الخميس، 13 فبراير 2020

ـــــ شعر يحيى الشيخ ـــــ

« كَانَ لِي قَدَرٌ فِي الضَّادِ يَرفَعُنِي... ! »

(قصيدة في ما آلت إليه اللغة العربية)


****************

لا تَغْضَبِي إِنْ أَتَاكِ الشِّعرُ مَخْبُولاَ
ـــــ قَد بِتُّ لَيْلِي بِحُضْنِ الضَّادِ مَعلُولاَ

أَبْكِي الْقُرُونَ اللَّوَاتِي كُنْتُهَا زَمَنًا
ـــــ مُحَصَّنًا كَرَعِيلِ الْأَعصُرِ الْأُولَى

يَهُزُّنِي الشَّوْقُ هَزَّ المُتْعَبِينَ وَلِي 
ـــــ فِي الحُبِّ بَيْتٌ بَنَاهُ اللهُ مَشمُولاَ

بِالضَّادِ أَزْهُو وَلَفْظُ الضَّادِ نارُ فَمِي
ـــــ بِالْأَرضِ تَعصِفُ لا تَخْشَى الْأَسَاطِيلاَ

أَقُولُ شِعرًا، عَزَائِي الشِّعرُ يَا لُغَتِي
ـــــ مُذْ كُنْتِ حَرثِي وَكَانَ الشِّعرُ مَحصُولاَ!

كَقَيْسِ لَيْلَى تَمَنَّيْتُ الْهَوَى وَكَفَى،
ـــــ أَلْقَاكِ ثُمَّ أَعِيشُ الدَّهْرَ مَذْهُولاَ

لَوْ كُنْتُ قَيْس، وَلَيْلَى كُنْتِ لِي نَغَمًا
ـــــ لَكُنْتُ قُلْتُ كَلاَمًا فِيكِ مَعقُولاَ

مَا قَيْسُ فِي التِّيهِ لَمَّا يَنْتَهِي عَدَمًا
ـــــ فِي حُبِّ لَيْلَى يَقُولُ الشِّعرَ مَنْحُولاَ

لَنْ أَلْقَ فِي الحُبِّ حَظًّا أَنْتِ مَعْدِنُهُ
ـــــ مَا لَمْ يَكُنْ فِيكِ فَصلُ الْقَوْلِ مَنْخُولاَ

تَغْشَى الْقَصَائِدُ صَدرِي، نُحتُ مِنْ وَلَهٍ
ـــــ لَمَّا عَشِقْتُكِ شَبَّ الصَّدرُ مَسْلُولاَ

عُودِي لَنَا لُغَةَ الضَّادِ الْقَتِيلَةِ كَيْ
ـــــ لا يَنْتَهِي زَمَنُ الْأَعرَابِ مَشْلُولاَ!

تَفْنَى اللُّغَاتُ وَتَبْقَى بَعضُ أَحرُفِهَا
ـــــ وَأَنْتِ تَرقَيْنَ فِي الْعَلْيَاءِ قِنْدِيلاَ

عِقْدًا عَلَى الْجِيدِ لا عِقْدٌ يُضَارِعُهُ
ـــــ وَهَالَةَ الْعِزِّ فَوقَ الرَّأْسِ إِكْلِيلاَ

يَا أَنْتِ يَا لُغَةَ الضَّادِ الْجَمِيلِ وَلِي
ـــــ سِحرُ الْهَوَى فِيكِ لَمَّا بِتِّ تَنْزِيلاَ

يُتْلَى بِكِ الْآيُ تَجْوِيدًا وَحَرفُكِ إِذْ
ـــــ يُتْلَى يَكُونُ لِوَقْعِ النُّطقِ تَجْمِيلاَ

فَيَستَوِي الذِّكْرُ رَسمًا فِي جَلاَلَتِهِ
ـــــ بِرِيشَةِ السِرِّ مَروِيًّا وَمَنْقُولاَ

قَدَاسَةٌ أَنْتِ، هَلْ فِي الْأَرضِ مِنْ لُغَةٍ
ـــــ تَقْوَى عَلَى حَمْلِ آيِ اللَّهِ مَرسُولاَ؟

يَا رَبِّ شَرَّفْتَ بِالْقُرآنِ أُمَّتَنَا
ـــــ وَالضَّادَ وَالْمُصطَفَى وَاخْتَرتَ جِبْرِيلاَ!

لَوْ شِئْتَ كُنْتَ وَضَعتَ السِرَّ فِي لُغَةٍ
ـــــ لا ضَادَ فِيهَا وَظَلَّ الضَّادُ مَجْهُولاَ

أَوْ دَكَّ كَعبَتَنَا أَفْيَالُ أَبْرَهَةٍ
ـــــ وَلَمْ تُوَكِّلْ بِهَا الطَّيْرَ الْأَبَابِيلاَ

لَكِنْ رَفَعتَ عَلَى هَامِ الدُّنَى عَرَبًا
ـــــ مِنْ قَبْلِ وَحيِكَ قَد كَانُوا مَجَاهِيلاَ

حَمْدًا لَكَ اللهُ كَمْ بَارَكْتَ فِي لُغَةٍ
ـــــ كَمْ هَالَنِي الْيَوْمَ مَا فِي شَأْنِهَا قِيلاَ!

أَلَمْ يُكَذِّبْ بِنَاءُ النَّحوِ مُدَّعِيًّا
ـــــ يَرَى الْبِنَاءَ إِلَى الْمَجْهُولِ تَعطِيلاَ؟

أَمَّا الْمَجَازُ فَهَذي الضَّادُ تَعرِفُهُ
ـــــ والْاِشْتِقَاقُ، وَزِدْ بالصَّرفِ تَحوِيلاَ

وَذِي الْقَصَائِدُ، حَدِّثْ هَلْ تَرَى لُغَةً
ـــــ تُعطِي كَمَا الضَّادُ لِلتَّمْثِيلِ تَفْصِيلاَ؟

وَالضَّادُ، واللهِ لَوْلاَ الضَّادُ مِنْ قِدَمٍ
ـــــ لَمْ يَعرِفِ الْكَوْنُ لِلْإِدرَاكِ تَحصِيلاَ!

لَوْ شِئْتُ عَدَّدتُ مَا قَد كَانَ مِنْ شَرَفٍ
ـــــ فَخْرًا لَهَا قَبْلُ فِي الْأَزْمَانِ مَا نِيلاَ

كَانَتْ لَنَا لُغَةٌ وَالْيَوْمَ نَلْعَنُهَا
ـــــ وَالْغَادِرُونَ بِهَا قَالُوا أَبَاطِيلاَ

قَالُوا بِهَا قِدَمٌ وَالْعِلْمُ يَنْكُرُهَا
ـــــ وَنَحْوُهَا عِنْدَهُمْ قَد ضَلَّ تَأْوِيلاَ

وَأَنَّهَا لُغَةٌ لَنْ تَلْقَ حَامِلَهَا
ـــــ إِلاَّ ذَلِيلاً بَأَرضِ الذُلِّ مَذْلُولاَ

وَنَاطِقُو الضَّادِ لا لَفْظٌ يُؤَلِفُهُمْ
ـــــ غَرثَى وَجَمْعُهُمُ قَد صَارِ مَفْلُولاَ

فِي فِتْنَةٍ لَمْ يَزَالُوا مُذْ حُسَيْنُ قَضَى
ـــــ بِكَربَلاءَ بِسَيْفِ الْغَدرِ مَقْتُولاَ

وَالْيَوْمَ لَيْسَ لَهُمْ دِينٌ يُوَحِّدُهُمْ
ـــــ وَرَبُّهُمْ بَاتَ فَوْقَ النَّعشِ مَحمُولاَ

ضَغَائِنُ الشَّرقِ، قُلْتُ الشَّرقُ أَحدَثَهَا
ـــــ لَمَّا طَغَى الشَّرقُ صَارَ الشَرُّ تَمْثِيلاَ!

فَمَا تَرَى رَجُلاً فِي الشَّرقِ ذَا ثِقَةٍ
كَمِثْلِ هَارُونَ والْمَأْمُونِ مَسؤُولاَ

صِرنَا شَتَاتًا وَضَاعَتْ بَيْنَنَا لُغَةٌ
ـــــ فِي مَوْعِدِ الْفَيْضِ أَطعَمْنَا بِهَا النِّيلاَ 

يَبِيتُ يَلْعَنُهَا الْأَكْرَادُ إِنْ نَطَقُوا
ـــــ نَسَوْا صَلاَحَ وَزَادُوا الْأَمْرَ تَهْوِيلاَ

أَمّا الْأَمَازِيغُ إِنْ أَفْتَى مُحَدّثُهُمْ
ـــــ يُحَمِّلُ اللهَ دُونَ الْخَلْقِ تَحمِيلاَ

وَمَنْ هُمُ بِلُغَاتِ الْغَربِ قَد فُتِنُوا
ـــــ يَرَوْنَ فِي الضَّادِ بُهْتَانًا وَتَجْهِيلاَ

كَأَنَّمَا الْأَلِفُ الْمَمْدُودُ مِنْقَرُهَا
ـــــ عَصًا بِهَا نُطعِمُ الصِّبْيَانَ تَضْلِيلاَ!

تَرَاهُمُ كَتَبُوا «أَنْـتِي» مُزَوَّقَةً
ـــــ بِالْيَاءِ كِيمَا يَزِيدُ الْخَطُّ تَجْمِيلاَ

وَمِنْهُمُ مَنْ يَرَى الْقُرآنَ مُنْتَحَلاً
ـــــ يَتْلُوهُ فِي الْعِيدِ تَوْرَاةً وَإِنْجِيلاَ

وَمَنْ إِذَا أَنْجَبَتْ زَوْجٌ لَهُ وَلَدًا
ـــــ سَمَّاهُ دَانْدِي وَسَمَّى بِنْتَهُ اسْتِيلاَّ

فَإِنْ ضَحِكْنَا منِ اسْمِ الْبِنْتِ قَالَ لَنَا
ـــــ سَهْوًا نَطَقْتُ، فَبِنْتِي اِسْمُهَا سِيلاَّ!

دَانْدِي أَخُوهَا، لِأَنَّ الْاُمَّ تُؤْثِرُهُ
ـــــ كَنَّتْهُ دَانْدِي وَإِلاَّ كَانَ كُودزِيلاَّ!

وَبِنْتُ بِنْتِي أُسَمِّيهَا، وَذَا شَرَفٌ
ـــــ لِكُلِّ حَابِلَةٍ فِينَا أَنَابِيلاَ

يَا أُمَّةَ الْاِغْتِرَابِ الْغَربُ دَوَّخَكُمْ
ـــــ سَيَكْبُرُ الْغَربُ فِي أَحشَائِكُمْ غُولاَ!

وَيَرقُصُ اللَّغْوُ فِي أَرحَامِكُمْ طَرَبًا
ـــــ فَيُولَدُ الطِّفْل مِثْلَ اللَّحنِ مَهْزُولاَ

وَتَلْفَظُ الْأَرضُ إِنْ مِتُّمْ عُفُونَتَكُمْ
ـــــ تَرجُو بَدِيلاً لِمَنْ لَمْ يَبْغِ تَبْدِيلاَ

لا تَنْدُبِي يَا ابْنَتِي حَظِّي فَلِي لُغَةٌ
ـــــ حَتْمًا سَتَبْقَى وَيَبْقَى الْحَبْلُ مَوْصُولاَ

قَد كَانَ لِي قَدَرٌ فِي الضَّادِ يَرفَعُنِي
ـــــ وَالْيَوْمَ لِي قَدَرٌ قَد كَانَ مَعمُولاَ

هَيَّا احفَظِي شِعرَ أَجْدَادِي وَلا تَدَعِي
ـــــ بَيْتًا يَفُوتُكِ وَاسْتَقْصِي التَّفَاصِيلاَ!

وَإِنْ قَرَأْتِ لِكَعبٍ بَعضَ بُردَتِهِ
ـــــ قُولِي لَهُمْ أَبَتِي قَد شَبَّ مَتْبُولاَ!

قَد كَانَ فِي لُغَةِ الضّادِ الَّتِي أَفَلَتْ
ـــــ بَيْتٌ لَهُ فَهَوَى، فَانْهَدَّ مَعزُولاَ

وَبَشِّرِي بِمَجِيءِ الضَّادِ إِنَّ لَهَا
ـــــ نُطقًا يَظَلُّ كَشَهْدِ النَّحلِ مَعسُولاَ

هَذا الَّذِي يَا ابْنَتِي قَد كانَ مُذْ زَمَنٍ
ـــــ وَلَمْ يَكُنْ أَبَدًا مِنْ قَبْلُ مَأْمُولاَ

لَوْ كُنْت حَامي عِرضِ الْعُربِ كُلِّهِمُو
ـــــ لَكَانَ عِرضُ بِلادِ الْعُربِ مَغْسُولاَ

لَكِنَّ عِرضَ بِلادِ الْعُربِ مُنْفَلِتٌ
ـــــ كَالضَّادِ مُنْكَسِرٌ إِذْ لا يَدٌ طُولَى

إِنِّي انْتَهَيْتُ وَلَكِنْ ما انْتَهَيْتُ هُنَا
ـــــ فَلْتَحبُلِي وَلِدِي ضَادِي الَّذِي اغْتِيلاَ!

وَقَبِّلِيهِ فَإِنَّ الْعَطفَ فِي قُبَلٍ
ـــــ حَرَّى تَجِيءُ فَيَغْدُو الْكَوْنُ تَقْبِيلاَ

وَإِنْ رُزِقْتِ بِثَان حَصِّنِيهِ فَفِي
ـــــ أَرحَامِ نِسْوَتِنَا قَابِيلُ هَابِيلاَ!

لَئِنْ يَمُتْ خَفَقَانُ الضَّادِ فِي بَلَدِي
ـــــ فِي الغَربِ أَبْعَثُهُ أَوْ غَربَ مَانِيلاَّ

وَلَنْ أَكُونَ كَما الْأَعرَابُ إِذْ حَرَقُوا
ـــــ نَفْطَ الْعُرُوبَةِ فِي حَانَاتِ مَاربِيلاَّ

إِنَّ الْعُرُوبَةَ تَجْرِي فِي دَمِي وَلَكَمْ
ـــــ كُنَّا بِهَا فَاعِلاً وَالْيَوْمَ مَفْعُولاَ!

كُنَّا قَدِيمًا، حُمَاةُ الشَرِّ نُفْزِعُهُمْ
وَالْيَوْمَ فِينَا يَزِيدُ الشَرُّ تَقْتِيلاَ

كَادُوا وَكِدنَا وَكَيْدُ اللهُ يُفْحِمُنَا
وَمَنْ أَشَدُّ مِنَ الرَّحمَانِ تَنْكِيلاَ؟

إِنَّ الْعُرُوبَةَ مَا تَفْنَى وَفِي دَمِنَا
ـــــ تَظَلُّ دَالاًّ عَلَى الدُّنْيَا وَمَدلُولاَ

سَأَرسُمُ الضَّادَ فِي أَرضِي وَفِي زَمَنِي
ـــــ حَتَّى يَصِيرَ بَهَاءُ الضَّادِ مَقْبُولاَ

وَأَشْكُلُ الضَّادَ مَرفُوعًا عَلَى شَفَتِي
ـــــ وَلا أُرِيدُ بِغَيْرِ الرَّفْعِ تَشْكِيلاَ

اُنْصُبْ وَجُرَّ فَفِي الْحَالَيْنِ مُنْكَسِرٌ،
ـــــ فَارفَع جَبِنَكَ ضَادًا فِيكَ مَشْكُولاَ

عَسَى العُرُوبَةُ تَرقَى أَنْتَ فِي دَمِهَا
ـــــ تَكُونُ حُضْنًا لَهَا لِلضَمِّ مَحلُولاَ!

إِنْ لَمْ تُكَابِر وَهَذِي الْأَرضُ قَد غَدَرَتْ
تَظَلُّ دَهْرَكَ بَيْنَ النَّاسِ مَكْبُولاَ! 


باريس، بتاريخ 18 ديسمبر 2019م
ـــــ شعر يحيى الشيخ ـــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شعر يحيى الشيخ

تَراتِيلٌ بِطَعمِ الشَّرقِ وَالْمَنفَى ...!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ــ تَراتِيل الْعِشق:

قَصَائِدُ الْحُبِّ فِي عَيْنَيْكِ قَد ذَبَلَتْ
ـــــ كَأَنَّنِي لَمْ أصُغْ أَحلَى مَعَانِيهَا

أَوْ لَمْ يَكُنْ رِيقُكِ الْمَعسُولُ يُسكِرُنِي
ـــــ لَمَّا خُمُورُ غَدِي جَفَّتْ دَوَالِيهَا

أَوْ أَنَّ قَلْبِي الَّذِي اسْتَسْقَيْتِهِ زَمَنًا
ـــــ مَا كَانَ يَوْمَ لَهِيبِ الشَّوْقِ يَسقِيهَا

أَطفَأْتِ شَمْعَتَنَا حَتَّى غَدَا مَثَلاً
ـــــ لِلنَّاسِ بُعدُكِ فِي الْهِجْرَانِ تَشْبِيهَا

رُحمَاكِ، يَلْعَنُنِي الْوَاشُونَ فَانْتَصِرِي
ـــــ يَا طِفْلَةً صَدَّقَتْ أَقْوَالَ وَاشِيهَا!

فَكَيْفَ دُونَكِ أَحيَا الْيَوْمَ فِي كِبَرِي
ـــــ بَيْنَ الْقُمَامَاتِ مَرمِيًّا أُغَديهَا؟

وَكَيْفَ أُشْفَى وَلِي مَلْيُونُ ذَاكِرَةٍ
ـــــ تَجُرُّ ذَاكِرَتِي آلاَمَ مَاضِيهَا؟

تَغزُو الجِرَاحَاتُ جُرحِي ثُمَّ تُفْسِدُهُ
ـــــ وَيَصرُخُ الْجُرحُ: آهٍ مَنْ يُدَاوِيهَا؟

2ــ تَرَاتِيلُ الشَّرقِ الْحَزِين:

لَكَمْ سَأَلْتُ جَلاَلَ اللَّهِ تَسْلِيَّةً
ـــــ لِلرُّوحِ عَنْكِ لَعَلِّي قَد أُسَلِّيهَا!

فَرُحتُ لِلشَّرقِ وَالْإِيمَانُ يَرفَعُنِي
ـــــ وَالْحُبُّ أَشْرِعَةٌ ضَادِي صَوَارِيهَا

تَاهَتْ عُيُونِي بِأَرضٍ لاَ عُيُونَ بِهَا
ـــــ لَمَّا تَحَجَّرَ حُزْنِي فِي مَآقِيهَا

تَشَتَّتَ الرَّمْلُ فِي صَحرَاءَ هَالِكَةٍ
ـــــ وَالنَّخْلُ أَثْمَرَ حُزْنًا فِي رَوَابِيهَا

فَقُلْتُ فِي أُمَّةِ الْأَعرَابِ مَرثِيَّةً
ـــــ عَلِمْتُ أَنِّي أَنَا أُولَى مَرَاثِيهَا

وَأَنَّ كُلَّ قَوَافِي الشِّعرِ عَاجِزَةٌ
ـــــ عَنْ نَعيِ أُمَّتِنَا الثَّكْلَى مَرَاثِيهَا

لاَ الْقُدسُ عَادَ فَأُلْقِي الشِّعرَ مُنْتَشِيًّا
ـــــ وَلاَ الْوُعُودُ وَقَد خَابَتْ أَمَانِيهَا

وَلاَ الْأَعَارِيبُ مِنْ شِيحِ الْفَلاَ شَرِبُوا
 ـــــ بَوْلَ الْجِمَالِ فَتَاهُوا فِي فَيَافيهَا

وَلاَ بِلاَدِي وَقَد فَارَقْتُهَا وَكَفَى
ـــــ أَنَّ الْمَنَافِي تَغَدَّتْ مِنْ تَجَافِيهَا

تَصُدُّنِي فَيَشِبُّ الشَّوْقُ فِي كَبِدِي
ـــــ نَارًا فَأَكْبُرُ شَوْقًا فِي مَنَافِيهَا

أَغَارُ مِنْهَا عَلَيْهَا وَهْيَ تَخْدَعُنِي
ـــــ وَكَمْ أَمُوتُ وَأَحيَا فِي تَعَازِيهَا!

نَحنُ الشَّهِيدَانِ فِي أَرضٍ عَلِقْتُ بِهَا
ـــــ حَتَّى زَرَعتُ غَرَامِي فِي بَوَادِيهَا

وَكَمْ حَمَلْتُ عَلَى صَدرِي وِسَادَتَهَا
ـــــ عَسَى الْوِسَادَةَ تَسعَى فِي تَلاَقِيهَا!

وَبِتُّ أَبْكِي وَلَحْنُ النِّيلِ يُسكِرُنِي
ـــــ لَكِنَّ مِصرَ أَضَاعَتْ صَوْتَ وَادِيهَا

وَلَيْسَ فِي الْيَمَنِ الْمَفْجُوعِ لِي قِصَصٌ
ـــــ كُنّا بِصَنْعَاءَ لِلْأَجْيَالِ نَحكِيهَا

تَأْتِي الْإِمَارَاتُ بِالسَّوْءَاتِ آمِرَةً
ـــــ فَيَعصِفُ السُّوءُ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

وَقَاسَيُونُ يَصُبُّ الْحُزْنَ فِي بَرَدَى
ـــــ لَمَّا يُغَازِلُهَا جَهْرًا أَعَادِيهَا

وَلَعنَةُ الْبُؤْسِ فِي السُّودَانِ مَنْبَتُهَا
ـــــ كَلَعنَةِ الْهَجْرِ إِذْ فَاضَتْ سَوَاقِيهَا

إِذَا رَحَلْتُ لأَرْضِ التِّيهِ تَمْلَأُنِي
ـــــ رُعبًا طَرَابُلُسُ الثَّكْلَى صَحَارِيهَا

لَمْ أَسْلُ، كُنْتِ وَكَانَ الشَّرقُ فِي دَمِنَا
ـــــ طِفْلاً نَمَا عَدَمًا وَازْدَادَ تَشْوِيهَا

وَكُنْتُ قَبْلُ أَرَاهُ اللهَ لِي سَنَدًا
ـــــ إِذَا أُصَلِّي أَرَى فِي اللهِ تَنْزِيهَا!

مَا عُدتُ أَقْرَاُ فِي الْأَوْهَامِ رِحلَتَنَا
ـــــ وَالْأَرضَ كُنَّا وَكَانَ الحُبُّ حَامِيهَا

3ــ تَرَاتِيلُ المَنْفَى وَالضَّيَاع:

إِنِّي أَنَا وَرَحِيلُ العُمْرِ لِي قِصَصٌ
ـــــ تَحكِي ضَيَاعِي وَلاَ سَردٌ يُجَارِيهَا

وَجَدتُهَا كَنُفُوسِ الْخَلْقِ حَائِرَةً
ـــــ تَطْوِي الْأَمَانِيَ وَالْأَيَّامُ تَطوِيهَا

يَا أَيُّهَا الْعُمْرُ هَذَا الْقربُ يُبْعِدُنَا
ـــــ هَلاَّ رَحَلْتَ فَتَلْقَى الرُّوحُ بَارِيهَا!

أَنَا الْغُرُوبُ وَلاَ شَمْسٌ تُلاَحِقُنِي
ـــــ إِذْ يَخْنِقُ اللَّيْلُ شَمْسِي فِي مَجَارِيهَا

وَتَخْتَفِي بَسْمَةُ السَّعدِ الَّتِي أَفَلَتْ،
ـــــ لَمَّا وُلِدتُ نُجُومِي لَمْ تُوَاسِيهَا

صِنْوَانِ نَحنُ، رَحِيلُ الْعُمْرِ فِي شَفَتِي
ـــــ وَمِحنَتِي أَنْتِ، تِيهِي فِي الْجَفَا تِيهَا!

لَوْ تَنْتَهِينَ فَأَلْقَى فِي الْوَدَاعِ غَدًا
ـــــ بَشَائِرَ الْخُلْدِ فِي الْجَنّاتِ تُؤْوِيهَا!

4 ــ تَرَاتِيلُ الْعُرُوبَة:

مَا عُدتُ أَعشَقُ إِنَّ الْأَرضَ تُوهِمُنِي
ـــــ أَنِّي بِحُضنِكِ أَنْأَى عَنْ مَآسِيهَا

وَكَيْفَ تَرحَمُنِي الدُّنْيَا وَقَد غَدَرَتْ،
ـــــ مُذْ عَهْدِ آدَمَ لَمْ تَرحَمْ أَهَالِيهَا؟

دَعِي الْهَوَى جَسَدًا يَطْفُو عَلَى جَسَدٍ
ـــــ قَد أَتْلَفَ الرُّوحَ لَمَّا بَاتَ حَادِيهَا

وَإِنْ ظَمِئْتِ لِرِيقِي لَنْ تَكُونَ لَنَا
ـــــ إِلاَّ العُرُوبَة فَلْنَشْرَبْ خَوَابِيهَا!

لَعَلَّنَا بِالْهَوَى نُروَى وَكَيْفَ لَهَا
ـــــ أَلاَّ تَجُودَ وَهَذَا الْقَلْبُ رَاعِيهَا؟

لَكَمْ أَغَارُ فَتَبْكِي الرُّوحُ مِنْ وَلَهٍ
ـــــ لَمَّا تَجِيءُ رِمَاحُ الشّكِّ تُدمِيهَا!

أَنْتِ الْعُرُوبَةُ كُونِي أَنْتِ ذَاكِرَتِي،
ـــــ قَصَائِدِي وَدَعِي الْأَحلاَمَ تُلْقِيهَا!

سِحرُ المَحَبَّةِ يَبْقَى الْعِشْقُ يَكْتُبُهُ
ـــــ فَدَوِّنِي قِصَصًا دَوْمًا سَأَحكِيهَا!

الْأَرضُ أَنْتِ رَعَاكِ اللهُ يَا فَرَحِي
كُونِي لَنَا الْأَرضَ بِالْأَروَاحِ نَفْدِيهَا!

إِنَّ الْهَوَى قَدَرٌ، بَلْ أَنْتِ لِي قَدَرٌ،
ـــــ أَقْدَارُنَا اجْتَمَعَتْ فِي حُكْمِ قَاضِيهَا!

باريس، بتاريخ 3 فبراير 2020م



ـــــ شعر يحيى الشيخ ـــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 8 فبراير 2020

د.محمود ملك الأصفر

عنا بالدار
..........................................
يا أمي الورد الجوري مفتح نوار
بحسنو طل بجمالو خطف الأنظار
وحطت عنا اليمامة وطير الوروار
عم يغنو بأصواتن أجمل أشعار
..........................
شوفي بهالليلة شوفي جاي الحسون
واقف فوق الجورية وهوه مفتون
عم يبدع ويغنيلا أروع لفنون
والشحرور والكناري عنا زوار
...........................
قومي شوفي يا أمي طير الكروان
واقف ع غصن الجوري وهوه هيمان
عم ينشد أحلى غناني وأعذب ألحان
جاية هوه ورفقاتو يعمل مشوار
.............................
قومي شوفي البلابل جاية بكير
وعصفور الدوري عنا يرفرف ويطير
والدنيا صارت جنة وشو حلوة كتير
واليوم اجتمعت عنا كل الأطيار
.............................................................
د . ملك محمود الأصفر

عبدالرحمن بكرى

نغـــم الهجيـــــــــــــر
الجزء الثانى

.............
ومــا ليـــلى بهـا هــادٍ ولا عصفــاً يحــازينــــا
ولا عشقى جفـــاهُ كان مـــوصـوفٌ ينــاجينــــا
على أسْتــــارِ هجْـــره وىْ كأنّـــا قــد تلاشينــا
إذا مــا هــالنى بهـواه صرت فــدْواً يزكّينــــــا
فليتــكَ يــا خليـلى فى الهـوى أَنْــدَى تفادينـــــا
فـــإنّى فى هــواك رجــوتُ خـلْـداً فى أسامينــا
فأنّــــا لى بيـــــومٍ أعبــــــر المُنيـــه بوادينـــــا
وأعُـلى مـذهبى بصبـابـةٍ تــزهى نـواصينــــــا
أيـــا ذا إن أردْتَ من الجـفى توفيــرَ يخزينـــــا 
لأعطينـــاكَ غــايــــةَ مــا تريـــدُ دواءَ يشفينـــا 
ولـــو شئتـــم لأهـدينـاكَ شوقـــــاً قـــد يساوينــا 
فمــرْ إن شئتَ عذبــاً قـد يفيـــد لهيــبَ يضنينــا 
ولكنَّ الَّــــذى أبــــغى منـــــــالاً جـالَ يوصينــا 
رفاقـــــاً لا يفارقْنـــا مريــــــــدً جـاب يصلينـــا 
فلسْتُ بمن يزنـــــزنُ كالبـرايـــا من يبــاهينــــا 
فــــؤاداً دامَ عشقــــهُ لا يبيــــــــد ولا يقاضينـــا
دروباً من جفى المحبوبِ سرنــا كى يراعينــــا 
على الاشـــواكِ لا نشكــو بعــاداً جــبَّ يفنينــــا 
الا ينسابُ فجــــرٌ بعـــد غســـقٍ هــلَّ يمسينــــا 
مضى يجفــو قنـــاديـلَ الهوى بالعشقِ مخزينــا 
يكــبٌّ لاعقــاً دمــعَ الحشا جـهـــراً ليــورينـــــا 
فمــا أبـقى لنــــا لومــــاً وجهـــراً دام يسنينـــــا

......................
الى الملتقى فى الجزء الثالث والاخير
كلمات / عبدالرحمن بكرى

الجمعة، 7 فبراير 2020

محمد أديب السلاوي

"السلطة" بين الحامل والمحمول في الزمن العربي.

-1-
في قواميس اللغة والفلسفة والعلوم الإنسانية ،للثقافة والمثقف /للحامل والمحمول في التعابير العتيقة للغة الضاد، صفات محددة وشروط معلومة وقيم مرسومة.
"الحامل" هو المثقف الذي يتميز بالحذق والفهم واليقظة والذكاء/هو ناقد الممارسات الخاطئة، على خلفية معرفية يستطيع من خلالها تحديد الساحات الخاضعة للنقد انطلاقا من مرجعية نظرية محددة /هو الذي يواجه تحديات الفساد والسلطة الظالمة /هو من يحمل هوية الثقافة في عقله وقلبه وتصرفاته /هو من يتميز بالاستقلالية، ويتصف بقدر واسع من المعارف الفكرية المتنوعة
للدكتور زكي نجيب محمود : المثقف هو الذي يحمل أفكارا من إبداعه، أو من إبداع غيره، ويعتقد أن هذه الأفكار جديرة بأن تجد طريقها إلى التطبيق في حياة الناس.
وبالنسبة للدكتور ادوارد سعيد : المثقف هو من وهب ملكة عقله لتوضيح رسالة أو وجهة نظر أو موقف أو فلسفة أو تجسيد أي من هذه أو تبيانها بألفاظ واضحة لجمهور ما.
وبالنسبة للدكتور محمد عابد الجابري : المثقف هو الذي يقول ما يعرفه / هو ذلك الذي يلتصق بهموم وطنه، وبهموم الطبقات المقهورة والكادحة / هو الذي يضع نفسه في خدمة المجتمع، ويواجه تحدياته المختلفة ،دفاعا عن الحق والحقيقة، ورفضا لكل أشكال الظلم والقهر والتسلط في المجتمع.
وبالنسبة لعالم الاجتماع الأمريكي لويس كوزر : المثقف وريث الكهنة والأنبياء، أنه معني بالبحث عن الحقيقة والاحتفاظ بها، وبالقيم الجمعية المقدسة، تلك التي تتحكم بالجماعة والمجتمع.
-2-
أما المحمول، أي "الثقافة" فقد احتلت هي الأخرى مواقع متميزة في قواميس اللغة والفلسفة والمعرفة والعلوم الإنسانية والانتروبولوجيا، باعتبارها هي الحياة الإنسانية بأشمل معانيها وأعمق تجلياتها/هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والأعراف وكل القدرات والعادات التي يكتسبها الإنسان من حيت هو عضو في المجتمع /وهي خارج كل هذه القيم موقف نقدي جريء ومسؤولية كبرى ورسالة إنسانية / وهي تشمل الفقهاء والعلماء والكتاب والشعراء والفنانين وكل المبدعين / وهي الرابط الموضوعي بين واقع الأمة وتراثها الفكري والحضاري /وهي التي تعبر عن الخصائص الحضارية التي تتميز بها كل امة من الأمم / وهي نمو معرفي تراكمي على المدى الطويل /وهي العقائد والقيم والقواعد التي يتقبلها المجتمع.
-3-
وليس بعيدا عن الحامل والمحمول،( المثقف والثقافة) ،هناك البعد الثالث في هذا الموضوع المتسع،./هو البعد الذي يدرك جيدا خطورة الثقافة و المثقف اللذان يملكان القدرة الفائقة على العبور إلى عقل الأخر، والقدرة على مشاركته أهم القضايا التي تشغله.
البعد الثالث هنا هي السلطة والذين يعملون تحت ظلها من المثقفين، والذين يشكلون رسائلها القوية لترويج أفكارها وسياساتها وبرامجها وخطبها، المدافعين عن قوتها، عن بطشها ورعبها، والعاملين على تامين سيادتها.
هذا الصنف من المثقفين، يحولون الفكر إلى سلعة تباع وتشترى، يسخرون ما يملكونه من علم ومعرفة ومنطق للتأثير على المجتمع لصالح أسياد السلطة، يتحولون إلى مدافعين عن فسادها وكذبها وتلاعباتها بمعايير الثقافة وقيمها ،وهو ما جعل الفعل الثقافي في مواجهة مستمرة و دائمة مع السلطة الجائرة.
-4-
السؤال: ماهي العلاقة بين الحامل والمحمول والسلطة في الوطن العربي اليوم ؟ هل هي علاقة فكرية موضوعية متوازنة أم علاقة محكومة بالمصالح الذاتية والطارئة للجانبين.. ؟
في واقع الأمر أن علاقة الثقافة والمثقف والسلطة في الوطن العربي، كانت ولازالت علاقة يحكمها الشك والريبة وعدم الثقة، لان السلطة كانت دائما ولا زالت، هي القادرة على فرض قوانينها وسياساتها، هي القادرة على قهر معارضيها وسجنهم وإحراق كتبهم ونفيهم وإعدامهم إن اقتضى الأمر ذلك.
في الأزمان الغابرة اتهمت السلطات العربية الحاكمة الفقهاء والمفكرين والمثقفين المعارضين لها ولبطشها، فاعتقلت بعضهم ونفت وأحرقت كتب البعض الآخر، وحكمت بالإعدام علي العديد منهم.
وفي الزمن الراهن لم يختلف الأمر،مازالت السلطات العربية تواجه الثقافة المعارضة وأهلها الرافضين لها أو لسياساتها، بالعنف والقسوة والتشريد والتهميش والسجن والإقصاء.
لقد مرت العلاقة بين المثقف والسلطة بين الثقافة والسلطة، ،بتطورات واستقطابات واصدامات عديدة ومتنوعة ،بدأ من عصر المديح والهجاء وانتهاء بعصر الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، حيت تحرر المثقف من قيود السلطة التي أصبحت تواجه ثقافة الثورات والاحتجاجات والصراعات الجماهيرية. .
مع ذلك ،الصراع بين قطبي الثقافة وأهلها والسلطة وأهلها لم ينته بعد على الساحة العربية، مازال المثقف خادم ثقافة السلطة وأسيادها، هو اخطر على الثقافة من السلطة ذاتها، ليس فقط لأنه يرضى السلطة التي يعمل تحت ظلها، ولكن لأنه يبذل الجهد المستحيل من أجل أن يكون الصواب إلى جانبها، حتى لو كانت خاطئة، ومن أجل إسكات الأصوات التي تعارضها حتى لو كانت على صواب...ومازال المثقف صاحب الفكر الحر، صاحب الرؤية الواعدة عدوا للسلطة، وتلك هي المشكلة المستعصية التي مازالت تواجه الساحة العربية ،في كل تضاريسها الجغرافية.
أفلا تنظرون... ؟


محمد أديب السلاوي

الاثنين، 3 فبراير 2020

محمد أديب السلاوي

التنمية والتخلف، ماهي شروط الحوار بينهما... ؟

في كل مكان وفي كل زمان، يحتاج الإنسان دائما وباستمرار إلى التنمية، تنمية قدراته ليتمكن من القيام بواجباته، بأنشطته وأعماله، وليتمكن من توسيع خبراته، وهو ما يجعل شروط "التنمية" ضرورة لا غنى عنها على كافة الأصعدة، ليس فقط لأنها تنطلق من نظرية التطور الاجتماعي، ولكن لأنها أيضا تجعل الحياة مريحة وفعالة.
التنمية بهذا المعنى في المرجعيات العلمية، ليست فقط رافعة أساسية للتطور، ولكنها ابعد واكتر من ذلك هي العنصر الأساسي للاستقرار والتطور الشامل، تتخذ أشكالا مختلفة، لا تهدف فقط لرقي الوضع الإنساني، ولكنها تهدف أساسا إلى بناء الإنسان وفق ما تسعى إليه قيم النهضة والتقدم والحضارة.
التنمية بهذا المعنى أيضا، هي مخطط علمي/ اقتصادي/ ثقافي يهدف إلى إحداث تغيرات في الفرد والجماعة والتنظيم من حيت المعلومات والخبرات، ومن حيت الأداء وطرق العمل. إنها عملية شاملة / عملية تغيير ونقل المجتمع من وضع إلى آخر أحسن، تهدف إلى تنمية الموارد والإمكانات الداخلية للمجتمع.
مغربيا ، تواجه التنمية ،كما هو الشأن في الدول النامية إشكالات و معوقات متعددة، تواجه إحباطات التخلف الاقتصادي/ التخلف المعرفي/ الأمية / البطالة / انخفاض الدخل القومي / الزيادة السكانية خارج التخطيط /سيادة النفقات غير الاقتصادية./ أي تواجه احباطات التخلف.
ولان التنمية ترتبط في كل مكان وزمان بالاقتصاد والسياسة والثقافة، ترتبط أيضا بالتعليم والرعاية الصحية والحد من الفقر وبالمساواة بين الجنسين والتأهب للحوادث وتحسين الظروف المعيشية ودعم البنية التحتية والخروج من فخ التخلف وإعادة توزيع الثروة، إضافة إلى الاستقرار الداخلي والديمقراطية وحرية الرأي وحقوق الإنسان، وجميعها تشكل الشروط الموضوعية لبناء التنمية. والخروج من حالة التخلف.
وفي رأي علماء التنمية، أن "التخلف" احد الحقول الواسعة التي تنفتح عليها التنمية في الدول المتخلفة، ذلك لان كل الجوانب التي تعالجها التنمية في هذه الدول يكون التخلف فصيلة أساسية في البحت والمعالجة والتنظير، وهو ما يعني أن التنمية هي العلاج الأسمى لكل ظواهر ومواضيع التخلف ولاشك أن العلاقة بين الحقلين(التنمية والتخلف) قيمة سوسيولوجية، من الصعب تفكيكهما أو تشريحهما خارج شروطهما الموضوعية، / التخلف هو اقتصادي، اجتماعي، ثقافي، سياسي، لذلك فان الوعي بالتخلف لا يتم إلا حينما تحدد الدول المتخلفة أهدافها البعيدة والقريبة من التنمية. أي تنمية تريد؟ ما هي الحدود التي تريدها بين التخلف والتقدم؟.
إن التنمية والتخلف في وضعهما العلمي، يعكسان بقوة الأداء الحضاري لأي مجتمع في لحظة تاريخية. التخلف يعكس العجز الذي يكبل المجتمعات، ومن تم يصبح البحت في مكامنه هو الطريق السليم نحو التنمية وآفاقها القريبة والبعيدة.
أفلا تنظرون.....؟



محمد أديب السلاوي

الأحد، 2 فبراير 2020

عبد الرحمان البكري

نغـــــــم الهجيـــــــر
****************



هذا النص 64 بيت سينشر على اجزاء
مع تحياتى : عبدالرحمن بكرى
************************
أيــــا من كان راعينـــا . وبــالأشــــواق يبقينـــــا
ملكْنــا الـــودَّ أجلى فى الصدور فصـــار يدنينـــا
وفيــض العشق يـومــاً مـــا خلى دوماً يصافينـــا
فمـــاذا حـــلَّ منكــم بعـــد ذاك الصـبِْ فتبلينـــــا
جرعنــا الضيم غـــرساً مرسلا يجــرى مــأّقينــا
وذقنـــا المـــرَّ من بعــــده شقـــاءاً كان يكـوينـــا
فمـــــا أوفى لنـــا ذكــــــرا ومـا أربى بحامينـــا
فـــإنّْـــا بالصبــابـة نصطلى نــــزْف المغيرينـــا
بلــوعات الأسى جمــر اللهيــب روى مريدينــا
أمـــا كنت الـــوعى للقلـب تـــرشدهُ أراضينــــا
فتــــروى بالفـــــؤاد بـــوار ودٍّ فى صحارينــــا
وقــــد كنت الـــرؤى بالليـــل جـــــمّ المحبّينــــا
وديـــعً فى فــــراشٍ نــــــاعمٍ يسـرى ليــالينــــا
وكنــت السكْنَ لفْــــــؤادٍ شَـرُود خــلى المجلّينــا
رمى بـــالشوق غــــمٍّ للعــــدى بجــوار نادينـــا
وكنـــت الشهْــد للـــروحِ الجديب كمـن يواسينـا
خصيــبٌ قـــد عـلا بالحصْــد يـرقى بالمنيبينـــا
ألا تـــذكرْ نسيـم الفجـــر يــــومً كان يسرينـــــا
بـأغصان العبيـــر يجـــول بثْنــاءٍ يحــاشينـــــــا
ألا تـــذكر لقــانــــا فى ليـــالِ شتـــــا يدفّينــــــا
رطيـــبٍ بالحنيــن الـصرْفِ داعبنــا ينــادينــــا
وهـل تـــذكر عناقيـــد الكروم وكـم تــلاهينــــا
بــدتْ حسْنً يجـوب هوى غروبِ تــلا تلاقينــا
فهـــلّْ لنــــا بأيّـــــامٍ نعيـــد بهـــا تَـــدَاوينـــــــا
شتـات الشوق بالأنغـــام نبْـع الوصْــلِ يشدينـــا

يتبع .........
عبدالرحمن بكرى