إسبازيا**
أحمد الحمد المندلاوي
قصة قصيرة جداً
# تصفه دائماً بقولها اللاذع:
- إنّك لا تصلح أن تكون صاحب أسرة لعدم اهتمامك بنا ..صحيح إنك توفّر لنا البُرَّ بكميات كبيرة تكفي للحول كاملاً ،و الزيت.. ولكن ليست الحياة تدوم بالخبز فقط؛ نحن نحتاجك معاً..الأولاد يبغون أباهم،الحنان،التربية..
بعد هذا الكلام اللاذع؛و الصمت المهذّب مخيّم على كلا الطرفين(الزوج والزوجة)..نظرت اليه بوقار ،واصلت شجونها قائلة:
- أ ليس كذلك يا أستاذ؟؟..
كان أكثر أوقاته في مطالعة الكتب والمناقشة والبحث عن أصدقاء جدد بنفس الإتجاه أو حتى الإتجاه المعاكس،قد يتناول طعامه و هو واقف أو بيده كتاب ،أو قصاصة ورق مكتوبة،أو مفردات فلسفية ؛أو عرفانية ..حتى أنّه يقرأ اللافتات على الجدران،يعشق المطالعة،بل أحياناً يتحدث مع زوجته و هو يطالع قائلاً لها:
- إنّي منتبه اليكِ يا عزيزتي.. تحدّثي.
و تصدّ عنه أحياناً و لكن بوقار تام؛ لهذا التصرف و اللامبالاة بها.
و تحادث نفسها:
- و لكن ما العمل؟ أنا أحبُّه كثيراً و هو إنسانٌ نبيلٌ جداً؛..و لم أر رجلاً غيره في حياتي ..ثم إتكأت على عمود الباحة لتواصل حديثها المختلس مع نفسها:
- و كم أتمنى أن أكون كتاباً بين يديه لأتمتع أكثر بكيانه الحكمي؛ثم ترتوي روحي من أخاديد وجهه الرزين كما ترتوي الأزاهير من ماء جدول فضي رقراق..بنفس العنفوان كما كنّا في صبانا؛نركض وراء فراشات الربيع في حقلنا جدنا!!..
إفترقا بعد هنيهة كلٌّ الى خصوصياته في المنزل أو خارجه..قد يتكرر هذا المشهد على الأقل في اليوم مرّة واحدة, هذا ديدنهم..رغم الدندنات اليومية لكنها اجمل من حياة ساكني القصور الفارهة اشبه بتوابيت الفراعنة في أهرامات الجيزة..
ولكنه راودته همهمات قلبية بلا صدى،و بلا حروف.لكنّها ناطقة برقّة لطيفة لتقول:
- أ إنّها ئيسبازيا الحكيمة ؟..بل إنّها حقّاً ئيسبازيا!!جاءت لتعلمني أشياء أغفل عنها دائماً.و لكن أنا لستُ بـ (سقراط الحكيم) ؟؟..
احمد الحمد المندلاوي..كتبت بتاريخ 2012/1/26م -مندلي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** إيسبازيا:استاذة الخطابة إذ تعلم سقراط الفيلسوف منها..وافلاطون يذكر ذلك في محادثات سقراط..إذن عاشت في زمن سقراط .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق