الأحد، 28 فبراير 2021

جميلة محمد الحاضي

 النقد الأدبي المغربي وإثبات الذات :

أصبح  لزاما على رواد الأدب المغربي رفع مستوى  ووثيرة أدائهم لمواكبة مسارات الأدب الكوني .في محاولة مستميتة للحاق بمستوى النقد الأدبي عربيا،إفريقيا  وعالميا وذلك عبر تشجيع الجامعة المغربية على الإنفتاح على محيطها السوسيوثقافي وكذا  استغلال انفتاحها  على النظريات والمعارف الحديثة وتطوير مناهجها الأدبية والثقافية  مستفيذة من ترجمة أصول النقد الحديث بمختلف مدارسه وتياراته وفلسفاته وتصوراته في بحث مستمر عن الإختلاف والتميز والتفرد للهوية الثقافية للانسان المغربي  ..بحيث يسهم خريجوها ببصم التحولات الراهنة للنقد الأدبي المغربي الذي نهل وينهل  من المتغييرات المجتمعية و بشكل قوي مما تشهده الساحة الثقافية من كثافة في الإنتاج الإبداعي من كتابة وتأليف في حقلي  العلوم الإنسانية والاجتماعية واللسانيات وما أمدتهما به الطفرة التكنولوجية المعلوماتية والعولماتية  من ثراء وتنوع في الرؤى والقراءات والخطابات وكيف أسهمت في رفع  وثيرة المرحلة مسرعة  الأحداث والمستجدات التي بدورها أثرت كثيرا  على سرعة تغيير  الميول و التوجهات والمسارات .


لقد راكم النقد الأدبي المغربي منذ نشأته  مجموعة محاولات و تجارب محاكيا الحركة الأدبية والنقدية بالمشرق والمهجر فحذى حذو "المدرسة الجديدة" في النقد العربي المبنية على مبادئ الاتجاه الرومانسي الذاتي التعبيري والتأثري والحدسي وكذا التوجه  الكلاسيكي الجديد بأسلوبه  التحليلي الوضعي العقلاني للموروث الادبي المغربي. إلا أن ندرة  التأليف والكتابة والإبداع وقلة الاصدارات  في النقد المغربي وقتها فرضت إيقاعا أكثر سرعة  في محاولته  اللحاق بركب النقد بالمشرق العربي مما يفسر تلك الإزدواجية في   الرؤى والمناهج والأدوار وكذا الأهذاف. فتتضح المفارقة بين النقد الأدبي والتاريخي الحضاري والبحث الأكاديمي.


 فالناقد عموما  في مضمار بحثه مضطر للمزج بين مجالي العلوم الإنسانية وعلوم التأويل كمناهج تحليل  معتمدا على المرجعية الكامنة كخلفية لقراءة تعتمد البحث والانتقاء والتوليف والتأويل. .. سمات "المدرسة ألجديدة التي تشبعت بالفكر   الليبرالي كمرجعية  والتي تجوزت مطلع  السبعينيات على المستوى العربي والمغربي فقد تبنى النقد الأدبي لهذه المرحلة  التكامل المعرفي وأسلوب التحيليل والتأويل  المبني على نهج الأسئلة المعرفية و ألحوارية لفهم كنه وخصوصيات البنيات الفكرية والإديولوجية الليبرالية او التقدمية او الوجودية  وأدوات إشتغالها والمقولات التي تحكمها والثوابت التي تنظمها.


أهم محطات النقد الأدبي المغربي 


سيعرف النقد الأدبي بالمغرب محطات إنتقالية أساسية عبر مراحل تطوره المتعاقبة من حيث أطوار تشكله المتقاطعة .


كانت الولادة بين العشرينيات ونهاية الخمسينيات وإتسمت بالظهور الحديث لفنون  القصة والرواية والمسرح  وبنزعة نمطية خاصة في استقراء الإبداعات الشعرية المغربية ووضعت قراءات النقاد لدواوين الشعر الصادرة أنداك قيد التمحيص والتحليل والتأويل كما إزداد الاهتمام  بالرواية الاروبية كنموذج .مما اجج السجال بين أدباء ومثقفي المرحلة حول "هوية الأدب المغربي "وذلك  بسبب  اختلاف خلفيتهم الثقافية بين الكلاسيكية التقليدية التي تعنى بالموروث وبين خلفية التيار الحداثي الذي ينهل من الأدب المشرقي -الغربي عبر الترجمة والإقتباس وقد تغدت هذه المناظرات  "المواجهات والصدمات الفكرية" على التباين النابع من الرؤية الإنطباعية التي هيمنت على مرحلة التأسيس للمقال النقدي الذي يمنح الصبغة الشرعية والجمالية الفنية للنص الأذدبي وكذا يستخرج سمات تميزه وتفرده ورموز تحديد هويته.


و بذلك سيشهد الادب المغربي بدايته الأولى التي سوف تمييزه وتؤسس لبعض خصوصياته المتسمة بتنوع اسلوبه وموضوعاته وإطاره النظري الفكري والمنهجي  المتفاعل مع محيطه العربي والافريقي -المنفتح على الغربي الفرونكوفوني والإسباني (التوربادور) والمشرقي المنفتح على الأدب الأنجلوساكسوني  والأدب العالمي  بما تجمع لديه من سيل الدراسات و "العلوم"التي تغنيه ....فتجعله يقدم الناقد بمثابة  قارئ يمتلك ثقافة آدبية واسعة و ذوقا فريدا ورؤية  راقية ومثقفة وتجربة وحنكة ورصانة تمكنه من أدوات قراءة الأعمال الأدبية بحيث يستطيع  تفحصها وسبر كنهها  وتحليل الأعمال الإبداعية المتنوعة  قصة ورواية وشعر ومسرح  محددا مقومات المادة الابداعية و"وظائف هذه الاخيرة وكذا أهم القيم والمبادئ ألرمزية" والدلالية   والخصائص المستلهمة من نصوصها كتصنيفها و جنسها الأدبي بالإرتكاز المكثف على الواقع المحيط والإيديولوجيات السائدة  بين السطور و التي تمثل مدرسة  و خلفية الآديب الفكرية وحالته النفسية وميوله اللاهوتية  ومدى تأثره بالوضعية السياسية والتاريخية  للمرحلة ومدى تأثير كل ذلك في الاوضاع المتزامنة معها مغربيا وعربيا.. فالأدب مرآة للواقع والحياة. يحمل رسائل اجتماعية وإيديولوجية وخطابات تحررية وثورية  تارة ليبرالية وتارة اشتراكية شيوعية وتارة  دينية عند البعض الاخر,


الشيء الذي يفسر اعتماد بعض الادباء على المنهج البنيوي الجدلي والإجرائي ,الوجودي –الماركسي او الليبرالي  الشئ الذي مثل مخاضا لمرحلة الحداثة والتجريب التي ميزت حقبة امتدت من اوخر السبعينات( حوالي نصف قرن)


لن يتوقف النقد الأدبي المغربي عند حدود القراءة التقليدية للنصوص بل سوف يستنطق الدلالة اللغوية المعرفية والفكرية والنفسية و الاجتماعية والتاريخية  لها. ليتجه نحو استخراج  ألمبادئ الشعرية والسيميلوجية التي تشكل الخطابات الأدبية و تنظمها وتفسر تداولها وتلقيها وتحولاتها   الأكاديمية ليبني" نسقا معرفيا متكاملا شاملا ""ويستشعر الخصوصية والتميز في رمزية المنظومة الادبية المغربية.فيتيح للأديب المغربي الامكانية لإعادة  اكتشاف ذاته من حيث هو ظاهرة  لغوية مندمجة (نتاج تزواج وتمازج وانصهار المؤثرات والسمات الامازيغيةوالعربية والافريقية والفرونكوفونية والاسبانية ) متعددة الدلالة وذات خلفية ثقافية غنية ومتداخلة  تاريخيا في المنبع والأبعاد مما ينعكس على بنية النص الادبي اللغوية. هذا التوجه النقدي له اساليبه ومناهجه  التحليلية والتي تبقى نتائجها نسبية بالنظر لأثارها وأبعادها  المتوقعة.


 إن التجريب في النقد المغربي والعربي بمثابة تطور حتمي تلقائي  متواصل عاقل وواع هذفه الاكتشاف المتجدد للذات عبر كل مظاهر وتلاوين  الابداع الادبي والفني في ظل   الثورة  التكنولوحية وما افرزته من أنماط جديدة للابداع (أدب المواقع او  الأنترنيت)..ستساهم حتما في إعادة تشكيل وبناء شخصية وهوية النقد الأدبي المغربي .(سلبا وإيجابا..) على الخصوص والادب العربي والافريقي والعالمي ..عموما ..


جميلة محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق