الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

جميلة محمد

ما اجمل اليوم ..بشروقه   وما ابهى نور الشمس بعروقي ..يمحو وجع ليل طويل  بالارق... 
سالها هل انت سعيدة ؟
قالت مبتسمة وما السعادة ؟
هلا حدثتني عن ماهيتها ؟
قال السعادة ..اموال وجواهر وسيارات فارهة وقصور فاخرة و  ليال ساحرة بين الجميلات ..والحريات وصغب موسيقى واضواء و عطور  ...حياة  كاملة .. 
ابتسمت ثانية وقالت ..يا صاح ...انك مخطيء   ..كثيرا ..
فلكي تكون سعيدا عليك ان تكون ادركت قيمة اللحظة التالية التي يسمح لك ان تعيشها وتلك  الفرصة الذهبية هي  السعادة ..عينها ..هبك  بقسم العناية المركزة ،مربوط لالات تراقب دقات قلبك وضغظك وتنفسك  ..وانت راقد ..مستلق هناك ..على ذلك السرير  الذي تعرفه جيدا ..قد كان اخر مكان يراوحه عدد كبير من البشر ..انت اليوم مستلق عليه وحولك اصوات  الالات الهادرة ..تتتبع نبضك .. وانت كالغارق في يم....نعم في مكان سحيق ..حتى لست متاكدا من انهم يسمعون صوتك ..يبربطك بالدنيا وخزة الادرينالين بقلبك كما لو انها سكاكين تمزق صمامته لتمر . ..برهة من الوقت تستعيد ادراكك لما يجري حولك ..نعم انا بالعناية المركزة ..وانا على وشك مغادرة هذه الدنيا ...ترى من يهتم بابنائي ...وهل اموت فعلا ...هذا وارد في كل لحظة ..لماذا لن اموت؟ بما اختلف انا عن باقي الذين غادروا من هنا، من هذا المكان بالضبط ،وهذا السرير نفسه   الذي كان نعشا مغريا للكثير من العابرين الى الجهة الاخرى ....ترى هل ذهبوا للجنة ام للنار ... وهل انا من اهل هذه ام تلك ..
انا لم اظلم احدا ولم اسرق ولم اغتب ولم ....وصليت كثيرا ..لا.و.كذلك  تكاسلت كثيرا  بين الفينة والاخرى ..لكني كنت دوما قريبة من الله . لم يغب عني ولم اتوانى عن ذكره وحمده  وشكره...دخلت امي . ..خائفة مرتعبة ..لكنها تقول عكس ما تحس ..لتشد ازري ..لكني اتاملها لاول مرة ..بعمق واعاتب نفسي كيف لم اعانقها كفاية وكيف لم اشبع من حنانها ..وهل حان وقت وداعها ..تجلس قبالتي وهي تقول :لالا ..نوضي ..واش عجبتك النعسة ...هنا ولادك كيتسناوك....
ابتسمت ..قائلة ..محال ..واقيلا غادي نخلي ليك كل 
شي ..
تصنعت ضحكة بريئة وهي تقول ...علاش اختي ..تخليهم لي انا عندي عقد مفتوح ...وانت الي عندك عقد محدد ..نوضي  تقابلي ولادك .. .
ضحك قلبي ...كانت امي تحسن المزاح حتى في اتعس اللحظات .. 
ثم قالت وهي تخزرني بعينيها المحبتين : شي وحدة غادي تموت وما عندها حتى بيجامة بسروال ..كل بيجامتك   شرط ..لقيت غي القفاطن الي بالكمام عندك 
واش نجيبلك تكشيطة تلبسيها هنا في المشفى ..هه
ضحكت ..
فعلا من كثرة الحر لم اكن لااطيق الملابس المغلقة داخل البيت ..وعندما وقعت مغشى علي كنت ارتدي بيجامة شرط ..وعندما بحثوا عن سروال للبيجامة ..لم يجدوا ..الا بنطالات ..   .ضحكت .. وضحكت وامسكت بيدي وقالت ..توgضي ...
خرجت امي ...وصوت سكوب يرن براسي ..
الطبيبة الجميلة لم تكن لتبتعد عني .. وضعت الة التنفس على مقربة و عدة الانعاش و ..
كانت دقات قلبي لا تتعد ى منذ 3ايام 38 د  وتنزل مرات ..اكثر منذلك وضغطي كلما جاء وقت تغيير الحقنة واعادة ملئها ينزل للصفر ... دخلت صديقتي فاطمة السوسية  الاتية من الجديدة لزيارتي. بمجرد ان وقفت امام سريري  رايت  نارا كثيفة ..كانت الممرضة السعدية تغيير حقنة الادرينالين ربما دفعت كمية كبير ..وربماىتاخرت بوضع الحقنة مكانها . غيبت  عن الوعي  وسمعت من بعمق بعيد  زملائي والمنعشين وطبيب التخدير الكل حولي كنت احس اياديهم   " يدر" و" جاكي "  و"السعدية" والدكتور المدني .. على صدري ومحاولتهم استعادة نبضي . وجاكي يقلب السرير  لترتفع مقدمته  ويقول اتوني بالصادم الكهربائي ..واسمع بكاء صديقتي فاطمة .. وهي تردد بصوت باك ..اختي جميلة مشات ...مشات ..ياتني كالصدى  من بعيد على مسافات .. ضوئية . ..وانا سابحة بعيدا في الملكوت ..
 .
لا ادري كم مر من الوقت ..عندما فتحت عيني مرة اخرى ..لم اصدق ..انا فعلا حية ....واتنفس  . ولم امت بعد ...الله ...لك الحمد والشكر .. هذه الفرصة هي السعادة بعينها .. نعم . في ذلك المخاض العسير ..في رحلة الصراع المرير بين الحياة والموت ..تنتصر بقلبك الرغبة بالحياة .. تدرك قيمة الهنيهة واللحظة وتعرف قيمة زمنك العمري الذي كثيرا مانضييعه في ثفاهات لا تغني .. 
اللحظة التالية من عمرك  يا صاح ..هي فرصةاخرى لتستمتع بهبة  الحياة . بجمالها باهلها واحبائك ..ابناءك اخوانك اصدقائك اشياؤك  التافهة الغالية على قلبك ..فنجان قهوتك ..و زهرة ذابلة بكتاب .l'avare لصاحبه موليبر و اسم  حبيبك ..على كتاب le figaro  لبومارشي ..و رسائل . عشق لم تفتح منذ سنوات   هي رصيدك في هذه الحياة وقبلة  اب  قاسي القلب اختار دوما الابتعاد و لهفة ام رؤم ..لم تتخلى عنك ودعمتك بكل حبها ..لتجعل منك ما انت عليه.  قد لا يرقى لطموحك ..لكنه انت ..
السعادة هنا ان تقدر ما بين يديك وان لا تترك اللحظة تضيع منك ...في ..البكاء على الماضي والخوف من المستقبل ..لان اقصى ما يمكن للمستقبل ان يحمله لك هو اجلك ..بعد كيل من الاماني ..بعد الاهذاف الكبيرة والصغيرة ..هناك  اخر ...لهذه   الرحلة ..هناك تنتهي سعادتك وتبتديء سعادة اخرى ..مرتبطة بما قدمت وبرحمة الله عز وجل  و بمدى رغبتك انت ..  وتمسكك بها...

جميلة محمد ...
..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق