الأربعاء، 2 فبراير 2022

احمد بابانا العلوي

 حول قراءة الجابري للامام الغزالي 



قبل ان نعرض  لنماذج وصور من قراءة الجابري لفكلر الامام الغزالي في مجال الانساق والنظم المعرفية  المشكلة للعقل العربي..  وهي ( البيان والعرفان والبرهان)

علينا بادئ الراي بيان الرؤية المنهجية التي تناولت تحليل الثقافة العربية الاسلامية قصد تحديد اساسياتها المعرفية.. والتي حمت نظرة الجابري وقراءته الابستيمولوجية  للنظم المعرفية..

ان ما تقرره القراءات الحديثة للتراث العربي الاسلامي لا يتعلق فقط بالاطروحات وانما  بما تكشفه تلك القراءات جميعها من طرايقة التفكير ..ورؤية جديدة ومنهج جديد للنظر في قضايا الفكر والسياسة والاجتماع..

انالقراءات تصدر عن منهج واحد وعن رؤية واحدة وتقدم  تاويلا  يعطي للمقروء "معنى" بالنسبة لمحيطه ( الفكري -الاجتماعي -السياسي) بيحث تحرص على جعل المقروء معاصرا لنفسه على صعيد الاشاكالية والمحتوى المعرفي والمضمون الايديولوجي.. كما تحاول القراءة ان تجعل المقروء معاصرا لنا  ولكن فقط على صعيد الفهم والمعقولية..ان اضفاء المعقولية على المقروء معناه نقل المقروء الى مجال اهتمامات القارئ الشئ الذي  يسمح بتوظيفه في اغناء الذات او في اعادة بنائها..(1) 

ومن هذا المنطلق فان البحث في التراث لا يمكن ان يكون بدون دافع  ليديولوجي او قراءة ايديولوجية على ضوئها تشكلت حركة اصلاحية تنادي بالتجديد مما يعني بناء فهم جديد للدين عقيدة وشريعة..انطلاقا من الاصول والعمل على جعله معاصرا لنا ..ان القراءة الايديولوجية للتراث لا يمكن ان تنتج سوى ايديولوجيا تعيد بناء الماضي قصد الارتكاز عليه ل"التهوض" واسقلطه على المستقبل المنشود.. كواقع حي يكرر نفسه.. هده قراءة دينية للتاريخ طعلت من العامل الروحي المحرك الوحيد للتاريخ من اجل اثبات الذات وتاكيدها(2) 

 القراءة اللبرالية للتراث العربي الاسلامي فانها تنظر اليه من منظور مرجعية اوروبية ولذلك فهي لا ترفيه الا ما يراه الاوروبي..

اما القراءة الاستشراقية من الناحية المنهجية فانها تقوم على معارضة الثقافات  ومقارنة تراث بتراث والمنهج الفيلولوجي الذي يريد رد كل شئ الى اصله وعندما يتعلق الامر  بالتراث العربي الاسلامي فان اصله تعود الى ( اليهودية والمسيحسة والفارسية واليونانيو والهندية ..)وتدعي القراءة الاستشراقية ان ما يهمها هو فقط الفهم والمعرفة ..ولكنها تنسى او تتناسى انه لا يوجد "فهم" دون الاخذ بالرؤية مع المنهج بحيث لا يمكن الفصل بينهما..(3) 

ان القراءات السائدة تفتقد الموضوعية كما تعاني من غياب النظرة التاريخية..وكل فكر يئن تحت وطات هذه المعادلة لا يستطيع الاستقلال بنفسه فيلجا الى تعويض هذا النقص بجعل موضوعاته تنوب عنه في الحكم على بعضها ..(4) 

اننا في حاجة الى رؤية جديدة شمولية تتجاوز الدوائر الوهمية وتنظر الى الاجزاء في اطار الكل وتربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل..رؤية يتحدد بها كل من الموقف والكنهج..(5)


احمد بابانا  العلوي

العربي بن جلون

  باولو كويلو: الحب قوة جامحة



عندما نحاول أن نسيطر عليها  تدمرنا. عندما نحاول أن نسجنها فينا تستعبدنا. عندما نحاول أن نفهم ذلك، فإنه يترك لنا شعورا غامضا.

ـ ستندال: الحب مثل الحمى، تأتي وتذهب بشكل مستقل عن الإرادة، ولا توجد حدود في السن للحب.

ـ كورت فونيغوت: الغرض من حياة الإنسان، هو أن يحب ليصبح محبوبا.

ـ أنيس نين: ما هو الحب؟..هو قبول الآخر، أيا كان.

ـ  لويس: لا يوجد استثمار آمن..أن تحب على الإطلاق هو أن تكون عرضة للخطر. إذا كنت ترغب في التأكد من الحفاظ عليه سليما، يجب أن تعطي قلبك لأحد، ولو لحيوان. 

ـ كانت سوزان سونتاغ: ليس هناك ما هو غامض إلا الحب.

ـ تشارلز بوكوفسكي: سأصور لك الحب: عندما تستيقظ قبل أن تشرق الشمس، ترى شيئا من الضباب، ثم يزول...الحب هو الضباب الذي يتبدّد مع ضوء النهار الأول..أعني الواقع.

ـ الفيلسوف برتراند راسل: أن تحتاط في الحب، يعني أنك تقتل السعادة الحقيقية.

ـ فيودور دوستويفسكي: ما هو الجحيم؟..هو المعاناة من عدم القدرة على الحب.

ـ هاروكي موراكامي: أي شخص يقع في حب، يبدأ في البحث عن الشيء المفقود من نفسه. 

ـ لويس دي: الحب هو جنون مؤقت، يثور مثل البراكين ثم يهدأ. وعندما يهدأ، لديك الفرصة لاتخاذ القرار. 

ـ فورستر: يمكنك أن تبتعد عن الحب، تتجاهله، لكنك لا يمكن أن تسحبه من حياتك.

ـ إيريس مردوخ: الحب هو التفاهم الصعب جدا أنَّ شيئا آخر غير نفسك، لكنه حقيقي.

صورة العربي بن جلون وخلفه  قلعة (قايتباي) على البحر بالإسكندرية(، تدل على الرقي العمراني والتطور الهندسي ) .



الثلاثاء، 1 فبراير 2022

االادب المغربي

بورتري 

 لأهم كتاب القصة والرواية في الوطن العربي ممن تركوا أثرا كبيرا في حياتنا، وهو الروائي المغربي  احمد عبد السلام البقالي


هو  أحمد عبد السلام البقالي ابن مدينة أصيلا الواقعة  بشمال المملكة المغربية عام 1932،


 وتوفي عام 2010، شاعر وأديب مغربي من أشهر الكتاب للأطفال كما يعتبر من رواد الخيال العلمي، والقصة البوليسية في بلاده.


من هو الاديب  احمد البقالي ؟!!

 أحمد عبد السلام البقالي  أديب مغربي  فذ ،

سليل عائلة مغربية  عريقة تقطن  بأصيلا ايقونة شمال المغرب.


التي اشتهرت بجمالها وعادات أهلها المشبعة من اثر حضارة الأندلس كباقي مدن الشمال التي أهلها اغلبهم ينحدرون من جنوب اسبانيا و .الذين اختلطوا بالسكان المحليين فشلوا نسيجا متماسكا ومتكاملة متجانسة هو المادة الخام لهذه الحمولة التي يعبر عنها احمد عبد السلام البقالي وهو بعيد صقل وتقديم الرواية المغربية كجزء من قماش  الثقافة المغربية الراسخة في خلفية الأديب.

  البقالي الذي اتجه  إلى مصر ليدخل إحدى المدارس الثانوية ويحصل منها عام 1955 على الشهادة التي تخول له الدخول إلى التعليم العالي وبالفعل التحق بجامعة القاهرة ومنها حصل على شهادة الليسانس (Licence) في علم الاجتماع عام 1959. ثم التحق بجامعة كولومبيا في نيويورك، وحصل منها على شهادة الماستر في علم الاجتماع. عمل البقالي في ميداني الدبلوماسية والثقافة، ففي عام 1962، عيّن ملحقاً ثقافياً في سفارة المغرب في واشنطن، وفي عام 1965 سمي قنصلاً عاماً ومستشاراً صحافياً في السفارة المغربية في لندن، ليعود عام 1967 إلى واشنطن مستشارا ثقافياً. وفي عام 1971 التحق بالديوان الملكي في الرباط . وكان عضواً في لجنتي اختيار النصوص المسرحية والغنائية في الإذاعة المغربية، وعضواً في هيئة تحرير مجلة الثقافة المغربية التي تصدرها وزارة الشؤون الثقافية في الرباط.


 مؤلفات احمد البقالي


- قصص من المغرب، وهي أول مجموعاته القصصية وقد أصدرها عندما كان يدرس في القاهرة

- الفجر

- يد المحبة

- المومياء

- وفي باب الرواية صدرت له العناوين التالية

- الطوفان الأزرق

- سأبكي يوم ترجعين

- أماندا وبعدها الموت

- وفي باب كتب للأطفال: صدر لأحمد عبد السلام البقالي 23 عنواناً تتوزع على السلاسل الأربع التالية:

السلسلة الأولى : تتكون من عشرة كتب، منها:رواد المجهول، المدخل السري إلى كهف الحمام، السلسلة الذهبية، نادية الصغيرة في فم الوحش، بطل دون أن يدري، صابر المغفل الماكر، زياد ولصوص البحر... وقد وظف البقالي في هذه القصص البيئة المغربية، حيث أن أغلبها تدور أحداثها في مدينتي أصيلا والرباط بالإضافة إلى الريف المغربي (ريف مدينة أصيلا).

السلسلة الثانية: تتكون من ستة كتب

السلسلة الثالثة : تتكون من خمسة كتب

السلسلة الرابعة: تتكون من كتابين

 

.

بقلم / مازن جميل المناف

 هذا ما سيكون ضمن كتاب : 

 "كيف تكتب رواية ناجحة "

 للناقد والروائي الأستاذ كاظم الشويلي

 وما تناولنا ضمن الجلسة الأديبة التي اشرفت عليها  د.سعاد مقداد الأسدي 



جدلية الفكرة واهمية طرحها في الرواية

 

 


فيديو اللقاء 

لا شك في كل النتاجات الأدبية نحتاج الى انعطاف وارتباط يجعلنا في انتماء وثيق متأصل مع عمق الفكرة وتركيبتها الواضحة لرؤى الواقع ويمكن القول ان الرواية فن ادبي يمتاز بأسلوبه السردي والنثري وبما ان عنصر الفكرة من اهم عناصر الرواية التي تجعل القارئ في تأملات دلالية يغوص من خلالها الذهن  في تجليات وحيثيات تتناسب مع طبيعة الطرح وظروف المرحلة المؤثرة في الواقع الذي نتعايش معه , ينبغي ان يستمد الروائي خلاصة الفكرة ضمن جوهر مثالي يوظف لمعالجة وطرح الآم الواقع في صيرورة اطرها الفكري الانتقالي واستخلاصها من تعقيدات وتحديات الحياة التي يصطدم بها الإنسان كجزء أساسي لجسد الرواية ضمن تصورات حقيقية تلامس شغف القلوب لتجعل القارئ تحت تأثير وجداني مباشر يغرس تأملاته ضمن واقعية الطرح والفكرة لتستفز احاسيسه واندفاعته وانفعالاته بشكل يحاكي ويخاطب الروح والذات من خلال تفاعل متزن يجمع عنصر التشويق والإثارة مع الصراعات المجتمعية , يفرض مستواها من الم الواقع المحيط بالإنسان يحمل افق بعيد بغية الوصول الى مواطن تحفيز القيم الإنسانية في اغوار احداث آلمت بنا من حزن وفرح وغضب وغيرها ضمن حيثيات صحيحة ناضجة تداعب وتغازل مخيلتنا بأساليب السرد الروائي يجعلنا نفتش عن العقد بين دفتي ( الرواية )  ولان عنصر الفكرة يضعنا في اجواء تلائم احداث جمعتنا في حقبة زمنية ولدت ارهاصات لابد من قراءتها بشكل موثق وممتع سلس يعالج القضايا الاجتماعية ضمن معترك الحياة .

ويعد عنصر الفكرة في الرواية منظومة معرفية تخدم الجانب النفسي ذات قيمة خيالية تمتزج بالواقع لتعبر عن مكانة مهمة في عوالم الأدب الاجتماعي الإنساني الذي يحفز مشاعر وانفعالات القارئ في عاطفة جياشة لأن الفكرة التي تطرح من صياغة الواقع تتجلى بصدق شعوري واقعي آني , دائما ما يكون مفعم بالوجدانية التي تضفي جمالا ادبيا باعتباره خطابا ادبيا ينتج عن دلالة لإعادة تركيبة مفاهيم واطر معاناة تناسب معايير الطرح المتزن على ارضية الواقع في كل جنس ادبي كنهج ودعوة ثورية تحاكي العقل الباطني دون تشتت وعبثية ضمن معطيات حقيقية تجعلنا في ثبات  بعيدا عن الانفلات العقلي حينما نتناول مضمون يخترق ذهنية القارئ بشكل يدغدغ مشاعره نحو كشف الحقائق ضمن اخلاقيات انسانية تبث روح العطاء المتدفق في جوانبه التنظيمية ولأننا نحتاج الى محطات وعتبات انطلاق متينة ضمن عنصر الفكرة وتداولها لتتوزع مساحاتها على عناوين توسع وتؤهل الذهنية وتوظف الحقائق في توصيفات سردية مطلوبة وناتجة من منظومة فكرية توعوية لبناء تنظيمي وثيق يرتبط جوهريا مع القيم الموضوعية التي ترتقي بالطرح المعتدل ضمن عنصر الفكرة , واعتقد ان المواضيع الرومانسية الروائية و المطروحة و المتداولة سابقا هي ورقة محترقة في الوقت الراهن العصيب ذلك لان حجم الألم والوجع استفحل في تعاطيه بجسد وفكر الانسان ولم تعد التوصيفات الغزلية تستثمر ثوابت الاهداف المرجوة مالم يكن الألم والوجع جزء منها , وبما ان الواقع الراهن مليء بالأحداث الصاخبة والمفجعة فلابد هناك بناء حقيقي للطرح ضمن عنصر فكرة الرواية يجعلها في تماسك ودقة يتناول منهجية الطرح لمعالجة قضايا اكثر اهمية.

《فلا خير لأي جنس ادبي مالم يعالج بطرحه ضراوة ايدولوجية الاحداث بثقل واضح وفعال ومؤثر ومثمر يؤهل الرواية الى خلق تمازج حسي وادراكي وروحي يضع القارئ في خضم الفكرة بخطوات ثابتة وفعالة مرتبطة بالحس الخطابي الروحي والتذوق الشعوري موضحاً معالم ازمات ونكبات الواقع الحياتي المتأزم

 المختلف على اعتبار ان النص الروائي السردي هو وثيقة يدون فيها كل التصورات بشكل جدلي واسع لا يمكن ان يتجاهله احد متناولاً عنصر الزمن واضعاً القارئ في تحليل وتفسير وتفكيك طلسم احداث الواقع المر بشكل صريح وواضح في كل تجلياته تباعاً , ومن هنا نستطيع القول ان اتجاهات الرواية لابد ان تأخذ مساراً صحيحاً يحفز الوعي المعرفي والثقافي البحت .


صورة للناقد والروائي الأستاذ كاظم الشويلي

زهيركريم

 اقنرح عليكم قراءة هاتين الروايتين القصيرتين




 ( نوفيلا)،. المحرض على هذا الاقتراح يتعلق بقضيتين :


 الأولى هي أهمية (يوكو اوغاوا )على مستوى الكتابة، وهي المعروفة التي أصدرت عشرين رواية،



 تُرجم بعضها الى العربية. 

ثانيا لأن قراءة (يوكو اوغاوا) تحيلنا الى سؤال حول النص الذي ينشعل بقول شيء محدد، النص الذي لايذهب بعيدا عن مقاصده، القصير، الرشيق، المكثف الذي يخلو من كل ماهو فائض، واقصد بالفائض هو مجموع الحكايات التي لاتضيف تفاصيلها شيئا على العكس تماما، تبدو مثل الأعشاب الضارة، اقصد ايضا الثرثرة التي تجعل القارئ يسقط سريعا في منطقة الملل، خارجا من رحلة القراءة فارغا من أية متعة أو سؤال.



الأديب العربي الكبير عبد المنعم كامل

 معرض الكتاب، يناير وفبراير 2022 ، جناح مركز ليفانت للدراسات الثقافية والنشر .

هذا الديوان يضم مجموعة من القصائد كتبتها في البراري بعد قصائد ( يرحل البشاروش حزينا ) وقبل قصائد ( أسماء في أزمنة شتى ) ثم ترددت في نشرها ، ربما لأنني رأيت أنها تفتقر إلى وضوح الرؤيا ، فقد كانت البرية أفقا خاصا يحيط به الغموض؛ بحثت فيه عن اتساق معرفي بالعالم ، بحثت فيه عن حدود  الغربة الروحية والعقلية ، وكنت كلما عاودت النظر في هذه القصائد ظهر لي ارتباك كبير ، فصرفت النظر عن نشرها في ديوان ، ثم حدث أن قرأها دكتور أدهم مسعود فتحمس لها على نحو أدهشني ، وقرر أن يطبعها في مركز ليفانت ، ومن يدري ؟ لعلكم تجدون فيها شيئا من الشعر .

شكرا للدكتورة هانم العيسوي Hanem Al Esawy وللدكتور أدهم مسعود Adham Masaoud Alkak على رعايتهما الكريمة.

الأديب العربي الكبير عبد المنعم كامل 




محمود عبد شكور في قراءة نقدية للمجموعة القصصية بلاد الطاخ طاخ

 المجموعة القصصية" بلاد الطاخ طاخ" لانعام كجه جي



«بلاد الطاخ طاخ».. سخرية بحجم الألم والحنين

السبت 29 يناير 2022 - 7:35 م

 محمود عبد الشكور

مثل أثر الفراشة الذى لا يُرى ولا يزول، على حد تعبير محمود درويش البليغ الذى يليق بمعنى الفن، تترك هذه المجموعة القصصية، المنسوجة من مادة الألم والخيبات، والمطرزة بالحنين والذكريات، مساحة واسعة من التأمل والدهشة، وبعض الشجن العابر وراء السخرية اللاذعة. تقول القصص ولا تقول، تعيد قراءة العادى والمألوف، وتفضح الادعاء وجنون العظمة، وترد على المخاوف بسردها ومواجهتها، وتنتقم بالفن من القبح والإحباط.


الروائية العراقية إنعام كجه جى التى رصدت التغريبة العراقية فى روايتها «طشارى»، والتى عادت إلى قراءة التاريخ فى «النبيذة»، تقدم فى هذه المجموعة القصصية، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، بعنوان «بلاد الطاخ طاخ»، 12 حكاية تستوعب عالما بحجم الوطن، وبحجم قدرة الكاتبة على التقاط اللحظات والتفاصيل.


لعلها رفقة بلاد لا شفاء منها، تسكن فى القلب ولا تغادرها مهما كانت قسوة الظروف، وليست هذه القصص البديعة إلا تنويعة على «الانفلات السعيد»، أو «رحلة العمر»، التى عاشتها بطلات إحدى قصص المجموعة: حاصرهن الخوف لأسبابٍ مختلفة، فكان الانفلات السعيد، وكانت رحلة العمر.


تحكى إنعام مستعيدة ذاكرة خصبة وحية، فتمنح الأشياء (مرأة أو صورا قديمة أو جواز سفر أو كاميرا عتيقة أو نخلة وحيدة أو تمثالا شمعيا أو مسدسا ذهبيا أو حافلة منطلقة) دلالاتٍ شديدة الثراء، تستدعى التاريخ، وتنقل الفكرة من دون صخب أو هتاف، بل يمكن القول إن هذه القصص ترد على زمن الصخب والهتاف و«الطاخ طاخ»، وتهزمه بالسخرية، رغم التسليم بأن الاستبداد، وفشل السياسة، قد دمر البلاد، وأسقط النخلات العاليات، وجعل الكثيرين مثل بطلة إحدى القصص، التى تترجم هزيمتها بأن ترفع علامة النصر، وهى تمسح دمعتها بردائها.


يمكن أن تقرأ المجموعة أيضا عبر مفتاح تجسده عبارة تقولها بطلة إحدى القصص: «يطاردنى بلد الألف ليلة حيثما حللت، ليس بينها ليلتى»، ورغم أن أبطال وبطلات الحكايات يواجهون قوة عاتية، فإنهم لا يتوقفون عن محاولة العودة للبلاد، سواء عبر السفر، أو من خلال استدعاء الذاكرة.


لعل القصص «نشيد الحياة السرى» الذى يتحدى الإحساس بالعجز والألم، وأن يبتكر ما يعادل تلك التجارب المختلفة، وأن يجعل مصطلح «أن تسافر» بديلا عن مصطلح «أن تهرب أو تهج»، كل قصة تمتلك مفاجآتها ودلالاتها العميقة، رغم بساطة ظاهرية فى الاستهلال، سرعان ما ندرك عمقها مع كلمة الختام، وإن كنا أمام نهايات تفتح بدورها على أسئلة معلقة.


فى «مرأة كرداسة» تبدو المرآة شاهدة على تحولات التاريخ، وعلى فقدان الأصدقاء، وفى «صورة المرحوم» تقوم صورتان بنفس الدور، من صورة بومدين فى الجزائر، إلى صورة شهيد فلسطينى معلقة فى باريس، الصور تشهد وتعيد التاريخ كاملا بأبطاله وأنذاله، والسخرية تصنع جسرا واصلا بين «الحسرة» و«الحصرة»، فيصبح فعل التبول تحررا وتمردا وتعليقا فى الوقت نفسه.


فى «عارية فى الوزيرية» يصبح رماد النحات العائد إلى وطنه جزءا من تمثالٍ يتحدى التزمت، حتى الرماد يتحالف مع الأحياء فى مواجهة القبح، وفى «الكاميرا الأولمبس» ترصد تغيرات عاصفة عبر كاميرا حديدية عتيقة، صاحبت صحفية خلال نصف قرن، وعندما يمتلك الكاميرا أحد السادة الجدد، يصبح امتلاكها مصادرة للتاريخ وللشاهد معا.


السخرية من الاستبداد تعبر عن نفسها فى قصة «بلاد الطاخ طاخ»، فيتحول الديكتاتور إلى تمثال شمع يريد حريته بعيدا عن المتحف، ولو فى مقابل رشوة الحارس، ويتحول أيضا إلى ممثل لشخصيته فى فيلم، وفى «مسدس من ذهب» يحصل الشاعر على سلاح ذهبى من الديكتاتور، فيهرب الشعر إلى الأبد، وفى القصة المدهشة «المترجم رجب»، يتسلل جنون العظمة من الحاكم إلى مترجمه، فلا نعرف كيف انتشر الداء العجيب؟!


وسط قصص المجموعة، تبدو قصة «الخوافات» كجوهرة لامعة، إنها حكاية الخوف والتمرد عبر سبع شقيقات، كل واحدة تخاف من شىء مختلف، ومن خلال رحلة خيالية ينتصرن على مخاوفهن، ويسحقن من أراد إنهاء الرحلة، المرأة هى الحلقة الأضعف فى سلسلة المجتمع، وتتحمل نصيبا أكبر من الخوف، ولكنها قادرة على أن تتغلب عليه، وأن تنطلق إلى البحر.


يبدو الحب ملاذا ووطنا بديلا، ولكن ببعض الثمن والألم: فى «مرارة» يصبح الزوج الذى اختارته المرأة رغم الرفض واحة مواساة أمام ألم استئصال المرارة، وفى «نخلتى» يبدو الحب قصير العمر أمام صوت الشعارات التى لم يتحقق منها شىء.


ولكن الوطن يستعيد حضوره فى القصة الأخيرة «عهود وحدود»، عبر رحلة معاناة لعراقية عائدة برا من الأردن إلى بلدها، تفكك القصة تجليات الحصار والاستبداد، وترد على السخرية بسخرية، ترى العائدة إلهام قائمة بأسماء نسوة تحملن نفس اسمها، فتعلق: «كل هؤلاء إلهامات ممنوعات من السفر؟»، يسألها ضابط المخابرات: «دكتورة بأى مرض؟»، فترد ساخرة: «حاشاك بالأدب»، فيعلق بدوره: «يعنى شغلة ميتة»، تتساءل إلهام وهى ترى الأجانب فى بلدها يديرون الأمور: «أى وطن هذا الذى تدخله بالقاموس؟»، وتختزل أصل المأساة فى عبارة: «يذهب بعبع، ويأتى بعابع».


يتعلم أصحاب البصر من العميان أصحاب البصيرة (قصة عمياء فى ميلانو)، وتمتزج تراجيديا أم لم تعرف ابنها بعد 16 عاما من رحيله، بملهاة سوداء تجعل أما تدفع كفالة لتسفير ابنها من الوطن، بدلا من أن تدفع فدية لمختطفيه، إذا ظلَ فى الوطن.


لم ترد إنعام كجه جى أن تمد خيط العبث إلى نهايته، رغم بذرة عبث ضمنية حاضرة فى القصص، ولكنها اختارت أن يظل الواقع مسيطرا، باستثناء قصة الشقيقات السبع.


تركتنا نتأمل المفارقة فى حضورها الثقيل الواقعى، مثلما نتأمل غلاف المجموعة المعبر (لوحة للفنان على آل تاجر) التى تجعل جيفارا راقصا من راقصى المولوية، فكأنه يعبر بذلك عن تلفيقٍ فج، يعادل أحوال البلاد والعباد الملفقة.