها يوم عوضها وإنجابها، والمحاداة مازالت مستمرة، حتى أنها تهش الوهم الخبيث يوم الخبيز والذبح، حتى أنها بعينها المحبة تقرأ لها الفنجان لتعرف طالعها، كل هذا الحدب وهذه المحنة وهذا الحب، لا يُنسي الجدة أن تبصِّرَ الحفيدة/ الشاعرة بجوهر الحقيقة لكي تنتبه وتستعد.. "جيب الدفا فاضي.. ما شايلش غير أنات".. انتبهي للحياة وخديعتها فالوجع كامن في مسراتها.

يا صاحبة الكرامات

من إمتى جالك نوم وانا برة أحضانك؟

يا سِتِي ف غيابك أصبحنا كومة قش

محشوش تاريخنا حش

نتلاقى/ نتبعتر

زي الخلا في الريح.. من رعبنا نرجِف

النداء هنا للوم والعتاب، كيف يا صاحبة الكرامات (حتى في العتاب تحفظ لها مقامها العالي) تتركينني هكذا وحيدة في الدنيا؟، منذ متى يهنأ لك النوم وأنا لست في حضنك؟، وكأنها كانت تريد أن تلتصق بها وتصحبها في حياتها الأخرى، لست وحدي بل جميعنا/ زرعك تحول في غيابك إلى كومة قش يابسة هشَّة في مهب الريح أو في انتظار عود ثقاب وينتهي الأمر، "محشوش تاريخنا حش" هذا المفعول المطلق (حش) يؤكد تجلِّي الغياب والضياع، نتلاقى ونتبعثر نرجف من الرعب في ريح الخلا بعد أن فقدنا السياج الآمن المُؤمِّن المطمئن.

(مكانتش سِتِي تحيد عن حقها ساعة)

وكأنها جملة اعتراضية لتؤكد لنا/ لها/ لهم قوة الجدة وتمسكها بحقها، وحقها هنا هو حقوقهم جميعا في الحياة.

تغضب كأن الصبر من نن عين الجود

تعتب كأن القهر زايل ومش هيعود

تنصب حيطان القبر وتمهده للدود

مشدودة فوق ضهرها أجمل معاني يا خال

وأصيلة كان مهرها حزمة محبة وشال

وهذه هي تجليات ملامحها وملامح قوتها، وكأن الصبر لا يمنع الغضب بل هو عين جوده وكرمه، وتعتب رغم قهرها باعتبار أن القهر طارئ وسيزول ولن يعود، ومع تمسكها الشديد بالحياة فهي تدرك المصير وتنصب حيطان القبر وتمهده للدود، الروح للحياة.. والجسد للدود، تلك حكمتها الفطرية التي تعرفها ولا تخيفها لولا خوفها على زرعتها من بعدها، مشدودة الظهر أو فوق ظهرها وعلى أجنحة روحها تنتصب أجمل المعاني في استقامة لا عوج فيها، "يا خال" وكأنها تلجأ إلى حضن خالها الفسيولوجي فهو الأقرب للجدة لتتلمس فيه بقية دفء (ستها)، أو تلجأ مرة أخرى إلى حيلة الموال الحاكي لجموع الناس كما يلجأ صاحب الموال للخال أو العم أو الأب في المطلق، ولأن الجدة أصيلة بكل هذه الصفات فهي ليست ممن يغتر بزخرف الدنيا ولكن تكفيها، لقناعتها وعِرفانيتها كراماتها، حزمة محبة وشال، حتى الحزمة هنا دليل الحياة/ الاخضرار الذي كان.

"سِتِي مليحة الحي

مرايتها ما تزغللش

صافية كصفحة نيل

ملايتها ما بتشغلش إلا اللي طبعه أصيل"

ويقولوا عاش (أحمد)

سبحانه مَن أوجدْ..

من صبرها هيبته

سبحانه سبحانه

ويقولوا كان (أحمد).. زي الرواحل فات

شايب من الأحوال

زي النبي (دانيال)

أو (نوح) في وسط اليَمّ

تضوي ف عينيه لمعات

يا صاحبة الكرامات

ومفسَّرة المفاضيح

لا تآمني ليهم يوم ولا تخطري ريحهم

وان شفتي حالهم شين

كات دعوتك في الحال:

"يا رافع الأهوال.. وقت الردى والنزغ.. ومنجي خُدامك

يا سيدي ريَّحْهم.. وامنحهم الأَبْدال"

يغلبها الحزن فيشد منها هذه المرثية التي هي أقرب للعديد، ولو أنها لم تلتزم بتقنيته البنائية البكائية المعتادة، لكنها تصف وتبكي على أية حال، فهي عدُّودة ممتدة تخصها وحدَها، لا تنتظر الترجيع الباكي المنغَّم من نسوة غائبين كالأحبة الغائبين كما كشفت لها (ستها) في بداية الحكمة، تبدأها الشاعرة بالوصف ــ وكذلك تفعل العدُّودة ــ  " سِتِي مليحة الحي.. مرايتها ما تزغللش.. صافية كصفحة نيل.. ملايتها ما بتشغلش.. إلا اللي طبعه أصيل"، آه يعني (ستي مش أي ست)، ثم تعرج على أحمد/ الجد/ الابن وارتباطه بشخصية الجدة تأثيرًا وتأثرًا، دون أن تصف العلاقة التي بينهما للمتلقي الذي لا يعرف (أحمد)، لكن حضوره في النص يلغي مجهوليته النَسَبيَّة، ويدخله في الحدوتة/ الملحمة؛ فهو "شايب من الأحوال" وتلك مآلات أبطال الملاحم ومصائرهم التراجيدية، يواجهون الأحوال والأهوال، كالنبي (دانيال) الذي واجه الأسر البابلي وصارع الأسود في وكرها وفسَّر حلم آسرِه (نبوخذ نصر)، ونجاه الله بدعوته فأرسل إليه حاجته مع النبي (أرميا) أيضا، رغم أن أرميا كان في أرض فلسطين ودانيال في أرض بابل، وتلك أيضا من سمات أبطال الملاحم وأحداثها العظام، بل وكنوحٍ النبي أيضا ومصارعة الفيضان، برغم ذلك يواجه (أحمد) الأهوال بلمعة عينيه المتحدية الواثقة، ثم ما تلبث الراوية/ الشاعرة أن تعود إلى حضن (ستها) المُتخيل في سياق العدودة الممتد، وتناديها بندائها الأثير المحبب لديها "يا صاحبة الكرامات" وتضيف إليها هنا بما يليق بكرامة الأولياء في الكشف "ومفسَرة المفاضيح" وكأنها/ الجدة بشفافية صوفيتها ترى باطن الآخرين وتعرِّي دواخلهم، وتَحذَر هي وتُحذِّر الطيبين من (المفاضيح) ببصيرة العارفة، وتستغيث برافع الأهوال وقت الخطر والموت ونزغ الشيطان أو النفس، ومنجِّي الخُدَّام المحبين، وتدعو لهم بالتحول وأن يمنحهم الله الأبدال الصالحين، وهذه أيضا (الأبدال والحلول) من تجليات اعتقادات الصوفية.

سِتي اللي كات بحالات

تنشد في عز اليأس

والبؤس والشدة

تعند ف عز الفيض

وتقول: ما نيش رادَّة..

على حد قلبه خفيف

سِتي ام رمش عفيف

كانت كما الأوتاد

لا تستجيب للحزن

ولا تسعى للغايبين

كانت تقول:

"الناس مخلوقة من طبعين

طبع المريد يلزم كالضل لحبيبه

طبع الشريد تحرم سيرته وتعذيبه"

ويتوالى الحكي عنها بنفس المدد والحس الصوفي والاستعانة بقاموسه اللغوي والتصويري، "بحالات".. تغني في عز الشد واليأس و"تعند في عز الفيض" وكأنها تتبع يقينها الخالص لا ظواهر الحوال، ويقينها هذا يمنحها ثقل القلب وثباته فلا ترد على "حد قلبه خفيف"، "ستي ام رمش عفيف" صورة مجازية للعفة الكاملة للجدة تغني عن كل إشارة، "كانت كما الأوتاد.. لا تستجيب للحزن.. ولا تسعى للغايبين" ثبات القلب هو درعها في مواجهة الحلالات وتقلباتها، "طبع المريد.. طبع الشريد" من صفحة المنتصف في المعجم الصوفي العرفاني.

بتجيبي صبر منين ع الظلم والأوجاع

بتجيبي صبر منين على ضيقة الأتباع

دُقنا المرار والذل/ أصبحنا كومة قش

نتلاقى/ نتبعتر

يا سِتِي جاوبينا بلسانك العارف

الخوف عسير جدًا من يوم ماسبتينا

من يومها غاب الكل

الخوف عسير جدًا من يوم ماسبتينا

من يومها غاب الضِل

والفل وعواطف

 

تعود هنا الشاعرة للبدء، للحقيقة التي لا تعرف سواها، "ستها" حاضرة وتراها يقينا؛ تستردها بعد الغياب النصي لا الوجداني، فيتحول الخطاب للحاضر تبعا لذلك، وتقذف لها بمجموعة التساؤلات التي لا تعرف لها إجابة،تستغيث.. "يا ستي جاوبينا بلسانك العارف"، لا يفارقها المعجم الصوفي حتى في ختام المشهد/ النص، وإن كان من اللائق هنا أن تقول "بقلبك العارف" ليستقيم التجلِّي الروحاني، "بتجيبي صبر منين.." أنا لست أنتِ وتربكني المواجهة أمام هذه الحياة العاصفة ولم أبنِ سياجًا من شجر السدر لأحمي زرعتي، فالحفيدة أصبحت أمَّا وأوشكت أن تكون جدة، وتكرر ما بدأت به "أصبحنا كومة قش".. و" الخوف عسير جدا"، ولكنها هنا تضيف مأساتها الخاصة التي قد تتشابه معي ومعك.. "من يومها غاب الكل.. من يومها غاب الضل والفل وعواطف"، فالجدة ليست واحدة (من كل) بل هي (الكل ــ السِّياج) الجامع المانع الشامل، فكيف أواجه ملحمتي وحدي كما واجهتِ أنتِ؟.. وأنا لا أملك مقومات بطلات الملاحم!.

 

نص الشاعرة (رشا الفوال) يأسرك بحالته الإنسانية العامة، ويدخلك في التجربة طواعية لتواجه مصيرك معها، بلغته البسيطة العميقة "غيرِ المُتفذلِكة" ليقول لك/ لنا.. إن الحاضر هو كل تحليات الماضي، وإن الماضي هو (جدر) المستقبل.. 

فكُنْ.. وتَحصَّنْ.. ووَاجِهْ.

........

(النص)

.......

في البدء سِتِي تقول:

"الناس بلا مقامات

كالزرع من غير جدر"

يا صاحبة الكرامات

يا زارعة صبارك ومحوَّطاه بالسِدر

ومقسِّمة المنابات نظرات رضا ع الكُل

"الخوف عسير جدًا من يوم ما سبتينا

وسابتنا ريحة الفل"

في العتمة سِتِي تقيد من ضلعها الأنوار

وبمنطق الآمنين..

مزامير داوود ع الصبح، تفتش لنا الأسرار

وتقول كلامها الزين:

"نُص اللي حبونا ما كانوش صحيح صادقين

كُل اللي حبونا اتداروا في الأزمات"

يا صاحبة الكرامات

يا شايلة رمل وطوب

وفْ توبك الحكايات هيَّ اللي باقية لي

مين التفت للفرح وانا بنت ستاشر؟

مين اللي رش الملح ورقاني ودواني؟

مين اللي يوم عَوَضِي بخَّر.. وعدَّاني؟

مين اللي هشّ الوهم يوم الخبيز والدَبح؟

مين اللي شاف فنجان بعيون حبيب ما تخيب؟

"جيب الدفا فاضي

ما شايلش غير أنات"

يا صاحبة الكرامات

من إمتى جالك نوم وانا برة أحضانك؟

يا سِتِي فِ غيابك أصبحنا كومة قش

محشوش تاريخنا حش

نتلاقى / نتبعتر

زي الخلا في الريح.. من رعبنا نرجف

(ما كانتش سِتِي تحيد عن حقها ساعة)

تغضب كأن الصبر من نن عين الجود

تعتب كأن القهر زايل ومش هيعود

تنصب حيطان القبر وتمهده للدود

مشدودة فوق ضهرها أجمل معاني يا خال

وأصيلة كان مهرها حزمة محبة وشال

"سِتِي مليحة الحى

مرايتها ما تزغللش

صافية كصفحة نيل

ملايتها ما بتشغلش إلا اللي طبعه أصيل"

ويقولوا عاش (أحمد)

سبحانه مَن أوجدْ.. من صبرها هيبته

سبحانه سبحانه

ويقولوا كان (أحمد) زي الرواحل فات

شايب من الأحوال

زى النبي (دانيال)

أو(نوح) في وسط اليم

تضوي فْ عينيه لمعات

يا صاحبة الكرامات

ومفسَّرة المفاضيح

لا تآمني ليهم يوم ولا تخطري ريحهم

وان شفتي حالهم شين

كات دعوتك في الحال:

"يا رافع الأهوال.. وقت الردى والنزغ.. ومنجي خُدامك

يا سيدي ريحهم وامنحهم الأبدال"

سِتي اللي كات بحالات

تنشد في عز اليأس

والبؤس والشِّدة

تعند فِ عز الفيض

وتقول: ما نيش رادة على حد قلبه خفيف

سِتي ام رمش عفيف

كانت كما الأوتاد

لا تستجيب للحزن

ولا تسعى للغايبين

كانت تقول:

"الناس مخلوقة من طبعين

طبع المريد يلزم كالضل لحبيبُه

طبع الشريد تحرم سيرته وتعذيبُه"

بتجيبي صبر منين ع الظلم والأوجاع

بتجيبي صبر منين على ضيقة الأتباع

دقنا المرار والذل/ أصبحنا كومة قش

نتلاقى/ نتبعتر

يا سِتِي جاوبينا بلسانك العارف

الخوف عسير جدًا من يوم ما سبتينا

من يومها غاب الكل

الخوف عسير جدًا من يوم ماسبتينا

من يومها غاب الضِل

والفل وعواطف.

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

محمد أحمد إسماعيل

احمد الكاظمي

 (  قليل جدا إن قلت أحبك  )


قليل جدا يا سيدتي


إن قلت في حقك  


أنني بعشقك أحمق مجنون


قليل جدا


إن قلت في حقك


أني بحبك نسيت من أكون


لأجل عينيك


 قلت مرارا بين يديك : لبيك


لبيك أيا فتافيت ضوء


يا هبة ربي و منارة دربي


إن كان يرضيك دمي 


شقي أضلعي و انتزعي قلبي


فأنا لأجل الحب أشرب نخبي


و إن أذنبت بحق الحب يوما


فحبك من يغفر لي كل ذنب


إقتربي مني أكثر و أكثر


و انزعي فستانك الأحمر 


تعري أيا محارة الخلجان


كوني كحواء. قبل اقتراف الضرر


تعري أيا وردة جورية و يا شقائق النعمان


كوني كامرأة أتت من عصور الحجر


كامرأة قادمة من وراء الأزمان


عارية من التاريخ و من ثقافات البشر


اقتربي مني أكثر و أكثر


  ضعي ثغرك على ثغري


و دعيني أرشف العطر من أنفاسك


كم أشتقت أريج المسك و العنبر


ماذا لو عند السحر


سقيتك من غيوم عواطفي


و سرقت الشهد عنوة من شفتيك


و قطفت الورد من خديك


ماذا لو تحت الشجر


هبت عليك ريح عواصفي


و ضربت كالبرق حدود نهديك


ماذا لو تحت زخات المطر


 تبللنا و التصقنا و ثملنا


لن نبالي في حضرة العشق 


و لو وضعوا الشوك تحت قدمي


أو وضعوا الجمر بين يديك



بقلم  :  أحمد الكاظمي. 2021/01/15

جميلة محمد القنوفي

 لا احد من الذنوب 

معصوم 

لا تزكي النفس

 وعلا راسك ريشة 

وغبار ملابسك تتناثر

منه المعاصي والذنوب 

لا يدعي الكمال

والطهر الا منافقا 

من لم يقر بسقوطه

 في فخ المعصية.....كذوب 

سنة الله في عباده 

ان نخطيء

 ونستغفر ونتوب 

فلا تدعي طهرا 

وظهرك كبطنك 

ينوء حبلا بالذنوب



جميلة .محمد

.استغفر الله 

واتوب اليه

السبت، 16 يناير 2021

خالد الضاوي

 نص * انا  وياك

...

... انا الساقي

حرف.     حرف

روحك نرويها

 نبرد الساكن 

 وف  رحيم الزهر

الرش لعطر

ونشمك وتشميني 

حلاوة حلاوة 

مشي منظر

وردة فجردة

عليك وبيك

يزيان لعمر

تزهر لمحبة 

تفوح تفوح 

مسك وعنبر

انا و ياك

......

...


محبات خالد

بقلم ناجي الامجد

 كلّما تحدّثتُ عن الإعاقة أُسائِلني: وأنت؟ أَتدْري ما إعاقتُك؟

...مُعاق لأنّك لا تصل إلى عُمق الأشياء...

معاقٌ لأنّك لم تستَطع أن تغلبَ إِبليسَكَ...

معاقٌ لأنّك لمْ تَقْو على الصّبر والاصطِبار...

معاقٌ لأنّك لمْ تغلب نفسَك...

معاق لأنّك لمْ تصل إلى مولاكَ رغم كلّ السّبل الموصِلة إليه...

معاقٌ لأنّك تَعِدُ ألّا تعود فتعُود...

معاقٌ لأنّك لمْ تقرأ كلّ دواخل إعاقاتك...

فَانْهضْ بذاتك إلى هنالك...

عساك تعرف إعاقاتك...

"هلوسات ليلية"



ناجي الأمجد

بقلم د.رمضان الخضري

 شاعرية الاستبطان

في

رواية " امرأة الليل " للروائية // فتحية نصري



*********

إذا كان الإصرار على الصغيرة كبيرة فما بالنا بالإصرار على الكبيرة التي

يقترفها النقد الأدبي العربي منذ مايزيد عن نصف قرن ، وبالتحديد

منذ ترك طلاب العميد منهجه وركنوا إلى استيراد النظريات المعلبة

من أمريكا والغرب دون ترويضها لملائمة طقس اللغة العربية ، فنجد

معظم النقاد العرب لايقدمون نقدا سوى تفسيرات للنظريات الغربية

فلن يخلو كتاب في النقد العربي من ذكر جنيت أو بارت وجولدمان

ولوكاتش وجويس وباختين وتشومسكي ودوسوسير وجاكبسون

وغيرهم ، وهذا لايعني إلا شيئاً واحداً ألخصه في جملة واحدة هي

( لايوجد نقد عربي ) ، على الرغم أن الإبداع العربي متفوق كثيراً

في شتى مجالاته ، فالشعرية العربية مؤثرة في العالم حتى اللحظة

وهناك شعراء منذ شوقي وحتى اللحظة لاحصر لهم ، أسسوا

لشعرية عربية عالمية ، وفي الرواية يعترف العالم كله بروايات

قوت القلوب والحكيم ونجيب محفوظ وإدريس وغيرهم ، وفي

النقد الأدبي اعترف العالم كله بالعميد وإبراهيم أنيس والمقدسي



وغنيمي هلال وتليمة وغيرهم ، حتى جاء نقلة النقد الأوربي

وقاموا بدورهم في تسويق الثقافة الغربية على حساب الثقافة

العربية ، فضيقوا رقعة النقد العربي ومهدوا الأرض للنقد الغربي

فحدث مانراه ، فأصبح المبدع العربي يحب أن يكون اسمه تابعا

لأي ناقد غربي أو نظرية غربية .

ليست هذه نقدمة منطقية لما أريد ، لكنه زفرة مهموم وعبرة مكلوم

يشتم منها الناقد العربي الحقيقي رائحة كبد يحترق ، فلم تعد الرواية

العربية في مفترق طرق ، بل لها تعالقات بالسرد العالمي ، وتسبق

الرواية العربية مثيلاتها في النوع بأن أداتها لغة مغرقة في التاريخ

واسعة في المفردات ، لها إمكانات خرافية لمن يتمكن منها .

ويبدو هذا جليا في رواية ( امرأة الليل ) للروائية العربية / فتحية

نصري ، حيث تعزف الكاتبة على وتري شعرية اللغة وشعورية

الإنسان ، وهذا ماجعلني أختار عنوان الدراسة ( شاعرية

الاستبطان في رواية امرأة الليل ) ، فالكاتبة لا تتبع أحداثاً

قصصية بقدر تتبعها لشعور امرأة منشطرة إلى نصفين ، وعقلها

يقففي المنتصف تماما بين ماوقع وما يجب ، وبين ماكان وما ستفعله

فعقلها في قمة الشرف ، وجسدها في حثالة التدنيس ، أما اختيار

اسم ( نجمة ) فهو قمة الوعي لحظة الكتابة ، فالنجوم مكانها مرتفع

لايصل إليها أحد إلا بالنظر أو بالميكرسكوب الفلكي الجبار ، بينما

أشعتها تتساقط على لماء الطهور وفي الوحل العفن ، والفتاة مكانها

عقلها وضياؤها سمعتها التي نزلت في الماء وفي الوحل .

قد أكون ظلمت نفسي ، ولكن عندما أستجمع ذاكرتي المتقرحة

أتأكد من أن أمثالي قد خلقوا ليضيئوا ليل أرقكم ببقايا النبض

وبتلف األعصاب.

ماذا تعرفون عن قسوة الفقر وألم الجوع؟ هل جربتم الصراع

الطويل مع شبحه القاتل ؟ إنه لا يترك من الجسم سوى ظلال رقم

منسي في المستشفيات المهملة.

تباً َّ لهذه الدنيا تدير ظهرها للمتعبين، وترقص طرباً على طبول

الفرح لكل ظالم اعتنق الفساد مذهباً سرياً َّ يتعبد داخل ليل أرقه

ويعد قتلاه .

هل أبصق على كل يوم لم أضع فيه حداً لحياتي ؟ حتى لا أجعلها

تغرز في أحشائي أنيابها البغيضة . َّ ككل المتعبين انتظرت طويلا

سويعات فرح مغمـوسة بدموع اليتم وقهر الأحزان، وطال انتظاري

على وقع كلمات عابرة طالما رددتموها :

سنزرع البسمة على قسمات الوجوه البريئة

وسينبلج صباح ال مكان فيه المتهان األطفال وسـ ..

بينما تموت البسمات الحالمة خلف الأبواب المقفلة .

سأنتقم من تواطئي ضد نفسي حتماً .

لماذا أخفيت ُمعالم الجريمة وانسحبت في هدوء ؟ لماذا لم أجعل

كل من طمس أدلة برائتي يدفع الثمن باهظاً ؟! ُ لقد تمكنت من

امتلاك رقابكم ولن تفلتوا من شرنقتي هذه المرة .

ستطلبون الصفح والغفران، ولكن هيهات فات أوان الندم الكاذب

الذي تدعونه حتى تفلتوا من العقاب. هل تسامحتم يوماً مع

طفولتي المذبوحة على شرف خطاياكم؟ هل يمكن للزمن القاسي

أن يغفر انحطاطكم ؟ أي قسوة تعايشت معها يا نجمة؟ ولماذا اجترار ذكريات تفتح جراحاً متقرحة ما اندملت أبداً.. ِ لماذا عليك التعايش

مع نيران المنفى والذكريات . ُ ألا كم تمنيت أن أفيق ذات صباح على

وقع كارثة تجرف هذه الربوع . ألا من بركان خامد يلتهم قرية الجبن

والانحطاط؟!

أي حياة تُعاش في بلدة قاحلة طبعت النفوس بقسوتها وجبروتها فتطبعوا بجفاف الطبيعة الحاقدة ، فلتذهبوا إلى جحيم

الموت والاندثار لربوع الأشباح التي هامت أرواحها في منفاها.

ولمدينتي ألف منفى ، فلماذا تستقبلون الكوارث في صمت

وتصرون على التعايش المقنع مع ربوع تنكفئ على جراحها،

وتجترون فروسية جبل عليها الأجداد بينما تبرأ من ذكراها

الأحفاد؟ حاولت أن أتصالح مع ذلك الماضي اللعين ، وأن أعيش

دون حقد أو انتقام لكنكم طاردتم خطاياي وملأتم  الآفاق بالأكاذيب

التي لا تنتهي فعاهدت طفولتي المذبوحة داخل دكان قديم

بالانتقام.. تغذون حياتكم بالشائعات والأحقاد)، الرواية صـ 17،18.

ويعتبر منهج الاستبطان في علم النفس من أقدم المناهج

المستخدمة فقد بدأ منذ أفلاطون ولم يتجلى إلا عند عالم النفس

فونت في القرن الثامن عشر، ويقصد بالاستبطان الكشف عما دار في

النفس من أحداث بعيداً عن أية مؤثرات خارجية، وهذاما قصدت به

شعور الإنسان، فالكاتبة شاعرة بنفس مستوى الروائية، حيث

تستخدم اللغة الشعرية في السرد لتقديم الأحداث، فمنذ الكلمة

الأولى في المقطع حين تقول (الآن أستجمع ذاكرتي) هذا حديث

وحدث استبطاني ، وتضم بعدها كلمة ( المتقرحة ) ليتحول الحدث

إلى شعر ، فكلمة المتقرحة تعني الذاكرة التي تمتلك أفكارا جديدة غير

مسبوقة لتدل على حالة سمو الكاتبة ، وكلمة المتقرحة تعني الذاكرة

المجروحة والتي تختزن آلاما وعللا  ، فتدل على الحالة النفسية

السيئة للكاتبة ، فيظهر لنا الصوت الثالث للكلمة ، وهذا مادفعني

للقول بأن فتحية نصري شاعرة وروائية بدرجة متساوية ، فلايغلب

سردها شعرها ولا العكس ، ولذلك فإنها تعمل على توهج المفردة

بحيث تستخدمها في أرقى استخدام لها ، محاولة أن تجعل من النص

الأدبي بيانا أدبيا ، يقدم توجهات جديدة ، مبنية على أحداث سابقة ،

والبناء على أحداث بضمير ( الأنا ) بناء لايحتمل التشكيك ، وبالتالي

فهي ذات قدرة على صناعة الإيهام بالتصديق .

كان بودي أن أقدم تفصيلات عن الشخصيات والاحداث في الرواية

بيد أن الرواية لازالت تحت الطبع ، وقد شرفتني الكاتبة العربية /

فتحية نصري بقراءة الرواية قبل الطبع ، وذا يستحق شكرا كثيرا مني

لها على ثقة نبيلة من عربية أصيلة ، فوجدت أن تقديم تفصيلات

عن حركة الرواية وعلاقات الاتصال والانفصال في النص والرؤية

والتبئير ووجهة نظر السارد قد تتسبب في أضرار ما للنص وكاتبته

ففضلت أن يكون الحديث خاصا باللغة ؛ حيث إن اللغة مشاع ومادة

خام لكل من يريد أن يستخدمها ، باعتبارها أداة لكل ناطق بالعربية ،

وكذا لمحة صغيرة عن ربط الحالة الشعورية باللغة الشعرية .

ويستحق الشاعر العربي الكبير / فايز أبوجيش شاعر سوريا والعرب

من تحية خاصة لحسن اختياره للنصوص التي يتفضل بنشرها في

المركز العربي للمراجعات والاستشارات الأدبية وخدمات ماقبل الطباعة، فجزيل شكري له .

د / رمضان الحضري





القاهرة في 15 من يناير 2021 م .

نضال شلبي

 عن قناعاتي أتكلم!!

لا اتفق بشكل مطلق مع المثل القائل: "ان تاتي متاخراً خير من أن لا تأتي أبداً"

أحياناً خليك بعيد أفضل من وصولك متأخر، واحياناً وصولك مشكلة بحد ذاتها.

- شو بدنا فيك بعد ما شفنا الألم وضمدنا جراحنا؟؟

- شو بدنا فيك لما احتجناك  وما وجدناك؟

- شو بدنا فيك لما نهضنا على حيلنا عندما وقعنا وتعثرنا مرات ومرات؟؟

- شو بدنا فيك لما انتصرنا على كل من  تكالَب علينا؟

- شو بدنا فيك لما تدَفينا من بعد برد شديد؟؟

- شو بدنا فيك لما شبعنا من بعد جوع؟؟

- شو بدنا فيك لما تعالجنا بعد مرض؟؟

- شو بدنا فيك لما لبِسنا من بعد ما تعَرينا؟؟

- شو بدنا فيك لما كنا بحاجه للعطف والحنان ماوجدناك؟؟

خليك متأخر لنهاية عمرك،،،



نضال شلبي

عمان

صبري كامل

 شاهدتها بالحجاب الأبيض

الوجه أبيض و العيون تبسمت


كالبدر أطل من خلف الحجب

والعسل يعلو ذلك المبثم


والرموش كالسهام قاتلات 

أصابت قلبي المتيم في مقتل



صبري كامل

جوزيف بوسجيفا

 والصوت ينعكس 

فوق الجدرانْ

يكتب يرسمْ 

يهمس بكل مكانْ

يسأل عن 

صفحات ممزقة

بتاريخ يركض

 في كل الاركانْ

والروح تحومْ 

بغناء مكتومْ

والزمن يرتجف

محزون مهمومْ

يبحث عن اثر قبلة

مرت في غفلهْ

عن لمعة دمعة

عن فجر بسمة

عن ازهار القمر

تهمس باذان البشر

انوارا بين شِبَابيك

ظلام 

تذرف اشواقا بقلوب

انامْ

 نامت ولم

تدري برحلات

الاحلامْ

كيف من سنبلة

بدأتْ

كيف بين التراب

وُلدتْ

وفي بطن العاصفة

صمدتْ

فاكتب يا انسانْ

انك من صنع

الاحزانْ

وانك ذرة

ببحار الاكوانْ



جوزيف برسكيفا 16/01/2019

اعادة نشر 16/01/2021

نورالدين شماعو

 جمعية الي رقراق تنعي روح عضوها المتميز  السيد عبد الإله بلغازي، مدير متحف دار بلغازي


الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه


بقلوب راضية بقضاء الله و قدره، و ببالغ الأسى والحسرة، تنعي جمعية ابي رقراق روح عضوها البارز السيد عبد الإله بلغازي ، صاحب أكبر مبادرات في المتاحف الخاصة في المغرب، و مدير متحف دار بلغازي في سلا.


ويعتبر الفقيد الكبير علامة أساسية في تاريخ الذاكرة المغربية، من خلال انجازاته المتميزة في تجميع وعرض التحف النادرة ذات القيمة العالية في ما يخص مختلف الصناعات والمهارات التقليدية المغربية.


و قد استطاع الراحل العزيز أن يجعل من متحف دار بلغازي ، محطة رئيسية من محطات التاريخ الذي تشهد عليه الإبداعات التي وثقت لأكثر من عشرة قرون من مظاهر الحياة اليومية في الامتداد المغربي.

 

و قد ساهم الفقيد بمبادرات رائدة في الحيوية التي تعرفها سلا في أفق تمكينها من متاحف من الطراز الرفيع، حيث وضع كل ما يتوفر عليه من نفائس رهن  اشارة مدينة سلا التي أحبها و جعلها الفضاء الاول لجل مبادراته التي شملت العديد من مدن المملكة.


و برحيل الفقيد عبد الإله بلغازي، يكون المغرب عامة، وسلا خاصة، و جمعية ابي رقراق في المقام الأول قد فقدوا فاعلا مبادرا مضحيا مناضلا مستميتا ، في التعريف باشراقات التراث المغربي .



كما كان من المرتقب في المدى القصير إسهام الفقيد  في افتتاح متحف دار القاضي بمنطقة باب احساين،  كفضاء خاص بتاريخ الالات الموسيقية، إلى جانب أروقة اخرى تهم فن التطريز والخياطة و...،  في بنايات داخل المدينة العتيقة ضمن مشروع تأهيل تراثها المادي ، برعاية ملكية مولوية  سامية.


و بهذه المناسبة الاليمة، تتقدم جمعية الي رقراق إلى أسرة الفقيد ، وإلى ساكنة سلا، و إلى كل العاملين في الحقول التاريخية والثقافية والتراثية، بأصدق عبارات التعزية والمواساة، مع الدعوات لروح عزيزنا بلغازي، بالمغفرة و الرحمة و النعيم في جنات الخلد.


انا لله وانا اليه راجعون


نور الدين اشماعو

رئيس جمعية الي رقراق

سلا :عصر يوم السبت 16 يناير 2021

جميلة محمد

 تعتز مجلة الوطن العربي بانتقاء  الفنانة المغربية منية  الحارثي  الأفضل عربيا لموسم 2020 


ضمن الاستفتاء الذي نظمته بمصر الجمعية العربية للإعلام و السينما . و التي صوتت على نخبة من الفنانين و المبدعين و الإعلاميين 

من 12 دولة عربية . و قد تم التصويت من المغرب إلى جانب الفنان القدير محمد خيي و المخرج كريم الفحل الشرقاوي. على الممثلة المتألقة  ، النجمة منى الحارثي




بقلم صفاء محمد

 بين النقـد والهبْـد


حين تدخل الزمرة المثقفة في حالة نزاعٍ دائم تعجز عن الابتكار وتنشغل عن الداء فيستحيل الدواء، ولهذا، فإن الأمم لا تعتلّ بل تنتحر. يقول الله "وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ".
لذلك كان التعايش دومًا هو السبيل للتعاون وبناء الحضارات، وقد خلقنا الله مختلفين كي نتعارف ونتكامل لا لنشهر سيوفًا في وجوه بعضنا، أو يعتقد كل فرد بأن لديه الحقيقة، أو تتباهى كل فئة بما لديها من قشورٍ غافلة باقي المعارف على تعدّدها.
التقوقع على الذات وإشهار الأنا يصيبان العقل بالضمور والحكمة بالقصور والآخر بالنفور، ولذلك أسبابًا منها:
-        عدم الإيمان بالآخر كعارفٍ منافس
-        عدم التعاطي مع إرث الآخر ثقافيًا وفكريًا
وإنّا لنتوقف متعجّبين ممّن يعتقدون بتفرّدهم المُطلق لأنّهم أقوياء في تخصّصهم!! غير آبهين بآلاف العلوم الأخرى التي لا يُحيطون بها، بل ربِّما لا يمكنهم استيعابها إذا جاء المحكّ!
فهم أسرار النفس البشرية يتطلّب عقولًا نابهة، تدرك أن الهدف هو تشخيص العلل وإيجاد الحلول القابلة للتطبيق كي تتحقّق السعادة للبشرية، وهذه عملية معقدة ومتشابكة ومتقاطعة يشترك فيها متخصّصون في أفرع المعارف كافّة.
التشخيص مبنيّ على نقد الواقع، فالكاتب ناقدٌ لما حوله مشخّصٌ للعلل الحالية استشهادًا بالماضي واستشرافًا للقادم، وهو يحتاج لمتخصّصين بعده يأتون بالدواء. وهنا تتجلّى حقيقة أن الناقد ما هو إلا ناقد لناقد، وعلى ذلك ينبغي عليه محاولة إكمال الصورة أو إبرازها من زوايا أخرى كي يكتمل التشخيص، وليست وظيفته تجريع الكاتب - الناقد في الأساس- الهبْد (الحنظل) أو تقزيمه أو المزايدة عليه حيث لا مُزن ولا طحين.
إن لم يكن النقد مضيفًا للموضوع فهو ليس بنقد، بل مزايدة وسفسطة لا تفيد إلا غرور الناقد وحده! وأصحاب هذا المنطق الخديج عادة لا يتقبّلون نقدهم في المقابل. تجدهم يمتلكون القدرة العالية والأدبيات الفكرية والمصطلحات الأدبية المتموجة التي ينطلقون منها كما في علم اللسانيات وكما هو حال فكر واضع علم السفسطة الفيلسوف بروتاجوراس اليوناني القائم على القدرة الأدبية التي تجعل السامع يخضع للقول ويحكم وفق المستهدّف.
فالنقد مثاقفة عاقلة توحّد الصفّ وتشحذ الهمم وتعظم الفائدة ويكون موجّه لفكرٍ أو مادة، أمّا الهبْد فنوع من اللامسؤولية تُمارَس لتصبّ في أنا الناقد، أو تأتي مع أو ضد صاحب الفكر أو المادة بهدف تلميعه أو إقصائه.
وتعريج الناقد على إفشاء مثالب ونواقص وذكر السلبيات لا بدّ منه، لكن هنا ينبغي أن يكون ذلك بعد ذكر الإيجابيات وإبراز الصورة التي أرادها الكاتب أو استخراج صور ضمنيه أو تفجير مواقع أكثر عمقًا بالنصّ.


بقلم  صفاء_محمد
مهندس  معماري
عضو_اتحاد_الكُتّاب
اِعتنق_الحب

حياة نصر

 إلى حاتم علي ..



كيف استطاعت أناملك 

أن تجمع 

على كرة من زجاج شفيف 

كل تلك 

التساؤلات المتعاركة على ساحة الحياة ؟!

كيف رتبت 

كل تلك الفوضى 

بهذه الدهشة ؟!

وأشعلتنا انتظارا 

لنرى...

الضحكات المليئة بالأماني 


لنرى 

الدمعات المليئة بالغصة !

لنسمع 

نغمات متقلبي  المزاج 

وأنت رهين

 حسدهم 

كيف انزرعت في

 قلوبنا 

شجرة عشق 

أطلقت روحك في عيدها 

قنبلة مدوية 

شظاياها أدمت روحنا

حاتم علي ...

كنت بقعة ضوء 

أصبحت ضياء سيبعث 

من جديد

 من أعالي دمشق ..!!



حياة نصر

 حوار افتراضي مع 

مجد الدين سعودي


*استهلال :


هو  كاتب مسرحي مبدع، قاص فذ، ناقد متميز بنظرة ثاقبة ، له مقالات عديدة في منابر مختلفة ..

            --------------------

عرف بنصوصه المسرحية ذات الطابع الاحتفالي ،التي كانت تملأ ركح مسرح دار الشباب 20 غشت بوادي زم في الثمانينيات، وتنمي الوعي الجماعي لشباب المدينة رغم اكراهات الزمن الداكن وطوق الحصار ..


عرف باسلوبه النقدي الساخر، وجرأته الزائدة في فن كتابة الاعمدة زمن التسعينيات على ظهر جريدة انوال الناطقة باسم منظمة العمل الديمقراطي باسم ((شموع )) ،رفقة كوكبة من الأقلام الكبيرة أمثال يونس دافقير وعبد الرفيع اجواهري وصلاح بوسريف وغيرهم من الرواد ،فكانت مقالاته حقا شموعا تضيء عتمة اللحظة  بما تحمله من رمزية سياسية وحقوقية، أسست  لمرحلة بعدها من الانفراج السياسي والانتقال الديمقراطي الذي عرفه المغرب 


 للاستاذ مجد الدين سعودي عدد من الإصدارات  في الشعر والرواية والقصة والنقد الأدبي من بينها :


-قناع هراء 

-ما وراء الوراء 

-شاعر يرفض توقيع قصيدته -وصف ما لا يوصف 

وعدة دراسات نقدية 


 يتفاعل باستمرار وتلقائية حدسية مع ما تضج به الساحة الفكرية والادبية من إصدارات وابداعات، وما تحفل به المكتبات من علوم ومعارف ، فهو المفتون والمسكون بما يخطه  المبدعون من اداب وفنون ودراسات وقصائد ونصوص، وما ينتجونه من فلسفة و افكار وابداعات ..


تسلبه الصور والأخيلة والقصص والأصوات والألوان والأشكال والشخوص والأمكنة والأزمنة ،، فيتماهى معها حد الانصهار والتناسخ ..


يعشق للثقافة بكل اشكالها والفعل الثقافي الجاد منطلقا من مرجعيات متعددة فهو صديق الكتاب والصحيفة والمجلة والسينما والمسرح، حامل لخطاب سياسي عقلاني  ذو مرجعية يسارية ولمشروع ثقافي كبير يهم تأسيس وابتكار دراسة نقدية جديدة حول التجديد الدلالي 

 

 خياله الواسع المتحرر الجموح، جعله يتعامل مع الكتابة بعشق خاص ،فيطوعها و ويعيد إنتاجها وصياغتها أو يبتكرها، ويفكر باللغة ويتغلغل في اللغة وينكتب فيها وينتزع حقه في أن ينتج لغة جديدة أو يغير في اللغة المتداولة أو يبدع منهما لغة ثالثة أو لغة عجائبية أو يلتقط بها العادي والغريب والمبتذل. فاللغة بالنسبة اليه مجال لكسر الرتيب والعادي والنمطي، وفضاء فسيح للحرية والتحرر، وتأريخ للموروث الإنساني المشترك .


يمتلك نظرة الحصيف وعمق الحكيم.  فهو مختلف بكامل التنوع والتميز والفرادة ، يتسلح بادوات النقد الجاد والهادف والمعرفة العميقة ، معتمدا في ذلك على مجموعة من المدارس النقدية الرصينة كالمدرسة الذرائعية والمدرسة الرمزية والمدرسة الكلاسيكية.


 سألته بغثة وهو العارف بقواعد اللغة وابجديات الكلام  :


كيف لك يا سيدي أن ترفض توقيع قصيدتك وانت الشاعر العاشق لقوافي الكلم وبوح القيثارة.. الزاهد الصوفي في محراب المقامة والعبارة. 


فأجابني بحذر متوجسا من صقيع السؤال :


 القصيدة يا رفيقي امرأة عذراء لا يلمسها الا المطهرون من اثام العروض والفروض والظنون  ، الصاعدون لمدارج  الحكمة  ، أنبياء الوحي، السابحون في بطون المتون ..


 فكيف لي أن اوقعها وانا الذي ارفض أن اكون صنما او ثمثالا او ارتدادا او انتكاسا.


 كيف لي ان اوقع على خرائط ممزقة وثخوم مثخنة بالجراح، وهذا العالم الفسيح اجهزت عليه  العولمة المتوحشة فأضحى مثل كاهن آثم ارتكب جرم الخطيئة في حق نفسه !؟


القصيدة يا سيدي  هي اغتراب الانسان في المجتمع كما قال طيب رجب  ، هي  أكبر من أن يوقعها شاعر متمرد او كاتب يرتدي قناع هراء..


 قلت له :


وهل يكفيك  يا سيدي ان تطارد السكارى والمجانين والليل والفراغ ، وتلعن الاشباح وتحرق الغابات، وتصد الغارات الشعرية، و تصف كل هذا الخراب بوصف ما يوصف ثم تعلن الاعتزال !؟


 فأجابني:


 يا سيدي لم أعد أدمن لعبة الصمت بعد اليوم ، سوف انتفض فينقا خرافيا من رماد الذاكرة  كي اسقط اساطير الاولين وادك آلهة الظلام وجدران التواطىء والصمت والخرافة وابحر في ميتافيزيقيا الحلم  واسافر ما وراء الوراء علني انتصر للانسان في تحقيق إنسانيته وكينونته .

الاثنين، 11 يناير 2021

بقلم العربي لعرج

 دحرجة الأصفار 


      لا تعجبي.....

 من قولي ومن غضبي

 فأصلي ووصلي

 في غنى عن الرتب 

ومن حالي وقلة مالي

 وإن كنت علا بالجرب 

فشيبي يحكي الحكايا 

فصول الحمل مع الثعلب

     لا تعجبي...

إن قلت اعتزلت النساء 

كي لا تغضب 

وأنك الضياء 

في الليلة الظلماء 

وانك أم الكواكب ...

يقول الناس يا أسم 

ما لثغرك لا يبتسم؟!

 فقد باع الناس أرضي

 وبيتي هشمه الخدم 

وكل الماضي في الهوى 

قد هوى ولو قايضتني 

    ببنات المهلب .

سر بي إلى قبر رثة

 وغسان يا فخر العرب ..

ودلال يا شمس الشموس 

شعاعها نجم لم يغب. 

    لا تعجبي.......

فقد انشغلوا

 بتمديد الأصفار 

و دحرجتها 

وتركوني أبكي

 بكاء طفل مغترب.



بقلم العربي لعرج

 المغرب