السبت، 13 أغسطس 2022

العربي بن جلون

 ـ يحل اليومَ عيد ميلاد الكاتب المغربي محمد سعيد سوسان،


 الذي أسهم بقسط وافر في إثراء الحقل الثقافي المغربي والعربي، خصوصا في الكتابة الموجهة للطفل. فقد ولد  بمدينة القنيطرة المغربية في 13 غشت  1944 . كان مسقط رأسه في منزل أندلسيّ الطراز، يتوسطه صحن مكشوف ونافورة رخامية، تحيط بهما غرف ذات أبواب ونوافذ مقوسة مزينة بالزجاج الملون، كما الدور الأندلسية بمدينة فاس العتيقة . يقع المنزل بين ساحتين شهيرتين في المدينة، هما ساحة الشهداء وساحة الخبّازات (جال بخاطره فيما بعد أن يوقع قصصه الأولى، على غرار الدكتورة بنت الشاطئ وغيرها، بلقب : ابن الساحتين)..في هذا الحيّ التجاريّ النابض بالحركة، الزاخر بالوعي بضرورة التطور ومسايرة العصر، نشأ الطفل وترعرع مع إخوته وأخواته وأترابه .

بدأ ينشر باكورةَ أعماله من قصص ومسرحيات قصيرة في مجلتي ))أقلام)) و((وآفاق)) المغربيتين، وفي الملحق الثقافي لـ((العلم)) و((المحرر)) و((البيان))...وكان حصوله على الجائزة الثانية في مباراة وطنية للتأليف المسرحيّ حافزا له على مواصلة الكتابة في المسرح، واختير عضوا ضمن الوفد الشبابي المغربي لحضور مهرجان أفينيون للمسرح بفرنسا سنة 1965 . 

اِلتحق بأكاديمية الفنون الجميلة ببروكسيل، وتخرج منها بدرجة ممتاز في فن الحفر. ومكنته هذه الدراسةُ من صقل موهبته في الرسم والتشكيل ! 

   أعماله الإبداعية : في مجال التعريف بالتراث التاريخي والطبيعي الذي تتوفر عليه جهةُ الغرب بالمغرب : أقام سنة 1989 معرضا يضم لوحاتٍ ونصوصا للتعريف بهذا الموقع . ثم واصل العملَ لإخراج دليل عن (القصبة( لم ير النورَ إلا بعد سبع سنوات (كان ذلك سنة 1996) وتضمن رسوما للمآثر بريشته .

أصدر كتابا عن طائر لقلاق القنيطرة، يتضمن ــ إلى جانب التعريف به ــ  مشروع إنشاء متنزه للقلاق على ضفة سبو . وفي سنة 2009، أصدر كتابا عن نشأة مدينة القنيطرة، وتطوها تحت عنوان : ((بنايات وفضاءات من ذاكرة القنيطرة)) ضمّ أزيدَ من 350 رسما بريشته . وفي سنة 2015، أصدر كتابا آخر عن ذاكرة القنيطرة، عبارة عن جولة في ماضي المدينة، عبر العمران الذي انمحى نهائيا من الوجود . كما أصدر سنة 1970 ((عناقيد من الكرم الحزين(( شعر، مطبعة كريماديس بتطوان .

إصداراته في رواية وقصة الفتيان :

1970  :  المهاجر الصغير، مطبعة ميدي ببروكسيل .

1992  :  ولد الأعرج، رواية، منشورات عكاظ بالرباط .

   1993  :  قصة الانسان الأول، مطبعة الأندلس بالقنيطرة .

   1994  :  عزيزي نوفل، رواية، دار المعارف بالرباط .

1995  :  عيشة البحرية، رواية، دار اقرأ  بالقنيطرة .

1995  :  قزح بنت السماء الخفية، رواية، دار اقرأ بالقنيطرة .

1998  :  موسم العودة إلى البلد، رواية، أمبرمانور بالقنيطرة. 

1996  :  جحا والأربعون حمارا، دار اقرأ بالقنيطرة .

1998  :  الحسناء والوحش، دار اقرأ بالقنيطرة .

2004  :  حكايات عربية، دار اقرأ بالقنيطرة .

2009 : ((رشيد حمامة وحماره سلامة)) السريعة بالقنيطرة .

2017 :  محمود وقرده مسعود، 11 م، السريعة بالقنيطرة .

2016 :  أنشودة الريح، ستُّ قصص، م، السريعة بالقنيطرة 

2016 : عنزة السيد سوغان (نص كامل عن الفرنسية) 

2016 :  الأمير السعيد (النص الكامل)

2017 :  زينة والوحش (مقتبسة)

2016 :  حورية البحر الصغيرة (النص الكامل)

2016 :  حيّ بن يقظان (مبسطة)

2016 :  الانسان الأول .

2017 :  أسطورة ديدالوس .

2017 :  أسطورة كلكامش .

   2018 :  سلسلة لذة القراءة لليافعين ـ مطبعة بلال بفاس .

قصص للأطفال :

1993 ـ  خادمة نرجس، أنشودة الريح، دار اقرأ بالقنيطرة .

1993 ـ ملك المياه، بساط رونق، بنت المطر، بنات الحداد، الملكة التائبة، مطبعة الأندلس بالقنيطرة .

1995 ـ حكايات زينب، م، الأندلس بالقنيطرة .

1998 ـ  صديقي لولو، فئران تستخدم الكمبيوتر، طريفلن، مطبعة فيدبرانت بالرباط .

1998 ـ  أسود وأبيض، مطبعة أكسن بالقنيطرة .

1999 ـ  للّا ميمونة، دار اقرأ بالقنيطرة .

2009 ـ  أشعاري، قصائد وأناشيد، م، السريعة بالقنيطرة .

2011 ـ لماذا بكى عثمان؟  : اتحاد كتاب المغرب .

لروض الأطفال والتعليم الأولي :

1995 ـ  دجاجة تربي تمساحا عاصيا، م، الفردوس بالرباط.

1995 ـ  التلوين المفيد مع الحرف والنشيد، منشورات إبداع،  مطبعة الفردوس بالرباط .

1998 ـ سعيد وسعاد، شعر، مطبعة فيدبرانت بالرباط .

2005 ـ  بستان الأطفال، في 3 أجزاء، المدارس بالبيضاء .

الأعمال المسرحية :

1995 ـ  الخادمة، منشورات إبداع، مطبعة الفردوس بالرباط.

1996 ـ رحلة الأمير زهران، دار اقرأ بالقنيطرة .

كتب مترجمة عن الفرنسية :

2009 ـ المغرب عند المؤلفين الأقدمين، ريمون روجي، دار اقرأ بالقنيطرة .

2013 ـ القوانين الأساسية للغباء البشري، كارلو تشيبولا، مطبعة روغار بيب بالقنيطرة .

2015 ـ آخر بني سراج، ف . شاتوبريان، السريعة بالقنيطرة

2017 ـ مسرحية الفرار إلى الله، ستيفان زفايغ . المطبعة السريعة بالقنيطرة .

2018 ـ أسطورة فيراتا، ستيفان زفايغ، مطبعة بلال بفاس في التراث التاريخي والطبيعي لجهة الغرب :

1997 ـ قصبة المهدية ومحمية س، بوغابة، اقرأ بالقنيطرة .

2000 ـ لقلاق القنيطرة تراث طبيعي، السريعة بالقنيطرة .

2009 ـ بنايات وفضاءات من ذاكرة القنيطرة،  Kénitra autrefois مطبعة روغار بيب بالقنيطرة .

2015 ـ ذاكرة القنيطرة، جولة في ماضي المدينةKénitra disparue ، المطبعة السريعة بالقنيطرة .

في السيرة النبوية :

2012 ـ الإسوة الحسنة، مطبعة روغار بيب بالقنيطرة . 

2018 ـ مرجع الشباب في سيرة محمد رسول الله، م، السريعة بالقنيطرة .

الأعمال المسرحية :

1964 ـ  الجنس والموت، هكذا أنت يا أمي، مجلة ((أقلام((

1964 ـ الانتفاضة : جائزة التأليف المسرحي بالمغرب .

1966 ـ اللؤلؤة، عن جون شتانبيك .

1982 ـ رسول الإسلام، أخرجها في بروكسيل الفنان الراحل العربي الساسي .

1987 ـ زواج الأميرة، أخرجها الكاتب بفضاء بلزاك .

1988 ـ أنت هنا؟ أخرجها الكاتب بفضاء بلزاك .



العربي بن جلون 

فاطمة لعبدي

 خطوات رزينة  


خطوة ، خطوة ...

أحاول أن أكشف طريق القمر.

في كل خطوة،

تنبت خطوات أخرى .

أبني قصوري من الثلج 

فلما تنزعج أنت ؟

خطوة ، 

تأخدني كما دبدبات موسيقى

 ...هادئة ...

 لأحب الليل أكثر .

خطوة ، تمزق مشيمة أحلامي 

لتلدني في العراء ، بفرح أجمل.

  تلدني أحلامي ، طفلةباسقة

 بين  شجر السرو.

طفلة أنا بين  سطور كاذبة .

ثم : 

خطوة ، خطوة أمشي إلي

 لأهرب منك. 

لم تعد تُطربني الوشوشات 

ولا الأغاني الباكية .

وكفَاي أفردهما الآن  للريح .

هي أشيائي البسيطة

 تحملني 

حيث ينبض قلبي بلا تعب .

سأنتصر لخطواتي

 وإن خَطت في إتجاه الريح .



ف العبدي 

سلا 10غشت 2022.

عصمت محمد حسن

 جراح مفتوحة



اخفضْ ســلاحَكَ كلُّنا 

أمواتُ

فحَرام تُــهدَرُ بيننا الطلقــاتُ


جسدي أنا المنهوكُ أدمنَ 

قتلهُ

صرتُ الغريق ولا تفيدُ نجاةُ


وأراكَ في المرآةِ

حزنكَ دمعتي

وتراك بين ملامحي المرآةُ


أمّي وأمّكَ جارتانِ

وبيتنا

كم كانَ تكسرُ صمتَهُ الأصواتُ


وأبي ووالدكَ الفقيرُ

كلاهما

 أخفى الهمومَ وخانتِ العَبَراتُ


كيف انتهينا في الخنادقِ 

لعنةً

متخاصمينِ

وكلنا نكِراتُ


كيف استحلتَ اليومَ 

قبضة ظالمٍ

وأنا تغطّي عالمي الظُّلماتُ


من باعَ فطرتكَ البهاءَ

لفاسـدٍ

فغدتْ تقودُ طريقَكَ العثراتُ


وغدوتَ تضربُ بالقساوةِ

إخوةً

فكأنّ تحكمُ خطوّكَ الشّهواتُ


اخفضْ سلاحكَ

إنّ جرحي راعفٌ

ومراكبي ضاعتْ بها المرساةُ


وانظرْ لأمسكَ يوم كنّا

إخوةً

لتحسَّ كيفَ مصيرنا المأساةُ


هم حوّلوكَ لمديةٍ

مجنونةٍ

عمياء تمسكُ غمدَها الساحاتُ


فانظرْ لمرآةِ الوجودِ

جراحنا

مفتوحةٌ

ونزيفها الكلماتُ


عصمت محمد حسن 

محمد ملواني

 إلى أبي




إلى روح من لف   المناجي   لحاءه

على   تربة    فيحاء    لحد   لقاؤه


فكم خلتك  الحامي صبيا   تميطه

وسادا   حنانا   ما   سقاني   عزاؤه


أناجي  ليلي عازفا   عن   وسادتي

هي الموت ساقتك مقودا أنت عبؤه


متى يا أبي أغواك ريق الرقاد ، من

يجير الفتى من واعز طاب صدؤه


فعدني بحلوى  كالنشيد   استمالة

كذكرى  كحلم   فاطر ، من   ثناؤه ?


لطفل خجول  وحدة في   زوابعي

نشيد أبي   في وحشة رج  وطؤه


أنا  من  شكا صمتا عويلا  دموعه

كحرف   على   إيقاع  لحد   بناؤه


فيا رب من يشفي جراحا سمومها

غياب   ونأي   قد   روتني   دلاؤه


تجرعت   يتما   ساقني باكرا   فلم

أر   اليتم   شحيحا  كما قام   داؤه





محمد الملواني

الاثنين، 13 يونيو 2022

محمد أحمد إسماعيل

 

لا تحجب شمسي بظلك




يقال إن الإسكندر الأكبر(ملك مقدونيا وأحد عباقرة الحرب في كل العصور) مر يومًا بديوجين فوجده جالسًا في برميله يستحم بأشعة الشمس، فوقف الاسكندر أمامه قائلًا:

- أنا الملك الإسكندر الكبير..

- وأنا ديوجين الكلبي..

- ألست خائفًا مني؟؟

- هل أنت رجل صالح أم شرير؟؟

- بل أنا رجل صالح..

- ومن يخاف من الصالح إذًا!!

ثم سأله الاسكندر: هل تعيش في هذا البرميل فقط لكي تلفت انتباه الناس وإعجابهم بك؟؟؟

قال ديوجين: وهل فعلًا تريد أنت فتح بلاد فارس وتوحيد كل بلاد الإغريق.. أم تفعل ذلك فقط لتنال الإعجاب؟؟؟

ابتسم الاسكندر وقال: هذا برميل مليء بالحكمة..

فقال ديوجين: أتمنى لو كان لدي بدل هذا البرميل المليء بالحكمة.. نقطة واحدة من الحظ الجيد..

للحكمة طعم مر.. وأحيانًا تودي بك إلى الهلاك.. بينما الحظ يفتح لك أبوابًا ويحقق لك سعادة ما كنت تحلم بها!!!

أعجب الإسكندر.. الذي يعرف جيدًا معنى الحظ.. بكلام ديوجين ، ثم أخبره أن يطلب منه ما يشاء ليلبيه له..

فأجابه ديوجين بهدوء: أريد منك شيئًاً واحدًا...

إنك الآن تقف أمامي وتحجب عني أشعة الشمس..

لذا لا تحرمني من الشيء الوحيد الذي لا تستطيع منحي إياه...

لا تحجب شمسي بظلك

الخميس، 9 يونيو 2022

الشاعر محمد احمد إسماعيل

 حابي وحبيب حَبَّة عينَّا

عمره ما هيغيب يا أوزير عنّا



يا إيزيس سلامات.. واغسلي وِشِّك

في النيل.. ولا مين دا اللي يغِشِّك

حتى لو يوم حكاوينا ماعت

واقفة  زنهار بميزان ماعت

والحق صريح

من غير تصريح

يا قانون العدل انزل بالسيف

واقطع رقبة أولاد الزيف

وإيدين خانت وإيدين باعت

من توت ولبابه لهاتور

لكياك فيضانك يا شهور

من طوبة لبرمودة لبشنس

طايب قمحك زي الشمس 

والنيل الحر هيتوضى

في عنيكِ الحُرَّة نشيد فضة

والدنيا تغنِّي مواويله

وترج الكون

النيل إنسان

صافي وحنون وساعات مجنون

 وساعات غضبان

طول عمره شباب بشباب مسكون

ولا هان

 ولا خان

النيل إنسان




ــــــــــــــــــ

2013 

من قصيدة (النيل إنسان)

احميدة بلبالي .................

 أفكار حول القصيدة الزجلية الحداثية 



.....

تحتل التجربة الزجلية بالمغرب موقعا مهما داخل الحراك الثقافي المغربي حيث يشهد عدة ملتقيات وطنية خاصة بالزجل وملتقيات شعرية يكون للزجل فيها حصة كما الأجناس الأخرى . يعرف الزجل أيضا حضورا في منتديات رقمية وتشهد إصدارات الدواوين الزجلية تتكاثرا سنة بعد أخرى وفتح له في للحرم الجامعي نوافذ جديدة عبر رسائل دكتوراة بفاس و وجدة وأكادير .إغراءات اللغة المحكية جعلت يبعض شعراء المعرب يدخلون غمار الكتابة الزجلية. وقد عرفت التجربية المغربية المعاصرة أيضا اهتماما عربيا وتأثرا بها حتى. هذا الزخم الكمي يطرح علينا سؤال التجنيس و سؤال الكيف: هل كل ما ينظم من كلام باللغة المحكية زجل ؟ وما مقومات القصيدة الزجلية المعاصرة ؟ ما القيمة الفنية للمنتوج ؟ سؤال يهم بالدرجة الأولى النقاد كمتتبعين ومؤطرين للإنتاج الزجلي ومساهمين في تطوير التجارب الجيدة منه ، كما يهم المبدعين الذين يفترض أن يمتلكوا حسا نقديا ومشروعا فنيا يهم ما يبدعون شكلا ومضمونا ، مثلما يهم الفاعلين الجمعويين عبر مساهمتهم في إشعاع ألوان فنية تساهم في الرفع من الذوق الفني لجمهورها المستهدف ودور منظمي الملتقيات في الاختيار وفق تصور ثقافي يخدم جودة المنتوج وجودة التلقي . يتحكم ، حسب تقديري ، في الكتابة باللغة المحكية ( الزجل) تصوران : 1) تصور يقف في هذا اللون عند الوظيفة النفعية فقط كالوظيفة التربوية والتحميص ورفع الشعارات والحث على الحكمة و الموعظة والإرشاد. وبهذا فهو يهتم بالموضوع وببساطة التراكيب ويميل إلى النظم أساسا وقرض الكلام كي لا أقول قرض الشعر . وينتج عن هذا استسهال الكتابة وترديد النظرة التقليدية والفكر السائد . 2) تصور يرى أن الزجل شعر وبهذا ينتصر لقيم جمالية وفنية وهو يتوزع أيضا بين اتجاهين : أ ) اتجاه تقليدي / كلاسيكي يرى الكتابة بعيون ولسان الماضي كما يتجسد ذلك في قصائد الملحون ورباعيات المجذوب والعيطة والهيت وأذكار كناوة. من هذه الأجواء يمتح لغته ورؤيته . ويبقى سقف هذه التجارب هو أمهات القصائد التي التي صاغها التاريخ الشعبي مثل قصائد: الشمعة ، الشهدة ،خربوشة،الشاليني، كبت الخيل عل الخيل، الغابة ، رباعيات المجدوب،الحكمة والأمثال الشعبية . ب) اتجاه أو تيار أو حساسية جديدة تجرب فيه موجة جديدة من المبدعين أفقا آخر حيث يمتحون من التجربة العالمية القيم والقضايا ويعتبرون الفكر الإنساني ملكا مشتركا لكل الناس. ينتصرون للممكن وليس لما كان أو للكائن وينحازون لدور الشعر في إنتاج الجمال والرفع من الذوق الفني للمتلقي وفق رؤية حداثية تنتصر لقيم العدالة والحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان الكونية ومن ضمنها الحق الثقافي كحق أساسي . هذا الاتجاه يرى أن الزجل شعر ويتقاطع مع التجربة الشعرية الحداثية في كثير من القواسم المشتركة وبهذا يحاول نقل الزجل ليعانق الأفق الرحب لإبداع لا سقف له من حيث هو إبداع محكوم عليه بالتحليق والتجريب الدائم وخلق المتعة والدهشة زيتركز دوره في البحث عن التركيب الكميائي الذاتي لصهر الرموز والأساطير والحكايات والأقنعة وفق مسافة التوتر القادرة على خلق بريق الدهشة ولذة التلقي . من خلال مواكبتي للكتابة الزجلية ومن خلال تجربتي الشخصية فإني أنتمي للحساسية الأخيرة و أعتبر القصيدة الزجلية الحداثية وفق التصور التالي الذي بلغته عبر مراحل الكتابة وقد أكون حققت شيئا منه في الديوان الثالث ” شمس الما” وأتقاسم مع المهتمين هذا الرأي المتواضع : إن القصيدة الحداثية وفق ما أشتغل عليه : – لا تدخل ضمن الثقافة الشعبية، على اعتبار أن الثقافة الشعبية شفهية بامتياز وتلقائية وبسيطة. تعتمد الإيقاعات ومستوى بلاغتها بسيط وفي متناول الكل. يكون المنتج فيها غالبا مجهولا ويتم ترديد الحس المشترك والرؤية العادية التي تعيد تكرار الجاهز إلى ما لانهاية. فالقصيدة الآن مدونة وموقعة لها هوية، مكتوبة بإصرار وترصد وهذا يعني أن المبدع الزجال أصبح يعي مجال اشتغاله وخصوصياته . – هي ثورة على التقليد . لا تقدس الماضي ولا تحاكي القائم . هي طبعا لا تنفي بل تهدم لتشيد من جديد هندستها الخاصة. – ليست لسان حال الجماعة و الزجال لم يعد “براح” الجماعة ولا مجذوبا ينطق “بالحال” أو حكيما يسوق سلعته ولا فقيها يسوق وعظه وإرشاده. – هي صوت الذات المتفاعلة مع العالم، وهذا يعني أنها: غوص في الأنا وفتح باب للداخل قصد البحث عن ما ترسب من الأنا الجماعية في الأنا الفردية و جواب عن الآن بكل تعقيداته لذا فإن نظرتها مركبة ، معقدة ، مجردة ، غامضة ، قلقة و تساؤلية كما أسئلة الواقع وطموحات الناس . – هي عناق لقضايا الإنسان بما هو إنسان، ذات حرة متسامحة ومواطنة ضد على كل ما يمس الإنسانية من أشكال التخلف والتعصب والعنصرية . – هي انفتاح على كل الأجناس الأدبية والأبعاد الفكرية. إنها لا تلغي، لا تنفي، لا تتعارض و لا تتناقض . بل تحتضن هذا التعدد وتنحت منه فرادتها . – لغتها تتجدد تبعا لتجدد الواقع بمستواه وأسئلته الراهنة. وهي على هذا الأساس تساهم في تطوير اللغة وتنحت تراكيب جديدة قادرة على مسايرة مستجدات الواقع . لا تتشبث بالموقف العاطفي الذي يقف عنده البعض بدافع الالتزام “بعتاقة اللغة ” وعذرية اللهجة الغارقة في محليتها والتي تتطابق مع الأهازيج والغناء الشعبي. طبعا إن التجربة تعي إمكانيات اللغة المحكية من حيث مناطق قوتها وضعفها وحدودها وتعمل على توسيع الوعاء اللغوي ( توسيع الوعاء لا يعني الغرابة في اللغة عبر الإغراق في تدريج الفصيح بشكل مصطنع بل تنحت بسلاسة غير صادمة لتغني الفقر الذي قد يعتري لغته وهو يقارب مجالات خارج المعتاد وخارج اليومي ( فلسفة ، تصوف ، تكنلوجيا ، فكر سياسي ، أدب عالمي ….) – القصيدة الزجلية تجريبية بطبعها بمعنى أنها مشروع مفتوح ومتفتح ولا تقبل التنميط والقولبة ولا ضفاف لها و تعمل على تجاوز ذاتها باستمرار. – هي قتل مستمر للأب . (قتل رمزي أن الزجال محكوم عليه أن يقتل أباه ليتمكن من تطوير تجربته والسمو بها وجعلها تخترق الحقب والأجيال فنيا ولا يبقى خاضعا لسلطة الأب ومنزويا في ركن من تجربته والتفرج على قطار الإبداع وهو يمر بسرعة.وقتل فعلي بمعنى قتل الأب الروحي ، حيث لا وجود لولي صالح في الإبداع لكي نضمن شباب التجربة الدائم وروحها المتميزة بطبيعة حيوية وثورية . – وظيفة القصيدة هي إنتاج الجمال وتحقيق المتعة. رسالتها ذات بعد إنساني وقيمها قيم كونية . وهي ثورة على البنيات الفوقية الموروثة لأنها متجددة وحالمة كما تفترض بالمستقبل أن يكون. – هي نص يعكس التجربة الوجودية التي تعيشها الذات الشاعرة كرؤيا للعالم وموقف فني من القيم الإنسانية. – القصيدة نص متمنع لا يقدم نفسه بسهولة ، ويتطلب استحضار فضاءات وهوامش رموز وأساطير تحتاج سفرا في عوالم ليست بالضرورة انعكاسا وصفيا للمعيش . – المتلقي وفق منظورها ذكي لذا فهي تشركه في إنتاج المعنى والدلالة أي أنها تراهن على المتلقي المتفاعل ، الذكي ، العارف. فالنص يكتسب حيواته من المتلقي عبر استعادة القراءة وابتكار آليات الكشف والتأويل عبر الغوص في كامن النص واستقراء أفعاله وإشاراته ورموزه . – المبدع حالة متفردة ، حالة خارج المعتاد يعي أن الإبداع ثورة و انزياح ضد اليومي . خارج السرب يتم الإبداع وأن تقليد السرب إعادة إنتاج للوضع القائم وعائق للتطور والسمو . بهذا لم يعد الزجال كاتبا من الدرجة الثانية أو شاعر ظل ، إنه يحمل مشروعا فكريا وفنيا ، محكوم عليه بالحياة في الآن و الهنا ، يرى أن العصر الذهبي في المستقبل وليس في الماضي. لذا فإنه يفحص ويسائل تجربته باستمرار لا يطمئن في منزلة ما، يحاول أن يجتهد ليتجاوز نفسه في كل وقت ويخترق الأجيال عبر استنهاض حيوية الشباب الذي يسكنه دوما وعبر المغامرة الدائمة.