‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالة أدبية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالة أدبية. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 11 يونيو 2019

بقلم محمد اديب السلاوي

التشكيل المغربي، ملامح النشوء والارتقاء.



يتّصل تطوّرُ الفنّ التشكيليّ المغربيّ بفجر نشأته في عصرنا الحديث، وبالظروف الثقافيّة والسياسيّة التي رافقته، إلى أن أصبح ظاهرةً ثقافيّةً يُحسب لها حسابُها.فمن خلال مراجعة بسيطة لفجر هذه النشأة نكتشف أنّ خطَّ الإبداع الفنّيّ توارت معالمُه مع بداية الصراعات الدوليّة التي أدّت إلى وضع نهاية مؤسفة لاستقلال المغرب الوطنيّ مع بداية القرن المنصرم. وظلّ هذا الخطّ منقطعًا لسنواتٍ طوال، عدا فنون الصناعة التقليديّة وفنون الحرف الشعبيّة المتوارثة. وقد أحدث هذا الانقطاعُ فراغًا فنيًّا، أدّى إلى اختفاء معالم حضارة الفنّ التشكيليّ العتيق عن الوعي العامّ. إلى أن ظهرتْ بوادرُ طفوليّةٌ وساذجة مع ظهور مدارس الفنون الجميلة المحدثة في ثلاثينيّات القرن الماضي.
ويمكن أن نسجِّل هنا أنّ الفنون التشكيليّة المغربيّة قد تميّزتْ من باقي الفنون الأخرى، كالآداب والمسرح والموسيقى، بتأثّرها بالموجات الأوروبيّة الحديثة. فخلال عشرينيّات القرن المنصرم ظهرتْ بوادرُ فنيّة مهمّة استطاعت معانقةَ  اللون والظلّ والضوء والخطّ، والوقوفَ إلى جانب أهمّ التجارب والمدارس التي كانت آنذاك على قمّة المجد في أوروبا؛ كما أثارت اهتمامَ العديد من النقّاد الأجانب باعتبارها ظاهرةً فنّيّةً جديدة، قابلةً للتطوّر والتفاعل.(1) من هذه البوادر نذكر معرضَ الفنّان محمد بن علي الرباطيّ (1861 - 1939) الذي أقيم في لندن سنة 1917، وترك أصداءً مهمّةً في الإعلام والمجتمع الثقافيّ في المملكة البريطانيّة.
وفي بداية الأربعينيّات تبلورتْ هذه الحركة، وقدّمتْ بعضَ الأسماء التي اقتحمتْ متاحفَ أوروبا ومَعارضها وفرضتْ نفسَها على عالم التشكيل الحديث، (2) في إنتاجٍ لا ينتسب إلى الأساليب الأكاديميّة، ولكنّه نابع عن الفطرة، ومنصبٌّ في أغوار الحياة الشعبيّة الوطنيّة وتقاليدها. ومن هذه الأسماء نذكر مولاي أحمد الإدريسي، وبنعلال، والودغيري، والكزولي، وأحمد إبن إدريس اليعقوبيّ ومحمّد الحمري، ومولاي علي العلوي، والحسن الزكري، الذين أثاروا موجةً من النقاش في المحافل الفنيّة في العديد من العواصم الأوروبيّة، لِما كانت تحمله أعمالُهم الفنيّة من ثورة عجائبيّة.
ومنذ المرحلة الأولى لنشأة الفنّ التشكيليّ الحديث في المغرب جرى ربطُ صلاتٍ وثيقةٍ بالموجات الحداثيّة في العالم، سواء عن طريق الاحتكاك المباشر أو عن طريق مدارس الفنون الجميلة(3) التي ظهرت في شمال المملكة وجنوبها من أجل إعداد الأطر وصقل المواهب.
ولا بدّ في هذا المجال من تسجيل ملاحظةٍ أساسيّة، وهي أنّ جمهورَ الفنّ التشكيليّ في هذه الفترة، رغم الجهود التي بذلها روّاده من أجل التعريف بأنفسهم، ظلّ محدودَ النطاق في وطنهم المغرب، ليس له اتّساعُ جمهور السينما أو المسرح اللذيْن ظهرا إلى جانبه في أوقات متقاربة.
ولكي نفهم جيّدًا طبيعة الإنتاج التشكيليّ المغربيّ لهذه الفترة، فلا بدّ لنا من أن نضعه في إطاره التاريخيّ والفكريّ؛ ذلك لأنّه جزءٌ لا يتجزّأ من تطوّرنا الحضاريّ، وتطوّر نظرة إنساننا إلى العالم وإلى نفسه. ولعلّ ذلك سيدفعنا إلى البحث عن الأشكال الاجتماعيّة والحضاريّة التي كانت مددًا وافرًا ينحت منه فنّانونا تصوّراتِهم وأحاسيسَهم وأشكالهم الجديدة، التي كانت مبتعدةً كلَّ البعد عن الأشكال المتوارثة، أو ارتبطتْ بنشوء هؤلاء الفنانين التربويّ والاجتماعيّ.
ومن خلال نظرةٍ سريعةٍ إلى الأعمال التي أُنجزتْ في تلك الفترة، فإننا نجدها، على عنايتها بالإنسان المغربيّ وتقاليده ومعيشته، ترفض الأشكالَ التقليديّة للقديم، وللغربيّ معًا، لتؤكّد تصوّراتٍ جديدة، واتجاهًا ثوريًّا بلغ ذروتَه عند مولاي أحمد الإدريسيّ في لوحات "جامع الفنا" و"حمّامات مرّاكش."ولا شكّ في أنّ أسباب هذه الثورة لا تعود إلى "حداثة" أولئك الفنّانين فقط، بل إلى إحساسهم أيضًا بانفصالهم عن العالم المغاير لهم، وانفصالهم عن اللغة والعصر اللذين أُقحما فيه عن طريق الفرشاة والألوان.
من هذه الزاوية يتّضح لنا أنّ الفنّ التشكيلي في هذه الفترة كان تعبيرًا صادقًا عن خلفيّتة الحضاريّة والثقافيّة. فلقد كانت فترةً متميّزةً بالاضطراب، وتزاحُم الرغبات والمطامع والتناقضات والمفارقات؛ فلا غرابة أن يولدَ فيها مَن دمّروا كلّ المقاييس المتوارثة، والصياغات وخصائص التعقيل، ورؤى الناس العاديّة، والعادات والموازين.وليس من غريب الصدف أن يولد هذا الاتجاهُ الثوريُّ "الساذج" في هذه الفترة بالمغرب؛ ذلك لأنّها تميّزتْ، على المستوى السياسيّ والحضاريّ، بعجز العقل البشريّ عن حلّ مشكلاته ومنازعاته. فالحروب كانت ناشبةً في كلّ مكان من العالم، والكوارثُ والخراب كانت تحلّ بالعديد من الأمم والشعوب، ومن ثمّ لم يجد فنّانونا ما يُبعدهم عن القلق والحرمان والضياع غير ذلك الرّفض  للمدرسة "العقلانيّة."
وتأتي بعد مرحلة النشوء مرحلةُ الارتقاء، وهي تبتدئ مع مطلع الخمسينيّات، حيث راحت تتفتّح معالمُ الثقافة الحديثة لدى شبابنا ــــ فنّانين، وأدباء، وشعراء، وطلبةً. نذكر من بين روّاد هذه المرحلة: المكّي مغارة، والمكّي مورسية، والمحجوبي أحرضان، وأحمد الشرقاوي، والجيلالي الغرباوي، وحسن الكلاوي، ومحمد السرغيني، ومحمد المليحي، وأحمد اليعقوبي، وفريد بلكاهية، ومريم أمزيان، وعبد السلام الفاسي، وعمر مشماشة، والطيب لحلو. جميع هؤلاء انشغلوا بالتراث الحضاريّ المغربيّ، أو بهموم الإنسان المغربيّ وما يعانيه من قلقٍ يوميّ. فحاولوا في غالبيّتهم نقلَ ملامح من ذلك التراث (العادات والتقاليد)، أو سعوْا إلى تأكيد الذات عن طريق التجريد أو عن طريق تجريب الأنماط التعبيريّة المرتكزة على الحركة والعلامة والرمز.
خلال هذه الفترة بالذات، انخرط التشكيلُ المغربيّ في موجة التشكيل العالميّ، وبخاصّةٍ بعد إنشاء مدرسة الفنون الجميلة بتطوان (أربعينيّات القرن الماضي) ومدرسة الفنون الجميلة في الدار البيضاء بعدها بقليل، حيث بدأتْ ملامحُ الفنّ التشكيليّ المغربيّ تتحوّل من الفطريّة إلى الأكاديميّة، وأخذتْ تظهر ملامحُ مرحلة جديدة في حياة اللوحة المغربيّة القائمة على ثقافة بصريّة جديدة بقيمها وخطابها وأدواتها التعبيريّة. وإنني أرى أنّ هذه الفترة من تاريخ الحركة التشكيليّة المغربيّة كانت هي المفتتحَ الذي يمثّل الخطابَ التشكيليّ/الجماليّ لهذه الحركة.
******* (1) مثال ذلك، رسوم محمد الرباطي، المتوفى سنة 1936، وابنه المتوفي سنة 1945.(2) نذكر من بين هذه الأسماء مولاي احمد الإدريسي والورديغي وبنعلال.(3) راجع كتاب عشر سنوات من المنجزات الثقافية في عهد الحسن الثاني، ص 335 وما بعدها.

بقلم محمد أديب السلاوي 

الخميس، 6 يونيو 2019

بقلم مجد الدين سعودي

الكاتبة المغربية فاطمة العبدي : أتركو لي مساحة الحلم والحب والحرية واحتفظوا بالألقاب والمناصب والكراسي ...
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ __ _ _ _ ___ _ _ _ _ _
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

برولوغ

_ _ _ _ _

الشاعرة فاطمة العبدي هادئة ، لا تهتم بالمعارك الوهمية والتافهة التي يدخلها الهامشيون ...

تكتب لأنها خلقت للكتابة ...
تكتب بحب واقتناع ...
تقول فاطمة العبدي عن الكتابة : ( الحروف تراقص بعضها ، تؤلف كلمات البوح ، تنحني في غنج ودلال لتعطيك فرصة أخرى للحياة .
الكلمة امرأة جميلة تمشي بدلال في ممر طويل الى القلب ،فإما أن تحييه إن رمته بقبلاتها الملتهبة ، أو تسقطه صريعا إن اجتاحته كسيف قاطع .)
تقول عنها سهام الناصري في (الحدث 24 ) : (المتألقة فاطمة العبدي سطعت نجمتها في سماء الشعر حبا ، كسبت شاعرتنا الجميلة قلوب الناس أبهرت القارئ بحبها الكبير في كل شطر وفي كل قصيدة سطرها قلبها قبل أن تسطرها أناملها الذهبية و بكل ما تحملها قصائدها من قوة في شعرها واخلاقها) .
تقول فاطمة العبدي في تدوينة فايسبوكية : (( هي جمر بداخلنا ومع ذلك يريدون اقصائنا من هذا الفعل لنموت)) .
كما تقول بثقة : ( أنا أكتب لأقول ... والقول كلام طيب يدق عاليا في وجه الألم والتحقير ...) .
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

سيرتها الذاتية

_ _ _ _ _ _ _

تحت عنوان جميل تكتب سهام الناصري :  ((فاطمة العبدي :اصدار أول ديوان لها بعنوان ”خبايا حروف الهجاء” ))

في (جريدة الحدث 24 ) :
(( المتألقة فاطمة العبدي سطعت نجمتها في سماء الشعر حبا ، كسبت شاعرتنا الجميلة قلوب الناس أبهرت القارئ بحبها الكبير في كل شطر وفي كل قصيدة سطرها قلبها قبل أن تسطرها أناملها الذهبية و بكل ما تحملها قصائدها من قوة في شعرها واخلاقها .
والجدير بالذكر ان شاعرتنا المتألقة فاطمة العبدي من مواليد 7 ماي 1966 بمدينة وزان ،تابعت دراستها بمدينة الخميسات ،حاصلة على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية ،فاطمة العبدي حريصة كل الحرص على مساهمتها الفعالة والقوية داخل العمل الجمعوي بحيث تعمل كعضوة نشيطة بالجمعية المغربية لخريجي الجامعات والمعاهد السوفياتية كما انها كاتبة العامة لجمعية تنمية الصداقة المغربية الروسية و مستشارة بجمعية الصداقة المغربية الأوكرانية. ))
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

بوح فاطمة العبدي بطعم المرارة

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

في نص أدبي معنون ب (الى من ينصبون أنفسهم قيميين على شأن الكتابة )، مفعم بالبوح والحزن والمرارة والتأسف على حال بعض الحساد ، تقول فاطمة العبدي : (الى من ينصبون أنفسهم قيميين على شأن الكتابة ، هؤلاء الذين لا زال يعشعش ((الفقيه )) بوزرواطة في عقولهم ،أولئك الذين يحسبون أنفسهم أوصياء على الناس او اولياء عليهم ،افرنقعوا عن ساحتي .) ...

وتناشدهم قائلة : (أيها القيمون على الفعل الكتابي ،أتركوا لي مساحة الحلم والحب انقضَوا على الألقاب والمناصب والكراسي واتركوا  لي حريتي في أن اخطط بدم القلب لمن يحبونني ويحبون فعلي الكتابي) ...
وتواصل : (( أعفيكم من القراءة أو الاستماع الي وحتى لا داعي أن تذكروا اسمي ، ولكن ارجوكم لا تهاجموني بنثر حمم الحقد والكره علي او على كتابتي ،فهي ملكي ونتائج وجعي لمجرد ، اني قد أزاحمكم في التعبير .))
فاطمة العبدي الهادئة والمتزنة لا تعرف الحقد : ( وبالمناسبة أنا لا احقد حتى على أولئك الذين غرسوا الشوك في قلبي ، لذا فإن توجوك بأعلى الألقاب سأكون اولى المدافعين للاحتفاظ بها لكم ).......
_ __ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

فاطمة العبدي والمساندة

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

مجموعة من الفاعلين والمثقفين تفاعلوا مع نص فاطمة العبدي ، وننقل بعض الارتسامات الصادقة التي تقف بجانب الشاعرة فاطمة العبدي :

نزهة الذهبي : (الكتابة حمم بركان يغلي بداخلنا، أكتبي ليتصاعد ذاك الدخان حروفا بردا وسلاما لروحك ولا تأبهي..) .
عبدو المجد : (عظيم الشأن قلم ان باح بسره،،، كتب على جدار الزمن انا كنت هنا... فاطمة العبدي اسرار من الحبر الملون على صفحاتنا نتطيب بها عطر الايام ونكحل فيها عيون البحث والحقيقة ... قلم شجاع حده حد السيف اذا قال فعل، واذا كتب، كان ثورة بلا دم... نعم هكذا انت كشعاع مسافر،، انطلق من المغرب ليعبر القارات .)
مجيد ديجام : (معك قلبا و قالبا في ما خطته يدك ، الكتابة حرية ، لا يراد بها إقناع الآخر و إنما هي جمر بداخلنا يحرق الأحشاء الى حين نفثه فنستريح .
اكتبي و لا تبالي و دعي للأصوات صداها يجيبها و توخي الرد ستحتاجينه لكتابات قادمة
لن يقيد أناملك أحد ... أشحذي جميع اقلامك و اكتبي حتى على الحيطان و لا تكتبي الا ما يشفي غليلك انت لا غيرك .)
منيرة خريشف : (اكتبي و اكتبي و اكتبي... لا تتوقفي .. حتى لا تتوقف الأرض عن الدوران)
نعيمة أناروز  : (  الكتابة هي حريتنا الشخصية ) .
عبد الكبير النافوري : (الكتابة بشكل عام بوح بالمكنون .. الكتابة ولادة قيصرية ، تتطلب التوفر على خزان من الحروف لا يأتي عبثا .. هي القراءة والكتابة فعل يومي عند الشعوب المتقدمة ... المتوقدة ... للأسف أحيانا تترصد الشموع المضيئة رياح عاتية ، ان وجدت الشموع داخل فضاء محمي ... فلا خوف عليها ... وان لم تتوفر على الحماية فهي تسير نحو النهاية قبل الأوان ... )
 محمد المودن : ( أهي الكتابة شيء آخر غير بوح بما نكنه من مشاعر وأحاسيس تتحدى أحيانا الخطوط الحمراء في حالة التمرد والمعارضة والصدق في القول ، فما للقيمين من نصيب للتدخل في ميتافيزيقا الكاتب ، متى استعبدتم الأقلام وقد أنجبتها الأمهات حرة لا تنطق على الهوى ... ) .
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

فاطمة العبدي وفعل الكتابة

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

تقول فاطمة العبدي : ( لم اترك الكتابة يوما فهي ملاذي الوحيد للانفجار والرفض ،هي حائط مبكاي .

الكتابة بالنسبة لي تخطيط بالروح ،بدم القلب وهكذا فعل طبيعي لا يحتاج الى قوالب معينة ليسمى كتابة .
الكتابة مخاض عسير ،لا يسكٍن وجعه الا جرعة مخدر كبير هو الانفجار بالحروف والتخطيط لتشهق شهقة مدهشة أخرى وأخيرة فترتاح ...)...
وبلهجة التحدي تقول : ( سأكتب دائما ولن تخيفني التهديدات ولا الحروب الوهمية المشبعة بالحقد ، أنا حرة على الأقل في منبري  ...).
يقول الشاعر انسي الحاج في قصيدة (ماذا صنعت بالذهب ، ماذا فعلت بالوردة؟):
( قولوا هذا موعدي وامنحوني الوقت.
سوف يكون للجميع وقت، فاصبروا.
اصبروا علي لأجمع نثري
زيارتكم عاجلة وسفري طويل
نظركم خاطف وورقي مبعثر
محبتكم صيف وحبي الأرض.
من أخبر فيلدني ناسيا
الى من أصرخ فيعطيني المحيط؟
صار جسدي كالخزف ونزلت أوديتي
صارت لغتي كالشمع وأشعلت لغتي،
وكنت بالحب ...)

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


خاتمة

_ _ _ _

يقول المثل القديم : ( الأشجار المثمرة ترمى بالحجارة) ...

ومحمود درويش يمشي بعيدا ويهتف بحكمة : ( سأحيا كما تشتهي لغتي أن أكون ... سأحيا بقوة هذا التحدي ) ...
أما محمد الماغوط فينتصر لفعل الكتابة ويقول :
(أضحك في الظلام
أبكي في الظلام
أكتب في الظلام
حتى لم أعد أميز قلمي من أصابعي
كلما فرع باب أو تحركت ستارة
سترت أوراقي بيدي ... )

ونحن نساند الكاتبة فاطمة العبدي في فعل الكتابة ...

ونقول لها على الدوام :
أكتبي ...
أكتبي ...
ثم أكتبي ...
وكل كتابة وفاطمة العبدي بألف كتابة واشعاع ...
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

مجدالدين سعودي - المغرب


_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _


النص الأدبي لفاطمة العبدي

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

(الى من ينصبون أنفسهم قيميين على شأن الكتابة

هؤلاء الذين لا زال يعشعش ((الفقيه )) بوزرواطة في عقولهم
أولئك الذين يحسبون أنفسهم أوصياء على الناس او اولياء عليهم ،افرنقعوا عن ساحتي .
أنا لا ابحث عن القاب رنانة ،ولا منصب يضعني فوق كرسي ابدي لا يفنى ،اومن بأن كل شيء فان لا محالة .وان الأرض تدور .
علاقتي بالكتابة منذ ثمانينات القرن الماضي ولي شهود لهم وزنهم في الفعل الشعري وسط الساحة الثقافية في البلاد .
ولي منشورات في عدة منابر وطنية آنذاك .
صحيح أني غبت عن الساحة بفعل تواجدي خارج البلاد و لتوجه مغاير تماما للأدب وبلغة اخرى حيث اني انصرفت لدراسة القانون الدولي شعبة العلاقات الدولية وبالتحديد تخصص المنظمات الدولية حصلت على ماجستير في العلاقات الدولية ولظروف خاصة لعب فيها الجانب البشري دورا مهما في الإقصاء من الاشتغال في مجال تخصصي ، وكذا بفعل صغر السن ونقص التجربة وغياب الحيلة فلقد ارتكنت بعيدا عن الألقاب . هذا لا يهم .
دخلت معترك الحياة بدون سلاح ، خبرت تجارب عديدة في مجال العلاقات الانسانية من اصغر نواة في المجتمع الى اوسعها . خرجت من أغلبها خاسرة منهزمة ومع ذلك كقط بسبع ارواح أنهض ثانية للركض خارج الهم والجراح هي طبيعتي ، هكذا متمردة ،مشتعلة او كما يقولون ((مافي نفس ))
مرات كثيرة كانت تراودني فكرة لعب دور تلك المرأة المنهزمة المظلومة وأنهزم داخل قوقعتي واضعة قدمي على حافة القبر في انتظار ملك الموت .لكني انتفض ،وأقفز عاليا متمردة رافضة لكل أشكال القيود والأغلال والنمطية .
لم اترك الكتابة يوما فهي ملاذي الوحيد للانفجار والرفض ،هي حائط مبكاي .
الكتابة بالنسبة لي تخطيط بالروح ،بدم القلب وهكذا فعل طبيعي لا يحتاج الى قوالب معينة ليسمى كتابة .
الكتابة مخاض عسير ،لا يسكٍن وجعه الا جرعة مخدر كبير هو الانفجار بالحروف والتخطيط لتشهق شهقة مدهشة أخرى وأخيرة فترتاح .
وعندما يقبل أصدقاء أو أولئك الذين يشهدون هذه الولادة لأول مرة ويباركون لك لأنهم ذرفوا دمعا أو استشاطوا ضحكا وهم يقرئونك، فهذا هو الأجمل وأرقى ال5ولادات ... آنذاك تشعر بجمال الحياة ، هناك أناس يحبونك وهم حتى بدون سابق معرفة بك، يدافعون عنك، انه الحب . شعور انساني لا يوصف ولكنك تشعر بدغدغاته في روحك التي لن تستطيع القبض عليها ودغدغتها .
وأنا انشد الحب لأني اعرف أن عمر الحب قصير ينتهي بمجرد أن تصعد روحك الى السماء ... ما تبقى في الحياة مجرد خرافات واهية .
لذا أيها القيمين على الفعل الكتابي ،أتركوا لي مساحة الحلم والحب انقضَوا على الألقاب والمناصب والكراسي واتركوا  لي حريتي في أن اخطط بدم القلب لمن يحبونني ويحبون فعلي الكتابي .
كتاباتي قد تشوبها أخطاء إملائية او لغوية يصححها لي أصدقاء أعرف أنهم يحبونني ، قد لا تكون في مقاس التفعيلات والقواعد ولكن ابدا لا تخطئ التعبير عن ما يشعل في روحي الحياة وأبدا لا اطعن في صدق مشاعر أصدقائي واحبائي في تفاعلهم مع ما انتجه .
أولئك الذين لا يستطعمون ما أنتجه ،الذين يشعرون بالركاكة والقبح وربما حتى البشاعة فيما أكتبه وقد ينعتونه بالهجين ، أعفيكم من القراءة أو الاستماع الي وحتى لا داعي أن تذكروا اسمي ، ولكن ارجوكم لا تهاجموني بنثر حمم الحقد والكره علي او على كتابتي ،فهي ملكي ونتائج وجعي لمجرد ، اني قد أزاحمكم في التعبير .
وبالمناسبة أنا لا احقد حتى على أولئك الذين غرسوا الشوك في قلبي ، لذا فإن توجوك بأعلى الألقاب سأكون اولى المدافعين للاحتفاظ بها لكم .......
سأكتب دائما ولن تخيفني التهديدات ولا الحروب الوهمية المشبعة بالحقد ، أنا حرة على الأقل في منبري  ...)).
فاطمة العبدي   6 يونيو2019
مراكش
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

الاثنين، 4 مارس 2019

بقلم الدكتور رمضان الحضري

مضى عقد من الزمن على هذه المقالة
ليس فيها جديد سوى الصور الشخصية . 

لاتعشقيني في المنتصف تماما
****
هذا نص جديد في الشعرية العربية ولأول مرة أقرأ لصاحبه شعرا ، ولا أشك لحظة في أنه أزهري قرأ الثقافة الأوربية ، أما لماذا هذا التوصيف فهو أمر يعنيني أنا شخصيا في التحليل ، وربما لا يعني القاريء .
فالشاعر رقيق في تقطيع الورود ، ومراقصة الكلمات الفصيحة ، فهو يكتب كلماته بدم متفجر ، ويراقصها بعصى أبنوس .
أذهلني أن أجد شاعرا بقامة نزار قباني وفكر محمود حسن إسماعيل وبراءة إبراهيم ناجي ، كل هؤلاء يقفون أمام عيني وهي تقرأ هذا النص
حتى ظننت بأن الشاعر على مقربة من جميع هؤلاء الشاعر ، مما جعلني أعود للأعمال الكاملة لشعر نزار قباني ، وأعود لدواوين ناجي ومحمود حسن إسماعيل ، فلربما هدتني القراءة إلى حل لغز هذا الاشتباه .
وليست كل المشكلات تجد حلولا في القراءة ، يبدو أن خبراته مختلفة ، ولكن الاشتباه لازال قائما في عقلي .
وصف مرة الدكتور النفسي العظيم عبدالعظيم فراج لمريض عنده أن يضع قروشا معدنية في قصعة حديدية ويظل يعبث بها حتى ينام ، فلما سألته ، هل هذا العلاج من واقع الكتب العلمية ؟ فأدهشني حينما قال : وهل العلم سوى مفتاح يفتح لك الباب حتى تدخل لتبحث عما يناسبك وتترك ملا يناسب ، إن فهمنا للعلم فهم مغلوط ، فالعلم وسيلة مهمة جدا ، لكن الأهم منه هو كيفية الاستنباط منه .
هذا النص على تفعيلة المتدارك ، وتأتي فعولن وفعول ، وليس التلوين الموسيقي عجزا من الكاتب ، بل إنه يلون عامدا متعمدا مع سبق الإصرار
بل يسكن بعض الكلمات عامدا متعمدا لتأتي فعولن على فعول فقط ، ولذا فموسيقاه نقية في روحه وإن ظن بعض اللغويين ضعفا في لغته ، وهو متحدث لبق للغاية دون معرفة سابقة له ، وعنيد لين ، ولينه لاينكسر .
ويبدو لي أن هذا الشاعر ظاهرة شعرية مختلفة تقف في المنتصف تماما بين ماقيل من شعر وما سيقال ، وهذا تفسيري للعنوان ، فالقصيدة التي استظل بها الآن بها مشاعر عربية وغربية ، أو فلنقل بها مشاعر إنسانية ، هذه المشاعر لاتتضح في الموسيقى ولا التصوير بقدر ما تتضح في نزيف الكلمات المتوالي ، فهو يقف بين الحب وبين الذكريات القديمة ، وتبدو لي نقطة الوقوف في المنتصف تماما ، وبين الإقدام والتراجع في المنتصف تماما ، وبين اللذة والألم في المنتصف تماما ، ونقطة المنتصف تعني الوعي الكامل ، والمشاهدة التامة لما يدور بداخله من إدراكات سابقة ، ووجدان بني على هذه المدركات ، ونزوع إلى نقطة المنتصف ، وهي منطقة الصراع ، ويتضح ذلك من بداية العنوان ( لا تعشقيني ) ، وهو عنوان مثير للدهشة ، وتأتي المبررات جلية منطقية جمالية مقنعة ، وهذا ما يجعل ذلك الشاعر فاصلة كبرى في نظري ، ولنبدأ بشكل مدرسي في قراءة هذا النص الغريب ،
 حيث يقول الشاعر عبدالعزيز جويدة : 

قُلوبٌ تَميلْ
وقُربي إليها مِنَ المُستَحيلْ
لأنِّي جَريحْ
وأشتاقُ يومًا لأنْ أستريحْ
فلا تَخدَعيني بِحُبٍّ جَديدْ
لأنِّي أخافُ دَعيني بَعيدْ
وإنْ تَعشَقيني
فلا شَيءَ عِندي لِكي تَأخُذيهْ
وما أنا شَيءٌ
ولا قلبَ عندي لكي تَعشَقيهْ
فقد تَندمينَ
وتَمضينَ عنِّي
وفي القلبِ سِرٌّ ولن تَعرِفيهْ
فإنيَ وَهمٌ
وقلبي خَيالٌ
وحُبي سَيبقَى بَعيدَ المَنالْ
فلا تَعشَقيني لأني المُحالْ
وإنْ تَعشقيني
فهل تَعرِفينَ أنا مَنْ أكونْ ؟
أنا الليلُ حِينَ طَواهُ السكونْ
فلا أنا طِفلٌ
ولا أنا شَيخٌ
ولا أنا أضحَكُ مثلَ الشبابْ
تَقاطيعُ وَجهي خَرائطُ حُزنٍ ،
بِحارُ دُموعٍ ، تِلالُ اكتِئابْ
فلا تَعشَقيني لأني العَذابْ
إذا قُلْتُ يَومًا بأنِّي أُحبُّكْ
فلا تَسمَعيني
فَحُبِّي كَلامْ
وحُبي إليكِ بَقايا انتِقامْ
لأنِّي جَريحْ ..
سأشتاقُ يَومًا لكي أستَريحْ
وأرغَبُ يَومًا أرُدُّ اعتِباري
وأُطفئُ ناري
فَأقتُلُ فيكِ العُيونَ البريئةْ
فَلا تَعشَقيني لأنِّي الخَطيئةْ
دَعينيَ أمْضِ ودَاري دُموعَكْ
لأنِّي أخافُ سأرحَلُ عَنكِ
وقلبي السَّفينَةْ
أجوبُ بِقلبي الليالي الحَزينَةْ
فعُذرًا لأنِّي سأمضي وَحيدًا
سَأمضي بعيدًا
وإنْ عُدْتُ يَومًا
فقولي بأنَّكِ لا تَعرِفيني
فَقلبي ظَلامْ
وحُبي كَلامْ
ومازِلتُ أرغَبُ في الانتِقامْ
ومفاتيح القصيدة في كلمات معدودة هي ( دعيني بعيد _ فلن تعرفيه _ لأني المحال _ لأني العذاب _ بقايا انتقام _ لأني الخطيئة _ ومازلت أرغب في الانتقام ) .
وهذه الكلمات منطقية متراتبة على بعضها البعض ، فيطلب الشاعر ممن تهواه أن تتركه ليبقى بعيدا ، لأنها لاتعرف كيف يكون وجده ، ومحال أن يكون بينهما حب صادق يحمل السعادة لأن ما بداخله عذاب ، وربما ينتقم من جنس من عذبوه ، حتى ظن نفسه خطيئة في هذا الوجود ، فالبعد أفضل لأنه يشعر أن داخله مايزال يحتوي على جذور الانتقام المشتعلة .
أما لحظة الانفجار في النص حينما يصرخ ويعترض ويثور ، وهو يشعر القاريء بكمية البراكين المتفجرة داخله حينما يقول : _
وإنْ تَعشقيني
فهل تَعرِفينَ أنا مَنْ أكونْ ؟
أنا الليلُ حِينَ طَواهُ السكونْ
فلا أنا طِفلٌ
ولا أنا شَيخٌ
ولا أنا أضحَكُ مثلَ الشبابْ
تَقاطيعُ وَجهي خَرائطُ حُزنٍ ،
بِحارُ دُموعٍ ، تِلالُ اكتِئابْ
فلا تَعشَقيني لأني العَذابْ
إذا قُلْتُ يَومًا بأنِّي أُحبُّكْ
فلا تَسمَعيني
فَحُبِّي كَلامْ
وحُبي إليكِ بَقايا انتِقامْ
ثورة عارمة قوية للغاية ، فهو يصور نفسه ليلا مغلقا بمفاتيح السكون ، فهو ليل ظلامه لن ينجلي ، ولذا فهو لن يستطيع أن يتعرف على ملامحه ، هل هو طفل أم شيخ ؟ ولا وسط بينهما ، وعادات الطفولة قد تشبه إلى حد كبير عادات الكهولة ، كيف يكون الطريق في الليل المغلق بالسكون ، فلا تستطيع أن تفتحه الكلمات ولا تسطيع أن تدخله النجوم ، وتتجلى الثورة في كثرة اللاءات ( فلا أنا ولا أنا ولا أنا ) ، فالوجه خرائط للحزن ، والقلب تل للاكتئاب ، والعين بحار للدموع ، فمن يحتمل هذا العذاب ؟
يمكنني أن أدرك بفطرتي هذه الحالة التي لم يسبق لي أن جربتها ، ولكن الشاعر يجعلني أتكامل معه في هذه التجربة ، نعم جعلني أشعر بمرارات المهزوم الذي جاءته فرصة الانتقام لكنه يستجيب لنداء الإنسان بداخله ، فيبرر لمن يستطيع أن يكسره ، لماذا لا أريد أن أحطمك ، وجنسك هو من حطمني ، نعم هو رقي الخلق المبني على مصارحة الذات قبل مصارحة الآخرين .
هذا شاعر بالفطرة ، يرمي حجرا فيصيرا مدفعا ، ويلقي بسمة فتزرع بستانا ، ويكتب كلمة فتظهر النجوم في الظهيرة ، يفطن الشاعر أن المنتقم هو من يعتمد على الكلام لا على الأفعال ، فحبي كلام ، وحبي بقايا انتقام ، فهنا تشابه الأدوات وتشابه 
( الكلام والانتقام ) ، وتراتبها ، وبعبارة أخرى قد يكون الكلام انتقاما وقد ينتج الانتقام من كلام نظنه حبا .
منذ سنوات قليلة سعدت بلقاء نزار قباني في معرض القاهرة الدولي للكتاب ، ربما سعادتي ستكون أكثر إذا كتب الله لي أن ألتقي هذا الشاعر المفطور ، نعم هو مكتوب على وجهه شاعر 
كبير ، وأظن أن شعره قد يغير مسارات كثيرة في الشعرية العربية ، فيمكننا أن ننقلها من الكلمات الجمالية ، ومن الأزمات الموسيقية إلى ثمرات مفيدة للمجتمع ، نعم يمكن لهذا الشاعر أن يجعل قصائده ثمارا غضة مفيدة .

بقلم الدكتور رمضان الحضري