الخوف المجحف ، في حياة ترتجف !
عندما يرتجف الإنسان إذا عطس ،
ويفر من غيره إذا عطس ،
وعندما يرتعد إذا سعل ،
ويهرب من غيره إذا سعل ،
وعندما يحسب كل حكة في الحنجرة خطرا محذقا ،
وهلاكا محققا ،
وموتا مطبقا ،
وعندما يجرب كل لحظة حواسه إن تعطلت خصوصا منها حاسة الشم ،
وعندما يخشى اللمس والهمس ومحاذاة الجموع ، ويخشى الريح والهواء ومس الأنف وحك العين والدموع ،
وعندما يخشى ما يؤكل وما يشرب وما يمضغ وما يبلع ،
وعندما ينغلق في زاوية مظلمة من زوايا بيته الضيق ، ويخشى أن يتسلل إليه الوباء من وراء الجدر ، أو من ثقب من ثقوب الأبواب والنوافذ والجدر ،
وعندما لا ينشغل فكره إلا بالموت الآتي من الصين ، والهلاك المرتقب كل حين ،
وعندما لا تصله إلا أخبار السوء والشؤم بموت الأحباب والأصدقاء والأنساب ،
وعندما يقنط من كل مهرب من هذا الوباء الذي سيطر على مشاعره وعلى وعيه ولا وعيه ،
وعندما لا يرى إلا دخان الوباء يحيط به من كل جانب ،
وعندما يعلم أن المشافي لا تشفي ، والأدوية غابرة ومنعدمة ، والجموع الغفيرة تنتظر دورها في التحاليل التي لم تعد متاحة إلا بشق الأنفس ...
فماذا يبقى له من أمل وشعور بالأمن والاستقرار ؟
لقد نجح من جعل مشروعه الجهنمي بث الرعب والهلع في البشرية إلى حد لم يسبق له مثيل في تاريخ البشر ، لأغراض خسيسة وضيعة عدوانية عنصرية وبربرية .
لقد نجح في تعذيب البشرية وتعميم الخوف في الأرض وما حولها و ما فوقها وما جاورها من كواكب ومجرات .
حزنت النجوم والأقمار لحال الأرض ، وأشفقت عليها من الخوف الذي يعتصرها قبل قيام الساعة .
إن أشر أنواع الابتلاء هو الابتلاء بالخوف . قال الله تعالى في سورة البقرة :" ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين .".
لقد قدم الله تعالى الخوف عن بقية البلايا تقديم الشدة والخطورة والتأثير ، وهو الخبير بالنفوس وما تحمل وتحتمل وتقدر على احتماله .
كل الناس في هذا الخوف سواسية ، فالمصاب مصاب ومن لم يصب ينتظر أن يصاب .
كل خطوة يخطوها الإنسان يحسبها خطوة نحو الوباء فيرتجف ويرتعد ويحوقل ويستعيذ ...
إن الحياة إذا ملأها الخوف صارت موتا في موت ، وعدما في العدم .
إن العقيدة الصحيحة تقتضي مواجهة الخوف بالإيمان ، واليقين بأحكام القضاء والقدر ، واتخاذ أسباب النجاة كلها ، والتوكل على الله في السلامة .
إذا نجحت في إقناع شخص أنه في خطر الموت ، صنعت به كل ما تريد ، وتحكمت في عقله ومشاعره ، وجعلته ينصاع ويستسلم لأوامرك ، وهكذا فعلت مؤسسات الشر والخبث في العالم .
أقنعت البشرية بأنها في خطر الفناء ، فانساقت البشرية لأوامرها ونواهيها ، واستسلمت ، وأطاعت تعليماتها ، وتتبعت بكل حزم أخبارها ...
هكذا يكون الشر إذا استولى على العلم !!!
يجعل العالم يرتجف ...
بقلم عمر الأشقر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق