الثلاثاء، 25 فبراير 2020

جميلة محمد ...لوحة مارسلين اليا

صباح المحبة البيضاء .
الحنين ...

على  هذه الأرض  
تمنيت لو أصبحنا
يا حبيبي ...كلنا عشاق ..

و نشتاق ...نعم ..نشتاق
لمواويل  السيدة .. 
لشذو فيروز
 نشتاق  للقهوة برغبة  اللوعة
و  قصائد  الهوى المبعثرة في الارجاء
تسافر راقصة  بين نظرات العشاق
نشتاق ..اجل نشتاق 
للموج الازرق ..لقناديل البحر
.. وحرقة الاشواق....
 وخطو نا ..المتتاقل ..
على رمال الذهب
ومداعبة قدمينا لفرشة الماء .. ..
نشتاق ....
   لطيور السلام  ترسم قلوبا ...
تحوم  حول" الوداية"
 تلف" حسان "
تغني :
.يا "رباط" الروح
يا طوق  الدوح ..
يا ^براق"  الأحلام ..


اريد ان أصحو ولا انام ..
اني اخشى عليك  حبيبتي
 من عيون الغرباء..

..قد هبت نسائم الامل

وألتقينا بعد طول عذاب
على ضفاف   رقراق
نعاتب اسوار الغياب 

كان الوقت غروبا
والسماء  ترواض الشفق
قد  غاض قلبينا الارتياب ..

فمشينا يدا في يد  
نسابق حمرة  الشمس
تتقادفنا   امواج  الأشواق

قد أتيتك وانا  أكابر  حنيني
بينما تعانق  روحك ..روحي
كنت  اكتم بين ضلوعي أنيني   ..

واتيتني  انت  بخيلاء
 بأحضان متكبر ..مشتاق ..
تبدي اللامبالاة  ...
.تفضحك الأحداق ..

اعترف

أاحرقتك اللوعة...
قد هزمني الفراق ..

جميلة محمد

الأربعاء، 19 فبراير 2020

د.رمضان الخضري

تطور الخطاب الشعري في الجزيرة
رؤية في شعر أحمد آل مجثل الغامدي

************
سيطر الهجامة على معظم المنابر الشعرية في وطننا العربي ،
وحجبوا قناديله ودره عن عيون العامة ، وماكان الوطن العربي
في حاجة للشعر عبر تاريخه الطويل كما هو حاله الآن ، فالمواطن
العربي يحتاج الشعر في الوقت الحالي أكثر من حاجته للطعام
والشراب ، حيث إن الشعر هو الميزان الحقيقي لاتزان الشعور
والوجدان ، فحينما يصلح حال الشعر لن نجد أغنية ضارة بالذوق
، ولن نسمع كلمة خادشة للحياء ، ولن يثير جدال بين متجادلين
ترى كيف كان يعيش العربي حينما يسمع حسان مادحا للرسول ،
ويسمع ابن أبي ربيعة يتغزل مازحا وضاحكا ، ويسمع جميل بن
معمر يتغزل ملتاعا ومشتاقا ، ويسمع المتنبي مفاخرا بعلو همة .
إن الشعر البليغ ، حالة من حالات التسامي حيث تتحول المفردات
الصلبة إلى حالة من حالات النشوة الغازية دون المرور بالحالة
السائلة للمفردة .
والخطاب في أبسط تعريف عالمي له هو طريقة التقديم ، فالخطاب
السياسي طريقة تقديم معلومات سياسية ، والخطاب الديني طريقة
عرض الدين بصورة مفهومة ، والخطاب الإشهاري طريقة عرض
السلعة ووصفها للمشتري ، والخطاب الشعري طريقة تقديم الشعر
للمتلقي .
وقد أخذت كلمة الخطاب في لغتنا العربية معناها من استخدامها
 اللغوي المتعارف عليه ، فيرى ابن منظور في تعريف الخطاب
( مراجعة الكلام ، وقد خاطبه بالكلام فهما يتخاطبان ) ،
وقريبا منه ماجاء به الكفوي في معجم الكليات حينما عرّف الخطاب
بقوله ( الكلام الذي يقصد به الإفهام ) ، فمن شرط الخطاب أن
يكون مفهوما .
فالخطاب الشعري يكون متواليات شعرية صادرة من مرسل
 ( الشاعر ) إلى مستقبل ( السامع / القارئ ) .
فالخطاب الشعري = شاعر + شعر + قارئ/ سامع .
والشعر = نثر + موسيقا ، فإذا أردنا استطراد المعادلة
الخطاب الشعري = شاعر+ نثر + موسيقا + قارئ/ سامع
وللشعرية تعريفات قديمة من ابن طباطبا العلوي وقدامة بن جعفر
ومن بعدهما الجرجاني والقرطاجني وغيرهم ، ومعظمهم يقول عن
الشعر أنه الكلام الموزون المقفى المفهوم ، ما عدا الجرجاني الذي
أضاف لهم أن يكون الشعر مؤثرا في نفس سامعه .
وجاءت التعريفات الجديدة للشعرية على يد أدونيس ونازك الملائكة
والحق أن تعريف أدونيس للشعر لايمت للشعر بصلة رغم شهرة
هذا التعريف واندفاع بعض أساتذة الجامعات خلف التعريف تفسيرا
وتنظيرا ، مما جعل النقد الأدبي لازال غرّا لا يمكل مقومات الحكم
على القالات ، بل يأخذ الكلمات المرتبطة بأشخاص معروفين أو
أصابتهم دولهم ومكنتهم بشهرة لا ترتبط بواقع الإبداع ، يقول
أدونيس في تعريف الشعرية ( الشعر رؤيا والرؤيا بطبيعتها
قفزة خارج المفاهيم القائمة ) ، وهذا القول ينطبق على السباكة
والسياسة والتجارة وكل العلوم والفنون .
فأزعم أن النقد العربي الحديث لم يقدم شيئا سوى ما قدمه عميد
الأدب والثقافة العربية الدكتور طه حسين ، وغنيمي هلال وياسين
المقدسي الفلسطيني ومحمد مندور وأخيرا عبدالمنعم تليمة .
ويظل النقد العربي من المحيط للخليج مرهونا بمجموعة من
المعلبات النقدية الغربية التي لاتصلح أن تقدم شيئا لأدبنا
العربي إلا كما تقدم إسرائيل للشعب الفلسطيني .
فالخطاب الشعري العربي القديم لم ينتبه لعميد الفكر العربي القديم
أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب بن فزارة الليثي الكناني
البصري ، الذي عرف الشعر بأنه القول البليغ المؤثر ، والذي
يستخدم فيه كاتبه البيان والدلالة ، فيقول الجاحظ : _
( على قدر وضوح الدّلالة وصواب الإشارة، وحُسن الاختصار،
 ودقّة المدخل، يكون إظهار المعنى، وكُلّما كانت الدّلالة أوضح
وأفصح، وكانت الإشارة أبين وأنور، كان أنفع وأنجع ) .
وقد اعتمد الخطاب الشعري العربي القديم على الغنائية في
الموسيقا والدلالة والتشكيل ، وعلى رصد الحياة بتمزقها وتعدد
موضوعاتها في النص الشعري ، فكانت المتواليات اللغوية في
القصيدة تتحدث عن موضوعات متعددة وربما متناقضة ، فلا رابط
بينها سوى الموسيقا المتواترة أو موسيقا الروي والقافية أو
 موسيقا الحروف والتقابلات .
وقد وقعت عيني على شعر من لم أره ولم أعرفه إلا من خطابه
الشعري ، وهو شاعر الجزيرة / أحمد آل مجثل الغامدي السعودي
تعرفت على شعره منذ سنوات قصيرة لا تتجاوز أصابع اليد ،
وحاولت مرارا أن أفتش في سطوره لتميزها عما يدور في ساحة
ما نطلق عليه مشهد الشعر العربي الحاضر ، فالنصوص به تمكن
من استخدام الأدوات ، ولا تستطيع الأدوات ان تقيم فناً شعر سوى
على أرض شعرية هي الموهبة ، فالموهبة أرض الشعر التي يمكننا
أن نؤسس عليها نصا ، والذين يؤسسون نصوصا على غير موهبة
فهم يقيمون قصرا من الوهم ، فمن سمع كأنه لم يسمع ، ومن رأى
كأنه لم ير ، كمن يستقبل الريح وهو مختبئ في استوديو عازل
للصوت ، وهذا مايحدث حينما نسمع كلاما موزونا يظنه كاتبه
أنه شعر ، فإذا ماقال فرح من هم على شاكلتي حينما يصمت ،
وصفقوا لصمته لا لكلامه .
يقول الشاعر / أحمد آل مجثل في قصيدة له بعنوان :
مَصارع العُشّــاق ) )
**********
طربَ الفــؤاد بلهـفـة المشتــاق
وتذكرت بَعضُ الحروف رفاقي
وتسارعت نحو القَريض أناملي
كي تـكـتسي أبـيـــاتـهـا أوراقي
وتجـمّلت ورداً وبعـض جِـنانها
ظمأى تبيــتُ فهـــاكــمُ أحـداقي
يا حــضرةَ الأحباب إني عاشق
مثل السنابل نبضها أشـــــواقي
يا أعذب النّغــمات في قاموسها
ردّوا إليّ مصــارع العُـــــشاق
ردّوا إلى قــــلب المُتيّم روحه
وتأملوا عــــــند البُعــاد فراقي
ما كنت أحسب أنّ مَن أحببتهم
يوماً تضـــيق بحـالهم آفـــاقي
فلطالما أسرجت ليل همومهم
ورتـقـت من بعـد الوصـال فتاقي
ولطالما أبكت حُروفُ قصائدي
بعـض العـيون فزادها إشفاقي
لو كان قـلبي جُـنّةً لوهــــبتها
دمعي وإن ضنّوا عليّ رفاقي
********
ولقد ذكرتني القصيدة بقصيدة حافظ إبراهيم التي قال فيها :
كم ذا يكابد عــاشـــــق ويلاقي
في حب مصر كثيرة العـــــشاقِ
إني لأحملُ في هواك صـــــبابة
يامصر قد خرجت عن الأطواقِ
حافظ إبراهيم من أوائل الذين حاولوا أن يعيدوا الشعر العربي
لمكانته القديمة في العصر العباسي أزهى عصور الشعر العربي
القديم ، ولذا فهو يعود بالشعرية العربية إلى واقعها القديم ،
بينما أحمد آل مجثل يخترع واقعا جديدا للشعرية العربية من خلال
محاولاته أن يجعل الشعرية العربية بخصوصية عربية وصفات
وصور إنسانية ، فإذا ترجمنا قصيدة حافظ إبراهيم للغة غير
العربية فلن يهتم أو يطرب لها أحد ، بينما إذا ترجمنا قصيدة
أحمد آل مجثل للغة أخرى حتى لو كانت اللغة الصينية فسوف
يجد فيها القارئ فهما للحياة ، ليست لحياة العربي فقط ، بل
لحياة الإنسان عامة على الكرة الأرضية ، وهذا الوعي في
نص آل مجثل يرتبط بحياتنا التي اختلفت عن حياة حافظ إبراهيم
فلم تعد هناك فكرة خاصة بوطن ، ولا ثقافة خالصة لمجتمع ، بل
ربما انتهي من صلاتي وقيامي لأقرأ ما درا في العالم كل من حولي
حيث أصبح العالم كله محدد بمساحة 6 بوصة تقريبا ، وهو حجم
الهاتف الذي يحمله الإنسان في يده ، فكل منا يحمل في يده العالم
 كله ، فحينما اشتاق حافظ إبراهيم لمصر وهو شوق يدل على
 الانتماء والحب لوطنه ، تشتاق حروف أحمد آل مجثل ، وشتان
 بين شوق الحروف الذي نتج عن شوق قائلها ، وبين شوق القائل
الذي ربط الحياة بذاته ، منكفئا على داخله .
والصورة الجمالية عند حافظ إبراهيم مرتبطة تماما بالشعور العربي
والواقع المعيش ، فهو يفرح من الصفات الكريمة ، كما يفرح
الغريب بعودته إلى دياره ، نعم صورة جميلة واقعية ، لكن شاعر
الجزيرة يفصل هذا الواقع ، فلم تعد العموميات مشكلة الشعر ، بل
التفاصيل الصغيرة التي يلتقطها الشاعر من حوله أو من ذاته ،
فأنامله تجري تجاه الشعر ، وكأن الأنامل قد وعت وشعرت بما
يشعر به صاحبها ، فأصبحت شاهدة وسامعة ، وعليها أن تتحرك
بوجدانها عسى أن يتطابق الوجدنان ، وكذا الروح ليست في الجسد
 كله لكنها في القلب ، وتحديد الروح للقلب شيء مثير للغاية إذا ما
 وعينا أن القلب موقع الشعور وأن الروح موطن الحياة ، فالشعر
عند آل مجثل هو حياة القلب أو شعور الحياة أو حياة الشعور .
حتى مفردات القافية والروي أكثر صوتية عند حافظ إبراهيم ،
ولكنها أكثر ألما وتوجعا عن أحمد آل مجثل شاعر الجزيرة .
*********
يقول الشاعر السعودي / أحمد آل مجثل في نص بعنوان
 ( علّ وربما ) نشره أمس على صفحته الخاصة بموقع
 التواصل الاجتماعي
*******
ويَموتُ
بينَ شِفاهِنا من عشقنا
وَلَـهٌ يحاكي الوَجنتَين مِن الظّما
وتنامُ
في أوجاعِنا بجراحنا
لُغةُ  :  لعلّ  المُتعَبينَ  وربّـمـــا
وأكونُ
يومَ رواحِنا في شوقنا
قمــحاً  توضــأ ديمـةً  وتَيمّــما
وتَعودُ
بَينَ حصادِنا ضحكاتنا
عــطـراً  تَنفّسَ مـرّةً  أو همهَما
وأصوغ
حين غنائنا ببواحنا
لحــناً  تخــضّب رقّــةً  وتبــسّما
وتتيه
في آفاقنا تنهيدة
فتسابق الغيث العَميم إذا همى
تمضي
بنا الأرواح تولد شهقةٌ
تلقى الذي تحت الرماد تفحّمـا
**********
لازالت الدرب في أولها عسى الله أن يقدرني لاستكمل وجهة
نظري في شعر هذا الشاعر العربي المؤثر في المشهد الشعري
تأثيرا حقيقيا ، وسوف أتم الدرس في اللقاء القادم فقد أطلت
 على أحبابي القراء وهم أغلى عندي مني .
***********

د / رمضان الحضري
القاهرة في 19 من فبراير 2020 م
********

الثلاثاء، 18 فبراير 2020

الناقد عبد الله اتهومي . و تجريد المغربى / محمد سعود


 نحن هنا الأن امام رؤي نقدية للوحات الفنان المغربى " محمد سعود " ، لقد إبتعد المؤلف في قراءاته النقدية عن المعتاد ( قراءة نقدية مطولة تحتاج لوقت ودراية بمذاهب ومدارس الفن ، وإسقاطات من الناقد علي العمل .... الخ ) ، هو يغادر هذا الموضع أو الوضع النقدي المعتاد ، ويتوجه مباشرة إلي المتلقي مُساعداً له ،في جمل وكلمات بلا مصطلحات من خلال هذه الإضاءات الشعرية السريعة كى يمضي بنفسه إلي العمل مستكشفا الظاهر منهُ إلي ما هو مُستتر فيه . اعجبتني الفكرة فخصصت لها هذه الملاحظة تعبيرا عن تقديري لجهده ، وله قراءات أخري مماثلة تنشر تباعا إن شاء الله ) .

سـ جـ

1

:Mohammed Saoudتقديم الفنان محمد سعود،

لوحة من وحي اللحظة " اكريليك على قماش "


استقرائي للوحة الفنية:

ما بين يخضور وزرقة في صفاء

نشر رونق حمرة

ما بين ألوان وزنبقة في ارتقاء

سر عمق رسالة

ما بين سلم ومحبة في بقاء

خير رفق رمزية

2

من عمق يخضور في تفاعل

طلوع حمرة في توهج

من رفق حضور في تناسل

نصوع خضرة في تفوج

من شق نشور في تساهل

نبوع اضاءة في تزوج

3

:Mohammed Saoudتقديم الفنان محمد سعود،

"العائلة هي إحدى روائع الطبيعة " الفيلسوف الاسباني
خورجي سانتيانا .

اللوحة " صورة عائلية" اكريليك ورمل على قماش 2013

استقرائي للوحة الفنية:

في السير ثنائية ذهبية في ثبات

بينها أمل قادم

من الخير هيبة ثمينة في اثبات

منها أصل خادم

في الفخر أبهة رمزية أبهات

بها فضل عازم

4

:Mohammed Saoudتقديم الفنان محمد سعود،

ازهار الشوق - اكريليك على قماش 2018


من خصوبة بهاء خضرة

بزوغ تلألأ حمرة

في جاذبية نقاء زرقة

نبوغ تهيأ قدرة

من الاتقائية لقاء مجتمعة

بلوغ نشأ قمة

5

:Mohammed Saoud تقديم الفنان محمد سعود،

"رسائل العبور الاخير" اكواريل على ورق 2019


من تماسك حروف في سبح في عمق

عطف حنية في تشارك

في تمالك ظروف في منح في أفق

لطف قوة في تمالك

من تهالك قطوف في سنح في رمق

لف فرصة تماسك

°°°


عبدالله اتهومي الدار البيضاء المغرب في 17 فبراير 2020

لوحة مارسلان ايليا تعليق جميلة محمد

اقرئي كفي حبيبتي
 ولا تخفك  هيجاء  العواصف التي مزقت ثنيات راحي ..لا تضعي عيناك على مكامن جراحي ..لا تلمس روحك  جيوب روحي... لا تتألمي .....يداي التي كتبت الكتاب ..يداي التي بنت وهدمت ..دنت كثيرا وهاهي اعلت أسوار الغياب . يداي التي رفعت البندقية ...يداي التي قطعت اوصال  الوطن ...ويداي التي حملت نعش الوليد تلوى الوليد  ..ويداي التي ..غرست شتائل الياسمين ..واسقطت الزيتون ... يداي ..التي صافحت الأعداء ..ويداي التي سامحت الاندال..يداي التي ...دفعت ثمن الحرية .. قالت وداعا للأحلام ...وداعا للسلام ....في صمت .....

لوحة مارسيلان اليا..

الخميس، 13 فبراير 2020

د رمضان الحضري

المشهد الشعري المصري
******
أعلن اعتذاري قبل أن أكتب مقالتي هذه ، حيث بالتأكيد سوف أنسى
أسماء متعددة سهوا ، وأترك بعضها قصدا وتجنبا للحرج الذي قد
يصيبها ، فلا يمكنني أن أتحدث عن كل الحقائق أو عن جميع
الأسماء ، ولكن الأسماء التي سوف أتحدث عنها مبدعة بحق
وسوف يظل أثر هذه الشخصيات مستمرا لفترة تطول أو تقصر
متناسبة مع الموهبة والقدرة على الإبداع .
والذي لاشك فيه أن استفاقة الشعر العربي _ بعد قرون الانحطاط
التي طالت دهرا وطالت كل جوانب الحياة _ كانت على يد أفذاذ
في الموهبة والقدرة على إعادة العقل العربي لمكانته الصحيحة
فبدأ البارودي الصحوة بنصوص تكاد أن تكون قد قتلت فترة
القطيعة بين العربي وشعره ، وبلغ الشعر ذروته على يد أمير
الشعراء أحمد شوقي ، الذي استحق اللقب وأنا أعتبره رتبة
وليس لقبا عام 1927م ، وفي أغسطس من عام 1927م ، كان
أمير الشعراء قد سافر إلى سويسرا حيث كان يمتلك ( فيلا ) على
جبل هناك ، وفوجئ بكبار شعراء أوربا وأكبر نقادها بقيادة
جان فوكو جاءوا لزيارته ، فظنهم شوقي مهنئين ، فقال فوكو
بل لنعلن أنك أمير شعراء العالم ، نعم بلغ الشعر المصري والعربي
بلاد أوربا وأثر فيهم حتى قبل شوقي بأكثر من قرنين ، ولكن
الأوربيين لم يكونوا قد تأثروا بفترة الانحطاط العثمانية أو
سابقتها المملوكية ، لكنهم تأثروا بشعرنا العربي منذ عصر
 ما قبل الإسلام وحتى العصر العباسي الثاني والشعر
الأندلسي على وجه التحديد .
لست قاصدا للتأريخ هنا بقدر قصدي بيان فترات تأثير الشعر
العربي على الحياة في بلادنا العربية وخارجها وبيان الأسباب
حيث ستفيدنا في هذه المقالة على نسق ما .
ظن البعض أن تفوق شوقي في شعره يرجع لسفره لأوربا
ويناقضون أنفسهم مرة ثانية ويرجعونه لتمكنه من لغته
العربية ، والحق أن شوقي شأنه شأن طه حسين موهوب
ويمتلك القدرات التي تجعله يستغل كل مناخ يعيش فيه بل ويطور
في المجتمع الذي يحيا به .
وكان حافظ إبراهيم على ذات النسق وخليل مطران الذي
أدخل الرومانسية للوطن العربي تضاهي وتتطور عن الرومانسية
الغربية ، وبعدها بدأ الشعراء الذين يريدون التطور يدخلون في
الفخ الغربي ، وينوعون في الشعر العربي ذات تنويعات الشعر
الغربي ، بل ويأخذون الصور الغربية ليضعوها في شعرنا فتجد
من يتحدث عن بلاد الضباب وينسى أنه يشير إلى لندن ، ومن
عن النوارس ولايدري أن بلادنا العربية ليست بها نوارس ،
ناهيك عن أنواع الورود والزهور الأوربية ولقاءات الأحبة
 الأوربيين وعباراتهم التي كادت أن تصلنا في شعرنا مترجمة
، وقد زاد الطين بلة أن النقاد العرب بدأوا في جلب النظريات
النقدية الأوربية المعلبة والمستوردة ويطبقونها على أدبنا
ولا يزالون يفعلون حتى كتابة هذه الكلمات ، وهم يدركون أن
ما ينطبق على لغة لا ينطبق على غيرها ، فما ينطبق على اللاتينية
لايمكن أن ينطبق على العربية ، والعربية بالتحدي لا تطابقها لغة
أخرى حتى لو كانت من ذات الفصيلة كالعبرية أو الفارسية
 أوغيرهما .
والأدب لغة مرتبطة بواقع ، واللغة عربية والواقع عربي إسلامي
والاختلاف بين اللغات يستوجب اختلاف بين العقول ، والاختلاف
بين الواقعين يستوجب اختلاف في المكتوب ، نعم هناك مبادئ
عامة إنسانية بين كل الشعوب ، ولكن الفنون لكي تكون أكثر
تأثيرا في مجتمعاتها لابد أن تحصل على الخصوصية والذاتية
المجتمعية ، وهذا ما جعل اسم طه حسين والعقاد والحكيم وإدريس
ونجيب محفوظ وغيرهم مستمرا بيننا ، بينما تختفي أسماء كثيرة
ربما كانت أكثر انتاجا في الكتابة ولكنها ارتبطت بحوادث تنتهي
 معها الكتابة وتمحي من الذاكرة ، حتى العبقري نفسه إذا كتب
في حادثة مرتبطة بزمن أو موقع أو شخص ، لا تطول كتابته كثيرا
فمثلا ما جدوى قصيدة شوقي في رثاء مصطفى كامل لنا الآن ؟
هي نص لغوي ليس إلا ، بينما حين يتحدث عن حبه لوطنه يبقى
النص خالدا ، حينما يتحدث حافظ عن لغتنا العربية يبقى النص
شاهدا ، هذا من ناحية الموضوع .
أما من ناحية التشكيل الفني فإن الموهبة والقدرات هي الت تحدد
خلود النصوص من عدم خلودها ، وتتجلى الموهبة في طرافة
التصوير والتعبير واستحداث موسيقا داخلية ترتبط بوجدان المتلقي
وتخاطب في الشعور والنزوع والإدراك ، وتجدد له الفهم والوعي
وتقدم له وجهات نظر جديدة ، وتحدد له ميولا أخرى لتغير له
اتجاهاته نحو الأسمى والأجمل .
وهذا ما يجعلني أذكر من مصر عبدالعزيز جويدة وأحمد سويلم
وعماد قطري وعلي عمران ومحمود حسن وعاطف الجندي
ومصطفى رجب وثروت سليم وحاتم عبدالهادي وعلاء شكر
ومحمد مملوك  ومحمد ناجي وعصام بدر وياسر فريد وأمير
صلاح سالم ومحمد جاويش وسليمان الهواري وحسين أبو الطيب
وعبد القادر عيد عياد وحسونة فتحي والدكتور سمير محسن .
 إلى جانب الشاعرات فوزية شاهين وإلهام عفيفي وسكينة جوهر
 وهبة الفقي وشيرين العدوي وإيمان حسين وحنان محمود ودينا
 عاصم ونورا جويدة .
وكما قال الجاحظ : إن الذاكرة ملكة مستبدة ، فإن ذاكرة الشعوب
لا تحفظ إلا من استطاع أن يستمر فيها بموهبة وقدرات خاصة
فيظل اسم امرؤ القيس والمتنبي وشوقي ومن استطاع أن يوظف
موهبته ويستخدم قدراته ، واختفت أسماء الآلاف من الذين كانوا
يحسبون أنفسهم شعراء مؤثرين ، بل إن بعض من يظنون أنهم
أصحاب مدارس شعرية اختفت أشعارهم وهم أحياء فلا تجد من
يذكرهم أو يذكر لهم بيتا أو سطرا ، حتى أننا لا نجد من يذكر بيتا
لأعظم منظري الشعر عند العرب وهو الخليل بن أحمد الفراهيدي
الأزدي العماني البصري ، رغم أنه كان شاعرا ، ولم نحفظ
لسيدتنا صفية عمة رسول الله شعرها ، وحفظنا شعر الصعاليك
والتهاجي بين جرير والفرزدق والأخطل .
فالشعر موهبة وقدرة لا يرتبط بحب وكره ولا دين وكفر وإن
 كان يرتبط عند العرب بقيم ومبادئ وحسن خلق من حلم
 وشجاعة وكرم .
فالمشهد الشعري المصري الحالي يبشر بوعي معظم الشعراء
الذين ذكرتهم لماهية الشعر ووظيفته ، وخصوصية اللغة والمجتمع
العربي والإسلامي ، مما يجعل شعرهم هو الأقدر على الاستمرارية
بينما يوجد بعض الشعراء الأحياء الذين لايمكننا أن نذكر لهم نصا
يستر سنيهم حتى تمر ، أو يرضي ذائقتنا حتى تقر .
فالشاعر المصري الحقيقي هو من استطاع أن يطور أدواته مع
القفزات العصرية الشاسعة ، ليعترف أنه لم تعد هناك حدود
صادقة بين الشعوب في العالم كما كانت حتى نهاية القرن
الماضي ، ولكن معظم الحدود هي أغطية وهمية لعدم قدرة
بعض الدول المتخلفة على إدارة حياة أفرادها ، واستمرارية
اتباع النظم بعيدا عن اتباع العلوم والتطور ، فيتبعون ثقافة
النظام ويتركون نظام الثقافة ، ويتبعون تعليم النظام ويتركون
نظام التعليم ، فيظل البناء التحتي تابعا لا مشاركا ، ويظل البناء
 الفوقي مفرقا لا جامعا .
وهذا ما يجعل الشاعر الحق قائدا ثقافيا يشير لصحيح
الدرب ، ويعلي من الهمم فيوقظ العقل والقلب ، لا تابعا
يثير العامة بشقشقة بيان أو سجع كهان ، فيصبح شعره
سلعته لا وجهته ، وتصبح كلماته لجيبه لا لبلده ومبادئه .
وقد فقه شعراء مصر الحاليون وضع مجتمعهم ودولتهم
وما يحيط بها من مخاطر ومؤامرات ، وكلهم يعلم أن
بلدهم تخلصت بأعجوبة من الحوت الكبير الذي كان
يريد أن يبتلعها ، وهم يعلمون أن رأس الحوت في واشنطن
وذيله في تل أبيب ، وأن أشعارهم سوف تصل ، فلم يكن
الغرب ليمدنا بالشبكة العنكبوتية إلا إذا كانت ستدر عليه
دخلين لا دخلا واحدا ، فهم يستفيدون بما نقدمه من معلومات
وخاصة عامة الناس ، ويبيعون لنا بضاعتهم بأغلى الأثمان ،
وهذا ما جعل شعراء مصر يكتبون ويدركون أن بعد ضغط
زر النشر بثانية سيقرأ كلامهم الأمريكي والصيني من الغرب
ومن الشرق ، ولست أشك لحظة أن شعراء مصر يدافعون
عنها كما يدافع شباب جيشها على الحدود ، وكل شاعر حقيقي
يموت لأجل صدق حروفه مرات ومرات في قصيدته ، ولا يجد
من يكرمه أو يشكر له بعض صنيعه .
وسوف أقدم بعضا من قصائد الشعراء الذين ذكرتهم لبيان تأثير
شعره في المشهد الشعري المصري ، وهذا في اللقاء القادم غدا بإذن الله تعالى .

د.رمضان الحضري 

يحيى الشيخ

هبة الله :
ضمير المغرب الميت!


تفاعل المغاربة مع هبة، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، من طنجة إلى لكويرات. فيا له من شعور وطني نادر من أجل قضية إنسانية مؤلمة! هذا ما ينبغي القيام به في مثل هذه الكوارث الفظيعة! ولكن طريقة التعامل مع الكارثة كانت فظيعة هي الأخرى : تخاذل  المجتمع وغياب تام للسلطة وتجاهل كلي للمواطنين الذين لم يحركوا ساكنا لإنقاذ الضحية .
إن قوانين الدول الديموقراطية التي تحترم مواطنيها وتدافع عنهم تعاقب كل مواطن لا يتدخل لنجدة مواطن آخر، بل وتعاقب السلطات التي لا تقوم بواجبها لإنقاذ ضحايا الإجرام وغيره. ولكن للأسف الشديد، أبانت قواتنا المدنية وممثلونا السياسيون عن عدم رغبتهم في حمايتنا ورفع الضرر عنا. إننا نعرف أن هذا ليس بجديد في بلدنا المسلم، بل هو عادة ترسخت منذ فجر الاستقلال، ذلك أن القوى السياسية والنخبة المثقفة في بلدنا لم تفكر أبدا أو أنها لم تتمكن من بلورة فلسفة مستقيمة لتربية روح المواطنة لدى المواطن أو ربط أواصر المحبة بين السلطة والمحكومين من أبناء المجتمع.
  هبة هي واحدة من ضحايا الأمس واليوم والغد. نعم، ستحبل الأيام المقبلة بمزيد من الهبات الضحايا لانعدام سياسة حكيمة لحماية الشعب والدفاع عن كرامته. ولا يتأتى هذا إلا بإعادة النظر في هيكلة المؤسسات، بل وإعادة بناء المواطن. إنه لمن العار أن نجد مسؤولين وبورجوازيين مغاربة يستنزفون الوطن ويعيشون خارج آلامه وأحلامه، بل إن البعض منهم ليشتري جنسيات أجنبية بأموال باهظة تفوق المائة ألف أورو لأنهم باتوا مقتنعين بأن الحياة داخل الوطن لم تعد مؤمنة ولا آمنة. فتراهم يسرقون ليل نهار لضمان مصاريف تدريس أولادهم في مؤسسات أجنبية بالداخل أو الخارج. لقد باتوا متيقنين بأن البلد الذي يأويهم ينهار يوما بعد يوم وأنهم يعيشون لحظاته الأخيرة وهو يلفظ أنفاسه.
إن شعارنا هو "الله، الوطن، الملك" ، ولكن لم تتدخل السلطة الدينية لإنقاذ حياة هبة وغيرها من الهبات في وطن تستشري فيه الزبونية والفساد ، ولم تتدخل السلطة السياسية لإنقاذ هبة وغيرها من الهبات في وطن لا يرحم مواطنيه، ولم تتدخل الحكومة الناطقة باسم الملك ودستور الأمة لضمان العيش الكريم لهبة وغيرها من الهبات؟
شعار فرنسا مثلا : الحرية، الأخوة والمساواة! إنه شعار تترجمه المؤسسات على أرض الواقع ويموت من أجله الشعب، بل إن المواطن هنا ليضحي بحياته من أجل إنقاذ المواطنين كما هو محسوب لدى رجال المطافئ الفرنسيين الذين فقدوا أزيد من ألف وخمسمائة شخص خلال مهامهم في إطفاء الحرائق.
أضف إلى ذلك السلوك العفوي لمعظم المواطنين الأوربيين الذين يزجون بأنفسهم في المهالك لرفع الضرر عن الناس، كما وقع في باريس خلال الصيف الماضي، حيث أنقذ شاب من مالي طفلا فرنسيا كاد أن يسقط من الطابق الرابع.
فرنسا "الكافرة" ونحن المسلمون! أوربا "الإمبريالية" ونحن المسلمون؟
المسيحيون كفار، ونحن المسلمون!
 ألقاب واختيارات دجالين يكذبها الواقع، ويظل الموت المبرمج في بلداننا يحصد نفوس الأبرياء يوما بعد يوم : مات أخي الأول ومات أخي الثاني في مغربنا بسبب خطأ طبي، ومات أطفال كثيرون في شوارع المغرب، ومات مناضلون شرفاء في سجون المغرب، وما زال الجبناء والوصوليون يعيشون شرفاء في هذا البلد الأمين.
يا أيها المهاجر الشريف، اندم على كل شيء اقترفته في حياتك، ولكن لا تندم أبدا لأنك فارقت هذا الوطن الذي قتل فيك أبسط مشاعر الإنسانية إلى الأبد. سيقول لك أصدقاؤك المناضلون على سبيل المزاح : " نراك قد هربت!" أجبهم بما نصح به أبو حامد الغزالي : "إذا فسد القوم والزمن فعليك بخويصة نفسك!".

لقد قيل قديما :

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا

والبيت لا يبتنى إلا على عمد
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد

فإن تجمع أوتاد وأعمدة
فقد بلغوا الأمر الذي كادوا

إننا لنعيش حياة فوضى حقيقية، نعيش السلب والنهب وغياب تام للأمن، سراتنا جهال (من الجهالة والجهل معا) وأعمدة بيوتنا مهترئة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
شكرا لهبة التي أشعلت فينا فتيلة الحياة وهي تحترق كالشمعة لتضيء فينا ما تبقى من كرامة ماتت فينا منذ ستين سنة أو يزيد!

يحيى الشيخ 

ادريس الزايدي



. مع كتاب علال الحجام

" تحولات تموز في شعر محمود درويش"








يطالعنا الشاعر علال الحجام بكتاب ضخم من 587 صفحة ، تحت عنوان " تحولات تموز في شعر محمود درويش" ، منشورات بيت الشعر في المغرب عن مطبعة دار المناهل لسنة 2019. وفيه تناول الشاعر شعر محمود درويش من خلال محتوى يضم تقديما وثلاثة أبواب وخاتمة .

والمقدمة تأطير للدراسة ، تناول فيها الشاعر علال الحجام إشكالية البحث وفرضيات قرائية ثلاث، مضمنا إياها سبب اختياره الاشتغال على شعر محمود درويش.ثم عقب على منهج الاشتغال الذي اختاره للامكانات التي يتيحها في الجمع بين النص وخارجياته، جاعلا من البنيوية التكوينية نبراسا قادرا على صهر الخاص في العام في اتجاهين : انتقائي يسهل تحديد رؤية العالم عند محمود درويش والثاني يهدف رصد الكيفية التي يشتغل بها الشعري في النصوص المفردة. بعدها يعرج الباحث على إشكالية التلقي ضمن علاقة الثقافي بالسياسي، تلك العلاقة التي أفرزت - حسب تعبيره - "أسئلة ثقافية جارحة يمكن اختزالها في الإحراجات التالية" والتي حددها في تحول القيادة من الثورة إلى السلطة وارتباط الأدب الفلسطيني بفكرة التحرر ثم إشكالية المتلقي في علاقته بكيفية تجاوز مرحلة النضال إلى مرحلة ما بعد التسوية الخادعة ...

في ظل هذه التحولات تظل قصيدة محمود درويش طاقة جمالية قوية وقادرة على تشكيل رؤية شعرية للعالم، وهو ما يستوجب مثل البحث الذي خصه الباحث بباب في كلام حول بنية الشعر من خلال تجليات الصورة الشعرية وبنية الإيقاع ، ثم باب الرؤية التموزية ورهان الحداثة من خلال فصل في الرؤية التموزية وفصل في رهان الحداثة ، ثم باب ثالث حول المرجعيات وتلاحم بنيات النص في فصلين : الأول مرجعيات الرؤية التموزية والثاني تلاحم بنيات النص في قصيدة " الأرض" ، ويلي الأبواب الثلاثة خاتمة تضم خلاصات للدراسة ...









ادريس الزايدي