الثلاثاء، 16 يوليو 2019

بقلم الآديب محمد أديب السلاوي

الانتقال المنتظر .. لماذا وكيف…؟


نتواجد اليوم في قلب الألفية الثالثة، وهي فترة زمنية/تاريخية مطبوعة بكل أصناف الصراع والتجاذب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، كما على المستوى العلمي والثقافي والتكنولوجي، أو على المستوى السياسي والعسكري. الكل على ساحتها في صراع وتجاذب... الكل في أزمة... والكل يبحث عن مخرج لها.
وحيث إننا جزء لا يتجزأ من القرية الكونية، ومن تجاذباتها وصراعاتها وأزماتها المتداخلة والمتشابكة، يطوقنا السؤال من عمق هويتنا:
هل استطعنا كأمة عرفت خلال القرن الماضي تحولات وصراعات سياسية وحضارية مواكبة حركة الانتقال من الألفية الثانية إلى الثالثة؟
وهل استطعنا الوقوف على إحساس الاستحقاق الزمني لهذا الانتقال بما يعنيه من صلة بالصراعات والإشكالات والأزمات...؟

في حقيقة الأمر، إن مثل هذا التساؤل العريض يستدعي قبل كل شيء استحضار الوضع المغربي العام خلال القرن الماضي بشعور مغاير، إن لم نقل بشعور الخيبة، وهو ما يحتاج منا إلى زمن طويل/إلى كتب ومجلدات، بل إلى كتبة ومؤلفين ومؤرخين.
ولكن ذلك لا يمنعنا من الملاحظة السريعة، خاصة بعد انصرام عقد ونيف من ميلاد الألفية الجديدة، وظهور علامات وإشارات الاختلاف بيننا وبين العديد من الأمم والشعوب، سواء في هضم السياقات والمراحل أو في طي التراكمات التي حملها القرن الماضي، حيث تغيرت بعض ملامحنا وعاداتنا ورؤانا، وتجددت بعض مفاهيمنا في الدين والسياسة والسلطة، وتغيرت بعض أدواتنا في القراءة والتحليل والنقد والممارسة السياسية، دون أن يطرأ أي تغيير على واقعنا الحضاري الشامل.

بذلك يمكن أن نوجز ملاحظتنا السريعة في أربعة هوامش:
الأول: إن المغرب عاش خلال القرن الماضي في قيمه وسلوكياته بين الرجاء والترنح، بين جبروت الحاكم الاستعماري وجبروت السلطة المخزنية، بين الانجذاب نحو الاستقلال والتحرر والانجذاب نحو التحديث والمثاقفة والتجاوز، بين الانجذاب نحو التراث الماضي والانعتاق وإنتاج النموذج البهي الذي ورثه عن السلطة الأم، والحضارة الأم، واللغة الأم، والوطن الأم.

الثاني: إن المغرب، ورغم تواجده القوي في قلب وعقل عالم القرن العشرين، الذي انطبع بثورات العلم والاتصال والتواصل، فرضت عليه ظروفه المحلية والإقليمية والدولية أن يظل على صلة وثيقة بتاريخه الماضي. لم يقطع مع دولة المخزن ولا مع ثقافة المخزن. لم يقطع مع تراثه الحضاري والثقافي والديني، ولا مع قيمه الاجتماعية العريقة، بل جعلت ظروفه السياسية والتاريخية هذا التراث حيا في وجدانه، وجعلته حيا نابضا في ثقافته وفنونه، ومجتمعه، وجعلته يعيد إنتاج هوية هذا التراث في أحزابه ومؤسساته الحكومية والسياسية ومجتمعه المدني، رغما على الصيحات المتكررة المطالبة بالتجديد والتحديث والقطع مع ما يعتري هذا التراث من فساد وشوائب.

الثالث: بداخل هذا الانصهار مع تراث الماضي، بكل تراكماته وسلبياته، ظهرت على المشهد المغربي خلال القرن الماضي، سواء في الفترة الاستعمارية أو ما بعدها (فترة عهد الاستقلال)، بعض الانفراجات/الانتفاضات، على الساحة السياسية، كما على الساحة الثقافية، تبشر بالتجديد والتحديث والانتقال المعرفي والسياسي والاقتصادي والتكنولوجي، تسعى إلى نقل المغرب إلى مستوى تطلعاته المستقبلية نحو العصر الجديد، لكنها مع شديد الأسف ظلت حتى هذه اللحظة تفجرات محدودة في الزمان والمكان، محاصرة بالعديد من السلبيات المتحكمة في مساراتها، في مقدمتها منابع الفساد متعدد الصفات/السلطة/الفقر/الأمية/التخلف الحضاري، الذي تقوده النخب المخدومة.

الرابع: داخل هذا الانصهار، ظل المغرب بعيدا عن آليات الانتقال، لم يستطع التخلص من مفاهيم دولة المخزن القديم ولا من قيودها القوية. وفي الآن نفسه لم يستطع الانطلاق نحو الآفاق الجديدة، نحو بناء دولة في مستوى العصر الحديث، ولا على هامش هذا العصر. ليس فقط بسبب إشكالات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي سيطرت على أحاسيس ومشاعر السياسيين، ولكن بسبب قصور نظرة هؤلاء السياسيين إلى مفهوم الدولة التي نريد أو التي يجب أن تكون لمغرب يستوفي كل شروط الانتقال الحداثي.

نعم، ظهرت على الساحة المغربية، خلال القرن الماضي، محاولات حداثية في السياسة والمجتمع والثقافة، لكنها ظلت محاولات مواجهة للسلطة، سلطة إدارة الحماية ثم سلطة إدارة الاستقلال، وهو ما دفع بالمغرب إلى الانغلاق على نفسه والتوالد في بوتقته الذاتية، وإلى التوسل إلى الاقتراب أكثر من تراثه الماضي، ومحاولة التصاقه مع تراثه الاجتماعي.

وفي نظرنا، كيفما كان أداء المحاولات الحداثية التي ظهرت على الواجهة الوطنية خلال القرن الماضي، فإنها استطاعت ــ على قلتها وضعفها ــ إحداث ما يشبه التحول في اهتمامات بعض النخب السياسية والاجتماعية والثقافية، حيث أصبح تفكيرها في الألفية الثالثة منصبا حول دورها في الانتقال بالمغرب إلى مرحلة جديدة من تاريخه، تكون في مستوى العصر ومكوناته الإنسانية؛ إذ أدركت أن هذا الانتقال يشترط قبل كل شيء عدم التنكر للعقلانية، ورفض الانغلاق داخل المرجعيات العقائدية والمذهبية والتراثية، وإعطاء المزيد من الاهتمام إلى الآخر وثقافته وتطوراته الحضارية، وهو ما يتطلب من هذه النخب المزيد من المواجهة ومن الاجتهاد والانفتاح والصبر.

أفلا تنظرون...؟

محمد أديب السلاوي 

الاثنين، 1 يوليو 2019

جميلة محمد

وحدي اعود كل مرة 

احيى على الذكرى 
وحدي أمشي على غير  هدى 
اتحسس في كل كتاب كلمات تشبهنا...
بقايا صورنا المأثورة 
تغيب أنت.... أتبعثر أنا 
تبتعد.انت ....أضيع انا .. 
بين خيالات هوانا وهمس  المنى 
وحديث  الأماكن في أذني هناك وهنا
 تدمدم الهنيهات في كل خطوة باسمك
 امواج المحيط مدا وجزرا 
 ترمي شعاعا تعبا 
يلملم سبائك اللحظات
 على ضفاف شاطيء  احزنه غيابنا
 المح على ثراه موقع  قدميك .
قد هوت   عميقا   روحينا   
لم تبرح منذ اخر لقاء 
في كل غصن صورة 
وعلى كل جدار اخرى 
لا لم ترحل ،انت ماتزال ها هنا
وشم  بالحنايا عالقا
لا ترى  العيون إلا طيف ملامحك 
بين كل هؤلاء  الجموع  
في السماء ...محلقا 
أأهذي ...لربما أهذي 
ما ذا فعل بي هواك ؟ 
قلت  ابتعد لم تسمعني
وعدتني ان تسعدني 
 قلت  لا احتمل يوما خذلانك 
قلت ولو خيروني  افذيك بعمري 
 لن اتخلى عنك ... رددتها 
اقنعتني وفي يم هواك اغرقتني 
حتى  بث متيمة.. حمقاءانا
 ... وتركتني
اقتفي  عطرك  من زقاق لزقاق 
انفاس فاس ...ورياح البوغاز 
جفاك سم يسري بعروقي
يكوي ضلوعي  
 تشتعل نيران  الحرائق 
تؤجج لوعتي فيك 
يكبر شقائي 
كاني اراك في كل مكان 
  عهدي لك  صك وفاء 
وفيت انا و خنت هواك 
 أنا اقسمت لن انساك 
حتى اعانق  لحدي والقاك
 لكن باالله قلي كبف هنت عليك 
تعانقني بيمناك  و تخونني عيناك
 .تضمني متلهفا تضنيك  الاشواق 
 . ...تودعني متأففا  كان بك فصام 
لا افهم عشقك  ونجواك
وركضك الى حبيبتك الأخرى
اما قلت انها الجحيم وانني جنة الحياة 
اما كانت شيطانة وكنت انا ملاكك 
ام انك حبيبي منذ البدأ  أكبر كذاب 
ركضت اليها وبقلبي الف عتاب 
والعبرة تطردها العبرة 
ونار الحيرة والغيرة 
 و عيون الأسى ترمقك
لا  مبالاتك تخنقني 
كيف تقول تحبني  
وتنظر الى ساعتك تستعجلني
تعتدر متأسفا
ترحل دون ان تودعني  
ما كنت مضطرا لتخذعني  
كم كان هيينا عليك
ان كسرتني و .

 اعود لوحدتي  بلا امل 
ليأسي وهوسي بك 
وهواجسي ...اوجعتني

جميلة محمد
 2018|06|30

بقلم محمد عبد القادر زعرورة

شَذَراتٌ شِعرِيَّةٌ 


غَيداءُ ما رَأت عَيني وَسَامَتَها
                            وَحُسنُها لا أعجَمِيٌّ ولا هِندي
عَرَبِيَّةُ الأوصَافِ فائِقَةُ البَها
                            جَميلَةٌ وَلَيسَ لَجَمالِها مِن حَدِّ
بَغدادِيَّةُ العَينَينِ مُذ وُجِدَت
                             مَكحولَةُ العَينَينَ شامِيَّةُ القَدِّ
مِصرِيَّةُ الرُّوحِ لا جَفَاءَ بِها
                                عَذبَةُ النَّفسِ عِطرِيَّةُ الشَّهدِ
كَالرِّيمِ إن سَارَت عَلى الرَّملِ
                      حَسناءُ فارَعَةُ القَوامِ مَفتولَةُ الزِّندِ
فِلِسطينِيَّةٌ كَنورِ الشَّمسِ مُشرَقَةٌ
                        تَبدو كَزَمبَقَةٍ بَيضاءَ مُحمَرَّةُ الخَدِّ
شَرِبَت مَياهاً مِن كَوثَرٍ عَطِرٍ
                       يَشتاقُها الوَردُ إن مَرَّت عَلى الوَردِ
.....................
في  / ٣٠  /  ٦  /  ٢٠١٩  /
كُتِبَت في /  ٩  /  ١٠  /  ٢٠١٨  / 
....... الشاعر ......
...... محمد عبد القادر زعرورة .....

بقلم طارق حسن

  عدت يا يوم مولدي   











دارت الايام وعدت يا يوم مولدي 
             و الأيام كالرياح لا تذر ، تأخذ عمري من يدي 

و حياه عشتها ما بين الأمس و اليوم 
              مرت كأغنيه سمعتها و أمل أنتظره في الغدِ 

و تلك الأيام من يهمس لها ، هلا تُبطئي؟
                تقتلي الأعمار  بسيف طليق ليس له مَغمدِ

 لا تغرنك الحياه و ما فيها ما دمت حياً
               و لا تظن أنك تعيش أبداً في كون سرمدي

فكل شئ خلق ليجري كالبرق لحتفه 
              و لن يبقي منك شئ إلا جميل الأثر الأحمدِ 

و العمر ليس بالسنين أو أيام عشتها  
            بل بخير فعلته أو سعاده كان لك معها موعدِ

يا دنيا كوني مهلا فأنا بالحزن كهلا 
              و بالهم شيبا و بالعمل رجلاً يحقق مَقصدي

 و تأخذني الفرحه لصبي يلهو و يلعب
             بالحب  شاباً و بالحنين طفل حديث المولدِ

 هزمت الدنيا بأحلامي و إن مرت أيامي 
        فقد حققت آمالي و لست بشئ مع الدنيا مقيدِ

لا يهم ما مر ، فقد مر ، و ما قد يأتي
            بالرضا جميل و يا نفس لا تلهثي  و تتنهدي  

و بالخير تَمّسكي و بنور الله إهتدي 
          ربي أسألك الرحمه و نور حين يطول مَرقدي 

بقلم طارق_حسن        
        1-7-19

الخميس، 27 يونيو 2019

بقلم جميلة محمد



ازرع الامل 

عندما تكبر احلامنا  تشرق بحجم الكون شمس الأمل ..لتنير الدرب لنا،، لتحفزنا على الوقوف رغم التعب، لتقول لنا لا استسلام ،رغم العياء  ..والارهاق  الذي ينتبنا ..رغم المرض والالم ونوبات الاحباط القادمة من محيط ملغم بكل ما يكسر الارادة ويفلق العزيمة ...ليس علينا اقناعهم بافكارنا ولا من حقنا السماح للانهزاميين منهم بان يعيدوننا الى نقطة الصفر ..التي اشتغلنا على انفسنا كثيرا لمبارحتها والابتعاد عنها لبناء صرح امان على مقاس روحنا الجياشة بطاقة الحب والحياة والرغبة والايمان ...والابداع . مجرد تحديهم و  الانتصار على  ضعفنا  ..انجاز يستحق من انفسنا  التقدير اولا قبل ان يقدرنا غيرنا ..تقدير الذات ..والثقة بالنفس و الثبات امام الضغوطات والاستفزازات والمحاولات المستمرة ..لهدمنا ..سواء النابعة .من داخلنا المهزوز تارة اومن خارجنا  ..محيطنا ..اما عن جهل منه او عن غباء  او عن حقد غير مبرر في كثير من الاحيان ..لهو قمة القوة و القدرة  والصمود والتمسك بسبل البناء بدل الكسر و بالامل بدل الياس والتمسك بفرص الحياة ..التي تتحيها لنا رؤيتنا المختلفة للاشياء وفهمنا الايجابي للامور و قراءتنا المتفائلة لكل رسائل القدر وتاويلانا كل ابتلاء الى خير وكل مرحلة عصيبة الى امتحان نخرج منه اشد واقوى واصلب على الكسر ..واقدر على الاستمرار ..نحو تحقيق اهذافنا المأمولة  باصرار وعزيمة والى اخر نفس وجهد ورمق ...رسالة الى كل انهزامي ..يكرس وقته لهدم من حوله واطفاء كل بوتقة نور وكسر كل شعاع امل ..حان الوقت ان تتغير ..لايغير الله ما بقوم حتى يغييروا ما بانفسهم ..وان لم تستطع ان تغيير نفسك فعلى الاقل لاتقف حجر عترة في طريق من يحاول تغير نفسه . ربما طاقته الايجابية تكون مصدر نور يدخل حياتك فيزيدها اشراقا وبهجة ويحول مناطق الظلمة فيها الى فوانيس تشع امل وحب وتفاؤل .  كل شيء  يبدا برغبة بارادة بنية طيبة و محاولة ... لا مستحيل . 

جميلة محمد 

محمد اديب السلاوي

لماذا جعل الله" اقرأ" أمرا إلاهيا.... ؟



-1-

في المغرب الراهن، تعاني التنمية الثقافية / التنمية البشرية، و يعاني التعليم، كما يعاني كل المجتمع، من أزمة حادة اسمها "القراءة".

الصناعة الثقافية ،صناعة الكتاب،إبداعات المسرح والسينما والفنون التشكيلية والتكنولوجيا ،لا يمكنها أن تؤدي دورها في التنمية خارج شرط القراءة والكتابة

اجتماعيا وتربويا  وعلميا وثقافيا، مازلنا هنا نعتبر مفهوم القراءة أمرا بسيطا، لا حاجة لنا للبحث في أغواره، علما أننا في مراتب متأخرة حضاريا وثقافيا وعلميا وتربويا بسبب القراءة.

الأمة التي لا تقرا، امة غير نافعة لا لنفسها ولا للحضارة الإنسانية، لا تجد الحلول لمشاكلها، تعتمد باستمرار على العقل الآخر من اجل عيشها وحضورها وتواصلها مع العالم.

الإحصاءات الدولية في موضوع القراءة تقول أننا  نقرأ في أحسن الحالات  ساعة  واحدة في السنة، مقابل عشرات و مئات الساعات من القراءة في الغرب واسيا، وهو ما يعنى أن القراءة في البلاد المتحضرة، هي باب المعرفة، هي باب التقدم الحضاري والعلمي.

-2-

لماذا تحتل القراءة كل هذه الأهمية... ؟

إنها أول أمر إلاهي انزله الله جلت قدرته على رسوله محمد ا(ص). قال له سبحانه بصيغة الأمر،" اقرأ " وهو ما جعل/ يجعل القراءة في مقام رفيع

القراءة تعني تنمية المهارات العقلية والفكرية، تعني الصحة العقلية وغداء العقل، هي محفز الدماغ للقيام بمهامه وتطوير قدراته.

القِـرَاءة تعني أيضا تراكم الأفكار، تعلم الخبرات، القدرة على التعبير، بناء الشخصية على أسس صحيحة

القِـرَاءة أيضا، هي تحفيز العقل على العمل الايجابي، على بقاء الدماغ نشطا، متفاعلا، قادرا على التركيز والتحليل، على تحيين الذاكرة وتطويرها.

والقراءة أولا وأخيرا هي أهم أدوات التربية والتعليم، هي واحدة من المهارات التي تجعل القارئ داخل دائرة المعرفة.

-3-

يقول خبراء القراءة أن القارئ عالم بماضيه وحاضره وأمين على مستقبله، دلك لان القراءة ليست فقط عملية لاسترجاع المعلومات المخزنة بالعقل، إنها أبعد من دلك، عملية تفكيرية،تشتمل على فك الرموز المخزنة للوصول إلى المعاني، المعلومات، الأفكار التي يحتاجها القارئ للاندماج في ثقافته وعاداته وقيمه.

مع الأسف الشديد ،تسود في مجتمعنا نسبة كبيرة من الأمية، لدلك يصعب علينا الاستفادة من إمكانات القراءة وقيمها، وتبعا لذلك يصعب علينا تحقيق التنمية البشرية وأهدافها المرجوة، وهو  ما يتطلب منا.

 جعل درس القراءة شرطا أساسيا في مناهجنا التعليمية، من التعليم الأولي إلى التعليم الجامعي، إنها، أي القراءة طريقنا الوحيد لجعل مواردنا البشرية قادرة على السير، /على تحقيق أهداف التنمية البشرية التي نحلم بها،دون تحقيقها.

أفلا تنظرون.... ؟. 
محمد اديب السلاوي

نزار الفراوي


المرأة المغربية في مغامرة اللون والضوء

لئن كان التشكيل المغربي يحتل مكانة هامة في طليعة التجارب التشكيلية العربية المفتوحة على الحداثة والإبداعية، فإن إسهام المرأة في التراكم الفني الذي تحقق حتى اليوم ظل مغمورا، لم تلتفت إليه بالقدر اللازم أقلام مؤرخي الفن والنقاد المتخصصين.
على هذه الخلفية، تبرز أهمية الجهد التاريخي والنقدي الذي يقدمه الكاتب والناقد الفني محمد أديب السلاوي من خلال إصداره الذي يحمل عنوان "التشكيل المغربي بصيغة المؤنث" بوصفه حفرا في الذاكرة الفنية المغربية النسائية.
الكتاب الذي صدر مؤخرا ضمن منشورات نقابة الأدباء والباحثين المغاربة في 128 صفحة يعد في نظر الناشر ندير عبد اللطيف أول دراسة فنية مرجعية تنبش في ذاكرة المغرب وتحتفي بتاريخية الفن التشكيلي النسائي عبر حقب ومراحل عرفت مخاضات لإثبات الذات، وبصمت بعمق تجربتها بصيغة بصرية مغايرة، وبولادات فنية متعددة، بعضها استثنائي منفلت، وبعضها الآخر لم يراوح مكانه وبقي يستنسخ تجارب إنسانية من هنا وهناك.
                 
· في البدء كان المؤنث
   يحرص محمد أديب السلاوي في كتابه على ربط التجربة التشكيلية النسائية بالرصيد التراثي من المهارات والفنون التقليدية التي أبدعت فيها أنامل المرأة المغربية عبر التاريخ.
وتنطق بذلك فنون الحياكة والنسيح والتطريز والنقش والتزويق والزخرفة والخزف، وغيرها من الفنون التي ترجم الخوية الحضارية للمغرب بصيغة المؤنث.
إن نسيج الزرابي والتطريز على القماش والجلد والخزف، والوشم ونقش الحناء والتلوين والتطعيم وتصميم الملابس فنون تشكيلية نسائية بامتياز، توزع على مساحة واسعة من الإبداع، وساهمت إلى حد بعيد في صياغة المنظومة الإبداعية في ماضي المغرب كما في حاضره، وهو ما يؤكد الحضور الدائم لصيغة المؤنث في المشهد الجمالي المغربي.
ورغم هذا العمق التاريخي للإبداع النسائي، واتصاله بإبداع تشكيلي واصل المغامرة في مدار التشكيل التلقائي أو تجاوزه من داخل التيارات الفنية الأكثر حداثة، يسجل الكاتب بأسف أن إسهامات المرأة لم تحظ بقراءة موضوعية توازي عطاءها في هذا الباب، مع أن المتأمل في الحركة التشكيلية المغربية يلاحظ بسهولة تعدد أساليبها واتجاهاتها وطروحاتها الفنية. 
وبقراءة شاملة لجدارية التشكيل المغربي النسائي في أجياله الممتدة عبر أربعة عقود، يستخلص الكاتب أن الوجه الذي قاد إبداعاتهن يتوزع بين عنوانين كبيرين، الأصالة والحداثة.
· أجيال التشكيل النسائي
   يرى السلاوي أن حركة التشكيل المغربي بصيغة المؤنث تتنوع بين ثلاثة أجيال مترابطة ومتماسكة، هي جيل الرائدات وتمثلة فنانات من قبيل مريم أمزيان والشعيبية طلال وفاطمة حسن ومليكة أكزناي وجيل المخضرمات وتمثله جماعة من أبرز أسمائها فاطمة الكبوري ونفيسة بنجلون ونجاة الخطيب وخديجة طنانة وريم اللعبي، بينما تميز الجيل الثالث بظهور أسماء جديدة من قبيل إكرام القباج وعزيزة جمال ونادية خيالي وليلى الشرقاوي ومريم بلمقدم.
وفي مقابل هذا التصنيف التاريخي الزمني، يقترح الكاتب تصنيفا آخر من وحي المرجعية الفنية والإنسانية للفنانة، مما يسمح بالحديث في المقام الأول عن مجموعة الاتجاه الفطري (الساذج) الذي استقطب جانبا مهما من رائدات الحركة التشكيلية انطلاقا من ستينيات القرن الماضي. إنها أعمال تستوحي في الغالب مشاهد الطفولة وبيئة التنشئة خارج أي انشغال بالقواعد الفنية.
في مقابل هذا الاتجاه، برز تيار العصاميات اللاتي لم يسعفهن حظ متابعة الدراسة الأكاديمية لكنهن استفدن من تكوينات فنية في مراسم خاصة أو مراكز بيداغوجية. أما المجموعة الثالثة فتضم الفنانات ذوات التكوين الأكاديمي الذي أتاح لهن إتقان فن الرسم وفق القواعد العلمية.
هذا التعدد في الاتجاهات ومصادر التكوين أفرز حركة تشكيلية نسائية وجدت صدى لها على الصعيد العربي والدولي، ووطدت وجودها عبر مختلف مدارس التعبير الفني، من فطرية إلى واقعية ومن تجريدية إلى انطباعية، ومن الفن الغريزي إلى الحروفية.
كتاب "التشكيل المغربي بصيغة المؤنث" يعد من هذا المنطلق مشروعا تأسيسيا في دائرة البحث والتوثيق للإبداع الفني النسائي في المغرب، والعالم العربي عموما، جاء ثمرة مجهود ضخم في جمع المادة وضبط الموضوع وتحليل المعطيات الفنية والبيوغرافية وتصنيفها، زمنيا وموضوعاتيا وفنيا.