الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

بقلم عبدو يوسف

--- اغضب .. ---


لا أمزح و لا يأخذكم مني العجب
حين أصيح و ألح في الطلب :
لا تستكينوا لسكوتي و صمتي
ففي برودي يسكن أقوى لهب
و مهما طال سكوتي و رضوخي
فعما قريب يحدث الدوي و الصخب
و يعض الظالم على يديه و شفتيه
و يقول ليتني لم أكُ في هذا السبب
*****
فكأسي المكسور من هجومكم
شظاياه أنياب و مخالب الغضب
و مزهرياتي المنثورة من مروركم
أجزاؤها تبكي و تدين مَن عطَب
و دموعي و آهاتي المسفوكة كل ليل
تطالب بالثأر و القصاص مع مَن طلَب
و كم من حلم بريء ظل يعلل نفسه
بغذ مشرق غربت شمسه و ما غرَب
صامد في وجه كل النوائب و العدا
حتى ضُرب بالأسحار في من ضُرِب
كي لا تكون له في الحياة غايةٌ
تُعليه إلى مقام المجد و الحسَب
فكيف لا أغضب و كل ما أحوزه
من الدنيا الصمت و الصبر و الأدب ؟
*****
اغضب فليس في الكون من
يرضى المهانة و سوء الأدب
و ارفع عينيك إلى السماء و قل
رب هل يرضيك هذا الكرَب ؟
أعِني ربي على رفع حملي
و ثقلي و ما أقاسيه من تعب
و قد أتاني ممن خلته شقيقي
في هذا الوجود و علي انقلب
و انتهى ما كان بيننا من ود
و انفرط عقد الأخوة و النسَب
*****
العروبة فخر و عصمة و تاجٌ
ترجوه كل الأقوام إلا العرب
استبدلوه بلهو و مجون و شعر
و حروب و كأس خمر و ذهَب
و نساء مجنحات و ليالٍ حُمْرٍ
و حفلات أنسٍ و ألحان الطرب
فلا تقولوا : أيها العِربان اغضبوا
بل ارقصوا و غنوا و لا عجَب
فليس في العُرْب اليوم نخوةٌ
و معنى العزة لديهم قدِ انقلب
إلى ذل و استكانة و مسكنةٍ
لمن كان أقل الأعراق نَسَب
*****
فالحال كئيب و الجو بائس
و أمطار و رعد و لا من هرب
نحو العروة الوثقى التي دعا
لها ديننا و هي منه العصَب
فكم من دمار لحق بديارنا
على يد الكفار و جارِ الجُنُب
و لو علم الأجداد ما حل بنا
لتبرؤوا منا و هام أبو لهَب
باحثاً عن قريش غير التي
خُبّر فيها البأسَ و نارَ الحطب
*****
فابكِ يا عين و اغرورقي
دمعاً، و كم غيري انتحب !
و انزلي حارة تحرق وجنتي
على حال لنا حُمَّ و التهب
فالقدس عاث فيها الفساد
عبريٌ عِلجٌ مذموم في الكُتُب
و المساجد الزكية تبكي طهرها
و قد لَهَا فيها كل من هب و دب

ع.ي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق