‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقال تحليلي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقال تحليلي. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 1 فبراير 2022

بقلم / مازن جميل المناف

 هذا ما سيكون ضمن كتاب : 

 "كيف تكتب رواية ناجحة "

 للناقد والروائي الأستاذ كاظم الشويلي

 وما تناولنا ضمن الجلسة الأديبة التي اشرفت عليها  د.سعاد مقداد الأسدي 



جدلية الفكرة واهمية طرحها في الرواية

 

 


فيديو اللقاء 

لا شك في كل النتاجات الأدبية نحتاج الى انعطاف وارتباط يجعلنا في انتماء وثيق متأصل مع عمق الفكرة وتركيبتها الواضحة لرؤى الواقع ويمكن القول ان الرواية فن ادبي يمتاز بأسلوبه السردي والنثري وبما ان عنصر الفكرة من اهم عناصر الرواية التي تجعل القارئ في تأملات دلالية يغوص من خلالها الذهن  في تجليات وحيثيات تتناسب مع طبيعة الطرح وظروف المرحلة المؤثرة في الواقع الذي نتعايش معه , ينبغي ان يستمد الروائي خلاصة الفكرة ضمن جوهر مثالي يوظف لمعالجة وطرح الآم الواقع في صيرورة اطرها الفكري الانتقالي واستخلاصها من تعقيدات وتحديات الحياة التي يصطدم بها الإنسان كجزء أساسي لجسد الرواية ضمن تصورات حقيقية تلامس شغف القلوب لتجعل القارئ تحت تأثير وجداني مباشر يغرس تأملاته ضمن واقعية الطرح والفكرة لتستفز احاسيسه واندفاعته وانفعالاته بشكل يحاكي ويخاطب الروح والذات من خلال تفاعل متزن يجمع عنصر التشويق والإثارة مع الصراعات المجتمعية , يفرض مستواها من الم الواقع المحيط بالإنسان يحمل افق بعيد بغية الوصول الى مواطن تحفيز القيم الإنسانية في اغوار احداث آلمت بنا من حزن وفرح وغضب وغيرها ضمن حيثيات صحيحة ناضجة تداعب وتغازل مخيلتنا بأساليب السرد الروائي يجعلنا نفتش عن العقد بين دفتي ( الرواية )  ولان عنصر الفكرة يضعنا في اجواء تلائم احداث جمعتنا في حقبة زمنية ولدت ارهاصات لابد من قراءتها بشكل موثق وممتع سلس يعالج القضايا الاجتماعية ضمن معترك الحياة .

ويعد عنصر الفكرة في الرواية منظومة معرفية تخدم الجانب النفسي ذات قيمة خيالية تمتزج بالواقع لتعبر عن مكانة مهمة في عوالم الأدب الاجتماعي الإنساني الذي يحفز مشاعر وانفعالات القارئ في عاطفة جياشة لأن الفكرة التي تطرح من صياغة الواقع تتجلى بصدق شعوري واقعي آني , دائما ما يكون مفعم بالوجدانية التي تضفي جمالا ادبيا باعتباره خطابا ادبيا ينتج عن دلالة لإعادة تركيبة مفاهيم واطر معاناة تناسب معايير الطرح المتزن على ارضية الواقع في كل جنس ادبي كنهج ودعوة ثورية تحاكي العقل الباطني دون تشتت وعبثية ضمن معطيات حقيقية تجعلنا في ثبات  بعيدا عن الانفلات العقلي حينما نتناول مضمون يخترق ذهنية القارئ بشكل يدغدغ مشاعره نحو كشف الحقائق ضمن اخلاقيات انسانية تبث روح العطاء المتدفق في جوانبه التنظيمية ولأننا نحتاج الى محطات وعتبات انطلاق متينة ضمن عنصر الفكرة وتداولها لتتوزع مساحاتها على عناوين توسع وتؤهل الذهنية وتوظف الحقائق في توصيفات سردية مطلوبة وناتجة من منظومة فكرية توعوية لبناء تنظيمي وثيق يرتبط جوهريا مع القيم الموضوعية التي ترتقي بالطرح المعتدل ضمن عنصر الفكرة , واعتقد ان المواضيع الرومانسية الروائية و المطروحة و المتداولة سابقا هي ورقة محترقة في الوقت الراهن العصيب ذلك لان حجم الألم والوجع استفحل في تعاطيه بجسد وفكر الانسان ولم تعد التوصيفات الغزلية تستثمر ثوابت الاهداف المرجوة مالم يكن الألم والوجع جزء منها , وبما ان الواقع الراهن مليء بالأحداث الصاخبة والمفجعة فلابد هناك بناء حقيقي للطرح ضمن عنصر فكرة الرواية يجعلها في تماسك ودقة يتناول منهجية الطرح لمعالجة قضايا اكثر اهمية.

《فلا خير لأي جنس ادبي مالم يعالج بطرحه ضراوة ايدولوجية الاحداث بثقل واضح وفعال ومؤثر ومثمر يؤهل الرواية الى خلق تمازج حسي وادراكي وروحي يضع القارئ في خضم الفكرة بخطوات ثابتة وفعالة مرتبطة بالحس الخطابي الروحي والتذوق الشعوري موضحاً معالم ازمات ونكبات الواقع الحياتي المتأزم

 المختلف على اعتبار ان النص الروائي السردي هو وثيقة يدون فيها كل التصورات بشكل جدلي واسع لا يمكن ان يتجاهله احد متناولاً عنصر الزمن واضعاً القارئ في تحليل وتفسير وتفكيك طلسم احداث الواقع المر بشكل صريح وواضح في كل تجلياته تباعاً , ومن هنا نستطيع القول ان اتجاهات الرواية لابد ان تأخذ مساراً صحيحاً يحفز الوعي المعرفي والثقافي البحت .


صورة للناقد والروائي الأستاذ كاظم الشويلي

الجمعة، 17 يناير 2020

صدام الزيدي

Rita Alhakim
Fathi Gumri
Hassona Fathey

التشذيب وإعادة الكتابة.. تجارب وشهادات (2)
                      --------------------------

* عبد السلام الربيدي (كاتب وباحث أكاديمي/اليمن): الكاتب أو الباحث الذي يعدل ويزيد وينقح عمله بصورة أصيلة وحقيقية يحترم القراء

* ريتا الحكيم (شاعرة/سورية): علينا أن نحترم تجاربنا الأولى وأحياناً تُعاد الطباعة لأسباب فنية كسوء الطباعة كما حدث معي

* فتحي قمري (شاعر/تونس): من المعيب أن يتبرّأ الشاعر من إرثه القديم

* حسونة فتحي (شاعر/مصر): التشذيب إعادة تدوير لفكرة النص وفق رؤية آنيّة للشاعر وهذا أمرٌ سيّء
                          -----------------------
لماذا يُعيد الأدباء والكتّاب النظر في أعمال ونصوص منجزة لتصدر ثانيةً إما في "طبعاتٍ منقّحة" أو في مجلات وصحف ومواقع للنشر الإلكتروني، تحت استدراك/تنويه: "كتابة ثانية"؟!. عربياً وعالمياً هناك أسماء وتجارب لافتة، اتسمت مسيراتها بالعودة إلى تشطيب شبه جذري لكتب وأعمال منجزة، كما أن البعض منهم (في غير مناسبة) تمنّى لو أنه عاد لتنقيح وغربلة كتاب ما.
عندما تُنجز دراسات وبحوث حول تجارب وإصدارات، ثم بعد حين يتغير شكل ومضمون تلك الإصدارات والنصوص بسبب أنها خضعت لكتابة ثانية، هل يفضي هذا بالضرورة إلى متغيرات جديدة في سياق القراءة والتحليل والدراسة والتقييم؟ هل البدايات هي من يفرض الأمر (بدايات تجربة ابداعية ما ليست بالطبع كمراحل لاحقة تصل فيها التجربة إلى النضج)؟ كيف أن أمر إعادة النظر في نتاج إبداعيّ مرّت عليه فترة من الزمن يكون وارداً لدى البعض وغير وارد لدى آخرين؟ كيف ينظر الأدباء والكتّاب إلى ظاهرة التشطيب وغربلة النصوص والمؤلفات من جديد أو ما عرف قديما بـ"التحكيك"؟ وما هي شهاداتهم من زاوية التجربة الشخصية حول "إعادة الكتابة"؟  
هذه الأسئلة نطرحها في هذا الملف على أدباء وكتّاب وباحثين أكاديميين. هنا الجزء الثاني منه:

السبت، 2 نوفمبر 2019

بقلم الدكتور عبد العزيز اليخلوفي

محمد اديب السلاوي في إصداره الأربعين
يستعرض أزمات المغرب...ويتجاهل أزماته الذاتية


 بإصداره " أزمات المغرب، الى أين ؟ " يكون الكاتب والإعلامي محمد اديب السلاوي، قد وضع الحلقة الأربعين في مساره الفكري، الذي يجمع بموسوعية نادرة بين السياسي والثقافي/ بين الأدبي والاجتماعي، برؤية واضحة وبمنهج استقرائي يضع القارئ وجها لوجه أمام الحقائق العارية.
 بعد أن يستقرأ الكاتب الموسوعي، مفاهيم " الازمة " في القواميس اللغوية والمعاجم العلمية، باعتبارها خلل فادح في العلاقات، تؤدي باستمرار إلى اختلال في التوازنات، يتجه إلى معالجة الأزمات التي تواجه المغرب الراهن، في إدارته واقتصاده ومجتمعه، وكل مناحي حياته، طارحا أسئلة عميقة ومحرقة، تعكس إصراره على كشف خبايا هذه الأزمات، ومواصلة البحث عن مسارات الإصلاح التي من شأنها تأمين موقع المغرب على خريطة الألفية الثالثة.
 يتوزع هذا الكتاب، (160 صفحة من القطع الصغير) على أربعة محاور: ثلاثة منها تعري وجه الأزمات المغربية المترابطة : أزمة الفقر/ أزمة السياسة/ أزمة الفساد أزمة العنف/ أزمة الهاجس الأمني/ أزمة الجريمة/ أزمة اقتصاد الريع/ أزمة الرشوة. والمحور الرابع يتوقف عند مفاهيم وقيم الإصلاح وأسئلته ومحاوره وأزماته.
 هكذا، يضعنا الأستاذ محمد أديب السلاوي في كتابة " الأربعين" أمام رزمة واسعة وشاسعة من الأزمات المترابطة، حيث يشعرنا، أن لا وجود لأزمة بمعزل عن الأخرى، خاصة في ظل تشابك المتغيرات وتنامي قضايا الفساد التي تربط السلطوي بالاقتصادي، والسياسي بالاجتماعي.
 إن تحليل الكاتب للأزمات التي عطلت/ تعطل المغرب منذ خمسة عقود أو يزيد، يعطي الانطباع، أن جل التدابير والإجراءات والورشات التي اعتمدت خلال هذه الفترة، لمعالجتها لم تخرج عن سياق الحضور القوي للبيروقراطية من جهة، ولمنظومة الفساد من جهة أخرى، وهو ما شل حركة الإصلاح ليجعل المغرب لا حول له ولا قوة لمواجهة أزماته المترابطة. بل هو ما جعل مبادراته الإصلاحية في نهاية المطاف، لا تزيد عن كونها مبادرات شكلية غير ذات جدوى.
 يقدم هذا الكتاب من خلال محاوره الثلاثة الأولى، نظرة تحليلية شاملة ومعمقة للأزمات التي واجهت/ تواجه المغرب قبل حلول الألفية الثالثة، وبعدها وهي أزمات تمتد من الفقر الى الفساد إلى اقتصاد الريع، إلى الصراع مع عنف السلطة، وعنف الجريمة وعنف الأمية والجهل. كما يقدم لنا في محور خاص بالاصلاح (المحور الرابع) آفاق المستقبل الذي يحلم به المغاربة، والمعوقات التي تقف في طريق الإصلاح والتنمية، بسبب غياب التخطيط العلمي، والافتقار إلى التطور التقنولوجي، وغياب القيادات الحزبية والسياسية والإدارية التي تستطيع وضع المغرب على سكة الأمان.
 وتجب الإشارة هنا، إلى أن الكاتب الموسوعي الأستاذ محمد اديب السلاوي، الذي عمل/ يعمل منذ خمسة عقود من الزمن المغربي، على تعرية الملفات السوداء، للفقر والفساد والأمية والجهل والمرض والبطالة لمغرب عهد الاستقلال، ووضعها بمنهج إعلامي/ أكاديمي في سلسلة كتب صريحة في طروحاتها، بسيطة في لغتها ومنهجها، تحمل على عاتقها مسؤولية القضية.
 إن " المخدرات في المغرب وفي العالم / والرشوة الأسئلة المعلقة / وأطفال الفقر/ والانتخابات في المغرب إلى أين؟ / والسلطة وتحديات التغيير/ والمشهد الحزبي بالمغرب قوة الانشطار/ والإرهاب يريد حلا / وعندما يأتي الفساد / والسلطة المخزنية تراكمات الأسئلة / وأية جهوية لمغرب القرن الواحد والعشرين/ والمغرب، الأسئلة والرهانات/ والسياسة وأخواتها/ والحكومة والفساد من ينتصر على من؟ / والحكومة والأزمة من يقو من؟، جميعها عناوين لكتب جاءت متسلسلة متواصلة خلال العقود الخمسة الماضية، لتساهم في إضاءة الطريق نحو الإصلاح المنشود، وهي الكتب نفسها التي بلورت لكاتبنا الكبير نظرته الواضحة إلى مغرب اليوم...ومغرب الغد الذي نحلم به.
 لربما يكون الكاتب محمد اديب السلاوي، هو الإعلامي المخضرم الوحيد في جيله الذي استطاع مراكمة هذا العدد الهائل من الكتب التي تضيء المشهد الاجتماعي/ السياسي في مغرب النصف الثاني من القرن العشرين، بالكثير من الاحترافية الأكاديمية، وهو ما جعل/ يجعل من كتبه السياسية / الاجتماعية، مرجعية أكيدة في الدراسات السياسية والتاريخية. فالكاتب من خلال منجزاته لم يكتف بحضوره المكثف في المشهد الإعلامي العام، ولكنه أصر أكثر من ذلك على حضوره الفكري والسياسي والسجالي في المشهد الثقافي الوطني، حيث رافق هذا الحضور بطرحه أسئلة عميقة، تعكس بوضوح وشفافية حرقة وقلق المثقف الذي ينخرط حتى النخاع في قضيته الوطنية.
ما يلفت النظر في السيرة الثقافية/ الفكرية لصديقنا، صاحب كتاب " أزمات المغرب، إلى أين...؟ هو أنه ألح على استعراض كل الأزمات التي تعيق سير المغرب الراهن، بالكثير من الدقة والشمولية والحرفية الأكاديمية، ولكنه تجاهل عن قصد، أزمته الخاصة التي تضرب حياته بعنف خارج كل قيم المواطنة، وقيم دولة القانون.
 الأستاذ محمد اديب السلاوي، الذي أغنى الخزانة الوطنية والعربية بمؤلفاته السياسية والثقافية والاجتماعية والفنية، والذي يصدر كتابه الأربعين وهو في الخامسة والسبعين من عمره، يعاني من أزمات حادة/ يعيش بلا راتب، بلا تقاعد، بلا تغطية صحية، يعاني من أمراض القلب والشرايين، لا حول له ولا قوة على الصراع مع السلطة من أجل عيشه اليومي، وهو ما دفع العديد من المثقفين المغاربة إلى مراسلة وزيري الثقافة والإعلام، والديوان الملكي من أجل فك أزمة هذا المثقف الوازن، الذي أعطى كل شيء دون أن يأخذ أي شيء...دون جدوى.
 في هذا الكتاب، يتأمل الكاتب، التحديات التي تواجه المغرب خارج ضوابط المراقبة...ويتجاهل أزماته الخاصة التي تكبر يوما بعد يوم خارج كل القيم الإنسانية.
 والسؤال : إلى متى يظل محمد أديب السلاوي صامتا عن وضعيته المتردية...؟.

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

بقلم د.رمضان الحضري

النزعة الدرامية 
في شعر العامية المصرية
( درويش السيد _ عادل عبدالموجود _ محمد جمعة )

*************
الصراع هو أبسط تعريف لكلمة الدراما ، وهو يعني وجود متناقضات بين شيئين أو أكثر ، وهذا التناقض لايعني تناقضا في الشكل فقط ، فلا أعني التناقض بين الليل والنهار أو الخير والشر أو الأبيض والأسود أو غيرها ، ولكن هذا التناقض لابد أن يحمل أثرا نفسيا في عقل المبدع والمتلقي .
كان الشاعر العربي _ قديما _ غنائيا يسير في اتجاه واحد ، فإذا كان حزينا رأى الكون كله حزينا مثله ، والعكس صحيح ، يقول أبو فراس الحمداني :
أقول وقد ناحت بقربي حمامة 
أيا جارتا هل تشعرين بحالي 
أيا جارتي ما أنصف الدهر بيننا
تعالي أقاسمك الهموم تعالي
فالشاعر لأنه حزين رأي الكون من حوله حزينا ، بينما الحزن الاكبر والمؤثر في النفوس أن يكون الإنسان حزينا والكون من حوله يكون فرحا ، كما يقول بدر شاكر السياب :
أجنحة أربعة تخفق 
أجنحة في دوحة تخفق 
وأنت لاحب ولا دار
فالشاعر هنا يرى أن هناك طيورا فرحة وبينهما حب ويمتلكان عشان ، بينما هو كإنسان لا يملك حبا ولا عشا ، ومن هنا تكون المأساة أكبر تأثيرا في النفس .
وقد انتبه شعراء العامية المصرية إلى أهمية ان يكون شعرهم العامي يحمل النزعة الدرامية حيث إن كل فنون القول تصبو للوصول إلى التعبير الدرامي ، فحينما تكون الصفحة بيضاء وأريد أن أزيد بياضها ، فلا أضع لونا أبيض أكثر ، بل يكفيني أن أضع خطا أسود على هذه الصفحة ليتضح لونها الأبيض أكثر بياضا .
فالمتناقضات يظهر بعضها البعض ، فلا يشعر بالعدل إلا من ذاق مرارة الظلم ، ولا يستعذب اللقاء إلا من شرب من بحار الغربة ، وهذا ما انتبه إليه المتنبي العظيم حينما وصف محبوبته بقوله :
الوجه مثل الصبح مبيض 
والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استجمعا حسنا 
والضد يظهر حسنه الضد
من هنا نرى حرص شعر العامية على مواكبة حركة التطور في الشعر ، وسوف أقدم ثلاثة نماذج مختلفة من شعراء العامية المصرية ، يتميز كل شاعر منهم بلونه الخاص في التناول وبناء النص ، وهم ( الشاعر درويش السيد والشاعر عادل عبد الموجود والشاعر محمد جمعة ) . 
*******************
يقول الشاعر درويش السيد
 في ديوانه ( تكعيبة عشق ) في قصيدة بعنوان ( مسحراتي ) :
مسحراتي وفارد ع البلد شوقي 
ترن الطبلة في عروقي
الحلوة صاحية 
وسامعة الندا ولا 
اصبر شوية عبال ياحلوة ماتروقي
ياحلوة صحي الولاد السمر وارقيهم 
هاتي الكتاب والقلم والحب مليهم
واحد دا يبقى الإله 
اتنين انا وانتي
ما انتي اللي حبك امل يكبر ويحميهم 
الف الف البلد ليله ورا ليله
والبه بحبك قوي ف الشمس ضليلة 
والته تلاته اربعة نتلم حواليكي
ألاقيكي فاردة بحنان طبلية العيلة 
مسحراتى وداير بصحى سابع جار
وصى عليه النبى
الصحبه بأستمرار
جبريل نزل له وقال له
ياأمين وصى
الجار لجاره يعيشوا
فى حب ليل ونهار
مدالادين بالسماح
شبكها تبقى بيوت
خلى الولاد الملاح
تتربى ع النبوت
فتح بيبان القلوب
الصحبه والجيره
شرط الاميره تكون
العشره بنت بنوت
مسحراتى وداير
بلعب فى القمر كوره
عشاق جوارى وحوارى
القلب مكسوره
لوكنتى عارف بأن
القلب ده عيل
ماكنت اليل ولا
أعشقها فى الصوره
يابنت يامودده
كيد كادنى
مين اللى قال الفدا
تقبق حروف ودنى
انااصلى عارف بأن
القلب مش خالص
لمى البوالص وخلى
المينا ترفضنى
مسحراتى وقلمى
مشرط العشاق
اكتب اهات القلم
تصبح فى يوم ترياق
واصبر على قفيتى
حبه ورا حبه
وأبدى بزور المحبه
تطرح على الأوراق
شمس الاصيل فتحت
شافت هموم الناس
والبنت اهى اتمرجحت
على ندهة الحراس
انا قرش ناحيه ملك
والناحيه دى كتابه
كدابه لو صدقت
انى هبيع الفاس
*******
كان إبداع فؤاد حداد في المسحراتي يفوق الوصف ، حيث كان يتناول مشكلات وطنه العربي من ماء المحيط إلى ماء الخليج ، بينما تأتي بناية درويش السيد تفوق الخيال في معالجته لموضوعات اجتماعية مهمة ، فالنص يحمل الصيغة التربوية الأخلاقية ، النص تذكرة بما كان وما آن ، هو لايقيم مقارنة بينهما ، لكنه يقيم حلما بأن يعود ما كان ليعيش معنا في حاضرنا ، وإقامة الحلم هو أساس إقامة الحياة ، فالمجتمع الذي لايحلم لا يتقدم ، يعني أنه بلغ السقف المطلوب ، فتوقف عن الحلم ، والدولة المحتلة التي لاتحلم لايمكنها أن تتحرر ، والمجتمع الذي فسدت أخلاقه بدون حلم لن تعود له أخلاقه .
ولهذا أصر الشاعر درويش السيد بأن يحلم ليمزج بين الحقيقة وبين الواقع لكي نحتمل هذا الواقع ، إن الحياة الجميلة في الماضي والحنين إليها يحقق توازنا نفسيا للكاتب والمجتمع ، فهو يحلم بجمال الفتاة النقي ، لا يحلم بجسم ولا جنس ولكن يحلم بجمال في عقله وخصال محبوبته ، يحلم بطبلية ولعب الصبية في الليلة القمراء ، يحلم بحب الجار ، يحلم بأن يتعلم الناس أن الواحد هو الله ، وليس قبل الواحد من أحد ولا بعده من واحد .
نعم الشاعر يفهم أن للشعر وظيفة اجتماعية تربوية وأخلاقية ، وهو يحاول أن يقوم بها ، وفي ظني انه نجح نجاحا مبهرا .
************
أما الشاعر عادل عبد الموجود
 فله نص بعنوان ( لو تفهمينى ) 
يقول فيه :
( قل ما تبقى من قاموسك فى الهوى
فاللغو لا يرفع ذليلا إن هوى
من هان عنده كل ود إن علا
هان  علينا واستحق   مانوى )
كل أول له نهاية
والنهاية شيء يقينى
وكان ضرورى إنك تقينى
شر أيام المطر
قبل السحاب مايجمعه
فى  المفردات الملحقات بالنافية
فى " المش باحبك" او فى " لا "
انا مش هاكمل فى الطريق للمنتهى
ما أصله باين مبتداه
من جحر واحد ألف لدغة معلمه
قلب الفؤاد
ومن الرشاد
اتجنب الجحر الرضى
فبكيفك انت اتمردى
واختارى من الأسباب ألوف
وابقى احفرينى فى جذع مكتوب فيه غياب
وجذوره عطشانه لحنين
فمنين يكون جواك أصلا فيه  جنين ؟
وان كان على العشق اللى كان
خلاص ده كان
مجنون بعبلة  ... وعبلة ..ايه ؟
شيفاه جنان
ماهو حتى عنتر  كان بطل
كمل حياته  بالف عبلة من زمان
لكنى فعلا باعشقك رغم  الخلاف
رغم المسافة الواسعة  بنا والاختلاف
فان كنت فاكرة بانى عايش فى الحياة
ونسيت ملامح ضحكتك  والقلب تاه
لا ياحبيبتى الدنيا من غيرك فلاة
باستنى طرح الصبر من ريح الزمن
وعشان خطايا الذنب لازم من تمن
فيظل جفنى يضل جفنى للقا
وانت البصيرة مشرنقة
فاعيد مشاهد من سيناريو كان ضرورى تتكتب
وكان ضرورى تكون مناسبة للبطل
أو انه لازم يعتزل من وقت فات
ماهو مش مهم يكون أمير
وبيان مزركش للخلايق بالحرير
ماهو دوره كان يادوب سند
كان دور حقير
واكمن دوره فى الرواية كان يعدى كالخيال
وماكانشى له تأثير كبير
يادوب يفوت عليه السهو
يلمس وحدته
فما تقبليش منه الصلاة
والسجدتين مش محتاجاهم فى الحياة
ماهو أدى دوره وحط فيك مش سند 
ألفين سند
وانا المقسوم
فى جوايا إلى شطرين
وجود فاعل بيتفاعل
مع الامرين
يكون ازوريس
بيزرع فى الشجر يطرح شيطان من  ست 
فتشقى  ازيس
وتزرف من الدموع  على الخير
وجود تانى فى بير يوسف
ومستنى
لوقت تمر سيارة
عشان يتباع
بكام لحلوح
يكون قدرى لأي عزيز
لكنى برضه باعشقك
لو تنصبي لى من الحيل
تمثال هبل
بيعيد زواقك ويا فستان الزفاف
لعريس جديد
مدهون دهب فتهمى عنى وتبعدى
زلزلى
زلزلى  أرضك خلاص شمسك طفت
كونك ماعادش بينسكن لما اختفت
والروح عشان اتهمشت راحت بكت
تستنى طرح الأمكنة بس بحذر
وقت اما قلتى  ها نفترق    لو تفهمى
كان شطرتين العشق توأم     توأمى
يبقى انفصال الروح بيوجع  بالقوى
الحبة جوة الحبة     واحد وانشطر
قلبك   ساعات  بيدق  طلقات الخلاص
طب فين رصاص الرحمة ينزل كالمطر
والطلق يفلق من الحجر قلب الحجر
يملاه  مرار    و الجرح  علم  واتحفر
يالابسة وش العشق  تحته  الف راق
بوشوش مارقت للهوى من يوم ماراق
من يوم ليوم بتعندى
ولألف عذر بتسندى
فإن  كان  هواكى  تبعدى
يالله  ابعدى
واهو برضه هافضل اعشقك
ما انت الحياة
وانت اللى ضلك جوة منى لمنتهاه
اعيد ملامح ضحكتك وارجع وليد
يازرع فارد للسما ف كل اتجاه
**************
هنا يوضح الشاعر كيف يكون شعر العامية فلسفيا مدركا للحقائق ، فهو يرى العالم مجتمعا في المكان والزمان ، فبئر يوسف وسيارة العصر القديم وبحر إيزيس وأوزوريس ، ومحاولات تجميع الاشلاء المتناثرة ، وغربة عنترة وعبلة ، كلها غربة قديمة جديدة ، فغنى العزيز يقابله فقر الفقير ، وعلو همة يوسف يقابلها السعر الزهيد 
( كام لحلوح ) ، والقصة القديمة تحولت لسيناريو ، فإذا كان عنترة وعبلة كلمات قديمة ذهنية ، فإن الشاعر حادثة نشاهدها بأعيننا ، فكل ماكان معلوما سماعيا أصبح مشاهدا عينيا ، هنا قمة الفلسفة ، حين تصبح كل الأماكن مكانا واحدا ، وتصبح كل الأزمنة متداخلة لتصير زمنا واحدا ، كان بودي أن تتاح لي الفرصة كاملة للحديث عن بناء القصيدة العامية ، وكيف تصبح القصيدة العامية مجسدة في المجتمع شأنها شأن أفراد المجتمع ، فهنا قصيدة عادل عبد الموجود ترسم نفس ملامحه ، في الحركة الحثيثة ، والكلمة الرقيقة ، والثورة الصامتة ، نفس الإحجام والإقدام على استحياء في كلتا الحالتين ، لو رسمت القصيدة شخصا دون معرفة شاعرها سوف يكون الرسم وجه عادل عبد الموجود ، كيف يكون ذلك ؟ وكيف رأيت أنا هذا ؟ يمكن أن نوضح هذه النقطة في حديثنا داخل المؤتمر بامر الله تعالى .
**************  
وللشاعر محمد جمعة 

نص بعنوان ( زحمة افكار ) يقول :
********
زحمة  افكار  جوه دماغي
عملالي  دمار  جابت  داغي
منها  عن حالي  الغير عادي
زحمة  افكااااار
راضي  بموالي  و مش راضي
حادي  بادي  ف  حضنك بلادي
نتأخر  نلزق  في  الماضي
دا  بقى استهتااااااار
والمحشي  النحشي  كونحشي
واللي بيفوت  ما بيرجعشي
طب  قولي  الطز   ازاي  تخرج
بره   المضماااااار
ريحة  الأسعار قلبت  مخي
والفته  المطبوخه  بيخني
مع  بصله  وتومها مدوخني
مع فلفل  حاااااااار
والسوق ... السوق  الجواني
و الفاكهه  بتزغلل  عيني
لو  اطولها  اخطفها  و ل ولادي
اديها  فراااااار
وسياسة  الناسه  كواناسه
عنبتنا  وطرحت  قلقاسه
والكل  بيلحس  في الكوسه
ما فيهاش  دي  هزاااار
بمزاجي  ألاعبك  وانهبني
وح اسيبك  دايما  تغلبني
بس  تريحني و على مهلي
وخليني  اختاااااار
مسموح لي  امشي أو  اهرول
واسأل  ليه  بكره  كتير  طول ...؟
وكأن   الطالع    دا   مدهول
يمكن   فشااااار
اديني الشايب  انا  راضي
واسقيني من الكوز  الفاضي
مرمطني  وقولي  انت رياضي
من  غير  إنذااااار
قعدني ف كوشه و جوزني
واسقيني الجوزه  ومزجني
طلع  دخاني  وعذبني
وبلاش إشهاااااار
سخني   و ارجع   بردني
حليني   شويه   ومررني
بعني  أو  اقلك   أجرني
جربني  إيجاااااار
شخلعني و علقني  ب لحمي
على كيفك  صد   و مرجحني
و اتوكل  قبل  ما تدبحني
طلع لي  قرااااار
ادفني  صاحي  بمصباحي
اردم   احزاني   وافراحي
بس  اوعي تمزمز  ف جراحي
بكفايه مرااااار
حرر   افكاري  و حررني
وإعلف  في  حماري  وخدرني
سوقني  ما انا  شايف وبضهري
آخر  المشوااااار
إدعي  ف صلواتك  تعدمني
إرمي  جمراتك  و ارجمني
وإن عشت  ..... بايدك  بهدلني
ماهي  دي  الأقداااار
امنحني بطاقة  ودعمني
تموين بعباطة يشيل همي
و احذفني  وشيل خالتي وعمي
و ارميني ف نااااار
امنح  بيمينك  قبضني
بشمالك خدهم  نفضني
شطب في جيوبي وقرقضني
ما هي قط و فااااار
فرقني  وارجع   قسمني
م انا  عايز ( كومي) يلازمني
رغم  انه  ف  ايدي  بتهزمني
ماهو  دا  استحمااااار
فرفشني  بكورة أو  إنعشني
دوري  مع  كاس  كله بيمشي
مع  اهلي ... زمالك  تناغشني
في  الجون  إبهااااار
مصري .... وبحبك يا بلادي
لكن  غيلانك  أصفادي
انا  عشمي  ف خيرك  يا فؤادي
من  غير  اسراااار
*************
شعر محمد جمعة نوع من الكوميديا السوداء ( شر البلية مايضحك )
يقدم مفردات اجتماعية سياسية اقتصادية رياضية ثقافية ، ويلعب على وتر الخفة والفكاهة ، ويعيد لنا نقدات بديع خيري وفتحي قورة في أسلوب بيرم التونسي ، فالشاعر يقدم نصه على أنه أفكار كثيرة داخل رأسه لاتجد لها مكانا ، فلابد أن يجعل المتلقي يشترك مكانه في البحث عن أماكن لهذه الأفكار ، هو يعلن منذ اللحظة الأولى أن هذه الأفكار مجهدة وليست مغرية ، ومتعبة وليس في سردها لطف ولا رقة ، لكن كثرتها جعلته يبوح بها 
إن العذابَ يُطاقُ غيرَ مُضاعفٍ 
فإذا تضاعفَ صارَ غيرَ مُطاقِ 
نعم الشاعر هو قمر بلاده الذي يعكس ضوء الحياة في مجتمعه على صفحته ، ومحمد جمعة ينقل صوتا اجتماعيا ناصحا أمينا واضحا بلا مواربة لكل من حوله ، فهو يتحدث عن ذات مجتمعية لا عن شخصية شعرية ، وهذا ما يدعو له النقد دوما ، أن الشاعر مسئول أمام الله ، لأن الشاعر ضمير الأمة ولسان ينطق عمن لا يجيدون الكلام ، وعين ترى الطريق لمن عموا ، وأذنا تسمع نيابة عمن صموا ، وقلبا ينبض بالحب للجميع ، هكذا كان شعر محمد جمعة .
**********
ستظل العامية المصرية لسان حال الوطن العربي وبخاصة شعب مصر ، فالعامية المصرية هو صوت الضعفاء إذا ظلموا ، وحاجة الفقراء إذا طلبوا ، ونداء المخلصين إذا نصحوا .
شكرا للشعراء المصريين / درويش السيد وعادل عبدالموجود ومحمد جمعة الذين أمدوني بأشعارهم لأكتب هذا الدرس ، وشكرا للشاعر المصري العظيم محمد البهنساوي رئيس شعبة العامية المصرية بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ، فإن وفقت فهذا من فضل ربي ، وإن كان غير ذلك فهو جهد المقلين اجتهدوا وعلى الله السداد .
***********

د.رمضان الحضري 

محمد أديب السلاوي

"القراءة" الأزمة المؤلمة والمحزنة.



-1-

في المغرب الراهن، تعاني التنمية الثقافية / التنمية البشرية، و تعاني  التربية والتعليم، كما يعاني كل المجتمع، بكل فصائله وأطيافه، من أزمة حادة اسمها "القراءة".فصناعة الكتاب و إبداعات المسرح والسينما والموسيقى والفنون التشكيلية والسياسة والاقتصاد والثقافة لا يمكنها أن تؤدي دورها في التنمية خارج القراءة

نظرا للتطور الحضاري/التكنولوجي الهائل ،والانفجار المعرفي الذي أصبح يشهده العالم الراهن ،والاهتمام الإنساني بحرية التعبير وإبداء الرأي،اتسع مفهوم القراءة ،إذ أصبحت تشمل تغيير رموز الحضارة والإنسان والمعرفة، وبالتالي رموز الحياة وما بعدها.

اجتماعيا وتربويا  وعلميا وثقافيا، مازلنا هنا نعتبر مفهوم القراءة أمرا بسيطا، لا حاجة لنا للبحث في أغواره، علما أننا في مراتب متأخرة حضاريا وثقافيا وعلميا وتربويا بسبب انعدام القراءة.

الأمة التي لا تقرا، امة غير نافعة لا لنفسها ولا للحضارة الإنسانية، لا تجد الحلول لمشاكلها، تعتمد باستمرار على العقل الآخر من اجل عيشها وحضورها وتواصلها مع العالم.

الإحصاءات الدولية في موضوع القراءة تقول أننا  نقرأ في أحسن الحالات  ساعة  واحدة في السنة، مقابل عشرات و مئات الساعات من القراءة في الغرب واسيا، وهو ما يعنى أن القراءة في البلاد المتحضرة، هي باب المعرفة، هي باب التقدم الحضاري.

                                              -2-

عن مؤسسة بريطانية متخصصة في قياس درجة الثقافة العالمية، أن المواطن الهندي  يخصص عشر ساعات و42 دقيقة في الأسبوع للقراءة / وان المواطن التايلاندي يخصص تسع ساعات في الأسبوع للقراءة /وان المواطن الصيني يخصص ثمان ساعات أسبوعيا للقراءة/ وان المواطن السويدي يخصص سبع ساعات أسبوعيا للقراءة/ وان المواطن الفرنسي يخصص ست ساعات ونصف للقراءة أسبوعيا / وان المواطن العربي لا يزيد على خمس دقائق للقراءة أسبوعيا.

يعني دلك بوضوح أن القراءة تعاني في العالم العربي من وضع محزن ومؤلم، وان هناك جريمة اكبر من جريمة حرق الكتب التي عرفها تاريخنا العربي،إلا وهي جريمة عدم القراءة.

فبعد أن كان الكتاب  يمثل قيمة كبيرة للمواطن العربي، تراجعت قيمته بشكل مخيف، ويعود هذا الى ضعف الثقافة القرائية داخل الأسرة، داخل المدرسة، داخل الجامعة، ويرتبط ذلك من جهة بالمناهج الدراسية، ومن جهة أخرى بغلاء أسعار الكتب.

                                                 -3-

لماذا تحتل القراءة كل هذه الأهمية... ؟

إنها أول أمر إلاهي انزله الله جلت قدرته على رسوله محمد ا(ص). قال له سبحانه بصيغة الأمر،" اقرأ " وهو ما جعل/ يجعل القراءة في مقام رفيع

القراءة تعني تنمية المهارات العقلية والفكرية، تعني الصحة العقلية وغداء العقل، هي محفز الدماغ للقيام بمهامه وتطوير قدراته التواصلية، وهي مرادفة للتحرر وللتفكير وللحس النقدي وللوعي بالحقوق والمطالبة بها، وهي مرادفة أيضا للممارسة السياسية الفعلية، بها يرقى المواطن ليمارس صلاحياته كاملة في الحياة الديمقراطية. .

القِـرَاءة  لا تعني فقط تراكم الأفكار، بل تعني أيضا، تعلم الخبرات، القدرة على التعبير، بناء الشخصية على أسس صحيحة

القِـرَاءة، هي أهم معيار على سلم التنمية /هي تحفيز العقل على العمل الايجابي، على بقاء الدماغ نشطا، متفاعلا، قادرا على التركيز والتحليل، على تحسين الذاكرة وتطويرها.

والقراءة أولا وأخيرا هي أهم أدوات التربية والتعليم، هي واحدة من المهارات التي تجعل القارئ داخل دائرة المعرفة.

                                             -4-

يقول خبراء القراءة أن القارئ عالم بماضيه وحاضره وأمين على مستقبله، دلك لان القراءة ليست فقط عملية لاسترجاع المعلومات المخزنة بالعقل، إنها أبعد من دلك، عملية تفكيرية،تشتمل على فك الرموز المخزنة للوصول إلى المعاني، المعلومات، الأفكار التي يحتاجها القارئ للاندماج في ثقافته وعاداته وقيمه ومحيطه.

مع الأسف الشديد ،تسود في مجتمعنا نسبة كبيرة من الأمية، لدلك يصعب علينا الاستفادة من إمكانات القراءة وقيمها، وتبعا لذلك يصعب علينا تحقيق التنمية البشرية وأهدافها المرجوة، وهو  ما يتطلب منا.جعل درس القراءة إلزاميا في مناهجنا التعليمية، من التعليم الأولي إلى التعليم الجامعي، إنها، أي القراءة طريقنا الوحيد لجعل مواردنا البشرية قادرة على السير، /على تحقيق أهداف التنمية الشاملة التي نحلم بها،دون تحقيقها.

                                         -5-

إضافة إلى درس القراءة،بالمدارس والمعاهد والجامعات، تحتاج منا  القراءة العودة إلى تلاحم جهود المؤسسات الثقافية والاجتماعية المختلفة،للدفع بالأجيال الصاعدة إلى القراءة، تحتاج منا إنتاج الكتاب السهل والممتع ووصوله إلى القارئ بأقل الأسعار.

من اجل أن تتمكن الأجيال الصاعدة من متعة القراءة، لابد من انخراط الآباء والأمهات والمعلمين والأساتذة والمؤطرين في" عملية القراءة" وهو ما يعني إيجاد سلاسل من الكتب التي تخاطب عقل هذه الأجيال من اجل تقليص الهوة الصارخة بينها وبين القراءة، وأيضا من اجل خلخلة  المعضلة القرائية التي تقف ضد التنمية والثقافة والرقي الحضاري.

أفلا تنظرون.... ؟.

.محمد اديب السلاوي

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

محمد اديب السلاوي

سؤال الكتاب...أم سؤال القراءة...؟



-1-

        منذ أن ظهرت الكتابة، في تاريخنا الإنساني، وهي محل تقديس واهتمام العقل البشري. وعندما ظهر الكتاب في حياة بني آدم، أصبح هذا الكائن الحضاري يحظى بالعناية الفائقة في كل الديانات والعقائد واللغات والحضارات، فالكتاب ليست مهمته، هي الكشف عن الأشياء، ولكنها تتجاوز ذلك إلى مساعدة العقل على اكتشافها، إنه ذاكرة البشرية وخيالها وأحلامها.
        إن وظيفة الكتاب، كانت منذ ظهوره على الصخور الحجرية وحتى اليوم، هي قيادة العقل/ بلورة الثقافات/ تكريس العلوم والديانات، باعتباره رمزا من رموز الحضارة، لذلك تمت إحاطته بالقداسة والإجلال، وتم وضعه على مستوى الوجود بديلا عن الكلام، ليس فقط لأن الكتابة تتسم بالثبات والاستمرارية، ولكن لأنها هي وحدها ما يتبقى بعد الموت الجسدي، في العقول والمشاعر والأحاسيس… وفي التاريخ.
        لربما يكون هذا التصور، قريبا بعض الشيء من التصور الإسلامي للكتاب، أنه في نظر العديد من الفقهاء والفلاسفة والمثقفين والأدباء، المسلمين، سابق على الخلق، سابق على لغة الضاد، ذلك لأن كتاب الله/ القرآن الكريم، ليس فقط عملا من أعمال الله سبحانه، بل هو صفة من صفاته مثله مثل رحمته وعدله.
        في العهود العربية الإسلامية الأولى، حظي الكتاب بعناية السلاطين والأمراء والوزراء والنخبة الحاكمة، إذا كان الكاتب/ المؤلف يتقاضى وزن كتابه من الذهب، ويحظى برعاية الدولة ومؤسساتها الثقافية والعلمية. كان يكفي الكاتب المؤلف، أن ينجز مؤلفا واحدا، في أي فن من فنون المعرفة والفكر، ليضمن حياته وحياة أسرته.
        وفي العهود العربية الإسلامية الأولى، خاضت السلطات الحكومية، في المغرب والمشرق، حروبا ضارية وشرسة مع قراصنة الكتب، ومع الأنظمة العدوة التي أردت حرمان العرب المسلمين من كتبهم ومعارفهم الثقافية، من أجل حماية الكتاب العربي وتأمين سلامته للأجيال الصاعدة، وللمكتبة العربية، ولنا في أسفار التاريخ قصص وحكايات عن الحروب والقضايا التي تتصل بالكتاب وموقعه في حضارتنا الغابرة.
        يعني ذلك باختصار شديد، إن وضعية الكتاب قي الثقافة الإنسانية، تجاوزت دائما قيمه المادية، إنه المخزن الأمين لما صدر عن الإنسان، من أفكار وإبداعات ومذاهب وحضارات وعقائد وعلوم، إنه المنارة التي قادت الإنسان في مساره الحضاري، منذ إن وجد وحتى الآن.

-2-

        السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وإلحاح: ما هي وضعية الكتاب في مغرب اليوم؟ كيف تعامله الوزارة المختصة بشؤون الكتاب؟ ما هي إستراتيجية هذه الوزارة في نشره وتوزيعه على مراكز القراءة؟
        ما هي وضعية الكاتب المغربي؟ كيف تعامله وزارة الشؤون الثقافية؟ وهل يستطيع كاتب اليوم في مغرب اليوم، العيش من إنتاجه ؟
        سوف لا نفشي سرا، إذ قلنا إن الكتاب في المغرب، وقد ظهر إلى الوجود قبل عشرات القرون، ما يزال بعيدا عن أخذ مكانته المطلوبة في حياة الناس اليومية، ومازالت الوزارة الوصية تعلل ذلك بعزوف الناس عن القراءة وبالأمية، وبغلاء الكتاب، وهو تعليل لا أساس له من الصحة، لأن الأمر يتعلق قبل كل شيء بأهداف السياسة الثقافية في البلاد، التي اتسمت وما تزال باللافعلية.

        الغريب في الأمر، إن القراءة والكتاب، لم يعرفا أي تطور خلال القرن الماضي، رغم خروج المغرب من مرحلة تاريخية إلى أخرى، وانخراطه في منظومة العصر الحديث، بقوة السلاح والمثاقفة.
        في بداية القرن الماضي، كان عدد سكان المغرب، لا يتجاوزون عشرة ملايين، ولم تكن فيه سوى جامعة القرويين بفاس، وجامعة ابن يوسف بمراكش، وكانت المطابع الحجرية تطبع من بعض الكتب العلمية أو الفقهية عشرات المئات من النسخ في المتوسط. واليوم وقد تجاوز عدد سكان البلاد ثلاثين مليونا، وتجاوز عدد جامعاتها ومعاهدها ومدارسها العليا العشرين، والكتاب ما زال على حالته، لا تستطيع دور النشر طبع وتوزيع أكثر من ألف… أو ألف وخمسمائة نسخة في أحسن الأحوال، (حسب تصريحات وبلاغات وإعلانات دور النشر المنتشرة في العديد من المدن المغربية) وهو ما يشير إلى حالة عياء في الثقافة المغربية المعاصرة، وهي حالة تجد جذورها بطبيعة الحال في الأمية الكاسحة/ في الانحدار المريع في وضع التربية والتعليم والبحث العلمي/ في انعدام أي تخطيط أو إستراتيجية للتنمية الثقافية/… وبالتالي في الاهمال الذي عانت وما زالت تعاني منه الثقافة وشؤونها في السياسات الحكومية المتعاقبة.

        اضافة إلى حالة الكتاب، هناك حالة محزنة موازية للكتاب والمؤلفين، إنهم لا يتقاضون عن كتبهم المنشورة، أي شيء يذكر، فغالبية العقود الموقعة من طرف الكتاب/ المؤلفين تتراوح النسبة فيها بين 10 و12% من ثمن الغلاف، وغالبا ما تسلم هذه النسبة بعد فترة طويلة من بيع الكتاب في السوق، والذي لا تتجاوز 1500 نسخة، في أحسن الأحوال.
        وعن ترويج الكتاب، فإن غالبية الناشرين، وبشهادة العديد من الكتاب، لا يحيطون الكتاب/ المؤلفين علما بالبيانات الضرورية عن رواج الكتاب، مما يجعل حقوق المؤلفين حبرا على ورق، علما أن القارئ المغربي يدفع أثمنة كبيرة لشراء الكتب الصغيرة، يدفع أثمنة لا تتناسب أحيانا وقيمة هذه الكتب، ولا صناعتها الفنية المتردية.

        في الضفة المقابلة، في اروبا والولايات المتحدة، يعيش الكتاب في عهد العولمة/ في عهد التكنولوجية الجديدة، أزهى عصورهم. الكتاب هناك يتقاضون خارج حقوق التوزيع (من 10 إلى 15% من ثمن الغلاف) دولارا واحد عن كل كلمة في النص، وليكن بهذا النص مليون كلمة.

        في الضفة المقابلة أيضا، المؤسسات الثقافية تخصص جوائز سنوية للكتاب وللكتب، بعشرات الملايين، من أجل تشجيع التأليف والنشر والقراءة، ووضع الكتاب والمؤلفين في موقعهم الصحيح.

وفي الضفة المقابلة، الرعاية الثقافية للأبناك والشركات، تساهم في نشر المعرفة بالمدارس والمعاهد والجامعات، من خلال دعمها للكتاب. وهو ما يجعل الاقتصاد، مشاركا فعليا في النهضة الثقافية، وفي الصناعات الثقافية بالغرب.

-3-

الكتاب المغربي، ظل خلال القرن الماضي، (في الفترة الاستعمارية، كما في عهد الاستقلال) يسقط بين السلطة والتسلط، يتحول إلى ضحية تخلف السلطات وعماها الثقافي وشهوتها المفتوحة على الدوام للمنع والمصادرة… وبين مرحلة وأخرى من القرن الماضي، أتيحت لأصولية الفكر إطلاق الجهل والغوغائية، فمهدت السبيل لوضع الثقافة على حافة الإفلاس وتطويعها في زمن العولمة للقبول بانحسار العقل، والحد من إبداعه وتحرره، وتفقير الكتاب والمبدعين، وإلحاقهم بقوافل المتسولين… ومع ذلك استطاعت الأجيال الصاعدة من الكتاب والمبدعين الأدباء والمفكرين، من التصدي لهذه الظاهرة، لإبقاء الكتاب الثقافي/ الفكري على قيد الحياة… ولو بشكل رمزي ولكن إلى أي حد يمكن القبول بهذه الحالة؟
        ولا بأس هنا من الإشارة، إلى أن الصحافة الوطنية، وخاصة منها التقدمية، قد كانت ولا تزال الداعم الأساسي للكتاب المغربي في محنته، ساهمت/ تساهم في تداوله والتعريف به، ومخاطبة الشرائح الواسعة من القراء في موضوعه وأسلوبه وطروحاته.

        الصحافة المغربية، أدركت منذ عقود إشكالية الكتاب في الثقافة المغربية، فأفرزت صفحات للتعريف بالإصدارات الجديدة، وتقديمها لجمهور المتلقين بصيغ مختلفة، وبعضها أعاد نشر بعض الكتب التي تستأثر باهتمام القراء، أو التي تستجيب لمستجدات المناخ السياسي والثقافي على حلقات يومية أو أسبوعية، في إطار توسيع قنوات التداول والتشجيع على قراءته.
        والسؤال: ماذا فعلت وزارة الثقافة المغربية وهي في قلب العولمة/ قلب الألفية الثالثة، من أجل تصحيح وضعية الكتاب… ومن أجل توسيع دائرة قرائه..؟ ومن أجل كتابه ومبدعيه..؟

هل تدرك الوزارة الوصية، الأدوار التي يمكن للكتاب أن يلعبها في مجالات التنمية؟ هل تدرك ماهية حقوق المؤلف المادية التي عليه الحصول عليها مقابل جهده وسهره وكده، من أجل العيش الكريم، ومن أجل الإسهام في هذه التنمية؟
        ما هي مخططاتها من أجل اتساع مجالات المعرفة وتفعيل المشهد الثقافي والفكري بالمغرب الراهن لمواجهة العولمة وأسلحتها، التي لا يمكن أن تتم خارج شروطها الموضوعية، وأهمها تشجيع النشر والتأليف والقراءة، وضمان حقوق الناشرين والمؤلفين، لجعل الكتاب زادا يوميا يفتح للأجيال الصاعدة آفاقا جديدة في إطار التراث الماضي… والمعارف الجديدة؟

        وما هي إستراتيجية هذه الوزارة، في جعل القراءة إلزامية لتلاميذ المدارس وطلاب المعاهد والجامعات؟

الأسئلة التي يطرحها موضوع/ إشكالية الكتاب في مغرب اليوم عديدة ومتنوعة ومتشعبة: أمام غياب أي تخطيط وطني لاستثمار الجهد الثقافي/ الفكري/ الإبداعي، للكتاب والفنانين والأدباء، من أجل بلورة ثقافة وطنية، تعطي دفعة/ دفعات للتنمية بالبلاد… وفي غياب أي إستراتيجية وطنية لاستثمار الجهود الأكاديمية في كافة مجالات المعرفة والعلوم والثقافة. الأسئلة ستظل متناسلة حول جدوى وجود وزارة للشؤون الثقافية، تتقل وتنهك ميزانية الدولة بلا مردودية… وبلا جدوى.

-4-

        الكتاب في عالم اليوم، عندما يتحول من مخطوطة إلى مطبوع، يعني ذلك في السياسات الثقافية المعاصرة… للعالم المعاصر، ولوجه مجال الصناعة والتدبير والاقتصاد، يتحول إلى إنتاج فكري/ إبداعي/ علمي، وإلى إنتاج تجاري يحتكم إلى حسابات الربح والخسارة وهو ما يفرض على السياسات الثقافية، تهيئة سوق الكتاب، بكل ما يلزم من إمكانات إعلامية وإعلانية، لضبط آليات ومؤشرات سوق العرض والطلب، وهو ما يعني إن الثقافة المغربية في الزمن الراهن، أصبحت في حاجة إلى تطوير أدواتها لصناعة الكتاب، بالاستثمار الضروري في هذا القطاع، ولم يتم ذلك إذا لم يتحول قطاع الثقافة إلى فضاءات من الحرية والانفتاح على الآخر، بكل مكوناته/ وإلى قدر كبير من النجاعة والإرادة/ وإلى موظفين مثقفين، لا يحلمون بالكراسي الوثيرة للوظيفة، ولا بسيارات وتعويضات الوظيفة، بقدر ما يحلمون بتفعيل الفعل الثقافي، كفعل تنموي، لا يبتعد عن أية توجه اقتصادي سليم.

        إن المغرب وبالنظر إلى وضعيته المتردية في صناعة الكتاب، إنتاجا واستهلاكا لابد من الإقرار، بأنه نتيجة فشل السياسات الثقافية المتعاقبة، لازال بعيدا جدا عن هذه الصناعة وعن مفاهيمها، إذ مازال الكتاب يعامل كسلعة مثله مثل الفحم والطماطم وأدوات الطبخ لا يتم البحث في استثماراته إلا على أساس الربح السريع والاستهلاك السريع، وهو ما يجعله باستمرار سلعة خاسرة. لانعدام خضوعه لمفاهيم سوق القراءة والكتاب، مثل الجودة/ الإعلان/ التوزيع/ الدراسة/ التخطيط وغيرها من الوسائل التي تقربه إلى القارئ العام… والقارئ المتخصص.

        في إحصائية نشرتها مؤخرا دورية المؤسسة العالمية للنشر عن عدد العناوين الصادرة عن كل دولة سنويا، يلاحظ غياب المغرب كليا عن هذه الإحصائية، في الوقت الذي تسهم صناعة الكتاب اليوم في الدخل القومي للعديد من الدول التي تعتني بثقافتها وكتابها ومفكريها ومبدعيها، إضافة إلى إسهام هذه الصناعة في رفع مستويات التنمية البشرية للدول التي ترعى استراتيجيا وسياسيا هذه الصناعة.
        الحقيقة التي تعلن عن نفسها، في مجال نشر الكتاب في المغرب اليوم، تؤكد على أن وزارة الثقافة كمؤسسات النشر في بلادنا، بالمقارنة مع المؤسسات العربية أو الدولية، مازالت بدائيه، تسهم في الأزمة التي تشمل المؤلف والقارئ والموزع، وهو ما يعني الضعف القائم في قدراتها وبرامجها وأهدافها السياسية المعلنة… والغير معلنة.

-5-

        من المحزن، أن نتحدث اليوم بألم وحسرة عن القراءة والكتاب، ونحن ننخرط بقوة في ساحة الألفية الثالثة، من المحزن أن نتحدث عن الوضعية المتعثرة للكتاب في مغرب الألفية الثالثة: (نشره/ طباعته/ توزيعه/ قراءته/ تأليفه) في الوقت الذي بدأ فيه العالم يتهيأ لإدخال الكتاب الورقي متاحف التاريخ، بعدما تحول إلى تحفة تزدان به قاعات المتاحف، وبعدما ظهرت أقراص الليزر والتكنولوجية المعاصرة، التي حولت الكتاب الورقي إلى فصيلة منقرضة… وبعدما التحق الكتاب والمؤلفين بشريحة الأغنياء في العالم الجديد، حيث دخلت انتاجاتهم مسالك الأقمار الصناعية.

        أفلا تدركون..؟

محمد اديب السلاوي

الأحد، 15 سبتمبر 2019

محمد اديب السلاوي

انهم لا يريدون خروجنا من حلبة التخلف.


                                            1

في كل دخول مدرسي  تبدأ الاسئلة الحارة تطرح نفسها بقوة على الاباء، ولربما على بعض السياسيين المخلصين لقيم المواطنة ايضا، ليس فقط عن برامج التعليم ومناهجه، وعن الكتاب المدرسي واسعاره، ولا عن تكوين المعلمين وتجهيز المدارس، ولا عن الازمات التي تعاني منها المدرسة المغربية في الزمن الراهن وهي ضخمة وكتيرة، ولكن عن الصورة التي يكونها التعليم عن نفسه وعن الاجيال الصاعدة التي يعلق عليها الشعب المغربي اماله في الانقاد والخروج من حالة التخلف والفساد والتهميش والفقر التي يعاني منها ،وهو في قلب الالفية التالتة.

نعم ،كلنا يعلم بلا تحفظ اننا دولة متاخرة عن الركب العالمي، تعليمنا مازال يتارجح بين بين، وكلنا نعلم ان بقاء المغرب على قيد الحياة، يتطلب منا ان نمنح طفولة اليوم  ما يلزمها من تربية وتعليم  واهتمام وتعضيد وثقافة وتكوين لتقوم بما ينتظر منها من انقاد ومن عمل وبناء.

طفلنا اليوم يعني اللبنة الاساسية للاجيال القادمة،عليه تقوم الاسرة والحزب والمنظمة والتغيير، والتنمية ،نموه وتعليمه وتكوينه يعني الخطوة الاولى لبناء اجيال جديدة،انه يمتل التروة الوطنية،الفكرية،العلمية،الحضارية،ويشكل ريهانها الاهم والاكبر.

من هنا ،وامام وضعية مدرستنا، وضعية تعليمنا، وضعية الرهانات والصراعات حولها، تبدأ الاسئلة تطرح نفسها بقوة ،دون ان تجد  لها جوابا شافيا ، لا عن المدرسة والتعليم، ولا عن المستقبل المخيف الذي ينتظر الطفولة واجيالنا القادمة.

                                           2

الشعوب المتقدمة تنبهت مبكرا الى هذا الموضوع،موضوع المدرسة وتكوين الاجيال الصاعدة، فتجاوزت تعليم الطفل وتكوينه بالمناهج التقليدية، واعتمدت على مناهج تقافية، باعتبارها الطريق السليم  لبناء اجيال سليمة  متكئة على الثقافة والوعي والابداع، وادركت ان الاجيال الصاعدة في حاجة ماسة الى التنميةالتقافية ،على اعتبار ان ثقافة الطفل هي اكتر الحاحا، واكتر اهمية لانخراطه في مجتمع الالفية الثالتة

لذلك، فان دعم ثقافة الطفل واعطائها الاولوية في مناهج المدرسة الحديتة، لم يعد موقع نقاش في الدول المتقدمة، وهو ما يعني ان الدولة الواعية اصبحت مدركة لاهمية تكوين ثقافة مستقبلية  لطفولتها، للحفاظ على مكانتها في عصر الالفية الثالتة.

المدرسة في الدول الراقية/المتقدمة، تعتبر مرحلة الطفولة  من اهم المراحل  التي يمر منها الانسان، لما لها من اتر عظيم  في بناء شخصيته جسديا وفكريا واجتماعيا، ذلك لانها المرحلة التي تتشكل فيها مهاراته وقيمه وافكاره وقناعاته.

الاكاديميات التربوية والعلمية في هذه الدول  اصبحب تبحت في المشاريع والمناهج التي تنمي مكانة المواطن المستقبلي /الطفل بتعزيز ثقافته ومعارفه وخياله وسلوكياته وعاداته الاجتماعية وقيمه الادبية والابداعية والاخلاقية ،باعتبارها القاعدة الصلبة التي تقوم عليها شخصيته المستقبلية.

لذلك نجد اليوم  العناية بثقافة الطفل في نظر علماء التربية مسالة تربوية في المقام الاول، وهو ما يجعلها  كالماء والهواء والغداء بالنسبة لاطفال عصرنا الراهن، لا يمكن الحياة ولا التقدم دونها.

                                            3

مع الاسف الشديد نتطرق لهذا الموضوع في بداية الدخول المدرسي الجديد،وكلنا يعلم  ان تعليمنا  قطع اشواطا بعيدة  في الافلاس والانهيار بعدما فقدت مدارسنا الحكومية والخاصة، الكتير من القيم والمتل الاصيلة لمهنة التعليم ،وهو ما يعني الفشل الدريع  الذي حصدته مؤسساته في عملية بناء عقلية حديتة ومنظمة في مستوى العصر الذي نعيشه، والذي يتطلب منا اعداد اجيال جديدة في مستواه العلمي، التقنولوجي، الابداعي،قادرة على اخراج المغرب من مرحلته الرهيبة المغرقة في الفقر والفساد والتخلف

نعم،ان قطار تعليمنا لم يعتر على سكته، كما اكدت ذلك جريدة المساء ،فاصبح لا يعاني فقط من العجز والفوضى والفساد، بل تجاوز ذلك الى عجزه في تكوين الاطر التي تهيء الاجيال الصاعدة نفسيا وفكريا، لتكون فاعلة ،قادرة على السير.

مدارسنا لا تتوفر على مكتبات للاطفال، مناهجها لا تتوفر على درس القراءة، لا تتوفر على خبراء في التربية لتشكيل شخصية الطفل ووعيه بذاته ومجتمعه،وتزويده بالخبرات  والمعارف ،وتنمية حسه الابداعي وعقله المفكر، لتهيئته ليكون فاعلا في الجيل القادم.

من اجل الخروج من حالة التخلف القصوى، كان لا بد لنا من البدأ بتغيير وجه طفولتنا، كان لابد لنا من رعاية طفولة اليوم، لتكون جاهزة غدا للانقاد، كان لابد من رعايتها بتعليم جاد وثقافة جادة، ووضع اسس  جديدة في مستوى العصر الحديت، لبرامجنا الدراسية ومناهجنا التربوية،ولكن حكوماتنا المتعاقبة عفى الله عنها، تتجاهل بقوة هذا الموضوع، لربما لانها لا ترى الوقت مناسبا لخروج المغرب من حالة التخلف على يد جيل جديد.. وهي ربما تدري ما لا ندري


افلا تنظرون.... ؟
.

الخميس، 12 سبتمبر 2019

محمد اديب السلاوي

الدخول الثقافي الجديد...الممكن المستحيل



في مثل هذا الشهر من كل سنة، ينطلق حديت الصحف والمجلات والملاحق الثقافية ووسائل التواصل الاجتماعي وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني الثقافي عن الدخول الثقافي الجديد،وما يصاحبه من اصدارات وعروض مسرحية وموسقية ومعارض تشكيلية جديدة للموسم الثقافي الجديد ،الامر  هنا لا يتعلق بنا، لاننا لانملك دخولا ثقافيا بهذا المعنى وبهذه الصيغة، ولكنه يتعلق بجيراننا الذين يملكون مجالات واسعة للثقافة، يفتحون لها الباب على مصراعيه كل سنة في متل هذا الشهر، حيت يجري استقبال الدخول الثقافي، مع انتهاء العطلة الصيفية، باستقبال المكتبات الاصدارات الجديدة في كل المجالات الثقافية، وتعلن المسارح وقاعات العروض المسرحية والموسيقية وقاعات المعارض التشكيلية عن برامجها للموسم الجديد،.

يعني ذلك في الجارة الاروبية، ان الثقافة التي يحتفل بدخولها الجديد،اعلاميا وسياسيا وجماهيريا في متل هذا الشهر من كل سنة، انها فضاء قيم انسانية ،فضاء للابتكار والابداع ،وانها تاسيسا متواصلا لوعي نقدي تسنده قيم الحرية٠ والفضيلة والاخلاق والمسادلة في برامج الاحزاب والحكومة والمجتمع المدني،وانها  هي من يرسم طريق المعرفة والتنمية والحداتة والعولمة للامة.

مغربيا ،كنا ومازلنا نقتبس من جارتنا الاروبية الدخول الثقافي الجديد في هذه الفترة من كل سنة، ولكن دخولنا يتم بايدي فارغة، في غياب صناعة ثقافية،في غياب استراتيجية ثقافية متكاملة، في تدني صورة المثقف التي تقترن بالبؤس و التهميش والتشكي .

خلال هذه السنة يتم الدخول الثقافي في حالة استتنائية،اذ يلتقى بالدخول المدرسي الساخن على كل الاصعدة، ويلتقي مع الدخول السياسي الذي يشهد ارهاصات ومخاضات قوية تنتظر ميلاد حكومة مرممة ،تشتغل عليها كل الاحزاب وكل منظماتها الموازية ، وهو مازاد في تهميش الدخول الثقافي الجديد الذي لم لم يبق مهتما به الا قلة قليلة من المثقفين المهووسين بالمسالة الثقافية.

امام هذا المشهد الحزين،  تبدو الثقافة في المغرب الراهن يتيمة،  ،شاحبة،بلا حماية، معزولة، مهمشة، حيت اسقطتها السياسة من الرعاية والاهتمام، مقابل اغراق المجتمع ،كل المجتمع  في مستنقع الاوهام السياسية.

لقد كان امل الثقافة المغربية واهلها خلال العقد الاخير ،ان تصحح الحكومات المتعاقبة و المنتخبة دستوريا نظرتها للمسالة الثقافية في مغرب الالفية الثالتة ،وان تجعل منها فضاء للابتكار والابداع والمعرفة،وان تعيد هيكلة المشهد الثقافي وماسسته بإنشاء مجلس اعلى للثقافة والفنون، واحدات هيات عليا للكتاب والمسرح والسينما والموسيقى والفنون التشكيلية ،وان تمنح الكتاب والباحتين والأدباء تفرغا لدعم المكتبة الوطنية بالانتاجات الفكرية والادبية والابداعية الجديدة،وان تكرم اعلام الثقافة والفنون بما يستحقون من عناية مادية ومعنوية،

كان ذلك هو الامل.
ومازال هذا الامل معلقا على شعرة معاوية.
ومازالت الثقافة تقول لاهلها بمناسبة الدخول الثقافي الجديد، كل عام وانتم في انتظار الدخول الثقافي الجديد

الاثنين، 9 سبتمبر 2019

بقلم محمد اديب السلاوي

من أين للعثماني أن يأتي لحكومته بالنخب الجديدة.... ؟

محمد أديب السلاوي

يلتقي الدخول السياسي الجديد لهذه السنة (2019_2020)،بتعديل حكومي واسع يستجيب لدعوة جلالة الملك، بإدخال نخب جديدة على حكومة العثماني، واغتناء وتجديد مناصبها بكفاءات معروفة بقدراتها وخبراتها، وبنزاهتها ونظافة يدها، وهو ما يضع رئيس هذه الحكومة في امتحان صعب، خاصة وان أحزاب الأغلبية التي تشكلها تفتقر إلى كفاءات عالية، قادرة على حل المشاكل التي يتخبط فيها المغرب الراهن والأزمات التي تواجهه في شتى المجالات والميادين.

المغرب الراهن دولة نامية، ذات مستوى معيشي منخفض، لا يستقيم توازنها بين نموها السكاني وحالتها الاقتصادية والاجتماعية، تعاني من التخلف المتعدد الصفات / تعاني من قلة الإمكانات الطبية/ تعاني من تخلف التعليم / تعاني من هجرة مكتفة لشبابه المتعلم وغير المتعلم/تعاني من عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي في المواد الاستهلاكية /تعاني من ضعف الاستثمارات الصناعية /تعاني من الأمية والفقر المدقع والفساد المتعدد الصفات.

أمام هذه الوضعية المؤسفة،يلتمس المغرب طريقه للتحول إلى بلد ديمقراطي، يواجه أزمات متعددة ملحة يتعين الإسراع بمعالجتها
وأمام هذه الوضعية أظهرت حكومة بنكيران/العثماني أنها ضعيفة، مهمشة، لا قدرة لها على السير نحو طريق الإصلاح، أو مواجهة الأزمات المتعددة الصفات العالقة ،وهو ما يعني أن حالة البلاد والعباد أصبحت في حاجة ماسة إلى حكومة بديلة قادرة على مواجهة التحديات الماثلة، بحلول واقعية، وبدون حسابات سياسية.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على المغرب الراهن :هل يستطيع العثماني تكوين حكومة كفاءات من النخبة العلمية، الفنية،الثقافية. حكومة متخصصة في الاقتصاد والصناعة والتجارة والتعليم والصحة والتشغيل والتكوين المهني، قادرة على تطبيق المنهج العلمي /القانوني لحل المشاكل ومعالجة الأزمات التي يتخبط فيها المغرب، خارج كل منطق.

علينا أن نقولها بكل بصراحة ووضوح، لا يستطيع زعيم الحكومة الراهنة تحقيق الرغبة الملكية ،أي إدخال نخب جديدة تنتمي لأحزاب الأغلبية، قادرة على الإصلاح والتغيير، ذلك لان هذه الأحزاب لم تكن قادرة على تسيير وتدبير الشأن العام، ولا على محاربة الفساد ومعالجة الأزمات المتلاحقة مند التحاقها بهذه الحكومة وبالتي قبلها، دلك لأنها جاءت مند البداية لتامين مصالحها ومصالح أطرها.

إن هذه الأحزاب نصبت نفسها لفترة طويلة من الزمن المغربي كنخبة وصية على الأمة، ولكنها صنعت البلقنة،وعززت دائرة الفساد وسرقة المال العام وتعميق دائرة الفقر، وأطلقت العنان للازمات على البلاد والعباد، فكيف لها الإصلاح، ومن أين لها أن تأتي بالنخب الجديدة المطلوبة.... ؟

أفلا تنظرون... ؟

محمد اديب السلاوي

السبت، 7 سبتمبر 2019

بقلم الإعلامي أنيس إبراهيم الخالد

السلام عليكم،


من اكثر المواضيع التي تؤرقني وتشغل بالي هو الحال الذي يعيشه المجتمعات العربيه سألني الفنان ابو علي من العراق الديك جمله تحبها فترسلها لي اندهشت من السؤال ولكن قلت له ( انا عربي مسلم هواي فلسطين ) فإذا به بعد أيام يرسم الكلمات ويخلق منها صورتي 
هذه الجمله لها دخل بموضوع اليوم كان العراقيون قبل عشرون هام الكل يقول انا عربي مسلم من العراق ولكن للأسف اصبحنا عربان بدل عرب وأصبحنا طوائف وشيع بدل مسلم وأصبحنا هاربون تاركون البلاد والأهل والخلان للسفلة والحاقدين وخدام المتآمرين .......
السياسة الحديثه لهدم الأمة العربيه حاضنة الاسلام بدعم وتوجيه وتفعيل من المستعمر الغازي للامة جمعاء
اليكم أهم عناصر نجاحهم بهلاك الامه وادعمها بالتقرير التالي 

التكلفة الصفرية في الحرب الحديثة✍🏻📄هذا ما يحدث الآن...؟!!! أقرأ للآخر المقال..... 

يقول احد المفكرين إن أجيال الحروب أربعة ، وهي :

الجيل الأول : القتال بالسلاح الأبيض وهي حروب الفرسان ..

الجيل الثاني : القتال بالأسلحة النارية . . وفيها قال كولت مصمم المسدس الأمريكي ماركة كولت : الآن يتساوى الشجاع والجبان .

الجيل الثالث :القتال والإبادة بالسلاح النووي ، وهي حرب ينتصر فيها الأكثر جبناً ..

الجيل الرابع : أن تترك عدوك يحارب نفسه بنفسه ، باستخدام الطابور الخامس وهي حرب الخونة والجواسيس ، وتتم باستثمار الصراعات الفكرية والدينية والقبلية والمناطيقية وتأجيجها.

قال المفكر الفرنسي روجيه غارودي عن الجيل الرابع من الحروب : الآن يقاتل الغرب بالتكلفة الصفرية . . 
فالعدو يقتل نفسه . . 
والعدو يدفع ثمن السلاح . .
والعدو يطلبنا للتدخل فلا نقبل . .

التكلفة الصفرية تعني أن الغرب لا يخسر شيئا في الحرب . . 
ونحن بحاجة لمواجهة ذلك إلى وعي فكري ، إذ تعتمد حروب الجيل الرابع على خلق دول فاشلة .. وهذا يتم عبر النقاط التالية :

أولا : خلق صراع أيدلوجي مثل الصراعات الطائفية أو العنصرية أو المذهبية والمناطقية الجهوية . . 

ثانياً : عزل منطقة ما في الدولة المراد تدميرها بحيث لا تكون خاضعة لسيطرة تلك الدولة .

ثالثا : إنشاء جيش من الأشرار من أبناء تلك الدولة ليكونوا أداة قتل دون أي رحمة أو تفكير ، و هذا هو الجيش الذي يكون بديلاً عن جيوش دولة الإحتلال .

رابعا : إستخدام الأطفال والشباب الأمي الجاهل عديم الوعي والثقافة والزج بهم في القتال ، حتى ينشأ جيل مشبّع بثقافة القتل والتدمير وليس بثقافة البناء والتعمير والتحضر . .

خامسا: توفير كافة الوسائل الكفيلة بتسهيل الفساد الاخلاقي والانحلال الاجتماعي من خلال:  المخدرات مجانا ، والمسكرات الرخيصة الثمن ، واباحة العلاقات والأمور  الجنسية الغير مشروعة (مع التركيز على موضة المثلية) ، وجعل وسائط التواصل الاجتماعي بدائل فعلية للتربية الاسرية بحيث أخذ الأبناء لا يهابون ذويهم بقدر مهابتهم للناس الذين يتواصلون معهم على الأجهزة الذكية ويمتثلون لرغباتهم وتؤامرهم الى درجة ارتكاب الانتحار احيانا بذريعة اللعبة..(كلعبة الحوت الأزرق).

وأخيراً خلق الدولة الفاشلة التي يسهل السيطرة عليها وإخضاعها لأي قرار تريده دولة الإحتلال من تلك الدولة الفاشلة .
                    
 ✿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ ✿
📚📚

الاثنين، 26 أغسطس 2019

جديد الكاتب والناقد محمد أديب السلاوي

سؤال الثقافة والتنمية
         


عن دار مرسم بالرباط،يصدر قريبا للكاتب والناقد ذ. محمد اديب السلاوي كتابه الجديد: " سؤال الثقافة والتنمية"
كتب فاتحته الكاتب والباحث الدكتور عبد الرحمان بن زيدان
وكتب مقدمته الكاتب والشاعر الاستاذ محمد السعيدي.

الكتاب قرادة متانية في العلاقة الجدلية بين الثقافة والتنمية في زمن الالفية التالتة، وشروطها الموضوعية.تدعو محاوره الى انجاز استراتيجية  ثقافية، تعتمد البرمجة والتخطيط، وتؤسس لرؤية تنموية مغربية وتنويرية.

في تقديم ذ. السعيدي جاء هذا التقييم :
"سؤال الثقافة والتنمية" اكاديمي المبنى، منهجي المقاربة، متعمق التحاليل، متكامل الدراسات بما يشمل عليه من مراجع علميةومصادر معتمدة، وبمايتالف به من احصائيات موتقة، وبما يعانق من تعاريف لغوية وفلسفية عربية وغربية ،وبما يزخر به من تقارير هيئات اممية متحدة او يونسكية، وبما يستنتج من بحوت مؤسسة الفكر العربي للعلوم و التكنولوجية، وبما توصلت اليه بعض وسائل الاعلام الغربية من محصلات مدهشة، توسل عبرها المفكر محمد أديب السلاوي ،غاية الفكر لتكتمل اطروحته اكتمالا علميا، يجد خلالها الباحثون والدارسون ما يؤتتون به رسائلهم
 واطاريحهم ،كما تلقى فيها المؤسسات البنكية ودور النشر ووزارات الثقافة والاعلام والتعليم والتخطيط ما يوفر لها  الجهد ويغني المدارك وينشر لها سبل الاصلاح لتدارك ما فات ،والنخراط في تسوية ما هو ات.

وليس من شك في ان محاور هذا الكتاب،تتخد لها منطلقا فلسفيا  عقلانيا يعتمد الثقافة  اساسا لكل العلوم والفنون مصدرا تشع منه كل المعارف  المتمتلة في الكتابة والقراءةوالسياسة والتنمية والصحافة والصناعة الثقافية. وما يحيط بها من اشكاليات،وما يتفرع عنها من ملابسات وما يتناسل عنها من اسئلة

كتاب جدير بالقراءة.

الأحد، 18 أغسطس 2019

بقلم محمد اديب السلاوي

واذا زلزلة الحكومة زلزالها......


تحدت جلالة الملك في خطاب العرش(2019) عن حاجة الحكومة/الدولة لكفاءات جديدة/ لجيل جديد من المسؤولين ، قادر ومتمكن من كفاءته لمواجهة اوضاع البلاد والعباد التي تعاني من الاختناق الذي قد يجر المغرب لا قدر الله الى الاسوء.

والحقيقة التي لا جدال فيها ان واقعنا ومشاكلنا وتحدياتنا باتت تحتاج الى جيل جديد من الكفاءات المؤمنة بمواطنتها ، كما باتت تحتاج الى تغيير شامل في السياسات، كما في العقلية الحكومية التقليدية،/تحتاج لارادة صلبة، قوية،    لمحاكمة الفساد المتعدد الصفات والقضاء عليه، والتقرب الى المواطن، والى قضاياه ومعاناته.

ان الاحدات التي واجهتها حكومة العتماني، وقبلها حكومة بنكيران، ولم تقدر على معالجتها او التحكم فيها، جميعها تتعلق بالفساد الذي زاد في ظلهما اتساعا وتعمقا في الاجهزة والقطاعات،

ان الحكومتين لم تستطيعا شيئا لمواجهة غول الفساد الذي اصبح يلتهم الاخضر واليابس على مرائ ومسمع الراي العام داخل المغرب وخارجه، وهو ما جمد كل الطموحات في التنمية والاصلاح والانفتاح على زمن الالفية التالتة، واخد يدفع بالبلاد نحو الهاوية والافلاس. 

يعني ذلك انه سيكون امام الجيل الجديد من المسؤولين الجدد  مسؤوليات عديدة ضخمة، في مقدمتها قطع الطريق على الفساد والمفسدين بكل الوسائل الممكنة قانونا، والانتباه الى مرافق الدولة التي تئن مند عقود تحت انين الفساد والتخلف وتدمير قيم المواطنة والقانون والدستور،وتطوير قوانين المراقبة،وسن قانون "من اين لك هذا" وتطبيق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وبت روح الاعتدال والوسطية بشجاعة وقوة، دون اي خوف من الحرس التقليدي الذي عمل دائما من اجل حماية مصالحه والمتاجرة في سلطات وظيفته.

ليس بعيدا عن اشكالية الفساد ومحاربته والقضاء علية وعلى اهله من المفسدين، سيكون امام الجيل الجديد من المسؤولين، التركيز على حل المشاكل العالقة في التعليم والصحة والشغل والسكنى وفي قطاعات التنمية ،والحد من التدهور الاجرامي الذي فاق المعقول، بعدما اصبح يهدد المجتمع في المدن والقرى والمداشر، ، وهو ما يتطلب من الحكومة تخطيطا استراتيجياجديدا لحماية المجتمع من الفعل الاجرامي بكل انواعه وصفاته.

في هذا الاطار،سيكون على الجيل الجديد من المسؤولين، حماية المستهلك من التلاعب في الاسعار، والغش والفساد في المواد الغدائية، وفي العقار، وفي كل انواع التجارة والاستهلاك.

ولان الثقافة رافعة اساسية للتنمية سيكون امام الجيل الجديد من المسؤولين في هذه الحكومة توفير مساحة واسعة للثقافة والفكر ،بدعم الكتاب والمسرح والسينما والموسقي والفنون التشكيلية وكل مجالات الابداع،وفتح المكتبات بالمدارس والمعاهد والجامعات في وجه التلاميد والطلبة والباحثين، مع احدات درس القراءة في كل اسلاك التعليم،، واعطاء لغة الدستور والهوية الوطنية مكانتها اللائقة بها في التعليم والادارة.

الذي لا شك فيه ان ملك البلاد الذي قرر الانتقال الى مرحلة جديدة من الحكم، باحتضان جيل جديد /جيل شاب، كفىء، كان وما يزال   مند كان وليا للعهد  مهتما بالتحديت والاصلاح، اد اعتبر دائما ان الاصلاح ليس عبئا على الدولة، بقدر ما هو واجبا من واجباتها، لدلك لابد للمسؤولين الجدد، من وضع استراتيجية جادة لانعاش الاصلاح ولتطوير المجتمع وتسريع فاعلية التنمية التي يطمح لها المواطن مند عقود... وعقود.

انه زلزال من اجل هدم الفساد واهله، والبدأ بمرحلة جديدة من الاصلاح. 

افلا تنظرون... ؟

محمد اديب السلاوي 

الأربعاء، 14 أغسطس 2019

بقلم محمد اديب السلاوي

كيف قرأ  لنا الدكتور المهدي المنجرة الزمن العربي للذلقراطية ؟



-1-

   يرتبط اسم الباحث المستقبلي، الدكتور المهدي المنجرة، لدى عامة المثقفين والسياسيين بمصطلح “المستقبلية”. فهو الذي أطلق هذا المصطلح بشكل مكثف في ندواته ومحاضراته وكتبه وحواراته، حيث جعل منه مصطلحا مذهبيا/ فلسفيا، مرادفا للتنمية، في الأدبيات السياسية المغربية. وهو مؤسس الجمعية المغربية للدراسات المستقبلية، التي ساهمت إلى حد كبير في إشعاع هذا المصطلح وإغنائه في الأعلام الوطني، كما في الفاعلية السياسية الوطنية وأدبياتها
وبفضل جهوده العلمية، أصبح “الأفق المستقبلي” يؤخذ بعين الاعتبار في القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بعدما ظل مغيبا لفترة طويلة، خاصة في العهد الاستعماري، والعهود التي مهدت له، حيث أخذت الإدارة المغربية والعديد من الأحزاب، والمنظمات السياسية والنقابية المغربية تولي، أهمية خاصة للأفق المستقبلي في أدبياتها، و في تنظيماتها وهياكلها، وبرامجها، وهو ما يعتبره المجتمع الثقافي المغربي، انعكاسا إيجابيا، للمجهودات التي بذلها ويبذلها هذا الباحث من أجل المستقبل والمستقبلية.

  من بين مؤلفاته العديدة التي تعالج مستقبلية العالم العربي/ العالم الثالث، كتاب: انتفاضات في زمن الذلقراطية، وهو مجموعة حوارات أنجزها مع نخبة من الصحفيين والكتاب المغاربة: هند عروب/ مصطفى حيران/ نور الدين العويدي/ حمادي الغاري/ وآخرين، وجميعها تصب في محور “الذلقراطية” الجرح المتفجر على الجسد العربي خصوصا… والجسد العالمثالثي على العموم. 
 لنحاول الإطلالة على هذا الكتاب، الذي يعود إصداره إلى العقد الأخير من القرن الماضي :

                                                     -2- 

   و”الذلقراطية”، مصطلح جديد/ توليد لغوي جديد، من إبداع المفكر المغربي الدكتور المهدي المنجرة، وهو يشكل عنصرا تركيبيا خماسيا، يختصر واقع الحال في الوطن العربي وفي العالم الثالث وهي: الجهلوقراطية/ الفقرقراطية/ الشيخوقراطية/ المخزنقراطية، (بالنسبة للمغرب)، وهي التي أفرزت مجتمعة التخلفقراطية، التي تغرق الوطن العربي في الرداءة الحضارية حتى القعر .

ذلك هو جوهر كتاب “انتفاضات في زمن الذلقراطية” الذي يلقي الأضواء الكاشفة على الأوضاع المتردية في الوطن العربي وعن هجمة الاستعمار الجديد عليه. وعلى أن المؤلف يرفض أن يكون هذا الكتاب سياسيا، أو منتميا لحزب أو حركة أو إيديولوجية، إلا أن هذا الرفض لا يعني ابتعاده عن السياسة ومفاهيمها وقيمها، فالحوارات التي تشكل مادته الأساسية، تخوض جميعها في غمار القضايا الأكثر ارتباطا بالمواطن العربي، وحقوقه ومستقبله، وأحيانا في غمار القضايا التي يصمت عليها محترفي السياسة، الذين أوجدتهم الأنظمة لينوبوا عن البلاد والعباد، وهو ما يضع الباحث المستقبلي/ المؤلف، في موقع المناضل السياسي، الذي يعمل بشجاعة من أجل التغيير والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والذي يحمل في دمه حقنة مضادة للإقصاء والتهميش والظلم، وكل إفرازات “الذلقراطية” التي اختصر بها الوضعية المتردية للمواطن العربي… وكل مواطني العالم الثالث. 

تعالج حوارات هذا الكتاب، محاور سياسية واقتصادية وثقافية مختلفة، ذات أهمية قصوى، بالنسبة للأوضاع العربية الراهنة، تصب جميعها في الوضع العربي/ العالم ثالثي الراهن، وما يواجهه من تحديات، وما يحيط به من مخاطر وسلبيات. أن الحرية/ المستقبل/ الديمقراطية/ العولمة/ السميائية/ 

نقل التقنولوجية / التعليم / الدراسات المستقبلية / النظام الدولي الجديد / التعددية الدولية / الصهيونية / أحلام إسرائيل/ الانتفاضة والحرب الحضارية / احتلال العراق، محاور تشكل في جوهرها دوافع وأسباب نشر هذا الكتاب، ولكنها في ذات الوقت، تستعيد منظور مؤلفه، العربي/ العالمثالثي/ المناضل/ المثقف، على محيطه وهويته وانشغالاته كمفكر مستقبلي، وكمواطن مغربي. 

-3-

من بين المحاور الأساسية لهذا الكتاب، محور يتصل بعهد المغرب الجديد، تطرق فيه إلى عدة أسئلة حول الملكية والسياسة الخارجية والتناوب الديمقراطي، وقضية الصحراء المسترجعة، إذ أكد بوضوح أن دخول المغرب عهدا جديدا يستوجب حضور شرطي المصداقية والمشروعية، وهما شرطان لا يتأتيان إلا من الشعب لأجل ذك يرى مفكرنا المستقبلي ضرورة وجود مجلس تأسيسي لإعداد دستور جديد للبلاد ينقلها إلى ما يريده الشعب لنفسه ومستقبله. أما عن الملكية، فهي في نظره رمز ونظام يحمي الشعب، وتأريخ عريق يسطر ملامح هذه الأمة، ومن الصعب تصور أي نظام بديل لهذا النظام، لكنه في نظره يحتاج إلى إدخال بعض التغييرات، ولن تدخل إلا إذا كانت هناك مراجعة من جديد لجهاز المجموعة كنظام سياسي، فمن أدوار الملكية المعاصرة، الدور الاستطلاعي والاستبصاري المستقبلي، خاصة وأن للحكومات والبرلمانات رؤيتها المحدودة والمتأسسة على سياسات الأمد القصير، بينما مؤسسة شامخة كالملكية لها امكانات الرؤية والتبصر، من الأفضل –في نظره- أن تهتم بالمسائل الأساسية والشؤون الإستراتيجية للبلاد، وتترك باقي الأشياء التي يمكن أن يزاولها الآخرون. 

  وعن قراءاته لسياسة المغرب الخارجية، يرى الدكتور المنجرة أن الحكومة/ الحكومات المغربية في وضعها الراهن لا تملك موقفا واضحا في السياسة الخارجية، وليست لديها استراتيجية لماهية الأهداف المراد تحصيلها. وأن المغرب بات مرتهنا بقيود التبعية للغرب. وهو ما يتناقض وشعارات التعاون جنوب/ جنوب وعدم الانحياز والوحدة العربية والوحدة الإسلامية. 

وفي رأيه كباحث مستقبلي، أن إشكالية السياسة الخارجية المغربية تكمن في فراغ الإرادة السياسية، وفي حيرتها وعدم ثقتها في التعامل مع الآخر… وخاصة بالعالم ثالثي
وخارج هذا المحور الهام الذي شمل الحديث عن مقومات الاقتصاد المغربي، والآليات التي تعالج بها 

مغرب اليوم، قضية الصحراء المسترجعة، وقضايا الفقر والبطالة وحقوق الإنسان. تبقى محاور الكتاب الأخرى مفتوحة على قضايا العالم الثالث، ومن ضمنه العالم العربي، حيث تطرقت إلى المفاهيم والدلالات ارتباطها الوثيق بحاضر ومستقبل هذا العالم، متوخية تشخيص مشاكله في ميادين التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان بعمق وشمول، مع تعيين الظروف والأسباب التي تحيط معالجتها على أرضية الصراع الحضاري القائم بين الشمال والجنوب، وهو صراع قيم بالدرجة الأولى.

-4-

  هكذا يعالج الحوار الأول في هذا الكتاب ثلاثية فكرية، قد تكون هي المحور المفتتح لماسياتي من أفكار وتقييمات وملاحظات، ترتبط جميعها ب”الذلقراطية” التي جعلها المؤلف المحور العام لهذا الكتاب، وتتعلق بالحرية والمستقبل والديمقراطية، وهي المفاتيح الضرورية في رأيه لكل انتقال في العالم الثالث عموما، والوطن العربي على الخصوص . 
بالنسبة للحرية يرى الدكتور المهدي المنجرة، أنها توجد في الكتب، وفي الإعلانات، وليس في برامج  التعليم أو برامج الحكومات والأحزاب، مع أنها يجب أن توجد في الأذهان، تعاش بمبادرة شخصية وجماعية في مناخ حر، في البيوت و المدارس والجامعات ومختلف المرافق… ويرى أن الحرية في البلدان المتخلفة، لا تعاش بالممارسة، بل في الخطابات والنصوص، وأن الذين كانوا يدافعون عنها في برامجهم وكتاباتهم، يفعلون عكس ما يقولون عندما يصلون إلى الحكم… ويرى أن فشلنا في تحقيق الحرية، يعود إلى المواطنين الذين لم يأخذوا حريتهم بأيديهم، وينتظرون وعود الأحزاب، ووعود الحكومات والأنظمة.

أما بالنسبة للديمقراطية، فالأمر لا يختلف من حيث القيمة، فهي لا توجد في قاموس الدكتور المنجرة العالمثالثي، أنها كلمة ذات وزن قوي، إنها كالمجتمع المدني، تستعمل لأهداف مضادة لمدلولها. فلا يمكن الحديث –في نظره- عن الديمقراطية في بلدان التخلف والفساد، فالفجوة الآن واسعة بين الحكام والمحكومين. 
إذن ما هي صورة “المستقبل” بالعالم المتخلف في نظر الباحث المستقبلي، وهو على هذه الحالة من السلبية والتراجع والذلقراطية؟ 
في نظر العالم/ الباحث الذي ارتبط “المستقبل”، باسمه طيلة سيرته الفكرية، أن الأخطاء المتراكمة في بلدان التخلف خلال القرن الماضي، سيكون لها ثمن، (وسيكون انعكاسها غالبا على الشعوب المستضعفة) فكلما تأخرت هذه البلدان في القيام بإصلاحات حقيقية، كلما كبر الثمن… مع ذلك فالتفاؤل لا يغيب عن المفكر المستقبلي، لأنه “لا يمكن أن نصل إلى وضع أسوأ مما نحن عليه الآن في العالم الثالث”. 
في محور آخر حول التكنولوجية والتخلف، يرى الباحث المستقبلي، أن مسألة العولمة والتكنولوجية والعالم الثالث، تشكل قطبا مركزيا وأساسيا في الصراع الدولي الحالي، وأن الأسئلة حول هذا القطب تمتد في جذور السيميائية واللغوية قبل الوصول بها إلى النتيجة العلمية/ الفكرية، في حين أن الأجوبة تتبخر بهدوء في تفاصيل هذه المسألة، وهو ما يجعل العولمة، تفرز الأزمات تلو الأخرى، بل تساهم في خراب الشعوب على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية 
والثقافية. 

إن العولمة في نظره، استعمار جديد شمولي، تقف خلفه الولايات المتحدة الأمريكية بهدف المزيد من التشتيت، ومن التخلف للعالم الثالث، والحضارات اليهودية والمسيحية ترمي من وراء العولمة فرض قيمها وأخلاقياتها وأسلوب حياتها على الحضارات الأخرى، الغير يهودية والغير المسيحية، ومنها بطيعة الحال، حضارتنا الإسلامية. 
وفي نظر الباحث المستقبلي، أن لم يعد وهما نقل العبارات، ولكن الوهم الحقيقي، هو الاعتقاد بنقل التكنولوجيا، باستيراد الحاسوب أو تركيبه بالمصانع المحلية، والتعامل مع الأنترنيت، لا يعني نقل التكنولوجيا. لأن هذا المجال –في نظره- لا تقوم له قائمة إلا بالأبحاث العلمية وتدخل عناصر هامة لإنتاج التكنولوجيا المستلزمة لتركيب ذهني وعقلاني، والمرتبطة بعالم العلم والمعرفة، المتصل بالطاقة البشرية، وهو ما يعني توفير مناخ حر/ مساحات من الإبداع والديمقراطية والحرية، وتمكينه من الآليات العلمية لإنجاز البحوث العلمية، فلا يمكن تحقيق أي تطور في هذا المجال العلمي، ما لم يصبح العلم ثقافة. فالأشياء مترابطة فيما بينها. 
وفي نظره أن تعامل العالم مع التكنولوجيا، ما زال قائما على التقليد دون إدراك لجهود ما يقلد… وتلك مشكلة حضارية كبرى. 
وعن الوضع العربي الراهن، والصراع العربي الإسرائيلي، يرى الدكتور المهدي المنجرة، أن الشعوب العربية، على عكس حكامها، بدأت تدرك بعمق ضرورة التغيير والانتقال، ويرى أن هناك في الوطن العربي سيناريوهات تواجه هذا التغيير. 
الأول، سيناريو الاستقرار والاستمرار، وهو ما يعني استمرار الأمور على ما هي عليه، وهو ما يتطلب دعم البنك الدولي، والجيوش الأجنبية، غير أن هذا الاستقرار من شأنه أن يكون “بيولوجيا” وهو ما يعني الموت وتعطيل الخلق والابتكار، وهو الشيء المستحيل في حياة الشعوب. 
أما السيناريو الثاني، فيتعلق ب”الإصلاح” الذي تعطل في الوطن العربي، بسبب قيام السيناريو الأول، ومن الممكن لسيناريو الإصلاح أن ينجح بنسبة 30% إلا أن ذلك يظل في نظر الباحث المغربي رهينا بسرعة التدخل والوعي بالإكراهات التي تفرض على العرب معالجة فورية لمسائل الديمقراطية والعمل على دعم المجتمع المدني ووضع دعائمه. 

ولأنه وقع تأجيل/ تأخير هذا السيناريو على علاته لطبيعة الحكم والحكام في الوطن العربي، أصبح في تقديره من المتعذر تنفيذ أو القيام بإصلاحات فاعلة وناجحة، تبعد شبح التغيير الشامل، الذي هو موضوع السيناريو الثالث.

إن الدكتور المهدي المنجرة، لا يتصور مستقبلا للبلاد العربية خارج إطار التغيير الفوري لوضعيتها الراهنة، لأنه لا يمكن التخطيط لسيناريو الإصلاح في ظل الحكم العربي الراهن المتولد عن النظام العالمي الجديد والمتحالف في نفس الآن مع أنظمة الاستعمار الجديد
وعن الصراع العربي الإسرائيلي، يرى الباحث المستقبلي أن قوة إسرائيل لم تنتجها عبقرية ثلاثة أو أربعة ملايين إسرائيلي أو إثنى عشر مليون يهودي موزعة في العالم، بل هو التلاحم بين الكيان الصهيوني والمركب الأمريكي السياسي والإستراتيجي والاقتصادي والمالي والعسكري والعلمي والتكنولوجي. 
ويرى أن دور العرب في تحقيق الحلم الإسرائيلي، كان أساسيا، فالتاريخ سيسجل إسهام القيادات العربية والقيادات الحالية لمنظمة التحرير الفلسطينية في كل الجرائم ضد الشعوب العربية، وأن هذا التاريخ سيؤكد بصوت مرتفع انخراطات الإنسان العربي، في هذا الصراع، ونضالاته المتواصلة والمستمرة من أجل استعادة حقه في التاريخ والجغرافيا. 

-5-

  السؤال الختامي في هذا الكتاب المرجعي الهام : ما هو دور المثقف العربي اليوم/ ما هو موقفه من قضايا محيطه المحلي والدولي؟ يرى الباحث المستقبلي، أن المثقف العربي أصبح مطالب باستعجال استعادة دوره المفقود، وقيادة مرحلة التغيير المطلوب، وأنه قبل ذلك وبعده أصبح مطالب بمواجهة أسئلة القرن الواحد والعشرين، بكل ما تطرحه من تحديات، وتسارع في الاختراعات والاكتشافات، إذ لا يمكن أن يضطلع المثقف العربي بمهامه الأساسية، داخل المؤسسات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية و الثقافية التي  تآكلت بنياتها وفقدت مصداقيتها وأصبحت آلية للسقوط، وهو ما يفسر بوضوح أسباب أزمة الثقافة العربية الراهنة، وأسباب انحصار المثقف العربي، في زمن الألفية الثالثة. 

فهل تدركون… أن الذلقراطية واقع شامل يحيط بنا من كل زاوية...ومن كل جانب؟.

الجمعة، 9 أغسطس 2019

محمد أديب السلاوي

من يحمي عقولنا من الهجرة...

-1-

في ظل الحملات العنصرية الممنهجة التي تنظمها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ضد المهاجرين الأجانب منذ ظهور البوادر الأولى للأزمة الاقتصادية / المالية العالمية، برزت بشكل لافت، ظاهرة " هجرة العقول"، حيث أعلنت العديد من دول المهجر عن رغبتها في الاحتفاظ بالكفاءات العلمية والتكنولوجية، بعد طردها واستغنائها عن العمال والحرفيين العرب والأفارقة والأسيويين، وذلك وفقا لمخطط بعيد المدى، يرمي الى إعادة هيكلة أنظمتها في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والحضارية عامة.
 في مطلع الألفية الثالثة أعلنت دول الغرب عن خصاصها للكفاءات العلمية والتقنية والفنية التي من شأنها إعطائها القدرة على مسايرة التطورات العلمية والتكنولوجية، وعن استعدادها فتح الباب على مصراعيه  لاحتضان  الكفاءات  القادمة من  بلدان العالم  المتخلف/ السائر في طريق النمو لإدماجها في أنسجتها العلمية  والإدارية،  لسد  النقص الحاصل  عندها  في  هذه الأنسجة.
 وحسب دراسة للعالم المستقبلي المغربي، الدكتور المهدي المنجرة شفاه الله، فان هذا النقص يصل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية الى 350.000 إطار في مختلف التخصصات، وبالنسبة لأوروبا يتجاوز 940.000 إطار متخصص، وهو ما  يجعل  هذه  الدول في الوقت   الراهن تبذل قصارى الجهود  من    اجل   استقطاب   العقول   والكفاءات   بكل   الوسائل،  وبأي   ثمن،من أجل ان  لا  يدفعها هذا النقص الى التخلي عن دورها في قيادة المركب الحضاري العالمي، والتراجع خلف الدول الأسيوية، خاصة الصين واليابان والكوريتين.

-2-

 هكذا، نرى في الوقت الذي يتم فيه طرد العمال المغاربة، والعمال الأفارقة بالآلاف وبطرق وأساليب عنصرية لا إنسانية أحيانا، يتم في الوقت ذاته، الترحيب بشكل مبالغ فيه أحيانا، بالأطباء والمهندسين والإعلاميين والرياضيين والفنانين والكتاب والمبدعين وأساتذة الجامعات وبكافة اطر التخصصات العلمية المهاجرة الى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، بإغراءات كبيرة وتحفيزات وامتيازات مغرية...وهو ما جعل ظاهرة هجرة العقول، تتسع سنة بعد أخرى، وتتخذ أبعادا مهولة ومقلقة، في ظل أوضاع البلاد التي تعاني من التخلف والفساد والرشوة والتهميش وانعدام استقلالية القضاء، وضعف الحريات العامة وخرق مواثيق حقوق الإنسان، وهو ما يشكل خطرا محدقا على المدى المتوسط والبعيد على الاقتصاد والصناعة والصحة والثقافة والفنون والرياضة والتعليم والخدمات،وكل الأنسجة التي تقوم عليها مخططات التنمية البشرية،  والتنمية الشاملة.

 طبعا، ليست هناك إحصائيات رسمية، بصدد الأطر والكفاءات المهاجرة،أو التي تهاجر،  من البلدات التي كانت تسمى ببلدان العالم الثالث، ولكن هناك حالات للهجرة مستمرة ومنذ عدة سنوات.
- طلبة يغادرون سنويا لمتابعة دراستهم العليا بالجامعات الأوروبية والأمريكية، ولكنهم بعد الانتهاء من الدراسة لا يعودون الى أوطانهم،  بل يفضلون الإقامة بالبلدان التي تابعوا الدراسة بها وحصلوا فيها على شهاداتهم العليا.
- أساتذة وباحثون وأطباء وعلماء رياضيات وفيزياء وصحفيون ورياضيون وفنانون وغيرهم يغادرون بلدانهم العربية او الإفريقية سنويا ، بسبب الإغراءات التي تقدمها لهم الجامعات والمؤسسات الأوروبية والأمريكية والكندية من اجل استكمال التكوين، واكتساب الخبرات المعمقة التي لا تتوفر عليها الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية المغربية...يتم بعد ذلك استقطابها لمصالحها الذاتية.
- اطر عليا في المؤسسات الاقتصادية والبنكية والصناعية، وفي الدارة العمومية، تغادر أوطانها العربية والإفريقية سنويا نحو أوروبا و أمريكا وكندا، بدعوى تطوير مهاراتها العلمية والاستفادة من الامتيازات التي تمنحها هذه الدول لأصحاب التخصصات العلمية، وأيضا بدعوى ان أوطانهم لم تول البحث العلمي أي اهتمام من شانه إرضاء طموحات هذه الأطر، في عهد العولمة والانفتاح العلمي
 ولا شك، أن الفوارق القائمة بين اهتمام الغرب وجامعاته ومقاولاته ومؤسساته العلمية والاقتصادية والسياسية والإدارية، بالعلم والعلماء، وبالكفاءات الفنية في المجالات المختلفة، وبين واقع الحال ببلدان العالم الثالث، سيجعل هجرة العقول والمهارات، هجرة متواصلة، بل لربما سيجعل منها كارثة علمية، اذا ما استمر الحال على ما هو عليه.

 ان هذا النزيف أمام الإغراءات الممنوحة سوف لن يتوقف عند هذا الحد، بل لربما سيتجاوزه ليأخذ بعدا اخطر ان لم تتخذ في شأنه القرارات الشجاعة من طرف أصحاب القرارات، ذلك لان النزيف الحاصل اليوم، سيصيب حتى الأطر العاملة بالمؤسسات الاقتصادية والمالية والخدماتية والعلمية التي لها تجربة وخبرة، ومن ثمة ستصبح الكارثة اكبر، خاصة وان إشكالية هجرة العقول والكفاءات أصبحت في الزمن الراهن، تندرج في إطار ظاهرة تهم مجموع العالم السائر في طريق النمو، ذلك ان الخصاص في الكفاءات العلمية والتقنية والفنية، الذي يعاني منه الغرب/ أوروبا وأمريكا، مهولا وخطيرا.

-3-

حتى هذه للحظة تكون ظاهرة هجرة العقول قد تسببت للعالم السائر في طريق النمو في خسارتين :
الأولى مادية، حيث يصرف على الأطر المهاجرة ملايين الدراهم من أموال دافعي الضرائب، من اجل تعليمها وتأهيلها وتكوينها دون أن يستفيد الوطن من خدماتها.

والثانية معنوية، حيث يقدم هذه الأطر على طبق من فضة، وبدون مقابل للدول الصناعية / المتقدمة / الغنية، لتزداد قوة ومناعة، وهو في اشد الحاجة إليها لإقلاعه وتقدمه وتحديث هياكله وإخراجه من أوضاعه المتأزمة مع الفقر والتخلف والفساد.
أمام هذه الظاهرة الملفتة التي تزيد من تعميق الهوة بين العالم المتخلف والغرب / بين الشمال والجنوب، والتي تزيد من تبعيته، يمكن التساؤل عن الأسباب والدوافع التي تدفع هذه الطاقات إلى الهجرة، بدل المساهمة في تطوير موطنها.
هل هي البنية العلمية التي مازالت غير فعالة ومنفصلة عن إطارها التربوي، آم هي هزالة الاعتمادات المالية المخصصة لها...؟
هل هي البيروقراطية القائمة في الأجهزة الإدارية، والتي تقف عائقا كبيرا أمام الكفاءات الوطنية، والتي تشتت جهودها العلمية وأبحاثها واختراعاتها، والتي تساهم في دفعها إلى الهجرة، حيث يكون المعيار الوحيد هو الكفاءة العلمية ووجود المناخات التي تساعد على بلورتها...؟
هل هو انعدام التخطيط الصحيح، لأحداث طفرات في المجالات الحيوية التي من شأنها استقطاب الكفاءات العلمية والتقنية وتشغيلها، لصالح النهضة الوطنية، في مجالات تخصصها.....؟
هل هو عدم قدرة المقاولات الصناعية والتجارية والخدماتية بالعالم الثالث مجاراة المقاولات العالمية ومنافستها على اجتذاب الموارد البشرية المتخصصة...؟
هل هو عدم توفير الشروط الاجتماعية للعلماء والمتخصصين والمهندسين للطمأنينة النفسية والارتياح والحرية والمنافسة العلمية الشريفة، في المقاولات وغيرها من محيطات العمل والانتاج؟
هل هو غياب الوسائل والبنيات لتطبيق ما تعلمته الكفاءات في المعاهد والجامعات، وضعف ميزانيات البحث العلمي، وهو ما يتحول الى تلاشي المعارف...؟
 او هو الحد من حرية التعبير، التي من شأنها تشجيع الخلق والابداع والمبادرات العلمية والفنية وغيرها.

-4-

في واقع الامر، هي سلسلة مترابطة من الإشكالات العالقة بموضوع الهجرة، تواجه العالم المتخلف/ السائر في طريق النمو، من هجرة اليد العاملة إلى الهجرة السرية، إلى هجرة الأدمغة العلمية والتقنية، تجعل العالم الفقير يعاني من النزيف، دون ان يبحث بجدية عن حلول وعلاجات.
 ولان الهجرة أخذت شكل الغول، على كافة المستويات، تجاوزت في شكلها وموضوعها كل الأحجام، وأصبحت قضية تمتد إلى أسواق المال والاقتصاد والى العلم والسياسة، أصبح على هذا العالم ان يتأمل بالكثير من التأني  والتمعن في إشكالاتها المتداخلة مع واقعه الآني والمستقبلي، وإيجاد العلاجات الناجعة لها،قبل فوات الأوان
 إن الهجرة من موقعها هذا، أصبحت ترتبط بإشكالات النمو الديموغرافي، وبإشكالات الوضعية الاقتصادية السياسية المتأزمة لبلدان العالم الثالث كمصدر للطاقة البشرية، وهي إشكالات، كما تتحكم بقوة في الأنظمة الإدارية والاقتصادية والثقافية، أصبحت تتحكم في الأنظمة التربوية والعلمية بعدما تحولت الى نزيف للكفاءات والعقول،وهو ما يجعلها في حجم الغول الذي يهدد حاضرها ومستقبلها بصمت وهدوء .
وبالنظر  الى الأوضاع الاقتصادية  الراهنة لأوروبا وكندا والولايات المتحدة  الأمريكية، وهي  تعاني من  التأزم والإفلاس والتراجع بفعل الأزمة المالية / الاقتصادية العالمية، نجد  هذه   الدول  تنفض  يدها   بعنف  وقوة  وبكل  الوسائل  الممكنة   والمستحيلة من الأيادي العاملة، تطرد يوميا الآلاف  منهم خارج  حدودها، ولكنها في الوقت  ذاته تفتح ذراعيها  للأطر العلمية، للأدمغة النشيطة في كل المجالات والميادين، تواصل امتصاصها لأدمغة العالم الثالث، بكل الإغراءات وبأي ثمن، لتزيد هذه البلدان تخلفا، ولتزيد من تكريس الفوارق القائمة في عالم اليوم بين الشمال والجنوب
 من هذا المنطلق، تجد الهجرة نفسها اليوم، تتحول على خريطة دول الجنوب / العالم الثالث، من قضية إنمائية مريحة، تدر بعض الأرباح على الخزائن العامة، إلى قضية تستنزف هذه الخزائن، وتفرغ الجسد الوطني من عقوله المستنيرة
 السؤال الذي تطرحه هذه الإشكالية اليوم بقوة، على ساحة البحث العلمي، وعلى ساحة البحث السياسي، وعلى مجتمع العالم المتخلف/ السائر في طريق النمو : متى " تتحول الهجرة" الى موضوع للتأمل والبحث والدراسة العلمية الموضوعية، لاستخلاص الأرباح والخسائر، لحماية هذا العالم من الانهيار...؟

-5-

حتى هذه اللحظة لم يحدث اتفاق بين فقهاء اللغة، عن المصطلح الأنسب للتعبير عن ظاهرة "هجرة العقول" نحو أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا التي تفجرت في العقود الأخيرة بإفريقيا و كل دول الجنوب، هل هي نزيف للعقول أم هجرة العقول ام اصطياد العقول ام تفريغ الأدمغة ام سرقتها ؟.
 الإعلام بالعالم المتخلف/ الجنوبي، استعمل كل هذه المصطلحات في قراءاته وتحليلاته لهذه الظاهرة الملفتة للنظر، والمثيرة للجدل، لكن الإعلام الغربي، وفي مقدمته الإعلام الأمريكي، يستعمل مصطلحات اقل أثارة وأكثر تضليلا : النقل العكسي للتكنولوجيا/ تدفق الموارد البشرية/ التبادل الدولي للمهارات.
  وفي واقع الأمر، فان عمق هذه الظاهرة التي تصب أساسا في هجرة الكفاءات المدربة، والمهارات العلمية والتكنولوجية من بلدانها الاصلية بالعالم المتخلف/ الفقير/ السائر في طريق النمو إلى بلدان أخرى نامية ومتقدمة، بشكل في ذات الوقت، قيمة مضافة، وربحا زائدا للبلد الذي تتم إليه الهجرة.
 إن إفراغ بلدان العالم، الفقير والمتخلف من كفاءاته العلمية والثقافية والتكنولوجية، هو بالأساس، إبعاد هذه الكفاءات عن قيادة أوراش التحديث والنهضة والتقدم في بلدانها الاصلية وتكريس مظاهر الفقر والتخلف بها...وبالتالي هو تكريس الفجوة العلمية بين الشمال والجنوب، وإخضاع الدول الفقيرة والمتخلفة وإجبارها على البقاء تحت رحمة الخبرات الأجنبية.
والسؤال المحوري هو : من يحدد موقعنا من هذا النزيف ؟
 ومتى يحدث ذلك ؟



محمد أديب السلاوي