الخميس، 19 ديسمبر 2019

محمد اديب السلاوي

ماهي مفاهيم وقيم التنمية التي نسعى إليها...؟ .

حتى الآن، وبعد ستة عقود من حصوله على استقلاله، يدرك المغرب انه مازال خارج أوفاق وشروط وقيم التنمية، حيت ظلت اختياراته التنموية، معرضة باستمرار لفشل السياسات الحكومية، لأسباب متعددة، منها ما يتعلق بتوجهات الابناك الدولية المانحة، ومنها ما يتعلق بالتوجهات الامبريالية التي ظلت تدفع المغرب المستقل نحو التبعية والانغلاق والإبقاء على الهشاشة والتخلف العميق.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم على المغرب الراهن، بعدما تم تأسيس لجنة موسعة من الخبراء والمثقفين والمهتمين لإعداد نموذج تنموى لائق بالبلاد والعباد، ما هي "التنمية" التي يسعى إليها المغرب الراهن / مغرب عصر العولمة / مغرب عصر التكنولوجية / مغرب الألفية الثالثة...؟
التنمية في قواميس اللغة العربية، المختلفة هي: النماء، والزيادة والإكثار، وهي كلمات في نظر علماء اللغة تعبر عن نفسها بنفسها، ولا تحتاج إلى شرح أو تفسير.
والتنمية في اللغة الإنجليزية، يختلف مفهومها عن اللغة العربية، حيث يشتق لفظ التنمية من "نمى" بمعنى الزيادة والانتشار، أما لفظ "النمو" من "نما" ينمو فإنه يعني الزيادة ومنه ينمو نموا، وإذا كان لفظ النمو أقرب إلى الاشتقاق العربي الصحيح، فإن إطلاق هذا اللفظ على المفهوم الأوروبي يشوه اللفظ العربي. فالنماء يعني أن الشيء يزيد حالا بعد حال من نفسه، لا بالإضافة إليه. وطبقا لهذه الدلالات لمفهوم التنمية فإنه لا يعد مطابقا للمفهوم الإنجليزي developmentالذي يعني التغيير الجذري للنظام القائم واستبداله بنظام آخر أكثر كفاءة وقدرة على تحقيق الأهداف، وذلك وفق رؤية المخطط الاقتصادي في البلدان الصناعية وليس وفق رؤية جماهير الشعب أووفق مصالحها الوطنية بالضرورة.
وفي الفكر الإسلامي، تعبر التنمية عن الريادة المرتبطة بمفهوم الزكاة، الذي يعني لغة واصطلاحا الزيادة والنماء الممزوجة بالبركة والطهارة، ويسمى الإخراج من المال زكاة وهو نقص منه ماديا بمعايير الاقتصاد، في حين ينمو بالبركة، وهو ما يختلف لغة وموضوعا، مع مفهوم التنمية development ذو البعد الدنيوي، الذي يقاس في المجتمعات الغربية بمؤشرات اقتصادية مادية في مجملها.
وفي الفكر الأوروبي، التنمية هي العلم حين يصبح ثقافة، والثقافة كاللغة والعادات والتقاليد والمعتقدات، هي تؤطر التفكير والسلوك الإنساني الواعي، لتصبح عملية تنموية. ولا يمكن ان يحدث ذلك خارج شروطه الموضوعية، وأهمها البحث العلمي، الذي يجعل من التنمية قاعدة في سياسات الدولة الديمقراطية، لا استثناء.
في الدراسات الأكاديمية، يعود هذا المصطلح/ التنمية، إلى الاقتصادي البريطاني البارز آدم سميت في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، وحاليا يعد هذا المصطلح، من أهم المفاهيم التي طبعت الحياة السياسية والاقتصادية في العالم، خلال القرن الماضي بعدما ارتبط بعملية تأسيس نظم اقتصادية واجتماعية وسياسية جديدة، متماسكة، ومترابطة مع العديد من المفاهيم الأخرى، في مقدمتها مفاهيم التخطيط والانتاج والتقدم.
هكذا ارتبط مفهوم التنمية في العصر الحديث، بالعديد من الحقول المعرفية، ليحتل في الدراسات الأكاديمية، كما في الإعلام والعلوم الاجتماعية والسياسية مساحة واسعة، ترتبط أساسا بالفاعلية الاقتصادية/ السياسية/ الثقافية في الدول النامية كما في التي هي في طريق النمو.
وهذه أهم مفاهيم هذا المصطلح/ التنمية، من خلال أقطابها.
1/ التنمية السياسية،وتعرف بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوروبية، تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية، وترسيخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية.
وتعرف التنمية السياسية/ بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية، ويقصد بهذا المستوى، إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوروبية، التي تحقق النمو الاقتصادي بالآليات الديمقراطية.
2/ التنمية البشرية هي اعتبار الإنسان محور كل عمل تنموي، وتربية الإنسان على معرفة ذاته؛ معرفة حدوده وممكناته، وتربيته على تنمية مهاراته الذاتية، وتربيته على الخلق، والإبداع، والحرية، ومقومات الكرامة الإنسانية.
ويعد مفهوم التنمية البشرية حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"  بأنها  توسيع  الخيارات  المتاحة لجميع الناس في المجتمع. ويعني ذلك أن تتركز عملية التنمية على الرجال والنساء وبخاصة الفقراء والفئات الضعيفة. كما يعني "حماية فرص الحياة للأجيال المقبلة... والنظم الطبيعية التي تعتمد عليها الحياة" (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية لعام 1996). وذلك يجعل الهدف المحوري للتنمية البشرية  يتمثل في خلق بيئة يمكن أن يتمتع فيها الجميع بحياة طويلة و صحية و مبدعة.
ومن أبرز الاستنتاجات والملاحظات التي تسجلها التقارير الدولية عن القصور الكمي للأداء التنموي (التنمية البشرية) في الدول المتخلفة.
- ارتفاع الإعالة والبطالة في أغلب الدول السائرة في طريق النمو.
- الارتفاع الكبير في نسبة الأمية بين الكبار في هذه الدول.
- تخلف سياسات التعليم العالي بها.
- تدني الانفاق في مجال الرعاية الصحية بها.
- جمود أداء الصناعة التحويلية بها.
- ارتفاع الخلل في ميزانها الغذائي بين الانتاج والاستهلاك
- استمرار الحجم المرتفع (المطلق والنسبي) لإنفاقها العسكري
- التدني المطلق للبحث العلمي بها.
- ارتفاع مديونيتها الخارجية
3/ التنمية الثقافية، وتسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وتطوير تفاعلاته المجتمعية بين أطراف المجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، المنظمات الأهلية. وجعل الثقافة فاعلا أساسيا في حياة الأمة.
4/ التنمية الاقتصادية، ويقصد بها دفع الانتاج في الدولة بشتى صوره للرفع من المستوى المعيشي لمجموع السكان، فهي تعني تحقيق زيادة ملحوظة في الدخل القومي، وفي نصيب كل فرد من أفراد الشعب.
ويستخدم مفهوم التنمية  Developmentفي علم الاقتصاد من طرف الخبراء للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، ليصبح المجتمع قادرا على الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد ذلك الاستغلال.
5/ التنمية المستدامة، وبرز هذا المصطلح خلال ثمانينيات القرن الماضي في الكتابات المعنية بمشاكل البيئة وعلاقتها بالتنمية ، وقد كان تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية الذي نشر عام 1987 تحت عنوان "مستقبلنا المشترك" أول من قدم تعريفا لمصطلح التنمية المستدامة على أنها فى أبسط صورها تتمثل فى "تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على الحياة والبقاء"، ويعني ذلك، التوزيع المناسب والعادل للموارد، والحقوق والثروات بين الأفراد على مر الزمن، والمساواة المتبادلة بين الأجيال المختلفة وبين أفراد الجيل الواحد، ويرتكز مفهوم المساواة بين الأجيال على فرضية أنه على الجيل الحاضر التأكد من الحفاظ على العوامل اللازمة لضمان جودة الأحوال الصحية والتنوع البيولوجي وإنتاجية الموارد الطبيعية أو زيادتها لمصلحة الأجيال القادمة.
وفي القواميس الاقتصادية الحديثة، يشير مصطلح التنمية المستدامةإلى التنمية (الاقتصادية والبيئية، والاجتماعية) والتي تُلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة. والتنمية المستدامة ليست حالة ثابتة من الانسجام، وإنما هي عملية تغيير وإستغلال الموارد، وتوجيه الاستثمارات، واتجاه التطور التكنولوجي، والتغييرات المؤسسية التي تتماشى مع الاحتياجات المستقبلية فضلاً عن الاحتياجات الحالية.
ورغبة من بعض الخبراء المختصين في جعل مفهوم التنمية المستدامة أقرب إلى التحديد، وضعوا تعريفا ضيقا لهذا المفهوم، ينصب على الجوانب المادية للتنمية المستدامة. ويؤكد هؤلاء الخبراء على ضرورة استخدام الموارد الطبيعية المتجددة بطريقة لا تؤدي إلى فنائها أو تدهورها، أو تؤدي إلى تناقص جدواها "المتجددة" بالنسبة للأجيال المقبلة. وذلك مع المحافظة على رصيد ثابت بطريقة فعالة أو غير متناقضة مع الموارد الطبيعية، مثل التربة والمياه الجوفية والكتلة البيولوجية.
لذلك، تركز بعض التعريفات الاقتصادية للتنمية المستدامة على الإدارة المثلى للموارد الطبيعية، والتركيز على "الحصول على الحد الأقصى من منافع التنمية الاقتصادية، بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية ونوعيتها".
ومع أن هذه التعريفات المفاهيمية تخلط بين التنمية الاقتصادية Le développement  والنمو الاقتصاديLa croissance ؛حيث يتم النظر إلى  هذا الأخير، على أنه ضروري للقضاء على الفقر وتوليد الموارد اللازمة للتنمية  وبالتالي للحيلولة دون مزيد من التدهور في البيئة. فإن قضية التنمية المستدامة ستظل قضية نوعية للنمو وكيفية توزيع منافعه، وليس مجرد عملية توسع اقتصادي لا تستفيد منه سوى أقلية من الملاكين الرأسماليين. فالتنمية المستدامة تتضمن مفاهيمها، تنمية بشرية وبيئية شاملة والعمل على محاربة الفقر عبر إعادة توزيع الثروة.
هكذا، وبعد أن انتهت المؤسسات الأكاديمية من صياغة المفاهيم العلمية الاقتصادية والسياسية والثقافية للتنمية في مطلع القرن الماضي، دفع المنتظم الدولي إلى بحث سبل تكريس هذه المفاهيم وجعلها حقا إنسانيا ثابتا في المواثيق الأممية، فأنشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي بهيئة الأمم المتحدة في عام 1981 فريقا عاملا من الخبراء الحكوميين معنيا بالحق في التنمية، أوعز إليه بدراسة نطاق ومضمون الحق في التنمية، وأنجح السبل والوسائل لتحقيقها في جميع البلدان كحق من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وطلب من هذا الفريق أن يولي اهتماما خاصا للمعيقات التي تواجهها البلدان "النامية" في سعيها لتأمين التمتع بحقوق الإنسان.
وفي الفترة ما بين سنة 1981 وسنة 1984، صاغ فريق العمل الأممي، نصوصا للإعلان عن الحق في التنمية، وهي نفسها التي اعتمدتها الجمعية العامة للأم المتحدة في 4 دجنبر 1986 وعهدت إلى لجنة حقوق الإنسان بمهمة دراسة التدابير اللازمة لتعزيز الحق في التنمية.
وكان إعلان الحق في التنمية يشكل في العقد الأخير من القرن الماضي، قفزة نوعية في اتجاه تعزيز وتشجيع احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين.
فديباجة هذا الإعلان، تنص بأن التنمية عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم النشطة والحرة والهادفة، في التنمية وفي التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها.
فالتنمية كحق من حقوق الإنسان في مفهوم هذا الإعلان، هي أمر يتخطى بكثير الزيادات المستمرة في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، فالتنمية مفهوم متعدد الوجوه يشمل البشر ككل، إناثا وذكورا على السواء، في جميع الجوانب المتعلقة بالحقوق الأساسية، سواء كانت هذه الحقوق اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية.
وخارج كل الجهود السياسية والعلمية التي بذلت في القرن الماضي، من أجل بلورة مفاهيم التنمية على الأرض، سيظل مصطلح التنمية، مصطلحا نابعا من أوضاع الدول المختلفة، والتي هي في طريق النمو.
تقول مصادر التاريخ السياسي للعالم الحديث، أن التنمية، بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت مصطلحا ومفهوما يرتبط بالسياسيات الاقتصادية في الدول السائرة في طريق النمو، على اعتبار أنها تهدف إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي إلى جانب الاستقلال السياسي لهذه الدول، فالتحرر من التبعية الاقتصادية في نظر علماء التنمية، لا يتحقق إلا بتنمية جميع مصادر الدخل في الدولة النامية، بعد دراسة وتخطيط شامل في حدود الإمكانات المتاحة لها، أو القضاء على عوامل الإعاقة برفع المستوى الثقافي، ومتابعة التقدم التكنولوجي، أو الحد من النمو السكاني، والحد من الإسراف أو الكشف عن مصادر الثروات الموجودة في البلاد.
لذلك حولت المنظمات السياسية والاقتصادية، والبنوك والمؤسسات الاستثمارية الدولية، هذا المصطلح/ التنمية، إلى حق من حقوق الإنسان، وبالتالي إلى سياسة تلجأ إليها الدول النامية لكي تتخلص من التبعية الاقتصادية للأجنبي، وتتحول إلى الإنتاج الصناعي، من مؤشراتها ارتفاع مستوى الإستهلاك الفردي، وتوزيع اليد العاملة على كافة القطاعات الاقتصادية، ونمو القطاع الصناعي، تحسين قطاع الخدمات والمواصلات، وتراكم رأس المال، وتدريب التقنيين والأجهزة الإدارية، على المخططات الإنمائية، وازدياد حجم المشاريع الاقتصادية.
والتنمية على هذا المستوى يمكنها أن تؤدي إلى تنمية اجتماعية/ بشرية/ اقتصادية/ اجتماعية/ ثقافية شاملة، إلا أنها تتطلب توجيه مجمل الموارد المادية والبشرية نحو زيادة مجمل الإنتاج القومي، ونحو الرفع من إنتاج الفرد في المجتمع، وقبل ذلك وبعده، تتطلب هذه التنمية، التحول من الإنتاج البدائي الذي يعتمد على الزراعة والتعدين ورعاية الثروة الحيوانية، إلى الإنتاج الصناعي، دون التخلي عن هذا الصنف العتيق من الإنتاج، وهو ما يتطلب علميا التخطيط الاقتصادي السليم/ تكوين رؤوس أموال عينية بتشجيع الإدخار القومي/ متابعة التقدم التكنولوجي أو إقامة مراكز للتدريب متخصصة في التكنولوجيات الحديثة.

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019

بقلم 🖊 ياسين حسن


يحتفل العالم بعد غد 18 ديسمبر  باليوم العالمي للغة العربية..نحن نحتفل بهذا اليوم تكريما وتشريفا للغةالقرآن ، لكن نتمنى أن لا يكون اليوم العالمي للغة العربية مناسبة نتذكر فيها اللغة يوماً في العام وننساها باقي الأيام، مسؤوليتنا لا تنتهي بمجرد الاحتفال بهذه اللغة بل يجب علينا جميعا حكاما وشعوبا أن نهب لحماية هذه اللغة والحفاظ عليها، لغتنا العربية تستحق أكثر من مجرد يوم عالمي، قد لا أبالغ إذا قلت إن وحدتنا تكمن في الحفاظ على اللغة العربية لغة ديننا و حضارتنا ، لذا علينا أن نحاول زَرْع حب اللغة العربية في قُلوب أبنائنا وشبابنا وفي مَن حولنا ، فلتكن غايتنا رضى الله الذي أنزل القرآن بلسان عربي مبين ، وقد فضل الله اللغة العربية على سائر اللغات باعتبارها لغة القرآن ، إنني أتعجب كيف ينصرف شبابنا وشاباتنا إلى الحرف اللاتيني مع أن المتفق عليه عالمياً هو جمالية الحرف العربي ، وهذا لا يعني أنني ضد تعليم اللغات الأجنبية ، بالعكس، ينبغي أن نستفيد من خبرات الآخرين شريطة أن لا نتنازل عن لغتنا العربية الجميلة ، نحن لا ننكر أن اللغة الإنجليزية لغة العالم بلا جدال، وهي الأوسع انتشارا، كما أنها لغة العلم والتكنولوجيا ، لكن من المؤسف والمحزن أن نجد اليوم من يقول من أبناء جلدتنا أنّ اللغة العربية سبب تخلفنا ، فاللغة لا يمكن أن تكون سببا في تخلف المجتمع ، العقول التي لا تخترع ولا تبدع هي العاجزة عن مسايرة العصر ومواكبة التطورات ، هناك شعوب تقدمت تقدماً مذهلاً تكنولوجيا وعلمياً وطبياً دون استخدام كلمات انجليزية أو فرنسية، كالصينيين ، واليابانيين، والكوريين ، لذلك أود أن أقول، هل العيب في لغتنا أم فينا ؟ رحم الله المفكر الكبير و‫العالم ذو البصيرة الثاقبة"‬ المهدي المنجرة" الذي قال، لا يتقدم شعب بلغة شعب آخر، وقال أيضا : لا توجد أي دولة في العالم انطلقت في المجال التكنولوجي دون الإعتماد على اللغة الأم ...يبلغ عدد كلمات اللّغة العربية أكثر من 12 مليون و300 ألف كلمة ، أما اللغة الأنجليزية 600 ألف كلمة والفرنسية 150 ألفا فقط ، لو جمعت لغات العالم تبقى اللغة العربية الأوسع والأشمل منهم جميعا ، باعتراف الغرب ، كان العرب ولغتهم مصدرا وآلية للتواصل ونقل العلوم إلى الغرب لمدة لا تقل عن سبعة قرون ، اللغة العربية ، هي المنبع لكل اللغات وهي أم اللغات ، فيكفي أن الله سبحانه قد شرفها لتكون لغة كتابه الكريم ، ولغة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .

بقلم 🖊 ياسين حسن 


محمد أديب السلاوي

أسئلة مخيفة عن أوضاعنا المخيفة...



 ماذا يمكن أن يحدث ببلد متخلف، يعاني من الفساد المالي، ومن فساد الإدارة  ومن البطالة والفقر والأمية ومن الجفاف وشح المواد الغذائية وغلاء الأسعار وتدني الأجور... في ظل سياسات حكومية فاشلة ومتراجعة...؟ 
 ماذا يمكن أن يحدث ببلد يعاني من الفساد الحزبي/ الفساد الانتخابي/ الفساد المالي/ الفساد الاجتماعي، يعاني من شراسة الهاجس الأمني، ومن شراسة القرارات الفوقية. ومن تحديات المعطلين، ومن تردي الحريات العامة وحقوق الإنسان وحقوق المواطنة...؟

 ماذا يمكن أن يحدث ببلد، يلتقي على أرضيته غضب الجياع، وغضب العاطلين، وغضب المأجورين، وغضب النقابات، وغضب الأطفال العاملين، وغضب أطفال الشوارع، وغضب التلاميذ المطرودين من المدارس، وفساد السياسات الحكومية، على صعيد واحد...؟
 ماذا يمكن أن يحدث إذا التقى كل ذلك بظروف دولية، اقتصادية، سياسية بالغة الصعوبة، يقترن فيها الجوع والتخلف وفساد السياسات في هذا القطر، بانتفاضات وثورات ذلك الآخر..؟

 لا أريد الإجابة عن هذه الأسئلة، ولا أسعى إليها، فذلك شأن المختصين. ولكن إشكالية الفساد المالي، وإشكالية الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار وتدني الأجور وتوسع دائرة الفقر والبطالة والتهميش، أصبحت تفرض نفسها على البلاد والعباد. وأصبحت تفرض على الصحفيين والكتاب والمفكرين والسياسيين والنقابين، الذين ينخرطون في المعارضة، والذين يملكون القرار، سؤالا واسعا، كيف التصدى لها، ولو من باب التذكير والاستئناس. 

 ومعروف أن مشكلة الغذاء وحدها، وبعيدا عن السلبيات المؤثرة الأخرى، كانت وما تزال تحظى بأهمية قصوى لدى جميع دول العالم، وزاد الاهتمام بها في العقود الأخيرة، بعد تأزم الموقف الغذائي العالمي، وتزايد الطلب على الغذاء والمنتجات الزراعية، في مناطق عديدة من الأرض. 

 فلم تعد هذه المشكلة، اقتصادية فقط، وإنما أصبحت إلى جانب قضايا الفساد، تشكل أبعادا أخرى، سياسية وأمنية في غاية الخطورة على الدول الفقيرة التي أصبحت بفعل السياسات الفاشلة المتعاقبة تستورد الغذاء من الدول التي أخذت تستعمل هذا الأخير سلاحا لا تصدره إلا بشروط مؤثرة، وهو ما يعني بوضوح أن الاعتماد على استيراد الغذاء يجعل الأمن القومي عرضة للخطر في أية لحظة ... وفي أي بلد.

 الغريب في الأمر، أن حكومات العديد من البلاد المتخلفة/ الفقيرة، جعلت في العقود الأخيرة، من الأمن الغذائي/ الاكتفاء الذاتي في التغذية، شعارا لسياساتها وبرامجها ومبادراتها. لأن الهدف من التنمية كان وما يزال في كل الأقطار والامصار، يتمحور  حول قضية الأمن الغذائي، لما لهذا القطاع من خطورة بالغة على ظاهرة الاستقرار السياسي داخليا وخارجيا، فهذا الأمن الذي يعني بوضوح، اكتساب القدرة الإنتاجية الذاتية القابلة للنمو والتطور تسمح للمواطن بمستوى معيشي لائق كريم، وتؤمن حاجاته من المواد الغذائية الضرورية، لا يقل أهمية عن الأمن العسكري، فكلاهما يحمي الوطن من الانهيار، ومن الاندثار، ومن السقوط .

 إن الأمن الغذائي، أصبح يكتسي أهمية قصوى في الظرفية المحلية/ الدولية الراهنة، ومن أجل تحقيقه وفق شروطه الموضوعية، كان لابد لبلد كالمغرب، ينتمي إلى منظومة العالم الثالث، من بناء إستراتيجية زراعية متطورة ومدروسة، تقوم على فهم عميق لأبعاد الأمن الغذائي وإشكالاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فهذا الأمن يعني في المفاهيم ( السياسية/ الاجتماعية/ الاقتصادية ) تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، تأسيسا على قدرة المجتمع على تحقيق ذلك، بموارده وإمكاناته الذاتية، أي بقدرته على إنتاج كل احتياجاته الغذائية محليا. 
 و يشترط الأمن الغذائي في زمن العولمة، وتحرير التبادل التجاري، بجعله خيارا استراتيجيا لا تنازل عنه، مهما كلف ذلك من ثمن ومن تضحيات، لما له من علاقة بالأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. 

 وإذا كانت حكومات العالم الثالث، في النصف الثاني من القرن الماضي، قد رفعت شعار الأمن الغذائي، وأمضت أيامها بسلام، وانسحبت، لتترك مكانها لحكومات أخرى، تبدأ من جديد في رفعه واتخاذه خريطة طريق. فإن حكومات الألفية الثالثة، التي صادفت وضعية دولية مخالفة، لربما لسوء حظها، جاءت في وقت، لا تستطيع لا الشعارات، ولا عصا الأمن الغليظة، ولا إحسان الدول الشقيقة والصديقة، ولا استرحام قلوب الدول الغنية، ولا إخفاء رؤوس وزرائها المسؤولين في الرمال ، إخراجها من الورطة، أو تمرير هذه المرحلة، ذلك لأن وضع العالم اليوم، يختلف عن وضعه بالأمس. 

 فبسبب الأخطاء التي ارتكبتها سياسات العالم الثالث في الماضي، خاصة قبل ظهور القطبية الأحادية، تجاه الأمن الغذائي. والأمن الصناعي، و الأمن الاجتماعي، تراكمت على ساحة هذه الدول أخطاء أخرى، منها الفساد المالي/ استعمال الموارد الطبيعية والثروات الدفينة في الأرض/ جرائم نهب الموارد الطبيعية/ والفساد الإداري، إلى أن وصل الأمر إلى ما وصل إليه، من بطالة ومرض وأمية وتهميش، وغلاء وفقر، وتخلف عن ركب البشرية، يقاس بعدة قرون. وإذا ما أضفنا إلى هذه السلبيات، سلبيات أخرى تتصل بنشر التعليم والرعاية الصحية وتوفير السكن، وتطوير البحث العلمي، وجميعها مترابطة حول هذه التنمية المفترى عليها. سنجد العالم الثالث –ومن ضمنه المغرب- يدخل مرحلة صعبة من تاريخه، مطبوعة بالفوضى والإحباط والتصادم. 

 إننا في المغرب، البلد الزراعي/ الفلاحي/ بلد المناجم/ بلد البحرين/  وبلد الشباب/ وبلد الخدمات السياحية، ونتيجة للأخطاء المتراكمة على مدى سنوات طوال في إدارة هذه الطاقات الطبيعية والبشرية، نشهد اليوم مثلنا، مثل العديد من بلدان العالم الثالث، جفافا شديدا، دون أن نجد له حل. ونشهد تراجعا كبيرا ومخجلا في إنتاج الحبوب واللحوم والألبان والخضروات والسكريات دون أن نجد له  حل. ونشهد ارتفاعا فاحشا في الأسعار دون أن نجد لها حل. ونشهد تراجعا في القدرة الشرائية، وفي التشغيل، وفي الصحة، وفي التعليم، وفي السكن، دون أن نجد لها الحل... ونشهد أمامنا حكومة " منسجمة " تردد مثل حكومات العالم الثالث، شعارات التنمية، التي لم تحدد لنا مفهومها حتى الآن، ولم تجد لها هي الأخرى أي حل حتى الآن.

 طبعا، مثل هذه الحالة، دفعت بالشارع المغربي وشوارع عربية/ إفريقية/ عالمثالثية إلى الاحتقان، وأحيانا إلى التصادم والثورة.
o المعطلون الكبار والصغار، الحاصلون على الشهادات العليا، والذين لم يتمكنوا من التعليم، ينزلون إلى الشوارع كل يوم، يرتمون عند أقدام القوات المساعدة أمام البرلمان وأمام الحكومة وأمام القطاعات العمومية وأمام العمالات والولايات، في المدن الصغيرة والكبيرة وفي القرى النائية، ويسلمون أجسادهم ورؤوسهم كل يوم، إلى عصى الأمن وعصى القوات المساعدة، لتفعل بها ما تريد. 

o الشباب اليائس من وطنه، ومن سياسات وطنه، ووعود رجالات السياسة في وطنه، يركب كل يوم مراكب الموت، في محاولة للهروب إلى الشاطئ الآخر، الذي يرفضه شكلا ومضمونا، ويغتاله في البر والبحر، ويعامله بعنصرية قاسية، ولكنه يبقى مع ذلك هو أمله الوحيد للاستمرار والعيش. 

o المأجورون في المصانع والمعامل والمتاجر، والموظفون الصغار في الإدارات العمومية وشبه العمومية، وفي المجالس المنتخبة والغرف المهنية الذين لم تعد أجورهم الضحلة تكفيهم، لا للعيش ولا للموت. أعياهم الاحتجاج، وأصبحوا يتوجهون جماعات وفرادى إلى الشوارع من أجل الصياح، والارتماء إن اقتضى الحال عند أحضان الموت من أجل الخلاص. 

o أطفال القرى، وأطفال أحزمة الفقر بالمدن، والأطفال المتخلى عنهم والأطفال المهمشون، أصبحوا هم أيضا، يشكلون ظاهرة ملفتة، في الشوارع الكبرى، وفي الشوارع الخلفية، يتعاطون الرذيلة والتسول والسرقة والجريمة، على مرأى ومسمع من الأحزاب والمنظمات والحكومات... ومن كافة القطاعات الاجتماعية، فقط من أجل سد الرمق والاستمرار في الحياة.

         السؤال المخيف : أمام حالة الاحتقان، حالة الجوع، والبطالة، وارتفاع الأسعار، وندرة وغلاء أسعار المواد الغذائية، واشتداد الأزمة الغذائية، وغضب النقابات وغضب الشارع العام، ماذا يمكن أن يحدث، للعالم الثالث، لو نزلت شعوبه جميعها إلى الشارع العام.ماذا لو نزل الجميع إلى الساحة... من سيأكل من ؟ ومن سينتصر على من...؟ 

السؤال الأهم الذي على المجتمع الدولي اليوم... كما على الحكومات المحلية في العالم الثالث الإجابة عنه، بسرعة وموضوعية : ماذا على " العالم المتحضر " أن يفعل من أجل أن لا يحدث ذلك...؟

الاثنين، 9 ديسمبر 2019

حسانين خاطر

مصر المنارة أم الدنيا أمنا 
تسعد ب نورك يابن اخى عدنان 

عرفه الرابي  قد انرت مصرنا 
وشذا عطرك فاح بكل مكان 

شاعرنا المبجل بك ترتقى حروفنا 
ولقصيدك تنحنى الأقلام 

أهلا وسهلا قد حللت بديارنا 
نورا أضاء الديار والسكان  

سعد الفؤاد ونبض لك قلبنا 
شوقا لرؤياك ياعظيم الشان 

يابن الأصالة حبك يسرى بدمائنا 
أراه يختلط بالدم فى الشريان 

متى نراك نورا يضيء بيتنا 
وتجود علينا برؤياك يابن الكرام 

ونتشرف بضيافتك ويزداد شرفنا 
بالبقاء معنا عددا من الأيام 

يابن فلسطين الأبية يافخرنا 
بآل الروابى تمتطى الفرسان 

تفضل علينا وكن كريما بلقاءنا 
تظل ذكراك على مدى الأزمان 

عطرا معتقا يفوح بدارنا 
وسعادة للقلب والوجدان 

ونورا يضيء إذا مااحل ليلنا 
وفى النهار شمسا بددت الظلام 


بقلم حسانين خاطر 
صادق الوعد 
17 / 9 / 2018م

سميرة مسرار

الهروب 

لما أنت يا قلب صامت منذ زمن بعيد....
من أغلق أبوابك ببصمة يده وابتعد.....
حتى ذبلت أزهارك وضاعت أحلامك.....
لا الصبا شفع لك ولا الجمال أنقدك ...
فلا تهجر أمنياتك ولا تخفي فرحتك....
وارتقب غيم الشتاء لعلها به تعود....
حاملة بين ايديها بقايا عشق  يحن للحبيب ......
منتظرة الشمس بشروقها لتضيئ الليل....
 فأين انت ياسيدي  ... ...
بالأمس امتلأ صيفك حبا بغمامتي
فرحلت إلى شواطئك سعيدة ......
فلما الهروب اليوم من خيمتي......
 بعد ان اشتعلت نارك في ذاتي.....
ألم أكن طفلتك المدللة ...   
 التي زحزحت قلبك رغم ثباته.....
وحتلت قلعتك بهمساتها.... 
فلما لا تحدثني هذا الصباح ...
لأقول لك أن الفؤاد من هجرك مجروح ....... 
والروح تاهت في مكان مهجور.... 
ونار الشوق أحرقت الجسد المفتون...   
فرأفة بحبيبك الحزين.....


✍سميرة

الأحد، 8 ديسمبر 2019

Par Mohamed KHASSIF

MODERNITE ENDOMAGEE (1)
                       

« Ce parcours n’est pas une simulation abstraite de l'art contemporain, ni une copie fragmentée des implications du patrimoine artistique redécouvert, mais une nouvelle formulation encore à ses débuts ou peut-être, très probablement terminée ».
             (Khalil M’rabet, Eloge de la tradition plastique marocaine)

Cette nouvelle formulation est-elle réellement à ses débuts ? L’idée de « début » ne réjouira pas Toni Maraini*, elle, qui a toujours rejeté dans ses écrits et ses interventions l’idée de « naissance » ou « jeune peinture ». Déjà en 1960, Gaston Diehl avait édité une série de monographies d’artistes marocains, célébrant la naissance « de la jeune peinture marocaine ». Après lui, vers 1964, Michel Ragon écrivait : « l’art marocain vient de naitre ». On parlait aussi de la naissance d’un enfant, à travers lequel « le Maroc redécouvre son identité ». Michel Ragon affirmat dans une autre occasion que les peintres marocains doivent partir de zéro du moment que leur art traditionnel était décoratif. (Tous ces propos sont tirés de « Ecrits sur l’art » de Toni Maraini).
T. Maraini voit l’histoire de l’expérience plastique marocaine rattachée à des origines locales, bien profondes. « Une histoire non apparente, pendant laquelle, engourdi ou voilé, le sens pictural éclipsé se manifeste autrement ou poursuit, souterrain, son propre chemin (…) Il n’y aurait donc pas de naissance surprenante et « vierge » de la peinture marocaine par greffe extérieure, mais, plutôt, par des racines qui plongent dans « l’humus »global de la nation et l’évolution de son histoire » (1).
On peut s’interroger, au côté de T. Maraini sur l’identité de cette histoire artistique marocaine, qui selon elle, « formant un tout qui va de la préhistoire aux arts de ce siècle et aboutissant à une prise de conscience de sa propre signification, de sa propre logique historique ? »
L’histoire de la peinture marocaine forme-t-elle vraiment un tout (homogène) qui prend son départ dans la cartographie de la préhistoire pour se voir s’étendre consciemment aux arts contemporains ?
A travers quelles œuvres peut-on justifier cet acte de dilatation tectonique ? Qui des artistes locaux ou même arabes suivent cet itinéraire diachronique ? J’aime bien ces terme propres à la géographie et la cartographie que pas mal d’écrivains utilisent dans leurs écrits sur la peinture marocaine. Ils sont très significatifs et traduisent bien la situation critique de cette peinture. Un écrivain analysait cette situation tout en sautant d’une carte à une autre de l’atlas pictural marocain Cette nouvelle « méthode » adoptée par des critiques illustrent rationnellement l’idée « des iles » éloignées, avancées par le penseur Mohamed Abid Aljabri, qui caractérise la pensée arabe dans sa globalité.
Si cette pensée s’articule sous forme d’ « iles » isolées, comment l’histoire de son art peut-il vivre une logique de continuité historique ?
Pour légitimer sa thèse Toni Maraini adopte l’idée du critique allemand Rudolf Arnheim qui voit que « l’art moderne est l’aboutissement d’une longue évolution historique et que la conscience de ce passé multiforme participe de sa signification »(2) Elle continue : « aucune raison de ne pas admettre semblables vérités à propos du Maroc »(3)
Une comparaison loin d’être légitimée ! Il est clair comme la lune que l’histoire intellectuelle et artistique du Maroc ne peut en aucun cas être égalée à celle de l’Europe. A quoi sert de comparé un Esprit dominant, stable et continu, à un Esprit dominé, instable, fragmenté, menant une histoire déchirée.
Le ministère de tutelle est impliqué de la tête aux pieds dans la situation critique que vit actuellement l'art au Maroc. Je ne l'appellerai pas " marocain», car l’identité est une problématique qui laisse à désirer. Cette institution encourage la médiocrité, envoie continuellement les mêmes têtes pour représenter le Maroc dans des manifestations nationales et internationales, des biennales… Les expositions dans les galeries "Prestigieuses" sont accordées « sous dossiers ».  Les galeries historiques ne sont plus actives notamment, Bab Rouah, galerie Cherkaoui de Rabat et autres. Les jurys conviés pour les sélections sont toujours les mêmes, les subventions allouées aux arts ne sont pas équitables, la carte d'artiste est une pièce obsolète etc.
Les galeries d'art privées se partagent la responsabilité avec l'institution officielle. Elles ne jouent plus leur rôle comme avant, à savoir la promotion de l'art et des artistes. Cette crise des galeries a vu le jour dès la fin des années 80. On ne cherche plus les nouveaux talents, et si on en découvre, on les bloque, on les conditionne et on ne leur laisse plus la liberté d'agir. Des exemples d'artistes qui ont résilié leurs contrats avec les galeries sont témoins de ce que je dis. Inutile de citer des noms.
L'histoire de la peinture moderne au Maroc a connu deux vraies galeries dont les objectifs étaient clairs et précis, loin de tout mercantilisme.  Je ne dis pas que la galerie doit bosser sans penser à l'argent. La galerie Nadar, ouverte en 1974, à Casablanca, par Leïla Faraoui, qui s’est engagée depuis plus de 40 ans à encourager les artistes dans le but de promouvoir un art pictural qui était à ses débuts. Comme exemple de collaboration, la gérante de la galerie disait : «Mohamed Kacimi venait de Meknès avec ses tableaux dans le train. Il dormait chez nous à la maison, je prenais ma voiture, le raccompagnais à Meknès et ramenais avec moi les tableaux qu’il n’a pas pu transporter. J’en faisais de même avec Mohamed Drissi. Il y avait un travail de collaboration sincère avec les artistes». (4)
La galerie l'Atelier de Rabat Fondée par Pauline de Mazières en 1971, (elle céda son espace à un café qui voulait rester non loin du monde de l’Art. Il porte le nom « Picasso »). Cette galerie est considérée comme « l’institution artistique privée de référence, non seulement au Maroc mais plus généralement dans le monde arabe. En vingt ans d’existence, et avec l’organisation d’une centaine d’expositions individuelles ou collectives, (elle) a montré plus de 90 artistes » (L’Opinion du 8/11/2013).
« Fondée par Pauline de Mazières, rapidement rejointe par Sylvia Belhassan, la galerie d'art L'Atelier de Rabat a été, entre 1971 et 1991, une institution artistique de référence au Maroc, mais aussi, plus
généralement, dans le monde arabe. En vingt ans d'existence, et avec l'organisation d'une centaine d'expositions individuelles ou collectives, cette galerie a montré plus de 90 artistes issus non seulement du Maroc, mais aussi de la scène artistique de divers pays arabes ou européens. Foyer artistique et culturel très vivant à Rabat, cette galerie rassemblait, au-delà des peintres et sculpteurs, toute la vie culturelle marocaine. Alors que l'époque était marquée au Maroc par une peinture folklorisante, naïve ou postorientaliste, Pauline de Mazières et Sylvia Belhassan ont fait des choix très ambitieux en privilégiant délibérément des artistes souvent jeunes, marqués par l'abstraction ou la géométrie, l'informel ou la dimension narrative, s'inscrivant ainsi dans les courants internationaux de l'art contemporain. Melehi, Belkahia, Bellamine, Chebâa, Kacimi et beaucoup d'autres artistes encore ont exposé à L'Atelier. »
 A partir de là, les choses ne sont plus les mêmes. Ces deux galeries ont perdu leur confiance dans ce qui se fait comme pratique picturale. Nadar a fermé ses portes (momentanément) et l’Atelier a
définitivement cédé son espace.
Les changements ont touché les personnes/artistes et les espaces d’exposition. Au milieu des années 90 de nouvelles galeries fourmillent comme des fougères, occupant l’axe Rabat – Tanger.  Leurs activités restaient limitées dans le temps et dans l'espace. Une galerie ouvra ses portes rien que pour l'art naïf. Elle ferma au moment où le patron eut réussi à acquérir une belle collection de ce style. Les exemples sont là et restent toujours témoins de cette histoire instable de la peinture marocaine.
Les nouvelles galeries des années 2000, installées spécialement à Marrakech, font renaître un art « folklorique » dénué de toute valeur esthétique, loin de défricher le chemin pour un parcours historique et « créer une véritable mémoire de l’art marocain ». Celles que l’on peut considérer comme « sérieuses » jettent généralement, leur ancre au-delà des frontières.
Elles courent derrière des sous-produits du Post Modernisme, soutenues dans leurs quêtes par des institutions de poids, notamment l’officielle. Ces galeries n'accordent aucun intérêt à ce qui se fait à l'intérieur. Si elles le font, une ou deux fois par an, c'est pour ré exposer des œuvres désuètes ou des styles périmés, pleins de nostalgie.
Quoiqu’il en soit, « de telles structures, bien qu’elles demeurent incapables de créer une véritable mémoire de l’art marocain et de promouvoir amplement un véritable marché de l’art, n’en demeurent pas moins les jalons d’une médiation dont le devenir de la création artistique dépend profondément » (5).



* Toni Maraini est un écrivain italien, poète, historien de l'art, essayiste et érudit dans l'art et la culture marocaine et maghrébine. Elle est née en 1941 à Tokyo (Japon). Après une première visite au Maroc à l'été 1963, elle y revient avec Melehi après l'été 1964. Elle accepte ensuite l'offre d'enseignement de l'histoire de l'art à l'École des Beaux-Arts de Casablanca. Au Maroc, où elle se marie avec l'artiste Mohamed Melehi et vit jusqu'en 1987, elle participe aux activités artistiques et culturelles de l'après-indépendance en s'engageant dans de nombreux projets pionniers en collaboration avec le 'Groupe de Casablanca' des artistes et des poètes de la revue 'Souffles' et au fil des ans elle écrit sur ces activités et sur de nombreux peintres. Elle est parmi les promoteurs de certains événements publics en plein air appelés «Présence Plastique» à Casablanca et Marrakech ; Elle participe à la naissance des magazines 'Maghreb Art' (1965) et 'Intégral' (1971) tout en poursuivant des recherches de terrain sur les arts marocains traditionnels et l'histoire. (Wikipédia)
**Les fragments de textes portant un astérisque sont mes propres traductions de l’arabe.
1- Toni Maraini, Ecrits sur l’art, Ed. Le Fennec, Casablanca, 2014.
2- Idem.
3- Idem.
4- Kenza ALAOUI - Leila Faraoui, l’art et la manière, – Maroc hebdo, 15 juin 2015.
5- Farid ZAHI - D’un regard, l’autre l’art : et ses médiations au Maroc, Ed. Marsam,
Rabat, 2006, Page 70.

محمد سعيد أبو مديغم

*   حُرُوْرُ الفِرَاقِ   * 

تَحَدَّرَ دَمْعِي مِنْ حُرُوْرِ الفِرَاقِ  
وَبَاتَ شُجُوْنًا زَادَ حَرَّ المَآقِ 

وَفَارَقْتُ رُوْحِي يَوْمَ فُرْقَةِ ظِبْيَةٍ 
وَيَا لَيْتَنِي وَدَّعْتُهَا فِي سِيَاقِ

وَلَاقَيْتُ حَتْفِي فِي وَدَاعٍ مُؤرِّقٍ
فَإنَّ جَنَانِي بَاتَ مَوْتًا يُلَاقِي 

فَإِنِّي بِمَيْتٍ فِي الحَيَاةِ بِدُوْنِهَا
وَكَيْفَ أَعِيْشُ العُمْرَ دُوْنَ رِفَاقِي

فَقَدْ هِمْتُ حُبًّا كَانَ كُلَّ تَدَلُّهي
كَمَا هَامَ قَيْسٌ فِي هَوًى باحْتِرَاقِ

وَبِتُّ نَحِيْلَ الجِرْمِ أَشْكُو رَزِيْئَةً
فَإنَّ الرَّزَايَا أَصْبَحَتْ فِي اشْتِيَاقِي

وَبَاتَ غَدِي كَالأَمْسِ يَنْهَشُ مُهْجَتِي 
نَدِيْمِي دُجًى أَرْخَى سُدُوْلَ الخِنَاقِ

وَصَمْتِي حِوَارٌ جَالَ جَوْفَ حَشَاشَتِي 
يُحَاصِرُ كُلِّي مَا لَهُ أَيُّ رَاقِ 

وَبَيْنَ ضُلُوْعِي دَاءُ جَفْوٍ مُبَرِّحٍ
وَمَا مِنْ دَوَاءٍ قَدْ يُعَافِي شِقَاقِي 

سِوَى نَظْرَةٍ مِنْ عَيْنِ خِلٍّ مُحَبَّبٍ
يُمِيْطُ انْفِصَالًا بِاللِّقَا وَالتَّلَاقِ 

وَيُشْفِي جِرَاحًا أَدْمَتْ القَلْبَ زُكَّةً
بِتِرْيَاقِ حُبٍّ كَانَ عَذْبَ المَذَاقِ 

فَيَا لَيْتَ إِمْسَاءً تَجِيءُ طُيُوفُهَا 
لِتُخْبِرَهَا عَنْ دَمْعِ حُزْنِي العُرَاقِ 

فَمَا رَقَأَتْ مِنْ بَعْدِهَا دَمْعَةُ النَّوَى
وليلى نأت عنّي بأرضِ العِرَاقِ 

 وَكَيْفَ أُوَارِي عَبْرةً مِنْ تَبَاعُدٍ 
 تُسَافِرُ فِيْهَا لَهْفَةٌ فِي اسْتِبَاقِي

أَلَا بَلِّغُوا لَيْلَى سَلَامَ مَحَبَّةٍ
فَحُبِّي لَهَا مَا زَالَ شَوْقَ الحِدَاقِ 

وَإِنِّي كَطِفلٍْ فِي أيَادِي حَنَانِهَا
يَتُوْقُ لِحضنٍ دَافئٍ فِي عِنَاقِ

رَعَى اللهُ عُمْرًا كَانَ فِرْدَوْسَ غِبْطَةٍ
أَحِنُّ لَهُ شَوْقًا بِدَمْعِي المُرَاقِ

*******
محمد سعيد أبو مديغم
بحر الطّويل 
6/12/2019

السِّيَاق : النَّزْعِ الأَخير ، أَيْ في حالَةِ احْتِضار
تَدَلّه : هَمٌّ وَحُزْنٌ مِنْ عِشْقٍ
الجِرْم : الجِسم 
الرّزِيئة : المصيبة 
رَاقٍ / الرَّاقِي : رقَى الْمَريض : عَوَّذَهُ وَقَرَأَ لَهُ لِيَشْفَى
جَفو : بُعْد ، هجر ، خصام 
مُبَرِّحٌ : شَدِيدٌ ، حَادٌّ
يُميط : يُبْعِد 
الزُّكَّة : الغَمُّ والغيظ
العُرَاق : الصافي 
رَقَأتْ : سكَنَتْ وجفّتْ 
أُوَارِي : أُخْفِي
غِبْطَة : سُرور ومَحَبَّة

محمد الفاطمي الدبلي

وَليْسَ يَفْلحُ منْ في الجَهْلِ قَدْ وَحلا

لا يَجْتَني النَّفْعَ مَنْ لمْ يُتْقِنِ العمَلا***وَلا ينالُ الهُدى منْ آثَرَ الحِــــــــيَلا

وأرجَحُ النَّاسِ عقْلاً منْ بِفِطْنَتِهِ***لا يَعْرفُ الحَيْفَ والتَّــــدْليسَ والوجَلا

تَرْقى النُّفوسُ إلى الخَيْراتِ جاِهدَةً***فَتُدْرِكُ العَصْرَ والتَّغْيـــــيرَ والأَمَلا

وَبالإِرادةِ يَجْري العزْمُ نــــحْوَ غَدٍ***فَيَمْنَحُ العَــــــــــقْلَ بِالإقْدامِ ما سَأَلا

تَصْحو الشُّعوبُ إذا ما العِلْمُ أَيْقَظَها***وَلَيْسَ يَفْلَحُ مَنْ في الجَهْلِ قَدْ وَحَلا
////
ماذا سَأكْتُبُ والأَقْلامُ تَحْتَضِرُ***وَالسَّاعَةُ اقْتَرَبَتْ والنَّاسُ تَنْتَـــــــــــظِرُ؟

نُمْسي وَنُصْبِحُ في ظَلْماءَ دامِسَةٍ***وَالكُلُّ يَعْلَمُ ما يُخْــــــــــــــفي لنا القَدَرُ

تَبْقى الشُّعوبُ إلى الحُكَّامِ خاضعَةً***تَحْني الرُّؤوسَ وَتَحْتَ القَمْعِ تُعْتَصَرُ

لا يَمْلِكُ العَزْمَ إلاَّ شَعْبُ مُجْتَــــمَعٍ***لَمّاَ يُريدُ بِصِدْقِ الجِـــــــــــدُّ يَنْتَصِرُ

وَمَنْ أَرادوا العُلى تَأْتي بِلا عَمَلٍ***أَتاهُمُ الوَهَنُ القأضي بما انْتَـــــظَـروا
////
أبْكي على وَطني والنَّاسُ تَبْتَـسِمُ***كَأَنَّ حُزْني بِرَيْبِ الفِعْلِ يَتَّــــــــــسِــمُ

هَبَّ البَغاءُ على الأَوْطانِ مُنْتَـــقِماً***مِنَ العَقــــــــيدَةِ والفُسَّاقُ ما نَدِمــوا

كَأَنَّ أُمَّتَنا في البُؤْسِ قَدْ غَرِقَتْ***فَطالها الجَهْـــــــلُ والإِمْلاقُ والسَّــــقَمُ

وَلَيْسَ يُقْبَلُ إنْ أَنْكَرْتَ مِحْنَتَنا***فَواقِعُ الحالِ بِالنُّقصانِ يَصْـــــــــــطَــدِمُ

مازلتُ أُومِنُ بالتَّغْييرِ في وَطَني***لوْلاهُ ما حَقَّقتْ أَحْلامَها الأُمَــــــــمُ
////
إشاعَةُ الظُّلْمِ في الأَوْطانِ طُغْيانُ***وَالحُكْمُ في بَلَدي حَيْفٌ وَبُهْــــــتانُ

والنَّهْبُ والزُّورُ والأَسْماءُ واحِدَةٌ***والبَغْيُ طاغٍ وَشَـــرُّ النَّاسِ أَلْوانُ

نَكادُ نُصْبِحُ كالعُبْدانِ في بَلَـــــدي***وَما لنا كشـعوبِ الأَرْضِ أَوطانُ

كالكادِحينَ على نارٍ مَعيشَتُـــــــهُمْ***وَكلُّ عَيْشٍ يُهينُ النَّاسَ خُـسْرانُ

وَلَيْسَ يَقْوى على التَّغْييرِ مُجْتَـــمَعٌ***أَعاقَ نَهْضَتَهُ جَهْلٌ وَطُغْـــــيانُ
////
قُلْ لي:بِأَيِّ جَديدٍ جِئْتَ يا عامُ؟***مازالَ في وَطَني التَّغْيـــــيرُ أَوْهامُ

بِئْسَ الشُّعوبُ أَذَلَّ الجُبْنُ نَعْرَتَهُمْ***واللَّيْلُ عَسْعَسَ والحُــــكَّامُ ظُلاَّمُ

ما أَقْبَحَ الجُبْنَ عِنْدَ النَّاسِ إنْ ظُلِموا***إنَّ الجَبانَ يِســوءِ الطَّبْعِ لَوَّامُ

وَكُلُّ شَعْبٍ سَيَجْني ما سَيَزْرَعُهُ***والعِلْمُ نُورٌ وَجَهْلُ النَّاسِ إِعْــدامُ

يَجْري الزَّمانِ وَكُلُّ الخَلْقِ يَتْبَعُهُ***وَسِــرُّ نَشْأَتِــــــنا ساعاتٌ وَأَيَّامُ
////
كَيْفَ المَآلُ إذا ما ساءَتِ الحالُ***وَهَبَّ وَيْلٌ بِضَـــرْبِ النَّارِ قَتَّالُ؟

وَقَـــدْ سَأَلْتُ لِأَنَّ الـقُدْسَ صادَرَها***أَعْداءُ رَبِّي بِـدينِ الحَـقِّ جُهَّالُ

وَكيْفَ أَسْكُتُ عَنْ تَهْويدِ حاضِرَةٍ***وَما لَها بِأَقاصـي الأرْضِ أَمْثالُ؟

أَنالَها الشَّرَفَ الأَعْلى مُعَــــلِّمُنا***مُحَمَّدُ المُنْذِرُ المُــــخْتارُ مِفْضال

لِذلكَ القُدْسُ لَنْ نَرْضاهُ عاصِمَةً***لِلْمُعْتَدينَ وَجُـــبْنُ الــــنَّاسِ إِذْلالُ

محمد الفاطمي الدبلي

محمد خصيف

شهادة اختطاف


 ياللمفاجأة.
هذه لوحتي! عشيقتي!
نزعت مني نزعا. اختطفت مني قسرا. افتقدتها منذ أزيد من عشرين سنة ولم تترك لي حتى فرصة استنشاق زيت حلتها الكتاني ولا أمتع بصري بألوانها البهية. إحساس انتابني فجأة، وغمرني كشعور خشن سرى يدغدغ أطرافي، حينما رأيت لوحتي القرنفلية معلقة تستنشق غبار الدكان النتئ، اقتربت منها لأتاكد من هويتها، وإذا هي فعلا تحمل بطاقة تربط نسبها بنسبي، وتلميعها يعكس صورتي. اكتشفت أن كتانها يلف ذاتي، وآثار أناملي مازالت حاضرة تتراقص على صفحتها البنية. التفتتُ نحو صاحب الدكان وسألته:
-كم ثمن هذه اللوحة؟
-إنها، قديمة، لفنان مات منذ زمان.
-أريد شراءها. كم تبيعها؟
وقبل أن يصلني رده، ترامت إلى مسامعي خشخشة تنم عن حركة، فالتفت وإذا بي أرى لوحتي تنفض غبارها وتحدق في بعينين مغرورتين، اختلط دمعهما بلون الصباغة القرنفلية، وفاحت منهما رائحة ال vernis .خاطبتني بنبرة قوية:
-لست للبيع.
-إنك عشيقتي. ألاتتذكرينني؟ فقدتك من زمان، وطال بحثي عنك. لم أعثر لك على أثر. ضعت مني، ولم أدر كيف. إني مازلت أحبك. أحبك.
-إنك تعرف كيف أضعتني.
-تركتك في أمان. في قاعة نادرة قل نظيرها، يرعاك شخص مومن، أمنته عليك أنت وأختك زريقة.
-ذاك الذي أمنته علينا، كان  إنسانا طيبا، سهر على رعاياتنا، لكنه خُدع. وقع ضحية مكر وخداع من شخص يدعى الجرائدي، ضياء الدين الجرائدي. إنك تعرفه.
-ماذا حصل؟ احك لي. 
-ذات مساء كنا متحلقتين حول مؤتمننا يحكي لنا نوادره وطرائفه حول الفن والفنانين، فولج علينا  الجرائدي ليخبر مؤتمننا الذي أمنته علينا أنك كلفته ببيعي أنا وأختي.
-كذب! أنا لم أكلف أحد!
-وثق منه صاحب القاعة بعدما فك خيوط الشك والريبة التي باتت تحاك حول رأسه، فسلمنا إليه.
-وبعد؟
-أخذنا ضياء الدين وطاف بنا على مجموعة من معارفه، لكن لاأحد منهم اشترانا. كان يطلب ثمنا عاليا. تركنا في بيته لمدة، وكلما زاره أحد السكارى المعروفين لديه، تجده يقدمنا إليه. لكن حيله لم تنفع وبقينا مصلوبتين بصالونه لمدة فاقت السنتين.
-ثم؟
-ولما ضاق ذرعا منا، جاء بنا إلى هنا، وباعنا.
-بكم؟
-لايهم بكم بيع يوسف. مايهم هو من هو يوسف.
-بكم باعكما؟
-بدراهم معدودة وكان فينا من الزاهدين، لأنه كان عازم على السفر إلى الخارج.
تذكرت ما حدث. وماروته لي عشيقتي أرجع ذاكرتي إلى المثلث الأحمر الذي كنا نجتمع حوله نحتسي القهوة ونأكل الكعكة ونتبادل الأحاديث حول الفن وأهله ومشايخه
ومريديه. تذكرت الجرائدي ونصه الإيزوتيريكي الذي كتبه لنا نحن مجموعة الأربعة. تذكرته وهو يلح علي كي أدفع له ألف درهم مقابل سطوره الفارغة إلا من كلمات جافة كالقلم الذي كتبت به. كلمات لامعنى لها. استغنيت عن النص لأنني لو نشرته لتكثفت سحابة التعتيم وأبعدتنا عوض أن تقربنا من جمهورنا وعشاق فننا. كنت أعلم بداهة أن الجرائدي سيصفف كلماته مستنجدا ببصيص نور الهينيكين. فهو من أولئك الذين لاتحلو لهم الكتابة عن الفن إلا إذا تجرعوا عصارة الشعير واستظلوا بنور الهينيكين. وبما أنني لم أقدم له شيئا بداية، فطبيعي أن النور سيكون باهتا   ونصه غير مقروء.
لم ألب طلبه لأنني لم أستغل النص لنشره، ولم يتحقق تنظيم ذاك المعرض أصلا.
رفعت رأسي أحدق في وجه لوحتي الشاحب المطلي بغبار الحانوت، وشريط الأحداث مافتئ يتواتر لينير ذاكرتي.
خاطبتني عشيقتي في تحسر:
-رأيت ماذا فعلت بنا، أبدلتنا بنص مكتوب. حنا رخاص عندك حتا لهاد الدرجة؟!
هي تتكلم وأنا أحس بأوتار عنقي ترتخي لدرجة أن رأسي زاغ عن كتفي وشعرت بدوخة تلفني وأنوار تتراقص أمام عيناي. لم تعد رجلايا قادرة على تحملي.
عدت إلى صاحب الدكان فوجدته متكئا يرشف شايه الساخن، وهو في غياب تام عن دراما عشيقتي، غير مكثرت لمأساتنا. وبعد هنيهة،  رفع رأسه ينظر إلي كأنه يراني لأول مرة، ثم بادرني قائلا:
-أراك قد أطلت التأمل في اللوحة. هل أعجبتك؟
قبل أن أجيبه أحسست وكأن فؤادي يرد عليه: أودي غير سكوت راك ما عارف والو.
-نعم أعجبتني، وسآخذها منك.
تحركت اللوحة فجأة و بقوة تحررت من مسمارها العشري وصرخت في وجهي وقد تغير لونها:
-أخرج، لن أذهب معك. ألم تسمع ما أخبرك به من قبل، لقد مات عشيقي. مات. مات. مات.
 ثم أجهشت بالبكاء.
كانت حشرجة صوتها تكلمني وقد هممت بالرحيل وفرائصي ترتعش فوق عتبة الباب:
-لن أذهب معك، هنا مقبرتي. المسمار دق فوق نعشي، وآل مصيري إلى الجوطية. أخرج. أنت مازلت فنان ... وأنا لن أكون تحفة.










محمد خصيف

محمد حسينو

شامنا يا أم العز 

يا شام يا أم العز وتاج الغار
لا تخافي مهما الزمن غدر وجار
يا شام إنتي في العين ولو الدمع جار
يا شام فيك الدم في المغارة فار
وفي بصرى وقف فيك سيد الأبرار
والراهب بحيرة كشف سر الأسرار
وإليك يا شام بأمر ربه سار
كنت سورية ولبنان وفلسطين والاردن والعراق بالجوار
لكنهم بأمر سيد صهيون وضعوا بينكم الأسوار
يا شام لا تخافي من الروم والسلجوق والأميركان الأشرار
فيك العلم والنخوة ورأس مدينة العلم والأسرار
كفى هدما للعقل والبنيان وهدر الدم والعار
تعالوا وابنوا مهد البشرية والأبجدية أحرار
فالموت في دفن الرأس في الرمال ووراء الأسوار
الأخوة الأعداء صرنا... فما أحلى الحوار
هو بلسم للجراح  وشفاء للوباء من الجوار
لكن إخوتي ان الكي اخر علاج للعناد الجبار


بقلم* محمد حسينو * سورية*

احمد علي صدقي

قصة قصيرة
لكل ضيف إكرامه
تخاصم مع زوجته حول تأثيث جديد للبيت و وشراءها سيارة رباعية الدفع كما فعل صديقه مع زوجته.. استخفها وما استجاب لرغبتها المجحفة.. انتهت المشكلة بأن وضعته أمام أمرين، كلاهما مر: إما تجديد التأثيث وشراء السيارة وإما الطلاق..
كانا يدرسان بنفس المدرسة. وتعلق بها وتعلقت به فكانت ثمرة لقاءاتهما زواجا أنبت نباتا حسنا ما استطاعت اي شائبة ان تمنعه عن النمو حتى الاثمار.. لكن كل نبات اذا لم يعتن به يكون مصيره التلف..
في عملها كممرضة، تصاحبت مع إحدى العاملات معها، من بنات الأغنياء، فأصبحت هي الواعظة الناصحة لها في كل شيء حتى في أمور الحب وفلسفة الحياة..
في صباح يوم خصومتهما. نظر اليها شزرا ونظرت اليه نظرة قصدت فؤاده بسهمها. كانت سهام حبه لها تنغرس في صدره فيحس بها بردا وسلاما على قلبه أَمَّا اليوم فقد أحس بقساوة هذا السهم وأحس بجرح بليغ يخافه أن لا يندمل.. لم يكلمها وما كلمته.. ولكن تكلمت الأعين ودل ضعف بريقها على حزن ما ألفته.. خرج الرجل غاضبا بدون إفطار .. وهي تنظر اليه همهمت شيئا في داخلها لم يفهمه، فقال لها: ارجعي لرشدك يا حبيبة قلبي. فهل تُهْتِ أم أرادوا انحرافك؟ ثم أخذ دراجته الهوائية وذهب لعمله.
في العاشرة صباحا رن هاتفه فإذا بمكتب عدول يستدعيه للحضور.. خَمَّنَ حينها مضمون ما همهمته الزوجة صباحا وعرف أن الأمر أكبر مما تخيله.. طلب الإذن من رئيسه في العمل ومضى حيث ينتظره أكبر لغز قظ مضجعه البارحة وها هو الآن يقطع عليه مواصلة عمله.. 
سأله العدول عن سبب الخصام الذي أوصلهما للطلاق.. قال: هو تكلفي بشيء لا أستطيعه.. جادلته زوجته أمام العدول.. استسلم وساير الأمر حتى لا يذاع خصامهما بين الناس.. فَهِم العدول موقف الرجل وفَهِم مِنْ تبجح المرأة أن طلبها مجحف حقا.. طلب قد يضع أمام الزوج عقبة كؤود يصعب عليه صعودها، وهو في بداية مسيرته.. سعى العدول جاهدا أن يذلل تلك العقبة لهما بصلح جميل، لكن المرأة كانت متشبثة بشروطها.. افهمها الرجل أن في حالة عدم استجابة زوجها لطلبها وتطلقت، فالطلاق تدمير لأسرتها وإن لم يعاكسها واستجاب لرغبتها فالوقوع في براثن بنك بأخذ قرض مالي هو ايضا تدمير لهذه الأسرة الطرية التي هي في بداية مشوارها.. فاكثر العائلات ارهقت كاهلها بثقل ديون لا تستطيع تسديدها فعاشت بقية حياتها مربوطة بصخرة تعاسة خنقتها حتى الموت.. لم يبخل العدول بجهد بل استمر في محاورتها بكل مفاهيمه حتى اقناعها بالصلح. تراوغت كثيرا لكن اقتنعت في الأخير أن الصلح خير.. تقبلت كلام العدول.. تصافحوا.. شَكَرَا العدول على عمله.. خرجا متجهين كل نحو وجهة عمله..
 والرجل في طريقه، فكر في الأمر مليا وتساءل كيف تحدث خصومة بينه وبين زوجته بهذه الحدة، وقد كان وإياها في وئام لا تشوبه شائبة.. فهي من كانت تقول له: أنا الراضية فلا أسخط أبدا، وأنا البشوشة فلا أقلق أبدا.. تقول له: أنت خلقت لتنعم بي وأنا خلقت لأنعم بك.. فكيف بهذا التغيير المفاجئ؟ خمن كثيرا ثم استنتج  أن السبب قطعا هو في معاشرة تلك الصديقة التي ما حبذ هو يوما صداقتها رغم انه صديق وفي لزوجها.. كان يعرف جيدا أن معاشرة اساسها الثرثرة، والغرور وكثرة الاموال وسيارة  رباعية الدفع و ملابس من شركات ذات صيت عالمي هو نهر جارف لا بد ان يجرف معه زوجته. وهذا ما وقع.. امرأة مدللة .. تفاخر بلا حدود أمام من أراد ومن كره.. امرأة دللها زوجها و استجاب لكل رغباتها وهو نفسه المدلل من أب مستشار يكدس الاموال في الابناك فلا يعرف مصدرها ولا كم هي في ارصدته البنكية..  تصاحبت امرأته مع هذه المرأة، بموجب عملهما والسكن بنفس الحي.. غدت تمر عليها كل صباح، بسيارتها، لتحملها معها الى العمل.. عرف انه لن يكون سبب هذا الشقاء إلا منها.. فهي التي قد تكون نفخت في روعها ودفعتها لطلب هذا الطلب الذي لا قدرة لنا للتصدي لِمِحَنِه..
 رجع مساء من عمله، وجدها  كئيبة.. منكمشة على نفسها تجثم على صدرها صخرة تعاسة لم تستطع تحمل ثقلها.. حاورها في الموضوع.. توصلا لتراض بينهما.. تناست قلوبهما، التي كانت قد تعودت على الحب منذ زمان، هَمَّ ما وقع.. مرت بخاطره فكرة ظنها ناجعة لنسيان ما وقع.. ناقش معها فكرة استدعاء صديقتها وزوجها للعشاء.. دعوة كان هدفه منها تخفيف حزن زوجته من جراء ما وقع، ثم لحاجة ملحة في نفسه يريد قضاءها.. أخبرها بأنه فكر في وجبة عشاء شهية تجمعهما مع الضيفين للدردشة سعيا للترفيه.. فرحت بالمقترح.. حبذت الأمر، واعتبرته ردة فعل إيجابية تشكر بها صديقتها التي تنقلها كل يوم الى عملها ويزيد اللقاء من توطيد العلاقة معها.. علاقة ما حبذها زوجها بموجب ما وقع و يسعى جاهدا لقطعها.. 
في الصباح تركها تهيء المنزل و تَتَهَيَّأَ لإحضار العشاء.. خرج ليأتيها بملتزمات التحضير.. مر بالبنك.. أخذ كل ما كان يختزنه بالرصيد.. كان رصيده  قليل من المال اقتلعه من قوت يومهما لشراء دراجة نارية هو في حاجة اليها للذهاب لعمله.. برصيده الآن في جيبه، انطلق نحو بائع للذهب.. تفقد ما عنده من أجمل الحلي.. اقتنى عقدا وخاتما ثم أدى ثمنهما وخرج.. مر بصديقه بائع الزهور.. طلب منه ان يحَضِّر له أجمل باقة ورود مما عنده وسلم له العلبة التي بها العقد بعد أن كتب بطاقة وضعها بداخلها وكتب أخرى، طلب من البائع ان يضعا بباقة الورود.. ثم أوصاه أن يرسل الكل الى المنزل في الثامنة مساء.. أخبره أن لا يسلم هذه الأشياء إلا لصاحبة المنزل وأن لا يخبرها بالمُرْسِل.. اشترى الخضر والفواكه وقصد المنزل.. وضع ما أحضره بالمطبخ.. وجد زوجته منهمكة في تدبير شؤون البيت.. غارقة وسط أليات بيت الضيافة(الصالون) ترتبها.. أعانها في ما استطاعه.. عندما انتهيا من تهيئ البيت، تناولا  غداءهما مع الأولاد.. بعده مباشرة انهمكت الزوجة في تحضير طعام العشاء للضيوف.. نادته لمساعدتها.. لبى رغبتها.. كان بقربها كممرض مع طبيبة.. يناولها من المعدات ما دعته لتناوله.. بين الرفوف والثلاجة كان رائحا راجعا تغمره فرحة لم تضارعها فرحة من قبل.. فرحة مصالحة زوجته وفرحة ما دبره لها كمفاجأة.. فتحت رائحة الطعام شهيته حاول كبحها لكن زغردة بطنه كانت تفضح ما كان يخفيه. فكلما اقترب الطعام من نضجه وفاحت رائحة لذته، تفتحت شهيته وزغرد بطنه أكثر.. أخذ يقضم من هذا الفاكهة وتلك وهذه الحلوى وتلك ويتناول بأصبعه شيئا من هذه الآنية وشيئا من تلك.. ازعج الطباخة بتصرفه فأقالته من عمله.. استمر بها العمل حتى قربت السابعة مساء.. قالت له حينها وهي مبتسمة والإنهاك باد على محياها: بما أن صديقك سيأتي بزوجته، يجب علي أن أهيئ نفسي لأن أكون في أبهى يومي. قال لها: أريدك ان تكوني أجمل من صديقتك. فأنا أعرفها، فهي تتزين بلا مناسبات فكيف بها وهي في زيارتك. فأنت اليوم بيت قصيدها لتريك أبهى ما عندها.. لا محالة فستكون في أبهى يومها، لتفخر عليك بما لديها من ملذات الحياة.. تبسمت ودخلت بيت النوم وأقفلت الباب.. بعد ساعة من الوقت قضتها في الاعتناء بهندامها، خرجت وهي كالقمر في ليلة البدر. ثم قالت:
- أظن ساعة الضيوف قد اقتربت.  قال لها:
- اقتربت الساعة وبزغ القمر.
رمقته بعينين كحلاوين وأهدته من ثغرها ابتسامة زادت نور وجهها بريقا. نظر إليها رأى وجهه في عينيها.. فاضت عيناه دموع فرح وقد استرجع حبيبة كان ريح الاستخفاف قد عصف بها.. نظرت اليه رأت وجهها في عينيه.. فاضت عيناها دموعا من الفرح وقد رأت فيه زوجا صابرا على كل هفواتها.. عانقها وعانقته.. اقتسما البهجة بضحكة طفلين انبعثت من قلبيهما وقطرات دموع الفرح تتدحرج على خديهما.. ذهبت الى المطبخ لإحضار ما لذ مما طبخت وذهب هو يهيئ الطفلين للحفل.. رن جرس الباب.. خرج.. كان بالباب، من أحضر الهدايا.. ناداها لتستلمها فهي باسمها.. تسلمتها.. أخذ  الظرفين المصاحبين للهديتين ليطلع على ما هو مكتوب بمها.. فتح الذي بالباقة وقرأ: هذه هدية لك ممن يحبك وممن لا يستطيع الاستغناء عنك.. الامضاء: حبيبك العزيز.. عبس وجهه واندهشت هي مما قرأ ومن كتبه.. فتح العلبة واخرج منها ما بها.. انبهرت المرأة بالعقد الثمين الذي اخرجه منها ، ثم فتح الظرف و قرأ: هذا عقد من ذهب ولكن عندي ثمنه بخيس بالنسبة لمعدن أنت منه ايتها الطيبة.. الامضاء: حبيبك الذي لن ينساك.. تقمص وجها عبوسا وسألها: من يكون هذا الحبيب؟ هل لك حبيب غيري يا امرأة؟ قالت: لا. لكن أظن أن صديقك هو من كتب هذا.. نادى ابناءه.. وضعهما قرب أمهما ثم أخذ هاتفه وانضم اليهم وأخذ سيلفي مع الطفلين والأم وبيدها باقة الورود.. أخذ علبة الهدية.. أخرج منها العقد.. علقه في رقبة الزوجة.. أخذ لهم سيلفي آخر، والمرأة منبهرة لا تعرف ما حل بها.. سألها ألا زلت لم تعرفي من أرسل اليك الهديتين؟ أجابت: والله لقد التبست علي الامور فما عدت أعرف رأسي من قدمي.. طبطب على كتفها ثم أمرها بإحضار وجبة العشاء.. قالت له: ألا ننتظر قدوم الضيوف؟.. قال لها: ألا زلت لم تتعرفي على من هو ضيفك العزيز؟ قالت: لا.. قال: إنه حبيبك الذي تعرفينه جيدا.. إنه حبيبك الذي لن ينساك أبدا.. إنه الرجل الذي كنت له امرأة انجبت له هاذين الطفلين الغاليين.. فهل يمكن أن يكون في الوجود ضيوفا أحسن منك أنت والاولاد.. لا زالت لم تستوعب الأمر فقالت كيف؟ أخرج الخاتم الذي كان بجيبه ثم تناول أصبعها ووضعه فيه. فقالت:
-ولم كل هذا؟ قال:
- قال لها: أنا ضيفك اليوم، وانت ضيفتي، وهذه الهدايا لك، زوجتي.. هدايا أريد بها أن أقيد حبنا الذي كدنا نضحي به رغبة في اشباع تفاهات الحياة.. حب كاد يموت بكيد الكائدين.. فهمت ما يعنيه وضحكت وقالت: من اليوم التاكسي عندي افضل من سيارة رباعية الدفع لامرأة تحرضني على خصومة زوجي.. ضحكت المراة وضحك الرجل وضحك الطفلين.. نظر اليها وهي تبكي من الفرح وقطرات الدموع تتساقط من عينيها وقد اختلطت بالكحل فرسمت خطوطا على خدها كوشم على خد هندية من هنود السيو.. دموع تساقطت على عقدها فوق الصدر فزاد بريقه.. كان ينظر اليها ويمعن النظر كأنه يراها بهذا الجمال لأول مرة.. ظهر له لأول مرة ما تتحلى به من أساور تزين معصمها.. ومن  خواتم تلمع في اصابعها.. زادتها فتحة قفطانها المغربي الجميل رونقا و قد أظهر بداية صدرها المعلق عليها ذلك العقد الذهبي الانيق.. رأى الشعر الناعم الذي تدلى فوق جبينها. رأى وجهه في وجهها فبكى على اشتغاله عن هذا الجمال بإكراهات العمل ثم ضحك.. تعانقوا، زوجة، وزوج، وطفلين بريئين.. تعانقوا جميعا عناقا وطد سعادة رافقتهم طيلة حياتهم.. كانت ذكرى هذه الليلة وثاقا غليظا أمضوه لكي لا ينكتوه أبدا...

كتبها احمد علي صدقي 
بالبيضاء يوم 02/12/2019.

محمد خصيف

تأبط فنانا 




وانا ارسم وازوق واقطع صورا فوتوغرافية التقطتها من قصاقات المجلات الاسبوعية، التي اجدها تساعدني فيما انا عازم عليه من رسائل انوي ايصالها الى ذلك الاخر القابع  ليل نهار على عتبة باب الرواح، حتى تزكمت خياشيم انفه وتشربت برياح الشرگي الباردة، الاتية عبر جبل الطر. وانا اركب ما الهمتنيه قريحتي، لم افتر على تخيل الصدى الذي سيكون منتصبا بباب المعرض يحتفي بتحفي. 
كتبت طلب معرضي ووضعته رهن اشارة الادارة موثقا بحكاية سيرتي مثبتة بصور. اتاني هاتف بريدي يخبرني اني مقبول للعرض بباب الرواح. سررت بالخبر وطرت فرحا وعمتني نشوة سرت في عروقي هزت نبضات فؤادي هزا. فتقوى حماسي وتحرك جيبي في سخاء ليعطف علي وانا امام l'encadreur اتامل ما غدت عليه لوحاتي/عشيقاتي التي اقترب زمن زفافها. وانا اتامل فستانها الزجاجي اراني اتصفح صور خطابها. من ياترى سيكون له شرف اخذها مني، انا العارضها برواق باب الرواح؟  
جاء يوم المعرض، يوم الزفاف. حضر الحاضرون وغاب الغائبون. وحضر الازواج مستترين، يتحينون فرصة التنحي والتخلي. 
التخلي على المخطوبات. 
اتى الى اذني صوت احدهم وهو يهمس لرفيقه: 
-سانتظر نهاية الحفل/المعرض لشراء ما اريده. 
رد عليه زميله:
-هناك اشياء لاباس بها، تعجبني اللوحات الصغيرة. 
تقدم مني احد الاصدقاء وهنأني على معرضي، ثم قال بصوت خافت وهو يومئ براسه مشيرا بحركة من عينيه نحو شخص واقف يتأمل احدى اللوحات:
-شفتي هذاك خينا تماك راه galeriste كيشري اللوحات. 
اعجبتني ملاحظة صديقي وتمنيت لو اقترب مني ذاك الشخص العريض الانيق، لم تكن لدي الجرأة للتقدم اليه لاحييه، فقد خانتني الكلمات والتوى لساني داخل فمي وارتخت مفاصل ركبتي فبقيت متسمرا في مكاني ارمقه وهو يتنقل من لوحة الى اخرى وبيده اللائحة. تمنيت لو تقدم هو نحوي وبادرني بالحديث، لكنه كان في شغل عني، ما يهمه الان عشيقاتي المصلوبات علي الجدران الموحدية. 
مرت ساعة على انطلاق الحفل وغصت القاعة بالمدعويين والزوار، طافوا باروقة المعرض واكلوا وشربوا ومنهم من اسرفوا، ثم شرعت الخطوات تحبو نحو عتبة القاعة الموحدية. بقيت انظر وانتظر وبيدي نسخة من اللائحة وفي جيبي وريقة بها النقيطات الحمراء اليابسة التي تنتظر سيلان دمعها الدموي حينما تتجهز احدى لوحاتي للرحيل. انتظرت وطال انتظاري. وفجأة رمقت السيد العريض الانيق ذي الارداف الثقيلةيملأ احدى الاركان وبيده لائحتي. ايقنت مع نفسي ان الخلاص آت. انه خلاصي. 
استجمعت انفاسي وتقدمت منه. حياني مصافحا وهويردد: جميل. جميل. اعمال جميلة واصيلة. انها تختلف عما سبق. ولها نكهة التزامية. Bravo.
شكرته بكلمة واحدة ولزمت الصمت. 
- وضع ذراعه على كتفي كانه يعرفني منذ عقود. كاني صديقه وجرفني معه حيث اللوحات الصغيرة. بادرني بالحديث:
- اعجبتني هذه اللوحات الصغيرة التي بها collage، ستتركها لي. سآخذها كلها. لاتبعها. هل معك نقطا حمراء؟  ضعها عليها الان. 
- نعم معي. 
ادخلت يدي في جيبي وهي ترتعش خوفا وطمعا. اخرجت الوريقة التي بها النقط الحمراء، وبسرعة اختطفها من بين اصابعي وخطا نحو اللوحة يسم اسفلها احمرارا، شعرت برعشة تسري في عروقي وانا اقتفي خطوات الرجل، الgaleri ste والارقام تتوالى على ذهني بدون توقف. واي ارقام؟! شد الرجل ذو الارداف على يدي مصافحا وخاطبني قائلا:
-Au revoir, ساعود. 
غادر القاعة واردافه تتمايل يمينا ويسارا. بقيت واقفا ملفوفا بحيرتي وتساؤلات كثيرة تغوص بذهني: لماذا فعل هذا؟ ايحسب نفسه صاحب المعرض؟ اازيل النقط الحمراء؟ ااطلب منه شيكا اضمن به مبيعاتي؟ ماذا ساقول لزوجي، بعت؟ واين الاثبات؟ لم ابع شيئا؟ واخا فباب الرواح؟ انتبهت من غفلتي حين رجع الدم الى عروقي واستيقظت اعصابي من سباتها، واحسست بيد سي جيلالي، حارس القاعة يتبط على كتفي وهو يردد:
-سي محمد، ايه...سي محمد، ساغلق القاعة. 
التفتت اليه وحركة رأسي تقول له: نعم اغلق وارحنا. 
مرت علي الخمسة عشر يوما وانا في حيرة من نفسي، ومن سوء الحظ لم تتوافد اعين المشترين والمهتمين الا على تلك اللويحات الزجاجية المحمرة الشفاه. ولا احد يهتم بغيرها. حضرني المثل الشعبي: ما بان ليك غي في لمزوجة. كنت كلما دخلت القاعة اترك جهة العشيقات المخطوبات واطوف بالاركان الاخرى عساي اصطدم باحدى الباقيات وقد احمرت وجنتيها. لكني اجد الجميع صائمات عن الكلام، يتتبعنني باعين دامعات. 
جاء اليوم الاخير. يوم جمع المحصول. وبينما  احزم لوحاتي واذا بالشبح العريض ذي الارداف يرتسم ظله بجانبي. رفعت راسي اليه فوجدت عيناه الضيقتين، ترمياني بنظرات ملؤها التاسف والشفقة. كشف عن ابتسامة خبيثة وانحنى علي هامسا: فين اللوحات، ياك ما بعتيها؟ 
اشرت اليها وهي متكأة على بعضها، مسندة الى الجدار الحجري. 
احسست بذراعة الثقيله المشحمة تخر على كتفي كانها صخرة موحدية هوت علي من عل. سحبني من مكاني، من وسط عشيقاتي المتراميات على الارض وهن ينظرن الي وانا مجرور تحت تيار الذراع المشحمة. بادرني قائلا:
-سآخذ منك تلك اللوحات كلها، لكن بدون اطار. لقد عودت زبائني على نوع اخر من الاطارات حتى اصبحت ميزة خاصة برواقي. وستكون هذه اول لبنة نضعها لمشروعنا. ما سترسمه من الان ساخذه منك، لاتقلق. ولاتبع لغيري. سيكون بيننا عقد موثق. 
وهو يتكلم، لم اعد احس بثقله الذي بات يضغط على جسدي المنهوك. اصبحت كتفه كريشة حمامة احملها فوق راسي. سرنا وسرنا نطوف بارجاء القاعة الموحدية وكاننا نزورها لاول مرة. 
تابع يسرد علي قوانين لعبته الماكرة:
-سنتفق على المواضيع التي ستتناولها في لوحاتك مستقبلا، لان هذه المعروضة حاليا لاتعجبني، فيها شوية سياسة. ههههه. ونحن نتعامل مع الفن، اشبغينا شي سياسة. ههههه. سنتفق على المقاسات، نبدأ بمقاسات كهذه، صغيرة ثم ننتقل الى مقاسات اكبر. واخا؟ OK?  
- نعم،  كما ترى. 
وهو يتأبطني كمحفظة مدرسية، وانا مطأطئ الرأس اتلقى نبرات صوته الانثوي تنقر صفيحة مخي:
-بالنسبة للثمن، ساعطيك مئتا درهم عن كل لوحة. انها صغيرة وبدون اطار،، وانت مبتدئ، غير معروف، وانوي انشاء الله تشجيعك، و من حظك انك تتعامل مع گليريه مشهورة، واعمالك ستعرض بالخارج، فرنسا وباريس وبلجيكا واسبانيا ومدريد وحتى نيويورك. وستطبع على كتالوجات ومجلات وووو. كم عدد تلك اللوحات الموجودة الان؟ 
-عشرة. 
- اذا ساعطيك الف درهم، وبعد اسبوع مر علي بالقاعة اعطيك الباقي، ولكن جيب معاك شي حويجة، عنداك تجيني خاوي.

احمد علي صدقي

رقصة الحياة.
كم هي قصيرة الحياة حينما نزور مقبرة لنتعظ ونقرأ على شاهد قبر أن فلانا ازداد سنة كذا... ومات سنة كذا... نستخلص من هاذين التاريخين أن مدة الحياة تساوي مدة نطق ذلك "الواو" الذي بينهما..  ولكن كم هي طويلة المسيرة خلال اعوامها.. حين ننظر الى وراءنا ونتقصى من أين بدأنا والى أين انتهينا، نعجز عن عد الساعات التي ااستثمرناها في مشاريع التعب والجري وراء السراب.. في البحث عن قطمير سعادة تحت ركام من التعاسة وعن نور أمل نراه في الافق.. نتقدم اليه وهو عنا يبتعد.. 
نبدأ الحياة ببكاءنا على مغادرة مكان دافئ حملنا تسعة اشهر.. اسكننا مجانا.. وأطعمنا خير الطعام.. نبكي على وداع فضاء ألفناه، يقدفنا لفضاء شقاءٍ، يصعب علينا استكشاف كنهه و خوض العيش فيه.. فضاء نبدأ مسيرتنا فيه بالاتكال على قوة غيرنا. ولن يعيرها ايانا بسهولة بل يبخل بها علينا في كثرة الأحيان.. نستغريه بضحكاتنا البريئة.. ليحبنا ونستهويه ببراءتنا ليتعود على حبنا.. و قد يتحول مرات الى عاشق يفنى حبه في حبنا.. ثم نكبر شيئا ما، فنثور.. نطالب باستقلالنا عن كل الآخرين.. نزحف، وبلا كلل نسير.. نسقط.. نُجْرَحْ.. نبكي.. عازمين على التحرك من مكاننا.. سنة الله في الارض.. فمن لا يتحرك يموت.. ثم نمشي على أربع.. ثم نحاول الوقوف كما هم واقفون الآخرون.. وضعهم يغرينا ونحن اقزام وهم أمامنا بطول الجبال.. نحاول الوقوف ونتشبت بموقفنا.. الوقوف هدفنا و المشي أملنا.. ثم نقف على اثنين.. ونجري.. ونكتشف.. ونسقط.. ونجرح.. ونبكي.. و نُتَهْتِهْ.. وكالببغاء نحاول تقليد كل شيء.. نردد صدى من تكلم.. نحاول النطق بما نطق به الآخرون.. تستهوينا غرابة ولحن ما سمعناهم يقولون أنه اللغة او الكلام.. نتحمل لنصل أَشُدَّنا.. ثم نفتخر بقيمتنا.. بشخصنا.. بذكاءنا.. بنجاحاتنا..  بإنجازاتنا.. ثم نبهت في أعين الزمان ونرى انفسنا وقد فقدنا قوتنا وذبل كل شيء في أعيننا كما ذبلت قوتنا كثلج في شمس ساخنة، فماه..  فيستولي علينا ضعفنا ويرغمنا على الاستسلام لعكاز نتحايل على انفسنا بزخرفته.. نتكئ عليه.. على ثلاثة ارجل امسينا نتحرك قبل أن نزحف ثانية من جديد.. ثم نطالب بالإعانة.. ويكون الختام ببكاء الآخرين علينا، و حث التراب على وجوهنا.. يسلموننا لبيت مظلم لا يتركون فيه معنا سوى وحشة قاسية هي الصديقة احببناها ام كرهناه..
اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما احييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثارنا على من عادانا وانصرنا على من عدانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا ارحم الراحمين يا رب العالمين.. آمييين...

احمد علي صدقي من المغرب

بقلم جمال حلمي

دعن أدون 
الشعر والزمة
 لعله يرضي أمانيها
........................................................

وأنسج من الحروف
أعذبها كي أثمل 
قلبها وأرويها..... 
.......................................................

دعن  أبدع في
وصفها 
عسى يرضيها ويثنيها ..
.......................................................

وتأتين طوعا لاكرها 
وبالأحضان 
تبادلني كما كنا 
منذ وقت قليلَ
.......................................................

أيتها الحسناء 
أرتسم  الحسن 
فوق وجهك 
وعينيك البدر 
سكن نواصيها ....
........................................................

فائقة الجمال انت 
القمر تتبع 
خطاك  
والنجم  يحرسك 
من الأرض ومافيها ...
........................................................

دعن  أحظى بالذي 
أرضاه منها 
فهي كما النيل  
أحتثي أعذبة كي
اشفي النفس سقماها .
........................................................

يالني ما عاد في العمر  
الكثير  ........
الآخرة  فينا تنادينا 
.......................................................

وأستبد  العمر أعمارنا 
وماعاد باليد  حيلة 
.......................................................

دعن   أخاطب  الزمان 
  ( أيها الزمان ) 
( صادفني ) والفؤاد 
 كسرا فمن ذا الذي يجبرة ؟
وماهي   .........  الوسيلة  ؟

.......................................................
( دعن أدون الشعر ) 
.......................................................
بقلم جمال حلمي
.......................................................