الخميس، 13 فبراير 2020

ــــــــــــ بقلم يحيى الشيخ ــــــــــــ

«الأديب المغربي: مولاي الحسن بنسيدي عليّ» في ضيافة المركز العالمي للدراسات العربية والبحوث التاريخية والفلسفية بباريس



استقبل المركز العالمي للدراسات العربية والبحوث التاريخية والفلسفية بباريس، مساء يوم الخميس 26 سبتمبر 2019م، الأديب المغربي مولاي الحسن بنسيدي عليّ. وقد حضر هذا اللقاء ــ الذي تم نقله على المباشر عبر شبكة التواصل الاجتماعي ــ عدد من الضيوف والمهتمين، من بينهم الأستاذة خديجة أميتي حكيمة رابطة كاتبات المغرب، نيابة عن الأديبة نجاة الكاضي ممثلة الرابطة بفرنسا، والشاعرة والفنانة التشكيلية السورية ريم السيد، والروائية المغربية حياة اليماني، ووفد من مدينة بريتوريا (جنوب إفريقيا) ــ من أصول هندية ــ، وبعض أعضاء المركز (سمير الشيخ ونادية حايدة ونعيمة محضار)، وآخرون. 
كان هذا اللقاء فرصة للتعرف على تجربة السيد مولاي الحسن بنسيدي عليّ في مجال الإبداع الأدبي والقانون المغربي وقضايا الكتابة والنشر في المغرب وحوار الأديان والتعايش السلمي بين الشعوب وأواصر الأخوة الجزائرية المغربية ودور المجتمع المدني في بناء الدولة الحديثة وواقع الهجرة، وغيرها من المواضيع. تلا كل هذا نقاش مستفيض ومداخلة قيمة للسيدة أميتي حول «الكتابة النسائية وواقع النساء المهاجرات» وقراءات شعرية لضيف اللقاء وللشاعرة ريم السيد، وتبادلات فكرية وودية مع الحاضرين ومع ضيوف جنوب إفريقيا.
والجدير بالذكر أن السيد مولاي الحسن بنسيدي عليّ، الذي شرف المركز صحبة السيدة فاطمة بالعربي، محام سابق وفاعل في جمعية «ملتقى الفن والإبداع بالناظور»، وأحد أدباء مغاربة المنطقة الشرقية (وجدة)، كما أنه ينشط في المغرب وخارجه حيث ساهم خلال هذا الأسبوع في الندوة الدولية حول حوار الأديان بدعوة من السيد غالب بن الشيخ وفاطمة بالعربي. لقد كانت بداياته كفاعل جمعوي في «المقهى الأدبي» الذي يشرف عليه السيد عبد السلام بوسنينة، وإليه يرجع الفضل في تشجيع أديبنا على طبع كتبه الإبداعية المتنوعة بين الدراسات القانونية والقصة والرواية والنقد الأدبي والمسرح والشعر الزجلي والفصيح. 
من أعمال الأديب مولاي الحسن المطبوعة بالمنطقة الشرقية (وجدة/بركان)، رواياته: «غادة العامرية» و«ذاكرة الخيول» و«قلب بين نور ونار»؛ ومجموعاته القصصية: «أيلان .. حين ينزف الورد (مطبعة نجمة الشرق، أبركان، 2016م)»؛ ومسرحياته: «عودة آريز (مطبعة الجسور، وجدة)» و«صهيل الجياد (مطبعة نجمة الشرق، أبركان)»؛ ودواوينه الزجلية: «جذبة المداح (مطبعة نجمة الشرق، أبركان، 2018م)» و«خويا العربي (مطبعة الجسور، وجدة،)» و«لمّيمة (مطبعة نجمة الشرق، أبركان، 2018م)». كما أن له دراسات نقدية حول مجموعة من المبدعين المغاربة، من بينهم الشعراء حسن الأمراني ومحمد علي الرباوي. أما اهتمامه بالمسرح فيرجع إلى سنة 1976م حيث لعب دورا في مسرحية حسن الأمراني الشعرية «البحر والرجال». أضف إلى هذا اهتمامه بالدراسات والإشكاليات القانونية إذ سيصدر له قريبا كتاب «الشهادة كدليل إثبات في المادة الجنائية».
يمكننا أن نعتبر تجربة الأديب مولاي الحسن بنسيدي عليّ شهادة حية على تطور الكتابة الأدبية والنقدية بالمغرب الشرقي، تضاف إلى تجارب كثيرة لجيل شعراء المنطقة الروّاد الذي ظهر مع بداية السبعينات، كمحمد بنعمارة وحسن الأمراني ومحمد علي الرباوي وعبد الرحمان بوعلي ومحمد فريد الرياحي وعبد السلام بوحجر ومحمد منيب البوريمي ولحسن كردوس وعبد القادر لقاح، هذه التجربة التي استمرت مع جيل الشباب وتطورت في مضامينها ومبانيها كما عند سامح درويش.
لقد تناولت عروض الأديب مولاي الحسن بنسيدي عليّ مواضيع شتى انصبت على تجربته الإبداعية والجمعوية والقانونية، أبان فيها كلها عن روح تشبعت بالمواقف الإنسانية التي عبّر عنها ــ هنا في باريس ــ خلال اللقاء الدولي حول تعايش الأديان والشعوب ومحاربة التطرف بكل أنواعه الدينية والسياسية. وفي نهاية اللقاء، ألقى السيد مولاي الحسن بعضا من قصائده الفصيحة، وهي: «بوح عاشق في الخمسين» و«من فرط جنوني» و«زوار منتصف الليل»، وهي تصوير للمأساة التي عاشها المغرب خلال سنوات الرصاص. أما الشاعرة ريم السيد فقد شنّفت أسماع الحاضرين بنصوص جميلة، منها قصيدة «تجليات» المنشورة في ديوانها الأخير «مقامات الوجد (دار الفارابي، بيروت، 2016م)».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باريس، بتاريخ 27 سبتمبر 2019م.
ــــــــــــ بقلم يحيى الشيخ ــــــــــــ

يحيى الشيخ yahia chikh

Programme de la première rencontre du Cycle de conférences en hommage à la sociologue Fatima Mernissi, organisées par
La ligue des Ecrivaines du Maroc en France et Le Centre International d'Etudes arabes, de Recherches historiques et philosophiques à Paris.

Première rencontre:
Samedi 05 octobre 2019 à 16h.
Lieu:
Maison Cousté, 19 rue Cousté, 94230 Cachan.

Préambule :
La sociologue Fatima Mernissi  est l’icône de la pensée féministe au Maghreb et dans le monde arabo-musulman. Elle a déconstruit les mécanismes et les stéréotypes qui prédominaient dans nos sociétés pour 
reconstruire une théorie scientifiquement élaborée autour des femmes, leur histoire, leurs droits et leur émancipation. 
Ce qui a donné de l’ampleur à Fatima Mernissi, c’est sa pensée révolutionnaire dans une société traditionnelle, mais aussi ses valeurs humanistes et sa volonté de partage. Par le biais de l’écriture, elle a impliqué tous ceux qui la croisaient dans son projet de «reconstruction d’une société de droits». 
L’écriture, disait–elle dans les  cycles de formations et ateliers qu’elle animait, «est le seul moyen de célébrer la créativité débordante d’un groupe qui veut changer la société»..., et «contribuer à l’amélioration des conditions des femmes». Son souhait le plus cher était de voir les femmes de son pays libres, épanouies dans ce qu’elles entreprenaient.
Grâce à elle, malgré un contexte difficile, nous avons pu assister à l’éclosion du mouvement féministe au Maroc.
En guise de reconnaissance envers cette grande dame qui a marqué notre histoire, La ligue des 
Ecrivaines du Maroc en France et Le Centre International d'Etudes arabes, de Recherches 
historiques et philosophiques à Paris organisent un cycle autour de Fatima Mernissi, étalé sur 5 rencontres.

Les objectifs:

- Rendre hommage à Fatima Mernissi, sa personne et sa pensée.
- Développer la réflexion autour des thèmes qu’elle a abordés. 
- Impliquer des chercheurs spécialisés en la matière.

Programme de la 1ère Rencontre:

- 16h00- 16H30 
Accueil des participants.

- 16H30 – 17h00.
  
 Allocutions :

- Mme Meriem BADRAOUI, Directrice de la Maison Cousté.

- Mr. Yahya CHEIKH,  Directeur du Centre International d'Etudes arabes, de Recherches historiques et philosophiques à Paris.

- Mme Khadija AMITI, Membre du Conseil des Sages de la Ligue des Ecrivaines Marocaines à Paris.

- 17H00- 18h20

Interventions :

- 17H00- 17H05
Présentation d’un documentaire.

- 17H05-17H20
Interventions:

L'œuvre de F. Mernissi : contexte socio-politique, approche méthodologique et analyse thématique.
Par Yahya Cheikh, Agrégé de l'université, directeur du CIAP.

7H20-17H35
Fatima MERNISSI et le féminisme: présentation du Collectif Féministe Maghrébin.
Fouzia BENYOUB, Journaliste,  consultante en migration et droits des femmes.

17H35-17H50
Fatima MERNISSI : Quête d’une identité universelle.
Hayat ELYAMANI, Ingénieure et écrivaine.

17H50 – 18H05
De quoi ont peur les hommes?
Hanane Derkaoui, romancière et traductrice.

18H05 – 18H 20
Fatima Mernissi : l’incontournable. Khadija AMITI, universitaire, sociologue et écrivaine.

18h20 –19h15
Débat.

19h15 – 20H15
Lectures poétiques accompagnées de musique:

Rime SAID, poétesse.
Samir CHEIKH, poète.
Yahya CHEIKH, poète.
Lhoucine IDBOUCHE, musicien (Oud).

20h15 – 20H30 
Clôture de la rencontre.

20h30 – 21h00
Thé de bienvenue.

ــــــــــ بقلم يحيى الشيخ ــــــــــ

«الكتابة، وضعية المرأة، واقع الهجرة، وهموم أخرى!»
لقاء مفتوح مع الروائية المغربية حنان الدرقاوي

يوم الأحد 06 أكتوبر 2019م على الساعة الثالثة بعد الظهر
بمقر المركز العالمي للدراسات العربية
والبحوث التاريخية والفلسفية بباريس (*)



يتشرف المركز العالمي للدراسات العربية والبحوث التاريخية والفلسفية بباريس باستضافة الروائية المغربية حنان الدرقاوي يوم الأحد 06 أكتوبر 2019م على الساعة الثالثة بعد الظهر بمقر المركز(*) لتمكين زوار هذا الفضاء من التعرف على عالم الكاتبة الروائي المتميز، وكذا اهتماماتها الأخرى بشؤون المرأة وواقع الهجرة وهموم الإنسان.
نشير في البداية إلى أنه بالموازاة مع حياتها المهنية الغنية بالتجارب، كمدرسة فلسفة وصحفية ومحللة نفسانية، فقد تمكنت الروائية الدرقاوي من نشر العديد من الأعمال القصصية والروائية الحافلة بحمولتها الإنسانية التي تصور التناقضات الاجتماعية ووضعية المرأة وواقع الهجرة تصويرا بليغا. وقد ساعدها في كل هذا تكوينها الأكاديمي في حقل العلوم الإنسانية في مادّتي الفلسفة وعلم النفس بالمغرب وفرنسا، واطلاعها على مناهج التعليم والبحث العلمي، ودرايتها باللغتين العربية والفرنسية اللتين مكنتاها من مزاولة ترجمة النصوص الأدبية والنقدية والفلسفية، مساهمة منها في مدّ جسور التواصل الحضاري بين الشعوب والثقافات.
سيكون هذا اللقاء غنيا بحضور مجموعة من المثقفين، كالباحثة والأكاديمية المغربية خديجة أميتي والشاعرة السورية ريم السيد، وطاقم المركز العالمي للدراسات العربية ــ منظم اللقاء ــ في شخص السيد سمير الشيخ ونادية حايدة وآخرين.
تتميز أعمال السيدة حنان الدرقاوي بالتنوع في المضامين والأجناس الأدبية، مع الاهتمام بالترجمة والنقد الفلسفي.
من إبداعاتها القصصية والروائية:
ــ طيور بيضاء (مجموعة قصصية)، دار البوكيلي، المغرب، 1997م.
ــ تيار هواء (مجموعة قصصية)، دار الصدى، دبي، 2003م.
ــ ترجمة طيور بيضاء إلى الفرنسية، دار بالتازار (الشيلي) 2012م.
ــ الخصر والوطن (رواية)، دار إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2014م.
ــ جسر الجميلات (رواية)، دار النايا، لبنان، 2014م.
ــ جميلات منتصف الليل (رواية)، دار النايا، لبنان، 2014م.

  ــ بنت الرباط (مجموعة قصصية)، دار النايا، لبنان، 2014م.
ــ حياة سيئة (مجموعة قصصية)، دار المعرفة، الرباط، 2015م.
ــ وردة لعائشة (مجموعة قصصية)، دار الفاصلة، المغرب.
من الأعمال التي ترجمتها من الفرنسية إلى العربية:
ــ كتاب الفلاسفة وموضوع الحب، دار إفريقيا الشرق (قيد الطبع).
ــ جوليا كريستيفا: الحاجة المذهلة إلى الاعتقاد، دار مؤمنون بلاحدود، 2019م.
كما تَرجمت ــ إلى جانب كل هذه الأعمال ــ مقالات في الفلسفة والأدب، ونشرت نصوصا عديدة في المجلات والمواقع الإلكترونية العربية والفرنسية، وقد نُقلت أعمالها إلى الأمازيغية والفرنسية والأنجليزية والألمانية، بل واعتُمدت بعض نصوصها في الجامعات المغربية، أضف إلى ذلك أنه خُصصت لها مقالات ودراسات نقدية وأُنجزت حولها أبحاث أكاديمية جادة.
كان إذن من الطبيعي الالتفات إلى هذا العطاء الفكري والإبداعي الذي تُوّج بجوائز تقديرية كثيرة، منها:
ــ جائزة الطلبة الباحثين في الآداب، كلية الآداب بالرباط ، عام 1993م.
ــ جائزة مجلة عائشة، الرباط،عام 2001م.
ــ جائزة الإبداع العربي لدار الصدى بدبي،  المركز الأول، عام 2003م. 
ــ منحة دعم الصندوق العربي للثقافة لرواية «الخصر والوطن».
ــ منحة وزارة الثقافة بالمغرب عن «وردة لعائشة»، 2018م.
ــ منحة وزارة الثقافة بالمغرب لمجموعة «حياة سيئة»، عام 2014م.
وقد رشحت روايتها «الخصر والوطن» لجائزة الشيخ زايد عام 2015م.
تمكّنت حنان الدرقاوي بفضل مسيرتها، ككاتبة وكفاعلة جمعوية في بلاد المهجر، من اكتناه الذات الإنسانية، في أسمى تناقضاتها وتشكلاتها، كما عبرت عن ذلك في مقالتها الذاتية التي نُشرت في كتاب جماعي تحت اسم «الثقافة جسر بين العوالم» بإشراف مدام زيراوي مُؤسسة «جمعية ملتقى الفن ببروكسيل»، وهو شهادات لمفكرين ومبدعين عرب مهاجرين تحدث كل واحد منهم عن تجربته كحامل للثقافة الشرقية في بلاد الغرب (دول أوربا وكندا وأمريكا). وقد صدر هذا المُؤَلّف الغنيّ بمواده ولغاته سنة 2016م عن دار نيوزيس ــ منشورات فرنسا التي يشرف عليها السيد يحيى الشيخ. وفيما يلي نص مقال الروائية حنان الدرقاوي مقتطفا من الكتاب المذكور: 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«أكاذيب فولتير»
للروائية حنان الدرقاوي
**********
باريس ــ ميسور المغرب الشرقي 1985م:
كنا نعيش في مدينة ميسور بالمغرب الشرقي، مدينة لا يحدث فيها شيء إلا منازعات الجيران وحوادث قتل غريبة من نوعها. كانت المدينة مرتعاً للمجانين الذين يشرعون جنونهم في الشارع العام. لا شيء كان يحدث في ميسور ينبئ أنها تنتمي إلى المغرب الجدير بالذكر، لا مؤسسات ثقافية ولا أندية ولا سينما. حدث فقط أن نفي إليها زعيم المعارضة عبد الرحيم بوعبيد، ففهمت حينها أننا منفيون جميعاً هناك. كان رفاقي منشغلين بأمر القيادي وكنت أنا مشغولة بفولتير وخطاب الأنوار.
في مكتبة أبي كان هناك رفّ عظيم خُطَّ أسفله: « فلسفة الأنوار ». قرأت « فولتير » والخطاب عن التسامح و« مونتيسكيو » و« روح القوانين ». ثم انشغلت بشيء آخر: تخيُّل فرنسا وخاصة باريس. لم نكن من الناس الذين يذهبون إلى العطلة، لكن لا يهم، فقد قررت أن أذهب إلى باريس كل عطلة بوسيلتي الخاصة ألا وهي الخيال. طلب منا أستاذ اللغة الفرنسية أن نكتب إنشاءً عن المدينة التي قضينا فيها العطلة، وطبعاً كنت قد قضيت عطلتي في باريس، مدينة الأنوار وفلاسفة الأنوار. كان إنشائي ممتازاً، وقرأته على رفاقي المشدوهين والذين غاروا من عطلتي الفريدة من نوعها. انتهت الحصة وغرقت أكثر فأكثر في الثقافة الفرنسية، ساعدتني في ذلك مكتبة أبي الحافلة بالمراجع. تخيلت فرنسا بلداً للمساواة والعدالة الاجتماعية والحقوق، شكلت لدي الثورة الفرنسية نموذج الثورة الديمقراطية التي تقود الطاغية إلى المقصلة. كانت هناك سنوات الرعب وحكم «روبسبيير»، لكن لا يهم، لكل ثورة أخطاؤها. كنت بين رفاقي المدافعة عن النموذج الفرنسي في الفكر والسياسة والأدب وطريقة العيش. غصت يوماً بعد يوم رغم قساوة الواقع في تخيل وداعة الديمقراطية والمساواة وانتشار الثقافة والفنون حتى أني تخلّيت عن الأدب العربي ولم أقرأ منه كثيراً أيام مراهقتي.
ضاحية باريس الجنوبية 2003م:
عليّ أن أحمل حقيبة ثقيلة وأتدبر أمر عربة الأطفال التي أجر فيها ابنتي الرضيعة. استولى زوجي على شقة الزوجية ودفع بي إلى الشارع مع بناتي. محتمية بقناعتي في المساواة وحقوق النساء، ذهبت إلى المصالح الاجتماعية واشتكيت فقالوا لي إنه من حقه أن يسكن في الشقة ثلاثة أشهر إلى أن يحكم القاضي، يعني أن أعيش مع وحش يضربني ويضرب أطفالي ثلاثة أشهر، قد يقتلنا في لحظة جنون. أجابت الأخصائية الاجتماعية : «إنه القانون!».
ــ يا سيدتي! وحقوق النساء والأطفال؟ حق الأم في الاحتفاظ ببيت الزوجية؟
قوانين على الورق لم يتم تفعيلها.
هل هاته هي أرض الأنوار التي حلمت بها؟ هل هاته هي أرض الحقوق التي انغرست فيها لعمر كامل واعتبرتها نموذجاً؟ هل كذب علي « فولتير »؟ هل افترى « مونتسيكيو » في «روح القوانين»؟ هل بالغت « سيمون ديبوفوار » حين أصرت على حقوق النساء وحريتهن؟
كان عليّ أن أواجه مأزق التشرد والبطالة والفقر وأن أحتفظ رغم ذلك على شيء من الحلم الفرنسي الذي كاد أن يتحول سراباً. كان عليّ أن أنفصم عن ذاتي لأستمر في حب فرنسا بلد الأنوار. كيف لي أن أحب بلد الأنوار وقد اكتويت بنار التشرد على أرضه؟ هل بهذا الشكل تكافئ فرنسا طفلة تعلقت بأهدابها ونهلت من آدابها وفنونها؟ ماذا أقول ل«فلوتير» عن بلده؟ ماذا أقول لـ« بالزاك »؟ هل أقول لهما إنها الكوميديا الإنسانية، يا سيدي، كوميديا تشبه التراجيديا وشخوصها من لحم ودم؟ هل أقول لــ« زولا» إنني جيرفيز لونتيي جديدة، نوع من البروليتاريا الرثة التي تعيش من مساعدات الدولة وطعام الجمعيات الخيرية؟ أين الخطأ يا «فيكتور هوغو»؟ يا صاحب القضية؟ انظر ما أنتجته الثورة الفرنسية وانتفاضات العمال؟ متشردين، متشردات!أتصل بجمعيات تضامنية من أجل المبيت ولو ليلة واحدة، ليلة واحدة أحس فيها بدفء السرير ونعمة التسخين الداخلي.
ــ لا مكان يا سيدتي، هناك طوابير انتظار، لن نستطيع توفير السكن للجميع!
ــ وأين أحلامي يا سيدتي، أين روح القوانين، أين فضائل المساواة؟ ماذا سأقول لمونتيسكيو؟
ــ لا أعرف السيد مونتيسكيو، هو لا يشتغل هنا. إذا اتصلت به دبري أمر المبيت عنده. هذا أفضل من الانتظار!
هكذا هم الفرنسيون، لا يعرفون حتى تاريخهم ومفكريهم. تخيلت الشعب الفرنسي شعباً غاضباً يهبّ للدفاع عن حقوقه، واكتشفت شعباً مكبلاً بأغلال الماديات والقروض المنزلية التي لا تنتهي. تظاهرات متفرقة وصفوف عمال متصدعة ويسار مشتّت وفلاسفة من الكارتون لا موقف لديهم ولا مشروع غير رفع حجم مبيعاتهم والظهور في التلفزيون. أينك يا فولتير لتهذّب أبواق الشاشات التي يسمونها الفلاسفة؟
كان عليّ في فترة التشرد أن لا أضيع البوصلة وأن أصدق الحلم الفرنسي. أتيت إلى هنا لعيش أفضل، أين هو العيش الأفضل؟ لا يعترفون بدبلوماتي وتجربتي المهنية، دبلومات العالم المتخلف لا تساوي هنا شيئاً، هذا هو الوجه الحقيقي لعلاقة الشرق والغرب. ما يتبجّحون به في ندوات ومؤتمرات حوار الحضارات هراء. يجب أولاً أن يعترفوا بمؤهلاتنا وبقدرتنا على أن نكون في خدمة مجتمعاتهم كما خدمنا مجتمعاتنا. هذا هو الوجه الحقيقي لعلاقة فرنسا بمستعمراتها القديمة. رفيقة لي في ملجأ النساء المعنفات الذي وجدت فيه مكاناً كانت محامية في تونس والآن تعمل منظفة بيوت. يحتاجوننا لننظف مؤخراتهم ويعقدون المؤتمرات ليتحدثوا عن العلاقة بين الشرق والغرب.
كفرت بكل شيء، كان إيماني بفرنسا من أقوى الاعتقادات لدي فانهارت وصار الحلم الفرنسي سراباً. لم تعد لي رغبة في الذهاب إلى الندوات ولا حتى الاتصال بالكتاب والمفكرين. تعطلت قدرتي عن الحركة والتفاعل مع الآخرين. الفقر يولّد حالة من العجز والذهول. كانت صدمة لقائي بفرنسا بهذا الشكل الموجع والقاسي أفظع صدمة تلقيتها في حياتي.
بعد حالة التشرد، حاولت إعادة ترتيب بيتي الداخلي والانخراط في العيش في مجتمع يرفض هويتي العربية ويتخوف من ديني، هذه هي الحقيقة! فرنسا تخاف من العرب، قد تدفع بمفكر أو أديب عربي إلى الواجهة لترفع عن نفسها تهمة الإسلاموفوبيا. الحقيقة أن الإسلاموفوبيا بنية ذهنية متوغلة في المجتمع الفرنسي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. يقذفون بالعرب إلى أحياء أشبه بالغيتو العنصري ويأتون بعدها ليتحدثوا عن الإدماج وحوار الحضارات. أي إدماج وإخواننا في هامش باريس والكثير منهم لم ينعموا برؤية باريس إلا في التلفزيون؟ أين التعايش وأغلب المهاجرين يعيشون تحت عتبة الفقر وليس لديهم إمكانيات للاستفادة من العروض الثقافية والفنية؟ أغلب العرب معزولون ولا فرنسي يفتح لهم باب بيته. يعيشون معهم على نفس الأرض لكن لا يلتقون أبداً. كيف اللقاء في مجتمع يتحدث فيه الوزير الأول عن سياسة الأبارتايد وهو يتحدث عن أحياء العرب المعزولة عن العالم؟ هل يمكن تصديق الحلم الفرنسي، أقصد السراب الذي باسمه تقاد الحروب في ليبيا ومالي وغيرهما؟
جسر الفنون باريس 2014م:
أجمل جسور باريس وأكثرها حيوية، هنا تجد الأسر وهي تتناول قطعة جبن فرنسية لذيذة وتحتسي كؤوس نبيذ فاخر. تجد العشاق وهم يقبّلون بعضهم البعض دون خوف من القانون الجنائي. تجد الموسيقيين جالسين على الأرض يعزفون للعابرين أنغام الحب والإخاء. على جنبات الجسر أقفال يضعها العشاق من كل أرجاء العالم دليلاً على حب لا تنفرط أواصره بمباركة باريس وأنوارها. لا شيء أجمل من الحب على جسور باريس وجنبات نهر السين. لا شي أجمل من أن تقود من تحب إلى جولة في متاحف باريس،هنا اللوفر، هنا جسر برونلي وفنون المستعمرات تحت أضواء النيون، هنا متحف الانطباعية، هنا جسر أورسي ولوحات فان غوغ. أتوه في الأصفر الملكي وأنسى هذه العلاقة المتوترة بيني وبين فرنسا التي أعشق حد الجنون وأكره حد المقت والغثيان. عدت إلى قراءة فولتير وهوغو...
على جسر الفنون أحتسي نبيذ بوردو وجبنة لابروتاين وزيتون العربي، وأغني أن السلام ممكن وأن علاقة ما تشبه التسامح يمكن أن تنشأ بين الشرق والغرب. لا أومن مع شكيب أرسلان بأن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا. أومن بأن المستقبل للحوار على أساس أن نتغير وأن نغير نظرتنا للآخر. أومن يوماً بعد يوم ــ وقد هدأ توتري ــ بأن فولتير أنار طريق التسامح، وأن مونتيسكيو فتح المجال لحلم قديم قدم الفروق الاجتماعية: حلم المساواة بين البشر.
وأنا أسير في باريس ــ وفي جيبي مفتاح شقة أنيقة ــ أفكر أن الإخاء عنوانه باريس، وأن السلام ونبذ الكراهية أرضها هي باريس؛ هي مدينة عنوان للّقاء بالآخر، للإخاء بين البشر، لأن ما يجمع البشر أكثر بكثير مما يفرقهم. وتظل باريس تجربة فريدة في الجمع بين الناس عن طريق الفكر والأدب والفن، فاهدئي يا نفس واستسلمي لسحر باريس!


(مقتطف من كتاب «الثقافة جسر بين العوالم»،
باريس، نيوزيس ــ منشورات فرنسا، 2016م، ص: 106 ــ 113).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باريس، بتاريخ 04 أكتوبر 2019م.


(*) مقر المركز، مكان اللقاء:
35 avenue de Gravelle, 94220 Charenton.
Métro : Liberté, Ligne 8, direction Créteil (Tête de train).
Dimanche 06 octobre 2019, à 15h.

ـــ بقلم يحيى الشيخ ـــ

المركز العالمي للدراسات العربية والبحوث التاريخية والفلسفية بباريس
تقرير عن ندوتيّ يوم الجمعة فاتح نوفمبر 2019م، وهما:
ــ التلاقح الحضاري: لقاء مفتوح مع الناقد المغربي الدكتور عيسى الداودي
(مداخلة عيسى الدودي وعادل الفريجات)
ــ المجتمع المدني ودوره في ترسيخ قيم المواطنة والسلم الاجتماعي
(مداخلات: أحمد العمراوي، محمد الزيتوني، خديجة أميتي ونجيب لحلو)
****************
العربية والبحوث التاريخية والفلسفية بباريس يوم الجمعة فاتح نوفمبر 2019م، على الساعة السابعة مساء، ندوتين علميتين بمقر المركز، وفيما يلي تقرير عن أهم ما ورد فيهما:
ــ ندوة التلاقح الثقافي:
1 ــ مداخلة الدكتور عيسى الداودي، ناقد مهتم بالدراسات الأندلسية:
ركز الدكتور عيسى الدودي ــ ابن مدينة الناضور ــ في بداية مداخلته على أهمية التلاقح الثقافي بين الشعوب لأنه الضامن الأول للاستقرار السياسي والتعايش الإنساني والتسامح بين الشعوب. هذه القناعة دفعته إلى الاهتمام بالدراسات الأندلسية التي تشكل ــ في نظره ــ أرقى رموز هذا التواصل بين الشرق والغرب. وبما أن الشاعر الأندلسي ابن قُزمان (555هــ/1160م) هو أفضل من يجسد هذا التقارب الثقافي بين أوربا المسيحية والشرق المسلم، فقد انكبّ السيد الدودي على دراسة هذا الموضوع في أطروحته الجامعية التي تتبع من خلالها مكانة الشاعر الوشاح الزجال في أدبنا العربي وتأثيره على الفكر الغربي. لقد قادته هذه الدراسة إلى رصد تجليات هذا التلاقح عبر المعارف واللغات وتقارب الثقافات بين المجتمعات المتعارضة بحكم موروثاتها الدينية.
عرف الناقد عيسى الدودي في نهاية عرضه بمؤلفاته، وهي:
أ ــ كتاب فضاءات الأدب المقارن (دار النشر الجسور، وجدة، 2007م، 158 ص) : تناول فيه عدة مواضيع حول التلاقح الثقافي، كقصة حي ابن يقظان لابن طفيل بين التأثير والتأثر، وتأثير المقامة في السرد الأوربي، والملحمة بين الشرق والغرب، ورحلة الغنائية العربية إلى الأندلس وأوربا، وفلسفة الحب الأفلاطوني، وابن قُزمان المفتاح السري لأدب القرون الوسطى، والازدواج اللغوي، وغيرها.
ب ــ كتاب النص والنص الآخر: مساءلة الحضور العربي في النص الأدبي الإسباني (شركة مطابع الأنوار المغربية، وجدة، 139 ص)، تناول فيه المحاور التالية: أ ــ في الشعر: وفيه تطرق لشعر الحدود في الأدب الإسباني ولمخطوطة الأحلام للشاعر الشيلي سيرخيو ماثياس. ب ــ في الرواية: قراءة لــ«لاثاريو دي تورميس»، وهو نص سردي من القرن السادس عشر الميلادي، ينتمي إلى الجنس البيكاريسكي ويجسد بشكل جيد التواصل الحضاري والثقافي بين الأدبين العربي والإسباني. ت ــ في الاستعراب الإسباني في الألفية الثالثة، وقد تناول فيه أهم القضايا في الاستعراب الجديد، كالإسلام والإسلام السياسي، والحوار الثقافي والتواصل الحضاري، والهجرة ومسألة الاندماج، والقضية الفلسطينية، وحرب العراق، والمجتمع المغربي لقربه الجغرافي من إسبانيا، واتجاهات الإبداعين العربيين الروائي والشعري، مع سرد قائمة لأهم المستعربين الإسبان الجدد. وركز في آخر الكتاب على المستعرب فيديريكو كوريينتي الذي وُلد بمدينة غرناطة سنة 1940م، واختص في تاريخ القرون الوسطى فحظي بمكانة علمية رفيعة في مجال الدراسات العربية داخل إسبانيا وخارجها بفضل منجزاته العلمية المتميزة في مجالات التحقيق والدراسات اللغوية والمعجمية والأدبية. وقد اعتبره الكاتب الدودي قمة الاعتدال في الاستعراب الإسباني.
ت ــ كتاب أنطولوجيا القصة القصيرة جدا بالمغرب إبداعا ونقدا، بالاشتراك مع الدكتور جميل حمداوي (شركة مطابع الأنوار المغاربية، منشورات الهيئة العربية لنقاد القصة القصيرة جدا، رقم 1، وجدة، 2011م، 213 ص). وهو كتاب ينقسم إلى فصلين: أ ــ مبدعو القصة القصيرة، ويضم 47 مبدعا. ب ــ نقاد القصة القصيرة، ويضم قراءتين نقديتين أنجزهما الدكتور جميل حمداوي حول تجربة القاصَّين عبد العاطي الزياني وسعاد مسكين، ودراسة لعيسى الدودي حول المقاربة النقدية للقصة القصيرة جدا بالمغرب: جميل حمداوي نموذجا.
2 ــ مداخلة الناقد السوري عادل الفريجات:
أغنى هذا اللقاء الناقد السوري المتميز عادل الفريجات الذي نشر أزيد من عشرين كتابا في النقد الأدبي، القصصي والروائي، وتحقيق النصوص. وقد أنشأ علاقات مع مثقفين مغاربة مهتمين بالتراث، وسيزور مدينة فاس خلال أسابيع للمشاركة في ندوة علمية. من بين كتبه التي أهداها لمكتبة المركز: أ ــ محيط النقد: مركز الدائرة (منشورات دار سوريانا، دمشق، 2019م، 192 ص)، تناول فيه: الهم النقدي والهاجس الثقافي، ونقد القصة، ومراجعة الكتب ونقدها. ب ــ كتاب الدعوات والفصول للواحدي، علي بن أحمد النيسابوري المتوفى سنة 468هــ/1075م (دار الهدى، الجزائر، 2011م، 239 ص)، وهو تحقيق لنسخة وحيدة تتناول مواضيع شتى في الآداب العامة.
ــ المجتمع المدني ودوره في ترسيخ قيم المواطنة والسلم الاجتماعي:
1 ــ مداخلة السيد أحمد العمراوي، الكاتب العام الوطني لنقابة اتحاد عمال المغرب:
تكلم السيد أحمد العمراوي ــ بصفته فاعلا سياسيا ونقابيا ــ عن مكونات الدولة المغربية وثوابتها المقدسة قائلا بأن ازدهار المغرب واستمراريته يكمنان في التلاحم الوطني والسلم الاجتماعي، كما اعتبر أن قوة الوطن نابعة من تعدد ثقافاته ومدى ارتباط مغاربة الداخل والخارج بهويتهم واحترام مؤسساتهم. أما ترسيخ قيم المواطنة والسلم الاجتماعي فمنوط بالأحزاب السياسية والهيئات النقابية وكافة فئات المجتمع المدني. وقد أكد على أهمية الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والجمعيات للإجابة على الأسئلة الاجتماعية.
إن المغرب ــ في نظر أحمد العمراوي ــ بلد ينعم بالاستقرار بالمقارنة مع كثير من الدول السائرة في طريق النمو لكونه خطا ــ خلال العقدين الأخيرين ــ خطوات كبيرة في المجالين النقابي والسياسي اللذين سيساهمان لا محالة في بناء المسلسل الديمقراطي للنهوض بالمغرب الحديث.
إن بلدنا يعيش مرحلة انتقالية ما زالت تنتظر الإقلاع الفعلي لجني ثمار مخططات التنمية التي قد تتعطل في حالة فشل المشروع السياسي الحزبي. ثم إن إسهامات المجتمع المدني يجب أن تثمر كما هو الشأن في الدول المتقدمة التي تلعب فيها الجمعيات دورا طلائعيا بفضل الوعي الجماهيري والقضاء على الأمية التي ما زالت متفشية في بلادنا، ناهيك عن قلة الإمكانيات المتاحة للجمعيات وحداثة التجربة. وبما أن المغرب حريص على المضي قدما في مسلسله الديمقراطي والتنموي، فعليه أن يعمل على ترسيخ الوعي السياسي والنقابي والوطني وأن يعمل بجميع مؤسساته على خلق المواطن الصادق والغيور على بلده ليتمكن من دفع عجلة التقدم إلى الأمام ورفع تحديات القرن الواحد والعشرين، ومنها التعليم والشغل والصحة وحقوق المرأة والأطفال والمسنين.
في نهاية مداخلته، ركز السيد العمراوي على أهمية التلاحم الاجتماعي والتضامن الوطني لضمان وحدة المغرب الترابية والرقي به اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. ولن يتحقق هذا إلا بالتآزر الوطني واحترام رموز الدولة ومؤسساتها، ومنها العلم الوطني الذي هو شعار كل المغاربة داخل الوطن وخارجه.
2 ــ مداخلة محمد الزيتوني، فاعل جمعوي وحقوقي:
اعتبر السيد محمد الزيتوني المواطنة المغربية سلوكا تمتد جذوره عبر تاريخ المغرب الطويل، ساهمت في ترسيخه الدولة ومثقفوها والأحزاب السياسية وكافة أطراف المجتمع المدني الفاعلة التي ما زالت تساهم في توطيد التلاحم الاجتماعي للحفاظ على وحدة الوطن وتماسكه. ولكي يتم الحفاظ على هذا المكسب يجب العمل على محاربة كل أشكال الهشاشة والتصدي لمسببات الإحباط وشتى أشكال الفساد التي من شأنها إفساد مخططات التنمية.
ولأن المغرب يتمتع بموقع استراتيجي مهم ومكانة عالمية متميزة بفضل موقعه الجغرافي وتاريخه العريق، فقد ركز الزيتوني على الجانب الاقتصادي في مداخلته خاصة وأن البلد كغيره يعيش عصر العولمة، مناشدا الدولة المغربية بالتفتح أكثر فأكثر على دول المعسكر الشرقي خاصة الصين والاتحاد السوفياتي لما يزخران به من طاقات حية وكفاءات عليا في جميع الميادين. وقد ركز بالخصوص على النموذج الصيني الذي تمكن من تحدي اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية واحتل الدور الطلائعي في الاقتصاد العالمي الجديد آملا في أن يكون  أول قوة اقتصادية في العالم سنة 2049م.
إن المغرب اليوم ــ حسب محمد الزيتوني ــ مطالب بتوطيد علاقاته مع الصين للاستفادة من تجربتها التكنولوجية والصناعية خاصة وأنها اكتسحت العالم وتغلغلت داخل السوق الإفريقية التي انفتح عليها بلدنا مؤخرا بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي.
3 ــ مداخلة السيدة خديجة أميتي، فاعلة جمعوية نسائية، كاتبة وأستاذة جامعية:
لا يمكن للمغرب ــ في نظر السيدة خديدة أميتي ــ أن ينهض اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا إلا إذا اهتم بالمسألة النسائية ووضع المرأة ضمن اهتماماته السياسية والنقابية. وبصفتها واحدة من مؤسِّسات جريدة 8 مارس، فقد استعرضت السيدة أميتي تاريخ الحركة النسائية المغربية مذكرة بمطالبها ودورها في تفعيل العمل النقابي بالمغرب منذ نهاية السبعينات. وإذا كانت المرأة المغربية قد حصلت على بعض الحقوق خلال نضالها الطويل، فإن وضعيتها ما زالت هشة، كما أنها لم تحظَ بعد بكامل العناية في برامج الأحزاب السياسية. إن التضامن مع المرأة جزء من التضامن الاجتماعي وركيزة أساسية لبناء صرح التنمية بالبلاد.
4 ــ مداخلة السيد نجيب لحلو، مهندس مغربي وفاعل جمعوي:
تكلم السيد نجيب لحلو عن المواطنة من خلال كتابه « المغرب العزيز» الصادر مؤخرا عن دار النشر الباريسية ألفابار، معتبرا إياها قاسما مشتركا بين جميع المغاربة بالداخل والخارج. وبما أن المغربي المهاجر موزع بين ثقافتين، فقد أصبح من واجب المثقف والسياسي والفاعل الجمعوي القيام بدور المؤطر لتمكينه من المحافظة على أواصر القرابة مع الوطن الأم قصد إدماجه في حالة رجوعه للاستقرار بأرض الوطن.
خاتمة:
في نهاية هاتين الندوتين، فُتح باب المناقشة التي شاركت فيها ــ بالإضافة إلى المحاضرين ــ الكاتبة والروائية حياة اليمني، وهي مؤلفة عدة كتب باللغة الفرنسية، واحد منها حول ازدواجية الهوية اللغوية، وكذلك الشاعرة السورية ريم السيد والشاعرة المغربية ليليان آدم والفاعلة الجمعوية فاطمة بالعربي والفنان التشكليلي المغربي عبد القادر مسكار الذي حصل مؤخرا على جائزة مؤسسة تايلور (المرتبة الأولى) التي تأسست سنة 1840م.
وأخيرا، أتوجه بالشكر لكل أعضاء المركز العالمي للدراسات العربية والبحوث التاريخية والفلسفية بباريس الذين ساهموا في إنجاح هذا اللقاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باريس، بتاريخ 6 نوفمبر 2019م.
ـــ بقلم يحيى الشيخ ـــ

ـــــ شعر يحيى الشيخ ـــــ

« كَانَ لِي قَدَرٌ فِي الضَّادِ يَرفَعُنِي... ! »

(قصيدة في ما آلت إليه اللغة العربية)


****************

لا تَغْضَبِي إِنْ أَتَاكِ الشِّعرُ مَخْبُولاَ
ـــــ قَد بِتُّ لَيْلِي بِحُضْنِ الضَّادِ مَعلُولاَ

أَبْكِي الْقُرُونَ اللَّوَاتِي كُنْتُهَا زَمَنًا
ـــــ مُحَصَّنًا كَرَعِيلِ الْأَعصُرِ الْأُولَى

يَهُزُّنِي الشَّوْقُ هَزَّ المُتْعَبِينَ وَلِي 
ـــــ فِي الحُبِّ بَيْتٌ بَنَاهُ اللهُ مَشمُولاَ

بِالضَّادِ أَزْهُو وَلَفْظُ الضَّادِ نارُ فَمِي
ـــــ بِالْأَرضِ تَعصِفُ لا تَخْشَى الْأَسَاطِيلاَ

أَقُولُ شِعرًا، عَزَائِي الشِّعرُ يَا لُغَتِي
ـــــ مُذْ كُنْتِ حَرثِي وَكَانَ الشِّعرُ مَحصُولاَ!

كَقَيْسِ لَيْلَى تَمَنَّيْتُ الْهَوَى وَكَفَى،
ـــــ أَلْقَاكِ ثُمَّ أَعِيشُ الدَّهْرَ مَذْهُولاَ

لَوْ كُنْتُ قَيْس، وَلَيْلَى كُنْتِ لِي نَغَمًا
ـــــ لَكُنْتُ قُلْتُ كَلاَمًا فِيكِ مَعقُولاَ

مَا قَيْسُ فِي التِّيهِ لَمَّا يَنْتَهِي عَدَمًا
ـــــ فِي حُبِّ لَيْلَى يَقُولُ الشِّعرَ مَنْحُولاَ

لَنْ أَلْقَ فِي الحُبِّ حَظًّا أَنْتِ مَعْدِنُهُ
ـــــ مَا لَمْ يَكُنْ فِيكِ فَصلُ الْقَوْلِ مَنْخُولاَ

تَغْشَى الْقَصَائِدُ صَدرِي، نُحتُ مِنْ وَلَهٍ
ـــــ لَمَّا عَشِقْتُكِ شَبَّ الصَّدرُ مَسْلُولاَ

عُودِي لَنَا لُغَةَ الضَّادِ الْقَتِيلَةِ كَيْ
ـــــ لا يَنْتَهِي زَمَنُ الْأَعرَابِ مَشْلُولاَ!

تَفْنَى اللُّغَاتُ وَتَبْقَى بَعضُ أَحرُفِهَا
ـــــ وَأَنْتِ تَرقَيْنَ فِي الْعَلْيَاءِ قِنْدِيلاَ

عِقْدًا عَلَى الْجِيدِ لا عِقْدٌ يُضَارِعُهُ
ـــــ وَهَالَةَ الْعِزِّ فَوقَ الرَّأْسِ إِكْلِيلاَ

يَا أَنْتِ يَا لُغَةَ الضَّادِ الْجَمِيلِ وَلِي
ـــــ سِحرُ الْهَوَى فِيكِ لَمَّا بِتِّ تَنْزِيلاَ

يُتْلَى بِكِ الْآيُ تَجْوِيدًا وَحَرفُكِ إِذْ
ـــــ يُتْلَى يَكُونُ لِوَقْعِ النُّطقِ تَجْمِيلاَ

فَيَستَوِي الذِّكْرُ رَسمًا فِي جَلاَلَتِهِ
ـــــ بِرِيشَةِ السِرِّ مَروِيًّا وَمَنْقُولاَ

قَدَاسَةٌ أَنْتِ، هَلْ فِي الْأَرضِ مِنْ لُغَةٍ
ـــــ تَقْوَى عَلَى حَمْلِ آيِ اللَّهِ مَرسُولاَ؟

يَا رَبِّ شَرَّفْتَ بِالْقُرآنِ أُمَّتَنَا
ـــــ وَالضَّادَ وَالْمُصطَفَى وَاخْتَرتَ جِبْرِيلاَ!

لَوْ شِئْتَ كُنْتَ وَضَعتَ السِرَّ فِي لُغَةٍ
ـــــ لا ضَادَ فِيهَا وَظَلَّ الضَّادُ مَجْهُولاَ

أَوْ دَكَّ كَعبَتَنَا أَفْيَالُ أَبْرَهَةٍ
ـــــ وَلَمْ تُوَكِّلْ بِهَا الطَّيْرَ الْأَبَابِيلاَ

لَكِنْ رَفَعتَ عَلَى هَامِ الدُّنَى عَرَبًا
ـــــ مِنْ قَبْلِ وَحيِكَ قَد كَانُوا مَجَاهِيلاَ

حَمْدًا لَكَ اللهُ كَمْ بَارَكْتَ فِي لُغَةٍ
ـــــ كَمْ هَالَنِي الْيَوْمَ مَا فِي شَأْنِهَا قِيلاَ!

أَلَمْ يُكَذِّبْ بِنَاءُ النَّحوِ مُدَّعِيًّا
ـــــ يَرَى الْبِنَاءَ إِلَى الْمَجْهُولِ تَعطِيلاَ؟

أَمَّا الْمَجَازُ فَهَذي الضَّادُ تَعرِفُهُ
ـــــ والْاِشْتِقَاقُ، وَزِدْ بالصَّرفِ تَحوِيلاَ

وَذِي الْقَصَائِدُ، حَدِّثْ هَلْ تَرَى لُغَةً
ـــــ تُعطِي كَمَا الضَّادُ لِلتَّمْثِيلِ تَفْصِيلاَ؟

وَالضَّادُ، واللهِ لَوْلاَ الضَّادُ مِنْ قِدَمٍ
ـــــ لَمْ يَعرِفِ الْكَوْنُ لِلْإِدرَاكِ تَحصِيلاَ!

لَوْ شِئْتُ عَدَّدتُ مَا قَد كَانَ مِنْ شَرَفٍ
ـــــ فَخْرًا لَهَا قَبْلُ فِي الْأَزْمَانِ مَا نِيلاَ

كَانَتْ لَنَا لُغَةٌ وَالْيَوْمَ نَلْعَنُهَا
ـــــ وَالْغَادِرُونَ بِهَا قَالُوا أَبَاطِيلاَ

قَالُوا بِهَا قِدَمٌ وَالْعِلْمُ يَنْكُرُهَا
ـــــ وَنَحْوُهَا عِنْدَهُمْ قَد ضَلَّ تَأْوِيلاَ

وَأَنَّهَا لُغَةٌ لَنْ تَلْقَ حَامِلَهَا
ـــــ إِلاَّ ذَلِيلاً بَأَرضِ الذُلِّ مَذْلُولاَ

وَنَاطِقُو الضَّادِ لا لَفْظٌ يُؤَلِفُهُمْ
ـــــ غَرثَى وَجَمْعُهُمُ قَد صَارِ مَفْلُولاَ

فِي فِتْنَةٍ لَمْ يَزَالُوا مُذْ حُسَيْنُ قَضَى
ـــــ بِكَربَلاءَ بِسَيْفِ الْغَدرِ مَقْتُولاَ

وَالْيَوْمَ لَيْسَ لَهُمْ دِينٌ يُوَحِّدُهُمْ
ـــــ وَرَبُّهُمْ بَاتَ فَوْقَ النَّعشِ مَحمُولاَ

ضَغَائِنُ الشَّرقِ، قُلْتُ الشَّرقُ أَحدَثَهَا
ـــــ لَمَّا طَغَى الشَّرقُ صَارَ الشَرُّ تَمْثِيلاَ!

فَمَا تَرَى رَجُلاً فِي الشَّرقِ ذَا ثِقَةٍ
كَمِثْلِ هَارُونَ والْمَأْمُونِ مَسؤُولاَ

صِرنَا شَتَاتًا وَضَاعَتْ بَيْنَنَا لُغَةٌ
ـــــ فِي مَوْعِدِ الْفَيْضِ أَطعَمْنَا بِهَا النِّيلاَ 

يَبِيتُ يَلْعَنُهَا الْأَكْرَادُ إِنْ نَطَقُوا
ـــــ نَسَوْا صَلاَحَ وَزَادُوا الْأَمْرَ تَهْوِيلاَ

أَمّا الْأَمَازِيغُ إِنْ أَفْتَى مُحَدّثُهُمْ
ـــــ يُحَمِّلُ اللهَ دُونَ الْخَلْقِ تَحمِيلاَ

وَمَنْ هُمُ بِلُغَاتِ الْغَربِ قَد فُتِنُوا
ـــــ يَرَوْنَ فِي الضَّادِ بُهْتَانًا وَتَجْهِيلاَ

كَأَنَّمَا الْأَلِفُ الْمَمْدُودُ مِنْقَرُهَا
ـــــ عَصًا بِهَا نُطعِمُ الصِّبْيَانَ تَضْلِيلاَ!

تَرَاهُمُ كَتَبُوا «أَنْـتِي» مُزَوَّقَةً
ـــــ بِالْيَاءِ كِيمَا يَزِيدُ الْخَطُّ تَجْمِيلاَ

وَمِنْهُمُ مَنْ يَرَى الْقُرآنَ مُنْتَحَلاً
ـــــ يَتْلُوهُ فِي الْعِيدِ تَوْرَاةً وَإِنْجِيلاَ

وَمَنْ إِذَا أَنْجَبَتْ زَوْجٌ لَهُ وَلَدًا
ـــــ سَمَّاهُ دَانْدِي وَسَمَّى بِنْتَهُ اسْتِيلاَّ

فَإِنْ ضَحِكْنَا منِ اسْمِ الْبِنْتِ قَالَ لَنَا
ـــــ سَهْوًا نَطَقْتُ، فَبِنْتِي اِسْمُهَا سِيلاَّ!

دَانْدِي أَخُوهَا، لِأَنَّ الْاُمَّ تُؤْثِرُهُ
ـــــ كَنَّتْهُ دَانْدِي وَإِلاَّ كَانَ كُودزِيلاَّ!

وَبِنْتُ بِنْتِي أُسَمِّيهَا، وَذَا شَرَفٌ
ـــــ لِكُلِّ حَابِلَةٍ فِينَا أَنَابِيلاَ

يَا أُمَّةَ الْاِغْتِرَابِ الْغَربُ دَوَّخَكُمْ
ـــــ سَيَكْبُرُ الْغَربُ فِي أَحشَائِكُمْ غُولاَ!

وَيَرقُصُ اللَّغْوُ فِي أَرحَامِكُمْ طَرَبًا
ـــــ فَيُولَدُ الطِّفْل مِثْلَ اللَّحنِ مَهْزُولاَ

وَتَلْفَظُ الْأَرضُ إِنْ مِتُّمْ عُفُونَتَكُمْ
ـــــ تَرجُو بَدِيلاً لِمَنْ لَمْ يَبْغِ تَبْدِيلاَ

لا تَنْدُبِي يَا ابْنَتِي حَظِّي فَلِي لُغَةٌ
ـــــ حَتْمًا سَتَبْقَى وَيَبْقَى الْحَبْلُ مَوْصُولاَ

قَد كَانَ لِي قَدَرٌ فِي الضَّادِ يَرفَعُنِي
ـــــ وَالْيَوْمَ لِي قَدَرٌ قَد كَانَ مَعمُولاَ

هَيَّا احفَظِي شِعرَ أَجْدَادِي وَلا تَدَعِي
ـــــ بَيْتًا يَفُوتُكِ وَاسْتَقْصِي التَّفَاصِيلاَ!

وَإِنْ قَرَأْتِ لِكَعبٍ بَعضَ بُردَتِهِ
ـــــ قُولِي لَهُمْ أَبَتِي قَد شَبَّ مَتْبُولاَ!

قَد كَانَ فِي لُغَةِ الضّادِ الَّتِي أَفَلَتْ
ـــــ بَيْتٌ لَهُ فَهَوَى، فَانْهَدَّ مَعزُولاَ

وَبَشِّرِي بِمَجِيءِ الضَّادِ إِنَّ لَهَا
ـــــ نُطقًا يَظَلُّ كَشَهْدِ النَّحلِ مَعسُولاَ

هَذا الَّذِي يَا ابْنَتِي قَد كانَ مُذْ زَمَنٍ
ـــــ وَلَمْ يَكُنْ أَبَدًا مِنْ قَبْلُ مَأْمُولاَ

لَوْ كُنْت حَامي عِرضِ الْعُربِ كُلِّهِمُو
ـــــ لَكَانَ عِرضُ بِلادِ الْعُربِ مَغْسُولاَ

لَكِنَّ عِرضَ بِلادِ الْعُربِ مُنْفَلِتٌ
ـــــ كَالضَّادِ مُنْكَسِرٌ إِذْ لا يَدٌ طُولَى

إِنِّي انْتَهَيْتُ وَلَكِنْ ما انْتَهَيْتُ هُنَا
ـــــ فَلْتَحبُلِي وَلِدِي ضَادِي الَّذِي اغْتِيلاَ!

وَقَبِّلِيهِ فَإِنَّ الْعَطفَ فِي قُبَلٍ
ـــــ حَرَّى تَجِيءُ فَيَغْدُو الْكَوْنُ تَقْبِيلاَ

وَإِنْ رُزِقْتِ بِثَان حَصِّنِيهِ فَفِي
ـــــ أَرحَامِ نِسْوَتِنَا قَابِيلُ هَابِيلاَ!

لَئِنْ يَمُتْ خَفَقَانُ الضَّادِ فِي بَلَدِي
ـــــ فِي الغَربِ أَبْعَثُهُ أَوْ غَربَ مَانِيلاَّ

وَلَنْ أَكُونَ كَما الْأَعرَابُ إِذْ حَرَقُوا
ـــــ نَفْطَ الْعُرُوبَةِ فِي حَانَاتِ مَاربِيلاَّ

إِنَّ الْعُرُوبَةَ تَجْرِي فِي دَمِي وَلَكَمْ
ـــــ كُنَّا بِهَا فَاعِلاً وَالْيَوْمَ مَفْعُولاَ!

كُنَّا قَدِيمًا، حُمَاةُ الشَرِّ نُفْزِعُهُمْ
وَالْيَوْمَ فِينَا يَزِيدُ الشَرُّ تَقْتِيلاَ

كَادُوا وَكِدنَا وَكَيْدُ اللهُ يُفْحِمُنَا
وَمَنْ أَشَدُّ مِنَ الرَّحمَانِ تَنْكِيلاَ؟

إِنَّ الْعُرُوبَةَ مَا تَفْنَى وَفِي دَمِنَا
ـــــ تَظَلُّ دَالاًّ عَلَى الدُّنْيَا وَمَدلُولاَ

سَأَرسُمُ الضَّادَ فِي أَرضِي وَفِي زَمَنِي
ـــــ حَتَّى يَصِيرَ بَهَاءُ الضَّادِ مَقْبُولاَ

وَأَشْكُلُ الضَّادَ مَرفُوعًا عَلَى شَفَتِي
ـــــ وَلا أُرِيدُ بِغَيْرِ الرَّفْعِ تَشْكِيلاَ

اُنْصُبْ وَجُرَّ فَفِي الْحَالَيْنِ مُنْكَسِرٌ،
ـــــ فَارفَع جَبِنَكَ ضَادًا فِيكَ مَشْكُولاَ

عَسَى العُرُوبَةُ تَرقَى أَنْتَ فِي دَمِهَا
ـــــ تَكُونُ حُضْنًا لَهَا لِلضَمِّ مَحلُولاَ!

إِنْ لَمْ تُكَابِر وَهَذِي الْأَرضُ قَد غَدَرَتْ
تَظَلُّ دَهْرَكَ بَيْنَ النَّاسِ مَكْبُولاَ! 


باريس، بتاريخ 18 ديسمبر 2019م
ـــــ شعر يحيى الشيخ ـــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شعر يحيى الشيخ

تَراتِيلٌ بِطَعمِ الشَّرقِ وَالْمَنفَى ...!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ــ تَراتِيل الْعِشق:

قَصَائِدُ الْحُبِّ فِي عَيْنَيْكِ قَد ذَبَلَتْ
ـــــ كَأَنَّنِي لَمْ أصُغْ أَحلَى مَعَانِيهَا

أَوْ لَمْ يَكُنْ رِيقُكِ الْمَعسُولُ يُسكِرُنِي
ـــــ لَمَّا خُمُورُ غَدِي جَفَّتْ دَوَالِيهَا

أَوْ أَنَّ قَلْبِي الَّذِي اسْتَسْقَيْتِهِ زَمَنًا
ـــــ مَا كَانَ يَوْمَ لَهِيبِ الشَّوْقِ يَسقِيهَا

أَطفَأْتِ شَمْعَتَنَا حَتَّى غَدَا مَثَلاً
ـــــ لِلنَّاسِ بُعدُكِ فِي الْهِجْرَانِ تَشْبِيهَا

رُحمَاكِ، يَلْعَنُنِي الْوَاشُونَ فَانْتَصِرِي
ـــــ يَا طِفْلَةً صَدَّقَتْ أَقْوَالَ وَاشِيهَا!

فَكَيْفَ دُونَكِ أَحيَا الْيَوْمَ فِي كِبَرِي
ـــــ بَيْنَ الْقُمَامَاتِ مَرمِيًّا أُغَديهَا؟

وَكَيْفَ أُشْفَى وَلِي مَلْيُونُ ذَاكِرَةٍ
ـــــ تَجُرُّ ذَاكِرَتِي آلاَمَ مَاضِيهَا؟

تَغزُو الجِرَاحَاتُ جُرحِي ثُمَّ تُفْسِدُهُ
ـــــ وَيَصرُخُ الْجُرحُ: آهٍ مَنْ يُدَاوِيهَا؟

2ــ تَرَاتِيلُ الشَّرقِ الْحَزِين:

لَكَمْ سَأَلْتُ جَلاَلَ اللَّهِ تَسْلِيَّةً
ـــــ لِلرُّوحِ عَنْكِ لَعَلِّي قَد أُسَلِّيهَا!

فَرُحتُ لِلشَّرقِ وَالْإِيمَانُ يَرفَعُنِي
ـــــ وَالْحُبُّ أَشْرِعَةٌ ضَادِي صَوَارِيهَا

تَاهَتْ عُيُونِي بِأَرضٍ لاَ عُيُونَ بِهَا
ـــــ لَمَّا تَحَجَّرَ حُزْنِي فِي مَآقِيهَا

تَشَتَّتَ الرَّمْلُ فِي صَحرَاءَ هَالِكَةٍ
ـــــ وَالنَّخْلُ أَثْمَرَ حُزْنًا فِي رَوَابِيهَا

فَقُلْتُ فِي أُمَّةِ الْأَعرَابِ مَرثِيَّةً
ـــــ عَلِمْتُ أَنِّي أَنَا أُولَى مَرَاثِيهَا

وَأَنَّ كُلَّ قَوَافِي الشِّعرِ عَاجِزَةٌ
ـــــ عَنْ نَعيِ أُمَّتِنَا الثَّكْلَى مَرَاثِيهَا

لاَ الْقُدسُ عَادَ فَأُلْقِي الشِّعرَ مُنْتَشِيًّا
ـــــ وَلاَ الْوُعُودُ وَقَد خَابَتْ أَمَانِيهَا

وَلاَ الْأَعَارِيبُ مِنْ شِيحِ الْفَلاَ شَرِبُوا
 ـــــ بَوْلَ الْجِمَالِ فَتَاهُوا فِي فَيَافيهَا

وَلاَ بِلاَدِي وَقَد فَارَقْتُهَا وَكَفَى
ـــــ أَنَّ الْمَنَافِي تَغَدَّتْ مِنْ تَجَافِيهَا

تَصُدُّنِي فَيَشِبُّ الشَّوْقُ فِي كَبِدِي
ـــــ نَارًا فَأَكْبُرُ شَوْقًا فِي مَنَافِيهَا

أَغَارُ مِنْهَا عَلَيْهَا وَهْيَ تَخْدَعُنِي
ـــــ وَكَمْ أَمُوتُ وَأَحيَا فِي تَعَازِيهَا!

نَحنُ الشَّهِيدَانِ فِي أَرضٍ عَلِقْتُ بِهَا
ـــــ حَتَّى زَرَعتُ غَرَامِي فِي بَوَادِيهَا

وَكَمْ حَمَلْتُ عَلَى صَدرِي وِسَادَتَهَا
ـــــ عَسَى الْوِسَادَةَ تَسعَى فِي تَلاَقِيهَا!

وَبِتُّ أَبْكِي وَلَحْنُ النِّيلِ يُسكِرُنِي
ـــــ لَكِنَّ مِصرَ أَضَاعَتْ صَوْتَ وَادِيهَا

وَلَيْسَ فِي الْيَمَنِ الْمَفْجُوعِ لِي قِصَصٌ
ـــــ كُنّا بِصَنْعَاءَ لِلْأَجْيَالِ نَحكِيهَا

تَأْتِي الْإِمَارَاتُ بِالسَّوْءَاتِ آمِرَةً
ـــــ فَيَعصِفُ السُّوءُ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

وَقَاسَيُونُ يَصُبُّ الْحُزْنَ فِي بَرَدَى
ـــــ لَمَّا يُغَازِلُهَا جَهْرًا أَعَادِيهَا

وَلَعنَةُ الْبُؤْسِ فِي السُّودَانِ مَنْبَتُهَا
ـــــ كَلَعنَةِ الْهَجْرِ إِذْ فَاضَتْ سَوَاقِيهَا

إِذَا رَحَلْتُ لأَرْضِ التِّيهِ تَمْلَأُنِي
ـــــ رُعبًا طَرَابُلُسُ الثَّكْلَى صَحَارِيهَا

لَمْ أَسْلُ، كُنْتِ وَكَانَ الشَّرقُ فِي دَمِنَا
ـــــ طِفْلاً نَمَا عَدَمًا وَازْدَادَ تَشْوِيهَا

وَكُنْتُ قَبْلُ أَرَاهُ اللهَ لِي سَنَدًا
ـــــ إِذَا أُصَلِّي أَرَى فِي اللهِ تَنْزِيهَا!

مَا عُدتُ أَقْرَاُ فِي الْأَوْهَامِ رِحلَتَنَا
ـــــ وَالْأَرضَ كُنَّا وَكَانَ الحُبُّ حَامِيهَا

3ــ تَرَاتِيلُ المَنْفَى وَالضَّيَاع:

إِنِّي أَنَا وَرَحِيلُ العُمْرِ لِي قِصَصٌ
ـــــ تَحكِي ضَيَاعِي وَلاَ سَردٌ يُجَارِيهَا

وَجَدتُهَا كَنُفُوسِ الْخَلْقِ حَائِرَةً
ـــــ تَطْوِي الْأَمَانِيَ وَالْأَيَّامُ تَطوِيهَا

يَا أَيُّهَا الْعُمْرُ هَذَا الْقربُ يُبْعِدُنَا
ـــــ هَلاَّ رَحَلْتَ فَتَلْقَى الرُّوحُ بَارِيهَا!

أَنَا الْغُرُوبُ وَلاَ شَمْسٌ تُلاَحِقُنِي
ـــــ إِذْ يَخْنِقُ اللَّيْلُ شَمْسِي فِي مَجَارِيهَا

وَتَخْتَفِي بَسْمَةُ السَّعدِ الَّتِي أَفَلَتْ،
ـــــ لَمَّا وُلِدتُ نُجُومِي لَمْ تُوَاسِيهَا

صِنْوَانِ نَحنُ، رَحِيلُ الْعُمْرِ فِي شَفَتِي
ـــــ وَمِحنَتِي أَنْتِ، تِيهِي فِي الْجَفَا تِيهَا!

لَوْ تَنْتَهِينَ فَأَلْقَى فِي الْوَدَاعِ غَدًا
ـــــ بَشَائِرَ الْخُلْدِ فِي الْجَنّاتِ تُؤْوِيهَا!

4 ــ تَرَاتِيلُ الْعُرُوبَة:

مَا عُدتُ أَعشَقُ إِنَّ الْأَرضَ تُوهِمُنِي
ـــــ أَنِّي بِحُضنِكِ أَنْأَى عَنْ مَآسِيهَا

وَكَيْفَ تَرحَمُنِي الدُّنْيَا وَقَد غَدَرَتْ،
ـــــ مُذْ عَهْدِ آدَمَ لَمْ تَرحَمْ أَهَالِيهَا؟

دَعِي الْهَوَى جَسَدًا يَطْفُو عَلَى جَسَدٍ
ـــــ قَد أَتْلَفَ الرُّوحَ لَمَّا بَاتَ حَادِيهَا

وَإِنْ ظَمِئْتِ لِرِيقِي لَنْ تَكُونَ لَنَا
ـــــ إِلاَّ العُرُوبَة فَلْنَشْرَبْ خَوَابِيهَا!

لَعَلَّنَا بِالْهَوَى نُروَى وَكَيْفَ لَهَا
ـــــ أَلاَّ تَجُودَ وَهَذَا الْقَلْبُ رَاعِيهَا؟

لَكَمْ أَغَارُ فَتَبْكِي الرُّوحُ مِنْ وَلَهٍ
ـــــ لَمَّا تَجِيءُ رِمَاحُ الشّكِّ تُدمِيهَا!

أَنْتِ الْعُرُوبَةُ كُونِي أَنْتِ ذَاكِرَتِي،
ـــــ قَصَائِدِي وَدَعِي الْأَحلاَمَ تُلْقِيهَا!

سِحرُ المَحَبَّةِ يَبْقَى الْعِشْقُ يَكْتُبُهُ
ـــــ فَدَوِّنِي قِصَصًا دَوْمًا سَأَحكِيهَا!

الْأَرضُ أَنْتِ رَعَاكِ اللهُ يَا فَرَحِي
كُونِي لَنَا الْأَرضَ بِالْأَروَاحِ نَفْدِيهَا!

إِنَّ الْهَوَى قَدَرٌ، بَلْ أَنْتِ لِي قَدَرٌ،
ـــــ أَقْدَارُنَا اجْتَمَعَتْ فِي حُكْمِ قَاضِيهَا!

باريس، بتاريخ 3 فبراير 2020م



ـــــ شعر يحيى الشيخ ـــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 8 فبراير 2020

د.محمود ملك الأصفر

عنا بالدار
..........................................
يا أمي الورد الجوري مفتح نوار
بحسنو طل بجمالو خطف الأنظار
وحطت عنا اليمامة وطير الوروار
عم يغنو بأصواتن أجمل أشعار
..........................
شوفي بهالليلة شوفي جاي الحسون
واقف فوق الجورية وهوه مفتون
عم يبدع ويغنيلا أروع لفنون
والشحرور والكناري عنا زوار
...........................
قومي شوفي يا أمي طير الكروان
واقف ع غصن الجوري وهوه هيمان
عم ينشد أحلى غناني وأعذب ألحان
جاية هوه ورفقاتو يعمل مشوار
.............................
قومي شوفي البلابل جاية بكير
وعصفور الدوري عنا يرفرف ويطير
والدنيا صارت جنة وشو حلوة كتير
واليوم اجتمعت عنا كل الأطيار
.............................................................
د . ملك محمود الأصفر