الخميس، 10 فبراير 2022

طالب ياسين

 حينما  يُصبحُ  العيْبُ السّياسيُّ  حلالاً

وَتصبحُ الخيانةُ شرفاً وَمُروءَةً وَدلالاً


       مشكلتُنا  في هذا العالَم العربيّ ، أنَّ حاضناتِ الإعلام العربيّ غالباً ما تكونُ غيرَ مُلِمَّةٍ بشكلٍ دقيقٍ ، في أمورٍ وَأحداتٍ  تاريخيَّةٍ تَتَعلّقُ سواءً بتاريخِ فلسطينَ خاصَّةً أو بقضايا هذه المنطقةِ عامَّة .. حتى  أنَّنا نستطيعُ القوْلَ أنَّ هناكَ فَراغاً قد  تَوَلَّدَ في العقلِ العربيِّ وَالعربانيّ نتيجةً هذا الضّعف المعرفيِّ ، حتّى كادَ يَنعدمُ فيهِ الفَهمُ بِالوَعيُ السّياسيُّ وهذا مِمَّا تركَ المجتمعاتِ العربيّةِ وَالعربانيَّةِ تائهةً وَحائرةً وَمُتَخبِّطةً ، في كيفيَّةِ فَهْمِ أمورِ السّياسةِ على حقيقتِها  ..!


       نحنُ في زمنٍ أصبحَ فيهِ العيْبُ السّياسيُّ حلالاً .. والخيانةُ أصبحتْ شأناً مرموقاً كالماءِ عذوبةً  وَكالشَّهدِ صفاءً وَزَلالاً .. يَنهالُ كثيرونَ من الأعرابِ على اغترافِها شُرباً  وَإقبالاً .. وَأصبحَ التّعاملُ مع العد.وِّ الصّهيو.نيِّ بشكلٍ فاضحٍ ، يُعتبرُ في مواثيقِ الشَّرفِ إنجازاً  وَأفْضالاً .. وَأصبحَ التَّماهي وَالتّباهي بأخلاقِ فضائلِهِ ــ التي ذَمَّها القرآنُ في آياتِهِ  ــ هيَ أصَحُّ الأخلاقِ  عندَ بعضِ الأعرابِ أفعالاً  .. أمَّا جِهادُهُ وَمقاومتُهُ فقد أصبحَتْ عاراً على صاحبِها وَوَبالاً .. وَأمَّا التّحالُفُ معهُ وَالتَّدَلُّلُ وَالتَّثَنِّي حولَ خاصرتَيّْ "بينيتُ" .. هو من أكثرِ الأفعالِ عشقاً وَتَثَنِّياً  وَدَلالاً ..!


           إنتهى زمنُ الفضائلِ وجاءَ زمنُ الرّذائلِ ، مُنْتصبَ القامةِ يَرفُلُ بالعزَّةِ والكرامةِ وَالجاه .. وَجَثَا زمنُ الفضائلِ على رُكْبَتَيْـهِ ، يَعرُجُ بينَ مضاربِ العربانِ على عُكَّازَتْيْهِ .. لا يستطيعُ أنْ يَثْغرَ  بِكَلِمةِ حقٍّ من فاه .. وَالتَوى شرفُ المقاومةِ والجهادِ في ساحاتِ جهادِهِ يُعاني ضائقاً : واكُربَتاهُ .. واألَمَاهُ ..! 


         الإختلافُ في وَجُهاتِ النّظر الإعلاميَّةِ خلّفَ وراءَهُ صراعاتٍ فكريّةٍ على مستوى كلِّ الطّبَقاتِ الإجتماعيّةِ في الوطنِ العربيّ .. ومع الأسف تنشطُ مختَلَفُ الأجهزة الإعلاميّةِ بِفضائيّاتها العملاقة الثّريّة وَبما تمتلكُهُ من تأثيرٍ أصحابِ الفتاوي ، كيّْ يُحدثَ هؤلاء المُزيّفونَ الدِّينيّونَ ، خلَلَاً أعمقُ في عقليّةِ المواطنِ العربيِّ ، خاصَّةً فيما يتعلّقُ في فَهْمِ الحقائقِ السّياسيّةِ في المنطقة  .. وَإذا ما أضفْنا إلى هذهِ الفضائيّاتِ الثّريَّةِ ، صُحُفها المُموَّلةُ من نفسِ هذهِ المصادرِ الثَّريَّة .. فلا بُدَّ أنْ نُدرِكَ مع كلِّ  ذلكَ .. مدى هذا  الإرهاقَ الذي أصابَ عقلَ المواطنِ العربيّ وَأصابَ وَعيَهُ بِقَضاياه ..!

    

        ألا رحمةً بهذا الوعيِ المتواضعِ وَشَفَقَةً عليه .. لا تَزُجُّوهُ بعيداً  راسِياً على  شواطيءَ غريبةٍ موحشةٍ .. ألا رحمةً بِعقلِ المواطنِ العربيِّ  وَوَعيِهِ .. لا  تُلقوهُ نَهْباً في فُوَّهَةِ أنيابِ صُهيونُ .. لا تَزيدوا في إرهاقِهِ حتّى نَراهُ وقد أركَنَ إلى الإستسلامِ .. وَأركَنَ كما نَراهُ الآن وقد لاذَ بالعقلِ الصّهيو.نيِّ ، يُوَجّهُهُ كيفما يشاءُ في تنفيذِ مآربِهِ وَأهدافهِ .. !


         ألا فَلْنَنْظُرْ إلى هذا المَدى المُحبِطِ  الذي نَراهُ أمامنا الآن .. نَنْظرُ إلى هذا التّلاعبُ في عقليَّةِ المواطنِ العربيِّ وَوَعيِهِ .. كيفَ قد أصبحَ مُستسلِما مُنْقاداً للعقليَّةِ الصّهيو.نيّةِ ـ اليهو.ديّةِ ، التي تُقَهْقِهِ من خلفهِ شامتةً فيه .. فَمَنْ هو الّذي سَلَّمَ هذا العقلَ وهذا الوعيَ ، كيّْ يصبحَ أداةً طيِّعةً في يَدِ بَطشِ الوعيِ الصّهيو.نيَّةِ وَاليهوديَّةِ ..؟!


    فَلا بُدَّ إذاً أنْ نَنَظُرَ وَأنْ نَعِيَ وَأنْ نكتشفَ أنَّ أصابعَ البَغيِ وَالجهل هي من تقومُ الآن على تزويرِ الحقائقِ التّاريخيَّةِ والسّياسيّة .. وهيَ من تقومُ على دفعِ فئاتِ المجتمعِ العربيّ كيّْ يلوذَ تحتَ أجنحةِ الضَّلالِ الصّهيو.نيّة .. تَدفَعُها وهيَ لا تُدرِكُ مَخاطرَ أعمالِها .. وَتقومُ بإنجازِ أعمالِها في خدمةِ الكيانِ الصّهيو.نيّ تَقَرُّبا وَزُلْفَةً في سبيلِ رِضى  هذا المُتغطرِسِ الأمير.كيّ ..! 


           فَلا بُدَّ إذاً لِمُحرِّكِ الوعيِ الفاشلِ والجاهلِ وَالمستسلمِ لِوَعيِ العقلِ الصّهيو.نيّ ، الذي أصابهُ المرضُ وَالإعياء ، كيّْ يُسلِمَ وَعيَنا لِأعدائنا الحقيقيّين .. فَأيُّ أبناءِ عمٍّ تَزعمون يا مَنْ على سلامةِ أعدائكُم تسهرون .. أتَحسبونَهم أقرباؤُكم .. وَأنَّ أعداءَكم هُمُ المقاومونَ وَالفلسطينيّون .. فَإذا كانَ اليهو.دُ أبناءُ عمومتكم .. فَجميعُ البَشرِ إذاً يندرجُ من أُبُوَّةِ آدَمَ عليهِ السّلام  .. وجميعُ بني آدَمَ هم إذاً أُخوةٌ لكم في النَّسَبِ مُرتبطون .. إلاَّ أنَّ هذا الأمرَ هو ليسَ هكذا .. فالعربُ جنسٌ بِنَوْعهِ وخصائصهِ ..  وَاليهو.دُ عِرقٌ خبيثٌ في دسائسِهِ .. نَصَّبَ من نفسِهِ عدوَّاً للعربِ والمسلمينَ .. وَجاهرَ بعداوةِ الرّسولِ وَالإسلامِ .. حتّى وَإنْ زَعَموا أنّهم معنا ، لِإبراهيمَ عليهِ السّلام قبلَ أربعةِ آلافِ سنةٍ يَدينون .. وَإبراهيمُ عليهِ السّلامُ حسبَ النّصِّ القرآنيِّ ليسَ يهوديَّاً ولا نصرانيَّاً ولكنَّهُ كانَ حنيفاً مسلماً وَما كانَ من المشركين ..! 

             

       وَاليهو.دُ على ما يبدو ، فقد قاموا باستغلالِ قصورِ الوعيِ عندَ مَنِ استطاعوا الإيقاعَ بهم ، مِمَّنْ لا يمتلكونَ ثقافةً تاريخيّةً ولا يمتلكونَ وَعياً ثقافيَّاً سياسيَّاً .. فقد اختلطَ عليهمُ الأمرُ .. فَوَقعوا مستسلمينَ للثقافةِ وللفكرِ الصّهيونيِّ ـ اليهوديّ .. فَمَلأوا فراغَ عقولَ هؤلاء بأساطيرهمُ الثقافيّةِ والتّاريخيّة .. حتّى أصبحوا مُبَشّرينَ لهذهِ الصّهيو.نيّةِ في عالمنا العربيّ مُدافعينَ عن اليهو.د .. منافحينَ عنهم .. مُعتقِدينَ بِوفائهم وَإخلاصِهم لهم .. واثقينَ كلَّ الثّقةِ بِقُوَّتِهم .. ينطبقُ عليهم قول الشاعر :

ألمُستجيرُ  بِعَمْروٍ  في كُربَتِـهِ 

كالمُستجيرِ من الرَّمضاءِ بِالنَّار


    حتَّى وَلْنَفْتَرضْ جدَلاً أنَّ هناكَ مِنَ الإعلاميينَ والسّياسيينَ ، مَنْ لهُ معرفةٌ  بِالتاريخِ الفلسطينيّ ، إلاَّ أنَّنا نستطيعُ القوْلَ بِأنَّها معرفةٌ مُشوَّهةٌ ، أصبحتْ تستندُ اليومَ على الأفكارِ الصّهيونيّةِ نظراً لِقِلَّةِ عِلْمِها  بِتَفاصيلِ المعرفةِ التّاريخيّةِ وَنظراً لِضحالةِ ثقافتها .. فلا يُمكنُها في ظلِّ هذهِ الحالةِ البائسةِ من الثّقافةِ والمعرفةِ أنْ تَقِفَ على صحَّةِ مفاصِلِها  الحقيقيّةِ .. فَالتَّاريخُ في قسمٍ كبيرٍ من أحداثِهِ مُشَوَّهٌ وَمُزَوَّرٌ خاصَّةً وَأنَّ بعضَ العربِ والعربان ألغوا عقولَهُم , وَقاموا بِاستعارَةِ العقلِ اليهو.ديِّ كيّْ ينوبَ عن عقولِهم  حتّى أصبحَ فيما يُعرَفُ : " بالسّلامِ الإبراهيميّ " ثَقافةً وَصناعةً يهوديَّةً صهيونيّة يستقونَ معلوماتِهم من الفكرِ الصّهيو.نيّ ولا يَستندونَ إلى الآياتِ القرآنيّةِ ولا حتّى يأبهونَ بِموقفِ رسولنا الكريم من اليهو.د حسبَما  جَرَتْ أحداثُهُ في المدينةِ المنوّرة .. حتّى أنَّهُ قد أصبحَ كثيرٌ من العربِ والعربان ، يعملونَ على طمسِ آياتِ القرآنِ الكريم الجهاديّةِ .. وَيَقومونَ على طمسِ عيوبِ اليهو.د التي فَضَحَهُم بها القرآنُ الكريم ..!


       حينما ذهبَ جنرالٌ في أوَّلِ زيارةٍ للكيانِ الصّهيونيّ ثمَّ تَبِعَهُ ما سُمِّيَ  بالكاتبِ أو الإعلاميّ  .. ثمَّ لمّا عادَ الأوّلُ من زيارتِهِ بَشَّرَ مَنْ حوْلَهُ بِبُشرى جَعَلَتِ الجميعَ يَنْخدِعُ بها . قال : " اليهودُ لديْهم العقلُ ونحنُ لديْنا المال .. فلو أضفنا المالَ العربيّ للعقلِ اليهوديّ ، لاستطعنا أنْ نصنعَ مُعجزَةً مُدهشةً في هذا العالَم .


     دُهِشَ الكاتبُ أو الإعلاميُّ الذي أنْزَرَعَتْ في عقلِهِ الفكرة .. وَبقيَ هذا يقومُ بِزَرعِ الفكرِ الصّهيو.نيّ الذي زَرَعَهُ هو الآخَرُ في عقولِ كثيرٍ مِمَّنْ حولَهُ ، إلى أنِ انْزَرَعَ الزَّرعُ اليهود.ديُّ بينَ المضاربِ العربيّةِ والعربانيّةِ  وَبدأَ يُعمِّمُ بها في أرجاءِ مجتَمَعاتِهِ  وَفي بينِ مُجتمَعاتِ مُحيطِهِ  .. وَنَمَتْ تلكَ الفكرةُ اليهوديَّةُ وَتَرَعرَعتْ وَكبُرَتْ وَأخذَ الإعلامُ يَتناولُها بِشَراهةٍ تامَّة وَأخذَتِ العقولُ تَميلُ إليْها ميْلاً  لا حدودَ له .. ثمَّ ما لبثَ الشّماغُ وَالعقالُ على ضوءِ ذلكَ ، وأنْ أصبحَ يَرتادُ بشكلٍ واضحٍ .. وهو يَتنقَّلُ بِخِفَّةٍ بينَ عَرَصاتِ الأقصى في وسطِ حراساتِ الجنودِ اليهودِ والمستوطِنينَ الصّها.ينة  .. ثمَّ ما لبِثَتْ أنْ أصبَحَتْ وَفودٌ من هؤلاء تَؤُمُّ المسجدَ الأقصى في وسطِ  مُرافقةِ  قطعانُ المستوطِنين .. ثمَّ تَطوَّرَ العشقُ إلى أنْ أصبحَ  زَواجاً يَرفُلُ بالتّفاني  وَبِالمّحبَّةِ وَبالتّضحياتِ ..!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق