السبت، 27 يوليو 2019

بقلم الآديب محمد أديب السلاوي

متى يلتحق العالم العربي بعصر العولمة...

                                            1

العالم العربي يحتضن اليوم حوالي 300 مليون نسمة، يتربع على 14 مليون كلم مربع، يتوفر على مجموعة هامة من التروات المعدنية والاستراتيجية، منها البترول والغاز والحديد والذهب  والفوسفاط والفلاحة والصيد البحري، مع ذلك يعيش باستمرار ازمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية ،بسبب فشل السياسات المتحكمة في التنمية والاقتصاد والتعليم والبحث العلمي، والتي تغيب المواطن العربي عن الفعل الديمقراطي وتهمش الطاقات الابداعية والابتكارية والثقافية.

في ظل هذه السياسات  تواجه المجتمعات العربية تحديات كبيرة بسبب الاخفاقات المتوالية في التنمية البشرية والمستدامة.

تقول الدراسات المتوفرة عن هذا الموضوع، ان المنطقة العربية،لم تتمكن من توظيف الاوضاع العالمية الجديدة لتحقيق اهدافها على صعيد التنمية والتصنيع، مع انها مضطرة الى الالتزام بسياسات المجموعات الاقتصادية الكبرى التي تقود الخريطة الدولية.

وحيت  ان المنطقة العربية فشلت في توفير الشروط الملائمة للاندماج الاقتصادي في الاوضاع الدولية، تراجعت ديناميتها الانتاجية  وخسرت جاذبيتها وموقعها في الاقتصاد الدولي.

تقول هذه الدراسات: ان الصادرات العربية لم تعد تمتل مجتمعة سوى 5% من مجمل الصادرات العالمية بعدما كانت تزيد على  12.5%  قبل عقدين من الزمن،اضافة الى تراجع الناتج القومي العربي اكتر من 41% من مجموع الناتج العالمي، وفقدان الاقتصاد العربي قدرته على استيعاب البطالة المتراكمة على كل القطاعات، وهو ما يصيب التنمية بالجمود في ظل العولمة.

                                        2

يقول العديد من الخبراء المختصين، ان الدخول الى عصر العولمة اصبح خيارا لا رجعة فيه، ومن يتخلف عنه يفوته القطار، ويصبح مهمشا وربما يخرج من التاريخ، لان رياح التغييروالاصلاح والتحديت والعولمة ستدخل المجتمعات ليس من ابوابها الخلفية، وانما من اوسع ابوابها.

العولمة لم تعد مفهوما ،بل اصبحت نمط حياة سائدا في اقتصاديات الدول الكبرى والصغرى،تتمتل في النمو المتزايد في العلاقات التجارية بين الدول، في دمج الاقتصاديات المحلية في الاسواق الدولية المختلفة وفي زيادة عمق  العلاقات التي تربط بين الاطراف الدولية، وهو ما ساعد على بناء نظام اقتصادي دولي، اكتر اندماجا مع الحداتة وادواتها ومستجداتها العلمية والرقمية والثقافية.

 في هذا الاطار برزت للعولمة تعريفات فلسفية عديدة.
*عرفها رونالد روبيرتسون، بانها اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم  وزيادة  وعي افراد ومجتمعات بهذا الانكماش.
*وعرفها انتوني غيدفيز، بانها مرحلة جديدة من مراحل بروز وتطور الحداتة، تتكيف فيها العلاقات الاجتماعية على الصعيد العالمي ،حيت يحدت تلاحم غير قابل للفصل بين الداخل والخارج، يتم فيها ربط المحلي  بالعالمي، بروابط اقتصادية وثقافية وانسانية.
*ويذهب اخرون في تعريفها، بانها القوى التي لا يمكن السيطرة عليها كالاسواق الحرةالعالمية، والشركات المتعددة الجنسيات التي ليس لها ولاء لاية دولة قومية.

وفي نظر علماء الاقتصاد ان تلاتة مجموعات دولية هي التي اوجدت العولمة، وهي التي تقودها
*دول المركز المسيرة لمنظومة العولمة، المسؤولة عن رسم توجهاتها الاساسية.
*الدول القادرة على الاندماج في صنع القرار الاقتصادي الدولي.
*البلدان الغير مهيأة للاندماج، الواقعة على هامش الاقتصاد الدولي.

يعني ذلك ان العولمة اصبحت اطارا يحاكي جملة من التحولات التي يشهدها العالم ،والتي يعاد من خلالها اعادة تشكيل الخريطة العالمية بسائر تضاريسها وابعادها

                                             3

. من خلال هذه التعريفات السريعة تبدو العولمة الية ضخمة تجسد بقيمها والياتها نظام هيمنة اكثر شمولا وقسوة من كل ما عرفته البشرية  في السابق، لذلك تحمل معها في نظر العديد من الخبراء المختصين، مخاطر التركيز الهائل للتروة المادية والعلمية والثقافية في ايدي فئة قليلة من سكان العالم الدين  يتوافر لديهم  القدرات والمواقع و الاليات اللازمة للتحكم والهيمنة.

تسعى العولمة بهذه الصفة، اخضاع جميع المجتمعات لنمط اقتصادي واحد، موحد عالميا، بقيم تفكير واحدة، باسواق واحدة، براسمال عالمي واحد، وهوما يجعل العالم امام مرحلة جديدة  ونوعية مختلفة عما كان في القرن الماضي.

في راي العديدمن العلماء والمثقفين، ان هذه المرحلة من تاريخ البشرية التي جاءتنا بالعولمة ،لا يمكن فهمها الا انها استمرار للمرحلة الامبريالية السابقة، بما فيها من علاقات هيمنة وصراعات سياسية واقتصادية دولية.، الا انها تتكئ في الزمن الراهن  على التورة العلمية، لذلك يغدو الاعتراف بها شرطا ضروريا واساسيا، بصرف النظر عن المستفيد من هذه التورة وتمارها.

                                       4

في زمن العولمة بات العالم العربي  بما يعانيه من تخلف وفساد وتهميش ، بات ساحة مستجابة للتراجع، وهو ما يعني حاجته الى جهود كبيرة للاصلاح والتحديت، تتجاوز الاطر التقليدية الراكدة،للدخول عصر الحداتة الذي اصبح شرطا اساسيا وضروريا للانخراط في عصر العولمة، العولمة التي لا تعني فقط تحديت بعض العناصر المادية، وانما التقدم في مضمار العلم  والتكنولوجيا وتحديت المجتمع وما يتصل به  من تعليم وصناعة ومعرفة وقيم ثقافية

يعني ذلك بوضوح  ان دخول عصر العولمة، يحتاج من العالم العربي في وضعه الراهن، الى تغيير كلي لنمط الحياة، لطرائق التفكير، ويحتاج الى العمل والسلوك بما ينسجم وروح هذا العصر، اي القدرة على مواجهة التحديات التي تفرضها العولمة: تورة المعلومات،تحويل الامكانات المتاحة الى قوة ديناميكية مبدعة.

يعني ذلك ايضا، ان دخول العالم العربي عصر العولمة.
يتطلب منه بداية تطوير قوانينه الاقتصادية حتى يتمكن من مواكبة تطورات الاقتصاد العالمي، ودعم مستويات الانتاج العربي وتحديدا في قطاع الصناعة، خصوصا الرقمية، من حيت مواصفات وجودة المنتجات

السؤال الصعب الذي يواجه حالتنا مع العولمة. :هل تتوفر حكوماتنا العربية على مفاهيم العولمة،والمستويات التي وصلت اليها. وهل تدرك هذه الحكومات  ان العولمة حالة حتمية لا يمكن تجاهلها. وهل تدري كيف تواجه سيول العولمة. وماهو الموقف المطلوب من ظاهرة العولمة... ؟

هي اسئلة عديدة ومتشعبة تطرحها العولمة على حكوماتنا العربية، الا ان هذه الحكومات مازالت تبحت عن نفسها في الصراعات التي اوجدتها خارج المنطق وخارج القيم السياسية.لعصر الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان، وتلك هي الاشكالية التي تجعل العولمة مصطلحا غريبا في بيتنا الحكومي.

افلا تنظرون ؟. .


بقلم الآديب محمد آديب السلاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق