الأحد، 21 يناير 2018

بقلم والوان الدكتور خالد سليمان

قل : هو موقّر ، ولا تقل : هو محترم
************************************************
(لا توجد كلمة في اللغة العربية اسمها (محترم) ؛ لأنه لا يوجد فعل اسمه (احترم) ،
بهذه الكلمات منّي لمدير ما في دولة ما في قارة ما ، دوّت صرخة منه عالية مصحوبة بصراخ مفاجئ ينتابه خفض ثمّ ارتفاع مصاحب بعبوس عجيب على وجه عابس أصلا صارخا :
أنت بتقول إيه ؟؟ تعالوا يا أساتذة شوفوا كلام الأستاذ ،
تعالي يا أبلة نوال شوفي البيه المحترم بيقول إيه ؟؟
فقلت له ضاحكا : المعلم الموقّر وليس الأستاذ المحترم ، وأكمل صارخا : كفاية الإنفلونزا اللي عندي هتموتني .
والتفّ الجميع حولي كلصّ ضبط متلبسا بسرقة سوار أنيق من الذهب ، خلع نظارته التي تشبه أكواب جدتي الحبيبة ، ودخل مجموعة من ماسحي الجوخ خريجي أكاديمية النفاق والمداهنة دون علم بالموضوع ، وقالوا : يا أستاذ خالد خِفْ علينا شوية النبي عربي ،
فضحكت ، وقلت : نحتكم للغة العربية ،
وجاءت المعلمة نوال ؛ ليفاجئها المدير بقوله : تعالي اسمعي بقى لي خمسة وخمسون عاما وجاي البيه المحترم ، فقاطعته وقلت : المعلم الموقّر ، وأكمل موشحه غير آبه بمقاطعتي ،
وهنا قالت المعلمة : جرى إيه يا أستاذ خالد ، فضحكت أكثر وجلست بهدوئي ، وأنا أخفي جبلا من النار في صدري تحبسه ابتسامتي .
وقلت معلمي الكريم : اللغة العربية لا تعرف كلمة اسمها (احترام) بل توقير وتقدير وتعظيم وتبجيل ، فقاطعني المدير قائلا : وجت لنا منين بقى احترام دي ؟؟ فقلت : اللغة التركية وكلمات أخرى مثل كلمة (أبلة) ومعناها الأخت الكبيرة ،
وهنا قلت : أمامكم معاجم اللغة العربية ، فأروني كلمة (احترام) بعيدا عن المعجم الوجيز الذي تجاهل مفردات أصيلة وأتى بكلمات مستحدثة ليست أصيلة في اللغة .
فليس معنى شيوع كلمة على الألسنة أنّها عربية أصيلة ، وقلت : يقول الله عزّ وجلّ عن نبيّنا (وتعزروه وتوقّروه) وقول نبينا – صلّى الله عليه وسلّم : ( ليس منا من لم يوقّر كبيرنا ) ، وهنا ساد صمت عجيب ،
وقلت استخدموا لغتنا العربية أحسن ، فابتسموا ، وأضفت قائلا : هل تعلم أنّ كلمة الإنفلونزا أصلها من لغتنا العربية ؟ فقال بعضهم : نعم ؟؟؟؟؟؟ ، يمكن جاية من كلمة : فلنز ،
فقلت : لا طبعا ، من المعروف أن العنزة في الشتاء يكون أنفها رطبا بالمخاط ، وحينما يصاب أحدهم برشح يقولون : أصيب فلان بداء أنف العنزة ، فأخذها غيرنا ولعدم وجود حرف العين لديهم صارت أنفُ العنزة : أنفلونزا ، وهنا صاح هذا المدير صارخا وقال : كأنك تقصد يعني أذهب للطبيب البيطري للعلاج ؟
فضحكنا جميعا وقلت : لا طبعا أنت أعزّ وأكرم معلمنا الفاضل .
فاعتزّوا بلغتنا العربية لغة القرآن ، وأنا من هنا سأصوّب ما استطعت حسب علمي ، ولتتسع صدوركم لي ، وأحيوا مفردات ماتت وحلّ محلّها كلمات أجنبيّة ، كما تحيون السنن النبوية ؛ أحيوا كلمات تموت وأخرى تلفظ أنفاسها ، وأعدكم بأن أقصّ كلّ طريف عشته ، اللهم اجعلنا من المعتزّين بلغة القرآن الكريم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق