الخميس، 20 يونيو 2019

بقلم محمد اديب السلاوي


الاختلاف الذي يعني  عندهم الموت المحقق.
















-1-
بغياب الدكتور محمد مرسي  رئيس مصر السابق  يوم الاثنين الماضي أمام محكمة القاهرة، يعود الحديث مجددا عن الرأي الذي يغتال الرأي الآخر/عن إشكالية السلطة التي تغتال خصومها في الرأي، منذ آلاف السنين، إذ كان سؤال السلطة ومشروعيتها الهاجس المسيطر زمن الفراعنة، زمن سقراط، زمن الخلافة الراشدية.... كما في الزمن الراهن.
يقول التاريخ، أن اغتيال السلطة لخصومها إشكالية باشرتها الدكتاتورية قديما وحديثا.
* عدموا سقراط بالسم ولكنه بقي حيا يصول ويجول في العقل البشري حتى الآن.
* نفوا الفيلسوف  الرواقي ابكتيتوس من روما، بنفس تهمة سقراط، ومات مهمشا، ولكنه مازال حيا في الوجدان الفكري.
* ضربوا ابن تيمية وساقوه إلى سجن القلعة ليموت هناك، ولكنه مازال في موقعه الثقافي.
* اغتالوا القائد ياسر عرفات ولكنه مازال هو الرئيس الفلسطيني الذي يرهب الصهيونية وإسرائيل.
* اغتالوا الزعيم الثوري المهدي بنبركة ونحتوا اسمه ليبقي زعيما ثوريا للعالم الثالث.
* اغتالوا اليوم رجلا اسمه محمد مرسي ولم يكن يحظى بالإجماع ولكن اغتياله خلق منه شهيدا، مفكرا، مطرز إسلاميا، وهي الصفات التي لم يكن يحلم بها في حياته.
-2-
في تاريخنا العربي الإسلامي، آلاف الضحايا الدين اغتيلوا أو عذبوا  أو سجنوا أو أحرقت كتبهم، على يد السلطة أو قادتها الذين كانوا وما زالوا يعملون بقوة من أجل أن نكون أمة خرساء، عمياء، لا تفكر، لا تعبر، ولا تبدع إلا بما يسمحون.
عرف تاريخنا العربي حالة من الانقسام الحاد، والاستقطاب المرضي، حيت كانت وما تزال بين الذين يفكرون والذين يرفضون التفكير، فانطبع هذا التاريخ بالرذيلة الحوارية إلى أن أصبحت أساسا للخلاف والاختلاف.
هكذا تحول اختلاف الرأي في ثقافتنا إلي جريمة، إلى عراك يؤدي أحيانا إلى الموت، وفي أحسن الحالات يؤدي إلى العزلة والتهميش والإحباط.
السبب، أن سلطاتنا العربية تربت مند البداية على الانتصار والغلبة والإقحام وليس علي فكرة التعددية والتشارك والتعايش بسلمية العقل والتفكير.
كانت  السلفية في العهد العربي  القديم  تسعى إلى استحضار مفاهيم الأمة بمعناها القراني، ولكنها اصطدمت حتى الآن بمفاهيم السلطة السلطانية، ففشلت المفاهيم الأولى  أمام  الثانية، ولكنها لم تختفي إذ مازالت تستقطب أنصارها بالليل والنهار.
-3-
السؤال الذي تطرحه هذه الإشكالية في زمن الألفية الثالثة، هل من الضروري أن تغتال السلطة خصومها،هل من الضروري أن تكون لهذه السلطة ،شرطة لا تسمح للتفكير المضاد أن يعبر عن نفسه، عن أرائه... ؟
في الزمن الراهن، العالم سيخاصمنا بقوة عن ما حدت بتاريخنا  من أحدات دامية من أجل أن تبقى السلطة سلطانا فوق العقل.
اليوم كل العالم يطالبنا  بالسماح لجميع الأفكار بالتواجد، بالتعبير، بالتنافس الايجابي/ الديمقراطي للوصول إلي السلطة، لم يعد مسموحا، اغتيال الخصوم،أو نفيهم ،ذلك لأن الحياة والفكر والتعبير عن الرأي والرأي المخالف هو حق للجميع.
من هنا نقول للدين اغتالوا أو شاركوا في اغتيال د. محمد مرسي، أنكم مجرمون في حق رجل يختلف معكم، بوجهة نظر في الحكم، لا يمكن للتاريخ أن يسامحكم، ولا يمكن للعقل أن ينساها لكم.... .
أفلا تعقلون..... ؟.

محمد اديب السلاوي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق