الاثنين، 21 يناير 2019

بقلم محمود رمضان الطهطاوي

العدد 353 الصفحة 2 المبدعون عن جريدة منبر التحرير

أحمد الليثي ينبوع الفطرة الإنسانية

مع مطلع ثمانينات القرن الفائت بدأت موهبتي في الكتابة تحقق النتيجة المرجوة بعد بدايات نشرت في النصف الأخير من العقد السبعيني، ومما كنا ننشره تعرف ثلاثتنا كاتب هذه السطور وبهاء الدين رمضان وعلاء الدين رمضان علي بعضنا البعض من خلال ما ننشره قبل أن نلتقي ونعقد جلسات يومية في بيوتنا وعلي المقاهي استمرت لسنوات طويلة، وزادت من حماسنا في الكتابة والنشر، أثناء هذه الفترة ، فترة الثمانينيات كان مدير بيت ثقافة طهطا الشاعر والمخرج أحمد عبد الحليم الليثي، الذي استطاع بعشقه للأدب أن يجمعنا حوله،ونمارس نشاطنا قبل أنندية الأدب، والحقيقة كان لأحمد الليثي بفطرته الإنسانية ووجهه البشوش، وعشقه لكل ما ينتمي للثقافة والأدب أن يصنع حراكا ثقافيا في المدينة، ومن خلال بيت الثقافة الفقير ماديا والذي يقطن شقة متواضعة في العمارات السكنية أن نقوم بعمل ندوات وأمسيات ندعو لها كبار الأدباء والشعراء في مصر، وأسس أحمد الليثي ما يسمي بالمجلس المحلي الثقافي الذي ضم رموز المدينة بالإضافة للشعراء والكتاب ، وبالفعل عقد المجلس أكثر من جلسة برئاسة رئيس المدينة آنذاك " عبدالمحسن عبيد" رحمه الله رحمة واسعة ، وهو صاحب فكرة تمثالي رفاعة الطهطاوي ، القابعان الآن في مدخلي المدينة البحري والقبلي .
ومن خلال المجلس المحلي الثقافي الذي كان أمينه الشاعر أحمد الليثي مدير بيت ثقافة طهطا آنذاك ، شجعنا لعمل مجلة باسم طهطا، وأعطانا الفرصة كاملة – نحن الشباب- وبالفعل قمت بخبرتي المحدودة بعمل ماكيت المجلة وتنفيذها من ألألف للياء بمشاركة الصديقين علاء الدين رمضان وبهاء الدين رمضان ، وخرج العدد الأول للنور بفضل تشجيعه .أحمد الليثي كان ومازال من رواد الحركة المسرحية في طهطا، وكان يقدم أعماله علي مسرح مدرسة الزراعة ، وقدم لي نص مسرحي من تأليفي بعنوان " أوتار الحب " عن رحلة الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد وابن بلصفورة بسوهاج. أحمد الليثي قدم حياته كلها ومازال للثقافة، شارك كباحث في الفولكلور وترك أسرته وعاش سنوات في حلايب وشلاتين جامعا للتراث ، وعندما عاد وتقلد قيادة الثقافة في سوهاج وعندما شعر بأن المنصب يتصارع عليه البعض ، تغاضي عن الصغائر وترك لهم المنصب طواعية، وظل يعطي ومازال يقابلك بابتسامته التي تفرش وجهه وقلبه الأبيض الناصع كشعره الذي يضفي عليه وقارا وسكينة.
أحمد الليثي شاعر العامية الأصيل الذي ينحت شعره من طين الأرض وروح الإنسان البسيط ، فتأتي كلماته عازفة بمهارة علي روح الضمير الجمعي وهمومه . 
من يتعامل ويقترب من أحمد الليثي للحظات ، لا يستطيع أن ينساه ، يظل بحضوره الطاغي مؤثرا وحاضرا بتلك البساطة النابعة من فطرته الإنسانية التي أصبحت عملة نادرة في زمن تبدلت فيه الأقنعة والوجوه.
بقلم محمود رمضان الطهطاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق