الأحد، 7 فبراير 2021

عبد الملك ابو الانوار

 عن المجموعة القصصية: ديوان الألم لأحمد شكر يقول الأستاذ أحمد بوزفور :



كأن الكتابة بينيلوب: تنسج وتفسخ، تَعقـل وتحُل، والضفتان معا فى نهرها الجارى يجريان معها.. فيها الحياة بفتنتها وحيويتها ومرحها ونزقها ورقصها ونشوتها… على سطح ماء النهر تلعب، والموتُ يرسُبُ فى قاع النهر ويَتَغَرٌيَن، هو خصبُ الحياةَ… سـمادُها ونُسٌغها، هو حياتُها، يعيشان معا، ويموتان معا، الموت أيضا يموت:

جاء فى الأثر: أنه حين تنتهى هذه الحياةُ الدنيا، يُنادَى بين الجنة والنار: أين الموت؟ فيؤتَى بالموت ككبش فيذبح على سور الأعراف، ثم يُنادى: يا أهل الجنة، يا أهل النار، لا موتَ بعد اليوم.

أحمد القديم، حكيم الشعراء، كان يَحدسُ هذا، لذلك صرخ بالأمس: (أماتَ الموتُ؟) وأحمد الجديد، جكيم القصاصين، يحدسُ هذا أيضا، لذلك تسأل البنتُ فى قصته أمَّها : ( أَشْ هذا؟).

هذا غطاء يا ابنتى، نُغطى به الحياة البردانة، ونسميه: الموت.

مجموعة (أجرى بين ضفتين كنهر) تسجيل للألم الانسانى إما ببعثه من جديد إذا نُسي، أو بدفنه فى تماثيل أثرية لغوية: فى قصة (حفل) يُرمم الناس قلعة تتهاوى فيسمع السارد، ويُسمعنا، أنين الحجر القديم تقول القصة: «شيء كانبعاث حياة من أعماق سحيقة هذا الصوت المجروح البُحّة، الذى حلّق فى المكان بخشوع طُقوسي، من حرك مواجعَ رابضة هنا منذ مئات السنين؟ «.

فى قصة (مقاصل): كاتبة تكتب روايتها عن الجوع والطاعون والاستعمار فى أوائل القرن الماضى، فىقصة (خَصـيّ) : سادية الأطفال التى تخلق مازوشية الرجال.

قصة (حياة كاملة) تنتهى بهذه الكلمات»… رمت بالذاكرة المثقلة وسط الخطوط كمن يطمر رضيعا غيرَ مُرَحَّبــ به على عجل… وينسحب خائفا متعجلا».

فى قصة (اسألوا ليلى): تهيمن على الجو طيور سوداء كثيرة وكثيفة، تتساءل القصة: «هل جاءت هذه الطيور لتمسح الوحدة بمفاصل رجل ستيني رحل عنه الجميع؟ هل جاءت لتُصَبّـر عمالَ المطبعة المُفلسة؟…».

لماذا جاءت هذه الطيور؟ يقول لنا الكاتب: (اسألوا ليلى)، وليلى باب موارب لا يفتحه الكاتب ولا يغلقُه، فلنتركه أمام القراء مواربا ولنقل: ان الكتابةَ ديوان الألم، سجل يحفظ فيه الكّتَّابُ الألم البشري ليبعثوه فى نفوس القراء مع كل قراءة، وليُذَكروا به الناسين والمتناسين.



عبد الملك أبو الأنوار 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق