الخميس، 27 يناير 2022

جميلة محمد القنوفي

 وداعا الفنان الكبير عبد اللطيف هلال



انا لله وانا اليه راجعون، 


كما تهب رياح الشتاء تستعجل القطر دون أن تحدث ضجيجا او أثر، ،كما تسكب السموات  ماء المطر ،تذيب حب الزهر ،تسحب بكل هدوء من أوراق الشجر العمر الأخضر .


.تأتي نسائم هذا المساء بالخبر ....،

ان إلى هنا  سطر القدر الرحيم  ماشاء ........

وقضى  ربك وحدد الاجل .

على أجنحة البراق  جاؤك  وعلى صهوة الضوء  وبسرعته حملوك ،إلى دار البقاء.

اخدت...على حين غرة ...

.فبكاك الاهل والاحبة والاصدقاء وما تزال روحك الزكية تجوب  أروقة ، ما  بين الأرض والسماء  ، لن يغلق باب السدة الا وانت بجنبه  في الملكوت الاعلى  هناك .


في حضرته بين الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا . 


     قف  للمعلم   وفيه التبجيل 

      كاذ المعلم أن يكون رسولا ....


فمن هو الراحل  رحمه الله  في ورقة مقتضبة جدا : 


هو المعلم .الفنان..الذي  رغم حبه لمهنته ..اضطر يوما ما ان يختار بينها و بين الفن ...فاختار الفن  المسرحي .

ولا يعني هذا تخليه عن المعلم ،لا بل إنه فقط نقل عمله من الفصل ،داخل الجدران الضيقة  إلى الركح، الفصل الأوسع، الذي  يمكنه من ممارسة دور المعلم داخل أدواره  ..الرصينة . متوجها إلى جمهور عريض ..متعطش للفن الهادف..الراقي ،الذي يحمل الرسائل الانسانية والقيمية الكبري و حمولة التعبير عن المعاناة والاحتياجات  و الآمال. في زمن كان التعبير الحر  مطلبا غير متاح


اذن بعد رحلة  تعليم  لا تعتبر قصيرة ، قرر المرحوم ان يستقيل   من سلك التعليم،  ليتفرغ للفن والمسرح. .


*حيث بدأ مشواره الفني  اعام  1963....

مرحلة احتراف المسرح

*احترف المسرح  رفقة مصطفى التومي  حوالي سنة 1967 مع فرقة الطيب الصديقي  و «مسرح الناس».

*اشتغل مع  الهرم الاطلسي الطيب  الصديقي في رائعته «بديع الزمان الهمداني»

حيث كان المسرح انذاك مدرسة للمجتمع كله ..تقوم بالتربية والتوعية والتهذيب و التعليم والتوجيه.

عبد اللطيف هلال:

أناقة الصورة، ظاهرها والتغيبات

 

 * نقلا عن محمد بهجاجي  Mohammed Bahjaji 

 الذي يكتب عن الفنان المرحوم "هلال" وعلاقته بالمسرح خاصة سنوات السبعينات ما يلي : 

《مشهدان يخلدان، بالنسبة إلي على الأقل، صورة عبد اللطيف هلال في شبابه وامتدادته:

- الأول في نهاية ستينيات القرن الماضي حين استمتعت به ممثلا في أحد المسلسلات الرمضانية الهزلية رفقة محمد الخلفي والمرحومين محمد العلوي وأحمد الصعري (أحد مدرسي بمدرسة النابغة- ليزير سابقا)، بشارع النيل مقابل شركة التبغ بالدارالبيضاء.

- المشهد الثاني تم سنة 1974 خلال بروزه معتليا الغلاف الأول لمجلة "الفنون" التي كانت تصدرها وزارة الثقافة، وذلك بمناسبة أدائه الدور الرئيسي في مسرحية "مولاي إدريس" التي أخرجها الطيب الصديقي عن نص لعبد السلام البقالي. 

منذ ذلك التاريخ ظللت أقتفي أثر هذا الفنان الراقي بسلوكه، و السامي باختياراته الرفيعة، وأساسا باحتساب متى يظهر ويختفي، ومتى يقرر أن يختفي حتى ولو كلفه ذلك ما يكلفه .

انطلاقا من هذه الاستعادة العفوية على وقع الفقدان، أستطيع أن أميز بين ثلاث محطات في المسار الثري لابن درب السلطان، فقيدنا الغالي، الذي دشنه بالعمل مدرسا بسيدي بنور، ثم بالالتحاق ممثلا بفرقة البدوي، وفرقة الأخوة العربية:

* المحطة الأولى: الريادة في التلفزيون المغربي عبر الأعمال الأولى التي رافقت إرهاصات البث الأولي بإدارة الرواد، وضمنهم طيب الذكر عبد الرحمان الخياط من خلال مسلسل "التضحية" باشتراك مع الراحلين عبد الله المصباحي ومحمد الركاب وحسن الصقلي،  و مسلسل "المنحرف" من اخراج عبد الرحمان، والعملان معا أنجزا سنة 1964...

*الثانية: الريادة عبر العمل المسرحي. لقد شارك الراحل مع الأعمال الأولى لفرقة المعمورة من خلال مسرحية "هاملت" شكسبير التي شارك بها المغرب في مهرجان قرطاج بتونس 1967، وكانت من ترجمة خليل مطران بإضافة جزئية للطاهر. في نفس الإطار شارك في مسرحية "عطيل" بإخراج عبد الصمد دينية سنة 1968...

ثم كانت المشاركة القوية مع فرقة الطيب الصديقي التي لم يلجها إلا متأخرا بالنسبة إلى مجايليه، بدءا من "مقامات بديع الزمان الهمذاني" سنة 1971، "النور والديجور" و"كان يا ما كان" و"السفود" خلال موسم  1973 – 1974، وانتهاء ب"بديع الزمان الهمذاني" سنة 1977. وهي التجربة التي تواصلت، إلى اليوم، عبر تجارب الفرق الخاصة، وضمنها بعض الأعمال التي تمكنت من مشاهدتها بمعادلات مختلفة، من "بنت الخراز" و"سعدك يا مسعود" و"كاري حنكو" مثلا إلى "ليلة راس العام" مع العزيز محمد مفتاح" وغيرها .


الصورة تجمع الفنان عبد الاطيف هلال والنجمة نعيمة المشرقي على خشبة المسرح ...

لقطة  من مسرحية  "مقامات بديع الزمان الهمذاني" (1971 - 1972)》

انتهى كلام محمد بهجاجي 


عمله في الدراما التلفزيونية :

  كما ظل  الوجه المغربي التلفزي الشاب لسنوات السبعينات


 الثمانينات ،خاصة وأن مرحلة اشتغاله ،شهدت نوعا من التعثر في الأداء  الدرامي عموما  حيث كانت الدراما المغربية ما تزال وليدة تبحث عن سميائيتها 


 ومعالم ذاتها وهويتها وتحاول الترسيخ لوجودها وايجاد مكانة لها بين كل الانتاجات  العربية والدولية التي سيطرت واكتسحت  التلفزيون المغربي انذاك.. .



.فكان هلال ..بكاريزمته المتفرذة وادائه  المحترف، الفذ  متميزا عن كثير من معاصيريه



 ما جعله من  أوائل الممثلين المؤثرين في المشهد الثقافي الفني المغربي فيه حينه.



ف مثل  في العديد من الأعمال الدرامية الناجحة  للتلفزة  المغربية. 



واستطاع الخروج عن  المحلية  بكل ما امتلكه من المقومات الابداغبة الهائلة و الخاصة التي  لم يتم في رأيي استغلالها كما يجب ..لكن مع ذلك نجح الفنان الراحل 

 في اقتناص ادوار  مهمة في الدراما العربية منها : 

《عرب لندن》 


 للمخرج السوري أنور قوادري

《، صقر قريش》



 و《ربيع قرطبة》 مع المخرج



 السوري حاتم علي. 

العمل في السينما :

ونجاحه في الدراما التلفزية اهله للعب أدوار سينمائية طلائعية ، علمت  مسيرته و رسخت لرحلة كفاح فنية ناجحة .

رشحته إلى العمل في عدة  أعمال أجنبية لها قيمة فنية عالمية 

 منها  : 

الفيلم "الروماني" 《 ذراعي أفروديت، 》

و《الرسالة للراحل》 مع المخرج العربي العالمي الكبير  مصطفى العقاد، 


وله اعمال سينمائية  مغربية كثيرة أهمها  : 

  انه مثل  في ::《وأين تخبئون من الشمس》 للمخرج المغربي عبد الله المصباحي 

و رفقة نادية لطفي وعادل أدهم ونور الشريف،.

كما ظهر  في  《الحياة كفاح》 صحية  الموسيقار الكبير عبد الوهاب الدكالي والمخرج محمد التازي، 


ومثل في فيلم 《أفغانستان لماذا؟》 للمخرج لعبد الله المصباحي،

وكذلك مثل في فيلم 《 المكتوب》 للمخرج  لنبيل عيوش، 

ومثل في  《وجارات أبي موسى》 للمخرج  محمد عبد الرحمن التازي وغيرها...من الأعمال..الوطنية والعربية والدولية .

بعد كل هذه الرحلة الزاخرة وهذه النجاحات التي حققها بكل عصامية و اعتماد على الإمكانيات  الذاتية وفي ضوء الاكرهات الصعبة التي عرفها المجال الفني طيلة العقود الماضية ،والتي رغم صعوبتها لم تمنع الراحل من ان يجعل منها سنوات حافلة بالمتعة والابداع و التألق والنجاح 

 ثم بعد كل ذلك العناء ..

يترك  هلال عالمنا  في  غفلة من الجميع  ، عالم الجوائح والخوف والقلق إلى عالم اليقين، 


يقول الصحفى المخضرم ورئيس الهيئة الوطنية  للناشرين بالغرب : 

 وداعا با "لطوف"

 رحمة الله عليك ..

《منذ عرفتك أواخر ستنيات القرن الماضي في  ليلة باردة من ليالي نوفمبر  ....بفضاء مقصف  المسرح البلدي الماسوف على دكه ...عاهدت فيك الإنسان الخلوق ..والفنان المثقف... والصديق النصوح ..

في شهر واحد ودعت صديقين عزيزين ....هلال و..عمر دخوش

تغمدكما الله بواسع رحمته واسكنكما الفردوس الأعلى....

كل نفس ذائقة الموت.. وانما توفون اجوركم يوم الحساب ...

اللهم احسن خاتمتنا  .

اللهم الحقنا بهما مؤمنين.》

الى ظل  الرحمن وفي  فردوسه بين الجنان .


.باذن الله. ..نسأل الله أن يعفو عنه .ويتقبله القبول الحسن ، ويلهم  محبيه الصبر والسلوان .



جميلة محمد القنوفي

 المملكة المغربية 

انا لله وانا اليه راجعون،  

 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق