الاثنين، 9 سبتمبر 2019

بقلم حسن بيريش



شهرزاد الركينة
احجزي لي تذكرة شوق نحو الزمن الجميل



1 - حين بكمانها تلوذ:

سمعت عنها قبل أن أراها.
عرفتها من صوتها قبل أن أعرفها من سماعي.
شهرزاد الركينة إسم يحيل ٱذاننا على زمن أندلسي كم اختلسنا فيه من ٱهات.
وكم اختلستنا فيه من أشجان، وعطور، وأنغام!
كانت شهرزاد تلوذ بكمانها، ذات شوق منغوم، أو نغم متشوق، لتستدعي فيض غناء نطرب له، ويأخذنا صوب:
الحب.
والحنين.
وبكاء النغم!

2 - صوتها بطعم أحلامنا:

شهرزاد الركينة، سواء في معية اشقارة، أو في معية فرقتها ذات الصيت، كان صوتها يشبه أسماعنا.
كانت أغانيها بطعم أحلامنا.
كل أغانيها مأخوذة بالحب، ومرتهنة بأشواقه.
وكم تعالى صوتها رقة وبهاء وهي تتغنى بحنين له ذاكرة "شهرزادية"!
على عكس سواها، تحرص شهرزاد على العزف بأوتار روحها.
والغناء بصوت قلبها.
لذلك ظل إحساسها ساريا في الزمن، وعالقا بوجداننا، حين غادرت تطوان متجهة صوب برشلونة.

3 - روعة ماضيها في حضور حاضرها:

لشهرزاد طعم الروعة كلما سمعناها تغني.
أو تقول الشعر.
أو تشدو بزمن لابث في آلة كمانها.
حين أسمعها مغنية، تهز في ما ركد.
وحين أطالعها شاعرة، تعيد ترتيب أشياء دواخلي.
في الحالتين معا، أحب صوتها.
وأهوى شعرها.
ودوما على قرب من سماعي، على قرب من عيني،
أضعها، والمسافة:
كلمة.
ونغم!
روعة ماضيها تشرق في سماء حاضرها.
هي لم تهجر الكمان.
لم تتنكر للنغم.
بدليل أنها حاضرة حضور الوتر في الكمان.
حضور المعنى في الزجل!

4 - شاهدة على مجد الغناء التطواني:

هي بضع من مجد الغناء النسوي التطواني.
لم تكن فقط شاهدة على هذا المجد.
بل كانت فاعلة فيه كذلك.
وهل يمكن لأسماعنا أن تنسى صوت شهرزاد الذي كان يلهب ليالينا..!؟
هل يصح لقلوبنا أن تنسى غناء شهرزاد الذي كان يهرب بنا صوب العشق..!؟
هكذا كانت شهرزاد:
تقيم في ٱذاننا.
وتسكن دواخلنا برقتها وجاذبية عزفها وغنائها.
هكذا ما زالت شهرزاد:
تزهر فينا ذاكرة غناء لا ينسى.
ذاكرة صوت حلو كسكر يذوب في فنجان الٱهات..!!

5 - هي ونحن على ميعاد:

على ميعاد مع صوتك يا شهرزاد.
- متى نلتقي جميعا على أغنية تطربك أنت وتشجينا نحن..!؟
- متى يا شهرزاد موعد لقائنا بك على بحة صوتك الذي نحبه لأنه يعلمنا كيف نحب..؟!

6 - مهام متعددة لسيدة متعددة:

مقامها في برشلونة ما حال دون بروزها المتمكن، الذي يشي بسيدة لا تخلف مع التألق موعدها.
- سفيرة للاتحاد العام للمبدعين بالمغرب.
- مندوبية للنقابة الحرة للموسيقيين المغاربة بإسبانيا.
- رئيسة جوق نساء تطاون.
مهام متعددة هي فيها أمهر، وبها أحق.

7 - سفيرة فوق العادة:

كلما أضاء الإسم جاءت - تباعا - مواويل التسلطن الغنائي في الزمن التطواني العاطر.
إسم يذهب بنا إلى التراث الغنائي النسائي التطواني، الذي تعد شهرزاد سفيرة فوق العادة له.

8 - شهرزاد الشوق والآداء:

في عمر اليفاع (12 سنة) سجلت حضورها الغنائي المتميز في حفلات السمر التطواني، زمن الأسماع التي تثمل بشروق الصوت وبذخ الآداء.
منذ سنها ذاك، ما توقفت السلطانة شهرزاد عن جعل صوتها عنوانا لبهاء الفن في تطوان.

9 - عصرها اللامع كالذهب:

ما من محيد عنها، إذا نحن أردنا تأريخ زمن الأجواق الغنائية بقيادة الأصوات النسائية في تطوان البديعة.
ليس لأنها شاهدة على ذاك العصر الذهبي.
بل لأنها في طليعة فنانات تلك الأيام التي لن يجود الزمن بنظيرها.
شهرزاد الركينة:
حملت معها تراث الغناء التطواني، هذا الكنز الثمين والنادر، إلى إسبانيا.
وهناك - في برشلونة - أعادت إنتاجه عبر أفق كوني شاسع.
لذلك استحقت، عن جدارة، اختيارها من طرف الفنان محمود الإدريسي لتكون مندوبة النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة في برشلونة.
وسفيرة الاتحاد العام للمبدعين بالمغرب في إسبانيا، وعضو الرابطة العربية الدولية للمبدعين العراقيين.

10 - شهرزاد الركينة:

لم تستسلم يوما للنوم فوق فراش الأمجاد الغابرة، على غرار فنانات جيلها الرائع والاستثنائي.
بقيت على قيد الفن كل لحظة.
ولعل اختيارها مندوبة دولية للمؤسسة العربية للآداب والفنون والثقافة، أكبر دليل على حضورها الذي لا تأخذه - أبدا - سنة من غياب.
والوسام الذهبي للمبدعين العراقيين، الذي حصلت عليه، دليل آخر على توهجها الدائم.

11 - شهراد الركينة:

لا الفن لم يحجبها عن أمومتها.
ولا أمومتها منعتها من فنها.
أليس هي الأم المثالية؟
لقب جاءها من أرض الكنانة لينضاف إلى سجل ألقاب تميزت بها.
وأهمها لقب:
سلطانة الغناء التراثي النسائي بتطوان.

12 - على ميعاد مع تطوان:

على ميعاد مع حضورك يا شهرزاد.
- متى تحضن تطوان ما فاض من إشراقك..؟!
- ألم يهزك الشوق إلى معانقة مسقط إشعاعك يا شهزاد..؟!
لا تجيبي.
بل احجزي تذكرة شوق نحو الزمن الجميل.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق