الأربعاء، 4 مارس 2020

حسام المقدم ..

مع آخر جُملة، وبعد رؤية شاهد قبر "عنايات الزيات" في الصفحة قبل الأخيرة؛
 تقف اللغة في مكان بعيد جدا في الأعماق. لا كلام يمكن أن يُقال عن هذه الرحلة الكبيرة التي قرأتُها كلمة كلمة، ووقفتُ عند همساتها وأنفاسها لو صح أن أقول ذلك.
  بعد كل ذلك الشغف النادر، والإيمان العظيم بعنايات الزيات كفكرة كبرى تمثل الإنسان الفرد الفنان في مقابل الحياة والعالم في الخارج، فكرة  تلاقت مع قناعات "إيمان مرسال" في أعمق جذورها لأكثر من ربع قرن، عبر تتبع أثر كل ما يخص عنايات الإنسانة دون السماح بنسيان هفوة أو تفصيلة واحدة في حياتها القصيرة (1936- 1963). من الطفولة والاكتئاب المبكر والأسرة والمدرسة الألمانية وصداقة نادية لطفي والكتابة واليوميات وابنها وطلاقها وروايتها "الحب والصمت" المرفوضة على الدوام، التي وللمفارقة ستنشر عام 1967بعد وفاتها، ولكن مع زرع فقرة في النهاية الغريبة على جسد الكتابة لتصبح نهاية إيجابية! في معهد الآثار الألماني والعمل على كتابة رواية ثانية عن عالم المصريات الألماني "كايمر".. الأماكن التي عملت أو عاشت فيها عنايات، منزلها في الدقي وخطها ويومياتها والعصر كله، لدرجة معرفة أسماء الحبوب المنومة المعروفة أيامها، والتي انتحرت بأحد أنواعها ذات اللون الوردي.
 لروح عنايات الزيات السلام الآن، ولشاهد قبرها المنزوع  المُبعَد سيكون الذِكر لا النسيان.. ستتغير أمور كثيرة بعد هذا الكتاب، فيما يخص عنايات نفسها وسيرتها، والأهم فيما يخص تقصي الأثر والمعنى والدرس، في مشوار حياة طويل يمشيه الممسوسون، مشوار يلزمه الصدق والشغف والإيمان.. وكل المعاني الكبيرة التي لازمت "إيمان مرسال" في رحلتها.

**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق