الأربعاء، 14 أغسطس 2019

الشاعر محمد عبد القادر زعرورة

 لحظَةُ حَنينٍ وَشَوقٍ  


إنَّ عِشقي لِثراكِ يا صَفُّورية 
وَلَنسَماتِ صُبحِكَ الجميلِ
وَنسيمِ فَجرِكَ العَليلِ
وتُرابِ وطني فلسطين الذي هو عندي أغلى من التِّبرِ 
وتفديهِ الارواحُ الغالية 
للرِّجالِ والنِّساءِ والأطفالِ من أهلهِ وعَاشِقيهِ
هذا العِشقُ لا يُدانيهَ رَيبٌ ولا شَكٌّ ولا تَردُّدٌ
لأنَّ حياتَنا فوقَ ترابِ ليسَ تَرابُنا 
حياةُ ذُلٍّ ومَهانَةٍ وَتجريحٍ وعَذابٍ لا يُطاقُ ولا يحتَمِلُه بَشرُ
فلا شَيئَ في هذهِ الحياةِ اغلىَ وأثمنَ وأبهىَ من الحُرِّيَّةِ والكَرامَةِ
ولا حرَّيَّةَ بلا وطنٍ ولا كرامَةَ ولا حياةَ بِمعنىَ الحَياةِ
.........  لو جاءَني الوَحيُ الإلهِيُّ وخَيَّرَني .........
بَينَ أن ( تُحَرَّرَ فلسطينَ كُلُّ فَلِسطين ) وأعودُ  (إلى عِشقي الأبدِيِّ صَفُّوريَة ) وحارةِ أجدادي فيها واهلي وأهلُ بَلدي ......
               وَبينَ أن يضمَنَ ليَ اللهُ جَنَّةَ الخُلدِ بعدَ المَوتِ 
لاختَرتُ تحريرَ فلسطين كلَّ فَلِسطين وعودةِ صفورية لأعيشَ فيها حُرَّاً كريماً وَأُدفَنُ في
ترابِها ويضمُّني رُفاةُ آبائي وأجدادي من ثَراها وفي ثَراها 
لأنَّ فلسطين هي أرضُ المَحشَرِ والمَنشرَ وهيَ جَنَّةُ اللهِ الًّتي تَجري تَحتَها الأنهارُ
وهي قَبلَتُهُ الأولى وارضَ المعراجَ الى السَّماءِ والهُبوطِ منها إليها باركانِ الإسلامِ الحَنيفِ
وهيَ ارضُ الانبياءَ والصَّالحين .....
فلا عشقٌ بعدَ عشقِ اللهِّ 
يفوقُ عِشقَ الوطنَ وإن وازاهُ عِشقُ الدِّينِ 
فمَن لا وَطنَ لهُ لا دينَ لهُ 
ونَحنُ شعبُ فلسطينَ لنا وطنُ  (هو فلسطين كلُّ فلسطين ) ويجبُ أن نُحرِّرَه مهما بلغت
 التَّضحاتُ ...وسَتُحرَّرُ فلسطين والغُزاةُ إلى زَوالٍ بإذنِ اللهِّ  .....
....... وَستَبقىَ بَلدتي صَفُّورِيَّةَ عِشقي وَكلُّ فلسطينَ من نَهرِها لِبَحرِها عِشقي ........


..... الشاعر الكاتب .......
....... محمد عبد القادر زعرورة ....

بقلم انيس ديان

* تراجيديا الوطن*
  """""""""""""
تعلمت في وطني..
أن لا أسرف في البكاء
وأن أدخر دموعي
قطرة ..قطرة
حتى إذا فاض جرحي
بكيت بعز وكبرياء !!
تعلمت في وطني ..
أن دموع الفرح أكذوبة كبرى
والسعادة مزحة البؤساء
وإنما الأحزان هي نحن
وإن تبهرجت وبدت حسناء
تعلمت في وطني ..
كيف "أنا" تصير ضمير الشيطان
وكيف "هو" يشق صدر "نحن"
بلا رحمة ..وبلا استحياء
تعلمت في وطني ..
كيف أحترف قتل أخي
ذبحا ..جوعا ..وطعنا
وعلمني أخي تراجيديا الموت
ومنولوج النهاية الخرساء
 لما كل هذا الجنون
يخضب كفك ياوطني ؟!!
لما الغلو في زينة الدماء ؟!!
وأنت أخي.. أونسيت ..
كم في صقيع ليلة كنت لي رداء !!
كم مرة صرخت في وجهي..أحبك
كم تناوبنا على كسرة خبز !!
وكم لهونا في محبة واشتهاء !!
وطني المخبىء تحت وسادتي
وبين أوراق دفاتري وخواطري
رغم العناء ..رغم الشقاء
ستبقى موسم عشق بلا انقضاء
وهج تراقص فوق الشموع
وقبلة سلام في عيون السماء

أنيس ديان/اليمن/عدن

بقلم الشاعر كامل حسانين

...و...و..رحلة بلا حدود 

                              موكب وظلال 


يا  بسمة  في  روضة  الآمال      وخطرة   في     موكب  وظلال

هنا  تحقق  للطموح    مراده      وإنفك قيدي من سطوة الأغلال

ولقد تهادت في البرايا غايتي     فأنا  المجيد  في  ساحة  ونزال

 أحببت صفوا للرياض وورده     وبدت رياضي في بسمة وجمال

 عدى يعانق فرحتي من أعشق   وبدا  الجمال  في خطرة  لغزال

 عشقت  زهرا  للغصون وفرحة   تنساب في  ماء الهدى   بخيال

 أنا     المعني   بالغرام   وإنني   عشقت    فيه   إطلالة    لظلال

 بستان  أملي  أن أراه ومنيتي   ألقى  الخليل  في  أروع الأمثال

  مثل الحبيب إذا لمحت خياله   أكرم   به   فمن   عظيم    مثال

  عشقت  ذاته  يا  ربيع وإنني   أهوى  الربيع في كامل  الأحوال

  أنا لست في بعد الخليل بصابر  لا  أرتجي  قولا  من     الأقوال

   الفعل يسبق ما أقول وأقصد    فما   أقول   منفذ   في   الحال

 أهديكما يا زهرتان بروضتي      سعد الحياة، زهر الآمال الغالي 


........و.......و.........رحلة بلا حدود / تأليف / الفقير إلى الله والمؤلف والمفكر والكاتب والأديب الشاعر ومتعدد المواهب / كامل حسانين / Kamel Hassaneen / جمهورية مصر العربية..........و.............و........و......

بقلم محمد اديب السلاوي

كيف قرأ  لنا الدكتور المهدي المنجرة الزمن العربي للذلقراطية ؟



-1-

   يرتبط اسم الباحث المستقبلي، الدكتور المهدي المنجرة، لدى عامة المثقفين والسياسيين بمصطلح “المستقبلية”. فهو الذي أطلق هذا المصطلح بشكل مكثف في ندواته ومحاضراته وكتبه وحواراته، حيث جعل منه مصطلحا مذهبيا/ فلسفيا، مرادفا للتنمية، في الأدبيات السياسية المغربية. وهو مؤسس الجمعية المغربية للدراسات المستقبلية، التي ساهمت إلى حد كبير في إشعاع هذا المصطلح وإغنائه في الأعلام الوطني، كما في الفاعلية السياسية الوطنية وأدبياتها
وبفضل جهوده العلمية، أصبح “الأفق المستقبلي” يؤخذ بعين الاعتبار في القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بعدما ظل مغيبا لفترة طويلة، خاصة في العهد الاستعماري، والعهود التي مهدت له، حيث أخذت الإدارة المغربية والعديد من الأحزاب، والمنظمات السياسية والنقابية المغربية تولي، أهمية خاصة للأفق المستقبلي في أدبياتها، و في تنظيماتها وهياكلها، وبرامجها، وهو ما يعتبره المجتمع الثقافي المغربي، انعكاسا إيجابيا، للمجهودات التي بذلها ويبذلها هذا الباحث من أجل المستقبل والمستقبلية.

  من بين مؤلفاته العديدة التي تعالج مستقبلية العالم العربي/ العالم الثالث، كتاب: انتفاضات في زمن الذلقراطية، وهو مجموعة حوارات أنجزها مع نخبة من الصحفيين والكتاب المغاربة: هند عروب/ مصطفى حيران/ نور الدين العويدي/ حمادي الغاري/ وآخرين، وجميعها تصب في محور “الذلقراطية” الجرح المتفجر على الجسد العربي خصوصا… والجسد العالمثالثي على العموم. 
 لنحاول الإطلالة على هذا الكتاب، الذي يعود إصداره إلى العقد الأخير من القرن الماضي :

                                                     -2- 

   و”الذلقراطية”، مصطلح جديد/ توليد لغوي جديد، من إبداع المفكر المغربي الدكتور المهدي المنجرة، وهو يشكل عنصرا تركيبيا خماسيا، يختصر واقع الحال في الوطن العربي وفي العالم الثالث وهي: الجهلوقراطية/ الفقرقراطية/ الشيخوقراطية/ المخزنقراطية، (بالنسبة للمغرب)، وهي التي أفرزت مجتمعة التخلفقراطية، التي تغرق الوطن العربي في الرداءة الحضارية حتى القعر .

ذلك هو جوهر كتاب “انتفاضات في زمن الذلقراطية” الذي يلقي الأضواء الكاشفة على الأوضاع المتردية في الوطن العربي وعن هجمة الاستعمار الجديد عليه. وعلى أن المؤلف يرفض أن يكون هذا الكتاب سياسيا، أو منتميا لحزب أو حركة أو إيديولوجية، إلا أن هذا الرفض لا يعني ابتعاده عن السياسة ومفاهيمها وقيمها، فالحوارات التي تشكل مادته الأساسية، تخوض جميعها في غمار القضايا الأكثر ارتباطا بالمواطن العربي، وحقوقه ومستقبله، وأحيانا في غمار القضايا التي يصمت عليها محترفي السياسة، الذين أوجدتهم الأنظمة لينوبوا عن البلاد والعباد، وهو ما يضع الباحث المستقبلي/ المؤلف، في موقع المناضل السياسي، الذي يعمل بشجاعة من أجل التغيير والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والذي يحمل في دمه حقنة مضادة للإقصاء والتهميش والظلم، وكل إفرازات “الذلقراطية” التي اختصر بها الوضعية المتردية للمواطن العربي… وكل مواطني العالم الثالث. 

تعالج حوارات هذا الكتاب، محاور سياسية واقتصادية وثقافية مختلفة، ذات أهمية قصوى، بالنسبة للأوضاع العربية الراهنة، تصب جميعها في الوضع العربي/ العالم ثالثي الراهن، وما يواجهه من تحديات، وما يحيط به من مخاطر وسلبيات. أن الحرية/ المستقبل/ الديمقراطية/ العولمة/ السميائية/ 

نقل التقنولوجية / التعليم / الدراسات المستقبلية / النظام الدولي الجديد / التعددية الدولية / الصهيونية / أحلام إسرائيل/ الانتفاضة والحرب الحضارية / احتلال العراق، محاور تشكل في جوهرها دوافع وأسباب نشر هذا الكتاب، ولكنها في ذات الوقت، تستعيد منظور مؤلفه، العربي/ العالمثالثي/ المناضل/ المثقف، على محيطه وهويته وانشغالاته كمفكر مستقبلي، وكمواطن مغربي. 

-3-

من بين المحاور الأساسية لهذا الكتاب، محور يتصل بعهد المغرب الجديد، تطرق فيه إلى عدة أسئلة حول الملكية والسياسة الخارجية والتناوب الديمقراطي، وقضية الصحراء المسترجعة، إذ أكد بوضوح أن دخول المغرب عهدا جديدا يستوجب حضور شرطي المصداقية والمشروعية، وهما شرطان لا يتأتيان إلا من الشعب لأجل ذك يرى مفكرنا المستقبلي ضرورة وجود مجلس تأسيسي لإعداد دستور جديد للبلاد ينقلها إلى ما يريده الشعب لنفسه ومستقبله. أما عن الملكية، فهي في نظره رمز ونظام يحمي الشعب، وتأريخ عريق يسطر ملامح هذه الأمة، ومن الصعب تصور أي نظام بديل لهذا النظام، لكنه في نظره يحتاج إلى إدخال بعض التغييرات، ولن تدخل إلا إذا كانت هناك مراجعة من جديد لجهاز المجموعة كنظام سياسي، فمن أدوار الملكية المعاصرة، الدور الاستطلاعي والاستبصاري المستقبلي، خاصة وأن للحكومات والبرلمانات رؤيتها المحدودة والمتأسسة على سياسات الأمد القصير، بينما مؤسسة شامخة كالملكية لها امكانات الرؤية والتبصر، من الأفضل –في نظره- أن تهتم بالمسائل الأساسية والشؤون الإستراتيجية للبلاد، وتترك باقي الأشياء التي يمكن أن يزاولها الآخرون. 

  وعن قراءاته لسياسة المغرب الخارجية، يرى الدكتور المنجرة أن الحكومة/ الحكومات المغربية في وضعها الراهن لا تملك موقفا واضحا في السياسة الخارجية، وليست لديها استراتيجية لماهية الأهداف المراد تحصيلها. وأن المغرب بات مرتهنا بقيود التبعية للغرب. وهو ما يتناقض وشعارات التعاون جنوب/ جنوب وعدم الانحياز والوحدة العربية والوحدة الإسلامية. 

وفي رأيه كباحث مستقبلي، أن إشكالية السياسة الخارجية المغربية تكمن في فراغ الإرادة السياسية، وفي حيرتها وعدم ثقتها في التعامل مع الآخر… وخاصة بالعالم ثالثي
وخارج هذا المحور الهام الذي شمل الحديث عن مقومات الاقتصاد المغربي، والآليات التي تعالج بها 

مغرب اليوم، قضية الصحراء المسترجعة، وقضايا الفقر والبطالة وحقوق الإنسان. تبقى محاور الكتاب الأخرى مفتوحة على قضايا العالم الثالث، ومن ضمنه العالم العربي، حيث تطرقت إلى المفاهيم والدلالات ارتباطها الوثيق بحاضر ومستقبل هذا العالم، متوخية تشخيص مشاكله في ميادين التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان بعمق وشمول، مع تعيين الظروف والأسباب التي تحيط معالجتها على أرضية الصراع الحضاري القائم بين الشمال والجنوب، وهو صراع قيم بالدرجة الأولى.

-4-

  هكذا يعالج الحوار الأول في هذا الكتاب ثلاثية فكرية، قد تكون هي المحور المفتتح لماسياتي من أفكار وتقييمات وملاحظات، ترتبط جميعها ب”الذلقراطية” التي جعلها المؤلف المحور العام لهذا الكتاب، وتتعلق بالحرية والمستقبل والديمقراطية، وهي المفاتيح الضرورية في رأيه لكل انتقال في العالم الثالث عموما، والوطن العربي على الخصوص . 
بالنسبة للحرية يرى الدكتور المهدي المنجرة، أنها توجد في الكتب، وفي الإعلانات، وليس في برامج  التعليم أو برامج الحكومات والأحزاب، مع أنها يجب أن توجد في الأذهان، تعاش بمبادرة شخصية وجماعية في مناخ حر، في البيوت و المدارس والجامعات ومختلف المرافق… ويرى أن الحرية في البلدان المتخلفة، لا تعاش بالممارسة، بل في الخطابات والنصوص، وأن الذين كانوا يدافعون عنها في برامجهم وكتاباتهم، يفعلون عكس ما يقولون عندما يصلون إلى الحكم… ويرى أن فشلنا في تحقيق الحرية، يعود إلى المواطنين الذين لم يأخذوا حريتهم بأيديهم، وينتظرون وعود الأحزاب، ووعود الحكومات والأنظمة.

أما بالنسبة للديمقراطية، فالأمر لا يختلف من حيث القيمة، فهي لا توجد في قاموس الدكتور المنجرة العالمثالثي، أنها كلمة ذات وزن قوي، إنها كالمجتمع المدني، تستعمل لأهداف مضادة لمدلولها. فلا يمكن الحديث –في نظره- عن الديمقراطية في بلدان التخلف والفساد، فالفجوة الآن واسعة بين الحكام والمحكومين. 
إذن ما هي صورة “المستقبل” بالعالم المتخلف في نظر الباحث المستقبلي، وهو على هذه الحالة من السلبية والتراجع والذلقراطية؟ 
في نظر العالم/ الباحث الذي ارتبط “المستقبل”، باسمه طيلة سيرته الفكرية، أن الأخطاء المتراكمة في بلدان التخلف خلال القرن الماضي، سيكون لها ثمن، (وسيكون انعكاسها غالبا على الشعوب المستضعفة) فكلما تأخرت هذه البلدان في القيام بإصلاحات حقيقية، كلما كبر الثمن… مع ذلك فالتفاؤل لا يغيب عن المفكر المستقبلي، لأنه “لا يمكن أن نصل إلى وضع أسوأ مما نحن عليه الآن في العالم الثالث”. 
في محور آخر حول التكنولوجية والتخلف، يرى الباحث المستقبلي، أن مسألة العولمة والتكنولوجية والعالم الثالث، تشكل قطبا مركزيا وأساسيا في الصراع الدولي الحالي، وأن الأسئلة حول هذا القطب تمتد في جذور السيميائية واللغوية قبل الوصول بها إلى النتيجة العلمية/ الفكرية، في حين أن الأجوبة تتبخر بهدوء في تفاصيل هذه المسألة، وهو ما يجعل العولمة، تفرز الأزمات تلو الأخرى، بل تساهم في خراب الشعوب على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية 
والثقافية. 

إن العولمة في نظره، استعمار جديد شمولي، تقف خلفه الولايات المتحدة الأمريكية بهدف المزيد من التشتيت، ومن التخلف للعالم الثالث، والحضارات اليهودية والمسيحية ترمي من وراء العولمة فرض قيمها وأخلاقياتها وأسلوب حياتها على الحضارات الأخرى، الغير يهودية والغير المسيحية، ومنها بطيعة الحال، حضارتنا الإسلامية. 
وفي نظر الباحث المستقبلي، أن لم يعد وهما نقل العبارات، ولكن الوهم الحقيقي، هو الاعتقاد بنقل التكنولوجيا، باستيراد الحاسوب أو تركيبه بالمصانع المحلية، والتعامل مع الأنترنيت، لا يعني نقل التكنولوجيا. لأن هذا المجال –في نظره- لا تقوم له قائمة إلا بالأبحاث العلمية وتدخل عناصر هامة لإنتاج التكنولوجيا المستلزمة لتركيب ذهني وعقلاني، والمرتبطة بعالم العلم والمعرفة، المتصل بالطاقة البشرية، وهو ما يعني توفير مناخ حر/ مساحات من الإبداع والديمقراطية والحرية، وتمكينه من الآليات العلمية لإنجاز البحوث العلمية، فلا يمكن تحقيق أي تطور في هذا المجال العلمي، ما لم يصبح العلم ثقافة. فالأشياء مترابطة فيما بينها. 
وفي نظره أن تعامل العالم مع التكنولوجيا، ما زال قائما على التقليد دون إدراك لجهود ما يقلد… وتلك مشكلة حضارية كبرى. 
وعن الوضع العربي الراهن، والصراع العربي الإسرائيلي، يرى الدكتور المهدي المنجرة، أن الشعوب العربية، على عكس حكامها، بدأت تدرك بعمق ضرورة التغيير والانتقال، ويرى أن هناك في الوطن العربي سيناريوهات تواجه هذا التغيير. 
الأول، سيناريو الاستقرار والاستمرار، وهو ما يعني استمرار الأمور على ما هي عليه، وهو ما يتطلب دعم البنك الدولي، والجيوش الأجنبية، غير أن هذا الاستقرار من شأنه أن يكون “بيولوجيا” وهو ما يعني الموت وتعطيل الخلق والابتكار، وهو الشيء المستحيل في حياة الشعوب. 
أما السيناريو الثاني، فيتعلق ب”الإصلاح” الذي تعطل في الوطن العربي، بسبب قيام السيناريو الأول، ومن الممكن لسيناريو الإصلاح أن ينجح بنسبة 30% إلا أن ذلك يظل في نظر الباحث المغربي رهينا بسرعة التدخل والوعي بالإكراهات التي تفرض على العرب معالجة فورية لمسائل الديمقراطية والعمل على دعم المجتمع المدني ووضع دعائمه. 

ولأنه وقع تأجيل/ تأخير هذا السيناريو على علاته لطبيعة الحكم والحكام في الوطن العربي، أصبح في تقديره من المتعذر تنفيذ أو القيام بإصلاحات فاعلة وناجحة، تبعد شبح التغيير الشامل، الذي هو موضوع السيناريو الثالث.

إن الدكتور المهدي المنجرة، لا يتصور مستقبلا للبلاد العربية خارج إطار التغيير الفوري لوضعيتها الراهنة، لأنه لا يمكن التخطيط لسيناريو الإصلاح في ظل الحكم العربي الراهن المتولد عن النظام العالمي الجديد والمتحالف في نفس الآن مع أنظمة الاستعمار الجديد
وعن الصراع العربي الإسرائيلي، يرى الباحث المستقبلي أن قوة إسرائيل لم تنتجها عبقرية ثلاثة أو أربعة ملايين إسرائيلي أو إثنى عشر مليون يهودي موزعة في العالم، بل هو التلاحم بين الكيان الصهيوني والمركب الأمريكي السياسي والإستراتيجي والاقتصادي والمالي والعسكري والعلمي والتكنولوجي. 
ويرى أن دور العرب في تحقيق الحلم الإسرائيلي، كان أساسيا، فالتاريخ سيسجل إسهام القيادات العربية والقيادات الحالية لمنظمة التحرير الفلسطينية في كل الجرائم ضد الشعوب العربية، وأن هذا التاريخ سيؤكد بصوت مرتفع انخراطات الإنسان العربي، في هذا الصراع، ونضالاته المتواصلة والمستمرة من أجل استعادة حقه في التاريخ والجغرافيا. 

-5-

  السؤال الختامي في هذا الكتاب المرجعي الهام : ما هو دور المثقف العربي اليوم/ ما هو موقفه من قضايا محيطه المحلي والدولي؟ يرى الباحث المستقبلي، أن المثقف العربي أصبح مطالب باستعجال استعادة دوره المفقود، وقيادة مرحلة التغيير المطلوب، وأنه قبل ذلك وبعده أصبح مطالب بمواجهة أسئلة القرن الواحد والعشرين، بكل ما تطرحه من تحديات، وتسارع في الاختراعات والاكتشافات، إذ لا يمكن أن يضطلع المثقف العربي بمهامه الأساسية، داخل المؤسسات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية و الثقافية التي  تآكلت بنياتها وفقدت مصداقيتها وأصبحت آلية للسقوط، وهو ما يفسر بوضوح أسباب أزمة الثقافة العربية الراهنة، وأسباب انحصار المثقف العربي، في زمن الألفية الثالثة. 

فهل تدركون… أن الذلقراطية واقع شامل يحيط بنا من كل زاوية...ومن كل جانب؟.

الأحد، 11 أغسطس 2019

بقلم صبري كامل

 الحج حجة

يا زائر البيت أهلا و تمهل ::: هاهنا تتنزل الرحمات
أنت بالمكرمة فهلل و كبر ::: فأنت بمهبط الرسالات
فأكثر الرجاء و أنت متيقن ::: ربك مستجاب للدعوات 
بأستار الكعبة أذكر وتعلق::: سبح برب كل الكائنات 
أكرمك الكريم بنعم زيارته ::: فأحمد الله بالسماوات
طوف بالبيت و أنت محرما::: مستغفر ربك من الزلات
وعن هفواتك أطلب عفوه::: فالعفو يعفو عن الهفوات
من المنكرات أعلن براءة ::: البارئ يبدلها بالحسنات 
أسعى بين صفا و مروة ::: يقربك العزيز من الجنات 
اذكرني بالدعاء عند ربك::: عسى أنول منه الرحمات

صبري كامل .

بقلم محمد محمود السيد

 يا سر الحكاية  

.
كَـدَرٌ حياتـُكَ ، والحياةُ منَ الكَدَرْ 

في الحالتينِ النارُ مبدؤها شَـرَرْ 

ما ضـرَّ جفنُكَ غير آهـةِ عاشقٍ 

لم ينسَـهُ يومًا على مـرِّ الصُّـورْ 

يا أُختَ مريمَ يا جمالَ حياتنا 

طالَ الحنينُ إلى اللقاءِ المُنتظرْ 

لم يرتسمْ فرحٌ بأرضِ ملامحي

إلا  بليليَ  كُنتمُ  وجـهَ  القمرْ   

فاسلُكْ على أرضِ المفازةِ نحـوها 

تُبصرْ جمالاً في كلامٍ مخُتصرْ 

واغرسْ دماءكَ في فلاةٍ وانتظرْ 

منْ كفِّها ينمو ويتنشرُ الشَّجرْ 

واذهبْ إليها في هجيرٍ وارتقبْ 

فلئن رأتكَ تقهقه الدُّنيا مطـرْ 

يا وعـدُ يا سـرَّ  الحكاية  كُلّها 

يا بَعْثَ موتي من هشيمٍ محُتضرْ 

يا مُلهمَ الأشعار حسبُكَ وحدها

قـد ألهمت شعري بإعجاز القدرْ 


إهداء إلى ( الزهرة اليتيمة )

الجمعة، 9 أغسطس 2019

محمد أديب السلاوي

من يحمي عقولنا من الهجرة...

-1-

في ظل الحملات العنصرية الممنهجة التي تنظمها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ضد المهاجرين الأجانب منذ ظهور البوادر الأولى للأزمة الاقتصادية / المالية العالمية، برزت بشكل لافت، ظاهرة " هجرة العقول"، حيث أعلنت العديد من دول المهجر عن رغبتها في الاحتفاظ بالكفاءات العلمية والتكنولوجية، بعد طردها واستغنائها عن العمال والحرفيين العرب والأفارقة والأسيويين، وذلك وفقا لمخطط بعيد المدى، يرمي الى إعادة هيكلة أنظمتها في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والحضارية عامة.
 في مطلع الألفية الثالثة أعلنت دول الغرب عن خصاصها للكفاءات العلمية والتقنية والفنية التي من شأنها إعطائها القدرة على مسايرة التطورات العلمية والتكنولوجية، وعن استعدادها فتح الباب على مصراعيه  لاحتضان  الكفاءات  القادمة من  بلدان العالم  المتخلف/ السائر في طريق النمو لإدماجها في أنسجتها العلمية  والإدارية،  لسد  النقص الحاصل  عندها  في  هذه الأنسجة.
 وحسب دراسة للعالم المستقبلي المغربي، الدكتور المهدي المنجرة شفاه الله، فان هذا النقص يصل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية الى 350.000 إطار في مختلف التخصصات، وبالنسبة لأوروبا يتجاوز 940.000 إطار متخصص، وهو ما  يجعل  هذه  الدول في الوقت   الراهن تبذل قصارى الجهود  من    اجل   استقطاب   العقول   والكفاءات   بكل   الوسائل،  وبأي   ثمن،من أجل ان  لا  يدفعها هذا النقص الى التخلي عن دورها في قيادة المركب الحضاري العالمي، والتراجع خلف الدول الأسيوية، خاصة الصين واليابان والكوريتين.

-2-

 هكذا، نرى في الوقت الذي يتم فيه طرد العمال المغاربة، والعمال الأفارقة بالآلاف وبطرق وأساليب عنصرية لا إنسانية أحيانا، يتم في الوقت ذاته، الترحيب بشكل مبالغ فيه أحيانا، بالأطباء والمهندسين والإعلاميين والرياضيين والفنانين والكتاب والمبدعين وأساتذة الجامعات وبكافة اطر التخصصات العلمية المهاجرة الى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، بإغراءات كبيرة وتحفيزات وامتيازات مغرية...وهو ما جعل ظاهرة هجرة العقول، تتسع سنة بعد أخرى، وتتخذ أبعادا مهولة ومقلقة، في ظل أوضاع البلاد التي تعاني من التخلف والفساد والرشوة والتهميش وانعدام استقلالية القضاء، وضعف الحريات العامة وخرق مواثيق حقوق الإنسان، وهو ما يشكل خطرا محدقا على المدى المتوسط والبعيد على الاقتصاد والصناعة والصحة والثقافة والفنون والرياضة والتعليم والخدمات،وكل الأنسجة التي تقوم عليها مخططات التنمية البشرية،  والتنمية الشاملة.

 طبعا، ليست هناك إحصائيات رسمية، بصدد الأطر والكفاءات المهاجرة،أو التي تهاجر،  من البلدات التي كانت تسمى ببلدان العالم الثالث، ولكن هناك حالات للهجرة مستمرة ومنذ عدة سنوات.
- طلبة يغادرون سنويا لمتابعة دراستهم العليا بالجامعات الأوروبية والأمريكية، ولكنهم بعد الانتهاء من الدراسة لا يعودون الى أوطانهم،  بل يفضلون الإقامة بالبلدان التي تابعوا الدراسة بها وحصلوا فيها على شهاداتهم العليا.
- أساتذة وباحثون وأطباء وعلماء رياضيات وفيزياء وصحفيون ورياضيون وفنانون وغيرهم يغادرون بلدانهم العربية او الإفريقية سنويا ، بسبب الإغراءات التي تقدمها لهم الجامعات والمؤسسات الأوروبية والأمريكية والكندية من اجل استكمال التكوين، واكتساب الخبرات المعمقة التي لا تتوفر عليها الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية المغربية...يتم بعد ذلك استقطابها لمصالحها الذاتية.
- اطر عليا في المؤسسات الاقتصادية والبنكية والصناعية، وفي الدارة العمومية، تغادر أوطانها العربية والإفريقية سنويا نحو أوروبا و أمريكا وكندا، بدعوى تطوير مهاراتها العلمية والاستفادة من الامتيازات التي تمنحها هذه الدول لأصحاب التخصصات العلمية، وأيضا بدعوى ان أوطانهم لم تول البحث العلمي أي اهتمام من شانه إرضاء طموحات هذه الأطر، في عهد العولمة والانفتاح العلمي
 ولا شك، أن الفوارق القائمة بين اهتمام الغرب وجامعاته ومقاولاته ومؤسساته العلمية والاقتصادية والسياسية والإدارية، بالعلم والعلماء، وبالكفاءات الفنية في المجالات المختلفة، وبين واقع الحال ببلدان العالم الثالث، سيجعل هجرة العقول والمهارات، هجرة متواصلة، بل لربما سيجعل منها كارثة علمية، اذا ما استمر الحال على ما هو عليه.

 ان هذا النزيف أمام الإغراءات الممنوحة سوف لن يتوقف عند هذا الحد، بل لربما سيتجاوزه ليأخذ بعدا اخطر ان لم تتخذ في شأنه القرارات الشجاعة من طرف أصحاب القرارات، ذلك لان النزيف الحاصل اليوم، سيصيب حتى الأطر العاملة بالمؤسسات الاقتصادية والمالية والخدماتية والعلمية التي لها تجربة وخبرة، ومن ثمة ستصبح الكارثة اكبر، خاصة وان إشكالية هجرة العقول والكفاءات أصبحت في الزمن الراهن، تندرج في إطار ظاهرة تهم مجموع العالم السائر في طريق النمو، ذلك ان الخصاص في الكفاءات العلمية والتقنية والفنية، الذي يعاني منه الغرب/ أوروبا وأمريكا، مهولا وخطيرا.

-3-

حتى هذه للحظة تكون ظاهرة هجرة العقول قد تسببت للعالم السائر في طريق النمو في خسارتين :
الأولى مادية، حيث يصرف على الأطر المهاجرة ملايين الدراهم من أموال دافعي الضرائب، من اجل تعليمها وتأهيلها وتكوينها دون أن يستفيد الوطن من خدماتها.

والثانية معنوية، حيث يقدم هذه الأطر على طبق من فضة، وبدون مقابل للدول الصناعية / المتقدمة / الغنية، لتزداد قوة ومناعة، وهو في اشد الحاجة إليها لإقلاعه وتقدمه وتحديث هياكله وإخراجه من أوضاعه المتأزمة مع الفقر والتخلف والفساد.
أمام هذه الظاهرة الملفتة التي تزيد من تعميق الهوة بين العالم المتخلف والغرب / بين الشمال والجنوب، والتي تزيد من تبعيته، يمكن التساؤل عن الأسباب والدوافع التي تدفع هذه الطاقات إلى الهجرة، بدل المساهمة في تطوير موطنها.
هل هي البنية العلمية التي مازالت غير فعالة ومنفصلة عن إطارها التربوي، آم هي هزالة الاعتمادات المالية المخصصة لها...؟
هل هي البيروقراطية القائمة في الأجهزة الإدارية، والتي تقف عائقا كبيرا أمام الكفاءات الوطنية، والتي تشتت جهودها العلمية وأبحاثها واختراعاتها، والتي تساهم في دفعها إلى الهجرة، حيث يكون المعيار الوحيد هو الكفاءة العلمية ووجود المناخات التي تساعد على بلورتها...؟
هل هو انعدام التخطيط الصحيح، لأحداث طفرات في المجالات الحيوية التي من شأنها استقطاب الكفاءات العلمية والتقنية وتشغيلها، لصالح النهضة الوطنية، في مجالات تخصصها.....؟
هل هو عدم قدرة المقاولات الصناعية والتجارية والخدماتية بالعالم الثالث مجاراة المقاولات العالمية ومنافستها على اجتذاب الموارد البشرية المتخصصة...؟
هل هو عدم توفير الشروط الاجتماعية للعلماء والمتخصصين والمهندسين للطمأنينة النفسية والارتياح والحرية والمنافسة العلمية الشريفة، في المقاولات وغيرها من محيطات العمل والانتاج؟
هل هو غياب الوسائل والبنيات لتطبيق ما تعلمته الكفاءات في المعاهد والجامعات، وضعف ميزانيات البحث العلمي، وهو ما يتحول الى تلاشي المعارف...؟
 او هو الحد من حرية التعبير، التي من شأنها تشجيع الخلق والابداع والمبادرات العلمية والفنية وغيرها.

-4-

في واقع الامر، هي سلسلة مترابطة من الإشكالات العالقة بموضوع الهجرة، تواجه العالم المتخلف/ السائر في طريق النمو، من هجرة اليد العاملة إلى الهجرة السرية، إلى هجرة الأدمغة العلمية والتقنية، تجعل العالم الفقير يعاني من النزيف، دون ان يبحث بجدية عن حلول وعلاجات.
 ولان الهجرة أخذت شكل الغول، على كافة المستويات، تجاوزت في شكلها وموضوعها كل الأحجام، وأصبحت قضية تمتد إلى أسواق المال والاقتصاد والى العلم والسياسة، أصبح على هذا العالم ان يتأمل بالكثير من التأني  والتمعن في إشكالاتها المتداخلة مع واقعه الآني والمستقبلي، وإيجاد العلاجات الناجعة لها،قبل فوات الأوان
 إن الهجرة من موقعها هذا، أصبحت ترتبط بإشكالات النمو الديموغرافي، وبإشكالات الوضعية الاقتصادية السياسية المتأزمة لبلدان العالم الثالث كمصدر للطاقة البشرية، وهي إشكالات، كما تتحكم بقوة في الأنظمة الإدارية والاقتصادية والثقافية، أصبحت تتحكم في الأنظمة التربوية والعلمية بعدما تحولت الى نزيف للكفاءات والعقول،وهو ما يجعلها في حجم الغول الذي يهدد حاضرها ومستقبلها بصمت وهدوء .
وبالنظر  الى الأوضاع الاقتصادية  الراهنة لأوروبا وكندا والولايات المتحدة  الأمريكية، وهي  تعاني من  التأزم والإفلاس والتراجع بفعل الأزمة المالية / الاقتصادية العالمية، نجد  هذه   الدول  تنفض  يدها   بعنف  وقوة  وبكل  الوسائل  الممكنة   والمستحيلة من الأيادي العاملة، تطرد يوميا الآلاف  منهم خارج  حدودها، ولكنها في الوقت  ذاته تفتح ذراعيها  للأطر العلمية، للأدمغة النشيطة في كل المجالات والميادين، تواصل امتصاصها لأدمغة العالم الثالث، بكل الإغراءات وبأي ثمن، لتزيد هذه البلدان تخلفا، ولتزيد من تكريس الفوارق القائمة في عالم اليوم بين الشمال والجنوب
 من هذا المنطلق، تجد الهجرة نفسها اليوم، تتحول على خريطة دول الجنوب / العالم الثالث، من قضية إنمائية مريحة، تدر بعض الأرباح على الخزائن العامة، إلى قضية تستنزف هذه الخزائن، وتفرغ الجسد الوطني من عقوله المستنيرة
 السؤال الذي تطرحه هذه الإشكالية اليوم بقوة، على ساحة البحث العلمي، وعلى ساحة البحث السياسي، وعلى مجتمع العالم المتخلف/ السائر في طريق النمو : متى " تتحول الهجرة" الى موضوع للتأمل والبحث والدراسة العلمية الموضوعية، لاستخلاص الأرباح والخسائر، لحماية هذا العالم من الانهيار...؟

-5-

حتى هذه اللحظة لم يحدث اتفاق بين فقهاء اللغة، عن المصطلح الأنسب للتعبير عن ظاهرة "هجرة العقول" نحو أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا التي تفجرت في العقود الأخيرة بإفريقيا و كل دول الجنوب، هل هي نزيف للعقول أم هجرة العقول ام اصطياد العقول ام تفريغ الأدمغة ام سرقتها ؟.
 الإعلام بالعالم المتخلف/ الجنوبي، استعمل كل هذه المصطلحات في قراءاته وتحليلاته لهذه الظاهرة الملفتة للنظر، والمثيرة للجدل، لكن الإعلام الغربي، وفي مقدمته الإعلام الأمريكي، يستعمل مصطلحات اقل أثارة وأكثر تضليلا : النقل العكسي للتكنولوجيا/ تدفق الموارد البشرية/ التبادل الدولي للمهارات.
  وفي واقع الأمر، فان عمق هذه الظاهرة التي تصب أساسا في هجرة الكفاءات المدربة، والمهارات العلمية والتكنولوجية من بلدانها الاصلية بالعالم المتخلف/ الفقير/ السائر في طريق النمو إلى بلدان أخرى نامية ومتقدمة، بشكل في ذات الوقت، قيمة مضافة، وربحا زائدا للبلد الذي تتم إليه الهجرة.
 إن إفراغ بلدان العالم، الفقير والمتخلف من كفاءاته العلمية والثقافية والتكنولوجية، هو بالأساس، إبعاد هذه الكفاءات عن قيادة أوراش التحديث والنهضة والتقدم في بلدانها الاصلية وتكريس مظاهر الفقر والتخلف بها...وبالتالي هو تكريس الفجوة العلمية بين الشمال والجنوب، وإخضاع الدول الفقيرة والمتخلفة وإجبارها على البقاء تحت رحمة الخبرات الأجنبية.
والسؤال المحوري هو : من يحدد موقعنا من هذا النزيف ؟
 ومتى يحدث ذلك ؟



محمد أديب السلاوي