[ الومضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]
الومضة هى اقتناص المعنى كشـــــــهاب ..خطفة و ضربة سهم .
جدير بالذكر أنه فى مجال التجنيس { الومضــــــــــــة } ليست هى
قصة قصيرة جدًا , الومضة بعكس زميلتها أكثر تكثيفًا _ و بشكل
زاعق و صارخ _ و تكوينها يختلف ,فهى عبارة عن :
سبب.. و نتيجة
شطر أول ... و شطر ثانٍ مقابل
سؤال الشرط ... و جوابه
صدر .. و عجز
تفصلهما علامة ترقيمية ( فاصلة منقوطة "؛" ) لتبيان هذه العلاقة
بين الطرفيـــــــــن , هى محددة تحديدًا صارمًا بعدد محدود جدًا من
الكلمات لا يزيد على عدد أصابع اليديــن بأى حال .. طرفاها ككفتى
ميزان يجب أن يتعادلا ثقلا و توازنا بين القطبين هكذا :
ــــــــــــــــــــــــ ؛ ـــــــــــــــــــــــ .
و ليس هكذا
ـــــــــــــ ؛ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .
................
القصة القصيرة جدًا هاجسها اللحظة الحدثية , التفاف حركى ينتهى
بقفلة تســــــــــــتحث قوى التأمل الداخلى و عنفوانه , و الحكاية فيها
أساسية , بعكس الومضة الحكاية فيها هامشية , و هى شـــــكل من
أشكال التضاد , و الثنائيات و طرفى المشهد , والمحك الأساســـــى
و محور الاهتمام فيها هو إظهار التناقض بين هذين الطرفين .
الومضة إذن هى من الإيماض و هو البريق الخاطف و الإشــــــارة
العابرة الســــــــــــريعة كلمعة البرق , و معنى ذلك أن التكثيف فيها
_ كجنس أدبى _ قد بلغ منتهاه , و إذا كنا قد قلنا أن القصة القصيرة
جدًا هى : كيف أجمع العالم فى قبضة يد , فإن الومضة هى علىَّ أن
أجمع العالم فى نصف قبضة يد , ثم أضغطه لأقبض عليه بإصـــــبع
واحد فقط .... فمن يجرؤ...؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هى شعور مســـــــرف فى تركيزه و ضغطه , هى بريق خاطف يدهش
ليســـــت الحكاية فيها بذات الأهمية القصوى و ظهورها يبدو من بعيد
كأنه غيمة مطلة، هى موجودة _ لكن على مستوى معين غير متحرك
أو محتدم _ من وراء ستار _ متوارية خجول... و هى بهذا جنس أدبــــي
مســـــــــتقل يجب أن تنفصل _ تجنيسيًا _ عن القصة القصيرة جدًا حلا
للإشكال ... إشــــــــــكال مقارنتها و مطابقتها بها ,. يعنى يجب حين نقرأ
ومضة ما؛ أن نعرف أننا الآن فى مدينـــــــة أخرى , لها طبيعتها و جوها
المناخى الخاص, و لغتها المختلفة. الحكايــــــــة فيها لا تحقق خصيصة
التسلسل المتدرج , بل الاهتمام هو بالنهايات ...هى _ بعكس القصة القصيرة جدًا _ :
* ترفرف كطائر فوق المشهد و لا تندمج فيه توغلا و حسمًا
* هى كشهقة لحظية
* أنها أقرب لمعنى الآية ( فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد )
* هى تكتفى بلمعة الشهاب فى السماء و عليك أنت أن تبنى كامل
التصور من عندك.
* الومضة لن تعطك الحدث الممتلىء, و لا حتى القفلة المتفجرة؛
هى تعطيك فقط الإشارة و عليك أنت أن [ تؤلف ] القصة.
* هى تدخل الى الجوهر النهائى مباشرة كحكمة مستقاة
* الومضة الممتازة ليس من الســــــــــــــهل كتابتها ... و حتى كتابها
المعتمدون تختلف درجة الإجادة عندهم من ومضة الى أخرى؛ لأنها
أقرب الى الإلهامات، و ليس كل التجلي على نفس الدرجة من النورانية.
و ربما لم يتحقق هذا الى الآن إلا فى بعض ومضات قليلة للغاية؛
علىَّ أن أجمع نصف العالم فى قبضة يد ثم أضغطه لأقبض عليه
بإصبع واحد فقط .... فمن يجرؤ...؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من يفعل _ بحق .. و أكرر ( بحق ) _ سينضم لأقطاب الصوفية.
* الومضة إذًا هى شعور مســــــرف فى تركيزه و ضغطه , هى بريق
خاطف يدهش و ليست الحكاية فيها بذات الأهمية القصوى و ظهورها القوي كما أسلفت ، الحكاية فيها تبدو من بعيد كأنها غيمة مطلة، هى
موجودة _ لكن على مســــــتوى معين غير متحرك أو محتدم _ من وراء
ستار, متوارية خجول... قلت لصديق عنها :
"أنا أرمى إليك بالوهج فقط , ثم أمشى... قم أنت بتأليف القصـــــــــــــــة
بطريقتك استلهامًا من هذا الوهج" , و لهذا أراها جنسًا مستقلا.
هزلية
( اقتحم الغابة ليصيد أسدًا ؛ صرعته لدغة عقرب. )
\ أحمد طنطاوى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تباين
استقام على الأرض الملتوية؛ اتّهموا ظلّه بالاعوجاج.
هذه الومضة تستحق الإشادة لتحقق المقومات بها بجدارة , فالتناقض
واضح شديد الوضوح { التناقض إذا صدقت إحدى الصفتين على شيء فالأخرى كاذبة حكمًا الأسود واللاأسود مثلاً } ,و هى لامست بشــــــــــدة الجوهر النهائى و ألقت بالوهج , و السبب و النتيجة مجســـــــــــــــدان فى تصارعهما الحاد ,و الحركية متحققة ,و استخدام الالفاظ الموحية بأسلوب اللهاث أدى وظيفته و مسعاه التصويرى
استقام \أرض ملتوية\ إعوجاج
.. اتهام الظل
جاء كنقطة الارتكاز بين الحركة الاولى و الناتج الثانى المقابل
اتهام الظل ( و ليس الرجل نفسه ) هى براعة التعامل النصى و تجسيد
العبث فى ردة الفعل على الأمر المستقيم ..
العنوان عتبة صلبة تستحق الإشادة لالتحامها العضوى بالمتن
هذه الومضة أنموذج بحق , لكنى للأسف لا أعلم اسم صاحبها .
( تكملة )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق