الاثنين، 24 يناير 2022

محمد زغلال محمد

 ★★ القارئ الضمني ★



اما القارئ الضمني ، هو الذي يكون مستفيدا من انفتاح التنظيرات الحديثة المعاصرة ، التي فتحت امامه آفاق واسعة لدراسة النص دراسة معمقة ، مستعينا في ذلك بتعدد التقنيات والاليات الموظفة ، منهجيا ، بل وتناقضها احيانا  في قراءته لنصوص معينة ، فيصبح طرفا فاعلا في النص ، مشاركا بشكل كبير في عملية الفهم ، انطلاقا من تاويلاته المتكررة واستبدالاته اللامتناهية للمفاهيم المتناهية فيتضح للناقد ، ان هناك بنيات شعرية تحتوي على الفاظ بانية ومنبهة الى حقيقة وجود نص او موضوع بعينه ، يعمل على أثارت انتباهنا بهدف التركيز على نص اخر بغية  اكتشاف كل الصلات الحسية النشطة المكونة له ، علنا ندرك ان بناء الرؤية العميقة للمفاهيم المستعملة على مستوى النقد تتطلب الانتباه الى القيمة الحسية لتعدد البنيات في النص الواحد . 

كما يقول : مطاع الصفدي ، في كتابه (خطاب التناهي ) " ولهذا فالخطاب اللامتناهي الذي ينسف الحدود كلما قامت ، انما يهدف في النهاية إلى تقويض المحدود او استلاب ما يؤلف محدوديته الخاصة " ___ اذ من نسف الحدود التي يقيمها القارئ المثالي حول النص باعتباره عملا محدودا ، يجد القارئ الضمني دريعة للنزول الى قعر النص واستقصاء اعماقه ، اي انه يجد لذة في عملية الحفر والتخريب ، كي يعيد صياغته حسب ذوقه .

فهذه القراءة المتكررة للنص ، تمكنه ، من استكشاف بعض الاختلالات في البناء تتراوح بين اختلال في طبيعة الفكرة ، واخر في وظيفة اللغة المستعملة . فيؤمن ان النص مهما كان نوعه ، لن يخرج عن نطاق محدوديته الفكرية ، لان الصلات المتعلقة بعملية الابداع ، لن تتأثر ، سواء مورس عليها التفكيك او التركيب ، وهي عملية شرعية ينهجها القارئ الضمني كي يجدد قدراته المعرفية  في سياق ادبي . 

يقول ابراهيم العسافين في دراسته (إشكالية القراءة في النقد الالسني ) . ان " القراءة وحدها تعشق الأثر وتقديم معه علاقة شهوة "  --- لان النص حقل دلالي خصب تتعدد معانيه وتختلف قراءته مما يجعله يتسرب إلى خطاباتنا  ويستحوذ على ذواتنا . عندما يتعلق الامر بالذات المبدعة فإن صاحب النص يلجأ إلى الإنتقائية في اللغة والمفاهيم المؤطرة لها وكأنه يمارس نوعا من الحب النرجسي ، او يسعى إلى خلق توازن بين الحب والانتماء . 

يقول علي حرب ، في كتابه . ( قراءة ما لم يقرأ . نقد القراءة ) . " فالنص مثل الجسد ، قد يراود (القارئ ) عن نفسه ، فيغريه ، ويفتح شهيته للكلام  ، ويحرك رغبته في المعرفة ، فيلتذ القارئ ،  ويؤثره ويشتاق اليه " --- فيسعى من خلال هذه الكتابة إلى خلق روابط اكثر وضوحا تستمد اشكالها من العوامل التي تنجيه من السقوط في المغالطات التي تحمي التعبير عن كل ابتذال ...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق