الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

بقلم منى وقي غنيم

هذيان قلب في غرفة الإنعاش




غرفة بيضاء في المنتصف ، سرير صغير يرقد عليه قلب ميت على قيد الحياة، ينتظر معجزة تعيد إليه النبضِ ...

في زاوية صغيرة يجلس ظل أسود لجسد مزقته الآلام ، دموع حائرة بين الجفونِ تنزف بِصمت آهات كالجمرات ، ناي حزيِن بين الشفاه يعزف لحناً جنائزياً في ليلة صيف باردة ، رياح قوية مزقت كل شيء في طريقها ... تعرى الجسد سقط ، صرخ ، لا أحد يسمعه ، صوته مقيد سجين زنزانة صمت لن يصل لأي مكان ، آه أيتها الحياة دعيني أرحل عنك ، أدخليِني قبر أمي أعيديني لرحمها حيث الأمان ... ألم تسمعيني أصرخ من قبل حين ولدت، كانت صرخة خوف لم يعرفها الجميع ظنوها صرخة حياة قابلوها بالفرحة، لكني كنت أصرخ لأعـود إلى حيث كنت ... لجنة عـدن ، للدفء ، للحب

يترنح نبِض القلب بين أكف الرياح ، يسافر ليعتلي قمم الموت لكنه لا يموت ، يرسل رسالة استغاثة للجسد ، يصرخ جسدي الممزق يعلن انتماءه لهذا القلب ، ينتزعه من بين فكي الموت ، يصارع من أجل الحياة

يبحث عن حلم بين أسراب الحمام، على صهوات الغمام ، بين أوتار قيثارة تشدو فتنتشر حولها صور المنى ، بين المستحيل واللامستحيل يصرخ بأعلى صوت... سأعاند الزمان كَما يعاندني ، لن أستسلم... سألد نفسي من جديد ، سأتحمل كل ألام المخاض وحدي ، أنزف الدموع ، الدماء ... لن أستسلم حتى أولد من جديد ، أرتدي قلبي ، أتعطر بوهج الجنون ، أتحلى بالنجوم ، تغسلني قَصيدة عشق بينها أكون ، أزرع على كل حرف قبلة ، أعزف على كتف المساء ألحاناً عاشقة ، كالندى المثير في كأسِ النبيذ تشدو لها البلابل تقربا ، سأجعل للصمت ضجيجا ً حتى لا أعود لتلك الغرفة البيضاء ، أعلم قلبي كَيف يصاحب الآلام ، ألقي بظل الأحزان ورائي ، لن ألتفت إليه ...

لن يضر العين شيء إن صاحبتها الدموع ، لن يضر القلب شيء إن بنى مدناً من الأحلام ، طريقاً مرصعاً بِالمعاني تكون قناديل نور فلا يضل طريقه ، إن زرع الورود يوماً وجرحته الأشواك ، إِن سار في ركب قافلة الحب أو رقص مع الذئاب ، لن يضر القلب شيء فاليوم ولد من جديد .

خرج من غرفة الإنعاش بِجسدٍ جديدٍ.، علمته الحياة ...

كيف يصافح الأحزان ، يصادق الآلام ، كَيف يبكي بِدون بكاء

****

منى شوقى غنيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق