الأحد، 28 فبراير 2021

خالد مشبال

 عصر العلامات والإشارات


التجارب المبكرة للنوع الإنساني على كوكبنا، غالبا ما يضعها علماء الآثار وغيرهم من الخبراء، في  إطار عصور وحقب مختلفة، مثل : العصر القديم، الوسيط ، الحجري، أو البرونزي و الحديدي..

وكل هذه التحقيبات، تشير إلى فترات زمنية بعضها قصير، والبعض الآخر امتد لعدة قرون، وتمكن خلالها الإنسان القديم من صناعة الأدوات باستخدام المعادن المختلفة، أو تطوير تقنيات متباينة لحل مشكلاته، وانتاج طعامه، وصناعة أسلحته.. وهذه الفترات   بتقسيماتها العديدة ( العصر الحجري القديم،  العصر الحجري الوسيط، العصر الحجري الحديث ..)  تساعد دون شك ، في تتبع تطور صناعة الاداة ، أو الالة وتقنيتها ، لكنها تعجز تماما عن القاء الضوء على جانب أكثر أهمية من جوانب الوجود الانساني، وقدرته على الاتصال.

ولملامسة هذا الجانب، اتجهت مجموعة من الأبحاث الى دراسة التطور الانساني، عبر تحديد سلسلة من العصور، تحققت فيها قفزات نوعية بالنسبة لقدرة الانسان على تبادل وتسجيل واستعادة ونشر المعلومات.. أي أنها اتجهت الى تفسير قصة الوجود الانساني من خلال المراحل المتميزة لتطور الاتصال ووسائله، فكانت لكل مرحلة نتائج عميقة، سواء بالنسبة لحياة الأفراد أو الحياة الاجتماعية بشكل عام.

وهكذا ،نجد في هذه البحوث توصيفات وتحديدات لعصر العلامات والاشارات، عصر التخاطب واللغة، عصر الكتابة ( الكتابة التصويرية أولا، ثم الكتابة على أساس النطق )، عصر الطباعة، ثم عصر الاعلام ، الذي نعيش الان على ايقاع مبتكراته ومستجداته المتواترة، والذي انطلق في القرن الماضي بالتطور المتصاعد لوسائل الاعلام والاتصال ، كما تطورت العلوم الانسانية التي تخرج من مدارسها المختلفة، علماء الاجتماع ، وخبراء علم النفس وأخصائيو الاتصال.. الى التخصص بالبحث في هذا المجال، لدراسة وتقييم طبيعة تأثير الاعلام على الأفراد والمجتمع.

وإذا كان بعض الدارسين الأنجلوساكسونيين يترصدون بداية السجالات العلمية في هذا المضمار، منذ ظهور العدد الأول من ( صحيفة البنس) في شوارع نيويورك سنة 1834،  فإن الجدل مازال مستمرا، وربما ازداد حدة حتى يومنا هذا ، فيما يتعلق بدور الجريدة، والراديو، والكتاب، والتلفزيون، والفيديو، والسينما ، والمجلة، وكل وسائل الاتصال الجماهيري إزاء مختلف قضايا هذا العصر.  



خالد مشبال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق