الخميس، 30 ديسمبر 2021

عمر الاشقر

>
   
Omar Lachguer

 
عوالم وعوالم !


هناك عوالم وعوالم ،
عوالم بشموس مشرقة ، وأقمار منيرة ، ونجوم ساطعة ، وأنوار مشعة ...
و عوالم بلا شموس ، ولا أقمار ، ولا نجوم ، ولا أنوار ...
عوالم الظلمات التي بعيش فيها الإنسان محفوفا بالمخاوف والمخاطر والمهلكات ...
عوالم الأشباح والتخيلات ...
عوالم الشموس والأقمار والأنوار يصنعها العلم وتصنع العلم .
ينشط فيها العقل والتفكير ، ويزهو فيها النظر والإبداع والتدبير ، ويسعد فيها الإنسان ويمتع ويستمتع بلا خوف ولا تعسير ..
عوالم الظلمات يصنعها الجهل وتصنع الجهل .
تنشط فيها الخرافة والسلبية ، ويزهو فيها التفكير السحري والأسطوري ، ويشقى فيها الإنسان ، ويشتد عليه فيها الإحساس بالخوف والضياع واليأس وتوقع المزيد من شر الظلمات ...
عوالم الظلمات في الوطن العربي صنعته السياسات الدكتاتورية التي تعتمد على الجهل في استمراريتها ، ومنعت الأنوار والأضواء حتى لا تفضح حقيقتها ، وتثور الشعوب عليها ، وتنقلب على توجهاتها التخلفية والرجعية .
في عوالم الظلمات المصنوعة يبرر الفشل بالعين الشريرة .
في عوالم الظلمات يبرر الكسل بالسحر .
في عوالم الظلمات يفسر البؤس والفقر والبطالة ب " المكتوب " ...
في عوالم الظلمات يعتبر الفكر النقدي والفلسفة " ضسارة " و " سخونة الراس " .
في عوالم الظلمات تقدس السلطة ، وتسيطر ، وتحاصر كل نشاط تنويري ، وتحمي التافهين والمفسدين ...
إن مقاومة الفكر العقلي النقدي ، ومحاصرة البحث العلمي ، وإفراغ الثقافة من معناها الحقيقي ، وإهمال التعليم والتربية والتكوين ، وتشجيع التفاهة والسفالة والثقافة المنبطحة وهز البطون والركز على الجفان وكثرة المهرجانات والمواسم والأعياد ...كل ذلك منهج موحد لصناعة عوالم الظلمات والجهالات والخرافات ...
فالأنوار تهدد اللصوص ، والأضواء تفضح الفساد ، والعلم يبني العقول النقدية التي تستطيع أن تقول : " لا " للاستبلاد والاستغباء والاستصغار والاستغلال ...
لكن ، مهما طالت الليالي لا بد لها من فجر ساطع ، وشمس مشرقة ، ونهار مضيء ، وضحى كاشف ، وظهر فاضح ...
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق