الجمعة، 16 أكتوبر 2020

محمد محجوبي

 الرجل الذي يقيس مسافته بشوك 

. ..

بينه وبين ظله تنتعش اليرقات المتمكنة من بعض أنفاسه المرتدة على جدرانه الليلية يقف بين رتابة أعاصيره  منتفخا بداء عميق فيسترسل بنظراته على مفترق الإعوجاج الخريفي رغم الأغنية االبدوية التي توطنت في دمه الضاحك عبر سنوات وثقها غراب منسي كان يستعبد الهواء فكان المحاربون القدامى يفرغون شحنات النار في شريان ذالك الرجل الذي خبر قياس الشوك بين مسافات وترحال ، هكذا بقي الرجل شقيق ليل يسوغه دخان الحرية بنكهة تلك الأغنية المريرة الفصول لعازفي حزنهم بين أشجار وغابات هو يحتفظ بعناوينها سر إمرأة ما ناشز في زمن الصقيع تتصنع لغات الخدش وتنمي في الشوك فيضان الداء وهي المرأة التي امتهنت مزاجها من سحنة ذالك الرجل الغائر الكبت في أجيج الدوران ، 

تارة يتمظهر بقبعة المزاح يصرخ في واد شبابه الآسن الليل ،وتارة أخرى تميزه قلنسوة الحكماء فتشيخ سحنته المتجعدة بين ضجيج الركض وبين سراديب تميع عينيه الدامعتين لكي يختلط بكثبان أرقه في زوابع الذات ،فيظل الرجل ملتاع البوح تقابله نكرة امرأة تحلب من خيباته أغداق الدنيا الزاحفة على رئتيه فيتصلب شبحا يراود أنسا تتلاعب به أمواج الحظ وخلوته الهشة بين شاربيه دخان يتقصى روحه ، يتساكن مع أشيائه التافهة  ، يغوص في معنى المحطات التي تسيج أفقه المعلق لعله مترسب في علبة الحلم بمعزل عن تلك المرأة المحتمية بأشجاره المشوكة على مسافات متحدة الحواجز تفرخ الأشباح .


محمد محجوبي / الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق