الخميس، 10 فبراير 2022

طالب ياسين

 حَزِنَ العالَمُ العربيُّ وَحزِنَ باقي العالَمِ أجمع ، على فُقْدانِ الطّفلِ المغربيِّ "رَيَّان" وَحَزِنَ المغاربةُ والمشارقةُ في شَتّى عالمنا العربيّ

.. وَكَما لا بُدَّ وَأنْ حَزِنَ الغربُ الإستعماريُّ الأوروبيُّ وَالأمير.كيّ .. ولا نَدري : هل حَزِنَ كذلكَ اليهودُ ـ الصّها.ينةُ .. قاتلو الأطفالِ في فلسطينَ وفي لبنانَ وفي كثيرٍ من أصقاعِ عالمِنا .. وهنا : لا بُدَّ أنْ يتبادرَ إلى أذهاننا سؤال : هل يَحقُّ لليهودِ ـ الصّهاينةِ أنْ يَجتمعوا مع هذا العالَمِ في شأنٍ إنسانيٍّ هُم في حقيقةِ الأمر ضِدَّ الإنسانيَّةِ في عالمنا .. كما هُو شأنُ حلفائِهم من الأميركيينَ والفرنسيينَ والبريطانيين .. الذينَ هم أوْغلوا ليسَ في قتلِ اطفالنا فَحسب .. بلَ اوْغلوا في اغتيالِ اوْطاننا وَنَصَّبوا عليها مَنْ يَرتِهنُ بِأمرِهِم وَيَخضعَ خانعاً بالذلِّ تحتَ أقدامهم وتنفيذِ أوامرِهِم ..


كلُّ الّذينَ يتباكونَ اليومَ وَيَذرفونَ دُموعَهم على الطفلِ : "ريَّان" يَنْقُصُهُمُ أمرٌ واحد .. يَنْقُصُهُم أمرُ إحياءِ ضمائرِهِمُ الميْتَةَ وَكَما إحياءُ عواطفِهم المفقودة تِجاهَ أطفالِ فلسطينَ  .. الّذينَ يُقَتَّلوا وَيُذَبَّحوا كلَّ يومٍ على يَدِ عصابةٍ مُجرِمةً ، أغرقَتِ الإنسانيَّةَ وَذَبحتْها على موائدِ النّفاقِ وَطُرُقِ التَّنْكيل ..!


 فالطفلُ :رَيَّان " وَجَدَ في هذا العالَمِ من يبكيهِ .. وَأمَّا أطفالُ فلسط.ينَ فلا بَواكيَ لهم .. تَراهُم يُقْتَلوا في كلِّ يومٍ أمامَ أمَّهاتهم أو أنْ تُذبَحُ أمَّهاتُهم أو آباؤُهُم على مَرأىً منهم أمامَ الحواجزَ العسكريَّةِ اليهو.ديَّةِ ـ الصّهيو.نيّة .. وَتلكَ هذه هي الآفةُ الكبرى المُبْتَلى بها شعبُ فلسط.ين طوالَ أكثرَمن قرن وقبلَ قيامَ كيانِ العدو ..!


          وَنحنُ نُراهنُ هنا أنَّ أكثرَ مَنْ بَكى الطفلَ " ريّان" بِحُزنٍ عميق هو نحنُ الفلسط.ينيّونَ أصحابُ الخبرةِ وَالتّجربةِ .. فَنَحنُ الذينَ دَمينا وَأُدمِيَتْ قلوبُنا ، على طولِ نوازعِ هذا الدّهرِ وَآهاتِهِ وَأفاتهِ من بني صهيونَ وَمِمَّنْ قد لحقَ بهم من العربِ والعربان .. على طولِ هذا الزَّمَنِ البَشعِ مِنَ الإجرامِ اليهو.ديِّ ـ الصّهيو.نيِّ على ثَرى وطننا .. وَمِمَّا قد زادَ من الطّينَ بَلَّتَهُ وَوَحلَهُ .. وَحوَّلَهَ الطينُ الصّهيو.نيُّ إلى مستنقعاتٍ آسنَةٍ ، هو هذا الإجرامُ وهذا الإحتلالُ الذي يجثمُ على صُدورنا ..ثمَّ إنَّ مِمَّا يزيدُ هذهِ المستنقعاتِ الصّهيو.نيَّةِ كَدَراً ، هو حينما يأتينا هؤلاءِ المُطبّعونَ الذينَ يَرفُلونَ ثراءً وتَكبُّراً وَبَطَراً ،  فَيَحتضنونَهُ وَيُهيْرِقونَ  فوقَ رؤوسهِ الأموالَ الطّائلةَ .. وَيُذَرُّونَ على أنحاءِ جسمِهِ كلَّ ما قد يُنْعشُهُ من أسبابِ الحياةِ والبقاء .. يُهَيْرقونَ الأموال وَيُذرُّونَها  كيّ ينتعشَ الجَسَدَ الصّهيو.نيَّ وَيبقى يسفكَ الدّماءَ دِماءَنا .. وَتَراهم يَنتحبونَ وَيُبَلِّلونَ ثَرى الأرضِ دموعاً ، إذا ما وَخَزَتْ شوكةٌ بسيطةٌ جَسدَ طفلٍ يهو.ديٍّ أوأصابَ جسدَ أمرأةٍ يهوديّةٍ شقراءَ ناعمةٍ هبَّةُ ريحٍ ساخنةٍ أوْ قد أصابَ رجلاً  صهيو.نيّاً عارضاً من عوارضِ الصُّداعٍ أو تَلَكُّعاتِ البَطن .. وَيعقدونَ من أجلِهِ المآتِمَ ..ويفتحونَ بيوتَ الأحزان حزناً عليهِ وَكمَداً ..!


يا لها من مُراهناتٍ وَيا لها من غَراباتٍ قد طرَأتْ على تاريخِ منطقتنا حينما عَمَّ الثّراءُ وَازْدادَ البطرُ رِياء  .. يا لها من مراهَناتٍ تاريخيَّةٍ قد مَزَّقَتْ تاريخنا وَأسكنَتْهُ في قاعٍ بئرٍ يتجاوزٌ عمقُهُ بئرَ الطفلِ " ريان" بآلافِ الأمتار .. فَمَن هو الذي يستطيعُ أنْ ينتشلَ تاريخَنا هذا .. من قاعٍ هذا البئرِ المظلم الذي حَفَرَهُ وَعمَّقَهُ عربانُ هذا العصر ، من أجلِ انْ يَئِدوا في عُمقِهِ المظلم : فلسطينَ كاملةً مع قُدسِها وَمعَ أقصاها وَمع أطفالها ومع رجالها وَنسائها وذلكَ من بعدِ انْ زَجّوا  بهؤلاءِ جميعاً في قعرِ هذا البئرِ العربيِّ المظلم ..!

يا لها من مراهناتٍ زائفةٍ قد طَرَأَتْ على تاريخنا الإسلاميّ وَالعربيِّ والفلسطينيّ التي قامتْ على مُخالفةِ سُنَّةِ نَبيِّنا الكريم صلى اللهُ عليهِ وسلم .. حينما قد تَأَذّى من فتنةِ اليهو.دِ وَعانى من فسادهم ومن مؤامَراتِهم على الإسلامِ في المدينةِ المنوّرة ..!

 وَيا  لها من أكاذيبَ وَمِنْ خِدَعٍ مُضَلِّلَةٍ حينما يَنبري هؤلاء المطبّعونَ وَيَدخلونَ في تحالُفاتٍ سياسيّةٍ وَعسكريّةٍ واقتصاديَّةِ مع كيانِ العدوّ ضدَّ المقاومةِ .. وضِدَ كلّ من يفكّرُ في الجهادِ من أجلِ فلسط.ينَ ومن أجلِ تحريرِ القدس والأقصى .. وَيَضعونَ أمامَهُ العراقيلَ مُتكاتفينَ مع "بينت" وهو يَرمُقُهُم بِحقدٍ وَاستخفافٍ .. يَرمُقُهُم بِاستِرسالٍ بِعيْنَيْهِ العَبَثِيَّتَيْنِ المَمْدودَتَيْن ، أمامَ طاقيَّتِهِ اليهو.ديَّةِ الصّغيرةِ المُدَوَّرَةِ على مؤخّرَةِ رأسهِ ..!  


       فَهَلْ  هذه هي السّنّة التي تَتَحدّثونَ عنها ..؟! فَيا للعجب .. ! يبدو أنَّ كلمةَ السّنَّةَ لم يستطع أنْ يَفْهَمَها الكثيرون ..!  فَهَلْ هذهِ هي خُطَى نبيّنا تِجاهَ اليهو.دِ في المدينةِ وَهلْ هيَ هذهِ سُنَّتَهُ التي تَنتسبونَ إليها ..؟


         لا بأسَ : فهذهِ هي ليستْ سنّتَهُ صلى اللهُ عليهِ وسلم .. بلْ أنَّ السُّنّيَّ هو من تَبِعَ أفعالَهُ وَاستأْنَسَ بِخُطاه .. وليسَ السّنّيَّ هو من عاداهُ .. وخرجَ عن سُنَّتِهِ .. وَخالفَ عمَّا أَمَرَنا بهِ وَنَهانا عنه .. هو قد أمَرَنا  في آخرِ خُطَبِهِ : " .. لا ترجعوا بعدي كفَّاراً يضربُ بعضُكُم رقابَ بعض .." وَأنتم ها أنتم تضربونَ رقابَ من لا يَلتَئمُ مع أوامر وَتعاليمِ بني صهيو.نَ .. أما رأيتم أنكم بِتَحالفكُم مع كيانِ العدو .. تُخالفونَ سنّةَ نبيّنا الكريم وَتَطَبّقونَ مقولةَ هذا العدوّ ، الذي يقول : " ألا فَلْيَضْرِبْ مُحمَّدٌ مُحمَّداً " ..!




طالب ياسين

 حينما  يُصبحُ  العيْبُ السّياسيُّ  حلالاً

وَتصبحُ الخيانةُ شرفاً وَمُروءَةً وَدلالاً


       مشكلتُنا  في هذا العالَم العربيّ ، أنَّ حاضناتِ الإعلام العربيّ غالباً ما تكونُ غيرَ مُلِمَّةٍ بشكلٍ دقيقٍ ، في أمورٍ وَأحداتٍ  تاريخيَّةٍ تَتَعلّقُ سواءً بتاريخِ فلسطينَ خاصَّةً أو بقضايا هذه المنطقةِ عامَّة .. حتى  أنَّنا نستطيعُ القوْلَ أنَّ هناكَ فَراغاً قد  تَوَلَّدَ في العقلِ العربيِّ وَالعربانيّ نتيجةً هذا الضّعف المعرفيِّ ، حتّى كادَ يَنعدمُ فيهِ الفَهمُ بِالوَعيُ السّياسيُّ وهذا مِمَّا تركَ المجتمعاتِ العربيّةِ وَالعربانيَّةِ تائهةً وَحائرةً وَمُتَخبِّطةً ، في كيفيَّةِ فَهْمِ أمورِ السّياسةِ على حقيقتِها  ..!


       نحنُ في زمنٍ أصبحَ فيهِ العيْبُ السّياسيُّ حلالاً .. والخيانةُ أصبحتْ شأناً مرموقاً كالماءِ عذوبةً  وَكالشَّهدِ صفاءً وَزَلالاً .. يَنهالُ كثيرونَ من الأعرابِ على اغترافِها شُرباً  وَإقبالاً .. وَأصبحَ التّعاملُ مع العد.وِّ الصّهيو.نيِّ بشكلٍ فاضحٍ ، يُعتبرُ في مواثيقِ الشَّرفِ إنجازاً  وَأفْضالاً .. وَأصبحَ التَّماهي وَالتّباهي بأخلاقِ فضائلِهِ ــ التي ذَمَّها القرآنُ في آياتِهِ  ــ هيَ أصَحُّ الأخلاقِ  عندَ بعضِ الأعرابِ أفعالاً  .. أمَّا جِهادُهُ وَمقاومتُهُ فقد أصبحَتْ عاراً على صاحبِها وَوَبالاً .. وَأمَّا التّحالُفُ معهُ وَالتَّدَلُّلُ وَالتَّثَنِّي حولَ خاصرتَيّْ "بينيتُ" .. هو من أكثرِ الأفعالِ عشقاً وَتَثَنِّياً  وَدَلالاً ..!


           إنتهى زمنُ الفضائلِ وجاءَ زمنُ الرّذائلِ ، مُنْتصبَ القامةِ يَرفُلُ بالعزَّةِ والكرامةِ وَالجاه .. وَجَثَا زمنُ الفضائلِ على رُكْبَتَيْـهِ ، يَعرُجُ بينَ مضاربِ العربانِ على عُكَّازَتْيْهِ .. لا يستطيعُ أنْ يَثْغرَ  بِكَلِمةِ حقٍّ من فاه .. وَالتَوى شرفُ المقاومةِ والجهادِ في ساحاتِ جهادِهِ يُعاني ضائقاً : واكُربَتاهُ .. واألَمَاهُ ..! 


         الإختلافُ في وَجُهاتِ النّظر الإعلاميَّةِ خلّفَ وراءَهُ صراعاتٍ فكريّةٍ على مستوى كلِّ الطّبَقاتِ الإجتماعيّةِ في الوطنِ العربيّ .. ومع الأسف تنشطُ مختَلَفُ الأجهزة الإعلاميّةِ بِفضائيّاتها العملاقة الثّريّة وَبما تمتلكُهُ من تأثيرٍ أصحابِ الفتاوي ، كيّْ يُحدثَ هؤلاء المُزيّفونَ الدِّينيّونَ ، خلَلَاً أعمقُ في عقليّةِ المواطنِ العربيِّ ، خاصَّةً فيما يتعلّقُ في فَهْمِ الحقائقِ السّياسيّةِ في المنطقة  .. وَإذا ما أضفْنا إلى هذهِ الفضائيّاتِ الثّريَّةِ ، صُحُفها المُموَّلةُ من نفسِ هذهِ المصادرِ الثَّريَّة .. فلا بُدَّ أنْ نُدرِكَ مع كلِّ  ذلكَ .. مدى هذا  الإرهاقَ الذي أصابَ عقلَ المواطنِ العربيّ وَأصابَ وَعيَهُ بِقَضاياه ..!

    

        ألا رحمةً بهذا الوعيِ المتواضعِ وَشَفَقَةً عليه .. لا تَزُجُّوهُ بعيداً  راسِياً على  شواطيءَ غريبةٍ موحشةٍ .. ألا رحمةً بِعقلِ المواطنِ العربيِّ  وَوَعيِهِ .. لا  تُلقوهُ نَهْباً في فُوَّهَةِ أنيابِ صُهيونُ .. لا تَزيدوا في إرهاقِهِ حتّى نَراهُ وقد أركَنَ إلى الإستسلامِ .. وَأركَنَ كما نَراهُ الآن وقد لاذَ بالعقلِ الصّهيو.نيِّ ، يُوَجّهُهُ كيفما يشاءُ في تنفيذِ مآربِهِ وَأهدافهِ .. !


         ألا فَلْنَنْظُرْ إلى هذا المَدى المُحبِطِ  الذي نَراهُ أمامنا الآن .. نَنْظرُ إلى هذا التّلاعبُ في عقليَّةِ المواطنِ العربيِّ وَوَعيِهِ .. كيفَ قد أصبحَ مُستسلِما مُنْقاداً للعقليَّةِ الصّهيو.نيّةِ ـ اليهو.ديّةِ ، التي تُقَهْقِهِ من خلفهِ شامتةً فيه .. فَمَنْ هو الّذي سَلَّمَ هذا العقلَ وهذا الوعيَ ، كيّْ يصبحَ أداةً طيِّعةً في يَدِ بَطشِ الوعيِ الصّهيو.نيَّةِ وَاليهوديَّةِ ..؟!


    فَلا بُدَّ إذاً أنْ نَنَظُرَ وَأنْ نَعِيَ وَأنْ نكتشفَ أنَّ أصابعَ البَغيِ وَالجهل هي من تقومُ الآن على تزويرِ الحقائقِ التّاريخيَّةِ والسّياسيّة .. وهيَ من تقومُ على دفعِ فئاتِ المجتمعِ العربيّ كيّْ يلوذَ تحتَ أجنحةِ الضَّلالِ الصّهيو.نيّة .. تَدفَعُها وهيَ لا تُدرِكُ مَخاطرَ أعمالِها .. وَتقومُ بإنجازِ أعمالِها في خدمةِ الكيانِ الصّهيو.نيّ تَقَرُّبا وَزُلْفَةً في سبيلِ رِضى  هذا المُتغطرِسِ الأمير.كيّ ..! 


           فَلا بُدَّ إذاً لِمُحرِّكِ الوعيِ الفاشلِ والجاهلِ وَالمستسلمِ لِوَعيِ العقلِ الصّهيو.نيّ ، الذي أصابهُ المرضُ وَالإعياء ، كيّْ يُسلِمَ وَعيَنا لِأعدائنا الحقيقيّين .. فَأيُّ أبناءِ عمٍّ تَزعمون يا مَنْ على سلامةِ أعدائكُم تسهرون .. أتَحسبونَهم أقرباؤُكم .. وَأنَّ أعداءَكم هُمُ المقاومونَ وَالفلسطينيّون .. فَإذا كانَ اليهو.دُ أبناءُ عمومتكم .. فَجميعُ البَشرِ إذاً يندرجُ من أُبُوَّةِ آدَمَ عليهِ السّلام  .. وجميعُ بني آدَمَ هم إذاً أُخوةٌ لكم في النَّسَبِ مُرتبطون .. إلاَّ أنَّ هذا الأمرَ هو ليسَ هكذا .. فالعربُ جنسٌ بِنَوْعهِ وخصائصهِ ..  وَاليهو.دُ عِرقٌ خبيثٌ في دسائسِهِ .. نَصَّبَ من نفسِهِ عدوَّاً للعربِ والمسلمينَ .. وَجاهرَ بعداوةِ الرّسولِ وَالإسلامِ .. حتّى وَإنْ زَعَموا أنّهم معنا ، لِإبراهيمَ عليهِ السّلام قبلَ أربعةِ آلافِ سنةٍ يَدينون .. وَإبراهيمُ عليهِ السّلامُ حسبَ النّصِّ القرآنيِّ ليسَ يهوديَّاً ولا نصرانيَّاً ولكنَّهُ كانَ حنيفاً مسلماً وَما كانَ من المشركين ..! 

             

       وَاليهو.دُ على ما يبدو ، فقد قاموا باستغلالِ قصورِ الوعيِ عندَ مَنِ استطاعوا الإيقاعَ بهم ، مِمَّنْ لا يمتلكونَ ثقافةً تاريخيّةً ولا يمتلكونَ وَعياً ثقافيَّاً سياسيَّاً .. فقد اختلطَ عليهمُ الأمرُ .. فَوَقعوا مستسلمينَ للثقافةِ وللفكرِ الصّهيونيِّ ـ اليهوديّ .. فَمَلأوا فراغَ عقولَ هؤلاء بأساطيرهمُ الثقافيّةِ والتّاريخيّة .. حتّى أصبحوا مُبَشّرينَ لهذهِ الصّهيو.نيّةِ في عالمنا العربيّ مُدافعينَ عن اليهو.د .. منافحينَ عنهم .. مُعتقِدينَ بِوفائهم وَإخلاصِهم لهم .. واثقينَ كلَّ الثّقةِ بِقُوَّتِهم .. ينطبقُ عليهم قول الشاعر :

ألمُستجيرُ  بِعَمْروٍ  في كُربَتِـهِ 

كالمُستجيرِ من الرَّمضاءِ بِالنَّار


    حتَّى وَلْنَفْتَرضْ جدَلاً أنَّ هناكَ مِنَ الإعلاميينَ والسّياسيينَ ، مَنْ لهُ معرفةٌ  بِالتاريخِ الفلسطينيّ ، إلاَّ أنَّنا نستطيعُ القوْلَ بِأنَّها معرفةٌ مُشوَّهةٌ ، أصبحتْ تستندُ اليومَ على الأفكارِ الصّهيونيّةِ نظراً لِقِلَّةِ عِلْمِها  بِتَفاصيلِ المعرفةِ التّاريخيّةِ وَنظراً لِضحالةِ ثقافتها .. فلا يُمكنُها في ظلِّ هذهِ الحالةِ البائسةِ من الثّقافةِ والمعرفةِ أنْ تَقِفَ على صحَّةِ مفاصِلِها  الحقيقيّةِ .. فَالتَّاريخُ في قسمٍ كبيرٍ من أحداثِهِ مُشَوَّهٌ وَمُزَوَّرٌ خاصَّةً وَأنَّ بعضَ العربِ والعربان ألغوا عقولَهُم , وَقاموا بِاستعارَةِ العقلِ اليهو.ديِّ كيّْ ينوبَ عن عقولِهم  حتّى أصبحَ فيما يُعرَفُ : " بالسّلامِ الإبراهيميّ " ثَقافةً وَصناعةً يهوديَّةً صهيونيّة يستقونَ معلوماتِهم من الفكرِ الصّهيو.نيّ ولا يَستندونَ إلى الآياتِ القرآنيّةِ ولا حتّى يأبهونَ بِموقفِ رسولنا الكريم من اليهو.د حسبَما  جَرَتْ أحداثُهُ في المدينةِ المنوّرة .. حتّى أنَّهُ قد أصبحَ كثيرٌ من العربِ والعربان ، يعملونَ على طمسِ آياتِ القرآنِ الكريم الجهاديّةِ .. وَيَقومونَ على طمسِ عيوبِ اليهو.د التي فَضَحَهُم بها القرآنُ الكريم ..!


       حينما ذهبَ جنرالٌ في أوَّلِ زيارةٍ للكيانِ الصّهيونيّ ثمَّ تَبِعَهُ ما سُمِّيَ  بالكاتبِ أو الإعلاميّ  .. ثمَّ لمّا عادَ الأوّلُ من زيارتِهِ بَشَّرَ مَنْ حوْلَهُ بِبُشرى جَعَلَتِ الجميعَ يَنْخدِعُ بها . قال : " اليهودُ لديْهم العقلُ ونحنُ لديْنا المال .. فلو أضفنا المالَ العربيّ للعقلِ اليهوديّ ، لاستطعنا أنْ نصنعَ مُعجزَةً مُدهشةً في هذا العالَم .


     دُهِشَ الكاتبُ أو الإعلاميُّ الذي أنْزَرَعَتْ في عقلِهِ الفكرة .. وَبقيَ هذا يقومُ بِزَرعِ الفكرِ الصّهيو.نيّ الذي زَرَعَهُ هو الآخَرُ في عقولِ كثيرٍ مِمَّنْ حولَهُ ، إلى أنِ انْزَرَعَ الزَّرعُ اليهود.ديُّ بينَ المضاربِ العربيّةِ والعربانيّةِ  وَبدأَ يُعمِّمُ بها في أرجاءِ مجتَمَعاتِهِ  وَفي بينِ مُجتمَعاتِ مُحيطِهِ  .. وَنَمَتْ تلكَ الفكرةُ اليهوديَّةُ وَتَرَعرَعتْ وَكبُرَتْ وَأخذَ الإعلامُ يَتناولُها بِشَراهةٍ تامَّة وَأخذَتِ العقولُ تَميلُ إليْها ميْلاً  لا حدودَ له .. ثمَّ ما لبثَ الشّماغُ وَالعقالُ على ضوءِ ذلكَ ، وأنْ أصبحَ يَرتادُ بشكلٍ واضحٍ .. وهو يَتنقَّلُ بِخِفَّةٍ بينَ عَرَصاتِ الأقصى في وسطِ حراساتِ الجنودِ اليهودِ والمستوطِنينَ الصّها.ينة  .. ثمَّ ما لبِثَتْ أنْ أصبَحَتْ وَفودٌ من هؤلاء تَؤُمُّ المسجدَ الأقصى في وسطِ  مُرافقةِ  قطعانُ المستوطِنين .. ثمَّ تَطوَّرَ العشقُ إلى أنْ أصبحَ  زَواجاً يَرفُلُ بالتّفاني  وَبِالمّحبَّةِ وَبالتّضحياتِ ..!




طالب ياسين

 أبو ذُؤَيْبُ الهذليّ

وَمَرثيَّتَهَ الشّهيرةُ 

وقصةٌ غريبةٌ من أنواع عشقِهِ 


كانت هذهِ الأبياتُ الشّعريةُ قد جَذَبَتْني إليها هذهِ النَّفَحاتُ الشّعريّةُ بما فيها من بلاغةٍ وَما بها من معاني وَدلالات..  في موقفٍ غريبٍ من مواقفِ التَّنافس الشّعريّ بينَ صديقيْنِ أو بينَ قريبيْنِ ، هما : الشّاعرُ : أبو ذُؤَيْب الهُذليّ .. وَابنُ أختِهِ خالد بنُ زهير .. حوْلَ حالةِ عشقٍ فيما بيْنهما  لِامرأةٍ ، هي : "أُمُّ عمْرو"..!


         وَلِمَنْ لا يعرفُ عن الشاعر : أبي ذُؤيْب .. فهو شاعرٌ إسلاميٌّ مُخضرَم .. ماتَ في غُزاةِ إفريقيا ، بعد أن التحقَ مع جيشِ : عبداللهِ بنُ أبي السّرح ، في زمن الخليقةِ عثمان بنِ عفّانَ رضيَ اللهُ عنه .

       وَأُمُّ عمروٍ هي في حقيقةِ الأمر كانت معشوقةٌ لِرَجُلٍ يُدعى : عُوَيْمُ بن مالك بنُ عوَيْمِر.. فَدَخَلَ عليهِ أبو ذُؤيْب عاشقاً  لها ـ وَأقصاهُ عنها حينما إئْتَمَنَهُ عُوَيْمُ على أسرارِهِ .. وَبَعثَهُ رسولاً  لها  فَاستَخْلَصَها أبو ذُؤِيْبُ لِنَفسه محبوبةً لهُ وَمَعشوقةً  .. ثُمَّ إنَّ أبا ذُؤَيْبَ هذا ، إئْتَمَنَ ابنَ أختِهِ : خالدُ بنُ زُهيْر لِيكونَ رسولاً لها ، فَما كانَ من خالدَ سوى أنْ عشِقَها وَأقصى أبا ذُؤَيْبَ عنها .. فَعاتَبَها أبو ذُؤَيْبُ وَعاتبَ ابنَ أُختِهِ : خالدَ بن زهير، على خيانتِهِ لهُ مع مَحبوبتِهِ أُمِّ عَمْروٍ .. قائلاً :


تُريديـــنَ  كَيْما  تَجْمَعيني  وَخالـــداً

وَهلْ يُجْمَعُ السَّيْفانِ وَيْحكِ في غِمْدِ


أَخالدُ  ما  راعيْتَ مِنْ  ذي قَرابـةً

فَتَحفظُني بالغيْبِ أو بعضَ ما تُبْدي


دَعاكَ  إليْهــا  مُقْلَتاهــا  وَجيدُهــا

فَمِلْتَ كما مـالَ المُحِبُّ على عَمْـدِ


وَكنتَ كَرَقْراقِ السَّرابِ إذا  بَـدا

لِقَوْمٍ وقد باتَ المَطِيُّ بِهِم يُحدي


وقالَ أيضاَ :

فَقيلَ تَحمَّلْ فوقَ طَوْقِــكَ إنَّهــا

مُطبَّعَةٌ مَنْ يأتها لا يُضيرُهـــا


بِأَعظَمَ مِمَّا  كنتُ  حَمَّلْتُ خالـداً

وَبَعضُ أماناتِ الرِّجالِ غُرورُها

ثمَّ يقول :

فَنَفْسَكَ  فَاحفَظْها  ولا  تُفْشِ للعِـدا

مِنَ السّرِّ ما يَطْوي عليهِ ضَميرُها


رَعا خالدٌ سِرِّي  ليالِيَ  نَفَسـهِ

تَوالى على قصدِ السّبيلِ أُمورُها


فَلمَّا  تَراماهُ  الشّــَبابُ  وَغِيُّـهُ

وفي النّفسِ منهُ فتنةٌ وَفُجورُها


لَوى رأسَهُ  عنِّي  وَمالَ  بِـوُدِّهِ

أغانيجُ  خَوْدٍ كانَ فينا يَزورُها


تَعَلَّقَـهُ  منهـــــا  دلالٌ  وَمُقْلَـةٌ

تَظَلُّ لِأصحابِ الشّقاءِ تديرها 

 

فَأجابهُ  خالدُ ، قائلاً  :


لا  يُبْعِـدَنَّ اللهُ لُبَّـكَ  إذْ  غَـزا


وَسافرَ والأحلامُ جَمٌّ عُثورُها


وَكنتَ  إماماً  للعشيرةِ تنتهي

إليْكَ إذا ضاقتْ بِأمرٍ صُدورُها 


أَلَمْ تَنْتَقِـذْها من عُوَيْمَ بنَ مالكٍ

وَأنتَ صَفِيُّ  نفسِهِ  وَسَجيرُها


فَإنْ كنتَ تَشكو من خليلٍ مَخافةً 

فَتلكَ الجوازي عُقْبُها وَنُصورُها 


وَإنْ كنتَ تبغي لِلظَّلامةِ مَركَباً 

ذَلولاً  فإنِّي ليسَ عندي بعيرُها

 

نَشأْتُ عسيراً  لا تَلينُ عريكَتي

ولم يَعلُ يوماً فوقَ ظهري كورُها


متى ما تَشَأْ أحملْكَ وَالرَّأسُ مائلٌ 

على صَعبَةِ حَرْفٍ وَشيكٍ طُمورُها


فلا  تَـكَ كالثَّوْرِ الذي دُفِنَـتْ لهُ 

حَديدةُ حتْفٍ ثمَّ أمسى  يُثيرُها


فَأقصِر ولم تَأخذْكَ منّي سَحابةٌ 

يُنَفِّرُ شاءُ  المُقْلِعينَ خَريرُهـــا 

 

      وَقصَّةُ الشاعر : أبي ذُؤَيْب ذكرها صاحبُ الأغاني .. أبو فرجُ الأصفهاني أو الأصبهاني .. وأصفهانُ هي من بلادِ إيرانَ اليوم .. ولكنَّهُ كانَ بغداديَّاً عاشَ حياتهُ في العراق .. وعلى ما يبدو فإنَّ العراقَ بقيَ تاريخيَّاً مُرتبطاً بِإيرانَ ــ فارسَ منذُ أقدمِ العصورِ التاريخيَّةِ ، منذُ أيّامِ دولةِ المناذرة في عصرِ الملك : المنذر  بنُ النّعمان وفي زمنِ ابنِهِ : النّعمانُ بنُ المنذر بنُ ماءِ السّماء .. وزوجةُ النّعمانُ حينئذٍ كانت : المُتَجرِّدةُ بنتُ الملكِ  زهير .. ملكُ قبيلةِ بني عبسٍ وَذبيان.. قومِ عنترَ بنَ شدَّاد ..!


وَالمُتَجرِّدَةُ .. هذهِ هيَ التي سُجِنَ الشّاعرُ : النّابغةُ الذُّبيانيِّ بِسبِبها ، حينما كانَ مُقرَّباً من الملكِ النُّعمانُ بنُ المنذرُ بنُ ماءِ السّماء .. فقد صادفَها الشّاعرُ النَّابغةُ يوْمَها وَذاتَ مرَّةٍ وهي تَجولُ حولَ أرجاءِ القصر .. فَظَهرَ النّابغةُ في طريقها فجأةً عندَ زاويةٍ من زوايا ساحةِ القصر .. فَفَزِعتْ منهُ وَسَقطَ  عنها رداؤُها الملفوفُ حولَ جَسَدِها.. فَبانتْ لهُ عوْرَتَها .. فقالَ النّابغةُ قصيدةً يُحاولُ في أحدِ أبياتها ، أنْ يصفَ عفَّتَها ، فقال :

سَقطَ النَّصيفُ وَلَمْ تُرِد إسقاطَهُ 

فَتَنـاوَلتْــهُ  وَاتَّـقَـتْـنــــا  بـاليَــدِ

والنّصيفُ هو القميص .. وَاتَّقتْنا باليَدِ : أيّْ انَّها غطّتْ ما ظَهَرَ عليهِ من عوْرَتِها بِيَدِها .. وَلمَّا علِمَ الملكُ النّعمانُ بِشِعرِ النّابغةِ في زوجتهِ المُتَجَرِّدة ، أمَرَ بِسَجنِهِ .. ولكنَّهُ ما لبثَ أن استعطفَهُ النّابغةُ في قصيدةٍ طويلةٍ شهيرةٍ .. ليسَ هنا مجالُ ذكرِها .. فَعَفا الملكُ النّعمانُ .. ملكُ الحيرةِ عنه ..!


لا أدري : هذا ما أوْرَدناهُ  من عِشقِ أبي ذُؤَيْبَ لِصاحبتِهِ أمّ عمرو .. أمَّا  مَرثِيَّتَـهُ في أبنائهِ الخمْس ، الذينَ أوْدى بهمُ الطّاعون ، فهذهِ  هي حكايةٌ أخرى ..! 

مَرثيَّةُ أبو ذُؤيْبَ الهُذليّ هي شهيرةٌ في الأدب العربيّ .. ذكرَ أبو الفرج الأصفهانيّ عنها أمراً يستحقُّ الوقوفَ عندها ، وذلكَ حينما فَقَدَ الخليفةُ العبّاسيُّ : المنصورُ ..ابنَهُ الأكبر .. فَحزنَ المنصورُ حزناً على فَلْذةِ كبدِهِ وهو يومئذٍ  يقومُ على تأسيسِ الدّولةِ العبّاسيّةِ بعد أخيهِ عبداللهِ السّفَّاح ..!

هذهِ المرثيَّةُ أُحاولُ هنا أنْ أعرضَها على النّاس لأنَّها هي في حقيقتِها قد أصبحتْ تُحاكي كثيراً من واقعِ النّاسِ الذينَ فَقَدوا لهم أحبَّةً في زمنِ هذهِ الفتنةِ وفي زمنِ هذهِ الحروب .. في زمنِ فتنةِ المالِ وَالدّرهَمِ وَالدولار .. هذا المالُ وهذا النّفطُ  الذي تحالفَ مع هذهِ الوحشيَّةِ الأمير.كيَّةِ وَالصّهيو.نيّةِ .. فَغَزا أمْنَ الناس وهم آمِنونَ في قُعورِ بُيوتهم بالقذائفِ والحمَمِ  فوقَ رؤوسهم ..وَبِالبطشِ وبِالفجورِ على أيدي المسلّحينَ في شوارِعِهم .. هكذا حدثَتْ الفتنةُ في سوريا وفي ليبيا .. وهكذا هي فضائيَّاتُ القتلِ قد رَوَّجَتْ وَكذَبَتْ وَخَدَعَتْ .. وهكذا صَدحَ لها شيوخُ الفتنةِ بأسنانهمُ الصّفراءُ تَضُخُّ سُمومَها ، كَسُمومِ الأفاعي النّابيةُ الَّلافحةُ .. وهكذا نطقَ شيخٌ يَقطرُ لعابُهُ سُمَّاً  في إحدى فضائيَّاتِ الكذبِ والفتنةِ وَالتَّخريب ، هتفَ قائلاً :" سوريا يجبُ أنْ تُدَمَّر " وَ" القذّافي يجبُ أنْ يُقتَل ..! " .. إلى أنْ فنى هذا الشيخُ وَفضائيّتُهُ ، خلقاً كثيراً من هذينِ البلديْن .. وَأودى بحياةِ بلادٍ .. ويَتَّمَ أطفالَها .. وَرَمَّلَ نساءِها .. وشتَّتَ أُهلها .. وهكذا فَعَلَ شيخُ الفتنةِ صاحبُ الأنيابِ الصّفراء .. !


       ألا فَلْيعذُرني القرّاءُ على إطالتي وعلى خروجي عن الموضوع .. فنحنُ هنا نحاولُ دَغْدغةَ وَعيِ النّاس .. لعلَّهم ينتبهوا وَيَعـوا ، إلى كلِّ ما يُحاكُ ضدَّ شّرفاءِ بلدانِ هذهِ المنطقةِ  من عربٍ وَمسلمين ..!


     نعود للخليفةِ المنصور الذي فَقَدَ ابنَهُ الأكبرَ : جعفَرُ بنُ المنصور .. فَداهمَهُ حزنٌ شديد .. وَحينما انْصرَفَ إلى قصرِهِ ، قالَ للرَبيع .. وهو حينئذٍ وَزيرُهُ .. أنْظرْ يا ربيعُ .. فيمَن يُنْشدُني من أهلِ بيْتي ، هذا الشّعرُ الذي يقول:

أَمِـنَ  المَنونِ  وَرَيْبِــهِ تَتَوَجَّـعُ  

حتّى أتَسَلَّى بها عن مصيبتي في إبْني  .. فإنّي أريدُ أنْ أسمعها من أهلِ بَيْتي ..!

يقولُ الرّبيعُ : فَخَرَجْتُ إلى بني هاشمَ ، وقلتُ لهم : مَنْ منكم يُنشدُ الخليفةَ المنصورَ : أَمِنَ المنونِ وَريْبهِ تَتَوجَّعُ ..؟ يقولُ الرّبيعُ : فَما هناكَ من أحدٍ من بني هاشمَ يَعرفُ ذلكَ ..! 

يقول الرّبيعُ : فَأخبَرتُ المنصورَ بذلك .. فقالَ المنصور : واللهِ إنَّ مصيبتي في أهلِ بيتي ، لَهِيَ أعظمُ من مصيبتي في إبْني ، لِقلَّةِ معرفتِهِم بألشّعرِ وَالأدب ..!


       ثمَّ قالَ : يا ربيع : إذهبْ , فَأخبرِ الجندَ والقُوَّادَ .. من منهم يحفظُها فإنِّي أحبُّ أنْ أسمعَها من إنسانٍ يُنْشدُها  لي ..! 

يقولُ الرّبيعُ : فَأخبرتُ  الجندَ  وَالقادةَ .. فلم أجدْ من يَحفظُها ..!  ثمَّ اعتَرَضْتُّ عمومَ النّاس : فَلم أجد أحداً إلاَّ مُؤَدِّباً كانَ قد خرجَ لِلتَّوِّ مِنْ مَوضعِ تأديبه .. أيّْ مُعلِّماً  كانَ قد خرجَ من مكانِ مدرسةِ الكُتَّاب .. فَسَاَلتُهُ إنْ كانَ يحفظُ شيْئاً من الشّعر ..؟ فقال : نعم .. شعرَ أبي ذُؤيْب .. فَقُلتُ لهُ : أنت إذاً بُغْيَتي فَاتْبَعني إذاً  إلى المنصور ..! 


 وَحينما أوْصلتُهُ للمنصور .. إستَنْشَدَهُ المنصورُ مَرثيَّةَ أبا ذُؤَيْبٍ في أبنائهِ الخمسة .. فَأنْشدَهُ إيَّاها حتّى وَصلَ إلى قولِهِ :

وَالدَّهْـرُ ليسَ بِمُعتِبٍ مَنْ يَجزَعُ ..!

 قال المنصور : قد صدقَ واللهِ أبو ذُؤَيْب ..! 

فَأنْشِدْني مَصرَعَ هذا البيت مائةَ مرَّة .. قالَ الرّبيع : فَظلَّ المُؤدِّبُ أيّ المُعلِّمُ ، يُرَدِّدُ على مَسامعِ المنصور مصرعَ هذا البيتَ مائةَ مرَّة ..! ثمَّ لَمَّا انتهى إلى قولِهِ :

 وَالدَّهرُ لا  يبقى على حَدَثانِـهِ 

جَوْنُ السَّراةِ  لهُ  جَدائـدُ أربَـعُ

قالَ المنصورُ : سلْ أبا ذُؤَيْبَ عن هذا القول ..! ثمَّ أمَرَهُ بالإنصراف .. يقولُ الربيعُ : فَلَحقْتُ بالمُعلّم ، فقلتُ لهُ : هلْ أعطاكَ شيء .. قالَ : نعم .. ثمَّ أراني صُرَّةً في يَدِهِ فيها مائةُ درهم ..!

   أمَّا مرثيَّةُ أبي ذُؤيْبَ ، فهذهِ هي :


أمِـنَ المَنـونِ وَرَيْبِـهِ  تَتَوَجَّــعُ 

وَالدَّهرُ ليسَ بِمُعتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ

 

قالتْ أُمامةُ ما  لِجِسمكَ شاحبـاً 

منذُ ابْتَذَلتَ وَمِثـلُ مالكَ يَنْفَــعُ


أمْ  ما لِجَنْبِكَ لا يُلائمُ مَضْجعـاً

إلاَّ أَقَضَّ عليكَ ذاكَ المَضْجَــعُ


فَأجبتُهــا  أَمَّا  لِجِسمي أنَّـــــهُ

أوْدى بَنِيَّ مِنَ البلادِ فَوَدَّعـــوا


أوْدى بَنِيَّ  وَأَعقبوني حســرَةً

بعدَ  الرُّقـادِ  وَعَبْـرَةً  لا  تُقْلِـعُ 


وَلقد أرى أنَّ البُكاءَ  سَـفاهــةً

وَلَسَوْفَ يولعُ بالبُكا مَنْ يُفْجَـعُ


سَبَقوا هَـوَيَّ وَأعنَقوا لِهَواهُمُ

فَتُخِرِّمـوا وَلكلِّ جنْـبٍ مَصـرَعُ


فَغَبَرتُ  بعدَهُم  بِعيْـشٍ  ناصبٍ

وَإخالُ  أنِّي  لاحِـــقٌ  مُستَتْبَعُ


ولقد حَرَصتُ بأنْ أُدافعَ  عنهُمُ

فإذا المنيَّـــةُ  أَقْبَلَتْ  لا  تَدفَــعُ


وَإذا  المنيَّةُ  أَنْشَبَتْ أَظفارَهـا

أَلْفَيْـتَ  كـلَّ  تَميمَـةٍ  لا  تَنْفَــعُ


فَالعينُ  بَعدَهُـمُ  كأنَّ  حِذاقَهــا

سُمِلَتْ  بِشَوْلٍ فهيَ عورٌ تَدمَعُ


وَتَجَلُّــدي للشَّامتيــنَ  أُريهُـــمُ

أنِّي لِرَيْـبِ الدَّهرِ لا أَتَضَعضَـعُ


والنَّفـسُ راغبةٌ  إذا  رغَّبْتَهــا

فَإذا  تُـرَدُّ  إلـى  قليـــلٍ تَقْنَـــعُ


وَالدَّهرُ لا يبقى على حَدَثانِـــهِ

جَوْنُ  السَّراة  لهُ  جدائدُ  أربَعُ

      وهذهِ قصيدةٌ طويلة تَتَألَّفُ من 63 بيْتاً من الشّعر نكتفي بما قدَّمناه لكم ..

 

       قالَ الأصمعيُّ : المنونُ هو الموت،  وَسُمِّيَ المنونُ مَنوناً لأنَّهُ يذهبُ بِمِنَّةِ المرءِ : أيّْ بِقُوَّتهِ .. وَقولُ الشّاعر : إبْتَذْلْتَ : أيّ أجْهَدتَّ نفسكَ ، فَأَذْهَبْتَ عن نفسكَ الرّاحةَ وَالدَّعةَ مع أنّكَ تمتلكُ المال ، وما زلتَ تَلزَمُ السّفَرَ وَالعمل .. وَقوْلُهُ : أَقَضَّ عليكَ : أيّْ جَعَلَكَ لا تستطيعُ الإضِّطجاعَ لأنَ ما تحتَكَ خَشِناً .. وَالقَضَضُ هو الرّمل والحصى .. ( هذا في البيتِ الأوّل والثالث ) أمَّا تميمةُ : فهي بمعنى الحرز .. أو هي الخرَزاتُ الزّرقاء التي تَرُدُّ العينَ عن المحسود (في البيتِ العاشر)



زهير كريم

 علي بدر على خطى  (ماركو بولو)


هناك نسخة أخرى من العالم، يعرضها علينا علي بدر في هذه اليوميات، شيء لاينطوي على صراع بين الشرق والغرب، بل على نقاش_ حاد في بعض الاحيان _ يطرح  فيه الاسئلة التي تبحث في حيثيات العلاقة نفسها عن اجابة معقولة، بل انه يفتح في هذه النسخة نافذة اخرى تطل على مساحة واسعة وحقيقية، تنحاز في طبيعتها للادب والفن والمعرفة واللمسة الانسانية. هذه النسخة المعرفية، الثقافية بشكل عام  لاتحمل في سماتها ثنائية الخير والشر، على الرغم من حضور الاخلاط الثقافية والسياسية والآراء والتصورات المتناقضة، بل تفترض مساحة اخرى للعيش المشترك بين سكان الارض. كتاب ينطوي على حكاية ليست خارقة في كل الاحوال، رغم ذلك لاتنقصها لمسة الخيال البهي او الاسطورة ، إنها في النهاية زاوية نظر ثالثة تجعل ماهو  بعيد عن التحقق ممكنا.


وكتاب علي بدر الجديد( صحيفة الغرباء) يأخذنا  في رحلة تطوف حول بعض فصولها العجائبية، لكنها حكايات واقعية مفرطة في حميميتها حتى كأن كل شيء يتحول من طبيعته  الصلدة الى حلم او طيف، تنطوي على سرود شديدة النفور من الذهنية التي صنعتها آلة السياسة المفرطة في قسوتها، وعلى النحو الذي  يجد القارئ  فيها نفسه في رحلة تستلهم خيال الأمكنة،وشعرية الروائح، وصخب المدن وغرابتها.  بل يقدم لنا فكرة  جادة وممكنة تتنضمن ان الاخلاط في  تناقض  تصوراتها يمكنها ان تسير في ما يمكن وصفة بافتداء الخير المتعالي، الشيء الذي يقوم على اننا ابناء ارض وا حدة، وان مصيرنا عليها واحد، وان اختلافنا لا يجب ان يكون محرضا على الشر المخفي، بل مهذبا له. 


العنوان الفرعي هو( موعد في المقهى) وهو اسناد لعنوان الكتاب، إذ ان الغرباء يتواعدون في المقاهي وليس في البيوت وهذه استعارة اخرى تجعلنا في قلب الدلالة التي تطوف حول فكرة الاغتراب، حتى لو كانت الرحلة تتسم  بالاسترخاء  وحرارة اللقاء مع الآخر.


 هكذا يمسك  علي بدر بايدينا، ويسحبنا معه  في جولة بين الشرق والغرب، يوميات كاتب في رحلاته الادبية، ولقاءاته مع كتاب العالم، من الصين حتى البرازيل، من روسيا الى غرب اوربا وشرقها، في حكايات  مليئة بالمتعة، لكنه ايضا يطرج  فيها اسئلة ونقاشات حول قضايا عديدة، سياسية وثقافية وفلسفية ودينية، وافكار حول الهوية. واثناء هذه الجولة سوف نتعرف على الكتب، والثقافات المحلية، والبشر الذين نعرف بعضهم، نتعرف على مقاهي المدن في اوربا واسيا وحتى امريكا الجنوبية،  على المطاعم والفنادق والمكتبات في رحلة كما لو انها تحاكي رحلة ماركو بولو، فيها مزيج من مباهج واحزان، متاعب ومعرفة واطلالة على الآخر الذي هو نحن. هذا كتاب غني وممتع، بل هو من أكثر كتب علي بدر تحقيقا للمتعة والمعرفة.



عزة_أبو_العز

 ندوة شعبة أدب الطفل

تحت رعاية الدكتور علاء عبد الهادي رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر.

تدعوكم شعبة أدب الطفل برئاسة الأديبة وفاء الطيب لحضور ندوة الشعبة يوم السبت ١٩ فبراير الجاري الندوة بعنوان " نحو أدب أطفال معاصر" يحاضر فيها الأديب والناقد المتخصص في نقد أدب الطفل الدكتور حمدي الأدهم، والأديبة والناقدة الدكتورة أميمة منير جادو.

إضافة لمشاركة نخبة من أدباء أدب الطفل ومجموعة من الأطفال الموهوبين.

سيكون في شرف استقبال حضراتكم

الأديبة الدكتورة سعدية العادلي مقرر الشعبة

والأديبة الأستاذة بثينة هيكل عضو الشعبة

والأديبة عزة أبو العز عضو الشعبة.

نسعد بتشريفكم الساعة الخامسة مساءً في مسرح نقابة الكتاب في الزمالك ١١ أ ش حسن صبري بالزمالك.

وافر مودتي للجميع



عزة_أبو_العز

مازن جميل المناف

 محاولة اغتيال قصيدتي 


نصف شاعر أنا ... 

سجين المرآيا 

استباحني الحلم 

اشهق حروفي بالصدفة

اتكئ على ضلعي الخجل 

قصائدي طافحة بالجوع 

وابجدياتي باكية 

تبحث عن مأوى وكسرة خبز 

طالما امتطي صهوة عنادي 

في فم متشرد 

ثورتي اكلتها الارضة 

فوق لافتات غفوت على الأرصفة 

هذه القصائد نزعت خجلها 

تمشي خلف ظلي لاجئة 

من يشطب حلمي ؟؟؟

في آخر المسافات 

ويركل الأغاني التائهة 

نحو غايتي الحرجة 

هذا الحديث حط رحاله 

عن موعد عودتهِ

يحمل خبراً مدهشاً

محاولة فشل

.

اغتيال قصيدتي 


مازن جميل المناف


الأربعاء، 9 فبراير 2022

جميلة محمد القنوفي // المملكة المغربية

 

تظل تلملم أحرف الانكسار

همومنا ليست أسرار
توتر ،حروب و خيم
موت  و مشاهد مؤلمة..

أقصى ما نستطيع أن نبدع

ننسج صدى الاخبار الموجعة

في قصائد الشكوى والانتحار

في ذهول الصمت  والانتظار

وقد  تعلمنا انه :
《لا تأتي رياح  الاقدار
دوما
على هوى ما نتمنى ونختار》

فلا تستسلم لنداءات الهزيمة
وتعالى واجه  أعماقك الكئيبة...

لا تطفىء أنوار الشروق
  لا تذفن رأسك في  العتمة

لا تتتبع خواطرك المنكسرة
لا  تقتفي أثر نفسك اليائسة

كسر أصفاد الظلال السوداء
وأمحو الهالات المظلمة

إرفع ستائر التلكؤ
إصدح بصوتك في الفلاة

اصدح  في المحيط

من فوق أعلى الأمكنة

.........قل ماتشاء
،........بح بمكامن دائك

غير ضروري أن تكوني الخنساء

وليس بأولوية أن تكون نزار

فقط عبر عن لواعجك 

لا تنطوي معتزلا
لا تعانق وحدك جراحك المؤلمة

أسقط أوهام الزيف 
قاوم  بغير تردد 

 احزانك والخوف ..

وامسح صور البشاعة 

من ذاكرتك و الأمكنة

أشعل فتيل النور بقلبك
فشمعة الأمل شمس
ستنير حتماغياهيبك المظلمة

بكل الأحوال،
  إبقى  ثابتا
و إبقي  صامدة ،


شذرات خاطرة مسائية

جميلة محمد القنوفي
المملكة المغربية