السبت، 5 سبتمبر 2020

القصة بقلم سامية صادق وقراءة احمد طنطاوي

النص المشكلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Samia Sadek

توافق

يُقلّبُ لُعَبَهُ القديمةَ , يفتشُ عن واحدةٍ تُشْبِهُهَا,
تتشاكلُ عليه الملامحُ , يحقق فى التفاصيل .
يَسقط ُعن وجههِ قناعُها ؛ فيمتدُ ظلُها طويلا أمامه  .

( سامية صادق )
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبعاد النص المتداخلة تجعله يتصف بالاحتشــــــــــــاد  الحائر ...
ما يستدعى الإعجاب النقـــــــدى عند النظر إليه  _ إجبارًا _ من
 زوايا   متعددة ,  هو يفـــــــــــــــــــتش فى ألعابه عما يَظن أنه
 مماثل  لها ,   و لا يفتش عنها كحقيقة _  بينما هى مختبئــــة
فى قنــــــــــــاعها    الذى يرتديه هو .

تخاتله ضبابات الحقيقــــــــــة و الوهم فيتوه و لا يصل إلـــــــى
مبتغاه .
حين يفتش فمعنى هذا  أنها ليســـــــــــــــت فى واقعه الفعلى
( الآن ) و الزمنية هنا أســــــــــاسية [ الزمن الحقيقى الفيزيائى
و الزمن النفســـــــــــــــــى الخاص , فهو يعانى  زمنين ,  يعيش
ماضيًا   بينما تعيش  هى  حاضره ] ,   لكنها  بواســـــــــــــــــطة
 حضورها الرامز المقنَّع  ( قناعها الذى يرتديه هو  ) موجودة
 بشكل من الأشكال  كمحايثة( أو إمكان ) ,  بدليل أنها ظهرت
فى خلفــــــــــــــــــــية ما لم يرها هو  ,  إنما ظهر له فقط  ظلها 
المشاكس كنقطة كشــــــــفٍ للخداع المستتر الذى قفز ممتدًا
أمامــــه ,   خداع  حقائق الحياة و أوهامها على العموم و ليس
 خداعها هى تحديدًا .

هو حائر أصــــــلا لا يعرف ماذا يريد أو ما الذى يجب أن يفعله
فكل الأمور ملتبسة أمامه حتـــــى ملامحها  قد غابت عنه فهو
 الآن يجلب الأشياء القديمة , فلاشــــــــــــــــك أن العمر قد  ولَّى ,
  ( و ربما تكون أيضًا  قد رحلت عن الحياة كفرضـــــــية محتملة
بشكل كبير )

النص كله يعالج الوهم بتداخله الزلِق مع الحقيقـــــــــــــة معالجة
إحداثيات هندســــــــية ,   نكاد نمسك بعنصر الواقع فيقفز فورًا
جانب الخيال و العكس  حتى نصـــــــــــــاب بالدوار  ... فنفكر فى
 واقعنا و الأشياء المحيطة بنا نحن أيضًا  بكل مفرداتها الموحية ...

إنه من هذه الناحية كــ " نركيسس " الذى راقب وجهه فى بحيرة الماء
فعاش لحظتها واقعين , و هو بهذا يلعب لعبة وجوديــــــــة  قد تكلفه
الكثير   لو ساير خدعتها و تبِعَ الظلال  . 

علينا أن نفكر جيدًا فى :

الألعاب ... و الأقنعة ... و الظلال

هى كلها رموز و دلالات لعبثيـــــــــــــة وجود نعيش فيه على الهامش :
نلعب و نتوهم و نمنى النفس و نكذب على انفسنا و نعتمد الخيالات
و تعجبنا الأقنعة _ ســــــــــواء ارتديناها نحن أم ارتداها غيرنا  , لا فرق _
الأمر كله إذن عبث فى عبث كما هتف مكبث فى نهايــــــة مونولوجه
الشهير :

"ما الحياة إلا ظل يمشي، ممثل مسكين
يتبختر ويستشيط ساعته على المسرح،
ثم لا يسمعه أحد: إنها حكاية
يحكيها معتوه، ملؤها الصخب والعنف،
ولا تعنى أى شىء "”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص مكتمل تقنيًا كقصة قصيرة جدًا ...  دخول مباشـــــر إلى عمق
 المشهد   , و الحركية تشمل أركانه توترًا , و القفلة حققت مسعاها
بكسر أفق التوقع و استثارة عنصر ( ما بعد القراءة ) الذى سيقوم به
 القارىء تلقائيًا  مع هذا  الانفتاح ( لا الاغلاق) للقفلة ,  و الداعى إلى
 التأمل و   اســــــــــتدعاء المستويات الأخرى لتعاملات المخيلة  إزاء
العناصر  التى تخاطب أنواعًا أخرى من الواقع غير هذا الذى ألِفناه
 و نحياه  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق