الأحد، 15 سبتمبر 2019

محمد اديب السلاوي

انهم لا يريدون خروجنا من حلبة التخلف.


                                            1

في كل دخول مدرسي  تبدأ الاسئلة الحارة تطرح نفسها بقوة على الاباء، ولربما على بعض السياسيين المخلصين لقيم المواطنة ايضا، ليس فقط عن برامج التعليم ومناهجه، وعن الكتاب المدرسي واسعاره، ولا عن تكوين المعلمين وتجهيز المدارس، ولا عن الازمات التي تعاني منها المدرسة المغربية في الزمن الراهن وهي ضخمة وكتيرة، ولكن عن الصورة التي يكونها التعليم عن نفسه وعن الاجيال الصاعدة التي يعلق عليها الشعب المغربي اماله في الانقاد والخروج من حالة التخلف والفساد والتهميش والفقر التي يعاني منها ،وهو في قلب الالفية التالتة.

نعم ،كلنا يعلم بلا تحفظ اننا دولة متاخرة عن الركب العالمي، تعليمنا مازال يتارجح بين بين، وكلنا نعلم ان بقاء المغرب على قيد الحياة، يتطلب منا ان نمنح طفولة اليوم  ما يلزمها من تربية وتعليم  واهتمام وتعضيد وثقافة وتكوين لتقوم بما ينتظر منها من انقاد ومن عمل وبناء.

طفلنا اليوم يعني اللبنة الاساسية للاجيال القادمة،عليه تقوم الاسرة والحزب والمنظمة والتغيير، والتنمية ،نموه وتعليمه وتكوينه يعني الخطوة الاولى لبناء اجيال جديدة،انه يمتل التروة الوطنية،الفكرية،العلمية،الحضارية،ويشكل ريهانها الاهم والاكبر.

من هنا ،وامام وضعية مدرستنا، وضعية تعليمنا، وضعية الرهانات والصراعات حولها، تبدأ الاسئلة تطرح نفسها بقوة ،دون ان تجد  لها جوابا شافيا ، لا عن المدرسة والتعليم، ولا عن المستقبل المخيف الذي ينتظر الطفولة واجيالنا القادمة.

                                           2

الشعوب المتقدمة تنبهت مبكرا الى هذا الموضوع،موضوع المدرسة وتكوين الاجيال الصاعدة، فتجاوزت تعليم الطفل وتكوينه بالمناهج التقليدية، واعتمدت على مناهج تقافية، باعتبارها الطريق السليم  لبناء اجيال سليمة  متكئة على الثقافة والوعي والابداع، وادركت ان الاجيال الصاعدة في حاجة ماسة الى التنميةالتقافية ،على اعتبار ان ثقافة الطفل هي اكتر الحاحا، واكتر اهمية لانخراطه في مجتمع الالفية الثالتة

لذلك، فان دعم ثقافة الطفل واعطائها الاولوية في مناهج المدرسة الحديتة، لم يعد موقع نقاش في الدول المتقدمة، وهو ما يعني ان الدولة الواعية اصبحت مدركة لاهمية تكوين ثقافة مستقبلية  لطفولتها، للحفاظ على مكانتها في عصر الالفية الثالتة.

المدرسة في الدول الراقية/المتقدمة، تعتبر مرحلة الطفولة  من اهم المراحل  التي يمر منها الانسان، لما لها من اتر عظيم  في بناء شخصيته جسديا وفكريا واجتماعيا، ذلك لانها المرحلة التي تتشكل فيها مهاراته وقيمه وافكاره وقناعاته.

الاكاديميات التربوية والعلمية في هذه الدول  اصبحب تبحت في المشاريع والمناهج التي تنمي مكانة المواطن المستقبلي /الطفل بتعزيز ثقافته ومعارفه وخياله وسلوكياته وعاداته الاجتماعية وقيمه الادبية والابداعية والاخلاقية ،باعتبارها القاعدة الصلبة التي تقوم عليها شخصيته المستقبلية.

لذلك نجد اليوم  العناية بثقافة الطفل في نظر علماء التربية مسالة تربوية في المقام الاول، وهو ما يجعلها  كالماء والهواء والغداء بالنسبة لاطفال عصرنا الراهن، لا يمكن الحياة ولا التقدم دونها.

                                            3

مع الاسف الشديد نتطرق لهذا الموضوع في بداية الدخول المدرسي الجديد،وكلنا يعلم  ان تعليمنا  قطع اشواطا بعيدة  في الافلاس والانهيار بعدما فقدت مدارسنا الحكومية والخاصة، الكتير من القيم والمتل الاصيلة لمهنة التعليم ،وهو ما يعني الفشل الدريع  الذي حصدته مؤسساته في عملية بناء عقلية حديتة ومنظمة في مستوى العصر الذي نعيشه، والذي يتطلب منا اعداد اجيال جديدة في مستواه العلمي، التقنولوجي، الابداعي،قادرة على اخراج المغرب من مرحلته الرهيبة المغرقة في الفقر والفساد والتخلف

نعم،ان قطار تعليمنا لم يعتر على سكته، كما اكدت ذلك جريدة المساء ،فاصبح لا يعاني فقط من العجز والفوضى والفساد، بل تجاوز ذلك الى عجزه في تكوين الاطر التي تهيء الاجيال الصاعدة نفسيا وفكريا، لتكون فاعلة ،قادرة على السير.

مدارسنا لا تتوفر على مكتبات للاطفال، مناهجها لا تتوفر على درس القراءة، لا تتوفر على خبراء في التربية لتشكيل شخصية الطفل ووعيه بذاته ومجتمعه،وتزويده بالخبرات  والمعارف ،وتنمية حسه الابداعي وعقله المفكر، لتهيئته ليكون فاعلا في الجيل القادم.

من اجل الخروج من حالة التخلف القصوى، كان لا بد لنا من البدأ بتغيير وجه طفولتنا، كان لابد لنا من رعاية طفولة اليوم، لتكون جاهزة غدا للانقاد، كان لابد من رعايتها بتعليم جاد وثقافة جادة، ووضع اسس  جديدة في مستوى العصر الحديت، لبرامجنا الدراسية ومناهجنا التربوية،ولكن حكوماتنا المتعاقبة عفى الله عنها، تتجاهل بقوة هذا الموضوع، لربما لانها لا ترى الوقت مناسبا لخروج المغرب من حالة التخلف على يد جيل جديد.. وهي ربما تدري ما لا ندري


افلا تنظرون.... ؟
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق