السبت، 22 يناير 2022

نشر محمد قجة

 ( رسالة في قصيدة عمرها 1200 سنة )


   المرسل : الشاعر أبو العتاهية 

   المرسل إليه : الخليفة العباسي الثالث محمد المهدي


   الزمان : القرن الثاني للهجرة ، الثامن للميلاد 

   المكان : بغداد عاصمة الدولة العباسية ، العراق


   الرسالة القصيدة :


   من مُبلغْ عني الإمامَ نصائحاً متواليه


   أني أرى الأسعارَ اسعار الرعية غاليه


   وأرى المكاسبَ نزرةً وارى الضرورة فاشيه


وأرى هموم الدهر رائحةً تجيء وغاديه


وارى المراضعَ فيه عن اولادها متجافيه


وارى اليتامى والاراملَ في البيوت الخاليه


يشكون مَجهدةً بأصواتٍ ضعافٍ عاليه


من مضنيات الجوع تمسي وهي تصبح طاويه


مَن يُرتجى لدفاع كرب مُلمّةٍ هي ما هيه


من للبطون الجائعات وللجسوم العاريه


ألقيتُ أخبارا إليك من الرعية شافيه


ونصيحتي لك مَحضةٌ ، ومودتي لك صافيه

د.رمضةن الحضري

 الشعر وتكامل العلوم

************

أكتب قالتي هذه وأنا أعاني أوجاعا عديدة ، فلا تأخذوا كلماتي على محمل الهزل ، 

فللوجع آلام لايشعر بها الصحيح ، متعكم الله بصحة الإيمان وعافية الأبدان . 

وأشد أوجاعي إيلاما أن قومي لايعلمون ، وحينما شرعت في كتابة هذه القالة ، 

لايعلم إلا الله وحده لماذا خطر على عقلي وقلبي قول الرسول الأعظم والنبي 

الأكرم ( اللهم اهد قومي فإنهم لايعلمون ) .

والعلم هو النسبة المحددة وعليها دليل في تعريف العلماء ، وهذه النسبة المحددة

 نأخذ نحن مقلوبها ، ولا نأخذ استقامتها واعتدالها ، يبدو أنني من أولئك الذين 

لايستحون من نشر عيوبهم أملا في التصحيح ، وقومي يرون أنهم يقيمون 

مجتمعهم بالعلم ، ويرفعون قيمته بالعمل ، ورب علم مظنون هو أضر من 

الجهل المتين ، ( قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة 

الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ) .

شبه كمال اتصال بلاغي ، سؤال لم يطرح ، هو في فهمي : هل يمكننا أن نعرف

 أفسد أعمالنا ؟ فتجي الإجابة بإعادة طرح السؤال لأهميته ، والسؤال مسبوق 

بفعل أمر ، وأفهم من الأمر هنا جماليات التنبيه للمستمع وجماليات السكوت 

عن الحضور ليكون السؤال لكل من حضر ومن لم يحضر ، وحرف الاستفهام

 هل تستخدمه العرب للاستفهام وقد تستخدمه للتحقيق بمعنى قد ، ومنه قول الله 

جل في علاه ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) فهل 

في الآية بمعنى قد .

ياسادتي للمرة المليون : لايستطيع بيت أن يبني صاحبه ، لكن العكس هو

 الصحيح ، فصاحب البيت هو الذي يبنيه ، ولاتستطيع دولة أن تبني رجالا ،

 ولكن الرجال هم الذين يبنون دولتهم ، ليرحمنا الله جميعا ، فلم تبن الثقافة 

طه حسين ولا عبدالمنعم تليمة ، لكنهما هما من أقاما صروحا ثقافية ، ولم تبن

 الموسيقى محمد عبدالوهاب و السنباطي و بليغ والموجي والطويل والشريعي ،

 لكنهم هم بنوا صروحا موسيقية ، ولم يبن الشعر المتنبي وشوقي ومحمود حسن

 إسماعيل ونزار وعبدالعزيز جويدة ، لكنهم هم من غرسوا بساتين شعر تليق بهم .

وكلنا نقول عن الاختراع والخلق أنه جاء على غير مثال سابق ، هذا في العلوم 

الطبيعية ، بينما في العلوم الاجتماعية لا نقول ذلك ، وهو من باب الفهم المغلوط ،......        فالاختراع في العلوم الانسانية كما في العلوم الطبيعية ، ولأن العلوم الانسانية

 يعتبرها الكثيرون ناتجة للتراكم المعرفي ، حتى تصل إلى حد التنظير والتقعيد ،

 ثم بعد ذلك تنتشر ؛ هذا ماجعل كل متكلم او راسم للحروف صحيحة وغير 

صحيحة يظن أنه كاتب أو أديب أو شاعر .

الحق أن الاختراع في الكتابة حق كما هو حق في العلوم الطبيعية ، ولكن 

مشكلة الناس في الأداة .

لأن أداة الشعر هي اللغة باعتبارها الوسيلة الشعرية فهم يستكثرون أن الأداة 

القديمة تخترع شيئا جديدا ، ويتناسون أن جميع المخترعات جاءت على غير

 مثال بأدوات قديمة ، ثم استحدثت لها أدوات بعد ذلك ، فأديسون الذي اخترع 

المكرر الآلي للتلغراف كان يعمل موظفا في هيئة التلغراف الأمريكية ، وتوالت 

مخترعاته فيما بعد ، لكن هذه المخترعات كانت تبدأ دائما من ادوات قديمة ، 

وقد ذكرت أديسون بالتحديد لأنه أكبر مخترع في عصرنا الحديث ، حيث 

وصلت براءات الاختراع الخاصة به في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها 

إلى مايزيد عن 1093 براءة اختراع ، ويضاف إليها براءات الاختراع في 

كل من انجلترا والمانيا وغيرهما من بلاد أوربا .

وحينما يقول عبدالعزيز جويدة : _  

اخلُدي للموتِ ساعاتٍ وعُودي

ربما أحتاجُ في تلكَ الحياةْ 

مرةً أخرى وُجُودي

ليسَ يَعنينا بقاءٌ وانتهاءْ 

ليسَ يعنينا خلودُكْ ..

أو خلودي

*******

أليس في هذا اختراع ؟! أن يبدأ نص العشق بالحديث عن الموت ، ومعروف 

أن الميت لايعود ، لكنه بشاعريته ، يطلب منها العودة ، وكأن هذه العودة أمر 

طبيعي ، ثم يبرر لطلب عودتها ، فالعودة ليست لأجلها لكنها لأجله هو ، فهي 


تخلد للموت ، فيغيب عن الوجود ، أو يختفي وجوده بخلودها للموت ، فإذا عادت 

بعد ساعات وجد نفسه .

حيث إن غير مهتم بمسألة الفناء والبقاء ، ولا بزمنية الخلود واللاخلود ، لكن 

هناك أمرا أهم .

والاختراع هنا أن عبدالعزيز جويدة ترك اكتشاف الصوفية المتمثل في قولهم 

( الفناء في الباقي لكي نبقى ) ، ليخترع هو نظرية جديدة تتمثل في ( الفهم للحياة 

هو الخلود فيها ، والجمود في الحياة هو الموت على قيد الحياة ) .

وهذه النظرية صحيحة إلى حد كبير ، فتأتي مبررات طلبه العودة بقوله : 


************ 

حاملاً عمري وعمرَكْ

حاولي أن تفهمي معنى صمودي 

ورياحُ الحزنِ تجتاحُ المواني 

والأغاني مثلُ لوحِ الثلجِ 

جودي

ليسَ بالوصلِ ولكنْ 

امنحيني صحوةَ الروحِ لأني 

قد تعبتُ ..

من جُمودي

يا حياتي

اذهبي من حيثُ جئتِ 

ثم عودي 

كي أُحسَّ ..

لحظةً أني افتقدتُكْ 

أو تخلَّصتُ قليلاً من قيودي

**************

فجمود المرء موت ، وقيود العشق سجن ، وعودة الحبيب أجمل لحظات الوجود ،

 وتخلص العاشق من قيودة


 لحظات ، شوق للحنين مرة أخرى .

لنستمع إليه وهو يكمل اختراعه ، بين جماليات العلمية الطبيعية ، وصحة 

المشاعر الانسانية التي تراقب سيرورة هذا العشق ، فيقول : _

آهِ من جرحٍ يُعاندْ

ثم يُلقيني وحيدًا 

في فِراشِ التجربةْ

آهِ من وَجعِ السؤالاتِ التي 

تأتي إلينا 

كي تُفتِّش .. 

في صَميمِ الروحِ

أينَ الأجوبةْ ؟

آهِ مِنا كيفَ أصبحنا نحبُّ 

بالقلوبِ المُتعَبةْ 

سِربُ أسرارٍ سيمضي 

أو سيأتي 

كي يُذيعَ ..

كلَّ أسرارِ القلوبِ الهاربَةْ 

هل لديكِ الآنَ وقتٌ 

كي نُناقش ..

ما جرى 

لا تقولي مرةً أخرى تُرى

كم جلسْنا هاهنا

قلنا كثيرًا 

قيلَ إن الحبَّ أعمى 

قلتُ إن الحبَّ يَسمع ..

ويرى

حدثيني عن خيالاتٍ توارتْ

كيفَ قلبُ العاشقينَ

يتحدى الموتَ جهرًا

ثم يَنبض ..

دائمًا تحتَ الثرى 

لم يَمُتْ يومًا محبٌ صدِّقيني 

إنها إغفاءةٌ مثلَ الكرَى 

ليسَ للإحساسِ وقتٌ أو مواسمْ

ليسَ للحبِّ مَراسمْ

إنما الحبُّ قضاءٌ وقدرْ

فقلوبُ الناسِ جاءَتْ 

من غيوبِ الكونِ جاءَتْ

واستعدتْ للسفرْ

رحلةٌ لا بدَّ منها 

أيَّ وقتٍ 

لستُ أدري 

إننا للغيبِ دومًا ننتظرْ

*** 

روعةُ الإحساسِ شيءٌ مختلفْ

نظرةُ العشاقِ ضوءٌ 

واحتضارُ المرءِ في الحبِّ شرفْ

كلُّ من يحيا بلا حبٍّ 

كَمَيْتٍ 

لن يَرى يومًا جميلاً للأسفْ 

إننا في الحبِّ نُخفي سرَّنا

لكننا نُضطرُّ دومًا نعترفْ

كلُّ محبوبٍ ويحيا في لياليهِ 

التي لا تنكشفْ 

عندَما تأتي سهامُ الحبِّ نعرفْ 

فنرى قلبًا نزَفْ

إنها روحُ التصوف 

حينَ يصرُخْ ..

كلُّ محبوبٍ يُنادي 

يا إلهي إن محبوبي عرَفْ

دمج العلوم الطبيعية ، بالفكر الانساني ، بهذه الشعرية المفرطة ، جعلني أطلق 

على هذا النص أنه اختراع جديد ، فالحديث عن القضاء والقدر والتصوف من 

علوم الدين ، والحديث عن الموت والوجود والعمى والرؤى والخيالات

 والرحلات والسفر من العلوم الطبيعية ، والحديث عن القلوب المتعبة 

والعشق والروح والحب من جماليات الحياة في اللغة والمشاعر .

هذا نص لم يسبق إليه شاعر في العربية ، وتلك رؤية عامة ، أو مقدمة لبحث

 ربما يعينني الله على إنجازه ، وربما يكون الأمر جللا ، لكنني دوما أحفظ 

قول الله في الحديث القدسي : ( أنا عند ظن عبدي بي ) .

حفظ الله سيد شعراء العرب ، وحفظ الله محبيه ، وحفظ الله كل شعوبنا العربية .

**************



د / رمضان الحضري 

**********

د.رمضان الحضري

 حياة النص الإبداعي

**************

دوما تتأخر مقالتي بسبب أنني لا أجد المقدمة المناسبة للقاريء ، التي توائم بين مزاج القاريء والموضوع الذي فرضت على نفسي أن أتناوله ، وهذا يعني أن المنتج للأدب يعاني معاناة كبيرة لكي يقنع من يقرأ كلماته ، فيحاول أن يجد فكرة جديدة مثيرة وغير مسبوقة عساها تبلغ رسالته للمستقبِل لهذه الرسالة ، فيملأ كأس الرسالة شهدا مفيدا وطعما رائعا ، ليستمتع المتلقي ويستفيد 

، فيشترط في الرسالة الجديدة أن تكون إبداعا ، والإبداع هو الحداثة والإجادة من خلال الابتكار والنسج بشكل غير مسبوق أو مطروق ، وليس في الإبداع جديد أو قديم ، فالإبداع جديد فقط ، ومتجدد دائما ، فلم تغب لذة شعر امريء القيس والمتنبي وشوقي ونزار وجويدة وإليوت وجوتة وريلكه وأوسكار وايلد وغيرهم عن تذوقي لحظة ، ولم تتغير لذة نقد عبدالقاهر الجرجاني وطه حسين وجيرار جنيت ووليم بتلر ييتس ، ولازلت أطرب من غناء عبدالوهاب وأم كلثوم ، ولم تفقد روايات شكسبير وتشيكوف ومحفوظ وإدريس جمالياتها رغم مرور زمن طويل عليها .

حيث إن أعمال هؤلاء إبداع في زمنها ، ولازالت إبداعا لمن يتناولها حتى هذه اللحظة .


وقد وردت مفردة الإبداع في لغتنا العربية بمعنى الإيجاد على غير مثال سابق ، ولكنه ليس إيجادا من العدم ، وقد فسر المفسرون ( بديع السموات والأرض ) خالقهما الذي أنشأهما على غير مثال سابق ، (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ  ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ، سورة الأنعام الآيتان ( 100 ، 101 )  فحينما ادعى المدعون أن لله شركاء من الإنس ومن الجن ، أخبرهم ربنا سبحانه وتعالى أن كل المخلوقات هذه مبتدعة ومخلوقة من الله جل في علاه ، وأن الذين تتحدثون عنهم من الجن والإنس إنما هم مخلوقون مثلكم ومبتدعون على غير مثال سابق ، ولم يقصر مولانا الإبتداع على ذاته جل في علاه ، بل قال : _ (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ۖ فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ  ) ، 

سورة الحديد ( الآية 27 ) ، فقد ابتدع الصالحون السابقون من بني إسرائيل رهبانية ماكتبها الله عليهم ، فلم فرطوا فيها عاب الله عليهم هذا التفريط ، ولذا حينما وجد أحد الصحابة ( أبي إمامة الباهلي واسمه صدى بن عجلان ) المسلمين يقيمون صلاة القيام ويحرصون عليها ، قال لهم : _ ( أحدثتم قيام الليل ولم يكتب عليكم ، فداوموا عليه ولا تتركوه ، فإن ناسا من بني إسرائيل ابتدعوا بدعا لم يكتبها الله عليهم ، ابتغوا بها رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ، فعابهم الله بتركها فقال : ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها (.، فهناك ابتداع حسن وطيب وجميل ، ولذا نجد أن الرسول ينسبه للسنة وليس للبدعة فيقول ( من سنَّ سنة حسنة ) وأفهم من هذا أن الرسول جعل الابتداع الذي ينفع الناس سنة حسنة ، ومعروف أن السنة على إطلاقها منسوبة للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ، الذي نفى الله عنه أن يكون بدعا (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) ،

 الأحقاف ( آية 9 ) ، فقد كان هناك أنبياء ورسل سابقون يدعون لدين الله جل في علاه .

فالإبداع لايقبل التقليد ولا المجاراة ، لكنه فكرة جديدة للغاية ، وحينما يريد المبدع سواء كان كاتبا أو رساما أو مطربا أو نحاتا أو غيرهم أن يبدع عملا ما ، فلابد أن يترك كل ما مضى ، رغم علمه به ، وأن يستقر على نمط جديد خاص بالعمل الجديد ، وإذا فتشنا في النصوص الإبداعية على هذا النمط ، فسنجد أن الكثيرين ممن أنتجوا فنونا لم يبدعوا كثيرا ، بل إن إبداعاتهم تلخصت في قليل من أعمالهم ، وسوف نجد هناك مفارقات كبيرة في هذا الإبداع ،


 وكذا مفارقات بين المبدعين ، فليس شعر حافظ كشعر شوقي في الإبداع ، وليست موسيقى السنباطي كموسيقى عبدالوهاب ، وليس غناء أم كلثوم كغناء عبدالوهاب .

  وبالتالي فإن هؤلاء جميعا أوجدوا فنونا على غير مثال سابق ، وهذه الفنون مؤثرة للغاية في مجالاتهم ، رغم أن عناصر هذه الفنون موجودة من قبلهم ، لكنهم استطاعوا من خلال الموهبة التي أعطاها الله لهم أولا ، ثم استخدام العقل الاستخدام الأمثل لهذه الموهبة ، حيث إن العقل هو مركز الإبداع ومركز التفكير ، وبعبارة أخرى فإن العقل هو ذلك المصنع الذي يتم تغذيته بالمواد الخام من صور ورؤيات ومشاهد وتجارب وأفكار ومعلومات ومعارف وصيغ وأساليب ، ثم يأخذ العقل هذه الأشياء كلها ويحلله ويرتبها حسب أهميتها ، فيطفو منها مايطفو ويكمن منها مايكمن ، ويتضح ذلك من خلال مرحلة الإنجاز النصي ، فحينما تستثار خلايا العقل ، وتبدأ مرحلة الإبداع تتضح الموهبة والخبرات في النص من أول لحظة .


وحينما يظهر العمل يكون مقياس الإبداع هو النمطية أولا ، فلايقبل العمل الإبداعي أن يكون تقليديا أن نمطيا ، ثانيا الجدة للناس ، فيشترط أن يكون هذا العمل جديدا عند تقديمه للناس .

وحينما نضع هذه المقاييس أمامنا سوف نعرف ماهو الإبداع الحقيقي وماهو الإدعاء ؟!!!! .

الحياة / النص / الإبداع

*************

بعدما قدمت التعريفات للمفردات الثلاثة دون تدخل مني نهائيا ، تجدر الاشارة إلى : لاحياة بدون نص إبداعي تقدم الوعي للمجتمع ، وتحرص على توازن الشخصية في حياة الناس ، وبالتالي لاتوجد أمة في العالم ولا مجتمع من المجتمعات ولا دولة من الدول بدون نصوص إبداعية ، وكل الدنيا تعرف اسخليوس ولاتعرف الحكام في عصره ، وتعرف جاليلو ولاتعرف الأغنياء في عصره ، وتعرف امريء القيس ولاتعرف الاقتصاد في عصره.

كذلك لايمكننا أن نتصور أن هناك نص إبداعيا بدون حياة ، فحياة النص الإبداعي مرهونة بمن وصل إلهم النص حتى لو كانوا كما قال دوستوفيسكي أغبياء ، فقد كان مشهورا عنه قوله : _ لابد أن نهتم بالأغبياء في كل عصر لأنهم يشكلون الأغلبية .

وخلاصة القول :_ إن النص الحقيقي هو حياة وإبداع .



د.رمضان الحضري

محمد خلاف

 أنا ألي ناقش

على جدار القلب

أساميكم

وشارب كاس 

المرار بعديكم

وكل ما زاد بعدكم

يزيد شوقى ليكم

ومهما طالت غربتى

فى يوم    انا راجع ليكم

انا كتبت على نفسى عهد

مهما طال الفراق

فى القلب حبكم ساكن

يا غربة.........،،،،،

 يا مفرقة الاحباب

قولى أزاى أراضيكى

وامسح دموع

 العين انا فيكى

واصاحب الفرحة

 وأعيش فيكى

وأداوى الجراح

وأغنى مواويلي

عن قلب ابيض 

كل يوم يدور عليكوا



محمود خلاف

جمهورية مصرالعربية

الهام عفيفي

 من سلسلة "قامات مجهولة"

مدمن العلوم والآداب

اسماعيل مظهر 

***********

لا أعلم على وجه التحديد من الذي اخترع فكرة التقسيم الدراسي إلى علمي وأدبي، فكيف ينفصل العلم عن الأدب؛ فالآداب علوم نظرية تختص بالروح والنفس وفلسفة الأشياء، اما العلوم الطبيعية والاجتماعية فهي تدرس المكونات البيئية حول الإنسان وداخله.

في رأيي يمتزج الأدب بكل العلوم الطبيعية والإنسانية، حيث يمثل طريقة التعبير التي توضح طريقة تأثير هذه العلوم في حياة الانسان، فكل صور الأدب تنتج من تفاعل الانسان مع كل الظواهر والموجودات من حوله والتي يفسرها العلم ويعبر عنها الأدب.

وشخصية اليوم مفكر مصري تقدمي ويُعتبر أحد رواد النهضة العلمية المعاصرة في مصر والعالم العربي، وأحد رواد الفكر والعلم والترجمة، وفي اعتقادي أنه لم يترك علما إلا ووضع فيه بصمة بالبحث أو الكتابة أو الترجمة.

وُلِد إسماعيل مظهر في القاهرةِ عامَ ١٨٩١م في أسرةٍ ثَرِيةٍ ذاتِ أصولٍ تركية؛ فهو حفيدُ إسماعيل محمد باشا، وينتمي إلى أسرةٍ تحمل الكثير مِنَ النبوغِ العِلْمي، ولا سيما في حقلِ الهندسة. الْتَحقَ بالمدرسةِ الناصريةِ ثم أكمَلَ دراستَهُ في المدرسةِ الخديوية، ودرَسَ علومَ الأحياء، ثم درَسَ اللغةَ والأدبَ في رحابِ الأزهرِ الشريف؛ وتُبيِّنُ تلكَ المراحلُ الدراسيةُ التي مرَّ بها توقُّفَه عند المرحلة الثانوية عندما كان العلم بالتحصيل والفهم وليس بورقة (شهادة) تعطيها بعض الكيانات لمن يملك المال ولم يحصل من العلوم صفحة واحدة.. لاحظت مؤخرا أن عدد الجامعات يتناسب عكسيا مع المستوى العلمي للشباب ( الأمر يحتاج إلى دراسة وإحصاء).

 كان اسماعيل  مجددا في فكره حيث كان لخالِهِ أحمد لطفي السيد أثراً كبيراً في فِكْرِه التحرري الذي دعمه بالاطلاع على الثقافةِ الغربيةِ حيث كان يجيد الِلُّغةِ الإنجليزيةِ والتي تَعلَّمَها أثناءَ سفرِهِ إلى إنجلترا.


درس علم الأحياء فترجم كتاب "أصل الأنواع"، وفتحَ عيون وعقول العالَمِ العربيِّ على نظريةِ النشوءِ والارتقاءِ عندَ داروين، الذي قال في مقدمته ((أتقدم بهذا الكتاب الى قراء العربية، بعد أن قضيت ما ينيف على عشر سنوات مُكبا كل الاكباب على دراسة مذهب العلامة «داروين» في النشوء والارتقاء، ترجمت خلالها كتابه «أصل الأنواع» وطالعت زبدة المؤلفات التي كتبها غيره من جهابذة علماء القرن الماضي مثل هيكل وولاس وهكسلي. وخرجت من مجمل ذلك بمذكرات وتعليقات، ان اردت ان اخرجها في كتاب لأتمت صفحاته بضعة آلاف صفحة، لذلك اثرت ان اخرج ما جمعت موزعا على عدة كتب)).

وعن أهمية نظرية التطور في الحياة العلمية قال: «إن لمذهب النشوء والارتقاء من الأثر في فروع العلوم الحديثة ما يجعلني أعتقد تمام الاعتقاد بأن هذا المذهب جدير بأن يقف الإنسان أكبر شطر من حياته وجهوده في سبيل درسه ونقله إلى العربية، وأبناء الضاد على أبواب انقلاب علمي أدبي أخذت معاوله تهدم في بناء أساليبنا القديمة لتحل محلها أساليب حديثة للتفكير».

ودخل اسماعيل إلى مجال الصحافة صغيرا، فأصدَرَ جريدةَ الشعبِ عامَ ١٩٠٩م، وشارك في النضالِ السياسيِّ معَ الزعيمِ مصطفى كامل؛ وكتب في الصحفِ الكبرى كجريدةِ اللواء. فتميزت كتاباتُه بالحرية والتجديد، وعرضِ كل الآراءِ بعيدا عن الأهواءِ الشخصية. ثم ترأس تحريرِ مجلةِ المُقتطَف، فطورها ورفعها لمصاف الجرائد الكبيرة، واتجه إلى الأدب فكان كاتبا حرا مجددا ثريا في مؤلفاته.


كان إسماعيل مظهر سليل العائلة الغنية يؤمن بضرورة الإصلاح الاجتماعي، ورأى الحل في تكوين حزب سياسي جديد، وحاول تحقيق هدفه فتوجه إلى حزب الوفد وهو حزب الأغلبية، ولكن مصطفى النحاس رفض فكرته، واتخذ منه موقفًا سلبيًا، أما حزب الأحرار الدستوريين اتخ منه موقفًا عدائيًا وهاجمه واتهمه بأنه "يثير حرب الطبقات وأنه شيوعي ومتصل بموسكو، حتى أنه تم القبض عليه عندما تولى هذا الحزب الحكم، ولكن سجنه لم يدم إلا لليلة واحدة. 

وفي أعقاب أزمة 1931 فيما عرف بالكساد العظيم*، اضطرإسماعيل مظهر إلى إيقاف مجلة "العصور" وإلى وقف نشاطه الاجتماعي، وابتعد عن الحياة العامة وبدأ بتأليف المعاجم والقواميس، غير أنه لم يتوقف عن الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي. 

دعا إسماعيل مظهر إلى الفكر الحر وإلى نظام اقتصادي سماه "التكافل الاجتماعي" ليحل محل الاقتصاد الحر بتوفير فرص متساوية للجميع، في ظل نظام من الحرية المضمونة من شأنه أن يحد من استغلال الفرد للمجتمع ومن اضطهاد المجتمع للفرد.

ترك اسماعيل مظهر إرثا كبيرا متنوعا من المؤلفات منها؛ الحيتان، المرأة في عصر الديموقراطية، تجديد اللغة العربية، تاريخ الفكر العربي، فلسفة اللذة والألم، فك الأغلال، في الأدب والحياة، قصة الطوفان، في النقد الأدبي، معضلات المدنية الحديثة، مصر في قيصرية الإسكندر المقدوني، وثبة الشرق، بين الدين والعلم، قيصر وكليوباترا

كما ترجم عدة كتب منها؛ نزعة الفكر الأوروبي في القرن الثامن عشر، ملقي السبيل في مذهب النشوء والارتقاء، وله "قاموس الجمل ‏والعبارات الاصطلاحية الانجليزية والعربية" 1951، و"قاموس النهضة: انجليزي -عربي" 1954، و"معجم مظهر ‏الانسيكلوبيدي" وقد طُبع منه 3 أجزاء.



بقلم الهام عفيفي

عصام ، ر،سرحان



"إِطْلالَةُ القَلْبِ عَلَى مَعْناهُ"




**********


حَيْثُما


وَطَأْتَ ثَمَّةَ


حَيـــَـاةٌ تَأْمَلُكَ،


ثَمَّةَ حَيٌّ يُسائِلُكَ،


فَاحْذَرْ أَنْ تَدُوْسَ غَفْلَتُكَ،


أَنْوارَ مُقْلَتِكَ، وَزَهْرَةَ


مِرْآتِكَ.


**********


عصام ،ر سرحان

 يـا أجْــمــل الـحِــسَــانِ 



*مـنْـيـتي يا أجْمـل ما في الحِـسـان = لـيْـتَ ما فِــيكِ مـن بَـهَـاءٍ يَرانـي


*وتَــراه روحـي أمــام عــيُــونـــي = مُــــنْــعـــشًــا للــفـــؤاد والــوِجْــــدان 

*الـخــدّ الأحـمــرْ مَـعَ الـشّــفـتـيـن = والـصـدْرِ الـعَــريــــضِ والــنّـهْــدان

*والـبَـهــاءُ لـمّـا يـلــوح ُمُــقــيـمًــا = فـوْق خـدّيْــك ســاجِــدًا فـــي أمَــانِ

*عـنـدمـا ثـغْــرك الجـميـلُ يـجُـــودُ = بـابْـتِـــسـامَــةٍ عَـــذْبَـــةٍ تَــلْـفَــانـــي



*كَيْ تُمَـنّي نَفْـسي بِـوَصـلٍ حَمِـيـمٍ = قَــادِمٍ يَـرْوِي قَـلـبِيَ الـعُـطْـشـان

*هَــذا مَا حَـكى خَـيـالِـي لِـعَــقْـلـي = ولِـقَــلـبِـيَ الـــمُــتـيــم الـــولــهــان

*ولِـرُوحِــي أيْــضًــا وذلــك لــمّـا = جَالَ فِـي خَاطِـرِي طُـمـوح الأمَاني

*حـتّـى أنّ مُهْـجـتِـي أصْبَـحـتْ لَا = يَـعْـنِـهَــا مُـسْـتحـيـل هَــذا الــزّمَــان

*كُـنتُ دَ وْمًا أقَـلّبُ الطّـرْفَ عَـلّي = قَــدْ أراكِ يــوْمًــا أمَــامَ عِــيَــانِــي

*رغْـمَ أنّ رؤْيَـاكِ قَـدْ بـات صعْـبًا = وهــوَاك يُـقِــيــمُ فِــي وجْـــدَانِـــي 

*هَــلْ ألْـقَــاكِ ذاتَ يَـــوْمٍ أمَـامِــي = فَـجْـأة بِـالــوَجْـه الــذِي أعْــيَـانِــي 

*أمْ يَـمُــوتُ حُـلْـم الـفــؤادِ شَهـيـدًا = قَـبْــل نَــيْـل شَــيْـئًـا مِنَ الإحْـسَـان 

*لَـوْ بِنَــظـرَة تَأتِـنِـي شــزرا مِــنْ = عَــيْـنٍ سَــكْـرَى بِالــهَــوَى لِـــتَــرَانِــــي

*وابْـتِــسَــامـة حُـلْــوَة فِــــي دَلالٍ = عَـلّـهَـا تَـبْـعَـث الأمَـلْ فِـي كِـيَـانِــي

*وتَـكُـون لِـي رحْـمَـةً بعْـدَ عُـسْـرٍ = كَــانَ يَـحْـــيَـى بِـالْـقَـلْــب والوِجْــدَان

ـــــــــــــــــــــــــ                                                            21/1/2022

- الهادي العكرمـــــي                                               ( الخفيف )