قصيدةٌ منْ فلٍّ أبيض
تنشغلُ عيناها باصطيادِ أرانبَ بريةٍ تقفزُ في عشبِ القصيدةِ الطريّ
ــ عيناها اللتانِ .. دُكَّ جبلُ الكحلِ حين تجلَّتْ مراودُهُمَا البكرُ عليه ــ
و تنشغلُ أصابعُها بالتقاطِ عناقيدِ عنبٍ تتدلىَّ من كرمةِ الروحْ
بينما شفتاها تراودانِ حديقةً من كرزٍ عن سنونواتِها
و ترفعانِ سكَّرَهما نجومًا إلى السماءِ ..
فتبتهجُ السماءُ كعاشقةٍ موصولةٍ
و تَفُكَّانِ أزرارَ غيمةٍ رابضةٍ على تلٍّ يتنهدُ
فتنفلتُ فضتُها .. و تتماوجُ على شجرةِ العُنابْ
تحطُّ يمامةُ كفِّها على الماءِ / فينعسُ الماءُ
و تخرجُ منهُ سبعُ حورياتٍ من فلَّ أبيضَ
يرقصنَ بفتنةٍ طاهرةٍ و بطهرٍ فاتنٍ ..
و يَدُرنَ حولَها في اتجاهِ دائرةِ العشقِ
على إيقاعِ دفٍّ من شغافِ قلبي المبللِ بفتنةِ النارْ
ليست ملكًا و لا قديسةً هي
هي امرأةٌ عاديةٌ
تسخرُ مني و من نفسِها أحيانًا
تأكلُ التينَ و التمرَ بِشَغَفِ الفلاحاتِ البسيطاتِ
و تشربُ الماءَ بمحبةٍ و ابتهالٍ
تكتبُ في مرآتِها كلَّ يومٍ " أنا جميلةٌ جدًا ، أنا أجملُ امرأةٍ عَرَفتُها "
ثم تمسحُها بخصلةٍ من شعرِها حتى لا تحسدَ نفسَها
تُلقي تحيةَ الصباحِ على الرصيفِ المبتسم
ــ هي تراه هكذا ــ
تشاكسُ الفتارينَ و الباعةَ الجائلينَ و المترو و لافتاتِ الشوارعِ
و الإعلاناتِ الفجةِ و شرفاتِ المنازلِ التي تحييها بنصفِ ابتسامةٍ
تنام ساعةً في القيلولةِ بجوارِ حلمِها
و تصحو وحيدةً .. فلا تبكي
وتقولُ : سيأتيني حُلمي ذاتَ ليلْ
و تزغزغ قلبَها بأصابعِها المشبوبةِ بالعشقِ
فتضحكُ ..
فتعيدُ الحورياتُ السبعُ الرقصَ
على موسيقى ضحكتِها
ضحكتُها موسيقى
و أرانبُ بريةٌ تقفزُ في عشبِ القصيدةِ
و مراودُ كحلٍ بكرٍ
و عناقيدُ عنبٍ في كرمةِ الروحِ
و حديقةُ كرزٍ
ضحكتها سكرٌ .. و غيمةٌ تنفلتُ منها الفضةُ
و شجرةُ عُنابٍ
و يمامةٌ
و سبعُ حورياتٍ
و قصيدةٌ من فلًّ أبيضْ
للاديب محمد أحمد اسماعيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق