الخميس، 28 فبراير 2019

بقلم الدكتور محمد السعيدي

الأنثولوجية المغربية للفنون التشكيلية
"مائة عام من الإبداع التشكيلي المغربي".



يعتبر الكاتب والناقد الأستاذ محمد أديب السلاوي من كبار الكتاب الموسوعيين معروف بتفكيره المضيء، وبعقليته المتفتحة، وأسلوبه المتميز، ساهم/ يساهم مند عقود بدراسات وافرة تجمع بين ألوان من الإبداعات الأدبية والسياسية والفنية، في تماسك علمي، وترابط أدبي وتواصل ثقافي، عز نظيره، تؤلف في مختلف أفانينها فصولا ممتعة عميقة وإضاءات مشرقة ! .

وليس من شك في أن مؤلَّفَهُ المتميز ذا الإشعاع الفني عن التشكيل بالمغرب خلال حقبة مائة عام، يعتبر مرجعا فريدا يثري بما يحتوي عليه من مواد، وما يشتمل عليه من قراءات، وما يؤسس من نظريات، وما يبرز من تيارات تشكيلية إثراءا يعزز مكانته لدى الباحثين الجامعيين و النقاد المتخصصين، والرسامين المبدعين، وآية ذلك أنه يعرض ضمن صفحاته مضامين فنية مُعَمّقَةِ الدلالات التعبيرية، مبرزة أبعادها الإنسانية في أسلوب شيق ولغة شعرية يمتزج فيها الشعر بالتشكيل، في ثنائية تنبثق من ثناياها لوحات أخريات تسمق بالمؤلّفِ إلى إبداع فريد، ونموذج ينبض حياة حافلة بالرموز، قوية فياضة بالمعاني، طافحة بالأفكار على تعددها وتكاملها الإبداعي! .

• السياق الفني للكتاب 

يندرج كتاب “مائة عام من الإبداع التشكيلي بالمغرب” في سياقات ثلاثة:  

أولها: إفتقارالمكتبات الوطنية لهذا الجنس الفني الرائق، ذي الأبعاد الجمالية والمرامي الإنسانية بالقياس لباقي الأجناس الأدبية والعلمية الأخرى.  

ثانيها: نجمه يبزغ في مرحلة بدأ خلالها الوعي الوطني يتسع استيعابه وتذوقه للفنون التشكيلية، اتساعا أملته ظروف ثقافية مزدهرة يعرفها المغرب بمختلف مكوناته، مما حدا بالوزارات المعنية إلى إنشاء مدارس ومعاهد للفنون التشكيلية جَديدة تسهر في نشر ثقافة الإبداع التشكيلي، وترسيخها عند ناشئتنا المتعطشة لهذا الجنس الفني الدقيق، بالإضافة إلى اهتمام بعض مدارسنا الثانوية بمادة الفنون التشكيلية، ودمجها ضمن برامجها التعليمية الرسمية، مع باقي الفنون أقول البعض لأن تعميمها أمر ضروري وملح على غرار ماهو عليه الشأن في باقي الدول المتقدمة أو في طور النمو. 

ثالثها: يأتي هذا المؤلف عند المبدع محمد أديب السلاوي ضمن سلسلة إصداراته عن الفنون التشكيلية الصادرة في المغرب وسوريا والعراق. 

تنصهر هذه السياقات لتفرز حقيقة تتجلى في كون هذا المؤلف نِتاج لأعمال حثيثة تتوسل إرساء أسس ثقافية فنية أصيلة لدى جمهور المتلقين، ترقية لأذواقهم الفنية الجمالية! 

• مباحث الكتاب: 

يتوزع المؤلف بين ستة محاور تترى الواحدة بعد الأخرى في تناسق فني مكين، يتدرج بالقارئ اللبيب من تقديم للأستاذ الباحث عبد الرحمان طنكول، يتطرق خلاله إلى العلاقة المعقدة بين الفن والتداخل الثقافي، مؤكدا مشيدا بمؤلف الكتاب، ذ محمد أديب السلاوي الذي أَهَلّ في الوقت المناسب، باصما حضورا إبداعيا متميزا في ساحة الفن التشكيلي بالمغرب، وفق تسلسل فني رفيع. ينطلق من فحص وتقييم الرسوم التي خلفها الأقدمون على مداخل الكهوف والأحجار والجدران، معرجا على الأنواع المعبرة عن هذه الإبداعات مما طرز على الأثواب أو نقش على السقوف والأبواب.
يأتي بعد هذا التقديم التقييم/ الباب الأول/ اللوحة التشكيلية المغربية/ ملامح النشوء والارتقاء/ والثاني ملامح الوجه الإبداعي للحركة التشكيلية الإبداعية والباب الثالث/الفنون التشكيلية المغربية/ الثقافة والإعلام أية علاقة؟. 

إنها إضاءة فنية ذات أبعاد تاريخية تقرأ بداية ملامح هذا الفن الراقي وتدرجه من رسوم الصياد على شواطئ البحار للوحات الحديثة الزاهية التي يرتوي من روعتها وروائها المتذوقون لجمالها ولابد من الاشارة في هذا السياق إلى أن المؤلف تخصص وواكب مند الاستقلال بحضوره وكتاباته في الصحف الوطنية أغلب المعارض التشكيلية، وله في ذلك عشرات بل المئات من المقالات التوصيفية والتقييمية صالحة لأن تلحق بهذه الأنتولوجية النفيسة / الفريدة لأنها 
تعبر عن تلك المراحل أصدق تعبير، وتعكس تطور الفن التشكيلي في المغرب في مرآة الأعلام الوطني.

• قراءة إحصائية:

 الأنتولوجية تؤرخ ما بين 1910 إلى 2010. 
 بلغت الإحالات خلالها 84.
 المراجع 43 ما بين المجلات والجرائد والكتب. 

 اللوحات 79 لوحة. 

 المؤلف يتكون من 232 صفحة من الحجم الكبير. 
 لوحة الغلاف للفنان التشكيلي بن علال  
 اللوحات من ص 185 إلى ص 232 أي 47 صفحة. 
80 فنانا تشكيليا من مختلف الاتجاهات والمدارس الفنية: 7 إناث و 73 ذكورا. 

 أنتولوجيا وردت فيها أسماء الفنانين التشكيليين حسب الحروف الأبجدية. 

الأنتولوجيا التشكيلية 

لابد من الإشادة بالشكل الفني الرائق، والتبويب المتسق، ونماذج اللوحات المنتقاة المعبرة بألوانها الزاهية، الناطقة بكل ما تحمل من إشراقات لتأتي الأنتولوجية مرآة صادقة شائقة. 

• المنهج النقدي: 

وليس من شك في أن المنهج الذي انتهجه الكاتب في دراساته وصفي تحليلي من حيث مضامينيه ومقارباته لسبر أغوار الأبنية التشكيلية المعبرة عن مدى وعي فنانينا التشكيليين بروح عصرهم وما يحمله من احداث وتقلبات، وما يحبل به من إرهاصات وتطلعات، لأنهم كالشعراء أبناء بيئتهم السياسية والاجتماعية والثقافية.

• التأسيس لقراءة نقدية: 

يمكن القول إجمالا أن محمد أديب السلاوي يكون بكتابه هذا قد أسس لما يمكن اعتباره قراءة نقدية متمكنة من أسرار الفن التشكيلي العربي بتياراته وأجياله وأحاسيسه المختلفة: 

 انطلاقا من فن الأرابسك (الخشب، الزليج،الجبص). 

مرورا بالتشكلات الفنية المرتبطة بالصناعات اليدوية (المطروزات والمخطوطات والديكورات). 

وصولا إلى ملامح تشكيلية حديثة، ذات أبعاد إنسانية في علاقة التطور الطبيعي الذي عرفه الفن التشكيلي العربي مشرقا ومغربا بصنوه الغربي الذي أثرى الساحة التشكيلية العربية بمختلف مدارسه وتياراته التعبيرية.

بقلم محمد السعيدي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق