الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

محمد محجوبي

خريفه المكثف
..

الرجل الموغل في كهوف العمر يظل على حيرته العابرة . بينما ينمو داؤه الخفي في تشاكس الذكريات غبار أتربة وملح رمل وأهازيج قديمة تلاقحت منها بيوت العنكبوت الجاثم الزوايا . الرجل المتثاقل بين أحينة السعال يترك لوجهه جبهات قبائل تصارعت جبالها لتتراقص أشلاء غامضة من سحنته الدفينة . في كل عام يحتفل بمواسم النسيان الراعشة . يدلي بدلوه في شجر التين الذي تصعلك بالبكاء . يتصلب الرجل من غبن عينيه التي لم تعد تقوى على حدة تدقق في وجوه زمن تجاوز أعراسه فترملت غروسه في بيداء إنكار .
حين اقتربت من حريقه الغير المعلن تأملت عوالمه التي تاهت عطشها الرمادي السحيق . استشعرت لغته التي قضمها جليد وحدة مكشر الأزمان . لم يرد سلامي بستانه الهامد . فقط جرداء بقعة تتلظى كلمتني عنه ودخانه الذي طاوع الغيم على أنقاض فراغاته تتشكل مواكب مضطربة البوصلات . كان حينها الرجل اللافت للغروب يحاول أن يقرأ سبورته من خلال خيوط مقابر نسجت كفن المتأخرين اللاحقين  .

محمد محجوبي / الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق