الثلاثاء، 15 سبتمبر 2020

بقلم فاطمة لعبدي

قلب الريح
***


اُمسكْ بيدي
 طويلا 
لا تترك أصابعي 
شاردة في التيه
**
إمسك بيدي 
ليصيبك  الفرح
**
لا تتركني 
أسقط من نفسي 
أصطدم بعامود ريح
 هوجاء
**
لا تترك قصائدي
 تنساب عنوة 
من قلبي 
نحو 
تاريخ النسيان 
**
إبتسم لي 
ونحن نتجرع الريح 
**
لا تقبع في قلبي
 هاربا 
من عيون جارحة 
**
مزق دفاترك 
إد لا يعلوها
 الوردي 
**
 آتمة هي
 بلا عنوان 
قاتمة
 في رماديها 
**
إمسك
 يدي طويلا 
وأفرك أصابعي
**
لا تترك الخوف
 يحملني
 الى التشرد
**
فقد
 أستجدي
 كلمات ماطرة 
فيعلو
 وجهي سحاب
 منكسر
**
وأقتلني
 وانت
 تترك يدي
 بين
 الأشجار 
في 
الهواء " آثمة "
متشردة 
****


ف العبدي 
سلا 
13 /09/2018

بقلم د.رمضان الحضري

الفنون ماهيات ووظائف
***********
الجزء الأول
*********
بدأت تقسيمات الفنون في العالم الحديث غربية منذ القرن السابع عشر 
وحتى بداية القرن العشرين متأثرين بميراثهم عن الإغريق واليونان فصنفوا
  الفنون سبعة هي : _
1 _ العمارة
2 _ الرسم 
3 _ الموسيقا
4 _ الأدب
5 _ الرقص
6 _ النحت
7 _ السينما 
  أحاول أن أهرب من جميع التنظيرات القديمة والجديدة رغبة مني في 
تقديم فكر عربي ،مستقل عن جميع التنظيرات الغربية التي جعلت حياتنا
تسير كما يريدون لنا ، بالإضافة إلى الملاحظات المهمة على تنظيرهم 
الذي لايسد رمقنا كعرب نفهم لغتنا وشخصيتنا وتاريخنا .
أنا مؤمن _ تماما  _ لاتوجد ثقافة صافية على وجه الأرض رغم كل 
مزاعم الغرب أن هذه ثقافة عربية وتلك أوربية وغيرهما أمريكية ، فبعد
هذا الاندماج الكوني عبر شبكات التواصل الألكترونية ماعادت هناك فكرة 
مختفية ولا معلومة محجوبة ، وربما هذا قد وضع الغرب في مأزق تسرب
المعلومات والبناء عليها من دول لم يريدوا لها ذلك ، ولذا فهم يستخدمون 
القرارات من الهيئات الدولية لفرض عقوبات على هذه الدول كما فعلوا مع
دولة العراق الشقيقة وسوريا الشقيقة وليبيا الشقيقة ، بالإضافة إلى تدمير 
التراث العربي الفلسطيني ، إلى جانب إثارة الحروب في المنطقة المستقرة 
فحرب في اليمن وأخرى في ليبيا والعراق وسوريا ولبنان ، وكل دولة 
سوف تحصل على نوع من التقدم والاستقرار ، وتنفق الدول الغربية 
أموالا طائلة على التجسس والاستخبارات ودعم الأسلحة لتدمير هذه 
المجتمعات ، فالرجل الذي يريد أن يزرع أرضه ليطعم أبناءه ، يترك
الأرض بورا ويحمل السلاح ، فلا يشعر الأبناء بالأمان على أنفسهم
من قلة الغذاء ، ولايشعرون بالأمان العاطفي من فرقة الأب الحاني ،
وإذا سيطر الخوف على الشعوب فلا إبداع ولا انتاج ، وبعبارة أخرى
الشعوب الخائفة هي شعوب ميتة رغم هزات القلوب ورعشة الأطراف .
والشعوب الخائفة لاتستطيع أن تمتلك حتى تراثها أو آثارها القديمة 
أو ما تركه الأجداد لها من مخطوطات وعلوم .
هذه التقدمة للربط بين الفن وتغير ماهيته حسب التغيرات الاجتماعية ، 
والسياسية ، وحسب المؤثرات على ماهية الفنون ، لأن الفنون عند العرب 
مرتبطة بالزينة والحلي والإتقان ، وجاءت تعريفات الفنون في المعجم 
الجامع للمعاني بقوله : _ (  كُلُّ الإِبْدَاعَاتِ الْفَنِّيَّةِ الَّتِي تَرْتَقِي إِلَى الْكَمَالِ 
وَالْجَمَالِ، وَتَسْمُو بِالْخَيَالِ إِلَى الْخَلْقِ وَالإِبْدَاعِ كَالشِّعْرِ وَالْمُوسِيقَى وَالرَّسْمِ 
وَالنَّحْتِ وَالزُّخْرُفِ وَالْبِنَاءِ وَالرَّقْصِ ) ، وحتى هذا المعنى المعجمي عليه
ملاحظات جمة ، فهل فعلا الإبداعات الفنية ترتقي إلى الكمال ، لم يذكر
لنا تاريخ الفنون إبداعا فنيا واحدا ارتقى للكمال والجمال ، ثم لجأ المعجم 
إلى التقسيمات الأوربية القديمة ، مما يجعلنا تابعين حتى في معاجمنا لغيرنا
وهذا ما لم يحدث في المعاجم العربية القديمة ، وحينما يعلم القارئ أن أول
من وضع معجما في التاريخ العالمي كله قديمه وحديثه هو العلامة / الخليل
بن أحمد الفراهيدي الأزدي العماني البصري الذي كان يعيش في كوخ على
أطراف البصرة المباركة ، بينما طلابه يعيشون في قصور اشتروها 
من علوم الخليل ، الذي لم يكن يجد دينارا أو دينارين ليكفي أهله
مؤنة طعامهم وشرابهم لزهده في الدنيا وتكالبه على الورق والعلوم ، فابتدع 
علوما لم تكن لسواه ، كالعروض والأوزان والتباديل والتوافيق والمعاجم 
وأول من تكلم في معاني الحروف على مستوى العالم ، حيث مهد الطريق 
لابن جني في" الخصائص" ، كما مهد الطريق "لسيبويه" في "النحو" ، و"للأخفش
الأوسط" في بحوث جديدة في" العروض" لم تكن ذات قيمة كبيرة كأبحاث 
"الخليل "ذاته ، هذه علوم ماسبقه إليها من أحد من العالمين حتى  "سقراط "
و"أرسطو" و"أفلاطون" ، وحينما  نعلم أن "الخليل "عاش في القرن الثاني 
الهجري من عام ( 100 إلى 170 هـ ) والتي توافق القرن الثامن الميلادي
من عام (  718 م وحتى عام 791 م ) على أصح الروايات ، بيننا وبينك
يا"خليل" ألف عام ومائتان ، ولازلت ذا سبق لم يضف إليه أحد شيئا .
وقد جاءت تعريفات الفنون في" معجم أكسفورد "باعتباره أشهر "المعاجم 
العالمية" بقوله : _ ( تعبير أو تطبيق للمهارة والخيال الإبداعي للإنسان ، 
عادةً في شكل مرئي مثل الرسم أو النحت ، وإنتاج أعمال يتم تقديرها في 
المقام الأول لجمالها أو قوتها العاطفية ) .
لاشك ان تعريف" المعجم الأمريكي "أقرب "للعقل" حيث جعل "الفنون تعبيرا 
ومهارة " 
تشتمل على جماليات وهذفها التأثير العاطفي ، ربما هناك ملاحظة
على الهذف في تعريف" أكسفورد "، حيث إن "التأثير العاطفي في حد ذاته
ليس هذفا "، بل ربما يكون "مرحلة لتغيير الاتجاه" عند المتلقي للفنون ، فالفن
《إذا لم يكسب المتلقي توجهات جديدة وظل متوقفا على أثره العاطفي》
 فلاشك 
أنه سيكون قد فقد ركنا مهما للغاية من وظيفته ، وهذا الموضوع سيكون 
درس الحلقة القادمة في موضوع : "وظائف الفنون" .
وهناك تقسيمات خاصة للفنون عند فلاسفة أوربا مثل "كانط" و"لاسباكس "
و"هيجل" وغيرهم ، حيث قسم" كانط "الفنون إلى :
*فنون تشكيلية 
*فنون تصويرية 
*وفنون اللعب بالأحاسيس ،
 بينما رأي "لاسباكس" أن الفنون 
تصنف إلى :
*حركية
* وساكنة
* وشعرية ، 
وجاء" هيجل" ليصنف الفنون حسب
المدارس الفنية إلى:
* فنون رمزية
* وكلاسيكية 
*ورومانسية .
وهناك تصنيفات كثيرة جدا من وجهة نظر الفلاسفة الغربيين ، لكن اللافت 
للنظر ان تقسيمات  "سيمات الفنون العربية" و"الإسلامية" جاءت "تقسيمات غربية" كذلك
مما يصيبنا بالحسرة مرات ومرات ، فهناك تصنيف :
* "ساردار للفنون العربية والإسلامية "
*وهناك تصنيفات "جامعة هارفارد"
 *وهناك "تصنيف ايكونكلاس "الهولندي وجميعها تصنف "الفنون العربية والإسلامية" إلى:
* "فنون الزخرفة "
*والخط العربي 
*وفنون العمارة الإسلامية
* والفنون التطبيقية 
*والنحت 
*والتصوير 
*والموسيقى 
*والغناء 
*والرقص
* وفنون الآداء والتمثيل .
هنا أحاول محاولة جادة لإيجاد" ماهية للفنون مجتمعة" ثم" ماهية مفصلة" لكل فن من هذه الفنون .
في ظني _ ولست ملزما لغيري بما أقول أن الفنون التي تكونت عبر آلاف 
السنوات كانت تجسيدا لعواطف وأفكار الإنسان ( ماضيه وحاضره 
ومستقبله ) ، وتشتمل على قدرات وخبرات وثقافة المجتمع والمبدع في
 آن واحد ، هذا من ناحية الإطار العام الذي يشتمل جميع الفنون تقريبا ،
بينما الإطار الخاص لكل فن من هذه الفنون سيحتاج إلى تفصيلات ولو
ميسرة ومختصرة ، يمكننا تناولها في اللقاء القادم بأمر الله تعالى .
***********




د / رمضان الحضري 
القاهرة في 1 من سبتمبر 2020م

جميلة محمد

 شذرات صباحية
تحت عنوان : الحب
الحب الذي اسكت وابكى وهدم وبني والحب تلك القوة الخفية التي تسري بين مكونات هذا الكون : البشر والشجر والحجر والمحيطات في علاقتها الداخلية بين بعضها .وفي علاقتها مع السموات والكواكب والمجرات والجروم ...

الحب ،الذي سالت له اقلام الادباء والروائيين والشعراء ،الرومانسسين والكلاسكيون والجدد . تاه في مهب متغييرات عصر العولمة والديجتيل،  ليجد نفسه  مجرد  "لازمة"  يتداولها الكبار والصغار ومن جميع الاعمار ...صباح مساء ،..وبكل المواقف  والمناسبات حتى اعتباطا ، دون سبر معانيها او الوقوف على صدقها  .حيث  فقدت  عمقها واصبحت كلمة فضفاضة ، روتينية  يستسهلون  النطق بها دون ادراك ابعادها والتزاماتها ونتائجها .فاضحت  عصا موسى عند البعض تفتح له الابواب المغلقة ،
وامست عملة صرف عند البعض الاخر يحولها الى راس مال عندما يشاء ، وجواز سفر عند البعض الاخر  ... ،
عذا ذلك ، فقد تعدت كونها اي الحب تعبير عن العلاقة الازلية للرجل بالمراة او العكس ، في قدسيتها وسموها ورقيها  وكونها  (الحب ) الخيط الرابط بين  سائر افراد المجتمع الواحد وبين محيطه ، وطنه ، واشيائه الثمينة. حتى بعلاقته بالقطة الصغيرة في بهو داره ، بالوردة  الحمراء في بستانه، والباقة المتنوعة المتلونة  في مزهريته والطير على  نافذته يغرد تراثيل الصباح والمساء،  ينشد حبا وسلاما.
واللوحة السريالية على جدارية منزله او  احدى الفنادق الخمس وسبع نجوم او  المؤسسات ،العارضة ..  لتصبح علاقة الحب تلك  العلاقة المتعدية ..لعلاقة  الاب والام والاولاد والاهل فيما بينهم والجيران الى الاصدقاء ، ل تتمدد لتصل الى الشخصيات العامة : الفنانين والممثلين والرياضيين وحتى شخصيات وهمية مفبركة حازت على الكثير من الحب .."كريندايزر" و "جومارو"   وحتى قيادات متميزة  لها ثقل وصدى وعرفت كيف ترسخ حبها بين الناس  كجيفارا ..وصدام ..وجمال عبد الناصر ..وغادي ومحمد الخامس ..وعمر بن الخطاب ..و مانديلا  وعرفات ....اذن الحب اصبح هو تلك العملة الكونية الموحدة للبشر ، العابرة للقارات التي لا تعترف بالحدود والاختلافات اللونية ، القومية ،الدينية ،العرقية واللغوية ..وهي اكثر الطاقات غزارة في هذا الكون الفسيح  وهي اكثر ما يحتاجه البشر، النبات والحيوانات  وحتى الجماد ..ليكن في احسن حالات الرضا ، البهاء والعطاء  .
في زمننا تجابه مشاعر الحب اعتى الانحرفات ، من البخل والاسفاف والتهاون الى الجريمة والتعدي والاختطاف  والاغتصاب  ..وهذا الخلل في منظومة العلاقة بين الأفراد داخل مجتمع ما، ناتج عن  تدهور قيم الحب والسلام  الى  اندثارها ، وقد أذى هذا  العامل الى نشر ثقافة الحقد والكراهية والعنف والعنف المضاد .فقد شح الحب الحقيقي ،التقي ،المتسامي على اطماع الشر   وتناقص تداوله لتحل محله مشاعر الكره وعقيدة الابتزاز والمساومة على الحب والاحتيال كلها باسمه حتى داخل العلاقات الزوجية ، فطغت المصالح المادية واندثرت الوشائج الطيبة ، المتينة بين اغلب شرائح البشر ، و بات الكل يخشى ان يتم استغلاله باسم المحبة ، فازدادوا حرصا على مقاومته ،  حتى بدا بالانقراض لصالح اكتساح  الحقد والغل والاستغلال وبتنا نحاول اصلاح ما افسدناه بجهلنا .فتعالت الاصوات لنشر التعايش والتسامح والسلام والانسانية  التي  ترتكز على دعامة الحب الاساسية والمتضمنة لكل المسميات التي تؤلف بين قلوب البشر على اختلافهم ...الحب ذلك الغائب الحاضر ..احد اهم عوامل الاستقرار النفسي والمجتمعي ذلك البطل الخفي ،المحفز و  المحرك الحقيقي على تحدي إخفاقات  الذات و كبوات الأمم والمجتمعات وهو الحبل المتين الذي به تتحالف وتتألف البشرية  في سعيها نحو تنمية  قيمها المثالية  وميولها السمحة و  أهذافها النبيلة  وجهودها الحتيتة لبناء السلم 
المجتمعي والاممي .

.ماعاد حبك الزائف
 يعنيني
انا في وحدتي
كتابي// مملكتي
دعني استأنس بكم
في مخيلتي
بالاهل
 بالاحبة 
بذكرياتي في غربتي
انت جليسي
و المعارف و العلوم

 و  بنات افكاري


اخترت  راضية
خلوتي
و  السجود لله

برحمته وحده
عن العالمين
يكفيني
جميلة محمد

ايمان بيطار

يوم ماطر
***
دقائق حزينه
أغنيات كئيبه 
توتر 
حنين
إبتعاد المحبين
**
أنظر ...
**
النافذه
لا تكاد ترى
**
ضباب
*
عواصف هذا الشتاء 
حقيقيه 
تشبه عواصف قلبي
*
مطر وبرق
*
سيول ..
*
قناديل  نور
*
المدافئ مشتعله...
**
نارٌ وردود
*
براكين
 تحرق أعصابي
**
جن 
جنون قلمي

 **
رسائلي 
تحت المطر
**
حبيبي الضائع..
*
عيوني الباكيه
*
تشبه 
الغيمه البارده
*
و 
وجع من صقيع
أطرافي
ترتجف
مطامع الشهوات

**
وأنا مازلت
 أوقع الكلمات..
على تلكم
 الصفحات
**
تحملها 
رياح غربيه..
**
لمدينه عربيه

**
تشبه 
القهر والأغنيه
**
تشبه الحلم 
ومياه النيل...
**
إلى ذلك اللقاء 
......الحزين......

إيمان بيطار
رساله تحت المطر

حينما تغرد العصافير. . بقلم ابراهيم عبد الكريم

قصة واقعية 
(جرت أحداثها في السبعينات من القرن الماضي.)

من عادة السيدة فاطمة  الجلوس وسط المنزل على حصيرة،  تحت ظل  شجرة  التين العملاقة التي غرسها زوجها في حياته. لحظة   تستنجد فيها بظل الشجرة للوقاية من حرارة الشمس الساطعة في منتصف النهار وهي  محاطة بأحفادها لتحكي لهم   قصة  من القصص التي تمليها عليها ذاكرتها والتي تمكن  خيال الأطفال  من السفر بين مغامرات قيس وليلى  وشهامة  ذويزن  وغيرها من الحكايات التي تزخر بها ذاكرة  الكبار. هذه المرة  كانت الحكاية بطلتها  هي وعائلتها. بدأت القصة  بعبارة، كان يامكان في عهد سيدنا السلطان رجل  من ٲطيب الرجال،  يحمل ٲحلى وٲجمل الٲسماء، اسمه حميد،  متزوج من ٲجمل النساء، امرٲة  اسمها فاطمة.. 
في يوم من الأيام  وبعد تدبير شؤونها المنزلية  في الصباح الباكر. جلست تنتظر زوجها طوال النهار لكنه لم  يعد. خرج بعد صلاة الفجر،  كعادته، ليشتري بعض الطيور من   دجاج  وديكة  وكذلك  بعض الأرانب   لبيعها في السوق  الٲسبوعي   من يوم  الثلاثاء.  غيابه كان   لا يتجاوز  أربعة  أو  خمسة ساعات،  قبل ٲن يعود إلى بيته لمداعبة ابنه الأصغر. الفتى  الوحيد من ٲبنائه الخمسة. كان جد فرح  بابنه. يتفاخر به بين الناس، لكونه ذكر يضمن   استمرار اسمه العائلي. كان يردد باستمرار" هو خليفتي في هذه الدنيا" .  عادة  استعملت من طرف الرجال للتفاخر بابنائهم الذكور.
لكن  هذه المرة خرج حميد، زوج فاطمة،   ولم يعد الى بيته.  طال غيابه،  لم يظهر له أثر طوال النهار. غياب  ٲربك فاطمة. "نطلب من ربي    ٲيسمعنا   ٲسماع  الخير"، هذا ما رددته  وهي تحاور ابنتها البكر.  بدٲت علامة الحيرة تسيطر على وجهها. حاولت التملك في تفكيرها والحد من الافتراضات اليائسة  إلا أنها فشلت في إخفاء قلقها على غياب زوجها.
 حوالي الساعة الرابعة من بعد منتصف النهار، حضر شرطيان أمام باب المنزل. بمجرد رؤيتهم بهتت ملامح وجهها، اصفر لونها.  لم يسبق لها الحديث إلى الشرطة.  كانت تخاف منها من مجرد مصادفتها  في الشارع.   ظهور الشرطة في البلدة  كان علامة على  مصيبة  أو  مشاجرة دامية. أما هذه المرة، فالحدث شيء آخر، الشرطة بمنزل حميد. "الله يستر يارب" الكلمات التي نطقت بها فاطمة قبل أن  يخبروها  بوفاة زوجها. حسب  رواية  الشرطة،  لقد تعرض  حميد الى حادثة سير  سببها  انسان متهور مخمر. في الٲخير  طلبوا منها الالتحاق  بالمستشفى البلدي للتٲكد من هويته.  السيد  حميد،  الانسان البسيط،  الطيب، المحبوب،الذي يشقى يومه ليوفر لقمة عيش لأبنائه. تعود على شراء بعض الطيور والٲرانب من العشائر والبلدات القريبة لبيعها  في السوق الأسبوع.
صرخت  فاطمة عند سماعها  الخبر.  هرع   الجيران  الى المنزل لمواساتها والتخفيف عنها من ألم المصيبة التي ألمت بها وعائلتها. الكل يبكي فقدان السيد حميد، الكل يذكر خصاله. بكى الكل لبكاء   الأطفال في  فقدان  ٲبيهم. 
 أصبحت  فاطمة  ٲرملة،  مسؤولة عن  عائلة  مكونة من خمسة أفراد. أربعة بنات  وولد صغير مازال  يتابع دراسته بالابتدائي.  كان محطة عناية فريدة من طرف  أفراد  عائلته .  بعد الانتهاء من  مراسم الدفن وتقبل التعازي،  بدأت فاطمة  تفكر في العمل خارج المنزل  لتدبير  شؤونها  وحياة أبنائها.  لا بد من مورد مالي  لمستلزمات البيت  والعيش للٲبناء.  لحسن الحظ  بالمدينة  مصانع للتعليب الحوامض.  لم تجد  فاطمة صعوبة في الحصول على عمل.  لكنه عمل شاق ولا يتجاوز أربعة أشهر في السنة.  كانت مجبرة على العمل بالليل وما يحيط ذلك من مخاطر.    لكن لا  بد من توفير القوت اليومي للعائلة.  لابد من الصبر وتحمل الصعاب. استمرت في عملها دون  توقف، دون  أن تظهر تعبها أو  تشتكي لٲحد لاسيما لابنائها، لا تريد ان تشعرهم  بالخوف الذي بداخلها، لا تريد أن تشعرهم بالٲرتباك الذي  يصيبها كلما خرجت للعمل خاصة في الليل. فاطمة التي عاشت في كنف زوجها معززة مكرمة ٲصبحت اليوم  تبحث بمشقة عن عيش ابنائها.كان السيد حميد، رحمه الله، يحبها ويعاملها معاملة الزوج الصادق الٲمين لزوجته الوفية الصبورة رغم صعوبة المعيشة.  لايبخل عنها بهدايا في كل مناسبة  كالأعياد وغيرها. للٲسف مدة عمل  المصانع  لا تتعدى أربعة أشهر في السنة. باقي السنة التجٲت  للعمل في حقول الخضر والفواكه.  عانت  فاطمة بين العمل خارج المنزل وداخله، من تربية الأبناء  ومراقبة  دراستهم  من جهة ومن جهة ثانية  توفير لقمة العيش للعائلة.  ٲمام صعوبة  الحياة  اليومية، طلبت من بناتها  ترك الدراسة والخروج للعمل لتقاسم  المسؤولية معها.  عجزت عن  سد حاجيات  العائلة بأكملها، لاسيما وأن العمل التي تحصل عليه  غير رسمي،  وغير كاف للعيش  وتسديد اجرة الكراء.  كانت تخرج في الصباح الباكر، بعد  صلاة الفجر زهاء  الساعة  الرابعة  والنصف للتوجه إلى المكان المسمى" الموقف"، المكان الذي يجتمع فيه العمال من رجال ونساء، شباب وشابات،  في انتظار أصحاب الضيعات الفلاحية  وغيرها من الأعمال الشاقة سواء ليوم أو ٲكثر. اختيار العمال يخضع لمعايير القوة  الجسدية، الجسمانية.  أما النساء فحالهم شيء آخر، خاصة  التحرش الجنسي الذي  يؤدي في الغالب إلى  الاغتصاب  من طرف  وحوش لا يراعون، لافقر العائلات ولا مبادئ دينهم الحنيف، ناهيك عن  غياب حقوق الإنسان التي لاتحترم  ولا تراعى من طرف ٲرباب العمل،  أما الأطفال فحدث  ولاحرج، يستغلون  دون مراعاة حقوقهم.
   غالبا ما كانت  فاطمة تحصل    على عملها   اليومي،  لكن في بعض الأحيان.  ترجع إلى منزلها خاوية الوفاض، دون اجرة.   أصبحت  المعيشة صعبة، توفير العيش للأبناء  وتربيتهم لوحدها صعب المنال،  المعاناة اليومية كثرت واشتدت  قسوتها. ٲقترح عليها  مرارا  الزواج، إلا أنها رفضت، مفضلة الاهتمام بأبنائها، على الرغم من  الوحدانية، استمرت على هذا الحال لسنين عديدة..
في يوم من الأيام أخبرها أحد أقاربها  بحقها  في تقديم شكاية لتعويضها عن فقدان زوجها في الحادثة التي كانت السبب في وفاته،  في البداية لم تصدق الفكرة،  لم توليها  ٲي اهتمام، لكن    بعد ما  اشتدت   معاناتها اليومية  وافقت على المقترح.  ليس لديها ما تفقده.  لماذا لا تجرب حظها؟ أخذت الفكرة  بجدية  و  بحثت عن محامي ليمثلها في قضيتها.  كان لابد ٲن تسافر الى مدينة تبعد عن بيتها  بكيلومترات عدة.  قامت  بالإجراءات اللازمة  في تفويض تمثيلها  أمام المحكمة  في شكايتها للحصول على تعويض لوفاة زوجها . الزوج الطيب الحنون. مرت سنين على رفع  القضية أمام المحكمة.  إلا أنها   لم تجد اذن صاغية، كلما  ذهبت لاستشارة المحامي إلا و ٲكثر الوعود دون أي نتيجة. لم تيأس، بل ثابرت إلا أن تبين لها أن المحامي يتلاعب بقضيتها وٲن الحكم  صدر، أما التعويضات فقد ضاعت منها وان المحامي استحوذ على كل شيء،  لا يريد منحها حقها من المال. مضت سنين  إلى أن حل وقت   الانتخابات  البرلمانية، ولحسن الحظ أن المحامي تقدم كمرشح في المدينة التي تسكنها فاطمة. انتهزت الفرصة للاتصال به مع تهديده بفضح أساليبه لدى الساكنة إن لم ينصفها ويسدد  حقها من المال الذي حكمت به لها المحكمة. بهذه الطريقة استطاعت فاطمة الحصول على نصيبها من مستحقاتها لوفاة زوجها.   وظفت  المال الذي حصلت عليه  في شراء  منزل صغير عاشت  فيه  وأبنائها ما تبقى لها من الحياة، تتمتع  وتكد  في عملها الى ان كبر الابن  الصغير، فأصبح  رجلا يتحمل مسؤولية ٲمه.  عاشت مع ابنها  معززة مكرمة  لا تبخل بالدعاء لزوجها  بالرحمة، كلما نظرت لأبنائها  وٲحفادها أو تذكرت سيرته الطيبة

ابراهيم عبد الكريم.

.بقلم د .محمد حسن شتا

الكاذِب الكذوب الفشَّارْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليـرفـع ذو الخِسَّـةِ خسيستَهُ يـحـتمـى بأحـد الأشرارْ
................................ويصبح خادماً له مطيعاً أووصيفاً متعدد الأدوار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هــو عـنده كلبُ حِراسةٍ أو هـو عـنده مركوبٌ حِمارْ
...............................وهــو سعيـدٌ بذلك ويذكره للنّاس فــى كِبرٍ وفخارْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظنّ أنَّ هـذا يُعطيهِ هيبةً أو يُزيـدهُ بين النَّاسِ وقارْ
..................................أو يرفـع مِـن شأنـهِ ويجعـل لـه بين القـوم اعتبارْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولـيُـرضى سـيّـده الشّرِّيـر يأتى لـه كـلّ يـومٍ بالأخـبارْ
............................ويزيدُ مِـن عنده كثيراً فهـو الكاذِب الكذوب الفشَّارْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكم نـسـج زوراً وحاك بهـتـانا لهُ وأفشى مِـن الأسرارْ
..............................وكم وشى بخصومهِ فأحدث فتنةً كبيرةً وأشعل نارْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإنْ قال النَّاسُ لاخيرفى مصاحبة المفسدين الفُجَّارْ
...............................وقالـوا تُب وارجِع لربِّك فهو الرّحمن الرّحيم الغفَّارْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أناباقٍ مع سيدى ولوقتلنى أوشقّ رأسى بمنشارْ
...........................أودهسنى بحذائهِ أوبسيَّارتهِ ومت حينها تحت الإطارْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هــذا هــــو الخسيس وهـذا شأنـه وإلـى أى مآلٍ صارْ
.........................وهـذهِ حكايتـه وتلك قصّتـه وهـذا المسلك الّذى اختارْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم ..د/ محمد حسن شتا ...
بار الحمَّام ...بسيون... غربيه...ج م ع .

بقلم د. عمر لشكر

ترويض المثقف !

الترويض في دلالته الأصلية يعني إخضاع الحيوانات الصعبة ، وتطويعها لأجل التحكم فيها ، واستغلالها ، واستخدامها ...
وقد انتقل هذا المفهوم من السياق الحيواني إلى السياق الآدمي بنفس المعنى والدلالة ، وأصبحنا نسمع عن سياسات الترويض والتحكم والتعديل ، سواء كان الهدف من الترويض أفرادا أو جماعات أو شعوبا  أو دولا كاملة ...
وأقصد بترويض المثقف تلك العملية الممنهجة التي ترمي إلى نقله من المشاغبة ، والمشاكسة ، والمعارضة ، والنقد إلى الملاطفة ، والمجانسة ، والمساندة ، والمداهنة ، والتبرير .
إن ترويض المثقف هو هدف استراتيجي لكل سياسة غاشمة ، وحكومة طاغية ، وأنظمة فاسدة .
لكن ، هل كل مثقف يقبل الترويض ؟
الواقع أن المثقفين أصناف :
- منهم مثقفون كالحصان الجامح لا ينفع في ترويضه علف ولا عنف ولا ملاطفة ولا موادعة ولا ملامسة ، بل كل محاولة ترويضه لا تزيده إلا إصرارا على المشاكسة والمقاومة والمعارضة .
- ومنهم مثقفون يروضون بصعوبة في الأراضي المحروثة بالطرق المناسبة .
- ومنهم مثقفون كالحمل الوديع الأليف ، أو كالجرو المذلل ، بعظم واحد ينحني ويبصبص ويحرك ذيله ويلحس ويشم ويبلع ريقه ...
إن ترويض المثقف يعني ترويض الشعب ، لأن الشعوب الواعية تنفعل بأفكار المثقفين الملتزمين ، الشرفاء الغيورين ، وتحقق طموحاتهم الثورية والإصلاحية والتغييرية ، وتساندهم في مواقفهم النضالية ، وتثق فيهم ، وترى فيهم شموع الإنارة في ظلمات السياسات الغاشمة .
معرفة المثقف أيضا قوة تهاب ، وسلطة تحارب ، وسلطته كما نص على ذلك فرنسيس بيكون ، لا تنتشر ولا تسود بالقوة والقمع والعنف ، وإنما بالكلمة الهادفة ، الصادقة ، النافذة ، الصادرة من عقل نقدي ، محلل ، مفكر ، زاهد في المظاهر والصور والمباهج ، لا يريد زروعا ولا بروجا ولا فدادين ولا مناصب ولا قلاع ولا قصبات ولا فيلات ولا عمارات ....
الثقافة أمانة ، وليست أمام المثقف خيارات كثيرة ، فإما أن يكون مع الحق والعدالة والحرية والتنوير ، وإما أن يكون مع الاستغلال والظلامية .
إن المثقف المروض فاسد خان دوره الحيوي في المجتمع : خان أمته ، وخان وطنه ، وخان تاريخه ، وخان وجوده ، وخان نفسه ...
وبخيانته العامة أصبح خطرا يهدد الوعي المجتمعي ، وسلامته ، وأمنه الفكري والعقلي والروحي ...
في كل تاريخ الثقافة والمثقفين عبر الحقب والعصور ، واجه المثقفون الملتزمون ، المخلصون ، الصادقون ، النيرون ، ثلاثة أنواع من محاولات الترويض :
- إما محاولة الترويض بالإغراء والإنعام والشهرة والمساندة الإعلامية التي لا يصبر لبريقها إلا قلة من قلة .
- وإما بالتهديد والوعيد والخنق والقهر والتهميش والإقصاء ...
- وإما بالإيديلوجيا بجره إلى الانخراط بلا وعي ولا نقد ولا تحليل ولا تفكير في الخط الإيديلوجي للحزب الحاكم ...
لقد تركت لنا سير العظماء من كبار المثقفين نماذج لشخصيات صلبة في مواقفها وقناعاتها ، ولم تلن ، ولم تنحن ، ولم تنكسر ، ولم تنخدع ، ولم تضعف أمام الإغراءات والتهديدات والإيديلوجيات ... أسماء وأسماء خالدة لا زال التاريخ يذكرها  ، وهل من أحد لم يسمع بسقراط وقصة إعدامه ؟؟؟؟
إن المثقف المروض أضر على الأمة من جاهل فتان ، لأن المثقف المروض يعرف أنه في سفط بلا حرية كثعبان بلا أسنان ولا سم ، ويدعو الناس إلى الدخول في السفط مثله ، خداعا منه وكلبنة وقردنة ، أما الجاهل فلا يضر غالبا إلا نفسه ...


كتبه الدكتور عمر لشكر .