الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

بقلم الآديب محمد أحمد إسماعيل








قصيدةٌ منْ فلٍّ أبيض




تنشغلُ عيناها باصطيادِ أرانبَ بريةٍ تقفزُ في عشبِ القصيدةِ الطريّ

ــ عيناها اللتانِ .. دُكَّ جبلُ الكحلِ حين تجلَّتْ مراودُهُمَا البكرُ عليه ــ

و تنشغلُ أصابعُها بالتقاطِ عناقيدِ عنبٍ تتدلىَّ من كرمةِ الروحْ

بينما شفتاها تراودانِ حديقةً من كرزٍ عن سنونواتِها

و ترفعانِ سكَّرَهما نجومًا إلى السماءِ ..

فتبتهجُ السماءُ كعاشقةٍ موصولةٍ

و تَفُكَّانِ أزرارَ غيمةٍ رابضةٍ على تلٍّ يتنهدُ 

فتنفلتُ فضتُها .. و تتماوجُ على شجرةِ العُنابْ

تحطُّ يمامةُ كفِّها على الماءِ / فينعسُ الماءُ

و تخرجُ منهُ سبعُ حورياتٍ من فلَّ أبيضَ

يرقصنَ بفتنةٍ طاهرةٍ و بطهرٍ فاتنٍ .. 

و يَدُرنَ حولَها في اتجاهِ دائرةِ العشقِ 

على إيقاعِ دفٍّ من شغافِ قلبي المبللِ بفتنةِ النارْ

ليست ملكًا و لا قديسةً هي

هي امرأةٌ عاديةٌ 

تسخرُ مني و من نفسِها أحيانًا

تأكلُ التينَ و التمرَ بِشَغَفِ الفلاحاتِ البسيطاتِ

و تشربُ الماءَ بمحبةٍ و ابتهالٍ

تكتبُ في مرآتِها كلَّ يومٍ " أنا جميلةٌ جدًا ، أنا أجملُ امرأةٍ عَرَفتُها "

ثم تمسحُها بخصلةٍ من شعرِها حتى لا تحسدَ نفسَها

تُلقي تحيةَ الصباحِ على الرصيفِ المبتسم

ــ هي تراه هكذا ــ

تشاكسُ الفتارينَ و الباعةَ الجائلينَ و المترو و لافتاتِ الشوارعِ

و الإعلاناتِ الفجةِ و شرفاتِ المنازلِ التي تحييها بنصفِ ابتسامةٍ

تنام ساعةً في القيلولةِ بجوارِ حلمِها

و تصحو وحيدةً .. فلا تبكي 

وتقولُ : سيأتيني حُلمي ذاتَ ليلْ

و تزغزغ قلبَها بأصابعِها المشبوبةِ بالعشقِ

فتضحكُ ..

فتعيدُ الحورياتُ السبعُ الرقصَ 

على موسيقى ضحكتِها

ضحكتُها موسيقى

و أرانبُ بريةٌ تقفزُ في عشبِ القصيدةِ

و مراودُ كحلٍ بكرٍ

و عناقيدُ عنبٍ في كرمةِ الروحِ

و حديقةُ كرزٍ

ضحكتها سكرٌ .. و غيمةٌ تنفلتُ منها الفضةُ

و شجرةُ عُنابٍ

و يمامةٌ 

و سبعُ حورياتٍ

و قصيدةٌ من فلًّ أبيضْ




للاديب محمد أحمد اسماعيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق