الخميس، 28 فبراير 2019

بقلم مجد الدين سعودي

رواية (وداعا رانقة) للأديب الدكتور محمد الوادي: في استنطاق الذاكرة والعشق والكتابة
-----------------------------



الباب الأول
------------------------
برولوغ
--------------------
رواية (وداعا رانقة)، عمل روائي جميل ومكثف، من استعارة البطل حمدان لاسم البطلة وحياة كاتب طبع حياته بالعشق والتمرد ومحاولات اكتشاف الوجود...
كاتب خبر دهاليز الابداع، يحمل في قبعته الأدبية والساحرة كل أنواع الأجناس الأدبية، فهو شاعر وصحافي ومسرحي وناقد وروائي وجمعوي...
لهذا أتت رواية (وداعا رانقة) للدكتور محمد الوادي تحمل هموم المبدع وعشقه، فيتداخل السرد والسيرة الذاتية والعشق ورحلة الخروج من القرية لاكتشاف العالم...
في رواية (وداعا رانقة) تحس بالتشويق وتبحث عن رانقة محمد الوادي، فتجدها ابداعا جميلا ورؤيا ناضجة حول السياسة والحب والابداع والتأمل الفكري....
--------------------------------
الرواية ومحمد الوادي
-------------------------------------
تدور أحداث رواية (وداعا رانقة) حول البطل الكاتب المتعدد الاختصاصات الأدبية (حمدان)، وهو شخصية محورية، يستحضر ذكرياته ويحث ذاكرته على سرد أحداث الولادة وما قبل الولادة والطفولة والأهل والأصدقاء والرغبة الكبيرة في السفر وعشقه الكبير لرانقة...ويمكن القول أن رواية (وداعا رانقة) هي (قصة حب مجوسية) بطعم وأحداث وتساؤلات مغربية....
-----------------
الباب الثاني
-----------------
الفصل الأول
----------------------------
شخوص الرواية
------------------------
اختار الدكتور محمد الوادي أبطال روايته المتوجين وغير المتوجين بعناية وبدقة، وكان لهؤلاء مكانة تناسبهم في عمله الروائي...
----------------
فاطمة
--------
فاطمةهي أخت البطل حمدان والتي ماتت صغيرة ومع هذا سكنت ذاكرته: (كانت صورة أخته فاطمة هي أول الصور التي فتح عليها عينيه بعد صورة أمه وأبيه. كانت فاطمة واحدة من بنات الجنة، في الثالثة من عمرها. ذات شعر أسود كثيف، وعيون بسعة الدنيا والحلم، وبياض بشرتها يميزها عن كل فتيات القرية. أما ابتسامتها فكانت ساحرة تنزعك من وكر الشياطين الى عالم مكتظ بوهج الحياة والبراءة والحلم ... الصفحة 12 و 13 ).
وفاطمة تسكن قلب وروح حمدان الذي يقول: (كلما لجأ الى السرير للنوم يتخيل فاطمة وهي تحمله على ظهرها، أو هي تشد بيده على الوقوف والمشي، أو هي تطعمه، أو هي تداعبه. كانت جد فرحة به وكأنها وجدت لها مؤنسا وحارسا... لعبة جميلة تتسلى بها بحب كبير.. أخ يبادلها الضحكات والفرح ويملأ عالمها. كانت مسرورة الى درجة الانتشاء ... الصفحة 17).. لكن مرض (بوحمرون) سيأخذ فاطمة الى العالم الآخر...
------------------------------
الجد
---------
في وصف دقيق يحدد لنا حمدان جده قائلا: (صباح الأحد القادم سيفتح الشانطة – الحقيبة المفضلة ذات اللون البني الداكن، وسيستخرج منها الجلباب المميزة التي لا يرتديها الا في المناسبات الأكثر أهمية، والسلهام الأبيض، والبلغة الصفراء، والطربوش الأحمر، والقميص الأبيض، والسروال الأبيض كذلك، هذه هي ملابسه الأغلى والأحسن، والتي سيرتديها الأحد المقبل قبل الذهاب الى السوق، ومنه الى قمة الجبل، ثم الى السماء. انها ملابس تليق بالعالم العلوي الذي سيزوره..... الصفحة 22 ). 
كما يحلل شخصية جده قائلا: (شيخ وقور وتقي ولكنه مراوغ، يعرف كيف يقنعك، وكيف يخرجك من عالم أنت مصر على البقاء فيه، الى عالم آخر.. يعرف كيف يغير اهتمامك، وكيف يحور تفكيرك، وكيف يخلق لك آلية بديلة لآلية تفكيرك... الصفحة 16 )...
----------------------
الأب
--------
توفي والد حمدان وهو صغير: (اتجه نحو قبر أبيه. ينتقي خطواته حتى لا يدوس على قبر وينتهك حرمة الموتى....  الصفحة 29 )، وبعملية فلاش باك يقول : (تذكر حينما كان أبوه يضمه الى صدره، ويقبله ، ويركب معه على الحصان. وكان الأب يقول لحمدان سيكون لك شأن كبير......الصفحة 30).
------------------------------------
ليليان
---------------
جنية يهودية تسافر مع حمدان في صحوته وغفوته وحلمه وبوحه والتي لا تفارقه وتدفع عنه المصائب، وتؤكد له ليليان: (رانقة التي سحرتك أنا التي دفعتها الى مغازلة أوتار قلبك   ...الصفحة 86). وليليان هي قارئة فنجانه وتؤكد له: (لا تقلق هذا العام عامك. ستبدع فنا قوليا، شعرا موسوما بالشعرية، ونصا دراميا مسرحيا ستختار له اسم – الرقص على الجمر – ودراسات مختلفة...الصفحة 87 ).
-------------------
الأم
-------------
الأم حاضرة في رواية (وداعا رانقة)، فهي الصدر الحنون وهي التي تفهم حمدان جيدا وتعرفه فرحا أم حزينا، مهزوما أو مترددا أو منتصرا...
يحدثنا حمدان عن أمه قائلا : (كل ما كان يهم حمدان هو الذهاب الى فاطمة التي اشتاق اليها كثيرا، ولن يعدم وسيلة.كلما ذكرها، في حضرة أمه، الا وأجهشت الأم بالبكاء، وتساقطت من عينيها دموع غزيرة حتى تحمر عيناها ، ويبح صوتها، وتتألم كثيرا لفراقها... الصفحة 21 )..
----------------------
شخصية حمدان
------------------
حمدان البطل والكاتب والعاشق معا...وهو كثير الأسئلة منذ صغره الشيء الذي دفع جدهالى التعليق قائلا عن حمدان: (هذا الطفل يدهشني بطرح أسئلة محرجة...أسئلة أكبر من سنه... أسئلة صعبة.. الصفحة 15). وكان جواب فقيه القرية: (طفل كباقي الأطفال، يحفظ السور القرآنية في صمت، وهو أصلا قليل الكلام، كثير الشرود.   الصفحة 15)....
ويمكن تلخيص شخصية البطل والكاتب حمدان في قرار اللجنة الموقرة: (خينما بحثنا، بدقة متناهية، في أمورك السرية والعلنية، وجدناك مجنونا عاقلا.. حلاما واقعيا.. وأنت في كل الأحوال لا تعدو أن تكون مجرد مدبج كلمات، وصانع سياقات لغوية. ليس لك أن تعترض على هذا الاستنتاج، فنحن حين قررنا أن نضعك في الميزان النقدي كان في نيتنا أن نخرجك من دائرة الظل الى سماء الضوء. والآن نمنحك، تحت سلطة الحاحك وجبروت عزمك، صفة كاتب متوج. فاكتب ما تشاء. إنك تحت مجهرنا الى أن نصادر كلامك، أو نقطع لسانك.  الصفحة 5).
منذ الطفولة وحمدان متمرد: (فقد أضرب عن الرضاعة لمدة قاربت الشهر حتى يئست أمه واعتبرته هالكا لا محالة.   الصفحة 11 )..
ويصف حمدان نفسه قائلا: (كان حمدان وسيما وجميلا. شعره كث وشديد السواد، مصفف وطويل يغطيأذنيه وجزء من رقبته والجزء العلوي من جبينه. له عينان سوداويتان فيهما ألق أخاذ وبريق ساحر. ذو بشرة بيضاء. لا تبدو عليه ملامح البدو... الصفحة 25 ).

-------------------------
الفصل الثاني
----------------------
الأماكن
للأماكن دلالاتها ورمزيتها في رواية (وداعا رانقة):
-----------
الدار البيضاء
------------
الدار البيضاء الغول الكبير وهي شر لا بد منه، يقول حمدان:(في خلوته التي لا يرتاح الا فيها، يعيد ترتيب أوراقهومقروءاته، وخصوصياته على نغمات أغاني أم كلثوم التي أدمنها لسنوات. في مدينة الدار البيضاء التي لا يعشق فوضاها، وتخلفها، ونتانتها، كان مجبرا على التناغم مع حب لا يمت لهذه الجغرافيا الآثمة.. الصفحة 66).
--------------
فاس
------------
في مدينة فاس يكتشف حمدان نفسه...
يقول: (في فاس شرب الكوب الأولى. سقته اياه فتاة من بلور، واعتقد أنها ستكون رفيقة حلمه ودربه، لكن –جنان السبيل – لم يف بوعده، وخانته البطحاء في واضحة النهار، وحولته فاس الى مولود عريان تماما من حلمه، ونبض قلبه، والشرب من ذاك المعين...
في ليل فاس الحزين شدته ذكريات الطفولة، عشق، ولد ميتا على نغمات طرب الآلة الأندلسية.. طموح تكسر – سريعا – على جنبات ضريح مولاي ادريس....  الصفحة 107 و 108 )...
وحمدان أثناء استرجاع طفولته يسترجع كل الأماكن التي عاش فيها:
(كان الطفل حمدان يروي عطشه من نهر بوشابل، صنو ورغة وسليل سبو. كما أفعى يتلوى النهر على مفاصل قبيلة اشراكة.... بينما تقبع فاس تحت أقدام زلاغ، تتربع تاونات على قمم جبلية وكأنها تراقب كل الجغرافيا مخافة أن يعود اليها المستعمر.
-المسالتة – قرية صغيرة غالبا ما تستيقظ، كل صباح، على اشراقة شمس خجولة.... الصفحة 23 )...
--------------------------
الفصل الثالث: الكاتب والكتابة
--------------
الكتابة روح بناءة، خلود وجمال...
وحمدان الدكتور محمد الوادي يقول:(الكتابة خطيئة.. والكتابة اغتيال ومولد جديد في نفس الآن. وهي مزعجة تماما مثلها مثل كوابيس الليالي الباردة. وحينما تكون – هذه الكتابة –عن امرأة بمواصفات رانقة تغدو جحيما.. جمرا يحرق الأصابع، ويحرق، قبلها، القلب... الصفحة 60)..
الكتابة فعل تورط: (ولأنه تورط فيها، وفي الكتابة معا.... الصفحة 61)..
ويواصل تعريفه لفعل الكتابة: (الكاتب، دائما، يتستر على العديد من الوقائع والحقائق ويترك في حياته، وحياة من يعاشرهم ومن يكتب عنهم، مناطق مجهولة، وأخرى مضببة، وثالثة غير محددة العالم...الصفحة 61) .
ولنتعرف على ميولات البطل والكاتب حمدان عن ميولاته في هذا المقطع السردي الجميل: (وفي شفتيها حمرة ميالة الى دم المقتولين غدرا. بين الحمرة ولون البؤبؤين البني الشفاف لون ثالث لم يستطع أن يحدده وهو الفنان التشكيلي، والسيناريست المبدع، والمسرحي بالفطرة والتكوين الأكاديمي، والقصاص، والاعلامي، والشاعر...الصفحة 62).
ولا ينسى أديبنا وبطلنا نحمد الوادي وبلسان حمدان أن يحدثنا عن عشقه للمسرح، فيقول: (وأن تحاصره جسارة الشغف ...جدته التي وصفها في اهداء احدى مسرحياته أنها أحسن ساردة علمته كيف يحكي، وكيف يصف، ويقص، ويتصور ويتخيل، ويسرد، ويدبج الكلمات، ويؤثت النصوص، ويخلق عوالمه الخاصة.... الصفحة 93).
-----------------------
الفصل الرابع: الموت والوجود
-------------------------------
الموت حدث درامي لا نعرفه متى يأتي، وحمدان يتحدث عن موت أخته فاطمة قائلا :(ماتت فاطمة. لم يكن يعرف معنى الموت. لكن ما أدركه – فيما بعد – أنها غابت طويلا. وعرف – من خلال جده أحمد – أنها ماتت، وأنها لن تعود الى المنزل، ولن يراها ثانية على وجه هذه الأرض، والموعد سيكون هناك.. في الجنة.. في السماء.. في العالم الآخر... الصفحة 13 ) .
ويواصل :(كان على يقين تام أنه قريبا سيرحل عن هذه الدنيا... الصفحة 14 )
وكذلك: (كتاب أجله يريد أن يقرأه...يريد أن يعرف متى سيرحل؟... والى أين سيكون الرحيل؟ ... وكيف سيتم؟ ...   الصفحة 14 )...
انها حيرة التساؤلات المشروعة: (أسئلة تتناسل باستمرار...سؤال يقوده الى آخر. مع كل سؤال جديد تكبر حيرته التي أدخلته في حالة نفسية قريبة من الانطواء والانعزال... الصفحة 14 )...
وحكمة الفيلسوف يقول حمدان: (ليس الموت أقل روعة من الحياة. الصفحة 18)
ويعود لأخته فاطمة والموت: (ماتت فاطمة من غير أن تدرك معنى الموت، أو حتى معنى الغياب. وهي – الآن- طائر جميل يحلق في الجنان.. الصفحة 18...). 
---------------------
الفصل الخامس: الحب والسياسة
---------------
بخبرة الكاتب المتمرس يربط محمد الوادي خيبات الحب بخيبات السياسة خيباتنا تجاه الآمال المعلقة على سياسيي النفاق والوصولية...
يقول حمدان:(أحيانا يشبه الحب بالسياسة التي تتغير وتتبدل حسب المصلحة، الا أن الفرق الصارخ بين الحب والسياسة هو أن المحب مهما تبدل قلبه، وتغير شعوره نحو حبيبه، فان أشد ما قد يتخذه من قرارات هو الهجر. أما السياسي قد يلجأ الى الوسائل والأساليب الأكثر قذارة ونذالة من أجل تحقيق المنفعة الشخصية.    الصفحة70)...
ولهذا يسافر البطل حمدان الى الخارج (تركيا):
(لأول مرة تمنى لو تكون مغادرته للوطن أبدية، فالبلاد بدأت تتدحرج، كرة الثلج، نحو الهاوية، قبضة المخزن الحديدية على السلطة والعباد، تأزم الوضع، والأحزاب السياسية لا يهمها غير اقتسام الكعكة، والطبقة المتوسطة اضمحلت وغاب دور النخب. هو لا تعنيه السياسة الا من باب الخوف على الوطن، وعلى الناس.     الصفحة 95).
والبطل حمدان يتكلم انطلاقا من تجربته السياسية: (خبر العمل الحزبي ولما انكشفت له الحقيقة غادر الحلبة وكفر باللعبة لأنها غير نظيفة، وانحاز الى الثقافة والفن.... الصفحة 95 )...
وبحزن يواصل: (كان بحاجة الى أن يعزي نفسه في وطن يموت لحظة بعد لحظة. وطن تقتله السياسة بعدما قتله الاستعمار.    الصفحة 95 ) ...
كما تحضر جامعة الدول العربية في هذا الحوار الشيق بين العاشقين:
(- لن نجلس في مقهى حديقة الجامعة العربية، قال لها.
- لماذا ؟
-لم تعد تعجبني.
-بل قل لم تعد تؤمن بالقضايا العربية.  الصفحة 114 )
في الحقيقية جامعة الأوهام العربية هي التي لم تعد تؤمن بالقضايا العربية...
وقد صدق حمدان عندما علق: (وأن يدا ما...... تحرك أمور العرب خارج جامعتهم   الصفحة 114)...
--------------------------------------
الفصل السادس: رانقة: نهاية حب، نهاية أمل
------------------------------
يقوم حمدان بالتعريف برانقة حبيبة قلبه ويقول : (فلتتأكد أنه لن يفشي سرا من أسرارهما، ولن يذكر حتى اسمها الحقيقي ، فقد احترع لها من الأسماء الرمزية ما يليق بمقامها ... الصفحة 60 )..
رانقة هي عشق حمدان الكاتب والعاشق، وكل أحداث الرواية تنهل من عشق البطل لها.. وهي التي غيرت حياته: (عندما رآها...انخطف قلبه.. انقلب كيانه...أحس وكأن هذه الممثلة...ستقف على عتبة أنفاسه حاملة سيفها مهددة اياه بالقتل، وقد تكون قاتلته الفعلية.... الصفحة 67).
ولهذا يحاول: (أن يجد تفسيرا لنبضات قلبه المتسارعة، ولهذه الحالة الغريبة وغير المسبوقة التي يحسها...الصفحة 68)
انه سحر رانقة الرمز والاسم الفني لفاتنة حمدان...
ويعترف كاتبنا قائلا: (فجأة وفي ساحة الثانوية ظهرت رانقة بكل بهئها وطاووسيتها فسحرت قلبه وجعلته يرى كل النساء مختصرات فيها ... الصفحة 76 و77).
ويتابع بوحه: (أنت الغيمة والعين.. الخليلة والحليلة... الصفحة 92 )...
يصف العاشق الولهان حبيبته رانقة قائلا: (كانت رانقة صغيرة كما البرعم، وكان جسدها في طور افراز نتوءاته الشهوانية، وكانت أسئلتها كثيرة ومحرجة، وأحيانا لا معنى، ولا مغزى، ولا نسق...كانت أحلامها جنونية وتبدو طوباوية... الصفحة 53 )..
ومع هذا يتساءل العاشق حمدان عن رانقته قائلا: (لا تزال رانقة غامضة. هل هي كباقي الفتيات مثل الزهريات المغشوشة والمرايا المحذبة؟ أم أنها عميقة كما المحيطات؟ أم تجمع بين كل هذه المتناقضات.   الصفحة 80).
حمدان يعترف بعشقه الكبير لرانقة وعندما أرادت وداعه شعر بحزن عميق، ويصف لنا مشاعر الوداع قائلا: (من غير اخبار سابق قررت رانقة السفر.. الهرب.. الرحيل   الصفحة 133).
فكان تغيير حمدان راديكليا وتراجيديا معا: (لبس حزنه الأسود وانطوى على نفسه. أصبح لا يطيق النظر في وجوه وعيون الأصدقاء والزملاء...أصبح زاهدا في كل شيء... الصفحة 136).

---------------------------------
الفصل السابع: الوصف والحلم
-------------------
يتميز الدكتور محمد الوادي باعتماده على وصف دقيق للأحداث، وبوصفه يجعلك متشوقا لمتابعة أحداث رواية (وداعا رانقة)، وفي مشهد بليغ كان حمدان يتساءل: (دخلت ربعاء الفراش، وتدثرت، وأطفأت النور الخافت. نامت كما طفلة في ربيعها العاشر. بلا شك رأته في منامها يركض فوق جوادهالكستنائي في غابة الحب، تائها كيهودي الشتات، كعربي الانقسامات.. خائفا من عدو حقيقي أو مفترض.. من مكائد وحروب لا تتوقف.. هاربت من واقع عربي سمته الأساس القتل بدم بارد، والخيانة بنوع من الاعتزاز والفخر....   الصفحة 75).
ويصف حمدان نفسه قائلا: (كان طفلا ولوعا ومعتدا بطفولته وأحلامه   الصفحة 105 )
--------------------------
خاتمة: وداعا رانقة
-----------------------
عنوان الرواية هي نهايتها ...
والدكتور الأديب محمد الوادي أتحفنا بعمل روائي قوي وسافر معنا منذ طفولة الكاتب الى يوم عشق رانقة التي سكنت قلبه وروحه...
--------------

مجدالدين سعودي -  المغرب

بقلم مجد الدين سعودي

قراءة نقدية في الديوان الزجلي (نون النسا) لزينب أوليدي: توهج الحروف وتأملات مجدوبية
-------------------------------------------

برولوغ
-------
زينب أوليدي، زجالة مغربية تجمع بين وهج الحرف والرسم...
ترسم لوحات فنية بطعم الزجل وبالمقابل تكتب الزجل بطعم الرسم...
يقول الزجال والشاعر عزيز محمد بنسعد في تقديمه لديوانها (نون النسا): (تواصل زينب أوليدي بحثها عن المعنى، عن المزنة الماطرة، عن الغيمة العابرة، عن المنفلت فينا، بلسان ينتمي اليها وتنتمي اليه...الصفحة 7).
في ديوانها (نون النسا)، كتبت وأمتعت، سافرت وأبدعت...
-----------------------------------------
1 – توهج الحروف
------------------
زينب أوليدي هي مجدوبة الحرف بامتياز، فالحرف يسكنها وتسكنه بامتياز، وهو وسيلة مثلى للمناجاة والتعبير عن دواخلها...حرفها بهي وجميل...
في قصيدة (سدا سكاتي)، تقول وهي متأملة حروفها:
(عهد الله
آآحروف النسا
حتى تكوني
حرز العطفة
حتى تكوني
مناول الوقفة
كل ما ساعفني
منجج الدي
كل ما تخبل الحكي
بين الليل والدي
كل ما تحيرت الحروف
على هجهوج الحال. الصفحة 33).
وتواصل:
(اللي بيني وبين الكلمة
خيط الروح
بيه معلكة بوح...الصفحة 34).
وكذلك:
(الكلمة الموشومة
حكمة
ما تعطي طوع..
للهتوف...الصفحة 34).
الكلمة صفاء ونقاء، تعبير للمسكوت عنه والساكن أعماق الزجالة:
(الكلمة جمرة...
مردومة
تحت الرماد الدافي
تزند ف كانون
القوافي
مع حثيث الليل
خمرة
في سروج المعاني
حركة حرة...الصفحة 35).
بينما في قصيدة (سوالات الخاطر) تناجي نفسها وحروفا قائلة:
(أنا من تراب
ولا من ماء
سوالات رتقت
محاين الحال
وروحي الساكنة
قبر الذات
تهمس بليل
والنهار..
كلام مخوطر
راك من الحرف
والحرف منك
فيك مقتول
فيك مدكوك...الصفحة 67)
وتواصل ناهلة من بحرالحكاية الشعبية قائلة:
(ضمي حريفات
المشيعة خريفة
هاينة والغوال
حلام مزوارة
ف عروك الحكاية...الصفحة68)
وتواصل بوحها:
(وحروف النسا
مزواكة ف المهراز
يدك نفكة
قرنفل وريحان
على نواظر القصيدة...الصفحة 68).
أما في قصيدة (شرقة وبرقة) فزجالتنا تستغيث بحرفها قائلة:
(وعاري عليك 
التبسيمة
نوري خدود
الحرف
فرح
مازال حروفي
كادة ترقص
رقصة المجدوب...الصفحة50)
وكذلك:
(نهيم ف شمس 
القوافي
العافسة ف ردي
يامي
نكب مدادي
هنا ولهيه
مسكون بجدبة
الشرفا..وتواليه
ونون النسا
مزاوكة ف الخيار
سبولة الصفا
ما يدوزو عاري...الصفحة 52).

-------------------------------
2 - الصبر
------------
الصبر قيمة انسانية تظهر قدرة الانسان على مواجهة المحن والخيبات والتحلي بالقوة والحكمة معا.. ففي قصيدة (عكاز الصبر) يمتزج الصبر بالسفر بالحرف:
(بين عقلي
وأناي
شديت السفر
مرة برقه
وشويه شرقه
سري علكه
ف حلق الكتبه
حاضنه
حروف النسا
جمره
زاندة معاني...الصفحة 38)
ثم تواصل:
(الحكمة
ف الكلمة
والكلمة ف حسي
عروسة البحر
ناقشة من ضو
النهار
حلام مزوارة
برحات فيا
بلسان الصبر
طالقة سوالف الجدبة...الصفحة40)
وتتوجه شاعرتنا لليل لتحكي له:
(لو كان الليل
يستر جرح الكليب
نحكي جرحي
للساهرين
دمعة...الصفحة45)
بينما في قصيدتها (الحسبة حصبة) تعترف:
(عام على
عام
نجاهدني
ف هم التزمام
نضيمو
ف قصايد محسوبة
نخبيه
ب عطرية حشومة
ف خوابي مثقوبة
نلقاك 
أعامي
و ما نلقا...
كلامي...الصفحة 83)
أما في قصيدة (دراز الصبر)، فالصبر مفتاح الفرج رغم الخيبات:
(شحال من فرحه
رواتها أيامي
وأنا ف أيام اخرى
متلفاني سكرة
الاحزان
شحال من فرحه
غزات ديك لتوال
الغنباز
وانا.. ف مشيط الحروف
نمدها حبال
على قد طوال
يامي
ندرزها صبر...الصفحة 55).
-----------------------------------
3- تأملات
-----------
في ديوان (نون النساء) تنحو الزجالة زينب لوليدي نحو تأمل الكون واستخلاص العبر والدروس من هذه الحياة، اذ نلاحظ في قصيدة (صهد المحنة):
(نشعلني جمرة
نزند هنا...
نهبى لهيه
وقراقب
حروف النسا
مزلكة على صدر الايام
حروف ومعاني...الصفحة 64).
وفي قصيدة (غزيل الليل)، تعود لمناجاة الليل، والليل هو سمر وتأمل وحكمة:
(الليل يا الليل
وشم
بالدمع الضاحك
هذ الحروف
عاشقة
الليلة نسكر
ضيم...
حنين
حتى يطل 
الفجر...الصفحة 75).
وتتابع بروعة:
(نخاوي الكمرة
نراقص الشتا
محنة
صولجان محبة
نتا القايد
وأنا الخادم
نتا الحراز
وأنا عويشة الغيوان...الصفحة 76 )
وكذلك:
(بكي
يا ليلي
وزيد ف بكاك
من دموعك روي
هوايش الخاطر
وارتاح
وحق اللي مطيح
النقطة من العمر
آو هنا طاح
الحق
آو هنا ضاع
الصرف
آو هنا تاه
العمر...الصفحة 81 ).
-------------------------------------
4 مجدوبيات
-------------
شاعرتنا زينب أوليدي هي مجدوبة الكلمة الصادقة...
في قصيدة (الكوال) تعترف قائلة:
(كوال
في ملك الجدبة
كالتها المجدوبة اللي فيا
وانا ما عليا ولا بيا
تايهة ف عراسي الكلام
لشواق فيها حرازة
برموش سيوف ذباحة....الصفحة 104).
وكذلك:
(كالتها المجدوبة اللي، فيا
الحروف
لمصيرت الفال
تامر
لمدمعت العين قناطر
لمزندت جمر المجامر
لموكفت كفوف المحاجر...الصفحة105)
وكذلك:
(لحال لموفق
الجدبة ف لكتاف
ورجال الله شاهدة
والشرفا الاحرار شهود اللمة
كالتها الجدبة اللي بيا...الصفحة 109)
وفي قصيدة (جمرة المعاني) تدق زينب أوليدي باب التصوف الرقيق وتهتف بشوق:
(داق داق.. شكون
هادي أنا مجدوبة الحرف
سلهام الكلمة
ضرب فيا الفكد
تلحفتو ايزار مدادي.... الصفحة 22).
وكذلك:
(نطير مع الاطيار
الغرادة
نتحير.. ونجدب
مع الاوتار
الصداخة...الصفحة 23).
تنجذب زينب أوليدي للحكاية الشعبية وتوظفها في بوحها، ولهذا تقول:
(شربت
ماء الوجه..تكراح
شيعتني هاينة
ف ثابوت الجراح
زاوكت
ف بويا عمر
لققيت بيبانو 
شاهد وقبر
زاوكت
ف سيدنا قدر
يعطي نيتي
على قد الفجر
لكيتها.. آوعدي
خريفة الصغر. الصفحة 70).
---------------------------
خاتمة بطعم (نون النسوة)
---------------------------
تبقى قصائد الزجالة المغربية زينب أوليدي بطعم الجمال والتفاؤل الانساني واصرار على مواصلة الكتابة والأمل من أجل غد أفضل، ويقول الزجال والشاعر عزيز محمد بنسعد :(تبدو القصيدة لدى زينب أوليدي بيتا من بيوت الله وسبيلا للوصول الى باحة السلام الداخلي، على الرغم من ضجر وعدوان العالم الخارجي المشحون بحرب الابادات، فالقصيدة ملاذ الترعين بالأمل حينما تضيق بهم رحابة العالم وشساعة جغرافيتة.  الصفحة 7 من ديوان –نون النسا -..).
----------------------------------

مجدالدين سعودي – المغرب
--------
،

بقلم جميلة محمد

النقد الأدبي المغربي وإثبات الذات :

أصبح  لزاما على رواد الأدب المغربي رفع مستوى ووثيرة أدائهم لمواكبة مسارات الأدب الكوني .في محاولة مستميتة للحاق بمستوى النقد الأدبي عربيا،إفريقيا  وعالميا وذلك عبر تشجيع الجامعة المغربية على الإنفتاح على محيطها السوسيوثقافي وكذا  استغلال انفتاحها  على النظريات والمعارف الحديثة وتطوير مناهجها الأدبية والثقافية  مستفيذة من ترجمة أصول النقد الحديث بمختلف مدارسه وتياراته وفلسفاته وتصوراته في بحث مستمر عن الإختلاف والتميز والتفرد للهوية الثقافية للانسان المغربي  ..بحيث يسهم خريجوها ببصم التحولات الراهنة للنقد الأدبي المغربي الذي نهل وينهل  من المتغييرات المجتمعية و بشكل قوي مما تشهده الساحة الثقافية من كثافة في الإنتاج الإبداعي من كتابة وتأليف في حقلي  العلوم الإنسانية والاجتماعية واللسانيات وما أمدتهما به الطفرة التكنولوجية المعلوماتية والعولماتية  من ثراء وتنوع في الرؤى والقراءات والخطابات وكيف أسهمت في رفع  وثيرة المرحلة مسرعة  الأحداث والمستجدات التي بدورها أثرت كثيرا  على سرعة تغيير  الميول و التوجهات والمسارات .

لقد راكم النقد الأدبي المغربي منذ نشأته  مجموعة محاولات و تجارب محاكيا الحركة الأدبية والنقدية بالمشرق والمهجر فحذى حذو "المدرسة الجديدة" في النقد العربي المبنية على مبادئ الاتجاه الرومانسي الذاتي التعبيري والتأثري والحدسي وكذا التوجه  الكلاسيكي الجديد بأسلوبه  التحليلي الوضعي العقلاني للموروث الادبي المغربي. إلا أن ندرة  التأليف والكتابة والإبداع وقلة الاصدارات  في النقد المغربي وقتها فرضت إيقاعا أكثر سرعة  في محاولته  اللحاق بركب النقد بالمشرق العربي مما يفسر تلك الإزدواجية في   الرؤى والمناهج والأدوار وكذا الأهذاف. فتتضح المفارقة بين النقد الأدبي والتاريخي الحضاري والبحث الأكاديمي.
 فالناقد عموما  في مضمار بحثه مضطر للمزج بين مجالي العلوم الإنسانية وعلوم التأويل كمناهج تحليل  معتمدا على المرجعية الكامنة كخلفية لقراءة تعتمد البحث والانتقاء والتوليف والتأويل. .. سمات "المدرسة ألجديدة التي تشبعت بالفكر   الليبرالي كمرجعية  والتي تجوزت مطلع  السبعينيات على المستوى العربي والمغربي فقد تبنى النقد الأدبي لهذه المرحلة  التكامل المعرفي وأسلوب التحيليل والتأويل  المبني على نهج الأسئلة المعرفية و ألحوارية لفهم كنه وخصوصيات البنيات الفكرية والإديولوجية الليبرالية او التقدمية او الوجودية  وأدوات إشتغالها والمقولات التي تحكمها والثوابت التي تنظمها.
أهم محطات النقد الأدبي المغربي 
سيعرف النقد الأدبي بالمغرب محطات إنتقالية أساسية عبر مراحل تطوره المتعاقبة من حيث أطوار تشكله المتقاطعة .
كانت الولادة بين العشرينيات ونهاية الخمسينيات وإتسمت بالظهور الحديث لفنون  القصة والرواية والمسرح  وبنزعة نمطية خاصة في استقراء الإبداعات الشعرية المغربية ووضعت قراءات النقاد لدواوين الشعر الصادرة أنداك قيد التمحيص والتحليل والتأويل كما إزداد الاهتمام  بالرواية الاروبية كنموذج .مما اجج السجال بين أدباء ومثقفي المرحلة حول "هوية الأدب المغربي "وذلك  بسبب  اختلاف خلفيتهم الثقافية بين الكلاسيكية التقليدية التي تعنى بالموروث وبين خلفية التيار الحداثي الذي ينهل من الأدب المشرقي -الغربي عبر الترجمة والإقتباس وقد تغدت هذه المناظرات  "المواجهات والصدمات الفكرية" على التباين النابع من الرؤية الإنطباعية التي هيمنت على مرحلة التأسيس للمقال النقدي الذي يمنح الصبغة الشرعية والجمالية الفنية للنص الأذدبي وكذا يستخرج سمات تميزه وتفرده ورموز تحديد هويته.
و بذلك سيشهد الادب المغربي بدايته الأولى التي سوف تمييزه وتؤسس لبعض خصوصياته المتسمة بتنوع اسلوبه وموضوعاته وإطاره النظري الفكري والمنهجي  المتفاعل مع محيطه العربي والافريقي -المنفتح على الغربي الفرونكوفوني والإسباني (التوربادور) والمشرقي المنفتح على الأدب الأنجلوساكسوني  والأدب العالمي  بما تجمع لديه من سيل الدراسات و "العلوم"التي تغنيه ....فتجعله يقدم الناقد بمثابة  قارئ يمتلك ثقافة آدبية واسعة و ذوقا فريدا ورؤية  راقية ومثقفة وتجربة وحنكة ورصانة تمكنه من أدوات قراءة الأعمال الأدبية بحيث يستطيع  تفحصها وسبر كنهها  وتحليل الأعمال الإبداعية المتنوعة  قصة ورواية وشعر ومسرح  محددا مقومات المادة الابداعية و"وظائف هذه الاخيرة وكذا أهم القيم والمبادئ ألرمزية" والدلالية   والخصائص المستلهمة من نصوصها كتصنيفها و جنسها الأدبي بالإرتكاز المكثف على الواقع المحيط والإيديولوجيات السائدة  بين السطور و التي تمثل مدرسة  و خلفية الآديب الفكرية وحالته النفسية وميوله اللاهوتية  ومدى تأثره بالوضعية السياسية والتاريخية  للمرحلة ومدى تأثير كل ذلك في الاوضاع المتزامنة معها مغربيا وعربيا.. فالأدب مرآة للواقع والحياة. يحمل رسائل اجتماعية وإيديولوجية وخطابات تحررية وثورية  تارة ليبرالية وتارة اشتراكية شيوعية وتارة  دينية عند البعض الاخر,
الشيء الذي يفسر اعتماد بعض الادباء على المنهج البنيوي الجدلي والإجرائي ,الوجودي –الماركسي او الليبرالي  الشئ الذي مثل مخاضا لمرحلة الحداثة والتجريب التي ميزت حقبة امتدت من اوخر السبعينات( حوالي نصف قرن)
لن يتوقف النقد الأدبي المغربي عند حدود القراءة التقليدية للنصوص بل سوف يستنطق الدلالة اللغوية المعرفية والفكرية والنفسية و الاجتماعية والتاريخية  لها. ليتجه نحو استخراج  ألمبادئ الشعرية والسيميلوجية التي تشكل الخطابات الأدبية و تنظمها وتفسر تداولها وتلقيها وتحولاتها   الأكاديمية ليبني" نسقا معرفيا متكاملا شاملا ""ويستشعر الخصوصية والتميز في رمزية المنظومة الادبية المغربية.فيتيح للأديب المغربي الامكانية لإعادة  اكتشاف ذاته من حيث هو ظاهرة  لغوية مندمجة (نتاج تزواج وتمازج وانصهار المؤثرات والسمات الامازيغيةوالعربية والافريقية والفرونكوفونية والاسبانية ) متعددة الدلالة وذات خلفية ثقافية غنية ومتداخلة  تاريخيا في المنبع والأبعاد مما ينعكس على بنية النص الادبي اللغوية. هذا التوجه النقدي له اساليبه ومناهجه  التحليلية والتي تبقى نتائجها نسبية بالنظر لأثارها وأبعادها  المتوقعة.
 إن التجريب في النقد المغربي والعربي بمثابة تطور حتمي تلقائي  متواصل عاقل وواع هذفه الاكتشاف المتجدد للذات عبر كل مظاهر وتلاوين  الابداع الادبي والفني في ظل   الثورة  التكنولوحية وما افرزته من أنماط جديدة للابداع (أدب المواقع او  الأنترنيت)..ستساهم حتما في إعادة تشكيل وبناء شخصية وهوية النقد الأدبي المغربي .(سلبا وإيجابا..) على الخصوص والعربي الافريقي والعالمي عموما.

جميلة محمد

الاثنين، 25 فبراير 2019

بقلم صفاء محمد

الإبداع والمجتمع 

السلامُ والمحبَّةُ على المُبدعين جميعًا، السيدات والسادة ، هيئة المنصة والحاضرون ، والشكرُ للدكتور/ أمين الصيرفي Amin Elserafy مدير الصالون؛


الإبداعُ رحلةٌ شاقّةٌ وشيّقة، تكتنِفُها الإثارةُ والمُتعة. هو بوابةُ بناءِ الحضارات، وأحدُ أهمّ العتبات نحو عالمٍ مُتقدِّم. هو نشاطٌ فرديٌ مُرتبطٌ بالوعي الجمعيّ والدعمِ المُجتمعيّ وتهيئةِ البيئةِ الحاضنة للمُبدعين من قِبل الدولةِ والمُجتمع، والاهتمامِ وحمايةِ حقوق ذوي القُدرات الإبداعيّة كأحدِ أبرز مُقوّماتِ الحضارة الإنسانية. فالأممُ ترقى وتزدهرُ بما لديها من عقولٍ نيّرةٍ مُبدعة.
الإبداعُ وسيلةٌ لتلبيةِ احتياجاتٍ مُجتمعية وليس هدفًا في ذاته، فالفنُ لا يكون من أجل الفن، وما نفعُ المعرفة إن لم تنعكس على السلوك والإنتاج. والإبداعُ أحدُ مواردِ الدخلِ في الدولِ المُتقدِّمةِ والأنظمةِ الرأسمالية.

تعريفُ الإبداع :
هو صناعةُ غيرِ المألوفِ ليَصُبَّ في صالحِ المُجتمع ويُثري الحضارةَ. يتطلَّبُ الإبداعُ إحاطةً بالمعارفِ ووفرةً في الخيالِ وتوفيقًا في الرؤيةِ وإتقانًا في التنفيذ، ما ينتج عنه ابتكارُ فكرٍ أو أشياءُ جديدةٌ يمكنُ تطبيقُها. أو إعادةُ صوغِ أفكارٍ وأشياءَ سابقةٍ لتأتيَ في شكلٍ مُتميّزٍ غيرِ مألوفٍ يُمكنُ تطبيقُه ويخدم المجتمع.
والإبداعُ في الآداب هو ما يُحيطُ بالروح، ويحملُ المُتلَقّي إلى حيثُ يُريدُ ويَحلُم، وإن غابت عنه بعضُ التقنيّة.

مناقبُ المُبدعين :
لا يوجد بيننا أذكياءٌ وأغبياء.. بل أناسٌ يرومونَ التميُّز بإيجابيةٍ وحُب، فهُم يتعاونونَ ويُعطونَ ويأخذونَ ويتفاعلونَ مع الآخر.. وآخرونَ يرومونَ التميُّزَ كذلك ولكن تُدمِّرُهم الأنا ومُمارسةُ شُحّ النفس.. وآخرونُ يميلونَ الى الكسِل والتواكلِ والسلبية.
فالصِنفُ الأولُ وهُم المبدعون؛
- لديهُم أهدافٌ واضحةٌ قد خطّطوا لها. 
- لديهُم عزيمةٌ وإرادةٌ لتحقيقِ أهدافِهم. 
- يبحثونَ عن أساليبَ بديلةٍ للحلول. 
- لا يكترثون بسلبياتِ الآخرينَ المُحبِطة. 
- لا يخشون الفشلَ، بل يعتبرونهُ خبراتٍ. 
- ينمازونَ بالتجديد، ويكرهون الروتين. 
- مُبادرونَ، ويستحثّونَ غيرَهم على البدء.  
- مُتفائلونَ بالحياةِ ومُبتكرونَ بالتفكير. 
فالمبدعونَ يُصيبونَ أهدافًا لا يمكن لغيرهم إصابتُها.. وثمّة صِنفٌ آخر وهُم العباقرة، الذين يُصيبونَ أهدافًا لا يُمكن لغيرهم أن يراها، كمُخترعِ الكهرباء والبنج وما شابه.

 مُعوقاتُ الإبداع :
المُعوقاتُ كثيرة. سواءَ من الشخصِ ذاته أو من الآخرين كالبيتِ والمدرسةِ والمُجتمعِ والدولة. نذكرُ منها؛ 
- تقصيرُ وسائلُ الإعلامِ في توضيحِ أهميّةِ الإبداعِ وأثرِهِ بالمُجتمع، وكذا أهميةُ المُبدعِ وكيفيّةُ التعرُّفِ عليّه، وتأهيلُ المُجتمعِ لاحترامِ حقوق الملكيةُ الفكرية.
- عدمُ تطبيقِ أساليبِ التعلُّم الحديثة وتطويرُ المناهجِ بما يُعزِّزُ النزعةَ الإبداعيةَ والثقةَ بالنفس، وبناءَ الشخصيةِ المُنفتحة.
- قِلّةُ الاهتمامِ بالبحثِ العلميّ.
- عدمُ كفايةِ خططِ وبرامجِ الدولةِ والمُجتمعِ المَدنيّ المُتعلِّقةَ بالإبداعِ والتنميّةِ البشريّة. 
- البيروقراطيةُ وعُقمُ بعضِ القوانين والإجراءات.
- عدمُ كفايةِ ونجاعةِ الإجراءاتِ الخاصة بتسجيل الملكيّة الفكريّة وبراءاتِ الاختراع، ممّا يُصيبُ المُبدِعَ بالإحباط.  
- العُجْبُ والغرورُ (الأنا) وضعفُ الرغبةِ في التغيير وتطويرِ الذات. 

كيفيّةُ تنشيطِ مَلَكاتِ الإبداع :
- مُمارسةُ الرياضةِ وتأمُّلُ الطبيعة.  
- تنميّةُ الخيالِ وتركُ النمطيّةِ والتقليديّة. 
- استخدامُ أدواتِ التكنولوجيا في البحثِ والتخطيطِ والعملِ والحلولِ البديلةِ والعَرْض. 
- تنميةُ قدراتِ المُبادرةِ والتعاونِ وتقبُّلِ النقد. 
- توسيعُ المداركِ بالثقافةِ وتنويعِ المعارف. 
- تعزيزُ الرغبةِ المُتجدِّدةِ في التغييرِ والتطوير.

المُبدعُ والمُجتمع: 
يخوضُ المُبدعُ صراعًا في مجتمعاتنا العربية، وقد عكفوا على تقزيمِ الآخر. نحتاجُ لأن نزرعَ بالوجدانِ الجمعيّ أهميّةَ الإبداعِ والمبدعين، نرومُ اكتشافَ ورعايةَ الموهوبين ولو خالفوا مُعتقداتنا، وذلكَ يكونُ من خلالِ تأهيلِ المُجتمعِ وتوجُّهِ الدولةِ، واِعتناقِ المَحبّة.
حينَ يتمُّ حرمانُ الناسِ من المُشاركة في الحركةَ التطويريةِ والإبداعية، وتُنتَهكُ حقوقُ المُبدعين والمُنتجين في مُختلفِ المجالات، تُهاجرُ مُعظمُ العقولِ المُبدعةِ والمُنتجةِ إلى الخارج، حيثُ تتوافرُ الضماناتِ والحمايةِ الحقوقيةِ والمقوِّماتِ الماديّةِ والمعنويّة.

اِلتزاماتُ المُجتمعِ والدولةِ نحو المبدعين :
- التعريفُ بالإبداعِ وتشجيعُهُ، والعملُ على توفيرِ البيئةِ الصحيّةِ له.
-  توفيرُ مقوِّماتِ الحياةِ الإبداعيّةِ العَصريّة، كحقِ التعرُّفِ على الأنماطِ العلميّةِ الحديثةِ والتكنولوجيا المُعاصرةِ، وتشجيعُ إمكاناتِ الإبداعِ وتوفيرُها في المجالاتِ كافة.
- وضعُ خططٍ شاملةٍ للنهوضِ بالعَمليّةِ الإبداعيّةِ وِفقَ برامِجَ تخصُصيّةٍ مُتنوعة. ومُتابعةُ تنفيذِ تلكَ الخِطَط. 
- تطويرُ أساليبِ العملِ بالمؤسساتِ والمراكزِ المعنيّةِ بالإبداع. 
- تنظيمُ المعارضِ للأفكارِ الإبداعيّة، وإقامةُ المحاضراتِ والندواتِ التثقيفيةِ والتوعوية، وورشِ العملِ لنشرِ ثقافةَ الإبداعِ والمُمارساتِ الإبداعيّة. 
- مُتابعةُ التطوراتِ والمُستجداتِ الإبداعيةِ، والمُشاركةُ بالمحافلِ العالميّة. 
- الحرصُ على تشجيعِ المُبدعين ونشرِ إنجازاتِهم بوسائلِ الإعلام، وتكريمِ جهودِهِم، وتقديمِهم للمُجتمعِ للاستفادةِ منهُم.
مُهمّةُ المُجتمعِ والدولةِ دعمُ  بيئةِ الإبداعِ بمفهومهِ الشامل، وتطويرُها وبناؤها، كي يتمكّنَ الموهوبون من استغلالِ  مواهبِهم وتسخيرِها في خدمةِ الوطن.

حفظَ اللهُ مصرَ ..... اِعتنق_الحُب


كلمة صفاء محمد

بقلم جميلة محمد

انظر للبدر وتأمل مليا

 كيف تكون البطولة ؟!
ها قد  نزل من عليائه
 ظهيرة 
أتصدق أنه 
ترك 
العرش والنجوم
 وأقبل 
بحواري الحمراء
 وبين نخيليها 
يعلم من جهل 
 كيف تعلو المقامات
 تواضعا 
حينما تدنو الكبار 
ترعى بحنانها الزهور 


بقلم جميلة محمد 


الأحد، 24 فبراير 2019

بقلبقلم حسن هادي الكاظم م

مدي بساطك 
منتهى أحلامي
فلقد أتيتكِ
حاضنا ً أيامي
فلقد أتيتكِ تائها ً
في غربتي
ومبعثر الأوصال
من أوهامي
الروح تبكي
والحنين يشدنّي
والريح تتبعني
وقلبي أمامـّي
مثل الحمام
أجيءُ شوقا ً طائرا ً
قد حلقت
بيّ في السما أقدامي
يا جنّة الله
التي أسعى لها
يا قبلتي ..
وطهارتي وصيامي

من قصيدة__



حسن هادي الكاظم______

بقلم رشيد تمارة


   ودني   بوعاي.   ؤ   وعاي

ردي      بالك   من.  حلاوت.   لسان 

سحر.       لسان     بعزفو.     غواي

حيث     الشيطان.   اصلو.      فنان

ايحرك الضييم. على    ضريب الناي

و يرمي  لغشيم   في طريق  البهتان

وياك.      وياك.     من   داك   الرغاي

إيلا جاك  بكلامو. على  سيفة   لمان

يلهيك    بالفثنة.    حتى       ترخاي 

ويفيق.  الگنة.  على سيحت   لحزان