الخميس، 20 يونيو 2019

عبد الجبار فياض

ابن جلا في منامِهِ الأخير


ساعاتٌ 
أُخفيتُها في غيابةِ نفسٍ 
مالَ نجمُها نحو الغروب . . .
تخطّاها
على دفَّةِ أرقٍ
ما كنتُ أنا بالأمسِ فاعلُه . . .  
ألقى على جَسدٍ مُثقّبٍ بعيونِ الضّحايا 
خطايا بسخونةِ ما انتهتْ . . .
أنكرتُها . . .
لكنَّها 
تجرّدتْ أمامي من ثيابِ زمانِها ومكانِها . . .
عُريٌ 
لا تسترُهُ خِرقةُ ندَم . . .
لا اختباءَ خلفَ ضَعْفٍ 
كانَ بطشاً . . .
. . . . .
لستُ كذلك
لم أكنْ بقبحِ ما انتهيتُ إليه . . .
لولا أنَّهم 
نحتوني من طينةِ خوفِهم . . .
برعوا في تجميلِ عيوبي إلى حدِّ لم تكنْ !
حتى أُلقيَ في مُخيّلتيَ
أنّي ما رجمتُ للهِ بيتاً . . .
سفكتُ دمَاً 
ولو لشاة . . .   
أبدلتُ وعداً بوعيد . . .
ما أتيتُ قبيحةً 
اسودَّ لها وجهُ يوم !
. . . . .
علَّموا كفّي 
كيفَ يتبرعمُ فيها الموتُ سيْفاً 
هجرَ غِمدَه . . . 
مَنْ أكون ؟
لأمتطيَ بتراءَ من دونِ وجَل . . . 
لو تجاوزتِ الأنفاسُ مجراها بعيداً
فهي في قبضةِ يدي . . .
غلّقتْ زليخةُ الأبوابَ للعشق . . . 
غلّقتُها أنا للموت ! 
حظيتْ بنبيّ 
حظيتُ بثمارٍ حانتْ لقِطاف . . .
قدّتِ القميصَ من دُبرٍ
قددْتُهُ من كُلِّ الجّهات . . .
كنتُ مُتردّداً 
لكنَّ السّهمَ مَقتلاً أصاب 
الدَّمُ أساسُ الحُكم . . . 
. . . . .
أُفرغَ عليَّ ما أُفرغَ على ذي بَسطة . . .
ألقابٌ
نعوتٌ
ألبسونيها 
وإنْ جاءتْ فضفاضةً على بدني . . . 
عرّابٌ في جُبّةِ واعظ  
شمالاً يدعو
يميناً يؤمِّن . . .
إنَّها لحظاتُ صُنعِ إله 
تقتطعُ الزمنَ من نَفَسِ التّعساء . . .
يباركُها السّامريُّ عنِ رِضا . . .
عجلٌ بخوارٍ 
تأنسُهُ ما تشابهَ بينَ البقرِ من قرون . . .
تهتزُّ ذيولُ شبعٍ أعمى . . .
 . . . . .
لم أسمعْ غيرَ صداي في جماجمَ فارغة
لا يمرُّ بها إلآ أنا 
وحكايا 
بهُتتْ في فمِ التّكرار . . .
نُفخَ في جوفي 
ما يُوصلُ لنزعِ الخُفّين !
فكنتُ فوقَ ما تعرفُهُ عنّي ثقيف
ودونَ ما أعرفُهُ أنا . . .
انزعوا عيونَكم . . .
دعوني أتعرّى 
ليسَ بوسعِ نهارِكم أنْ يراني هكذا . . .
فماذا عن ليلِكم الذي شرِبَ كأساً من جوعٍ ونام ؟
. . . . .
هِتافٌ
 يختمُ يومي  . . .
يجرُّني لخطوطٍ حُمرٍ في نسيجِ المنايا 
حتى تصلّبَ ما في داخلي صلَفاً 
يُصعّرُ للنّاسِ خدّاً  . . .
آمنتِ الجّدرانُ قبلَ أنْ يمسَها صوتٌ . . .
ليسَ لِما يخطُّهُ قلمي بيْن بيْن . . . 
فبطشت 
لا رادَّ لسيفٍ فقيه . . .
دمُ الشّاةِ بدراهمَ 
دمُكمْ بشروى نقير . . .
لم أبخسِ الميزانَ قطْ 
مذْ أصبحتْ كفّتاهُ عندي !
فهل أطرقُ بابَ شِدادٍ غِلاظٍ وحدي؟ 
. . . . .
نُبّئتُ
أنَّي ما لا يُسمّى عندَ عُميانٍ 
يموتُ يومُهم تحتَ أقدامِهم ضارعين 
ما لَهم 
يذهبُ ودائعَ 
لا تُردّ . . .
أيُّها الشُّقاةُ بأحمالِ غيرِكم 
متى تهجرون متاحفَ الشّمعِ لمثاباتِ الشّمس ؟ 
حتامَ تحسبونَ السّرابَ بحراً ثقُلتْ شِباكُه؟
تعساً  . . .
أدمنتُ اللّونَ الأحمر
أدمنتمْ رفعَ اليديْن . . .
أتراكمْ تخلعونَ عاريةَ ما نسجتْهُ العصافيرُ من أحلام؟ 
. . . . . 
إنّي 
أراني أحملُ وزراً 
قد يقصمُ ظهرَ توبةٍ 
تعاليتُ أنْ أُمسكَ لها طرفاً . . .
يستعجلُني شقٌّ موعود
مكبولاً بما جنيْت . . .
بابٌ
يُفتحُ بألفِ لسانٍ 
طالما أغلقتُهُ بسبّابةٍ 
لا تعرفُ إلآ مُبرمَ موت . . .
لكنْ
دعوني أرثُ صالحةً
علّها ترقّعُ لي فجوةً يومَ الحساب . . .
إنْ أقبلَ سامريٌّ عليكمْ يوماً 
ولو بقناطيرَ من ذَهبٍ
ردّوهُ من حيثُ أتى 
أو افصلوهُ عن الحياةِ الدّنيا  . . .
لأكونَ أنا آخرَ ما صنعتْهُ أصابعُ خوفٍ 
طلاسمُ وعّاظٍ 
طاقيّةُ إخفاء . . .
وإنْ
فلاتَ عضٍّ على إصبعٍ بعد . . .
هُم . . .
ما لكمْ في مسارِ غدٍ من اسمٍ تُنادونَ به !!
. . . . .

عبد الجبار الفياض 
5/ آيار /2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق