الاثنين، 16 نوفمبر 2020

بقلم عمر الأشقر

 حين يلبس الجهل ثياب العلم !


 يحدث هذا المسخ في كل زمان ، لكنه في زماننا صار ظاهرة تؤرق ، وواقعا عاما يقلق ، وسلوكا حقيرا له الناس تصفق ...

لبس الجهل ثياب العلم ، ليس بغرض التمثيل المسرحي الفني للتوعية والتحسيس ، وإنما بغرض التمويه والتضليل ووضع الفخاخ للجفلى من الجماهير .

لبس ثياب العلم وخرج يتبهنس في مشيته ، ويتمايل في زهوه ، ويتبختر في غروره ، يأمر وينهى ، ويقبل ويرد ، وينفي ويؤكد ، ويحكم ويقرر ، لا كلام فوق كلامه ، ولا سلطة فوق سلطته .

سحر الجماهير فحسبته علما ساطعا ، ونجما لامعا ، وحسبت أهله علماء وحكماء ونبغاء لا يشق لهم غبار في المنقول والمعقول ، والمحقق والمأمول ، والمنقطع والموصول ، والمرجوح والمقبول ...

خرج هذا الجهل مجسدا في أعيانه يبتغي تطهير المجتمع ، وترقيته ، وتربيته ، وبناء قيمه وتصحيح معارفه ، وهو أولى بالتطهير ، والتنقية ، والتنظيف ، والتقويم ...

كم من جاهل أحمق انخدع لهوى نفسه ، فظن نفسه عالما جامعا ، وجهبذا لامعا ، ونجما ساطعا ، وغرور العالمين ينفخ فيه صبحا وظهرا ، وزوالا وعشيا !

أين تواضع ابن سيناء والخوارزمي وابن طفيل وإخوان الصفاء وابن خلدون وأبي حنيفة ومن على شاكلتهم من نبغاء هذه الأمة وحفاظها ومبدعيها وبناة عزها وحضارتها وصناع مجدها وتاريخها ؟؟؟

لقد أصبحت أربعة أمور ضرورية لمن أراد أن يلبس ثياب العلم والثقافة زورا ، وهي :

الغش ، والكذب ، والمداهنة ، والنفاق !

فمن توفرت له او فيه هذه الأمور الأربعة صار عالما لامعا في زمن العبث والضياع والتيه والهزال .

هزلت حتى بدا من هزالها كلاها ، وسامها كل مفلس !

إن جهل المجتمعات لا يزول بجهل آخر لبس ثياب العلم ، وتنكر في صورته ، إنما يزول بمقاومة العلم الخالص ، المؤسس على قواعد مرصوصة بشكل ثابت متقن ، المحين والمحبوك والمصفى والمعمق ...

إن المجتمعات في حاجة إلى علماء تجريبيين ، وعلماء طبيعيين ، وعلماء مكتشفين ، وعلماء تنويريين ، وعلماء الاجتماع والأخلاق والدين والاقتصاد والسياسات ...

العلم الحقيقي النافع للبشرية هو السبب الكلي لخلق هذا العالم العلوي والسفلي طرا ، والجهل المفتون ، المتنقل في صورة العلم ، هو السبب الكلي في فساد هذا العالم السفلي ...



عمر الاشقر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق