من الشخصيات المعافرة نقدم لكم : البابا شنودة
...................................................................
يعتبر الفشل جزءً من التجربة وهو سبيل للتعلم واكتساب الخبرة, فالكثير من الناس يستسلم ويشعر بالإحباط, وآخرون يتجاوزون التجربة و يتابعون حياتهم وهناك فئة أخرى لاقت في فشلها عبرة وفرصة, فكان طموحهم وإصرارهم أكبر من أية عقبات, فجدّوا واجتهدوا لتسطر أسماؤهم في لوائح التاريخ, ولنستعرض بعضاً من الشخصيات العالمية التي عانت في البداية, فسقطت وتعرضت لأقسى الظروف ولكن إرادتهم ورغبتهم في تحقيق النجاح كانت أكبر من كل العثرات ليغدوا بعدها من أكثر الأشخاص نجاحاً وشهرةً على مستوى العالم
ولد البطريرك رقم ١١٧ في تاريخ البطاركة، باسم نظير، في يوم الجمعة الموافق ٣ أغسطس ١٩٢٣ في قرية سلام بمحافظة أسيوط التابعة لإيبارشية منفلوط، قبل أن تنتقل عائلته إلى دمنهور، حيث عهد بتربيته إلى أخيه الأكبر روفائيل، فدرس فى مدرسة الأقباط الابتدائية ثم بمدرسة الأمريكان ببنها، قبل أن ينتقلوا مجددًا إلى القاهرة، وسكنوا في حي شبرا، حيث درس بمدرسة الإيمان الثانوية القاطنة بشارع ابن الرشيد، ونال إعجاب معلميه لتفوقه ودماثة خلقه.
ثم حصل «جيد» على الليسانس في الآداب سنة ١٩٤٧م من جامعة فؤاد الأول بكلية الآداب قسم تاريخ، ليعمل بعد ذلك بالتعليم فى المدارس الثانوية، قبل أن يتركها لرغبته فى تكريس وقته لخدمة الرب، ثم جُند ضابطًا احتياطيًا بالجيش، برتبة ملازم عام ١٩٤٨، كما التحق بالكلية الإكليركية، وتخرج فيها ١٩٤٩م بتقدير (ممتاز)، وكان الأول على دفعته، وقبل تخرجه حضر فصولًا مسائية في كلية اللاهوت القبطي، وكان تلميذًا وأستاذًا في نفس الكلية في نفس الوقت، ثم أصبح مدرسًا للكتاب المقدس واللاهوت بالكلية الإكليركية.
وحينما اشتاق نظير إلى حياة الوحدة والسكون، ترك العالم ومضى إلى دير السريان ببرية شيهيت، حيث لم يمضِ زمن طويل لاختياره، حتى رسمه الأنبا ثاؤفيلس أسقف الدير، راهبًا باسم الراهب أنطونيوس في يوم ١٨ يوليو سنة ١٩٥٤م، وكان عمره ٣١ عامًا وقت رهبنته فأخلى ذاته وتدرج في الخدمة في الدير أمينًا للمكتبة، ومسئولًا عن المطبعة ونشر المخطوطات، وعن الضيوف الأجانب وأحيانًا كان مسئولًا عن الزراعة والمبانى.
وعقب حوالى ٤ سنوات سيم قسًا تحت إلحاح أبنائه الروحيين في ٣١ أغسطس سنة ١٩٥٨م، ليختاره الأنبا كيرلس السادس بعد ذلك للأسقفية، ولكن لعلمه أنه لن يقبل أن يترك البرية أحضره من هناك دون أن يعلمه بشيء، خوفًا من هروبه، فلما حضر الراهب أنطونيوس، وركع أمام البابا كيرلس ليأخذ بركته وضع البابا كيرلس يده على رأس أبينا أنطونيوس قائلًا: «شنودة أسقفًا للإكليركية، ومدارس التربية الكنسية، وسائر المعاهد الدينية»، فلم يستطع أن يهرب من يد البطريرك، وبكى كثيرًا، وبعد ذلك أمضى ١٠ سنوات في الدير دون أن يغادره.
وتمت رسامته في كاتدرائية القديس مرقس الرسول بالأزبكية في ٣٠ سبتمبر ١٩٦٢م. صار أول أسقف للتعليم فاهتم بمدارس الأحد ومناهجها وتنظيمها واهتم بالإكليركية ومستوى التعليم فيها، وكان يقوم بعظته الأسبوعية لكل الشعب، والتف الناس حوله في حب شديد، كما كان أول أسقف للتعليم المسيحى، وعميد الكلية الإكليركية، وذلك قبل تنيح قداسة البابا كيرلس السادس يوم ٩ مارس ١٩٧١ م، لتجرى القرعة الهيكلية يوم الأحد ٣١ أكتوبر ١٩٧١م، وتختار العناية الإلهية الأسقف شنودة ليكون البابا الـ١١٧ في سلسلة باباوات الإسكندرية، ورحل البابا يوم ١٧ مارس عام ٢١٠٢، عن عمر يناهز ٨٩ عامًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق