الجمعة، 17 يناير 2020

الشاعر محمد احمد إسماعيل

اثنانِ في جنازتي
كلاهما مشى خلفي متسعَ الأحداقْ
الموتُ.. والعراق

مُغرَّبًا كنتُ.. عن شمسِ جيكورَ
وعن وجهِ وَفيقة
شباكُها العالي تركته
هناك في الحديقة
معلقٌ به قلبي كعقربِ الأيامْ
يدقُّ..
كلَّما دقَّتْ عظامي صخرةُ الآلامْ
"يهتف بي أن أكتب القصيدة
فأكتبُ ما في دمي وأشطبُ
حتي تلين الفكرة العنيدة"*
فأمضغ الكلام حصرمًا
أنزِعُه من شجرِ الأحلامْ
ـــــ
غادرتُ جسدي
وجئتُ.. يا عراق
متشحًا بالمِلح.. والدموعْ
في كلِّ حلمٍ أركبُ الحصانْ
فيُفتحُ البابُ.. إلى المنفَى
ويحرقُ الطريقُ للرجوعْ
ويستحثُّ المظلمون مقلتَيَّ
لأعصرَ الضياء
فيفلتُ الخليجُ من دمي
وتدخل الغربانُ رئتيَّ
وتأكلُ القمحَ الذي..
تركتُه لصبيتي الذين
لا يجيئونَ..
وترفضُ الطلوعْ
"وكل عام - حين يعشب الثرى – نجوع
ما مر عام...
والعراق ليس فيه جوعْ "*
....
الغرباءُ..
لا يجيئون فُرادَى
وليس لي قلبٌ تعلَّمَ الأسماءَ كلَّها
حتى أردَّهُم بلغةِ المحبينَ
فيحفظوا.. لساني
فكيف أُهرِقُ الماءَ الفُراتيَّ
على أكفِّهم
ولا يَرَونَ فيه روحي
تفورُ كالحِساءِ في قدورِ الفقراءْ
وكيف أُشعلُ القنديلَ في نزوتِهم
ولا يُعاينونَ اللغةَ الصلعاءَ
في فتيلهِ ..
تَذُبُّ عن كِياني
وكيف أبلغُ البصرةَ
والعكازُ قد تركتُه لوطني
ليحرسَ الأشباحَ..
في فجيعةِ البستانْ
ـــــــــــ

من قصيدة (أحزان السَّيَّابِ السبعة)
القاهرة 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق