الاثنين، 31 يناير 2022

جميلة محمد القنوفي قراءة في صليل الصمت

 تقول مليكة الجباري 

سأقذف بنفسي تحت أمواج القصيدة ....

وهي تعلن عن توفر الفرصة اخيرا للاحتفاء بخروج المولود الجديد إلى القراء،..."صليل الصمت "



فتكتب على صفحتها :

《وأخيرا يفرج عن ديوان ‘صليل الصمت  ‘بدعوة من جمعية المعارف بمدينة سلا》

يوم السبت 2022/1/29... نلتقي


وفي يوم السبت ،

يحل صليل الصمت وهو يرفع الصوت ، يكسر جدارات المحال، و يشد الرحال عابرا  سهول الغرب محلقا بسرب من خيرة ادباء الشمال وشعرائها ونقادها :

الدكتور نجيب الجباري 

والمبدعة زكية بن عمر

بوقديد 

ليعمر بنسائم حروفه الندية قلوبا متعطشة ويرفع بأمواج  طقطوقاته الجبارية عن عشاق القريض  الحجر والدجر  ويجول بمخيالهم عوالم إبداعية متنوعة، فيسافرون معه بغير اجنحة ، يطرقون ابواب الدهشة ،يقتنصون كل معنى جميل واستعارة متمردة تفك شفرة نفسية إنسان الألفية الثالثة ، بحنكة و ذكاء، وتهز الوهم، ترجم الخوف، وتجوب  عنان السموات مستمسكة بعرى الحرية ، تتوشح احلامها وتقبظ على جمر الحقيقة ،تعري الصمت لاتتخلى عن ذاتها ،ولا أدوارها ولا  تاريخها،لاتفرط بالهوية ،لاتنبطح لجحافيل الذئاب،《فالصقور لا تتحكم بها الذئاب》تقول مليكة الجباري في اطلال تحت المطر وجامعة ليمونج. 

صليل صاخب  يسبح ب الاعماق 

 يزحزح الاحجار الراكدة ، يسمع الأذان الصماء  انه يكره البدايات الخائنة، الغادرة كما يكره ثنائية العصر 《القناص والطريدة 》في قصيدة عرفة ،

كما يكره عمى الشمس عن الحقيقة

و خيانة العمر  ،..يكره خيانة  عصاه الغير السحرية التي لا تستطيع إستعادة الزمن الضائع و لا تستطيع اعادة الشباب ولا تغيير الحقائق ،فقد  اختلفت الاحوال والامور  وما عاد التغيير يستند الى  السحر الخارق  وماعاد ممكنا توقع المعجزات. فالتغيير يحتاج اليوم الى واقعية في التعاطي مع متغييرات الزمكان (العصر بكل تناقضاته ).

اذن فعصى صليل من شجرة الحرية و الاحلام ،تحتمل عدة تاويلات: لكنها ما عادت العصى  كما كانت عصى موسى ( التي تفجر الماء من الصخر  ،عصى يهش بها على غنمه  وعصى  تتلقف ثعابين السحرة الافاكين و عصى تفلق البحر فتغرق الفرعون  و انما هي  عصى الالفية( لا سحرية ، بعيدة عن معجزات الغيب اللاهوتية) ،عصى الواقعية الممكنة  ، التي تستطيع ان تتوكأ عليها لتسند ضعفك ).(في رمزية إلى غياب القوة // السند) .والى (انحطاط الامة و غياب القوة وغياب المرجعية العلمية التى تفرضها تطورات العصر الحديث). 

صليل يعري شجرة التوت (

 لاتغيب دودة القز،بل تصنع الحرير للموتى ) من ضحايا الانكسار ،(ضحايا رصاص الثمانينات) في ذاكرة الشاعرة الطفلة  و تحضر  (ناي من شجرة  الحرية )  اعلان (عن اكتمال لعبة عرائس القش ) في قصيدة ( عمى الشمس )

 تعبير عن تلك الهشاشة التي  طالت كل شيء في محيطها (وفي قصيدة اخرى تقول : انه  رجع صدى صور واللوحات النزيف الدامي ب دوار العسكر و المرس، صراخ صليل مرتد : لا تحاكمني في زمن الفضائع قد اغمض التاريخ عينيه عن فرسان   الوطنية ) في هذه الأمة لتجد نفسها مرابطة خارج : الحقول والأسوار والحضور والأعمار(خارج  التاريخ) ، خارج خرائطنا وسط خناديق الموت ، منبطحة مستعدة للتسليم ، تسكن ظلمة النسيان في انتظار عدو مجهول .(تراه قادما  ولا تريد ان تراه)،لا تتحرك ،لا تفعل شيئا لانقاد حاضرها ومستقبلها. في قصيدة (عمى الشمس )

في هذا الصليل الاستباقي ، يحضر الراعي يعزف على ناي الحرية يغيب القطيع ( اللامبالي) ،ثنائية أخرى ل ظلال التوت 《ناي الراعي من شجرة الأحرار تقول الشاعرة . 》 لكن في دروب الافاعي  (تغيب الراعية) ، كناية عن الفاسدين والفساد المستشري في دواليب المجتمع. فيقمع ويعتقل و يخرس الافواه. لكن صليل الصمت متماد في النفخ في هذا" البوق " مجلجلا في الافق..  

و يمتد في  سفره  النثري الممتع  بهمسه( المدوي)، يعري الصمت وشجرة التوت ويعزف على موجة الحرية والعدالة والنور  يجمع مثنى ، مثنى : الثنائيات الوجودية  ليعيد ترتيب انطلوجياه في (ثنائية النور والعمى) 

يقول الأديب العربي بن جلون: 

《انَّ (ما بعد الحداثة) ستحاول ترميمَ ما خرَّبتْهُ أُخــتُــها (الحداثةُ) فتمد الجسورَ بين النص الجديد والنصوص الماضية، سواء التاريخية أو الدينية أو الأسطورية...أو ما أفرزتْهُ قرائحُ الأدباء . على سبيل المثال، تأثُّر (أبي العلاء المعري) بالقرآن في ((رسالة الغفران))..!》.

فيمن  تتاثر الشاعرة الأستاذة  في صليل الصمت: 

حقا ، انه صليل شاعرة ثائرة، يزحف على كل طيف مظلم ،يرفض أنصاف الاشياء و انصاف  الطريق ،انصاف الحرية و انصاف القصيدة و انصاف الحضور حتى انه يرفض انصاف الاقمار،

يصنع الأمل من توهم الفرح والحرية ،هكذا تكتب شاعرتنا   المقيدة الى ( عروبتها وتاريخها منطقتها المغاربية من جهة والاندلسية في الشمال والجبلية وهي بنت القصر الكبير) مسقط راسها (موطن وادي المخازن و  الاميرة عائشة وحكايات النضال والانتصار و طريق الوحدة بعد الاستقلال وسنوات النضال وذاكرة الرصاص و الدم يغطي وزرتها البيضاء ) كلها صور تتضافر لتشكل "ينبوع بداية "تشكل هويتها الشاعرة. 

 هي التي ماتزال تستحي ان تكتب نفسها تقول الشاعرة (استحي من اللغة وهي تقبض هي متلبسة ،تدين جرمي، أصبح رهينة شمس عربية.) في قصيدة (انصاف الأشياء).

التي تعتبر ( جسدها موطنها ) في قصيدة عرافة وتقول : (مدني لا تشبه النهايات )و تخشى أن تتعدى حدود المقبول والمسموح به ،هنا يعلو صليل

(الخلفية المحافظة) **يدوي و يرفع صوت نون النسوة التي ماتزال عاجزة عن كسر عقال الاقفال الغير مرئية التي تلجم تعبيرها الصريح عن احتياجاتها العاطفية  الطبيعية  ،تكبل فكرها و قلمها  :  (الاعراف والحدود) فتكتب خارج سياق ذاتها ورغبتها  ومفرذاتها.( و خارج ما تريد وبعيدا عنه ). فتكتب بمحددات ،

*تكتب على استحياء .《انها الخلفية المحافظة  من جهة و التي تحظر بين  الشاعرة وماتكتب ومن جهة القبود على التعبير سواء التي فرضها المجتمع او فرضتها قواعد اللعبة السياسية. 》.

لذلك فهي في قصيدة : ( انصاف الاشياء) ترفض أن تكون ب "انصاف " صرخةهوية ،بلا قضية، مسلوبة الارادة بين الاقصاء والاعتقال ،خرساء بالصوت ، ترفض ان  تتوشح الصمت ، فتعلي صليلها الهادر بامواج الغضب والرفض والادعان  لكل تلك الامتهانات المترسبة والمتجذرة، خليط من ألم ووجع وامتعاض  في قصيدة انصاف الأشياء  التي تحترق فيها روح الشاعرة ووجودها المتلاحم  

بعصافير الحرية المقصية و المعتقلة خارج الحقول والمكبلة  في قصيدة انصاف الى الهاوية .

 عاد جدا ان يتغير مزاج هذا الصليل ،

ثارة يغضب و يعري الصمت في القصيدة الأولى من الديوان 

وثارة يتوشحه قلقا وخوفا

 في قصيدة (انصاف) ، 

خاصة في غياب نقطة ارتكاز وثبات  مجتمعي  و نفسي مع كل هذه التجاذبات والاعاقات والتناقضات ،حيث تكبر و تحضر الازدواحية تتغلغل في كل شيء حتى انها تغييب وحدة الفكرة، ويتشظى النسق كما تتشظى الأفكار والمشاعر وتتضارب بذهن وقلب الشاعرة . وتنسكب شلالات من الافكار والجمل والصور والمشاعر والقصص والاحداث الغير مترابطة ، التي تنسكب مرة واحدة لكن (في نفس وادي صليل الصمت) .

وهذه سميائية شعر الحداثة

يقول الأديب العربي بن جلون : 

بعض النقاد الجدد، الذين أطلُّوا علينا في حقبة (الحداثة) عَــدُّوا النصَّ الأدبي مستقلا بنفسِهِ، ومكتفيا بذاته، لا علاقة له بالذوات الأخرى، كأنه (سقط من السماء) لا أصل له》 .

حقيقة، فكثير من النثر (الشعري) لا وصل بين اطرافه واجنحته وأفكاره.ومشاعر الشاعر وخلفيته.

و كثيرا ما يفتقد الناقد لجسور الربط بين الشاعرة ومحيطها والشاعرة وخلفيتها الثقافية والدينية والفكرية و كل من تأثرت بهم من الشعراء والأدباء سلبا وايجابا .

لكن هذا الربط الجذلي  بين نصوص الشاعرة ومرجعيتها  هنا  حتما  غني  بتجربتها التعليمية  التي اثرت على صياغتها الادبية وتراكيبها و جملها وصورها الابداعية وبنائها وموسيقاها الداخلية ..الخ 

شاءت أم أبت . قصدت ام لم تقصد..(التأثر واقتباس الرموز و محاكاة الدلالات  أحيانا والاحاءات التعويضية أحيانا أخرى). تحضر بقوة

خاصة انها، هي استاذة اللغة العربية المجازة فيها والتي اكيد اطلعت على اشعار فطاحيل الشعراء من المشرق والمغرب..وحتما لا تكتب من فراغ بل طبيعي جدا ان تكون تأثرت بهم..

وقد لا يغيب تماما عن ذهنية الناقد كما عن  ذهنية الشاعرة.

التطرق إلى  مواضيع التأثير والتأثر . التي يصعب تقفي اثرها عند الشاعرة . 

وهي تقول : في تسبيحات فصول ان صليل الصمت يفضح شموخ الحقيقة .

 رغم  اننا ان  حاولنا وضع اليد علي بعض مقومات هذا التأثر ومرجعية  صليل البنيوية ،الجمالية والفنية والبلاغية،  نفتقد  الكثير من دلائل الربط وآلياته. في غياب التقيد ب الأوزان والتفعيلة والبحور ،لكن مسلم به ان القصيدة 《 النثر》تبقى منقلبة على كل قواعد السابقين ،مستعصيةو متمردة كمل صليل على كل القواليب ،تأبى الانصياع لنظام النقد العربي القديم وحتى الحديث. 

فتنحصر قرائتنا في  تقصي حمولة المعنى  وسبر دلالاتها و تعرية رسائلها الاتية من اعماق متشبعة  بجماليات البلاغة اللغوية المتكئة إلى  الصفاء الروحاني  و الروحي الشاعرة  المتاثرة حتما بالايقاعات الاندلسية والطقطوقة الجبلية و الموشح و خرير ذاكرة لوكوس ،قرع سيوف الفرسان على مياهه صاخب بالحلم على موجة الحرية والعدالة والنور  المحسوسة والمسموعة . 

كما يمكن أن ينم هذا الانفصال عن الماضي عن ( المرجعية في تقنية الكتابة ) ،و  انفصال الشاعرة  عن الجسور الأدبية والشعرية القديمة ، عن تمرد على تقاليد وعادات ،عن جموح  حرف ثائر يحاول كسر القواليب ،يرفض أن يمشي على دأب الاسلاف، يتملص من ان يلبس كل جلباب قديم ،كما ينم   عن تلقائية الشاعرة وعصاميتها و مدى مصداقية تعبيرها وصدقية التفكير والشعور.وعدم تكلفها في صياغةنصوص صليل . بينما  يقطع الصلة بين الشاعرة  و قواليب  الماضي (الشعر العمودي وشعر التفعيلة ) من حيث المبنى،

فإنه يربطها من حيث المضامين ب ب مدارس تعبيرية وتاثرية كلاسيكية تبتعد عن الرومانسية وتغوص في الواقعية الجديدة ، حالها حال معاصريها من الشعراء. الذين عاصروا العولمة وثورة الانترنيت و ادب المراة على المواقع الالكترونية و تأثروا به كما يعاصرون تدهور الأمة وانحطاطها وتفككها. وتقطع اوصالها، فلانستغرب ان يعكس ذلك  الابداع الادبي والشعري بالخصوص التفكك المستشري في كل شيء في الامة .

وعن الاستياء والخوف والقلق من كتابة كل شيء.

يقول أحد رواد هذه المدرسة  انس الحاج  :

ها و《هي الأمور التي لا نجرؤ على انتقادها لأنّها مكرّسة. ولأنّنا نخشى أن نكتشف بعد حين أننا كنّا على خطأ》.


و مايزال صليل مليكة متفرذا ، وحيدا متحديا نفسه ،يلتزم بقضاياع  تغلب عليه : 《 ( تقنيةُ الفوضى الخلاقةَ) التي تُراكم كلَّ الأحداث والمواقف والصور والشخصيات، دون خيطٍ يجمعها》.يقول الأديب  العربي بن جلون.

 وما يزال صليل الصمت غاضبا ،ثائرا ،منتقدا ، مسافرا يعبر القفار الملغومة ، بين الشاعرة وجودها  و  جسدها و مرآتها و اكراهات الزمن ،(سطوة الزمكان)  و غضبة "الريح وعمى شمس نيسان" وذلك السراب الذي يرفق ولادة الشاعرة في القصيدة فيرسم الاحلام المجنونة ،المستحيلة و الحكايات.المظللة.،وهو يطوي المسافات والازمنة بين الواقع والخيال والأحلام المربوطة(بالمتقلبات) بالشمس والريح والزمكان وهذا الخواء ،(في المرأة العجوز) ،

تمتد هذه الثنائية: 

 الزمان والمكان 

الواقع والخيال 

الشباب والشيخوخة.

أحيانا حتى تتعدى  المزاوجة بين المدرستين: " الواقعية الجديدة  والمدرسة الرومانسية الحالمة" ، لتطرح اسئلة أكثر فلسفيةوعمقا  عن أنطولوجيا  (وجودية الإنسان وقضايا الامة  المرأةوالطفل والاسرة و التحرر).

لتنحث تجاعيد مبرحة تلغم المرآة الشاعرة الخائفة من  الشيخوخة) من الهرم بينما تتوقعه ما ينم عن قلق خفي مترسب عميقا بوجدان  الشاعرة ، يعريه صليل نون المحنة الصامت الذي احدث فجأة《ضجيجا يكفي ليسمع حشرجات أنات أنثى》 : (او أمة أكثر ما تخشاه سيرورة التاريخ و قوانينه وسننه الكونية  : كما يقول الشاعر : (هذه الأيام دول )و(كل شيء اذا ما تم نقصان ) 

فأكثر ما تخشاه  الشاعرة : (المرآة والتجاعيد).في قصيدة( المسافة الملغومة) 

 لايعيب الشاعرة ان تحب نفسها وتخشى فعل الزمن على ملامحها ليست نرجسية  ولا شكلا من اشكال الفصام بقدر ما هي دلالة   بحث عن الذات والقة بالتفي وتقديرها ،هو قلق انثوي على استحياء، من (التعبير عن هواجسها الذاتية) .في خضم هذا الزخم من القضايا والرسائل المجتمعية الساخنة التي تحترق بنارها  المراة عموما وحقوقها  ووتضاءل الانوار حولها و (تخفت الاصوات المفروض ان تدعمها وتعبر عن وضعها و تطالب بإنصافها ) هذا الصليل تعمد  إيصال صوتها للقراء  .

(ومن صليل ذات  الشاعرة  امام المرآة. في( المسافة الملغومة )

إلى صليل أمة أمام  الاطلال ) في قصيدة (اطلال تحت المطر وجامعة ليمونج)

نقتفي أثر الشاعرة (في  صليل  الاطلال )

في ليمونج ،

يقول انسي الحاج : 

ه كثيرا ما《تختلط التقدميّة بالتخلّف والماركسيّة بالتعصّب المذهبي والثوريّة بالحداثة الحزبيّة والحاضر بماضٍ لا وجود له》.

 فنلحق بهذا الامتداد الوجداني للشاعرة في محيطها وتاريخها وهي تعود بذاكرة قوية إلى الخلف مسترسلة في وصف ذلك الصليل  الربيعي  الدفين الذي تنطق به  العيون الزرقاء وطقطقة المطر على جدران ونوافذ الاطلال في الدروب القديمة( بليمونج) واغنية( المغرب  الكبير ) المسموعة  بين السطور . اكيد ان  اطلال (ليمونج ) تحرك ساكن التاريخ  في ذاكرة الشاعرة التي تستعيد 

(الأندلس) تستحضر الفتوحات و الزلاقة و 800 سنة من الحضارة هناك على الضفة  الأخرى )

وفي الأجواء وبين السطور

صليل ( اغنية المغرب الكبير )، تشهد الجبال على قصة كفاح  قديم ، قصة إحالة ل

 ( كفاح الخطابي والقصف الثلاثي للمنطقة و النصر في معركة انوال على تحالفات الاستعمار ) .حيث تحيلنا الشاعرة الى ذلك الزمن بكل سلاسة وانسيابية  عبر رمزية دلالية : الجبال ،الصقر والذئاب  والخيانة ،العيون الزرق والعيون السود.

لا نبتعد كثيرا  فمازالت تنبش في ماضي الذاكرة وتنزل محاملها..واحدة تولى الاخرى. 

شتانا بين الماضي و بين الحاضر 

عندما تحط الرحال بصليل الحقيقة المجلجلة، في واقعية هذا الحاضر الراهن  المزلزلة والتي  تهز الظمائر حتى  الميتة : (حاجة اطفالنا إلى الفطام )، فقد (سرقت احلامهم ،وكسرت اجنحتهم ) تقول الشاعرة : فهل "تتنصل الخيام من اوتادها "؟!!!

"سؤال لا يحتمل الا جوابا واحدا"

فرمزية الاوتاد في العرف المحلي دلالة على (الأولاد والرجال) في (الأسرة المغربية..) والحقول الجرداء :( حقول  الثقافة والفن والاجتماع والاقتصاد والسياسة ..الخ) في رمزية الى غياب التنمية في كل الحقول السابقة خاصة المرتبطة بخدمة وتأهيل واستيعاب الشباب حتى لا يضطر إلى الهجرة بحرا  بلا مجاذيف. الاحتراق الذي قد  تقصده الشاعرة 《احتراق الجسد_ الوطن وارواح شبابه》في قصيدة (الحقيقة واحدة الاحتراق.)

ثم تنتقل لترفع صليل المناجل العرجاء  لتصف لنا حالة حاملي (الأقلام الخائفة ، المرتجفة) في غياب أفق أكبر وأوسع لحرية التعبير وتعرية الواقع بدل تعرية الصمت وشجرة التوت.

وتستمر في تعرية الجذور الصماء ،الحافية التي تحترق بينما تحضر ثنائية (القناص والطريدة)،  تغيب ثنائية (الحرث والحصاد) وثنائية (العمى والشمس )وثنائية( النماء والبناءالتربوي والمهني )  )

و حتى لا يرحل الابناء .وتفتقد البلاد إلى أوتادها،رجال المستقبل وسواعده.

تقول الشاعرة : يلزمني الضوء نحو هذا الرحيل ..إلى أن تقول وتشتهي رسائل الفجر إلى 

هذا الشراع لنا).

انه صليل الانعتاق..و ناي الحرية .

لا تمل شاعرتنا  من الصهيل في وجه اصحاب الوعود الكاذبة الذين تواجدوا لكي يصنعوا ذاك الواقع المؤلم الرابظ في ذاكرة الطفلة  . وتأمل وهي الان صاحبة قلم ورؤية ان يصل صوتها لاصحاب الظمائر والادوار المسؤولون غلى صناعة دراما المشهد( السياسي) الثقافي الفني المغربي  في ان يتعلموا اعطاء الوعود الحقيقية.

هذا الصليل يعري الصمت وشجرة التوت ويعزف على موجة الحرية والعدالة والنور يرفض انصاف الاقمار و انصاف الحلول ،يطالب بتغيير فعلي، حقيقي .

《صليل يدوي بهدوء، خارج عن المألوف ،يكسر الجرة ،يحلق خارج الصندوق و  يستحق ان يقرأ بعناية ويسمع باصغاء》.



خاتمة : 

 صليل لا يمل منه، هاديء ،رقيق في ظاهره  متمكن في صقل المعاني لا يخلو من دلالات ذاتية  وطنية وقومية وانسانية  لشاعرة حية ،غيورة  على هويتها ومؤثرة جدا في محيطها .

قراءة مقتضبة سريعة و أفقية لسبع قصائد  هي الاولى من الديوان ،والتي يمكن اعتبارها (مفاتيح مغاليق )(صليل الصمت) ا(لغاضب ،الجامح) (الطامح) نحو الانعتاق. 

صليل سابر للمعنى ، متوشح  جمال الربيع ، سابح في ثنايا الضاد ، خارج عن القواليب ، بكل اصرار و حب و  بلا مجاذيف.. 《هو صوت الخاص وصوت الكل و صوت لاأحد 》 يقول الناقد نجيب الجباري ويردف ( هذا ما يميز الشاعرة عندما تكون ذاتها).

و يخلص بأن : صليل الصمت هو حالة شعر .

بثنائية التضاد التي يحملها بدءا من عنوانه والتي تتقارع فيها كلمتي : (صليل # الصمت) لتحدثا هذه الجلجلة والجلبة التي تعتبر جرسا منبها  الى وجوب سماع صوت هذا النداء الرقيق ،الراقي الذي يطوي  المسافات بين السطور والعناوين والعصور.خارجا عن السطر وعن المالوف والنمطية المطبقة على المشهد الثقافي الفني المغربي عموما. ليعيد طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها في مقبل الايام.

يعتلي البراق ، و على بساط الريح  يجوب سلا _ رقراق و يسلم على ضفاف المحيط ، من هنا وهناك  يجمع حروف الاهداء الموقع بدلالات متمردة (غير كلاسيكية ولاقديمة) : سلام بيني وبينكم ،لاحدود ولااقبية ولا زنانزين..تقول مليكة 

وهي تعلن  مع صليل ولادتها الجديدة .

 صليل الصمت يترجل عن صهوة القصيدة ،ل يقطف اجمل باقات الود و رياحين الورد وزهور صبر الصبار الصامدة ، يهديها صاحبات القلوب الوردية اللواتي تحملن عبيء التنظيم والتنسيق لحفل التوقيع : " الشواعر القديرات : "فاطمة لعبدي" ورحيمة بلقاس و فاطمة الزهراء الماروني .. و يمتطي بساط الامنيات ،يعد بلقاء قريب بالبوغاز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق