‏إظهار الرسائل ذات التسميات قص. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قص. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

عبد الستار الخديمي

الشمس ترحل

كان عصيا عليه أن يتجاوز الأطر التي سورته باسلاكها الدامية.. لم يكن يفهم لماذا يساق الناس مكرهين ليكونوا سجناء واقع مقيت لم يصنعوه؟ لم يكونوا مسؤولين بل لم يختاروا لا الهوية ولا الانتساب ولا المكان ولا الزمان ولا الفقر ولا حتى الحب..
شخصت عيناه وهو يتحمل خيوط الشمس وهي تتكسر على الأفق البعيد مؤذنة بالرحيل.. كان للشمس ان ترحل ككل يوم لتعيد دورتها.. في تعاقب الليل والنهار تجلت حكمة الخالق لا شيء مستقر ولا شيء ازلي.. فمن الموت تولد الحياة..
كان لابد أن يتجاوز الأطر .. ان يكسر القيد المكبل.. الخيال مطية.. والأمل غاية.. وحضنها الدافئ ملاذ وملجا..
سافر بعينيه يتحسس أنوثتها.. أنها تشبه الشمس وحبات المطر .. فيها الخصب والولادة.. فيها الحياة..
كان متجمد الأطراف.. اصابه الصقيع في كل مكان حتى في مساحة حلمه وامله..
كم كان يشتهي قهوة صباحية دافئة في مجلسها.. كم كان يتوق لدس وجهه المتجمد في ثنايا حضنها.. كم كان يود ان يكون خارج مربعاته وأشكاله الهندسية التي لم يفقه يوما أبعادها العلمية سوى أنها أشكال تهد الحلم..
تيقن أخيرا ان المعادلة قائمة ولكنها مفارقة عليه إن يتعلم كيف يفك شيفراتها المعقدة..
فالناس يانسون لاشكالهم وتصبح عناوين اشهارية تدلل على الهوية والزمان والمكان.....

بقلم: عبدالستار الخديمي/ تونس