الاثنين، 25 فبراير 2019

بقلم صفاء محمد

الإبداع والمجتمع 

السلامُ والمحبَّةُ على المُبدعين جميعًا، السيدات والسادة ، هيئة المنصة والحاضرون ، والشكرُ للدكتور/ أمين الصيرفي Amin Elserafy مدير الصالون؛


الإبداعُ رحلةٌ شاقّةٌ وشيّقة، تكتنِفُها الإثارةُ والمُتعة. هو بوابةُ بناءِ الحضارات، وأحدُ أهمّ العتبات نحو عالمٍ مُتقدِّم. هو نشاطٌ فرديٌ مُرتبطٌ بالوعي الجمعيّ والدعمِ المُجتمعيّ وتهيئةِ البيئةِ الحاضنة للمُبدعين من قِبل الدولةِ والمُجتمع، والاهتمامِ وحمايةِ حقوق ذوي القُدرات الإبداعيّة كأحدِ أبرز مُقوّماتِ الحضارة الإنسانية. فالأممُ ترقى وتزدهرُ بما لديها من عقولٍ نيّرةٍ مُبدعة.
الإبداعُ وسيلةٌ لتلبيةِ احتياجاتٍ مُجتمعية وليس هدفًا في ذاته، فالفنُ لا يكون من أجل الفن، وما نفعُ المعرفة إن لم تنعكس على السلوك والإنتاج. والإبداعُ أحدُ مواردِ الدخلِ في الدولِ المُتقدِّمةِ والأنظمةِ الرأسمالية.

تعريفُ الإبداع :
هو صناعةُ غيرِ المألوفِ ليَصُبَّ في صالحِ المُجتمع ويُثري الحضارةَ. يتطلَّبُ الإبداعُ إحاطةً بالمعارفِ ووفرةً في الخيالِ وتوفيقًا في الرؤيةِ وإتقانًا في التنفيذ، ما ينتج عنه ابتكارُ فكرٍ أو أشياءُ جديدةٌ يمكنُ تطبيقُها. أو إعادةُ صوغِ أفكارٍ وأشياءَ سابقةٍ لتأتيَ في شكلٍ مُتميّزٍ غيرِ مألوفٍ يُمكنُ تطبيقُه ويخدم المجتمع.
والإبداعُ في الآداب هو ما يُحيطُ بالروح، ويحملُ المُتلَقّي إلى حيثُ يُريدُ ويَحلُم، وإن غابت عنه بعضُ التقنيّة.

مناقبُ المُبدعين :
لا يوجد بيننا أذكياءٌ وأغبياء.. بل أناسٌ يرومونَ التميُّز بإيجابيةٍ وحُب، فهُم يتعاونونَ ويُعطونَ ويأخذونَ ويتفاعلونَ مع الآخر.. وآخرونَ يرومونَ التميُّزَ كذلك ولكن تُدمِّرُهم الأنا ومُمارسةُ شُحّ النفس.. وآخرونُ يميلونَ الى الكسِل والتواكلِ والسلبية.
فالصِنفُ الأولُ وهُم المبدعون؛
- لديهُم أهدافٌ واضحةٌ قد خطّطوا لها. 
- لديهُم عزيمةٌ وإرادةٌ لتحقيقِ أهدافِهم. 
- يبحثونَ عن أساليبَ بديلةٍ للحلول. 
- لا يكترثون بسلبياتِ الآخرينَ المُحبِطة. 
- لا يخشون الفشلَ، بل يعتبرونهُ خبراتٍ. 
- ينمازونَ بالتجديد، ويكرهون الروتين. 
- مُبادرونَ، ويستحثّونَ غيرَهم على البدء.  
- مُتفائلونَ بالحياةِ ومُبتكرونَ بالتفكير. 
فالمبدعونَ يُصيبونَ أهدافًا لا يمكن لغيرهم إصابتُها.. وثمّة صِنفٌ آخر وهُم العباقرة، الذين يُصيبونَ أهدافًا لا يُمكن لغيرهم أن يراها، كمُخترعِ الكهرباء والبنج وما شابه.

 مُعوقاتُ الإبداع :
المُعوقاتُ كثيرة. سواءَ من الشخصِ ذاته أو من الآخرين كالبيتِ والمدرسةِ والمُجتمعِ والدولة. نذكرُ منها؛ 
- تقصيرُ وسائلُ الإعلامِ في توضيحِ أهميّةِ الإبداعِ وأثرِهِ بالمُجتمع، وكذا أهميةُ المُبدعِ وكيفيّةُ التعرُّفِ عليّه، وتأهيلُ المُجتمعِ لاحترامِ حقوق الملكيةُ الفكرية.
- عدمُ تطبيقِ أساليبِ التعلُّم الحديثة وتطويرُ المناهجِ بما يُعزِّزُ النزعةَ الإبداعيةَ والثقةَ بالنفس، وبناءَ الشخصيةِ المُنفتحة.
- قِلّةُ الاهتمامِ بالبحثِ العلميّ.
- عدمُ كفايةِ خططِ وبرامجِ الدولةِ والمُجتمعِ المَدنيّ المُتعلِّقةَ بالإبداعِ والتنميّةِ البشريّة. 
- البيروقراطيةُ وعُقمُ بعضِ القوانين والإجراءات.
- عدمُ كفايةِ ونجاعةِ الإجراءاتِ الخاصة بتسجيل الملكيّة الفكريّة وبراءاتِ الاختراع، ممّا يُصيبُ المُبدِعَ بالإحباط.  
- العُجْبُ والغرورُ (الأنا) وضعفُ الرغبةِ في التغيير وتطويرِ الذات. 

كيفيّةُ تنشيطِ مَلَكاتِ الإبداع :
- مُمارسةُ الرياضةِ وتأمُّلُ الطبيعة.  
- تنميّةُ الخيالِ وتركُ النمطيّةِ والتقليديّة. 
- استخدامُ أدواتِ التكنولوجيا في البحثِ والتخطيطِ والعملِ والحلولِ البديلةِ والعَرْض. 
- تنميةُ قدراتِ المُبادرةِ والتعاونِ وتقبُّلِ النقد. 
- توسيعُ المداركِ بالثقافةِ وتنويعِ المعارف. 
- تعزيزُ الرغبةِ المُتجدِّدةِ في التغييرِ والتطوير.

المُبدعُ والمُجتمع: 
يخوضُ المُبدعُ صراعًا في مجتمعاتنا العربية، وقد عكفوا على تقزيمِ الآخر. نحتاجُ لأن نزرعَ بالوجدانِ الجمعيّ أهميّةَ الإبداعِ والمبدعين، نرومُ اكتشافَ ورعايةَ الموهوبين ولو خالفوا مُعتقداتنا، وذلكَ يكونُ من خلالِ تأهيلِ المُجتمعِ وتوجُّهِ الدولةِ، واِعتناقِ المَحبّة.
حينَ يتمُّ حرمانُ الناسِ من المُشاركة في الحركةَ التطويريةِ والإبداعية، وتُنتَهكُ حقوقُ المُبدعين والمُنتجين في مُختلفِ المجالات، تُهاجرُ مُعظمُ العقولِ المُبدعةِ والمُنتجةِ إلى الخارج، حيثُ تتوافرُ الضماناتِ والحمايةِ الحقوقيةِ والمقوِّماتِ الماديّةِ والمعنويّة.

اِلتزاماتُ المُجتمعِ والدولةِ نحو المبدعين :
- التعريفُ بالإبداعِ وتشجيعُهُ، والعملُ على توفيرِ البيئةِ الصحيّةِ له.
-  توفيرُ مقوِّماتِ الحياةِ الإبداعيّةِ العَصريّة، كحقِ التعرُّفِ على الأنماطِ العلميّةِ الحديثةِ والتكنولوجيا المُعاصرةِ، وتشجيعُ إمكاناتِ الإبداعِ وتوفيرُها في المجالاتِ كافة.
- وضعُ خططٍ شاملةٍ للنهوضِ بالعَمليّةِ الإبداعيّةِ وِفقَ برامِجَ تخصُصيّةٍ مُتنوعة. ومُتابعةُ تنفيذِ تلكَ الخِطَط. 
- تطويرُ أساليبِ العملِ بالمؤسساتِ والمراكزِ المعنيّةِ بالإبداع. 
- تنظيمُ المعارضِ للأفكارِ الإبداعيّة، وإقامةُ المحاضراتِ والندواتِ التثقيفيةِ والتوعوية، وورشِ العملِ لنشرِ ثقافةَ الإبداعِ والمُمارساتِ الإبداعيّة. 
- مُتابعةُ التطوراتِ والمُستجداتِ الإبداعيةِ، والمُشاركةُ بالمحافلِ العالميّة. 
- الحرصُ على تشجيعِ المُبدعين ونشرِ إنجازاتِهم بوسائلِ الإعلام، وتكريمِ جهودِهِم، وتقديمِهم للمُجتمعِ للاستفادةِ منهُم.
مُهمّةُ المُجتمعِ والدولةِ دعمُ  بيئةِ الإبداعِ بمفهومهِ الشامل، وتطويرُها وبناؤها، كي يتمكّنَ الموهوبون من استغلالِ  مواهبِهم وتسخيرِها في خدمةِ الوطن.

حفظَ اللهُ مصرَ ..... اِعتنق_الحُب


كلمة صفاء محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق