الجمعة، 7 يونيو 2019

بقلم محمد اديب السلاوي

َمؤمنون بلا حدود
يعيدون كتابة تاريخ طنجة/تطوان





                                  1

اهتم المتقفون العرب القدامى وحتى المعاصرين بثقافة السير والتراجم، اذ افردوا لها مصنفات ومعاجم وانطلوجيات و موسوعات لتاريخ سير الادباء والعلماء والفقهاء والسياسيين والفنانين والحرفيين والأطباء والفلاسفة،وهو ما حول فن السير والتراجم الى مصدر اساسي للتاريخ.

ان المسعودي وابن خلكان الدمشقي وابن خلدون في التاريخ القديم كاحمد تيمور وعبد الله كنون وعبد الرحمان بن زيدان في التاريخ المعاصر، اتخدت كتابة السير والتراجم عندهم اهمية قصوى، اذ احتلت مكانا مرموقا في فاعليتهم الثقافية، دلك لان تاتيرها كان فعالا في التدوين التاريخي وفي الدرس الاكاديمي.

والحقيقة ان كتابة التراجم والسير عند العرب بلغت ما لم تبلغه عند الاغريق والرومان، اد استطاع العرب في عصورهم المختلفة، التاريخ  لاعلام المدن،واعلام الحارات، واعلام الصنائع والبدائع،واعلام الحروب والسلام، اضافة الى اعلام المعرفة،وهو ما جعل من فن التراجم والسير في الثقافة العربية، فصيلة قائمة الذات ،لها روادها ومناهجها وتاتيرها في المسارات التاريخية.

                                           2

عرفت المدرسة التاريخية المغربية في كتابة  السير والتراجم،تحولا مهما على يد الجيل الجديد، من خلال مواضيعها واشكالياتها ومقارباتها.

ان مشروع الكاتب المتميز ذ. حسن بيريش "انطلوجيا كتاب طنجة/مئة عام من الابداع" ومشروع الاديبة ذة. اسماء المصلوحي "اسماء واعلام في ذاكرة تطوان، يضع المشهد الثقافي بقيمه واحداته الثقافية والابداعية لمدينتي طنجة وتطوان، خلال قرن من الزمن على بساط البحث المعرفي، في زمن اصبح للفاعلية الثقافية حضورها المميز  في التاريخ  وفي البحث الاكاديمي.

بقراءتنا المتانية لمشروعي بريش/المصلوحي، نجد الامر لا يتعلق بمدينتي طنجة وتطوان،بقدر ما يتعلق  بالتراكمات الثقافية التي تصبغ الانسان في هذه المنطقة بطابعها الثقافي، وبقيمها الحضارية التي تحوله  الى فاعل تاريخي.

من هذه الزاوية ،يتوجه هذا المشروع، اضافة الى رؤيته التاريخية للمتن الثقافي/المعرفي،الى مساعدة قرائه من الباحثين والطلبة، على اعادة قراءة افكار وتوجهات وقيم  اصحاب التراجم والسير،بفهم وتعاطف جديدين.

ولاشك ان دارسي العلوم الانسانية والاداب والفنون، سيجدون في هذه التراجم والسير اضافة الى دلك ،مراجع غنية، تتجاوز قيم الاعتراف ،الى قيم البحث والاكتشاف التي تضعنا بلا شك امام مشاهد تاريخية/ثقافية جديدة لمدينتي طنجة/تطوان.

                                         3

نعم،ان السير والتراجم التي تحتظنها انطلوجيا ذ. بيريش واسماء واعلام ذة المصلوحي، تتجهان بهدوء نحو وضع  تاريخ جديد لمدينتي طنجة/تطوان،تاريخ يتميز بالاحدات والتحولات التاريخية والتقافية والحضارية  التي عرفتها خلال القرن الماضي، وهو ما جعل هذا المشروع التوام  يهتم بكل ما يتعلق  بالخبرات الفكرية/الابداعية،والتي تعكس  في ذات الوقت القيم والمعتقدات والعادات التي تشكل مفاهيم الفاعلية الثقافية في الزمن الراهن للمدينتين المدكورتين. 

معنى ذلك، ان مشروع ذ. بيريش/ ذة. المصلوحي الذي يربط طنجة/تطوان بقيمهما الثقافية والحضارية ليس شريحة من السير، انه في العمق يشكل جهدا نقديا، ابداعيا، يقوم علي فهم عميق للدور الجوهري للتجارب والمواقف والقيم الفكرية والاخلاقية والاجتماعية لهذه السير التي تضئ المعالم الحضارية لمدينتين عظيمتين في التاريخ والجغرافيا.

بقلم محمد اديب السلاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق