الثلاثاء، 15 سبتمبر 2020

بقلم د.رمضان الحضري

الفنون ماهيات ووظائف
***********
الجزء الأول
*********
بدأت تقسيمات الفنون في العالم الحديث غربية منذ القرن السابع عشر 
وحتى بداية القرن العشرين متأثرين بميراثهم عن الإغريق واليونان فصنفوا
  الفنون سبعة هي : _
1 _ العمارة
2 _ الرسم 
3 _ الموسيقا
4 _ الأدب
5 _ الرقص
6 _ النحت
7 _ السينما 
  أحاول أن أهرب من جميع التنظيرات القديمة والجديدة رغبة مني في 
تقديم فكر عربي ،مستقل عن جميع التنظيرات الغربية التي جعلت حياتنا
تسير كما يريدون لنا ، بالإضافة إلى الملاحظات المهمة على تنظيرهم 
الذي لايسد رمقنا كعرب نفهم لغتنا وشخصيتنا وتاريخنا .
أنا مؤمن _ تماما  _ لاتوجد ثقافة صافية على وجه الأرض رغم كل 
مزاعم الغرب أن هذه ثقافة عربية وتلك أوربية وغيرهما أمريكية ، فبعد
هذا الاندماج الكوني عبر شبكات التواصل الألكترونية ماعادت هناك فكرة 
مختفية ولا معلومة محجوبة ، وربما هذا قد وضع الغرب في مأزق تسرب
المعلومات والبناء عليها من دول لم يريدوا لها ذلك ، ولذا فهم يستخدمون 
القرارات من الهيئات الدولية لفرض عقوبات على هذه الدول كما فعلوا مع
دولة العراق الشقيقة وسوريا الشقيقة وليبيا الشقيقة ، بالإضافة إلى تدمير 
التراث العربي الفلسطيني ، إلى جانب إثارة الحروب في المنطقة المستقرة 
فحرب في اليمن وأخرى في ليبيا والعراق وسوريا ولبنان ، وكل دولة 
سوف تحصل على نوع من التقدم والاستقرار ، وتنفق الدول الغربية 
أموالا طائلة على التجسس والاستخبارات ودعم الأسلحة لتدمير هذه 
المجتمعات ، فالرجل الذي يريد أن يزرع أرضه ليطعم أبناءه ، يترك
الأرض بورا ويحمل السلاح ، فلا يشعر الأبناء بالأمان على أنفسهم
من قلة الغذاء ، ولايشعرون بالأمان العاطفي من فرقة الأب الحاني ،
وإذا سيطر الخوف على الشعوب فلا إبداع ولا انتاج ، وبعبارة أخرى
الشعوب الخائفة هي شعوب ميتة رغم هزات القلوب ورعشة الأطراف .
والشعوب الخائفة لاتستطيع أن تمتلك حتى تراثها أو آثارها القديمة 
أو ما تركه الأجداد لها من مخطوطات وعلوم .
هذه التقدمة للربط بين الفن وتغير ماهيته حسب التغيرات الاجتماعية ، 
والسياسية ، وحسب المؤثرات على ماهية الفنون ، لأن الفنون عند العرب 
مرتبطة بالزينة والحلي والإتقان ، وجاءت تعريفات الفنون في المعجم 
الجامع للمعاني بقوله : _ (  كُلُّ الإِبْدَاعَاتِ الْفَنِّيَّةِ الَّتِي تَرْتَقِي إِلَى الْكَمَالِ 
وَالْجَمَالِ، وَتَسْمُو بِالْخَيَالِ إِلَى الْخَلْقِ وَالإِبْدَاعِ كَالشِّعْرِ وَالْمُوسِيقَى وَالرَّسْمِ 
وَالنَّحْتِ وَالزُّخْرُفِ وَالْبِنَاءِ وَالرَّقْصِ ) ، وحتى هذا المعنى المعجمي عليه
ملاحظات جمة ، فهل فعلا الإبداعات الفنية ترتقي إلى الكمال ، لم يذكر
لنا تاريخ الفنون إبداعا فنيا واحدا ارتقى للكمال والجمال ، ثم لجأ المعجم 
إلى التقسيمات الأوربية القديمة ، مما يجعلنا تابعين حتى في معاجمنا لغيرنا
وهذا ما لم يحدث في المعاجم العربية القديمة ، وحينما يعلم القارئ أن أول
من وضع معجما في التاريخ العالمي كله قديمه وحديثه هو العلامة / الخليل
بن أحمد الفراهيدي الأزدي العماني البصري الذي كان يعيش في كوخ على
أطراف البصرة المباركة ، بينما طلابه يعيشون في قصور اشتروها 
من علوم الخليل ، الذي لم يكن يجد دينارا أو دينارين ليكفي أهله
مؤنة طعامهم وشرابهم لزهده في الدنيا وتكالبه على الورق والعلوم ، فابتدع 
علوما لم تكن لسواه ، كالعروض والأوزان والتباديل والتوافيق والمعاجم 
وأول من تكلم في معاني الحروف على مستوى العالم ، حيث مهد الطريق 
لابن جني في" الخصائص" ، كما مهد الطريق "لسيبويه" في "النحو" ، و"للأخفش
الأوسط" في بحوث جديدة في" العروض" لم تكن ذات قيمة كبيرة كأبحاث 
"الخليل "ذاته ، هذه علوم ماسبقه إليها من أحد من العالمين حتى  "سقراط "
و"أرسطو" و"أفلاطون" ، وحينما  نعلم أن "الخليل "عاش في القرن الثاني 
الهجري من عام ( 100 إلى 170 هـ ) والتي توافق القرن الثامن الميلادي
من عام (  718 م وحتى عام 791 م ) على أصح الروايات ، بيننا وبينك
يا"خليل" ألف عام ومائتان ، ولازلت ذا سبق لم يضف إليه أحد شيئا .
وقد جاءت تعريفات الفنون في" معجم أكسفورد "باعتباره أشهر "المعاجم 
العالمية" بقوله : _ ( تعبير أو تطبيق للمهارة والخيال الإبداعي للإنسان ، 
عادةً في شكل مرئي مثل الرسم أو النحت ، وإنتاج أعمال يتم تقديرها في 
المقام الأول لجمالها أو قوتها العاطفية ) .
لاشك ان تعريف" المعجم الأمريكي "أقرب "للعقل" حيث جعل "الفنون تعبيرا 
ومهارة " 
تشتمل على جماليات وهذفها التأثير العاطفي ، ربما هناك ملاحظة
على الهذف في تعريف" أكسفورد "، حيث إن "التأثير العاطفي في حد ذاته
ليس هذفا "، بل ربما يكون "مرحلة لتغيير الاتجاه" عند المتلقي للفنون ، فالفن
《إذا لم يكسب المتلقي توجهات جديدة وظل متوقفا على أثره العاطفي》
 فلاشك 
أنه سيكون قد فقد ركنا مهما للغاية من وظيفته ، وهذا الموضوع سيكون 
درس الحلقة القادمة في موضوع : "وظائف الفنون" .
وهناك تقسيمات خاصة للفنون عند فلاسفة أوربا مثل "كانط" و"لاسباكس "
و"هيجل" وغيرهم ، حيث قسم" كانط "الفنون إلى :
*فنون تشكيلية 
*فنون تصويرية 
*وفنون اللعب بالأحاسيس ،
 بينما رأي "لاسباكس" أن الفنون 
تصنف إلى :
*حركية
* وساكنة
* وشعرية ، 
وجاء" هيجل" ليصنف الفنون حسب
المدارس الفنية إلى:
* فنون رمزية
* وكلاسيكية 
*ورومانسية .
وهناك تصنيفات كثيرة جدا من وجهة نظر الفلاسفة الغربيين ، لكن اللافت 
للنظر ان تقسيمات  "سيمات الفنون العربية" و"الإسلامية" جاءت "تقسيمات غربية" كذلك
مما يصيبنا بالحسرة مرات ومرات ، فهناك تصنيف :
* "ساردار للفنون العربية والإسلامية "
*وهناك تصنيفات "جامعة هارفارد"
 *وهناك "تصنيف ايكونكلاس "الهولندي وجميعها تصنف "الفنون العربية والإسلامية" إلى:
* "فنون الزخرفة "
*والخط العربي 
*وفنون العمارة الإسلامية
* والفنون التطبيقية 
*والنحت 
*والتصوير 
*والموسيقى 
*والغناء 
*والرقص
* وفنون الآداء والتمثيل .
هنا أحاول محاولة جادة لإيجاد" ماهية للفنون مجتمعة" ثم" ماهية مفصلة" لكل فن من هذه الفنون .
في ظني _ ولست ملزما لغيري بما أقول أن الفنون التي تكونت عبر آلاف 
السنوات كانت تجسيدا لعواطف وأفكار الإنسان ( ماضيه وحاضره 
ومستقبله ) ، وتشتمل على قدرات وخبرات وثقافة المجتمع والمبدع في
 آن واحد ، هذا من ناحية الإطار العام الذي يشتمل جميع الفنون تقريبا ،
بينما الإطار الخاص لكل فن من هذه الفنون سيحتاج إلى تفصيلات ولو
ميسرة ومختصرة ، يمكننا تناولها في اللقاء القادم بأمر الله تعالى .
***********




د / رمضان الحضري 
القاهرة في 1 من سبتمبر 2020م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق